قدوم وفد عُذرَة على رسول الله ﷺ .. قَدِمَ على رسول... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ قدوم وفد عُذرَة رسول الله ﷺ
قَدِمَ عُذرة صفر سنة تِسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان فقال ( مَن القَوْم ؟ ) متكلمهم : من لا تُنكِرُه نحن بنو إخوة قُصَي لأُمهِ الذين عضدوا قصياً وأزاحوا بطن مكةَ خُزاعة وبني بكر ولنا قراباتٌ وأرحام قال مرحباً بكم وأهلاً ما أعرفني فأسلموا وبشرهم بفتح الشام وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده ونهاهم عن سؤال الكاهنة وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها وأخبرهم أن ليس عليهم إلَّا الأضحية فأقاموا أياماً بدار رملة ثم انصرفوا وقد أُجيزوا كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه
ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ قدوم وفد عُذرَة على رسول الله ﷺ .. قَدِمَ على رسول الله ﷺ وفد عُذرة في صفر سنة تِسع
, اثنا عشر رجلاً
, فيهم جمرة بن النعمان
, فقال رسول الله ﷺ ( مَن القَوْم ؟ )
, فقال متكلمهم : من لا تُنكِرُه
, نحن بنو عُذرة إخوة قُصَي لأُمهِ
, نحن الذين عضدوا قصياً
, وأزاحوا من بطن مكةَ خُزاعة وبني بكر
, ولنا قراباتٌ وأرحام
, قال رسول الله ﷺ ( مرحباً بكم وأهلاً
, ما أعرفني بكم ), فأسلموا وبشرهم رسول الله ﷺ بفتح الشام
, وهرب هرقل إلى ممتنع من بلاده
, ونهاهم رسول الله ﷺ عن سؤال الكاهنة
, وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها
, وأخبرهم أن ليس عليهم إلَّا الأضحية
, فأقاموا أياماً بدار رملة
, ثم انصرفوا وقد أُجيزوا. ❝
كان ﷺ إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم ، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها ( السَّلامُ عَليكُم أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ) ، وكان هديه ﷺ أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت ، من الدعاء والترحم ، والاستغفار ، فَأبَى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به ، والإقسام على الله به وسؤاله الحوائج ، والاستعانة به ، والتوجه إليه ، بعكس هديه ، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت ، وهدي هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت وهم ثلاثة أقسام : إما أن يدعوا الميت ، أو يدعوا به ، أو عنده ، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد ، ومن تأمل هدي رسول الله ﷺ وأصحابه ، تبيَّن له الفرق بين الأمرين وبالله التوفيق ، وكان من هديه ، تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ، ويُقرأ له القرآن ، لا عند قبره ولا غيره ، وكُلُّ هذا بدعة حادثة مكروهة ، وكان من هديه السكون والرضى بقضاء الله ، والحمد الله ، والاسترجاع ، ويبرأ ممن خرَّق لأجل المُصيبة ثيابه ، أو رفع صوته بالندب ، والنياحة ، أو حلق لها شعره ، وكان من هديه ﷺ أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس ، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاماً يُرسلونه إليهم ، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم ، والحمل عن أهل الميت ، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس ، وكان من هديه ، ترك نعي الميت ، بل كان ينهى عنه ، ويقول ( هو من عمل الجاهلية ) ، وقد كرِه حذيفة أن يُعلم به أهله الناس إذا مات وقال : أخاف أن يكون من النعي. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ هديه ﷺ في زيارة القبور
كان ﷺ إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم ، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها ( السَّلامُ عَليكُم أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ) ، وكان هديه ﷺ أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت ، من الدعاء والترحم ، والاستغفار ، فَأبَى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به ، والإقسام على الله به وسؤاله الحوائج ، والاستعانة به ، والتوجه إليه ، بعكس هديه ، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت ، وهدي هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت وهم ثلاثة أقسام : إما أن يدعوا الميت ، أو يدعوا به ، أو عنده ، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد ، ومن تأمل هدي رسول الله ﷺ وأصحابه ، تبيَّن له الفرق بين الأمرين وبالله التوفيق ، وكان من هديه ، تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ، ويُقرأ له القرآن ، لا عند قبره ولا غيره ، وكُلُّ هذا بدعة حادثة مكروهة ، وكان من هديه السكون والرضى بقضاء الله ، والحمد الله ، والاسترجاع ، ويبرأ ممن خرَّق لأجل المُصيبة ثيابه ، أو رفع صوته بالندب ، والنياحة ، أو حلق لها شعره ، وكان من هديه ﷺ أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس ، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاماً يُرسلونه إليهم ، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم ، والحمل عن أهل الميت ، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس ، وكان من هديه ، ترك نعي الميت ، بل كان ينهى عنه ، ويقول ( هو من عمل الجاهلية ) ، وقد كرِه حذيفة أن يُعلم به أهله الناس إذا مات وقال : أخاف أن يكون من النعي . ❝
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ) . ❝
❞ وبعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكَلبي إلى بني المُلوّح بالكَديد ، وأمره أن يُغير عليهم ، قال ابن إسحاق : فحدثني يعقوب بن عتبة ، عن مسلم بن عبد الله الجهني ، عن جندب بن مكيث الجهني ، قال : كنتُ في سريته ، فمضينا حتى إذا كنا بقَدِيد لَقِينَا به الحارث بن مالك بن البَرْصَاء الليثي فأخذناه ، فقال : إنما جئتُ لأسلم ، فقال له غالب بن عبد الله : إن كنتَ إنما جنت لتسلم ، فلا يضرك رباط يوم وليلة ، وإن كنتَ على غير ذلك ، استوثقنا منك ، فأوثقه رباطاً وخلف عليه رويجلا أسود ، وقال له : امكث معه حتي نمر عليك ، فإذا عَازَّك ، فاحتزَّ رأسه ، فمضينا حتى أتينا بطن الحديد ، فنزلناه عشية بعد العصر ، فبعثني أصحابي إليه ، فَعَمَدْتُ إلى تل يُطلعني علي الحاضر ، فانبطحتُ عليه ، وذلك قبل غروب الشمس ، فخرج رجل منهم ، فنظر فرآني منبطحاً على التل ، فقال لامرأته : إني لأرى سواداً على هذا التل ما رأيته في أوَّلِ النهار ، فانظري لا تكونُ الكِلابُ اجترت بعض أوعيتك ، فنظرت ، فقالت : لا والله لا أفقد شيئاً ، قال : فناوليني قوسي وسهمين من نبلي ، فناولته ، فرماني بسهم ، فوضعه في جنبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، ثم رماني بالآخر ، فوضعه في رأس منكبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، فقال لامرأته : أما والله لقد خالطه سهامي ، ولو كان ربيئةً لتحرك ، فإذا أصبحت ، فابتغي سَهْمَيَّ فِخُذيهما لا تمضغهما الكلاب عليَّ ، قال : فأمهلناهم حتى إذا راحت روائحهم واحتلبُوا وسكنوا ، وذهبت عَتَمَةُ الليل ، شننا عليهم الغارة ، فقتلنا من قتلنا ، واستقنا النعم ، فوجهنا قافلين به ، وخرج صريخهم إلى قومهم ، وخرجنا سراعاً حتي نمر بالحارث بن مالك وصاحبه ، فانطلقنا به معنا ، وأتانا صريخ الناس ، فجاءنا ما لا قِبَلَ لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلَّا بطن الوادي مِن قُدَيْدٍ ، أرسل الله عزّ وجَلَّ من حيث شاء سيلاً ، لا والله ما رأينا قبل ذلك مطراً ، فجاء بما لا يقدر أحد يقدَمُ علي ، فلقد رأيتهم وقوفاً ينظرون إلينا ما يَقْدِرُ أحد منهم أن يقدم عليه ، ونحن نحدوها ، فذهبنا سراعاً حتى أسندناها في المُشلَّل ، ثم حدوناها عنه ، فأعجزنا القوم بما في أيدينا. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وبعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكَلبي إلى بني المُلوّح بالكَديد ، وأمره أن يُغير عليهم ، قال ابن إسحاق : فحدثني يعقوب بن عتبة ، عن مسلم بن عبد الله الجهني ، عن جندب بن مكيث الجهني ، قال : كنتُ في سريته ، فمضينا حتى إذا كنا بقَدِيد لَقِينَا به الحارث بن مالك بن البَرْصَاء الليثي فأخذناه ، فقال : إنما جئتُ لأسلم ، فقال له غالب بن عبد الله : إن كنتَ إنما جنت لتسلم ، فلا يضرك رباط يوم وليلة ، وإن كنتَ على غير ذلك ، استوثقنا منك ، فأوثقه رباطاً وخلف عليه رويجلا أسود ، وقال له : امكث معه حتي نمر عليك ، فإذا عَازَّك ، فاحتزَّ رأسه ، فمضينا حتى أتينا بطن الحديد ، فنزلناه عشية بعد العصر ، فبعثني أصحابي إليه ، فَعَمَدْتُ إلى تل يُطلعني علي الحاضر ، فانبطحتُ عليه ، وذلك قبل غروب الشمس ، فخرج رجل منهم ، فنظر فرآني منبطحاً على التل ، فقال لامرأته : إني لأرى سواداً على هذا التل ما رأيته في أوَّلِ النهار ، فانظري لا تكونُ الكِلابُ اجترت بعض أوعيتك ، فنظرت ، فقالت : لا والله لا أفقد شيئاً ، قال : فناوليني قوسي وسهمين من نبلي ، فناولته ، فرماني بسهم ، فوضعه في جنبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، ثم رماني بالآخر ، فوضعه في رأس منكبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، فقال لامرأته : أما والله لقد خالطه سهامي ، ولو كان ربيئةً لتحرك ، فإذا أصبحت ، فابتغي سَهْمَيَّ فِخُذيهما لا تمضغهما الكلاب عليَّ ، قال : فأمهلناهم حتى إذا راحت روائحهم واحتلبُوا وسكنوا ، وذهبت عَتَمَةُ الليل ، شننا عليهم الغارة ، فقتلنا من قتلنا ، واستقنا النعم ، فوجهنا قافلين به ، وخرج صريخهم إلى قومهم ، وخرجنا سراعاً حتي نمر بالحارث بن مالك وصاحبه ، فانطلقنا به معنا ، وأتانا صريخ الناس ، فجاءنا ما لا قِبَلَ لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلَّا بطن الوادي مِن قُدَيْدٍ ، أرسل الله عزّ وجَلَّ من حيث شاء سيلاً ، لا والله ما رأينا قبل ذلك مطراً ، فجاء بما لا يقدر أحد يقدَمُ علي ، فلقد رأيتهم وقوفاً ينظرون إلينا ما يَقْدِرُ أحد منهم أن يقدم عليه ، ونحن نحدوها ، فذهبنا سراعاً حتى أسندناها في المُشلَّل ، ثم حدوناها عنه ، فأعجزنا القوم بما في أيدينا . ❝