يتبع لقصة الحديبية .. وفَزِعَتْ قريش لنزوله عليهم ،... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ يتبع لقصة الحديبية وفَزِعَتْ قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله ﷺ أن يبعَثَ إليهم رجلاً من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه فقال : يا ! ليس لي بمكة أحد بني كعب يغضَبُ إن أوذيتُ فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ عفان فإن عشيرته بها وإنه مبلغ ما أردت رسولُ اللهِ عثمان فأرسله إلى وقال أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عُمَّاراً وادعُهُم الإسلام ) وأمره يأتي رجالاً مؤمنين ونساءً مؤمنات فيدخُل ويبشِّرَهم بالفتح ويخبرهم عزّ وجلَّ مظهر دينه حتى لا يُسْتَخْفى فيها بالإيمان فانطلق فمرَّ ببلدح فقالوا أين تريد ؟ بعثني أدعوكم وإلى وأخبركُم عُماراً قد سمعنا تقول فانفذ لحاجتك وقام إليه أبان سعيد العاص فرحب به وأسرج فرسه فحمل عُثمانَ الفرس وأجاره وأردفه جاء مكة المسلمون قبل يَرْجِعَ عثمانُ خَلَص قبلنا البيت وطاف ( أظنُّه طاف بالبَيْتِ ونَحْنُ محْصُورُونَ فقالُوا وما يمنعه وقد خَلَصَ قال ذَاكَ ظَنِّي ألَّا يَطوف كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ يتبع لقصة الحديبية . وفَزِعَتْ قريش لنزوله عليهم ، فأحب رسول الله ﷺ أن يبعَثَ إليهم رجلاً من أصحابه ، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم ، فقال : يا رسول الله ! ليس لي بمكة أحد من بني كعب يغضَبُ لي إن أوذيتُ ، فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ عفان ، فإن عشيرته بها ، وإنه مبلغ ما أردت ، فدعا رسولُ اللهِ ﷺ عثمان بن عفان ، فأرسله إلى قريش ، وقال ﷺ أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُمَّاراً ، وادعُهُم إلى الإسلام ) ، وأمره أن يأتي بن رجالاً بمكة مؤمنين ، ونساءً مؤمنات فيدخُل عليهم ، ويبشِّرَهم بالفتح ، ويخبرهم أن الله عزّ وجلَّ مظهر دينه بمكة ، حتى لا يُسْتَخْفى فيها بالإيمان ، فانطلق عثمان ، فمرَّ على قريش ببلدح ، فقالوا : أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله ﷺ أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، وأخبركُم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُماراً ، فقالوا : قد سمعنا ما تقول ، فانفذ لحاجتك ، وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به ، وأسرج فرسه ، فحمل عُثمانَ على الفرس ، وأجاره ، وأردفه أبان حتى جاء مكة ، وقال المسلمون قبل أن يَرْجِعَ عثمانُ : خَلَص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به ، فقال رسول الله ﷺ ( ما أظنُّه طاف بالبَيْتِ ونَحْنُ محْصُورُونَ ) ، فقالُوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خَلَصَ ؟ قال ( ذَاكَ ظَنِّي به ، ألَّا يَطوف بالكَعْبَةِ حَتَّى نَطُوفَ مَعَهُ ) ، واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح فرمی رجلٌ من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر ، وكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان كلاهما ، وارتهن كُلُّ واحدٍ مِن الفريقين بمن فيهم ، وبلغ رسُول الله ﷺ أن عثمان قد قُتِلَ ، فدعا إلى البيعة ، فثار المسلمون إلى رسول الله ﷺ وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أَلَّا يَفِرُّوا ، فأخذ رسول الله ﷺ بيد نفسه ، وقال ( هَذِهِ عَنْ عُثْمَان ) ، ولما تَمْتِ البيعة ، رجع عُثمان ، فقال له المسلمون اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ، فقال : بئس ما ظننتُم بي ، والذي نفسي بيده ، لو مكثتُ بها سنةً ، ورسولُ الله ﷺ مقيم بالحُدَيْبِيَةِ ، ما طُفْتُ بها حتى يَطُوف بها رَسُولُ الله ، ولقد دعتني قريش إلى الطوافِ بالبيت ، فأبيتُ ، فقال المسلمون : رسول الله ﷺ كان أعلمنا باللَّهِ ، وأحسننا ظناً ، وكان عمر آخذاً بيدِ رسول الله ﷺ للبيعة تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كُلُّهم إلا الجد بْنَ قَيْس ، وكان مَعْقِلُ بن يسار آخذاً بِغُصنها يرفعه عن رسول الله ﷺ ، وكان أول من بايعه أبو سنان الأَسَدِي ، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات ، في أول الناس ، وأوسطهم ، وآخرهم. ❝
❞ يتبع لقصة الحديبية .. وفَزِعَتْ قريش لنزوله عليهم ، فأحب رسول الله ﷺ أن يبعَثَ إليهم رجلاً من أصحابه ، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم ، فقال : يا رسول الله ! ليس لي بمكة أحد من بني كعب يغضَبُ لي إن أوذيتُ ، فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ عفان ، فإن عشيرته بها ، وإنه مبلغ ما أردت ، فدعا رسولُ اللهِ ﷺ عثمان بن عفان ، فأرسله إلى قريش ، وقال ﷺ أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُمَّاراً ، وادعُهُم إلى الإسلام ) ، وأمره أن يأتي بن رجالاً بمكة مؤمنين ، ونساءً مؤمنات فيدخُل عليهم ، ويبشِّرَهم بالفتح ، ويخبرهم أن الله عزّ وجلَّ مظهر دينه بمكة ، حتى لا يُسْتَخْفى فيها بالإيمان ، فانطلق عثمان ، فمرَّ على قريش ببلدح ، فقالوا : أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله ﷺ أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، وأخبركُم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُماراً ، فقالوا : قد سمعنا ما تقول ، فانفذ لحاجتك ، وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به ، وأسرج فرسه ، فحمل عُثمانَ على الفرس ، وأجاره ، وأردفه أبان حتى جاء مكة ، وقال المسلمون قبل أن يَرْجِعَ عثمانُ : خَلَص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به ، فقال رسول الله ﷺ ( ما أظنُّه طاف بالبَيْتِ ونَحْنُ محْصُورُونَ ) ، فقالُوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خَلَصَ ؟ قال ( ذَاكَ ظَنِّي به ، ألَّا يَطوف بالكَعْبَةِ حَتَّى نَطُوفَ مَعَهُ ) ، واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح فرمی رجلٌ من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر ، وكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان كلاهما ، وارتهن كُلُّ واحدٍ مِن الفريقين بمن فيهم ، وبلغ رسُول الله ﷺ أن عثمان قد قُتِلَ ، فدعا إلى البيعة ، فثار المسلمون إلى رسول الله ﷺ وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أَلَّا يَفِرُّوا ، فأخذ رسول الله ﷺ بيد نفسه ، وقال ( هَذِهِ عَنْ عُثْمَان ) ، ولما تَمْتِ البيعة ، رجع عُثمان ، فقال له المسلمون اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ، فقال : بئس ما ظننتُم بي ، والذي نفسي بيده ، لو مكثتُ بها سنةً ، ورسولُ الله ﷺ مقيم بالحُدَيْبِيَةِ ، ما طُفْتُ بها حتى يَطُوف بها رَسُولُ الله ، ولقد دعتني قريش إلى الطوافِ بالبيت ، فأبيتُ ، فقال المسلمون : رسول الله ﷺ كان أعلمنا باللَّهِ ، وأحسننا ظناً ، وكان عمر آخذاً بيدِ رسول الله ﷺ للبيعة تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كُلُّهم إلا الجد بْنَ قَيْس ، وكان مَعْقِلُ بن يسار آخذاً بِغُصنها يرفعه عن رسول الله ﷺ ، وكان أول من بايعه أبو سنان الأَسَدِي ، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات ، في أول الناس ، وأوسطهم ، وآخرهم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ يتبع لقصة الحديبية . وفَزِعَتْ قريش لنزوله عليهم ، فأحب رسول الله ﷺ أن يبعَثَ إليهم رجلاً من أصحابه ، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم ، فقال : يا رسول الله ! ليس لي بمكة أحد من بني كعب يغضَبُ لي إن أوذيتُ ، فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ عفان ، فإن عشيرته بها ، وإنه مبلغ ما أردت ، فدعا رسولُ اللهِ ﷺ عثمان بن عفان ، فأرسله إلى قريش ، وقال ﷺ أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُمَّاراً ، وادعُهُم إلى الإسلام ) ، وأمره أن يأتي بن رجالاً بمكة مؤمنين ، ونساءً مؤمنات فيدخُل عليهم ، ويبشِّرَهم بالفتح ، ويخبرهم أن الله عزّ وجلَّ مظهر دينه بمكة ، حتى لا يُسْتَخْفى فيها بالإيمان ، فانطلق عثمان ، فمرَّ على قريش ببلدح ، فقالوا : أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله ﷺ أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، وأخبركُم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عُماراً ، فقالوا : قد سمعنا ما تقول ، فانفذ لحاجتك ، وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به ، وأسرج فرسه ، فحمل عُثمانَ على الفرس ، وأجاره ، وأردفه أبان حتى جاء مكة ، وقال المسلمون قبل أن يَرْجِعَ عثمانُ : خَلَص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به ، فقال رسول الله ﷺ ( ما أظنُّه طاف بالبَيْتِ ونَحْنُ محْصُورُونَ ) ، فقالُوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خَلَصَ ؟ قال ( ذَاكَ ظَنِّي به ، ألَّا يَطوف بالكَعْبَةِ حَتَّى نَطُوفَ مَعَهُ ) ، واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح فرمی رجلٌ من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر ، وكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان كلاهما ، وارتهن كُلُّ واحدٍ مِن الفريقين بمن فيهم ، وبلغ رسُول الله ﷺ أن عثمان قد قُتِلَ ، فدعا إلى البيعة ، فثار المسلمون إلى رسول الله ﷺ وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أَلَّا يَفِرُّوا ، فأخذ رسول الله ﷺ بيد نفسه ، وقال ( هَذِهِ عَنْ عُثْمَان ) ، ولما تَمْتِ البيعة ، رجع عُثمان ، فقال له المسلمون اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ، فقال : بئس ما ظننتُم بي ، والذي نفسي بيده ، لو مكثتُ بها سنةً ، ورسولُ الله ﷺ مقيم بالحُدَيْبِيَةِ ، ما طُفْتُ بها حتى يَطُوف بها رَسُولُ الله ، ولقد دعتني قريش إلى الطوافِ بالبيت ، فأبيتُ ، فقال المسلمون : رسول الله ﷺ كان أعلمنا باللَّهِ ، وأحسننا ظناً ، وكان عمر آخذاً بيدِ رسول الله ﷺ للبيعة تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كُلُّهم إلا الجد بْنَ قَيْس ، وكان مَعْقِلُ بن يسار آخذاً بِغُصنها يرفعه عن رسول الله ﷺ ، وكان أول من بايعه أبو سنان الأَسَدِي ، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات ، في أول الناس ، وأوسطهم ، وآخرهم. ❝
❞ { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا } .. يقول الصحابي كعب بن مالك ( أحد المُخلفين الثلاثة ) نهى رسول الله ﷺ المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة مِن بين مَنْ تخلف عنه في غزوة تبوك ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ ، وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي الأرض ، فما هي بالتي أعرِفُ ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي ، فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنتُ أشبَّ القوم وأجلدهم ، فكنتُ أخرج ، فأشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمني أحد ، وأتي رسول الله ﷺ ، فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرّك شفتيه برد السلام عليَّ أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه فأسارقه النظر ، فإذا أقبلتُ على صلاتي ، أقبل إلي ، وإذا التفت نحوه ، أعرض عني ، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة المسلمين ، مشيتُ حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي ، وأحب الناس إليَّ ، فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ، فقلت : يا أبا قتادة ! أنشدك بالله ، هل تعلمني أُحِبُّ الله ورسوله ﷺ فسكت ، فعدت ، فناشدته فسكت ، فعدت فناشدته ، فقال : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي ، وتولّيتُ حتى تسورت الجدار ، فبينا أنا أمشي بسوق المدينة ، إذا نبطي من أنباط الشام ممن قَدِمَ بالطعام يبيعه بالمدينة يقولُ : مَنْ يدل على كعب بن مالك ، فطفق الناسُ يُشيرون له حتى إذا جاءني ، دفع إلي كتاباً من ملك غسان ، فإذا فيه : أما بعد : فإنه بلغني أن صاحبك ( يقصد رسول الله ﷺ ) قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ، ولا مضيعة ، فالحق بنا نُواسِك ، فَقُلْتُ لما قرأتها وهذا أيضاً من البلاء ، فتيممتُ بها التنور فسجرتُها حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا رسول رسول الله ﷺ يأتيني ، فقال : إن رسول الله ﷺ يَأمُرُك أن تعتزل أمرأتك ، فقلتُ : أطلقها أم ماذا ؟ قال: لا ، ولكن اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك ، فقلتُ لامرأتي : الحقي بأهلك ، فكوني عندهم حتى يَقْضِي الله في هذا الأمر. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ﴾ . يقول الصحابي كعب بن مالك ( أحد المُخلفين الثلاثة ) نهى رسول الله ﷺ المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة مِن بين مَنْ تخلف عنه في غزوة تبوك ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ ، وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي الأرض ، فما هي بالتي أعرِفُ ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي ، فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنتُ أشبَّ القوم وأجلدهم ، فكنتُ أخرج ، فأشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمني أحد ، وأتي رسول الله ﷺ ، فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرّك شفتيه برد السلام عليَّ أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه فأسارقه النظر ، فإذا أقبلتُ على صلاتي ، أقبل إلي ، وإذا التفت نحوه ، أعرض عني ، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة المسلمين ، مشيتُ حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي ، وأحب الناس إليَّ ، فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ، فقلت : يا أبا قتادة ! أنشدك بالله ، هل تعلمني أُحِبُّ الله ورسوله ﷺ فسكت ، فعدت ، فناشدته فسكت ، فعدت فناشدته ، فقال : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي ، وتولّيتُ حتى تسورت الجدار ، فبينا أنا أمشي بسوق المدينة ، إذا نبطي من أنباط الشام ممن قَدِمَ بالطعام يبيعه بالمدينة يقولُ : مَنْ يدل على كعب بن مالك ، فطفق الناسُ يُشيرون له حتى إذا جاءني ، دفع إلي كتاباً من ملك غسان ، فإذا فيه : أما بعد : فإنه بلغني أن صاحبك ( يقصد رسول الله ﷺ ) قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ، ولا مضيعة ، فالحق بنا نُواسِك ، فَقُلْتُ لما قرأتها وهذا أيضاً من البلاء ، فتيممتُ بها التنور فسجرتُها حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا رسول رسول الله ﷺ يأتيني ، فقال : إن رسول الله ﷺ يَأمُرُك أن تعتزل أمرأتك ، فقلتُ : أطلقها أم ماذا ؟ قال: لا ، ولكن اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك ، فقلتُ لامرأتي : الحقي بأهلك ، فكوني عندهم حتى يَقْضِي الله في هذا الأمر. ❝