📘 ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس ❝ كتاب ــ ابن الأثير اصدار 2012

كتب التاريخ الإسلامي - 📖 كتاب ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس ❝ ــ ابن الأثير 📖

█ _ ابن الأثير 2012 حصريا كتاب ❞ الكامل التاريخ تاريخ الجزء الخامس ❝ عن دار الكتاب العربي 2024 الخامس: نبذة : كتاب من تأليف عز الدين أبي الحسن علي بن الكرم محمد عبد الكريم الواحد الشيباني المعروف بابن الجزري صحح أصوله الوهاب النجار بالقاهرة إدارة الطباعة المنيرية عام 1357 هـ 1938م وصف الكتاب تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينها بدأه منذ أول الزمان إلى آخر سنة ثمان عشرين وستمائة وضح منهجه بقوله : (ذكرت كل لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها شيء فإنني أفردت لجميعها واحدة فأقول ذكر عدة حوادث وإذا ذكرت بعض نبغ وملك قطراً البلاد ولم تطل أيامه فإني أذكر جميع حاله أوله آخره عند ابتداء أمره لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به وذكرت توفي فيها مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء مقدمة الكتاب فإني أزل محبّاً لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما مؤثراً للاطلاع الجليّ حوادثها وخافيها مائلاً المعارف والآداب والتجارب المودعة مطاويها فلمّا تأمّلتها رأيتها متباينةً تحصيل الغرض يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل العرض فمن بين مطوّل قد استقصى الطرق والروايات ومختصر أخلّ بكثير ممّا هو آت ومع ذلك فقد ترك كلّهم العظيم الحادثات والمشهور الكائنات وسوّد كثيرٌ منهم الأوراق بصغائر الأمور الإعراض عنها أولى وترك تسطيرها أحرى كقولهم خلع فلان الذميّ صاحب العيار وزاد رطلاً الأسعار وأكرم وأهين وقد أرّخ كلّ زمانه وجاء بعده ذيل عليه وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه والشرقيّ بذكر أخبار الغرب والغربيّ أهمل أحوال الشرق؛ فكان الطالب أراد أن يطالع تاريخاً متصلاً وقته يحتاج مجلدات كثيرة وكتب متعددّة مع الإخلال والإملال رأيتُ الأمر كذلك شرعتُ بينهما ليكون تذكرةً لي أراجعه خوف النسيان وآتي فيه بالحوادث والكائنات أوّل متتابعةً يتلو بعضها بعضاً وقتنا هذا ولا أقولُ إني أتيتُ المتعلّقة بالتاريخ فإنّ بالموصل بدّ يشذّ عنه بأقصي ولكن أقول إنني جمعت كتابي يجتمع واحد ومن تأمّله علم صحّة فابتدأت الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ المعوّل الكافة والمرجوعُ الاختلاف فأخذت تراجمه زخلّ بترجمة أكثر روايات ذوات عدد رواية مثل قبلها أو أقل وربّما زاد الشيء اليسير نقصه فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها وأضفت إليها غيرها ليس وأودعت مكانه فجاء تلك الحادثة اختلاف طرقها سياقاً واحداً تراه فرغتُ منه وأخذتُ غيره المشهورة فطالعتها نقلته ووضعتُ موضعه إلاّ يتعلّق بما جري أصحاب رسول الله Mohamed peace be upon him svg أضف نقله شيئاً زيادةُ بيان اسم إنسان يطعن أحد وإنّما اعتمدت علهي المؤرخين المتقنُ حقّاً الجامع علماً وصحّة اعتقاده وصدقاً أني أنقل المذكورة والكتب ممّن يُعلم بصدقهم فيما نقلوه دوّنوه أكن كالخابط ظلماء الليالي كمن يجمع الحصباءواللآلي ورأيتهم أيضاً يذكرون الواحدة سنين ويذكرون شهر أشياء فتأتي الحادثةُ مقطّعة يحصل غرض تُفهم إمعان النظر فجمعت أنا موضع أيّ كانت فأتت متناسقة متتابعة أخذ برقاب لكلّ تخصّها فأمّا أفردتُ ترجمةً واحدةً فأقول: أيّامه أوّله لأنّه توفّي وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة الخط المختلفة اللّفظ الواردة بالحروف ضبطاً يزيل الإشكال ويُغني الأنقاط والأشكال فلما جمعتُ أكثره أعرضتُ مدّةً طويلة لحوادث تجددت وقواطع توالت وتعدّدت ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت ثمّ إن نفراً إخواني وذوي والفضائل خُلاّني ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري وأعدّهم أماثل مُجالسيّ وسمّاري رغبوا إليّ يسمعوه مني ليرووه عني؛ فاعتذرتُ بالأعراض وعدم الفراغ أعاود مطالعة مسوَّدته أصلح غلط وسهو اسقطت إسقاط ومحو وطالت المراجعة وهم للطلب ملازمون وعن مُعرضون وشرعوا سماعه قبل إتمامه وإصلاحه وإثبات تمسّ الحاجة وحذف اطراحه والعزمُ فاتر والعجز ظاهر للاشتغال لعدم المعين والمظاهر؛ ولهموم ونوائب تتابعت فأنا ملازم الإهما والتواني فلا أقول: لأسير سير الشواني فبينما برز أمرُ طاعته فرض واجب واتّباع حكم لازب أعلاق الفضل بإقباله عليها نافقة وأرواح الجهل بإعراضه أحيا المكارم وكانت أمواتاً وأعادها خلقاً جديداً رفاتاً؛ عمّ رعيّته عدله ونواله وشملهم إحسانه وإفضاله مولانا مالك الملك الرحيم العالم المؤيّد المنصور المظفر بدر ركن الإسلام والمسلمين محي العدل العالمين خلَد دولته فحينئذ ألقيت عني جلباب المهل وأبطلت رداء الكسل وألقيت الدواة وأصلحت القلم وقلت: زوان الشدّ فاشتدي زيم وجعلت أهم مطلب اللّه أمراً هيّأ له السبب وشرعت مسابقاً العجب السكّيت يروم يجيء سابقاً ونصبت نفسي غرضاً للسهام وجعلتها مظنّة لأقوال اللّوام لأن المآخذ تتطرّق التصنيف المهذّب والاستدراكات تتعلّق بالمجموع المرتَّب تكرّرت مطالعته وتنقيحه وأجيد تأليفه وتصحيحه فهي بغيره وبه أنّي مقرّ بالتقصير الغلط سهو جرى بل أعترف بأن أجهل أعلم سمّيته اسماً يناسب معناه وهو: ولقد رأيت جماعة يدّعي والدراية ويظنّ بنفسه التبحّر العلم والرواية يحتقر ويزدريها ويعرض ويلغيها ظنّاً غاية فائدتها إنّما القصص والأخبار ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار وهذه حال اقتصر القشر دون اللبّ فنظره وأصبح مخشلباً جوهره رزقه طبعاً سليماً وهداه صراطاً مستقيماً أنّ فوائدها ومنافعها الدنيويّة والأخرويّة جمّة غزيرة وها نحن نذكر ظهر لنا ونكل قريحة الناظر معرفة باقيها فزمّا فمنها: الإنسان يخفى أنّه يحبّ البقاء ويؤثرُ يكون زمرة الأحياء فيا ليت شعري فرق رآه أمس سمعه وبين قرأه الكتب المتضمنة الماضين وحوادث المتقدمين؟ فإذا طالعها فكأنّه عاصرهم علمها حاضرهم ومنها: الملوك إليهم والنهي وقفوا سيرة أهل الجور والعدوان ورأها مدوّنةً يتناقلها الناس فيرويها خلف سلف ونظروا أعقبت سوء الذكر وقبيح الأحدوثة وخراب وهلاك العباد وذهاب الأموال وفساد الأحوال استقبحوها وأعرضوا واطَّرحوها رأوا الولاة العادلين وحسنها يتبعهم الجميل ذهابهم وأنّ بلادهم وممالكهم عمرت وأموالهم درّت استحسنوا ورغبوا وثابروا وتركوا يُنافيه سوى لهم الآراء الصائبة دفعوا مضرات الأعداء وخلصوا المهالك واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك ولو يكن غير لكفى فخراً ومنها للإنسان التجارب والمعرفة تصير عواقبها فإنّه يحدث أمر تقدّم نظيره الإسلامي مجاناً PDF اونلاين يمتد فترة زمنية تغطي معظم العصور الوسيطة مساحة جغرافية واسعة تمتد حدود الصين آسيا غرب وشمال أفريقيا وصولا الأندلس ويمكن اعتبار بداية الدعوة الإسلامية نزول الوحي النبي ثم تأسيس الدولة بالمدينة المنورة مرورا بالدولة الأموية دمشق امتدت حتى جبال البرانس شمال العباسية تضمنته هذه الدول إمارات وسلطنات ودول

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس
كتاب

الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس

ــ ابن الأثير

صدر 2012م عن دار الكتاب العربي
الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس
كتاب

الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس

ــ ابن الأثير

صدر 2012م عن دار الكتاب العربي
حول
ابن الأثير ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
دار الكتاب العربي 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس:
نبذة عن الكتاب :

كتاب الكامل في التاريخ من تأليف عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري. صحح أصوله عبد الوهاب النجار بالقاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، عام 1357 هـ / 1938م.
وصف الكتاب
تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب، وما بينها، بدأه منذ أول الزمان إلى آخر سنة ثمان عشرين وستمائة، وضح منهجه بقوله : (ذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها، فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة فأقول : ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد، ولم تطل أيامه، فإني أذكر جميع حاله من أوله إلى آخره عند ابتداء أمره، لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به، وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء، والأعيان، والفضلاء.

مقدمة الكتاب
فإني لم أزل محبّاً لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها، مؤثراً للاطلاع على الجليّ من حوادثها وخافيها، مائلاً إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها، فلمّا تأمّلتها رأيتها متباينةً في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض، فمن بين مطوّل قد استقصى الطرق والروايات، ومختصر قد أخلّ بكثير ممّا هو آت، ومع ذلك فقد ترك كلّهم العظيم من الحادثات، والمشهور من الكائنات، وسوّد كثيرٌ منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى، وترك تسطيرها أحرى، كقولهم خلع فلان الذميّ صاحب العيار، وزاد رطلاً في الأسعار، وأكرم فلان، وأهين فلان، وقد أرّخ كلّ منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيل عليه، وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه، والشرقيّ منهم قد أخلّ بذكر أخبار الغرب، والغربيّ قد أهمل أحوال الشرق؛ فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً متصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددّة مع ما فيها من الإخلال والإملال. فلمّا رأيتُ الأمر كذلك شرعتُ في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، ليكون تذكرةً لي أراجعه خوف النسيان، وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أوّل الزمان، متتابعةً يتلو بعضها بعضاً إلى وقتنا هذا. ولا أقولُ إني أتيتُ على جميع الحوادث المتعلّقة بالتاريخ، فإنّ من هو بالموصل لا بدّ أن يشذّ عنه ما هو بأقصي الشرق والغرب، ولكن أقول إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمّله علم صحّة ذلك. فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافة عليه، والمرجوعُ عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم زخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها، وربّما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعت كل شيء مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقاً واحداً على ما تراه. فلمّا فرغتُ منه وأخذتُ غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعتُ كلّ شيء منها موضعه، إلاّ ما يتعلّق بما جري بين أصحاب رسول الله، Mohamed peace be upon him.svg ، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً، إلاّ ما فيه زيادةُ بيان، أو اسم إنسان، أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله، وإنّما اعتمدت علهي من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقنُ حقّاً، الجامع علماً وصحّة اعتقاده وصدقاً. على أني لم أنقل إلاّ من التواريخ المذكورة، والكتب المشهورة، ممّن يُعلم بصدقهم فيما نقلوه، وصحّة ما دوّنوه، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي، ولا كمن يجمع الحصباءواللآلي. ورأيتهم أيضاً يذكرون الحادثة الواحدة في سنين، ويذكرون منها في كلّ شهر أشياء، فتأتي الحادثةُ مقطّعة لا يحصل منها على غرض، ولا تُفهم إلاّ بعد إمعان النظر، فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد وذكرت كلّ شيء منها في أيّ شهر أو سنة كانت، فأتت متناسقة متتابعة، قد أخذ بعضها برقاب بعض. وذكرت في كلّ سنة لكلّ حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصّها، فأمّا الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كلّ شيء ترجمة فإني أفردتُ لجميعها ترجمةً واحدةً في آخر كلّ سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد ولم تطل أيّامه فإني أذكر جميع حاله من أوّله إلى آخره، عند ابتداء أمره، لأنّه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به. وذكرت في آخر كلّ سنة من توفّي فيها من مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء، وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة في الخط المختلفة في اللّفظ الواردة فيه بالحروف ضبطاً يزيل الإشكال، ويُغني عن الأنقاط والأشكال. فلما جمعتُ أكثره أعرضتُ عنه مدّةً طويلة لحوادث تجددت، وقواطع توالت وتعدّدت، ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت. ثمّ إن نفراً من إخواني، وذوي المعارف والفضائل من خُلاّني، ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري، وأعدّهم من أماثل مُجالسيّ وسمّاري، رغبوا إليّ في أن يسمعوه مني، ليرووه عني؛ فاعتذرتُ بالأعراض عنه وعدم الفراغ منه، فإنني لم أعاود مطالعة مسوَّدته ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو، ولا اسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو، وطالت المراجعة مدّةً وهم للطلب ملازمون، وعن الإعراض مُعرضون، وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه، وإثبات ما تمسّ الحاجة إليه وحذف ما لا بدّ من اطراحه، والعزمُ على إتمامه فاتر، والعجز ظاهر، للاشتغال بما لا بدّ منه، لعدم المعين والمظاهر؛ ولهموم توالت، ونوائب تتابعت، فأنا ملازم الإهما والتواني، فلا أقول: إني لأسير إليه سير الشواني. فبينما الأمر كذلك إذ برز أمرُ من طاعته فرض واجب، واتّباع أمره حكم لازب، من أعلاق الفضل بإقباله عليها نافقة، وأرواح الجهل بإعراضه عنها نافقة، من أحيا المكارم وكانت أمواتاً، وأعادها خلقاً جديداً بعد أن كانت رفاتاً؛ من عمّ رعيّته عدله ونواله، وشملهم إحسانه وإفضاله، مولانا مالك الملك الرحيم، العالم المؤيّد، المنصور، المظفر بدر الدين، ركن الإسلام والمسلمين، محي العدل في العالمين، خلَد الله دولته. فحينئذ ألقيت عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل، وألقيت الدواة وأصلحت القلم، وقلت: هذا زوان الشدّ فاشتدي زيم، وجعلت الفراغ أهم مطلب، وإذا أراد اللّه أمراً هيّأ له السبب، وشرعت في إتمامه مسابقاً، ومن العجب أن السكّيت يروم أن يجيء سابقاً، ونصبت نفسي غرضاً للسهام، وجعلتها مظنّة لأقوال اللّوام، لأن المآخذ إذا كانت تتطرّق إلى التصنيف المهذّب، والاستدراكات تتعلّق بالمجموع المرتَّب، الذي تكرّرت مطالعته وتنقيحه، وأجيد تأليفه وتصحيحه، فهي بغيره أولى، وبه أحرى، على أنّي مقرّ بالتقصير، فلا أقول إن الغلط سهو جرى به القلم، بل أعترف بأن ما أجهل أكثر ممّا أعلم. وقد سمّيته اسماً يناسب معناه، وهو: الكامل في التاريخ. ولقد رأيت جماعة ممّن يدّعي المعرفة والدراية، ويظنّ بنفسه التبحّر في العلم والرواية، يحتقر التواريخ ويزدريها، ويعرض عنها ويلغيها، ظنّاً منه أن غاية فائدتها إنّما هو القصص والأخبار، ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار، وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللبّ فنظره، وأصبح مخشلباً جوهره، ومن رزقه اللّه طبعاً سليماً، وهداه صراطاً مستقيماً، علم أنّ فوائدها كثيرة، ومنافعها الدنيويّة والأخرويّة جمّة غزيرة، وها نحن نذكر شيئاً ممّا ظهر لنا فيها، ونكل إلى قريحة الناظر فيه معرفة باقيها. فزمّا فوائدها الدنيويّة فمنها: أنّ الإنسان لا يخفى أنّه يحبّ البقاء، ويؤثرُ أن يكون في زمرة الأحياء، فيا ليت شعري أيّ فرق بين ما رآه أمس أو سمعه، وبين ما قرأه في الكتب المتضمنة أخبار الماضين وحوادث المتقدمين؟ فإذا طالعها فكأنّه عاصرهم، وإذا علمها فكأنّه حاضرهم. ومنها: أن الملوك ومن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ورأها مدوّنةً في الكتب يتناقلها الناس، فيرويها خلف عن سلف، ونظروا إلى ما أعقبت من سوء الذكر، وقبيح الأحدوثة، وخراب البلاد، وهلاك العباد، وذهاب الأموال، وفساد الأحوال، استقبحوها، وأعرضوا عنها واطَّرحوها، وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها، وما يتبعهم من الذكر الجميل بعد ذهابهم، وأنّ بلادهم وممالكهم عمرت، وأموالهم درّت، استحسنوا ذلك ورغبوا فيه، وثابروا عليه وتركوا ما يُنافيه، هذا سوى ما يحصل لهم من معرفة الآراء الصائبة التي دفعوا بها مضرات الأعداء، وخلصوا بها من المهالك، واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك، ولو لم يكن فيها غير هذا لكفى به فخراً. ومنها ما يحصل للإنسان من التجارب والمعرفة بالحوادث وما تصير إليه عواقبها، فإنّه لا يحدث أمر إلاّ قد تقدّم هو أو نظيره.
الترتيب:

#1K

0 مشاهدة هذا اليوم

#20K

24 مشاهدة هذا الشهر

#74K

3K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 608.