❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر
, وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه
, وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه
, وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف
, وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة
, أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه
, ويكبر ويكبرون جميعاً
, ثم يركع فيركعون جميعاً
, ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه
, ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة
, ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو
, فإذا فرغ من الركعة الأولى
, ونهض إلى الثانية
, سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا
, فتقدموا إلى مكان الصف الأول
, وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين
, ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية
, كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى
, فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه
, وفيما قَضَوْا لأنفسهم
, وذلك غاية العدل
, فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد
, سجد الصف المؤخّر سجدتين
, ولحقوه في التشهد
, فيسلم بهم جميعاً
, وإن كان العدو في غير جهة القبلة
, فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين
, فرقةً بإزاء العدو
, وفرقة تُصلي
, فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة
, ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى
, وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه
, فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم
, وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام
, وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية
, وتقضي هي ركعة وهو واقف
, وتُسلم قبل ركوعه
, وتأتي الطائفة الأخرى
, فتصلي معه الركعة الثانية
, فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد
, فإذا تشهدت
, يُسلم بهم
, وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين
, فتُسلم قبله
, وتأتي الطائفة الأخرى
, فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين
, ويُسلم بهم
, فتكون له أربعاً
, ولهم ركعتين ركعتين
, وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين
, ويُسلم بهم
, وتأتي الأخرى
, فيصلي بهم ركعتين
, ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة
, وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً
, فتذهب ولا تقضي شيئاً
, وتجيء الأخرى
, فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً
, فيكون له ركعتان
, ولهم ركعة ركعة
, وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها
, قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف
, فالعمل به جائز
, وقال : ستة أوجه أو سبعة
, تُروى فيها
, كُلُّها جائزة
, وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ
, ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها
, وربما اختلف بعض ألفاظها
, وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات
, وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة
, والصحيح : ما ذكرناه أولاً
, وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة
, جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ
, وإنما هو من اختلاف الرواة
, والله أعلم. ❝