وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ،... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين الكفار فانهزم عدو الله وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول ﷺ بحفظه وقالوا : يا قوم الغنيمة فذكرهم أميرهم عهد فلم يسمعوا وظنوا أن ليس للمشركين رجعة فذهبوا طلب وأخْلُو الثَّغْرَ وكرَّ فُرسَانُ المشركين فوجدوا الثغر خالياً قد خلا مِن الرماة فجازُوا منه وتَمكَّنُوا أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وتولَّى الصَّحَابة وخلص المشركون فجرحُوا وجهه وكسروا رَباعِيَّته اليمنى السُّفلى وهَشَمُوا البيضة رأسه ورمَوْهُ بالحِجَارة وقع لشقه وسقط حفرة الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد وكان تولى أذاه عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ وعُتُبَةُ أبي وقاص وقيل إن عبد شهاب الزهري عم محمد مسلم هو شجّه وقُتِلَ مصعب عمير بين يديه فدفع اللواء طالب ونشبت حَلَقَتَانِ حلق المِغْفَرِ الشريف فانتزعهما عبيدة كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 من تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ، فانهزم عدو الله ، وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم ، فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله ﷺ بحفظه ، وقالوا : يا قوم الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله ﷺ فلم يسمعوا ، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة ، فذهبوا في طلب الغنيمة ، وأخْلُو الثَّغْرَ ، وكرَّ فُرسَانُ المشركين ، فوجدوا الثغر خالياً ، قد خلا مِن الرماة ، فجازُوا منه ، وتَمكَّنُوا حتى أقبل آخرهم ، فأحاطوا بالمسلمين ، فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة ، وهم سبعون ، وتولَّى الصَّحَابة ، وخلص المشركون إلى رسول الله ﷺ فجرحُوا وجهه ، وكسروا رَباعِيَّته اليمنى ، وكانت السُّفلى ، وهَشَمُوا البيضة على رأسه ، ورمَوْهُ بالحِجَارة حتى وقع لشقه ، وسقط في حفرة مِن الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين ، فأخذ علي بيده ، واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وكان الذي تولى أذاه ﷺ عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ ، وعُتُبَةُ بن أبي وقاص ، وقيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري ، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، هو الذي شجّه ، وقُتِلَ مصعب بن عمير بين يديه ﷺ ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ، ونشبت حَلَقَتَانِ مِن حلق المِغْفَرِ في وجهه الشريف ، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح ، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شَدَّةِ غوصِهِمَا فِي وَجْهِهِ ، وامتصَّ مَالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ من وجنته ﷺ ، وأدركه المشركون يُريدُونَ ما الله حائل بينهم وبينه ، فحال دُونَه ﷺ نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قُتلوا ، ثم جالدهم طلحة أجهضهم عنه ، وترس أبو دُجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه ، وهو لا يتحرك ، وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان ، فأتى بها رسول الله ﷺ فردها عليه بيده ، وكانَتْ أصح عينيه وأحسنهما. ❝
❞ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ، فانهزم عدو الله ، وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم ، فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله ﷺ بحفظه ، وقالوا : يا قوم الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله ﷺ فلم يسمعوا ، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة ، فذهبوا في طلب الغنيمة ، وأخْلُو الثَّغْرَ ، وكرَّ فُرسَانُ المشركين ، فوجدوا الثغر خالياً ، قد خلا مِن الرماة ، فجازُوا منه ، وتَمكَّنُوا حتى أقبل آخرهم ، فأحاطوا بالمسلمين ، فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة ، وهم سبعون ، وتولَّى الصَّحَابة ، وخلص المشركون إلى رسول الله ﷺ فجرحُوا وجهه ، وكسروا رَباعِيَّته اليمنى ، وكانت السُّفلى ، وهَشَمُوا البيضة على رأسه ، ورمَوْهُ بالحِجَارة حتى وقع لشقه ، وسقط في حفرة مِن الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين ، فأخذ علي بيده ، واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وكان الذي تولى أذاه ﷺ عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ ، وعُتُبَةُ بن أبي وقاص ، وقيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري ، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، هو الذي شجّه ، وقُتِلَ مصعب بن عمير بين يديه ﷺ ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ، ونشبت حَلَقَتَانِ مِن حلق المِغْفَرِ في وجهه الشريف ، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح ، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شَدَّةِ غوصِهِمَا فِي وَجْهِهِ ، وامتصَّ مَالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ من وجنته ﷺ ، وأدركه المشركون يُريدُونَ ما الله حائل بينهم وبينه ، فحال دُونَه ﷺ نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قُتلوا ، ثم جالدهم طلحة أجهضهم عنه ، وترس أبو دُجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه ، وهو لا يتحرك ، وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان ، فأتى بها رسول الله ﷺ فردها عليه بيده ، وكانَتْ أصح عينيه وأحسنهما. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ، فانهزم عدو الله ، وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم ، فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله ﷺ بحفظه ، وقالوا : يا قوم الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله ﷺ فلم يسمعوا ، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة ، فذهبوا في طلب الغنيمة ، وأخْلُو الثَّغْرَ ، وكرَّ فُرسَانُ المشركين ، فوجدوا الثغر خالياً ، قد خلا مِن الرماة ، فجازُوا منه ، وتَمكَّنُوا حتى أقبل آخرهم ، فأحاطوا بالمسلمين ، فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة ، وهم سبعون ، وتولَّى الصَّحَابة ، وخلص المشركون إلى رسول الله ﷺ فجرحُوا وجهه ، وكسروا رَباعِيَّته اليمنى ، وكانت السُّفلى ، وهَشَمُوا البيضة على رأسه ، ورمَوْهُ بالحِجَارة حتى وقع لشقه ، وسقط في حفرة مِن الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين ، فأخذ علي بيده ، واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وكان الذي تولى أذاه ﷺ عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ ، وعُتُبَةُ بن أبي وقاص ، وقيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري ، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، هو الذي شجّه ، وقُتِلَ مصعب بن عمير بين يديه ﷺ ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ، ونشبت حَلَقَتَانِ مِن حلق المِغْفَرِ في وجهه الشريف ، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح ، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شَدَّةِ غوصِهِمَا فِي وَجْهِهِ ، وامتصَّ مَالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ من وجنته ﷺ ، وأدركه المشركون يُريدُونَ ما الله حائل بينهم وبينه ، فحال دُونَه ﷺ نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قُتلوا ، ثم جالدهم طلحة أجهضهم عنه ، وترس أبو دُجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه ، وهو لا يتحرك ، وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان ، فأتى بها رسول الله ﷺ فردها عليه بيده ، وكانَتْ أصح عينيه وأحسنهما. ❝
❞ ولما كان الاسم الحسن يقتضي مسماه ، ويستدعيه من قرب ، قال النبي ﷺ لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى الله وتوحيده ( يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَسَّنَ اسْمَكُم وَاسْمَ أَبيكُم ) فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بحسن اسم أبيهم ، وبما فيه من المعنى المقتضي للدعوة ، وتأمل أسماء الستة المتبارزين يوم بدر كيف اقتضى القَدَرُ مطابقة أسمائهم لأحوالهم يومئذ ، فكان الكفارُ : شيبة وعتبة ، والوليد ، ثلاثة أسماء من الضعف ، فالوليد له بداية الضعف ، وشيبة له نهاية الضعف ، كما قال تعالى ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفِ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفِ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّق ضَعْفًا وَشَيْبَةٌ ) وعتبة من العتب ، فدلت أسماؤهم على عتب يَحِل وضَعْفٍ ينالهم ، وكان أقرانهم من المسلمين : علي ، وعبيدة ، والحارث ، رضي الله عنهم ، ثلاثة أسماء تُناسب أوصافهم ، وهي العلو ، والعبودية والسعي الذي هو الحرث ، فَعَلوْا عليهم بعبوديتهم وسعيهم في حرث الآخرة ، ولما كان الاسم مقتضياً لمسماه ، ومؤثراً فيه ، كان أحب الأسماء إلى اللهِ ما اقتضى أحب الأوصاف إليه ، كعبد الله ، وعبد الرحمن ، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله ، واسم الرحمن ، أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما كالقاهر ، والقادر ، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر ، وعبد الله أحب إليه من عَبْدِ ربِّه ، وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة ، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة ، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده ، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبة وخوفاً ، ورجاء وإجلالاً وتعظيماً ، فيكون عَبْداً لله وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره ، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمةُ أحب إليه من الغضب ، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ولما كان الاسم الحسن يقتضي مسماه ، ويستدعيه من قرب ، قال النبي ﷺ لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى الله وتوحيده ( يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَسَّنَ اسْمَكُم وَاسْمَ أَبيكُم ) فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بحسن اسم أبيهم ، وبما فيه من المعنى المقتضي للدعوة ، وتأمل أسماء الستة المتبارزين يوم بدر كيف اقتضى القَدَرُ مطابقة أسمائهم لأحوالهم يومئذ ، فكان الكفارُ : شيبة وعتبة ، والوليد ، ثلاثة أسماء من الضعف ، فالوليد له بداية الضعف ، وشيبة له نهاية الضعف ، كما قال تعالى ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفِ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفِ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّق ضَعْفًا وَشَيْبَةٌ ) وعتبة من العتب ، فدلت أسماؤهم على عتب يَحِل وضَعْفٍ ينالهم ، وكان أقرانهم من المسلمين : علي ، وعبيدة ، والحارث ، رضي الله عنهم ، ثلاثة أسماء تُناسب أوصافهم ، وهي العلو ، والعبودية والسعي الذي هو الحرث ، فَعَلوْا عليهم بعبوديتهم وسعيهم في حرث الآخرة ، ولما كان الاسم مقتضياً لمسماه ، ومؤثراً فيه ، كان أحب الأسماء إلى اللهِ ما اقتضى أحب الأوصاف إليه ، كعبد الله ، وعبد الرحمن ، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله ، واسم الرحمن ، أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما كالقاهر ، والقادر ، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر ، وعبد الله أحب إليه من عَبْدِ ربِّه ، وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة ، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة ، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده ، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبة وخوفاً ، ورجاء وإجلالاً وتعظيماً ، فيكون عَبْداً لله وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره ، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمةُ أحب إليه من الغضب ، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر. ❝