❞ من الأحكام الفقهية التي اُستنبطت من غزوة خيبر جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره ، إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يُتوصل بالكذب إلى حقه ، كما كذب الحجاج بن غِلاط على المسلمين ، حتى أخذ ماله من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب ، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن ، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب ، ولا سيما تكميل الفرح والسرور ، وزيادة الإيمان الذي حصل بالخبرِ الصَّادِق بعد هذا الكذب ، فكان الكذب سبباً في حصول هذه المصلحة الراجحة ، ونظير هذا الإمامُ والحاكم يوهِمُ الخصم خلاف الحق ليتوصل بذلك إلى استعلام الحق ، كما أوهم سليمان بن داود إحدى المرأتين بِشَقّ الولد نصفين حتى توصل بذلك إلى معرفة عين الأم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ من الأحكام الفقهية التي اُستنبطت من غزوة خيبر جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره ، إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يُتوصل بالكذب إلى حقه ، كما كذب الحجاج بن غِلاط على المسلمين ، حتى أخذ ماله من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب ، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن ، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب ، ولا سيما تكميل الفرح والسرور ، وزيادة الإيمان الذي حصل بالخبرِ الصَّادِق بعد هذا الكذب ، فكان الكذب سبباً في حصول هذه المصلحة الراجحة ، ونظير هذا الإمامُ والحاكم يوهِمُ الخصم خلاف الحق ليتوصل بذلك إلى استعلام الحق ، كما أوهم سليمان بن داود إحدى المرأتين بِشَقّ الولد نصفين حتى توصل بذلك إلى معرفة عين الأم. ❝
❞ تابع لغزوة خيبر ...
ثُم أن رسول الله ﷺ قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم،، فغلب على الزرع والنخل والأرض فصالحُوه على أن يجلوا منها ، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله ﷺ الصفراء والبيضاء ، واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يُغَيِّبُوا شيئا ، فإن فعلوا فلا ذِمَّةَ لهم ولا عهد ، فغيبوا مَسْكاً فيه مال وحُلي لحيي بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير ، فقال رسول الله ﷺ لعم حيي بن أخطب ( ما فَعَلَ مَسْكُ حُبي الذي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِير؟ ) ، قال : أذهبته النفقات والحروب ، فقال ﷺ ( العَهْدُ قَرِيبٌ ، والمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذلِكَ ) ، فدفعه رسول الله ﷺ إلى الزبير ، فمسه بعذاب ، وقد كان قبل ذلك دخل خربة ، فقال : قَدْ رأَيْتُ حُيَيّاً ، يَطُوفُ في خربة ههنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المَسْكَ في الخربة ، فقتل رسول الله ﷺ ابني أبي الحقيق ، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى رسول الله ﷺ نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم بالنَّكْث الذي نَكَثُوا ، وأراد أن يُجليهم منها ، فقالوا : يا محمد ! دعنا نكون في هذه الأرض نُصلِحُها ونقوم عليها ، فنحن أعلم بها منكم ، ولم يكن لرسول الله ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها ، وكانوا لا يفرغون يقومون عليها ، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زَرع وكل ثمر ما بدا لرسول الله ﷺ أن يقرهم ، وكان عبد الله بن رواحة يخرصه عليهم كما تقدم ، ولم يقتل رسول الله ﷺ بعد الصلح إلا ابني أبي الحُقيق للنكث الذي نكثوا ، فإنهم شرطوا إن غيبوا ، أو كتموا ، فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله فغيبوا فقال لهم : أين المال الذي خرجتم به من المدينة حين أجليناكم ؟ قالوا : ذهب فحلفوا على ذلك ، فاعترف ابن عم كنانة عليهما بالمال حين دفعه رسول الله ﷺ إلى الزبير يُعذبه ، فدفع رسول الله ﷺ كنانة إلى محمد بن مسلمة فقتله ، ويقال : إن كنانة هو كان قتل أخاه محمود بن مسلمة. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تابع لغزوة خيبر ..
ثُم أن رسول الله ﷺ قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم،، فغلب على الزرع والنخل والأرض فصالحُوه على أن يجلوا منها ، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله ﷺ الصفراء والبيضاء ، واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يُغَيِّبُوا شيئا ، فإن فعلوا فلا ذِمَّةَ لهم ولا عهد ، فغيبوا مَسْكاً فيه مال وحُلي لحيي بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير ، فقال رسول الله ﷺ لعم حيي بن أخطب ( ما فَعَلَ مَسْكُ حُبي الذي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِير؟ ) ، قال : أذهبته النفقات والحروب ، فقال ﷺ ( العَهْدُ قَرِيبٌ ، والمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذلِكَ ) ، فدفعه رسول الله ﷺ إلى الزبير ، فمسه بعذاب ، وقد كان قبل ذلك دخل خربة ، فقال : قَدْ رأَيْتُ حُيَيّاً ، يَطُوفُ في خربة ههنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المَسْكَ في الخربة ، فقتل رسول الله ﷺ ابني أبي الحقيق ، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى رسول الله ﷺ نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم بالنَّكْث الذي نَكَثُوا ، وأراد أن يُجليهم منها ، فقالوا : يا محمد ! دعنا نكون في هذه الأرض نُصلِحُها ونقوم عليها ، فنحن أعلم بها منكم ، ولم يكن لرسول الله ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها ، وكانوا لا يفرغون يقومون عليها ، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زَرع وكل ثمر ما بدا لرسول الله ﷺ أن يقرهم ، وكان عبد الله بن رواحة يخرصه عليهم كما تقدم ، ولم يقتل رسول الله ﷺ بعد الصلح إلا ابني أبي الحُقيق للنكث الذي نكثوا ، فإنهم شرطوا إن غيبوا ، أو كتموا ، فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله فغيبوا فقال لهم : أين المال الذي خرجتم به من المدينة حين أجليناكم ؟ قالوا : ذهب فحلفوا على ذلك ، فاعترف ابن عم كنانة عليهما بالمال حين دفعه رسول الله ﷺ إلى الزبير يُعذبه ، فدفع رسول الله ﷺ كنانة إلى محمد بن مسلمة فقتله ، ويقال : إن كنانة هو كان قتل أخاه محمود بن مسلمة. ❝
❞ وفي غزوة خيبر سُمَّ رسولُ الله ﷺ ، أهدت له زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مِشْكَم شاة مشويَّةً قد سَمَّتها ، وسألت : أي اللحم أحبُّ إليه ؟ فقالوا : الذراع ، فأكثرت من السُمّ في الذراع ، فلما انتهش ﷺ من ذراعها ، أخبره الذراع بأنه مسموم ، فلفظ الأكلة ، ثم قال ﷺ ( اجْمَعُوا لي مَنْ ههنا من اليَهُودِ ) ، فجمعوا له ، فقال لهم ( إِنِّي سَائِلُكُم عَن شَيءٍ ، فَهَلْ أَنتُمْ صَادِقِي فيه ؟ ) قالوا : نَعَمْ ، يا أبا القاسم ، فقال لهم رسول الله ﷺ ( مَنْ أَبُوكُم؟ ) قالوا : أبونا فلان ، قال ( كَذَبْتُمْ أَبُوكُم فُلان ) ، قالوا : صدقت وبَرِرْتَ ، قال ﷺ ( هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شيءٍ إِنْ سَأَلْتُكُم عَنْهُ ؟ ) قالوا : نعم يا أبا القاسم ، وإن كذَبْنَاكَ ، عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا ! فقال رسول الله ﷺ ( مَنْ أَهْلُ النَّار ؟ ) فقالوا : نكون فيها يسيراً ، ثم تَخْلُفُوننا فيها ، فقال لهم رسول الله ﷺ ( اخْسَؤوا فيها ، فَوَاللَّهُ لَا نَخْلُفُكُم فيها أَبَداً ) ، ثم قال ﷺ ( هَلْ أَنتُم صَادِقِي عَن شَيْءٍ إِن سَأَلْتُكُم عَنْهُ ؟ ) قالوا : نعم ، قال ( أَجَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمّاً ؟ ) قالوا : نعم ، قال ( فَمَا حَمَلَكُم على ذلكَ ؟ ) قالوا : أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك ، وإن كنت نبياً لم يضرك ، وجيء بالمرأة إلى رسول الله ﷺ ، فقالت : أردتُ قتلَكَ ، فقال ﷺ ( ما كان الله لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ ) ، قالوا : ألا نقتلها ؟ قال ( لا ) ، ولم يتعرض لها ، ولم يُعاقبها ، واحتجم على الكاهل ، وأمر من أكل منها فاحتجم ، فمات بعضُهم ، واُختلف في قتل المرأة ، فقال الزهري: أسلمت ، فتركها ذكره عبد الرزاق ، عن معمر ، عنه ، ثم قال معمر : والناس تقول : قتلها النبي ﷺ ، وقد أُختلف : هل أكل النبي ﷺ منها أو لم يأكل ؟ وأكثر الروايات ، أنه أكل منها ، وبقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى قال ﷺ في وجعه الذي مات فيه ( مَا زِلْتُ أَجِدُ مِن الأكْلَةِ التي أَكَلْتُ مِن الشَّاةِ يَوْمَ خَيْبَر ، فَهَذَا أوانُ انْقِطَاعِ الأبْهَرِ منِّي ) ، قال الزهري : فتوفي رسول الله ﷺ شهيداً. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وفي غزوة خيبر سُمَّ رسولُ الله ﷺ ، أهدت له زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مِشْكَم شاة مشويَّةً قد سَمَّتها ، وسألت : أي اللحم أحبُّ إليه ؟ فقالوا : الذراع ، فأكثرت من السُمّ في الذراع ، فلما انتهش ﷺ من ذراعها ، أخبره الذراع بأنه مسموم ، فلفظ الأكلة ، ثم قال ﷺ ( اجْمَعُوا لي مَنْ ههنا من اليَهُودِ ) ، فجمعوا له ، فقال لهم ( إِنِّي سَائِلُكُم عَن شَيءٍ ، فَهَلْ أَنتُمْ صَادِقِي فيه ؟ ) قالوا : نَعَمْ ، يا أبا القاسم ، فقال لهم رسول الله ﷺ ( مَنْ أَبُوكُم؟ ) قالوا : أبونا فلان ، قال ( كَذَبْتُمْ أَبُوكُم فُلان ) ، قالوا : صدقت وبَرِرْتَ ، قال ﷺ ( هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شيءٍ إِنْ سَأَلْتُكُم عَنْهُ ؟ ) قالوا : نعم يا أبا القاسم ، وإن كذَبْنَاكَ ، عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا ! فقال رسول الله ﷺ ( مَنْ أَهْلُ النَّار ؟ ) فقالوا : نكون فيها يسيراً ، ثم تَخْلُفُوننا فيها ، فقال لهم رسول الله ﷺ ( اخْسَؤوا فيها ، فَوَاللَّهُ لَا نَخْلُفُكُم فيها أَبَداً ) ، ثم قال ﷺ ( هَلْ أَنتُم صَادِقِي عَن شَيْءٍ إِن سَأَلْتُكُم عَنْهُ ؟ ) قالوا : نعم ، قال ( أَجَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمّاً ؟ ) قالوا : نعم ، قال ( فَمَا حَمَلَكُم على ذلكَ ؟ ) قالوا : أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك ، وإن كنت نبياً لم يضرك ، وجيء بالمرأة إلى رسول الله ﷺ ، فقالت : أردتُ قتلَكَ ، فقال ﷺ ( ما كان الله لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ ) ، قالوا : ألا نقتلها ؟ قال ( لا ) ، ولم يتعرض لها ، ولم يُعاقبها ، واحتجم على الكاهل ، وأمر من أكل منها فاحتجم ، فمات بعضُهم ، واُختلف في قتل المرأة ، فقال الزهري: أسلمت ، فتركها ذكره عبد الرزاق ، عن معمر ، عنه ، ثم قال معمر : والناس تقول : قتلها النبي ﷺ ، وقد أُختلف : هل أكل النبي ﷺ منها أو لم يأكل ؟ وأكثر الروايات ، أنه أكل منها ، وبقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى قال ﷺ في وجعه الذي مات فيه ( مَا زِلْتُ أَجِدُ مِن الأكْلَةِ التي أَكَلْتُ مِن الشَّاةِ يَوْمَ خَيْبَر ، فَهَذَا أوانُ انْقِطَاعِ الأبْهَرِ منِّي ) ، قال الزهري : فتوفي رسول الله ﷺ شهيداً. ❝
❞ يوصل هذه الجزء الذي يتناول السنة (5) إلى (8) الحديث عن غزوات الرسول ومابينهما من الأمور التشريعية وعدد السرايا التي أمر بها الرسول وهي أي السرية أصغر من الغزوة، وفي هذه الجزء غزوة خيبر كحدث تاريخي مهم وحادثة قصة الشاة المسمومة، وإسلام بعض كبار قريش الذين سوف يصبحون فيما بعد من مشاهير الصحابة وكبار القادة، وفتح مكة.
. ❝ ⏤ابن كثير
❞ يوصل هذه الجزء الذي يتناول السنة (5) إلى (8) الحديث عن غزوات الرسول ومابينهما من الأمور التشريعية وعدد السرايا التي أمر بها الرسول وهي أي السرية أصغر من الغزوة، وفي هذه الجزء غزوة خيبر كحدث تاريخي مهم وحادثة قصة الشاة المسمومة، وإسلام بعض كبار قريش الذين سوف يصبحون فيما بعد من مشاهير الصحابة وكبار القادة، وفتح مكة. ❝