❞ إن وحشية الصرب التي بلغت أقصى مداها لم تترك لأحد في البوسنة اختياراً .. فمادام الموت قادماً فلنقابله بشرف .
إن قلة الزاد وضعف العِتاد ليستا ذريعة لقبول الذل .إن كل العائدين من البوسنة يقولون إن القسوة والنذالة الصربية لم تقتل الإسلام هناك وإنما بعثته من مرقده عاتياً عصياً .
وأمام اليأس والموت وعدم النصرة من الدول الإسلامية اتجهت كل القلوب إلى الله وحده .
كلهم يقولون : الله وحده هو القادر على أن ينجدنا وسوف يجعل لنا مخرجاً .وفي إيمان عجيب يركعون ويسجدون ويصلون ويحملون المصاحف . و في غيمان عجيب يقبلون في هدوء كل ما تأتي به المقادير ولا يخشون انكساراً ، ولا يأبهون بهزيمة ،ويقولون نحن نقاتل لأن قتال الشر واجب وما يجري علينا هو أمر الله ونحن نقبله .
وفي ساعات الفراغ يتعلمون العربية ويحفظون القرآن .
وفي وسط الموت والدمار تستمر الحياة في سراييفو الجامعات مفتوحة والطلبة يذهبون لتلقي العِلم والموظفون يذهبون إلى مكاتبهم بانتظام رغم إنهم لا يتقاضون رواتبهم والأطفال يلعبون الكرة في الملاعب .. ويسقط القتلى ويُدفَنون .. والأحياء يأكلون حشيش الأرض إذا لم يجدوا ما يأكلونه .. وتمضي الحياة في إصرار وكأن لا شيء حدث .
وفي كتاب يحيى غانم المراسل الحربي للأهرام .. ˝ كنت هناك ˝ يقرأ القارئ صورة مشرفة لشعب بطل سوف يظل صامداً مقاتلا لعشرين شتاء قادم .
وبين الصفحات المشتعلة يشعر القارئ أن الإسلام الغائب سوف يعود وسوف يملأ الدنيا نوراً من جديد .
كتاب /الإسلام في خندق. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إن وحشية الصرب التي بلغت أقصى مداها لم تترك لأحد في البوسنة اختياراً .. فمادام الموت قادماً فلنقابله بشرف .
إن قلة الزاد وضعف العِتاد ليستا ذريعة لقبول الذل .إن كل العائدين من البوسنة يقولون إن القسوة والنذالة الصربية لم تقتل الإسلام هناك وإنما بعثته من مرقده عاتياً عصياً . وأمام اليأس والموت وعدم النصرة من الدول الإسلامية اتجهت كل القلوب إلى الله وحده .
كلهم يقولون : الله وحده هو القادر على أن ينجدنا وسوف يجعل لنا مخرجاً .وفي إيمان عجيب يركعون ويسجدون ويصلون ويحملون المصاحف . و في غيمان عجيب يقبلون في هدوء كل ما تأتي به المقادير ولا يخشون انكساراً ، ولا يأبهون بهزيمة ،ويقولون نحن نقاتل لأن قتال الشر واجب وما يجري علينا هو أمر الله ونحن نقبله .
وفي ساعات الفراغ يتعلمون العربية ويحفظون القرآن . وفي وسط الموت والدمار تستمر الحياة في سراييفو الجامعات مفتوحة والطلبة يذهبون لتلقي العِلم والموظفون يذهبون إلى مكاتبهم بانتظام رغم إنهم لا يتقاضون رواتبهم والأطفال يلعبون الكرة في الملاعب .. ويسقط القتلى ويُدفَنون .. والأحياء يأكلون حشيش الأرض إذا لم يجدوا ما يأكلونه .. وتمضي الحياة في إصرار وكأن لا شيء حدث .
وفي كتاب يحيى غانم المراسل الحربي للأهرام .. ˝ كنت هناك ˝ يقرأ القارئ صورة مشرفة لشعب بطل سوف يظل صامداً مقاتلا لعشرين شتاء قادم .
وبين الصفحات المشتعلة يشعر القارئ أن الإسلام الغائب سوف يعود وسوف يملأ الدنيا نوراً من جديد .
❞ شعر القرمزي، بوخزةٍ في جهة صدره اليسرى، أحس بسهمٍ اخترق قلبه، وقد أدرك أن ثمة شيًئا غير طبيعي يجري حوله، لقد قابل مترجمًا محليًا بالسفارة، ولكن لم يعطه معلومات... والحديث الذي جرى لمرتين مع السفير، وأثار فيه خلاف أركان الحكم في بلاده، وتطرق كما يتذكر لاسم العقيد غازي فلاح، هل هناك من سرب هذه المعلومات، الحديث كان قد جرى بأقصى سرية؟ أم هو مجرد تخمين ذكي من الرجل لتوريطه وجره لاعتراف غير مبرمج...؟
˝اعترف بأنني التقيت السفير مثلما يلتقيه الجميع، كتاب وصحفيين، رؤساء أحزاب وجمعيات... وكان ذلك بوضح النهار... دخلت السفارة وخرجت في الضوء˝
جرى الاستجواب أمام الرجل المساعد الذي ظل طوال الوقت منتصبًا كالصنم، وكأنه شاهد على سين، جيم!
دقيقتان فصلتا بين آخر سؤال، وجواب... وبين تغير العقيد غازي فلاح من إنسان إلى وحشٍ كاسر...
عند منتصف الليل... وجد أحمد القرمزي نفسه عاريًا في زنزانةٍ اسمنتية، بفصل شهر تموز القائظ، وضوء مصباح كاشف، أشبه بأضواء ملاعب كرة القدم، وأمامه، وخلفه العقيد... كان صباح اليوم إنسانًا وقد أضحى أداة آلية، خلت من كل رحمة وعاطفة... فقد بعدها القرمزي وعيه، فتح عينيه ثانية بمنتصف النهار وقد تحول إلى جثةٍ حيةٍ مهشمة، لا يذكر معها سوى بقية من نبضٍ، يكفيه للبقاء على قيد الحياة. ❝ ⏤احمد جمعه
❞ شعر القرمزي، بوخزةٍ في جهة صدره اليسرى، أحس بسهمٍ اخترق قلبه، وقد أدرك أن ثمة شيًئا غير طبيعي يجري حوله، لقد قابل مترجمًا محليًا بالسفارة، ولكن لم يعطه معلومات... والحديث الذي جرى لمرتين مع السفير، وأثار فيه خلاف أركان الحكم في بلاده، وتطرق كما يتذكر لاسم العقيد غازي فلاح، هل هناك من سرب هذه المعلومات، الحديث كان قد جرى بأقصى سرية؟ أم هو مجرد تخمين ذكي من الرجل لتوريطه وجره لاعتراف غير مبرمج...؟ ˝اعترف بأنني التقيت السفير مثلما يلتقيه الجميع، كتاب وصحفيين، رؤساء أحزاب وجمعيات... وكان ذلك بوضح النهار... دخلت السفارة وخرجت في الضوء˝ جرى الاستجواب أمام الرجل المساعد الذي ظل طوال الوقت منتصبًا كالصنم، وكأنه شاهد على سين، جيم! دقيقتان فصلتا بين آخر سؤال، وجواب... وبين تغير العقيد غازي فلاح من إنسان إلى وحشٍ كاسر... عند منتصف الليل... وجد أحمد القرمزي نفسه عاريًا في زنزانةٍ اسمنتية، بفصل شهر تموز القائظ، وضوء مصباح كاشف، أشبه بأضواء ملاعب كرة القدم، وأمامه، وخلفه العقيد... كان صباح اليوم إنسانًا وقد أضحى أداة آلية، خلت من كل رحمة وعاطفة... فقد بعدها القرمزي وعيه، فتح عينيه ثانية بمنتصف النهار وقد تحول إلى جثةٍ حيةٍ مهشمة، لا يذكر معها سوى بقية من نبضٍ، يكفيه للبقاء على قيد الحياة . ❝
❞ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)
قوله تعالى : قال إنما أشكو بثي حقيقة البث في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها ; وهو من بثثته أي فرقته ، فسميت المصيبة بثا مجازا ، قال ذو الرمة :
وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه
وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه
وقال ابن عباس : بثي همي . الحسن : حاجتي . وقيل : أشد الحزن ، وحقيقة ما ذكرناه .
وحزني إلى الله معطوف عليه ، أعاده بغير لفظه .
وأعلم من الله ما لا تعلمون أي أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وأني سأسجد له . قاله ابن عباس . إني أعلم من إحسان الله تعالى إلي ما يوجب حسن ظني به . وقيل : قال يعقوب لملك الموت هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا ، فأكد هذا رجاءه . وقال السدي : أعلم أن يوسف حي ، وذلك أنه لما أخبره ولده بسيرة الملك وعدله وخلقه وقوله أحست نفس يعقوب أنه ولده فطمع ، وقال : لعله يوسف . وقال : لا يكون في الأرض صديق إلا نبئ . وقيل : أعلم من إجابة دعاء المضطرين ما لا تعلمون. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) قوله تعالى : قال إنما أشكو بثي حقيقة البث في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها ; وهو من بثثته أي فرقته ، فسميت المصيبة بثا مجازا ، قال ذو الرمة : وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه وقال ابن عباس : بثي همي . الحسن : حاجتي . وقيل : أشد الحزن ، وحقيقة ما ذكرناه . وحزني إلى الله معطوف عليه ، أعاده بغير لفظه . وأعلم من الله ما لا تعلمون أي أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وأني سأسجد له . قاله ابن عباس . إني أعلم من إحسان الله تعالى إلي ما يوجب حسن ظني به . وقيل : قال يعقوب لملك الموت هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا ، فأكد هذا رجاءه . وقال السدي : أعلم أن يوسف حي ، وذلك أنه لما أخبره ولده بسيرة الملك وعدله وخلقه وقوله أحست نفس يعقوب أنه ولده فطمع ، وقال : لعله يوسف . وقال : لا يكون في الأرض صديق إلا نبئ . وقيل : أعلم من إجابة دعاء المضطرين ما لا تعلمون . ❝
❞ وفي هذا الشهر ، بعينه وهو صفر من السنة الرابعة ، كانت وقعة بئر مَعُونة ، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الأسِنَّة ، قَدِمَ على رسول الله ﷺ المدينة ، فدعاه إلى الإسلام ، فلم يسلم ولم يبعد فقال يا رسول الله ، لو بعثت أصحابك إلى أهلِ نَجْدٍ يدعونهم إلى دينك ، لرجوتُ أن يُجيبُوهم ، فقال ﷺ ( إِني أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدِ ) ، فقال أبو براء : أنا جارٌ لهم فبعث معه أربعين رجلاً في قول ابن إسحاق ، وفي الصحيح أنهم كانُوا سبعين ، والذي في الصحيح هو الصحيح ، وأمَّرَ عليهم المنذر بن عمرو - أحد بني ساعدة الملقب بالمُعْنِقِ ليموت - وكانوا من خيار المسلمين ، وفضلائهم ، وساداتهم ، وقرائهم ، فساروا حتى نزلوا بئر مَعُونة ، وهي بين أرض بني عامر ، وحرة بني سليم ، فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله ﷺ إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلاً ، فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ، ورأى الدَّمَ ، قال: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، ثم استَنفَرَ عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين ، فلم يُجيبُوه لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم ، فأجابته عُصَيَّةُ وَرِعْلٌ وذَكْوَانُ ، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله ، فقاتلوا حتى قُتِلُوا عن آخرهم إلَّا كعب بن زيد بن النجار ، فإنه ارتُثُ بين القتلى ، فعاش حتَّى قُتِلَ يومَ الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري ، والمنذر بن عقبة بن عامر في سَرْح المسلمين ، فرأيا الطير تحومُ على موضع الوقعة ، فنزل المنذر بن محمد ، فقاتل المشركين حتى قُتِلَ مَعَ أصحابه ، وأُسِرَ عَمرُو بن أمية الضمْرِي ، فلما أخبر أنه من مضر جَزَّ عامِرٌ ناصيته ، وأعتقه عن رقبة كانت على أمه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقَرْقَرَةِ مِن صدر قناة نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه فلما ناما فتك بهما عمرو ، وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه ، وإذا معهما عهد مِنْ رسول الله ﷺ لم يشعُر به ، فلما قَدِمَ أخبر رسول الله ﷺ بما فعل ، فقال ﷺ ( لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَينِ لا دِيَّنَهُمَا ) ، وقنت رسول الله ﷺ شَهْرَا يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا القُرَّاء أَصْحَابَ بِثْرِ مَعُونَةَ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، ثم تَرَكَهُ لَمَّا جَاؤُوا تَائِبِينَ مُسْلِمِينَ. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وفي هذا الشهر ، بعينه وهو صفر من السنة الرابعة ، كانت وقعة بئر مَعُونة ، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الأسِنَّة ، قَدِمَ على رسول الله ﷺ المدينة ، فدعاه إلى الإسلام ، فلم يسلم ولم يبعد فقال يا رسول الله ، لو بعثت أصحابك إلى أهلِ نَجْدٍ يدعونهم إلى دينك ، لرجوتُ أن يُجيبُوهم ، فقال ﷺ ( إِني أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدِ ) ، فقال أبو براء : أنا جارٌ لهم فبعث معه أربعين رجلاً في قول ابن إسحاق ، وفي الصحيح أنهم كانُوا سبعين ، والذي في الصحيح هو الصحيح ، وأمَّرَ عليهم المنذر بن عمرو - أحد بني ساعدة الملقب بالمُعْنِقِ ليموت - وكانوا من خيار المسلمين ، وفضلائهم ، وساداتهم ، وقرائهم ، فساروا حتى نزلوا بئر مَعُونة ، وهي بين أرض بني عامر ، وحرة بني سليم ، فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله ﷺ إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلاً ، فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ، ورأى الدَّمَ ، قال: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، ثم استَنفَرَ عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين ، فلم يُجيبُوه لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم ، فأجابته عُصَيَّةُ وَرِعْلٌ وذَكْوَانُ ، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله ، فقاتلوا حتى قُتِلُوا عن آخرهم إلَّا كعب بن زيد بن النجار ، فإنه ارتُثُ بين القتلى ، فعاش حتَّى قُتِلَ يومَ الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري ، والمنذر بن عقبة بن عامر في سَرْح المسلمين ، فرأيا الطير تحومُ على موضع الوقعة ، فنزل المنذر بن محمد ، فقاتل المشركين حتى قُتِلَ مَعَ أصحابه ، وأُسِرَ عَمرُو بن أمية الضمْرِي ، فلما أخبر أنه من مضر جَزَّ عامِرٌ ناصيته ، وأعتقه عن رقبة كانت على أمه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقَرْقَرَةِ مِن صدر قناة نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه فلما ناما فتك بهما عمرو ، وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه ، وإذا معهما عهد مِنْ رسول الله ﷺ لم يشعُر به ، فلما قَدِمَ أخبر رسول الله ﷺ بما فعل ، فقال ﷺ ( لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَينِ لا دِيَّنَهُمَا ) ، وقنت رسول الله ﷺ شَهْرَا يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا القُرَّاء أَصْحَابَ بِثْرِ مَعُونَةَ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، ثم تَرَكَهُ لَمَّا جَاؤُوا تَائِبِينَ مُسْلِمِينَ . ❝