وكان ﷺ يُعجل الفطر ، ويحض عليه ويتسحر ، ويحث على... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وكان ﷺ يُعجل الفطر ويحض عليه ويتسحر ويحث السحور ويؤخره ويُرغب تأخيره يحضُّ بالتمر فإن لم يجد فعلى الماء وهذا من كمال شفقته أمته ونصحهم إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلُو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به ولا سيما القوة الباصرة فإنها تقوى وحلاوة المدينة التمر ومرباهم وهو عندهم قوت وأُدم ورُطبه فاكهة وأما الكَبِدَ يحصل لها بالصوم نوع يبس فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل ثم يأكل هذا ما والماء الخاصية التي تأثير صلاح القلب لا يعلمُها إِلَّا أَطِبَّاءُ القلوب يُفْطِر يُصلِّي فِطْرُه رطبات إن وجدها يجدها تمرات حسوات ماء وروي عنه أنه يقول عند إفطاره ( اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ) عنهﷺ ذَهَبَ الظَّمَأُ وابْتَلَّتِ العُرُوقُ وثَبَتَ الأَجْرُ شاء الله تعالى ويُذكر للصائم عِنْدَ فِطْرِه دَعْوَةً تُرَدُّ وصح قال إذا أَقْبَل اللَّيْلُ مِنْ هاهنا كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان ﷺ يُعجل الفطر ، ويحض عليه ويتسحر ، ويحث على السحور ويؤخره ، ويُرغب في تأخيره ، وكان يحضُّ على الفطر بالتمر ، فإن لم يجد ، فعلى الماء ، وهذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلُو المعدة ، أدعى إلى قبوله ، وانتفاع القوى به ، ولا سيما القوة الباصرة ، فإنها تقوى به ، وحلاوة المدينة التمر ، ومرباهم عليه ، وهو عندهم قوت ، وأُدم ، ورُطبه فاكهة ، وأما الماء ، فإن الكَبِدَ يحصل لها بالصوم نوع يبس ، فإذا رطبت بالماء ، كمل انتفاعها بالغذاء بعده ، ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع ، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء ، ثم يأكل بعده ، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمُها إِلَّا أَطِبَّاءُ القلوب ، وكان ﷺ يُفْطِر قبل أن يُصلِّي ، وكان فِطْرُه على رطبات إن وجدها فإن لم يجدها ، فعلى تمرات فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء ، وروي عنه ﷺ أنه كان يقول عند إفطاره ( اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ) ، وروي عنهﷺ أنه كان يقول ( ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ وثَبَتَ الأَجْرُ إن شاء الله تعالى ) ، ويُذكر عنه ﷺ ( إن للصائم عِنْدَ فِطْرِه دَعْوَةً ما تُرَدُّ ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إذا أَقْبَل اللَّيْلُ مِنْ هاهنا ، وأَدْبَرَ النَّهارُ مِنْ هاهنا ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) ، وفُسِّر بأنه قد أفطر حكماً ، وإن لم ينوه ، وبأنه قد دخل وقتُ فِطره كأصبح وأمسى ، ونهى الصائم عن الرفث ، والصَّخب والسِباب ، وجواب السِباب ، فأمره أن يقول لمن سابه ( إنِّي صائم ) فقيل : يقوله بلسانه وهو أظهر ، وقيل : بقلبه تذكيراً لنفسه بالصوم ، وقيل : يقوله في الفرض بلسانه ، وفي التطوع في نفسه ، لأنه أبعد عن الرياء ، وسافر رسول الله ﷺ في رمضان ، فصام وأفطر ، وخيَّر الصحابة بين الأمرين ، وكان ﷺ يأمرهم بالفطر إذا دَنَوْا مِنْ عدوهم ليتقوَّوْا على قتاله ، وقال ﷺ لأصحابه يوم فتح مكة ( إنه يوم قتال فإفطروا ) ، ولم يكن من هديه ﷺ تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحَدّ ، وكان الصحابة حين ينشؤن السفر يفطرون من غير إعتبار مجاوزة للبيوت ، ويُخبرون أن ذلك سُنتَّه وهديه ﷺ ، وكان من هديه ﷺ أن يُدركه الفجر وهو جُنُب من أهله ، فيغتسل بعد الفجر ويصوم ، وكان يُقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان ، وشبه قُبلَة الصائم بالمضمضة بالماء ، وكان من هديه ﷺ إسقاط القضاء عمن أكل وشرب ناسياً ، وأن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه ، فليس هذا الأكل والشرب يُضاف إليه ، فَيُفْطِرُ به ، فإنما يُفْطِرُ بما فعله ، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه ، إذ لا تكليف بفعل النائم ، ولا بفعل الناسي ، والذي صح عنه ﷺ أن الذي يُفطُر به الصائم الأكل والشُرب مُتعمداً والحجامة والقيء والجماع. ❝
❞ وكان ﷺ يُعجل الفطر ، ويحض عليه ويتسحر ، ويحث على السحور ويؤخره ، ويُرغب في تأخيره ، وكان يحضُّ على الفطر بالتمر ، فإن لم يجد ، فعلى الماء ، وهذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلُو المعدة ، أدعى إلى قبوله ، وانتفاع القوى به ، ولا سيما القوة الباصرة ، فإنها تقوى به ، وحلاوة المدينة التمر ، ومرباهم عليه ، وهو عندهم قوت ، وأُدم ، ورُطبه فاكهة ، وأما الماء ، فإن الكَبِدَ يحصل لها بالصوم نوع يبس ، فإذا رطبت بالماء ، كمل انتفاعها بالغذاء بعده ، ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع ، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء ، ثم يأكل بعده ، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمُها إِلَّا أَطِبَّاءُ القلوب ، وكان ﷺ يُفْطِر قبل أن يُصلِّي ، وكان فِطْرُه على رطبات إن وجدها فإن لم يجدها ، فعلى تمرات فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء ، وروي عنه ﷺ أنه كان يقول عند إفطاره ( اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ) ، وروي عنهﷺ أنه كان يقول ( ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ وثَبَتَ الأَجْرُ إن شاء الله تعالى ) ، ويُذكر عنه ﷺ ( إن للصائم عِنْدَ فِطْرِه دَعْوَةً ما تُرَدُّ ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إذا أَقْبَل اللَّيْلُ مِنْ هاهنا ، وأَدْبَرَ النَّهارُ مِنْ هاهنا ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) ، وفُسِّر بأنه قد أفطر حكماً ، وإن لم ينوه ، وبأنه قد دخل وقتُ فِطره كأصبح وأمسى ، ونهى الصائم عن الرفث ، والصَّخب والسِباب ، وجواب السِباب ، فأمره أن يقول لمن سابه ( إنِّي صائم ) فقيل : يقوله بلسانه وهو أظهر ، وقيل : بقلبه تذكيراً لنفسه بالصوم ، وقيل : يقوله في الفرض بلسانه ، وفي التطوع في نفسه ، لأنه أبعد عن الرياء ، وسافر رسول الله ﷺ في رمضان ، فصام وأفطر ، وخيَّر الصحابة بين الأمرين ، وكان ﷺ يأمرهم بالفطر إذا دَنَوْا مِنْ عدوهم ليتقوَّوْا على قتاله ، وقال ﷺ لأصحابه يوم فتح مكة ( إنه يوم قتال فإفطروا ) ، ولم يكن من هديه ﷺ تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحَدّ ، وكان الصحابة حين ينشؤن السفر يفطرون من غير إعتبار مجاوزة للبيوت ، ويُخبرون أن ذلك سُنتَّه وهديه ﷺ ، وكان من هديه ﷺ أن يُدركه الفجر وهو جُنُب من أهله ، فيغتسل بعد الفجر ويصوم ، وكان يُقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان ، وشبه قُبلَة الصائم بالمضمضة بالماء ، وكان من هديه ﷺ إسقاط القضاء عمن أكل وشرب ناسياً ، وأن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه ، فليس هذا الأكل والشرب يُضاف إليه ، فَيُفْطِرُ به ، فإنما يُفْطِرُ بما فعله ، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه ، إذ لا تكليف بفعل النائم ، ولا بفعل الناسي ، والذي صح عنه ﷺ أن الذي يُفطُر به الصائم الأكل والشُرب مُتعمداً والحجامة والقيء والجماع. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ يُعجل الفطر ، ويحض عليه ويتسحر ، ويحث على السحور ويؤخره ، ويُرغب في تأخيره ، وكان يحضُّ على الفطر بالتمر ، فإن لم يجد ، فعلى الماء ، وهذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلُو المعدة ، أدعى إلى قبوله ، وانتفاع القوى به ، ولا سيما القوة الباصرة ، فإنها تقوى به ، وحلاوة المدينة التمر ، ومرباهم عليه ، وهو عندهم قوت ، وأُدم ، ورُطبه فاكهة ، وأما الماء ، فإن الكَبِدَ يحصل لها بالصوم نوع يبس ، فإذا رطبت بالماء ، كمل انتفاعها بالغذاء بعده ، ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع ، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء ، ثم يأكل بعده ، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمُها إِلَّا أَطِبَّاءُ القلوب ، وكان ﷺ يُفْطِر قبل أن يُصلِّي ، وكان فِطْرُه على رطبات إن وجدها فإن لم يجدها ، فعلى تمرات فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء ، وروي عنه ﷺ أنه كان يقول عند إفطاره ( اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ) ، وروي عنهﷺ أنه كان يقول ( ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ وثَبَتَ الأَجْرُ إن شاء الله تعالى ) ، ويُذكر عنه ﷺ ( إن للصائم عِنْدَ فِطْرِه دَعْوَةً ما تُرَدُّ ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إذا أَقْبَل اللَّيْلُ مِنْ هاهنا ، وأَدْبَرَ النَّهارُ مِنْ هاهنا ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) ، وفُسِّر بأنه قد أفطر حكماً ، وإن لم ينوه ، وبأنه قد دخل وقتُ فِطره كأصبح وأمسى ، ونهى الصائم عن الرفث ، والصَّخب والسِباب ، وجواب السِباب ، فأمره أن يقول لمن سابه ( إنِّي صائم ) فقيل : يقوله بلسانه وهو أظهر ، وقيل : بقلبه تذكيراً لنفسه بالصوم ، وقيل : يقوله في الفرض بلسانه ، وفي التطوع في نفسه ، لأنه أبعد عن الرياء ، وسافر رسول الله ﷺ في رمضان ، فصام وأفطر ، وخيَّر الصحابة بين الأمرين ، وكان ﷺ يأمرهم بالفطر إذا دَنَوْا مِنْ عدوهم ليتقوَّوْا على قتاله ، وقال ﷺ لأصحابه يوم فتح مكة ( إنه يوم قتال فإفطروا ) ، ولم يكن من هديه ﷺ تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحَدّ ، وكان الصحابة حين ينشؤن السفر يفطرون من غير إعتبار مجاوزة للبيوت ، ويُخبرون أن ذلك سُنتَّه وهديه ﷺ ، وكان من هديه ﷺ أن يُدركه الفجر وهو جُنُب من أهله ، فيغتسل بعد الفجر ويصوم ، وكان يُقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان ، وشبه قُبلَة الصائم بالمضمضة بالماء ، وكان من هديه ﷺ إسقاط القضاء عمن أكل وشرب ناسياً ، وأن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه ، فليس هذا الأكل والشرب يُضاف إليه ، فَيُفْطِرُ به ، فإنما يُفْطِرُ بما فعله ، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه ، إذ لا تكليف بفعل النائم ، ولا بفعل الناسي ، والذي صح عنه ﷺ أن الذي يُفطُر به الصائم الأكل والشُرب مُتعمداً والحجامة والقيء والجماع. ❝
❞ تكملة هديه ﷺ في الحج وقف ﷺ في موقفه ، وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف ، ثم سار مِن مُزْدَلِفَةَ مُرْدِفَاً للفضل بن عباس وهو يلبي في مسيره ، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سُباقِ قُريش ، وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يَلْقُط له حَصى الجمار ، سبع حصياتٍ ، ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعلُ من لا علم عنده ، ولا التقطها بالليل ، فالتقط له سبع حصيات مِنْ حَصَى الخَذْفِ ، فجعل يَنْفُضُهُنَّ في كَفِّهِ ويَقُولُ ( بأمثال هؤلاء فارموا ، وإيَّاكُم والغُلُو في الدين ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم الغُلُوُّ في الدين ، وفي طريقه تلك ، عَرَضَتْ له امرأةٌ مِن خَثعَمَ جَمِيلة ، فسألته عن الحج عَنْ أَبِيهَا وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً لا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحِلَةِ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ ، وجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَصَرفَهُ إلى الشق الآخَرِ ، وكان الفَضْلُ وَسِيماً ، فَقِيلَ : صَرَف وجْهَهُ عَنْ نَظَرِهَا إِلَيْهِ ، وقيل : صَرَفَهُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْهَا ، وَالصَّوابُ : إِنَّهُ فَعَلَهُ للأمَرْين ، فإنه في القصة جعل يَنْظُرُ إليها وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، وسأله آخر هنالك عن أمِّه ، فقال : إِنَّهَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ ، فَإِن حَمَلْتُها لَمْ تَسْتَمْسِكُ ، وَإِنْ رَبَطْتُها خَشِيتُ انَ أَقْتُلَها ، فَقَالَ ( أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : فَحُجَّ عَنْ أُمِّكَ) ، فلما أتى بَطْنَ مُحَسرِ ، حَرَّك ناقته وأسرع السير ، وهذه كانت عادته ﷺ في المواضع التي نزل فيها بأسُ اللَّهِ بأعدائه ، فإن هُنالِكَ أصابَ أصحاب الفيل ما قص الله علينا ، ولذلك سُمِّي ذلك الوادي وادي مُحَسِّر ، لأن الفيل حَسَرَ فيه ، أي : أعيى ، وانقطع عن الذهاب إلى مكة ، وكذلك فعل في سلوكه الحِجْرَ دِيار ثمود ، فإنه تقنع بثوبه ، وأسرع السير ، وسلك ﷺ الطريق الوسطى بين الطريقين ، وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى منى ، فأتى جمرة العقبة ، فوقف في أسفل الوادي ، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على راحلته ، فرماها راكباً بعد طلوع الشمس ، واحدة بعد واحدة ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حصاة ، وحينئذ قطع التلبية ، وكان ﷺ في مسيره ذلك يُلبي حتى شرع في الرمي ، ورمى بلال وأسامة معه ، أحدهما أخذ بخطام ناقته ، والآخر يُظلله بثوبه من الحر. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تكملة هديه ﷺ في الحج وقف ﷺ في موقفه ، وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف ، ثم سار مِن مُزْدَلِفَةَ مُرْدِفَاً للفضل بن عباس وهو يلبي في مسيره ، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سُباقِ قُريش ، وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يَلْقُط له حَصى الجمار ، سبع حصياتٍ ، ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعلُ من لا علم عنده ، ولا التقطها بالليل ، فالتقط له سبع حصيات مِنْ حَصَى الخَذْفِ ، فجعل يَنْفُضُهُنَّ في كَفِّهِ ويَقُولُ ( بأمثال هؤلاء فارموا ، وإيَّاكُم والغُلُو في الدين ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم الغُلُوُّ في الدين ، وفي طريقه تلك ، عَرَضَتْ له امرأةٌ مِن خَثعَمَ جَمِيلة ، فسألته عن الحج عَنْ أَبِيهَا وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً لا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحِلَةِ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ ، وجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَصَرفَهُ إلى الشق الآخَرِ ، وكان الفَضْلُ وَسِيماً ، فَقِيلَ : صَرَف وجْهَهُ عَنْ نَظَرِهَا إِلَيْهِ ، وقيل : صَرَفَهُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْهَا ، وَالصَّوابُ : إِنَّهُ فَعَلَهُ للأمَرْين ، فإنه في القصة جعل يَنْظُرُ إليها وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، وسأله آخر هنالك عن أمِّه ، فقال : إِنَّهَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ ، فَإِن حَمَلْتُها لَمْ تَسْتَمْسِكُ ، وَإِنْ رَبَطْتُها خَشِيتُ انَ أَقْتُلَها ، فَقَالَ ( أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : فَحُجَّ عَنْ أُمِّكَ) ، فلما أتى بَطْنَ مُحَسرِ ، حَرَّك ناقته وأسرع السير ، وهذه كانت عادته ﷺ في المواضع التي نزل فيها بأسُ اللَّهِ بأعدائه ، فإن هُنالِكَ أصابَ أصحاب الفيل ما قص الله علينا ، ولذلك سُمِّي ذلك الوادي وادي مُحَسِّر ، لأن الفيل حَسَرَ فيه ، أي : أعيى ، وانقطع عن الذهاب إلى مكة ، وكذلك فعل في سلوكه الحِجْرَ دِيار ثمود ، فإنه تقنع بثوبه ، وأسرع السير ، وسلك ﷺ الطريق الوسطى بين الطريقين ، وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى منى ، فأتى جمرة العقبة ، فوقف في أسفل الوادي ، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على راحلته ، فرماها راكباً بعد طلوع الشمس ، واحدة بعد واحدة ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حصاة ، وحينئذ قطع التلبية ، وكان ﷺ في مسيره ذلك يُلبي حتى شرع في الرمي ، ورمى بلال وأسامة معه ، أحدهما أخذ بخطام ناقته ، والآخر يُظلله بثوبه من الحر. ❝