█ كانت ملامح وجهه غير واضحة بسبب الدماء لكنني ميزت شقاً صغيراً رأسه يتدفق منه الدم صاح أحدهم: (يجب إنقاذه انه يموت؟) فكرت بعائلته بنجاته تألمت لمنظره لكن ما أصابني بالفزع هو تدافع أولئك الصغار (اقزام! هذا!) تساءلت وأنا أراهم يفرّون كمن أُطلق صراحه بعفو عام دنوت تحملت الناس لم أكن حلم حتى أنني صفعت وجهي رأيتهم يتساقطون من بعضهم يرتدي قلنسوات طرابيش عمائم ملابس رثة مثل التي ترتديها أنت الآن نساء ورجال وصبية صحت يا إلهي ذُهلت يتفرقون مًسرعين بين أرجل اختفوا جحور أو ربما شقوق جدران كتاب اتجاه الجنوب البعيد مجاناً PDF اونلاين 2024 مجموعة قصصية جديدة للقصصي والروائي نبيل جميل مغزولة بقلم محترف ينسج خيوط ابداعه كل كلمة وكل عبارة قصة لتخرج المجموعة كلها ثوب مطرز بإتقان وحرفية بديعة
❞ بعد عشرين عاماً أمضاها في الغربة، رجع إلى قريتهِ (كوت ثويني)، حاملاً حقيبة متخمة بمؤلفاته الشعرية والقصصية. كان يوماً قائظاً من شهر حزيران، حين نزل من سيارة الأجرة في منتصف الطريق المعبّد، توقف لحظة قبل أن ينعطف يميناً، ليجوس بخطاه الشارع الترابي، الذي يتحوّل أثناء المطر إلى مادة صمغية تنزع الأحذية من الأقدام. أستنشق غبار حافات ذكرياته الأليمة.. (التمرّد على المجتمع والزمن)؛ غمغم مع نفسه وهو يحوّل الحقيبة من يده اليمنى إلى اليسرى، رَسمَ في مخيلته صوراً جميلة لاستقبال ذويه: (أختاي لابدّ إنهما تزوّجتا وأنجبتا الأطفال). أشرقت ابتسامة على محيّاه، شعر بشيء من الودّ، جعله يعجّل بخطواته في اجتياز جذوع النخيل المرصوفة فوق جداول الحياة، مراوغاً ظلال الاشتياق، المتطايرة فوق غبار أعوامه الخمسين . ❝
❞ ركّز ناظريه عل الصبي، ثم حك رأسه، بعد أن أغمض عينيه (لا، مستحيل)؛ تمتم مع نفسه (أيكون أحدهم؟)، حاول أن يمد يده الى صحن السلطة، لكنه أوقفها، عاود النظر الى الصبي ( تُرى أين رأيته من قبل؟) تساءل، استل سيجارة وأنبتها في فمه، لم يُشعلها، لثوان سرح بفكره، دعك السيجارة ورماها وباندهاش قال: ( ربما هو أحد الفارين من جمجمة ذاك الرجل) . ❝