تكملة حادثة الإِفك .. فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ تكملة حادثة الإِفك فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف أمرها وسأل عنها وبحثَ واستشار وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به وهَلَّا قال سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم كما قاله فضلاء الصحابة ؟ فالجواب أن من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل هذهِ القِصة سبباً لها وامتحاناً وابتلاء لرسوله ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ليرفع بهذه القصة أقواماً ويضع بها آخرين ويزيد الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً واقتضى الامتحان والابتلاء حُبِسَ عن الوحي شهراً شأنها لا يُوحى إليه ذلك شيء لتتم حكمته قدرها وقضاها وتظهر أكمل الوجوه ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً العدل والصدق وحُسْنِ الظن ورسوله وأهل بيته والصِّدِّيقينَ مِن عباده المنافقون إفكاً ونفاقاً ويُظهر وللمؤمنين سرائرهم ولتتم العبودية المرادة الصدِّيقة وأبويها وتتم نعمة عليهم ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها والافتقار والذلُّ له وحُسن والرجاء ولينقطع رجاؤها المخلوقين وتيأس حصول النصرةِ والفرج يد أحد الخلق ولهذا وقت كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل ما يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ تكملة حادثة الإِفك . فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ، وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝
❞ تكملة حادثة الإِفك .. فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ، وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تكملة حادثة الإِفك . فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ، وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝
❞ سرية الخَبَطَ .. وكان أميرها أبا عبيدة بن الجراح ، وكانت في رجب سنة ثمانٍ فيما أنبأنا به الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في كتاب \' عيون الأثر \' له ، وهو عندي وهم ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى. قالوا : بعث رسول الله ﷺ أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمئة رجل من المهاجرين والأنصار ، وفيهم عمر بن الخطاب إلى حيٍّ مِن جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر ، وبينها وبين المدينة خمس ليال ، فأصابهم في الطريق جوع شديد ، فأكلوا الخَبَط ، وألقى إليهم البحر حوتاً عظيماً ، فأكلوا منه ، ثم انصرفوا ، ولم يلقوْا كَيْدَاً ، وفي هذا نظر ، فإن في الصحيحين من حديث جابر قال : بعثنا رسول الله ﷺ في ثلاثمئة راكب ، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح نَرْصُدُ عِيراً لقريش ، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط ، فسمي جيش الخَبَطِ ، فنحر رجل ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ، ثم نحر ثلاث جزائر ، ثم إن أبا عبيدة نهاه ، فألقى إلينا البحر دابة يقال لها : العنبر ، فأكلنا منها نصف شهر ، وادهنا مِن وَدَكها حتى ثابت إلينا أجسامنا ، وصلحت ، وأخذ أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه ، فنظر إلى أطول رجُلٍ في الجيش ، وأطول جمل ، فحُمِلَ عليه ومر تحته ، وتزودنا من لحمه وَشَائقَ ، فلما قدمنا المدينة ، أتينا رسول الله ﷺ ، فذكرنا له ذلِكَ ، فقال ﷺ ( هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ تُطْعِمُونَا ؟ ) ، فأرسلنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ منه فأكل ، قلتُ : وهذا السياق يدل على أن هذه الغزوة كانت قبل الهدنة ، وقبلَ عُمرة الحديبية ، فإنه ﷺ من حين صالح أهل مكة بالحديبية لم يكن يرصد لهم عِيراً ، بل كان زمن أمن وهُدنة إلى حين الفتح ، ويبعد أن تكون سرية الخَبَطِ على هذا الوجه مرتين : مرة قبل الصلح ، ومرة بعده ، والله أعلم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ سرية الخَبَطَ . وكان أميرها أبا عبيدة بن الجراح ، وكانت في رجب سنة ثمانٍ فيما أنبأنا به الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في كتاب ˝ عيون الأثر ˝ له ، وهو عندي وهم ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى. قالوا : بعث رسول الله ﷺ أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمئة رجل من المهاجرين والأنصار ، وفيهم عمر بن الخطاب إلى حيٍّ مِن جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر ، وبينها وبين المدينة خمس ليال ، فأصابهم في الطريق جوع شديد ، فأكلوا الخَبَط ، وألقى إليهم البحر حوتاً عظيماً ، فأكلوا منه ، ثم انصرفوا ، ولم يلقوْا كَيْدَاً ، وفي هذا نظر ، فإن في الصحيحين من حديث جابر قال : بعثنا رسول الله ﷺ في ثلاثمئة راكب ، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح نَرْصُدُ عِيراً لقريش ، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط ، فسمي جيش الخَبَطِ ، فنحر رجل ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ، ثم نحر ثلاث جزائر ، ثم إن أبا عبيدة نهاه ، فألقى إلينا البحر دابة يقال لها : العنبر ، فأكلنا منها نصف شهر ، وادهنا مِن وَدَكها حتى ثابت إلينا أجسامنا ، وصلحت ، وأخذ أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه ، فنظر إلى أطول رجُلٍ في الجيش ، وأطول جمل ، فحُمِلَ عليه ومر تحته ، وتزودنا من لحمه وَشَائقَ ، فلما قدمنا المدينة ، أتينا رسول الله ﷺ ، فذكرنا له ذلِكَ ، فقال ﷺ ( هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ تُطْعِمُونَا ؟ ) ، فأرسلنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ منه فأكل ، قلتُ : وهذا السياق يدل على أن هذه الغزوة كانت قبل الهدنة ، وقبلَ عُمرة الحديبية ، فإنه ﷺ من حين صالح أهل مكة بالحديبية لم يكن يرصد لهم عِيراً ، بل كان زمن أمن وهُدنة إلى حين الفتح ، ويبعد أن تكون سرية الخَبَطِ على هذا الوجه مرتين : مرة قبل الصلح ، ومرة بعده ، والله أعلم. ❝