وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وكان من هديه ﷺ صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر وقصر العدد وحده كان سفر لا خوف معه الأركان وحدَها خوفٌ وهذا وبه تُعلم الحكمةُ تقييد القصر الآية بالضرب الأرض والخوف العدو بينه وبين القبلة يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ويكبر ويكبرون جميعاً ثم يركع فيركعون يرفع ويرفعون ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة فإذا فرغ الركعة الأولى ونهض إلى الثانية سجد المؤخَّر بعد قيامه سجدتين قاموا فتقدموا مكان الأول وتأخر مكانهم لتحصل فضيلة للطائفتين ولِيُدرِكَ الثاني مع النبي السجدتين كما أدرك فتستوي الطائفتان فيما أدركوا وفيما قَضَوْا لأنفسهم وذلك غاية العدل ركع صنع صنعوا أول مرة جلس للتشهد المؤخّر ولحقوه التشهد فيسلم بهم وإن غير جهة فإنَّه تارةً يجعلُهم فرقتين فرقةً بإزاء وفرقة كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع يخصه العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه ، وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف ، وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ، ويكبر ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً ، ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه ، ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو ، فإذا فرغ من الركعة الأولى ، ونهض إلى الثانية ، سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا ، فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية ، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى ، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه ، وفيما قَضَوْا لأنفسهم ، وذلك غاية العدل ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد ، سجد الصف المؤخّر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فيسلم بهم جميعاً ، وإن كان العدو في غير جهة القبلة ، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين ، فرقةً بإزاء العدو ، وفرقة تُصلي ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم ، وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتُسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، يُسلم بهم ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، فتُسلم قبله ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين ، ويُسلم بهم ، فتكون له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتين ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، ويُسلم بهم ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بهم ركعتين ، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً ، فتذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها ، قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف ، فالعمل به جائز ، وقال : ستة أوجه أو سبعة ، تُروى فيها ، كُلُّها جائزة ، وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ، ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات ، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح : ما ذكرناه أولاً ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، والله أعلم. ❝
❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه ، وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف ، وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ، ويكبر ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً ، ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه ، ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو ، فإذا فرغ من الركعة الأولى ، ونهض إلى الثانية ، سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا ، فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية ، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى ، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه ، وفيما قَضَوْا لأنفسهم ، وذلك غاية العدل ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد ، سجد الصف المؤخّر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فيسلم بهم جميعاً ، وإن كان العدو في غير جهة القبلة ، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين ، فرقةً بإزاء العدو ، وفرقة تُصلي ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم ، وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتُسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، يُسلم بهم ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، فتُسلم قبله ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين ، ويُسلم بهم ، فتكون له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتين ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، ويُسلم بهم ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بهم ركعتين ، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً ، فتذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها ، قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف ، فالعمل به جائز ، وقال : ستة أوجه أو سبعة ، تُروى فيها ، كُلُّها جائزة ، وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ، ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات ، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح : ما ذكرناه أولاً ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، والله أعلم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه ، وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف ، وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ، ويكبر ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً ، ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه ، ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو ، فإذا فرغ من الركعة الأولى ، ونهض إلى الثانية ، سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا ، فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية ، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى ، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه ، وفيما قَضَوْا لأنفسهم ، وذلك غاية العدل ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد ، سجد الصف المؤخّر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فيسلم بهم جميعاً ، وإن كان العدو في غير جهة القبلة ، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين ، فرقةً بإزاء العدو ، وفرقة تُصلي ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم ، وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتُسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، يُسلم بهم ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، فتُسلم قبله ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين ، ويُسلم بهم ، فتكون له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتين ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، ويُسلم بهم ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بهم ركعتين ، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً ، فتذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها ، قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف ، فالعمل به جائز ، وقال : ستة أوجه أو سبعة ، تُروى فيها ، كُلُّها جائزة ، وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ، ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات ، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح : ما ذكرناه أولاً ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، والله أعلم. ❝
❞ تكملة حادثة الإِفك .. فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ، وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تكملة حادثة الإِفك . فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ، وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝