يحاول هذا البحث أن يقدم الصورة التي يختزنها المسيحي العربي عن الآخر. ويقترن الحديث عن صورة الشخصية النموذجية في النصوص التراثية بمفهوم الذاكرة المركبّة من التاريخي والسياسي والنفسي والجغرافي والعرقي. وتكون الصورة من هذه الزاوية لوحة ذهنية تختزنها ذاكرة جماعة بشرية معينة لفترات زمنية طويلة ومتباعدة. وبالتالي فإن الصلة بين الصورة وعمليّة التخييل بما هي إعادة خلق وتجسيد للمجرّد وفق منطق ما يفرضه السياق. وقد مثلت دراسة صورة الآخر، كما يقول البحث، إحدى أهم آليات الحوار بين الجماعات والثقافات، خاصّة وأنّه لم يعد من الممكن التنكّر لما يحدث في هذا العصر من تقارب مادي وإعلامي انهارت فيه الحواجز وتقلّصت فيه المسافات بين الأمم والشعوب وأضحت العلاقة بين الأنا والآخر علاقات يومية وشيجة تمهّد للمزيد من التعارف وتبادل المصالح والعمل المشترك. وبالانطلاق من ذلك فإن العمل تركز على محاولة الإمساك بصورة الآخر من خلال إبراز تمثل المسيحي العربي لها وتتبع مختلف التأويلات التي تقدم لها. -------------------------------- (الكاتب) باحث تونسي، حاصل على دكتوراه في الحضارة، جامعة منوبة. صدرت له أبحاث ومؤلفات، منها: "صناعة الذاكرة في الفكر الشيعي الإثني عشري" عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود (2016).