❞ -ماذا فعلت بنفسك ؟
- أردت أن أقتل نفسي لأستريح.
- ومن أين لك العلم بأنك سوف تستريح، أعلمت بما ينتظرك
بعد الموت؟
-إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا.
-هذا ظنك.. ولا يقتل الناس أنفسهم بالظن.
- وماذا كنت أستطيع أن أفعل.. وماذا بقي لى ؟
- أن تصبر وتنتظر أمرنا
- صبرت
- تصبر يوما آخر إلى غد.
- سيكون غدا مشئوما مثل سالفه.
كيف علمت.. هل أنت الذي خلقت الأيام.. هل أنت الذي خلقت
-نفسك؟
-لا
- فكيف تحكم على ما لا تعلم وكيف تتصرف فيما لا تملك
-هذا عمري وقد ضقت به.
- أتعلم ماذا نخفي لك غدا؟
- لا.
- إذن فهو ليس عمرك.
- لا أريد أن أعيش.. خلوا بيني وبين الموت.. دعوني.. ارحمونی
- لو تركناك فما رحمناك.. إنما نحول بينك وبين رغبتك رحمة
وفضلا ولو تخلينا عنك لهلكت.
- يا مرحبا بالهلاك.. ما أريد إلا الهلاك.. يا أهلا بالهلاك.
- لن يكون الهلاك رقدة مطمئنة تحت التراب كما تتصور.
- أريد أن أخرج مما أنا فيه وكفی.
-ولو إلى النار
-وهل هناك نار غير هذه؟
اتصورت أنه لا وجود، إلا ما يقع تحت حسك من جنة ونار
أظننت أنه لا جنة ونار إلا نعيمكم وعذابكم.. أظننتنا فقراء
لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالم.. أتصورت أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي وليس عند رب العالمين غير هذه الكرة
الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء.. بئس ما خيل لك
بصرك الضرير عن فقرنا.
- ضقت ذرعا مما أنا فيه.. انسدت أمامي المسالك.. انطبقت
السماء على الأرض.. اختنقت.. . أريد الخروج.. أريد الخروج.
- ألا تصبر لحظات أخرى.. أترفض عطيتنا في الغد قبل أن
تراها؟
- رأيت منها ما يكفيني.
- هذا رفض لنا ويأس منا واتهام لحكمتنا وسوء ظن بتدبيرنا
وانتقاص لملكنا.. بئس ما قررت لنفسك.. اذهب.. رفضناك
كما رفضتنا وحرمناك ما حرمت نفسك.. خلوا بينه وبين الموت..
وفي تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش.. ومات في
هذه المحاولة الرابعة.. وفشلت كل الإسعافات في إنقاذه.
وجاء الغد..
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج
جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه.
ولكنه كان قد ذهب لم ينتظر العطية
ظلم المعطى والعطية وظلم نفسه وظلم الغد ااذى لم يره واتهم الرحيم فى رحمته وأنكر على المدبر تدبيره.
وخرج إلى حيث لا رحمة .. ولا .. عودة.
. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞
- ماذا فعلت بنفسك ؟
- أردت أن أقتل نفسي لأستريح.
- ومن أين لك العلم بأنك سوف تستريح، أعلمت بما ينتظرك
بعد الموت؟
- إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا.
- هذا ظنك. ولا يقتل الناس أنفسهم بالظن.
- وماذا كنت أستطيع أن أفعل. وماذا بقي لى ؟
- أن تصبر وتنتظر أمرنا
- صبرت
- تصبر يوما آخر إلى غد.
- سيكون غدا مشئوما مثل سالفه.
كيف علمت. هل أنت الذي خلقت الأيام. هل أنت الذي خلقت
- نفسك؟
- لا
- فكيف تحكم على ما لا تعلم وكيف تتصرف فيما لا تملك
- هذا عمري وقد ضقت به.
- أتعلم ماذا نخفي لك غدا؟
- لا.
- إذن فهو ليس عمرك.
- لا أريد أن أعيش. خلوا بيني وبين الموت. دعوني. ارحمونی
- لو تركناك فما رحمناك. إنما نحول بينك وبين رغبتك رحمة
وفضلا ولو تخلينا عنك لهلكت.
- يا مرحبا بالهلاك. ما أريد إلا الهلاك. يا أهلا بالهلاك.
- لن يكون الهلاك رقدة مطمئنة تحت التراب كما تتصور.
- أريد أن أخرج مما أنا فيه وكفی.
- ولو إلى النار
- وهل هناك نار غير هذه؟
اتصورت أنه لا وجود، إلا ما يقع تحت حسك من جنة ونار
أظننت أنه لا جنة ونار إلا نعيمكم وعذابكم. أظننتنا فقراء
لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالم. أتصورت أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي وليس عند رب العالمين غير هذه الكرة
الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء. بئس ما خيل لك
بصرك الضرير عن فقرنا.
- ضقت ذرعا مما أنا فيه. انسدت أمامي المسالك. انطبقت
السماء على الأرض. اختنقت. . أريد الخروج. أريد الخروج.
- ألا تصبر لحظات أخرى. أترفض عطيتنا في الغد قبل أن
تراها؟
- رأيت منها ما يكفيني.
- هذا رفض لنا ويأس منا واتهام لحكمتنا وسوء ظن بتدبيرنا
وانتقاص لملكنا. بئس ما قررت لنفسك. اذهب. رفضناك
كما رفضتنا وحرمناك ما حرمت نفسك. خلوا بينه وبين الموت.
وفي تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش. ومات في
هذه المحاولة الرابعة. وفشلت كل الإسعافات في إنقاذه.
وجاء الغد.
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج
جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه.
ولكنه كان قد ذهب لم ينتظر العطية
ظلم المعطى والعطية وظلم نفسه وظلم الغد ااذى لم يره واتهم الرحيم فى رحمته وأنكر على المدبر تدبيره.
وخرج إلى حيث لا رحمة . ولا . عودة. ❝
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ . و كان الهواء راكداً ثقيلاً . و كل شيء راكد ثقيل . و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم .
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج .
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً . و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها . أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء . يتنقل من طبيب إلى طبيب . و من دواء إلى دواء . و من مُخدِر إلى مخدر . و من أمل إلى أمل . ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده . و فِراش بارد . و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها . تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي . أحبك . لا أستطيع أن أحيا بدونك . و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر . و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش .
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب . و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي . ثم ينفد الصبر . و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة . أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً . فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه . و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج . و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج . و هُم يحكون في ذهول .
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته . أما هو فلم يُصَب بخدش .
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل . إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف . و أسعفوه .
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد . إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة .
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً . و أنقذوه .
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة . قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت . و سقط مغشياً عليه .
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح . أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك . و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل . و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا .
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت . هل أنت الذي خلقت الأيام . هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش . خلوا بيني و بين الموت . دعوني . ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك . إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك . ما أريد إلا الهلاك . يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار . أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم . أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم . أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي . و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء . ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه . إنسدت أمامي المسالك . إنطبقت السماء على الأرض . إختنقْت . أريد الخروج . أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى . أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا . بئس ما قررت لنفسك . إذهب . رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك . خَلّوا بينه و بين الموت .
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش . و مات في هذه المحاولة الرابعة . و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
.
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ انتهزت الفرصة ، عندما استغرق في نومه .. وهو حينما ينام .. لا يقلقه أى شيء يحدث من صخب أو ضجيج .. وحتى ولو انفجرت الدنيا !!، فتسللت من الحجرة بعد أن ارتدت ملابسها .. ووضعت قليلا من ملابسها في (كيس بلاستيك ) .. وغادرت المنزل .. لا تعرف إلى أين تذهب ؟ فهي إن ذهبت إلى أهلها فسوف يعيدونها إليه لتدور في دائرة العذاب المستمر !!
كان حظها حين وقفت أمامها سيدة عجوز استلفت بكاؤها انتباهها .. سألتها لماذا تبكي وتقف وحدها في هذا الوقت المتأخر ؟!
استمرت ببكاؤها ، ضمتها السيدة إلى صدرها .. تهديء من روعها .. من بين دموعها ونحيبها .. خرجت كلمات متقطعة ..لا أحد لي .. يا خالتي !! .. وحياتي عذاب مستمر .. ولا أدري إلى من ألجأ !!.. طمأنتها السيدة .. وأمسكت بيدها ..
قائلة : تعالي معي يا إبنتي .. واعتبريني أمك .. وإن شاء الله ستفرج ويزول كربك !
مضت معها وقد اطمأنت لها .. قضت معها أياما .. حكت لها حكايتها .. والسيدة العجوز توليها كل رعاية .. في أحد الأيام .. جاء ابن السيدة الذي كان مسافرا في عمل .. أحست في نظراته بالشهوة .. فعملت على الابتعاد عنه .. والبقاء في حجرة والدته التي تشاركها فيها .. وتغلق بابها جيدا عند خلودها مع أمه للنوم .. خاصة وأنه قد تحرش بها عدة مرات .. ولما وجدت منه اصرارا على النيل منها .. خرجت من البيت فجرا لتعود للشارع مرة أخرى ، تراها فتاة في مثل عمرها .. تتجه إليها وقد امتلأ وجهها بالمكياج المفرط .. وارتدت ثوبا مثيرا .. تسألها في مجون : إلى أين يا جميل ؟! .. لا ترد .. تعيد سؤالها ثم توقفها ، فترى الدموع في عينيها .. تطلب منها الذهاب معها إلى البيت .. و \" الصباح رباح \"
لم تجد (نور) بدا من الذهاب معها .. فإلى أين تذهب في هذا الوقت وإلى من ؟!
تكتشف (نور) أن الفتاة من فتيات الليل .. وقد يكون مصيرها مثلها .. فماذا تفعل ..لقد ضاقت بالدنيا وضاقت الدنيا بها .. فلتضع حدا لذلك !! تخرج من حقيبتها زجاجة حبوب منومة ، تتناول كل ما فيها ..
تدخل (فتاة الليل ) الحجرة تحمل طعاما لها .. تنادي عليها فلا ترد .. وصفرة تعلو وجهها وعرق غزير يتصبب منها .. تولول .. وتصرخ .. يأتي الجيران على صراخها . فيرون ما حدث .. يحملون (نور) إلى المستشفى .. وهناك كان ( أحمد) .. حبيبها .. هو الطبيب المقيم هذه الليلة .. يأتي لفحص الحالة .. يٌصعق عندما يراها ويجري لها الإسعافات اللازمة .. ويتم عمل غسيل معدة ، وينقلها إلى العناية المركزة ويتابعها .. التنفس منتظم .. والقلب يعمل لكن نبضاته ضعيفة ..
مضى يومان .. تفتح عينيها فترى (أحمد) بجانبها تدير وجهها .. تسمعه : \" حمدا لله على سلامتك \" يقولها بحب وإخلاص .. تبكي و تروي له كل ما حدث معها ، تلتفت إليه .. يطمئنها .. يقبل يدها ورأسها ، يبلغها بأنه فسخ خطبته لابنة عمه .. بعد شهر من إعلانها .. فهو لم يستطع وهب قلبه لغيرها .
بعد أن استعادة صحتها .. صحبها إلى بيت أسرتها .. وافق زوجها على طلاقها خشية الفضيحة !!
بعد انقضاء عدتها .. تزوجها (أحمد) بالرغم من معارضة أهله الشديدة .. وانطلق معها إلى حياة جديدة !. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ انتهزت الفرصة ، عندما استغرق في نومه . وهو حينما ينام . لا يقلقه أى شيء يحدث من صخب أو ضجيج . وحتى ولو انفجرت الدنيا !!، فتسللت من الحجرة بعد أن ارتدت ملابسها . ووضعت قليلا من ملابسها في (كيس بلاستيك ) . وغادرت المنزل . لا تعرف إلى أين تذهب ؟ فهي إن ذهبت إلى أهلها فسوف يعيدونها إليه لتدور في دائرة العذاب المستمر !!
كان حظها حين وقفت أمامها سيدة عجوز استلفت بكاؤها انتباهها . سألتها لماذا تبكي وتقف وحدها في هذا الوقت المتأخر ؟!
استمرت ببكاؤها ، ضمتها السيدة إلى صدرها . تهديء من روعها . من بين دموعها ونحيبها . خرجت كلمات متقطعة .لا أحد لي . يا خالتي !! . وحياتي عذاب مستمر . ولا أدري إلى من ألجأ !!. طمأنتها السيدة . وأمسكت بيدها .
قائلة : تعالي معي يا إبنتي . واعتبريني أمك . وإن شاء الله ستفرج ويزول كربك !
مضت معها وقد اطمأنت لها . قضت معها أياما . حكت لها حكايتها . والسيدة العجوز توليها كل رعاية . في أحد الأيام . جاء ابن السيدة الذي كان مسافرا في عمل . أحست في نظراته بالشهوة . فعملت على الابتعاد عنه . والبقاء في حجرة والدته التي تشاركها فيها . وتغلق بابها جيدا عند خلودها مع أمه للنوم . خاصة وأنه قد تحرش بها عدة مرات . ولما وجدت منه اصرارا على النيل منها . خرجت من البيت فجرا لتعود للشارع مرة أخرى ، تراها فتاة في مثل عمرها . تتجه إليها وقد امتلأ وجهها بالمكياج المفرط . وارتدت ثوبا مثيرا . تسألها في مجون : إلى أين يا جميل ؟! . لا ترد . تعيد سؤالها ثم توقفها ، فترى الدموع في عينيها . تطلب منها الذهاب معها إلى البيت . و ˝ الصباح رباح ˝
لم تجد (نور) بدا من الذهاب معها . فإلى أين تذهب في هذا الوقت وإلى من ؟!
تكتشف (نور) أن الفتاة من فتيات الليل . وقد يكون مصيرها مثلها . فماذا تفعل .لقد ضاقت بالدنيا وضاقت الدنيا بها . فلتضع حدا لذلك !! تخرج من حقيبتها زجاجة حبوب منومة ، تتناول كل ما فيها .
تدخل (فتاة الليل ) الحجرة تحمل طعاما لها . تنادي عليها فلا ترد . وصفرة تعلو وجهها وعرق غزير يتصبب منها . تولول . وتصرخ . يأتي الجيران على صراخها . فيرون ما حدث . يحملون (نور) إلى المستشفى . وهناك كان ( أحمد) . حبيبها . هو الطبيب المقيم هذه الليلة . يأتي لفحص الحالة . يٌصعق عندما يراها ويجري لها الإسعافات اللازمة . ويتم عمل غسيل معدة ، وينقلها إلى العناية المركزة ويتابعها . التنفس منتظم . والقلب يعمل لكن نبضاته ضعيفة .
مضى يومان . تفتح عينيها فترى (أحمد) بجانبها تدير وجهها . تسمعه : ˝ حمدا لله على سلامتك ˝ يقولها بحب وإخلاص . تبكي و تروي له كل ما حدث معها ، تلتفت إليه . يطمئنها . يقبل يدها ورأسها ، يبلغها بأنه فسخ خطبته لابنة عمه . بعد شهر من إعلانها . فهو لم يستطع وهب قلبه لغيرها .
بعد أن استعادة صحتها . صحبها إلى بيت أسرتها . وافق زوجها على طلاقها خشية الفضيحة !!
بعد انقضاء عدتها . تزوجها (أحمد) بالرغم من معارضة أهله الشديدة . وانطلق معها إلى حياة جديدة !. ❝
❞ عشق
كانت (نور) في العشرينات من عمرها ..عشقت جارها الطبيب (أحمد) ، يتبادلان نظرات الحب من بعيد ، فبلدتهما الصغيرة لا تتيح لهما اللقاء .. الذي كانا يشتاقان إليه حتى يبثا مشاعرهما وينبئا عن حبهما.. لعل هذا اللقاء يهدىء من نيران شوقهما !!
يلقي إليها بورقة .. تتناولها لتجده يحدد لها فيها اللقاء بعد صلاة الجمعة القادمة في بلدة مجاورة ، تطير شوقا وتنتظر بصبر ، فقد تمنت هذا اللقاء طويلا !
تتزين وترتدي أجمل ثيابها ، يتقابلان بظمأ ولهفة سنوات عجاف .. تلتقي الأعين والأيدي .. وبسمات شوق في وجهيهما وصمت أبلغ من الكلام !!
تمضي لحظات .. يتبادلان الأحاديث الشيقة وكلمات الحب ، فيمضي الوقت سريعا .. ويعود كل منهما منفردا حتى لا ينكشف الأمر! تتكرر اللقاءات .. وفي كل مرة ينمو الحب ويكبر ..
يحدث والده في أمر زواجهما ، الذي يرفض رفضا باتاً ، فأسرتها ليست في مستوى أسرته ، كما إن من يريد زواجها ليست في مستواه العلمي ؛ فهو طبيب
يحاول أن يقنع والده بأنه يحبها ومقتنع بها .. لكن دون جدوى ، بل يقرر أن يتزوج من إبنة عمه محدد له موعد الخطبة ، يرضخ لأمر أبيه .. وهو غير راضِ وغير مقتنع بما يحدث !! يوم الخطبة تبكي نور محترقة بنيران الغيرة ، علي حبيبا طالما حلمت به .
تعيش (نور) في جحيم لايطاق ! .. فكيف يضحي بحبهما ويقضي على أحلامها ؟! .. وأين وعده لها بمحاربة العالم كله من أجلها ؟! وعندما تقدم إليها من يخطبها .. توافق عليه ، دون أية مقاومة ، ودون أن تراه أو تعرف عنه شيئا !!؟ .. ردا لكرامتها ومحاولة لتضميد جراح قلبها .. أو لعلها تنسى !!
تزوجت سريعا بعد شهرين ، لتهرب من بيتها .. حتى لا ترى ذلك الذى جرحها ذلك الجرح الغائر .. وباع حبهما من أجل أن يتزوج ابنة عمه صاحبة المال والجاه !!؟ و لعلها تنسى الألم ، وينتحر الحنين إليه !!؟ وتتزوج ( نور) .. وتتفاجا بأن من تزوجته لا يستطيع مباشرة كونه زوجا .. بالرغم من محاولته معها مرات ومرات .. يحس بعجزه .. تهديء من روعه وتطمئنه بأن الله قادر على كل شىء .. وعليه اللجوء للعلاج .. يبكي أحيانا ويدفن رأسه في صدرها .. تربت على رأسه وظهره بحنان .. يهدأ .. إلا إنه فجأة يهب واقفا .. وينهال عليها ضربا !!؟
يهددها إن هي أفشت سره ، سيقتلها .. ينهار .. يرتمي بجانبها باكيا .. يبدي لها ندمه على ما فعله ، فقد فعله دون وعي !! تشكو لأمها .. أمها تطالبها بالصبر .. فلعله يجد علاجا ..
فرغ صبرها ، وطفح بها الكيل .. عندما تكرر منه ضربها .. فقررت الهروب منه ..
انتهزت الفرصة ، عندما استغرق في نومه .. وهو حينما ينام .. لا يقلقه أى شيء يحدث من صخب أو ضجيج .. وحتى ولو انفجرت الدنيا !!، فتسللت من الحجرة بعد أن ارتدت ملابسها .. ووضعت قليلا من ملابسها في (كيس بلاستيك ) .. وغادرت المنزل .. لا تعرف إلى أين تذهب ؟ فهي إن ذهبت إلى أهلها فسوف يعيدونها إليه لتدور في دائرة العذاب المستمر !!
كان حظها حين وقفت أمامها سيدة عجوز استلفت بكاؤها انتباهها .. سألتها لماذا تبكي وتقف وحدها في هذا الوقت المتأخر ؟!
استمرت ببكاؤها ، ضمتها السيدة إلى صدرها .. تهديء من روعها .. من بين دموعها ونحيبها .. خرجت كلمات متقطعة ..لا أحد لي .. يا خالتي !! .. وحياتي عذاب مستمر .. ولا أدري إلى من ألجأ !!.. طمأنتها السيدة .. وأمسكت بيدها ..
قائلة : تعالي معي يا إبنتي .. واعتبريني أمك .. وإن شاء الله ستفرج ويزول كربك !
مضت معها وقد اطمأنت لها .. قضت معها أياما .. حكت لها حكايتها .. والسيدة العجوز توليها كل رعاية .. في أحد الأيام .. جاء ابن السيدة الذي كان مسافرا في عمل .. أحست في نظراته بالشهوة .. فعملت على الابتعاد عنه .. والبقاء في حجرة والدته التي تشاركها فيها .. وتغلق بابها جيدا عند خلودها مع أمه للنوم .. خاصة وأنه قد تحرش بها عدة مرات .. ولما وجدت منه اصرارا على النيل منها .. خرجت من البيت فجرا لتعود للشارع مرة أخرى ، تراها فتاة في مثل عمرها .. تتجه إليها وقد امتلأ وجهها بالمكياج المفرط .. وارتدت ثوبا مثيرا .. تسألها في مجون : إلى أين يا جميل ؟! .. لا ترد .. تعيد سؤالها ثم توقفها ، فترى الدموع في عينيها .. تطلب منها الذهاب معها إلى البيت .. و \" الصباح رباح \"
لم تجد (نور) بدا من الذهاب معها .. فإلى أين تذهب في هذا الوقت وإلى من ؟!
تكتشف (نور) أن الفتاة من فتيات الليل .. وقد يكون مصيرها مثلها .. فماذا تفعل ..لقد ضاقت بالدنيا وضاقت الدنيا بها .. فلتضع حدا لذلك !! تخرج من حقيبتها زجاجة حبوب منومة ، تتناول كل ما فيها ..
تدخل (فتاة الليل ) الحجرة تحمل طعاما لها .. تنادي عليها فلا ترد .. وصفرة تعلو وجهها وعرق غزير يتصبب منها .. تولول .. وتصرخ .. يأتي الجيران على صراخها . فيرون ما حدث .. يحملون (نور) إلى المستشفى .. وهناك كان ( أحمد) .. حبيبها .. هو الطبيب المقيم هذه الليلة .. يأتي لفحص الحالة .. يٌصعق عندما يراها ويجري لها الإسعافات اللازمة .. ويتم عمل غسيل معدة ، وينقلها إلى العناية المركزة ويتابعها .. التنفس منتظم .. والقلب يعمل لكن نبضاته ضعيفة ..
مضى يومان .. تفتح عينيها فترى (أحمد) بجانبها تدير وجهها .. تسمعه : \" حمدا لله على سلامتك \" يقولها بحب وإخلاص .. تبكي و تروي له كل ما حدث معها ، تلتفت إليه .. يطمئنها .. يقبل يدها ورأسها ، يبلغها بأنه فسخ خطبته لابنة عمه .. بعد شهر من إعلانها .. فهو لم يستطع وهب قلبه لغيرها .
بعد أن استعادة صحتها .. صحبها إلى بيت أسرتها .. وافق زوجها على طلاقها خشية الفضيحة !!
بعد انقضاء عدتها .. تزوجها (أحمد) بالرغم من معارضة أهله الشديدة .. وانطلق معها إلى حياة جديدة !
٢٠٢٠/٥/٨. ❝ ⏤صفاء فوزى
❞ عشق
كانت (نور) في العشرينات من عمرها .عشقت جارها الطبيب (أحمد) ، يتبادلان نظرات الحب من بعيد ، فبلدتهما الصغيرة لا تتيح لهما اللقاء . الذي كانا يشتاقان إليه حتى يبثا مشاعرهما وينبئا عن حبهما. لعل هذا اللقاء يهدىء من نيران شوقهما !!
يلقي إليها بورقة . تتناولها لتجده يحدد لها فيها اللقاء بعد صلاة الجمعة القادمة في بلدة مجاورة ، تطير شوقا وتنتظر بصبر ، فقد تمنت هذا اللقاء طويلا !
تتزين وترتدي أجمل ثيابها ، يتقابلان بظمأ ولهفة سنوات عجاف . تلتقي الأعين والأيدي . وبسمات شوق في وجهيهما وصمت أبلغ من الكلام !!
تمضي لحظات . يتبادلان الأحاديث الشيقة وكلمات الحب ، فيمضي الوقت سريعا . ويعود كل منهما منفردا حتى لا ينكشف الأمر! تتكرر اللقاءات . وفي كل مرة ينمو الحب ويكبر .
يحدث والده في أمر زواجهما ، الذي يرفض رفضا باتاً ، فأسرتها ليست في مستوى أسرته ، كما إن من يريد زواجها ليست في مستواه العلمي ؛ فهو طبيب
يحاول أن يقنع والده بأنه يحبها ومقتنع بها . لكن دون جدوى ، بل يقرر أن يتزوج من إبنة عمه محدد له موعد الخطبة ، يرضخ لأمر أبيه . وهو غير راضِ وغير مقتنع بما يحدث !! يوم الخطبة تبكي نور محترقة بنيران الغيرة ، علي حبيبا طالما حلمت به .
تعيش (نور) في جحيم لايطاق ! . فكيف يضحي بحبهما ويقضي على أحلامها ؟! . وأين وعده لها بمحاربة العالم كله من أجلها ؟! وعندما تقدم إليها من يخطبها . توافق عليه ، دون أية مقاومة ، ودون أن تراه أو تعرف عنه شيئا !!؟ . ردا لكرامتها ومحاولة لتضميد جراح قلبها . أو لعلها تنسى !!
تزوجت سريعا بعد شهرين ، لتهرب من بيتها . حتى لا ترى ذلك الذى جرحها ذلك الجرح الغائر . وباع حبهما من أجل أن يتزوج ابنة عمه صاحبة المال والجاه !!؟ و لعلها تنسى الألم ، وينتحر الحنين إليه !!؟ وتتزوج ( نور) . وتتفاجا بأن من تزوجته لا يستطيع مباشرة كونه زوجا . بالرغم من محاولته معها مرات ومرات . يحس بعجزه . تهديء من روعه وتطمئنه بأن الله قادر على كل شىء . وعليه اللجوء للعلاج . يبكي أحيانا ويدفن رأسه في صدرها . تربت على رأسه وظهره بحنان . يهدأ . إلا إنه فجأة يهب واقفا . وينهال عليها ضربا !!؟
يهددها إن هي أفشت سره ، سيقتلها . ينهار . يرتمي بجانبها باكيا . يبدي لها ندمه على ما فعله ، فقد فعله دون وعي !! تشكو لأمها . أمها تطالبها بالصبر . فلعله يجد علاجا .
فرغ صبرها ، وطفح بها الكيل . عندما تكرر منه ضربها . فقررت الهروب منه .
انتهزت الفرصة ، عندما استغرق في نومه . وهو حينما ينام . لا يقلقه أى شيء يحدث من صخب أو ضجيج . وحتى ولو انفجرت الدنيا !!، فتسللت من الحجرة بعد أن ارتدت ملابسها . ووضعت قليلا من ملابسها في (كيس بلاستيك ) . وغادرت المنزل . لا تعرف إلى أين تذهب ؟ فهي إن ذهبت إلى أهلها فسوف يعيدونها إليه لتدور في دائرة العذاب المستمر !!
كان حظها حين وقفت أمامها سيدة عجوز استلفت بكاؤها انتباهها . سألتها لماذا تبكي وتقف وحدها في هذا الوقت المتأخر ؟!
استمرت ببكاؤها ، ضمتها السيدة إلى صدرها . تهديء من روعها . من بين دموعها ونحيبها . خرجت كلمات متقطعة .لا أحد لي . يا خالتي !! . وحياتي عذاب مستمر . ولا أدري إلى من ألجأ !!. طمأنتها السيدة . وأمسكت بيدها .
قائلة : تعالي معي يا إبنتي . واعتبريني أمك . وإن شاء الله ستفرج ويزول كربك !
مضت معها وقد اطمأنت لها . قضت معها أياما . حكت لها حكايتها . والسيدة العجوز توليها كل رعاية . في أحد الأيام . جاء ابن السيدة الذي كان مسافرا في عمل . أحست في نظراته بالشهوة . فعملت على الابتعاد عنه . والبقاء في حجرة والدته التي تشاركها فيها . وتغلق بابها جيدا عند خلودها مع أمه للنوم . خاصة وأنه قد تحرش بها عدة مرات . ولما وجدت منه اصرارا على النيل منها . خرجت من البيت فجرا لتعود للشارع مرة أخرى ، تراها فتاة في مثل عمرها . تتجه إليها وقد امتلأ وجهها بالمكياج المفرط . وارتدت ثوبا مثيرا . تسألها في مجون : إلى أين يا جميل ؟! . لا ترد . تعيد سؤالها ثم توقفها ، فترى الدموع في عينيها . تطلب منها الذهاب معها إلى البيت . و ˝ الصباح رباح ˝
لم تجد (نور) بدا من الذهاب معها . فإلى أين تذهب في هذا الوقت وإلى من ؟!
تكتشف (نور) أن الفتاة من فتيات الليل . وقد يكون مصيرها مثلها . فماذا تفعل .لقد ضاقت بالدنيا وضاقت الدنيا بها . فلتضع حدا لذلك !! تخرج من حقيبتها زجاجة حبوب منومة ، تتناول كل ما فيها .
تدخل (فتاة الليل ) الحجرة تحمل طعاما لها . تنادي عليها فلا ترد . وصفرة تعلو وجهها وعرق غزير يتصبب منها . تولول . وتصرخ . يأتي الجيران على صراخها . فيرون ما حدث . يحملون (نور) إلى المستشفى . وهناك كان ( أحمد) . حبيبها . هو الطبيب المقيم هذه الليلة . يأتي لفحص الحالة . يٌصعق عندما يراها ويجري لها الإسعافات اللازمة . ويتم عمل غسيل معدة ، وينقلها إلى العناية المركزة ويتابعها . التنفس منتظم . والقلب يعمل لكن نبضاته ضعيفة .
مضى يومان . تفتح عينيها فترى (أحمد) بجانبها تدير وجهها . تسمعه : ˝ حمدا لله على سلامتك ˝ يقولها بحب وإخلاص . تبكي و تروي له كل ما حدث معها ، تلتفت إليه . يطمئنها . يقبل يدها ورأسها ، يبلغها بأنه فسخ خطبته لابنة عمه . بعد شهر من إعلانها . فهو لم يستطع وهب قلبه لغيرها .
بعد أن استعادة صحتها . صحبها إلى بيت أسرتها . وافق زوجها على طلاقها خشية الفضيحة !!
بعد انقضاء عدتها . تزوجها (أحمد) بالرغم من معارضة أهله الشديدة . وانطلق معها إلى حياة جديدة !
٢٠٢٠/٥/٨. ❝
❞ «عزيز»
\"رمى صنارة الصيد وأنتظر لعدة دقائق دون فائدة ثم عدة ساعات دون فائدة، غابت الشمس في الأفق وأيضا بدون فائدة\"
\"هو لا يستطيع العودة لمنزله دون صيد فالجوع يفتك به ويداه خاويتان من اي مال ينفقه لجلب قوت يومه، لا يملك سوى تلك السنارة بيده يتأمل به خيرًا ان تقطمها اية سمكة حمقاء قبل ان تدرك أن سنها ليس به طعمًا\"
\" إشتدت الأجواء برودة وهو ما زال جالسا في مكانه ... يبدوا أن البحر لا يتحلى بنفس كرمه المعتاد اليوم \"
\" كركرت بطنه معلنة عن اشتداد جوعها عندما هم للعودة للمنزل، وكأنها بإحداثها لذلك الصوت تعترض على عودته فارغ اليدين للمنزل وتلومه قائلة\"
« أنا لن أبيت اليوم ايضا بدون طعام ...تصرف»
\"عاود الجلوس مكانه مرة أخرى ورمى بسنارته منتظرًا تلك السمكة الحمقاء ان تُخدع\"
\"علا موج البحر فتاه في ذكريات طفولته ...تذكر انه لا يذكر من صاحب الآخر أولا؟ هل هو الذي صاحب الفقر أولا؟ ام أنَّ الفقر هو من عرض عليه صحبته؟!\"
\" حاول تذكر وجوه اي فرد من عائلته فلم يستطع، هو في الحقيقة لم يكن له عائلة في يوم من الأيام
ولكنه إعتاد على رسم وجوه لهم في مخيلته من حين لآخر كنوع من المحاولة لإستشعار بعض الأمان، همّ في ملأ رأتيه بهواء البحر المنعش فآلمهُ ظهره، أبتسم وهو يحدثه ويقول\"
\"_ لا بأس يا عزيزي تحمل هذا الشتاء أيضًا، أعلم انك قد مللت نوم الرصيف ومللت برد الشتاء ولكن صدقني في اول فرصة احصل بها على أموال ساقوم بعمل صيانة شاملةلك، قالها وهو يضحك بملئ فمه\"
\" احسَّ بمن يجلس بجانبه على رصيف البحر وهو يقول:
شخص غريب: اتعلم انني أحسدك على تلك الضحكات!!
رد عليه عزيز وهو يقول مبتسمًا وقد خالطته الدهشة تحسدني أنا؟! ولكن لماذا؟
الغريب : لانك سعيد في حياتك.
عزيز وهو يتنهد: الحمدلله وحتى لو لم اكن كذلك ما الذي يمنعني من الضحك، الضحك هو الشئ الوحيد الذي أهرب به من صوت معدتي فهو أعلى منها قل لي ما اسمك
الغريب بيأس: لا يهم ما هو اسمي فسينتهي ذكره اليوم
عزيز: لما يا صاحبي؟ صدقني مهما كان ما يضايقك لا تحزن لتلك الدرجة، وقل الحمدلله فكل شيئ له حل وطالما انك عبدلله فليس عليك القلق من أي شئ فقط قل يا رب وأبتسم قالها عزيز مبتسمًا وهو ينظر للسماء\"
\"نظر له الغريب بيأس دون ان يرد على عزيز ورحل من جانبه، راقبه عزيز من بعيد فوجده يسير على رصيف البحر ثم وقف ينظر لأمواجه المتلاطمه بحزن، رعدت السماء وبدأت في إنزال غزيرها سيولا، نظر عزيز للسماء وقال\"
\"عزيز: مشاعر البشر مثل الطقس وكذلك الدنيا لا تستقر على حال، ثم رجع ببصره إلى ذلك الشاب الغريب ليجده رمى بنفسه من فوق رصيف البحر، بداخل أمواجه مستسلمًا لأمواجه التى بدأت في سحبه للداخل\"
\"رمى عزيز ما بيده وتوجه مسرعًا ناحيته وألقى بنفسه خلفه دون تردد، كان الموج عاليًا والمطر يعبأ العين، ظل يقاوم الموج ويبحث بعينيه في ظلمة البحر عن ذلك الغريب حتى وجده وقد سحبته المياه لأسفل، فأقترب منه مسرعًا وهو يجدف بذراعيه وسحبه للأعلى وبدأ في السباحة ناحية الرصيف حتى أخرجة،\"
\"كان الغريب قد فقد وعيه فجعل عزيز يصنع له الإسعافات الأوليه ثم اوقف سيارة ونقله للمشفى للأطمئنان عليه\"
\"مر الوقت وعزيز جالس خارج الغرفة حتى جائت إحدى الممرضات وأعطته أغراض الغريب وملابسه وقالت
الممرضه: هذه أغراضه بدلنا ملابس صديقك تفضل وهو أفاق الأن
عزيز: شكرا لك
دخل عزيز للأطمئنان على الغريب وناوله هاتفه وهو يقول
عزيز ضاحكا: يا رجل من اخبرك انَّ البحر يستقبل الزوار ليلًا
الغريب: لما أنقذتني ؟!
عزيز متجاهلًا: تفضل هاتفك مازال يعمل يبدو انه غال الثمن فعلامة التفاحة تلك باهظة الثمن من الواضح انك ثري قالها عزيز ضاحكًا.
الغريب: لما لم تتركني اموت
عزيز وقد زالت إبتسامته: قلت في نفسي لعلك تستحق فرصة أخرى ...لعلك تريد من يقول لك ان نفسك تلك ليست ملكك وانها ملك لله، يا رجل لا يأخذ الأمانات سوى مالكها وكلنا أمانات ملك لله كل مشكله ويوجد لها حل ولكن نحتاج للتوكل على الله\"
الغريب بحزن: القيت نفسك خلفي دون تفكير كيف تفعل هذا كان من الممكن ان تموت
\"عزيز: كنت سأموت فعلا لو وقفت مكتوف الأيدي دون ان اساعد، أعتقد يجب عليك ان تعيد حساباتك، من جديد يجب ان تقدر نفسك يجب ان تحبها، هي تستحق ذلك\"
«قالها عزيز ثم أنصرف مغادرًا»
*****
\"عاد عزيز للنوم في تلك الخربة التي أصبحت منزله منذ حوالي شهر بعد أن طرده صاحب المنزل من البيت بسبب تأخر الإيجار، وبعد أن ترك عمله لدي معلمه رحمة الله عليه، وبعد ان طرده اولاده لانهم سيبيعون دكان العطارة، لم ييأس عزيز رغم ذلك فقد بحث عن عمل في كل مكان ولكن امكانياته لا تسمح بتوظيفه، ملابسه البالية لا تسمح بتوظيفه\"
ها هو عاد وحيدًا من جديد مشرد بدون شهادة تعليميه، بدون أهل، بدون منزل، بدون مال، ولكن عزيز يحمل في قلبه كلمات علمها له معلمه الحاج سيد وهي ان يُقدر كل نعمة بين يديه، فرغم كل ذلك ما زال عزيز بصحته، ما زال يستطيع الوقوف على قدميه، والإبتسام في وجه الحياة العنيدة، ما زال يستطيع الركض على شاطئ البحر، ومازال يستطيع الصيد\"
\"نام عزيز ونامت معدته للمرة اللانهائية بدون طعام، نام وقد ربط على بطنه من كثرة الجوع، ونامت بجانبه أحلامه وأخلاقه وطيبة قلبه التي تحتضنه وتجعله عزيز\"
*********
\"مر أسبوعان عليه، اسبوعين ذاق فيهم عزيز ألم المرض، ارتفعت حرارته بسبب ملابسه المبتله فراح، يرتعد في مكانه يرتعد ويخترف من شدة الألم، ولا يخلوا لسانه من قول يا شافي يا رب، يا شافي يا رب\"
\"وكأنه يناجي الله أنه لا يملك حق الدواء ولا حق الطعام ولكنه يملك حق الدعاء لربه\"
\" حتى حن عليه أحد العابرين من الذين رأو حالته فوجد في قلبه رحمه، جلب له طعام ودواء ووضع بجانبه بعض المال الذي استقوى به عزيز على جلب طعامه بقيه الأسبوعين التاليين \"
\"في اليوم الذي يلي الأسبوعين إستيقظ على دوشة الشارع وصوت عرباته وصوت الكلاب النابحه وصوت صديقه الوحيد البحر، شد من ملابسه على صدره واخذ حقيبته وراح يجلس في مكانه المعتاد وهو يرمي صنارته بحثًا عن تلك السمكة الحمقاء التي ستقطم سن السنارة دون أن تلاحظ انه فارغ من اي طعم\"
\" حتى حل المساء عليه من جديد وبدأت معدته في الكركبه، هو يأبى ان يسأل احد حسنة، ويأنف ان يمد يده وهو شاب طويل القامة يسد عين الشمس هكذا حتى لو كان سيموت جوعا، هكذا حدث نفسه حتى وجد من يجلس بجانبه وهو يقول: \"
\"_بحث عنك لأسبوعين يا صديقي، اين كنت ؟!
إلتفت عزيز ليجد ذلك الغريب الذي أنقذه من الغرق ولكن تلك المرة كانت ملابسه مرتبه، يرتدي بدلة جميلة، ورائحة عطره فواحه ويقف بجانبه شخص أخر يدتدي بدلة وكأنه سائقه\"
\"عزيز مبتسما: لما كنت تبحث عني؟! هل تريد ان تغرق اليوم ايضا؛ اسمع انا لست في صحة جيدة لإنقاذك مرة اخرى!
الغريب بإبتسامة: اسمي سالم
عزيز دون ان ينظر له: اهلا بك يا سالم اسمك جميل كما انه صعب النسيان وليس كما كنت تقول
سالم: ماذا تعمل يا عزيز
عزيز: انا اقوم بالصيد ألا ترى!
سالم: لا أقصد ذلك .... اعني الا يوجد لديك عمل
عزيز: لا
سالم: ما رأيك في ان تعمل معي
عزيز دون ان ينظر له: وما هو عملك؟!
سالم: انا صاحب مجموعة شركات تستطيع القول انني رجل اعمال مبتدأ
عزيز: وماذا سأعمل معك
سالم: ستكون مساعدي وسكرتيري الخاص
عزيز: لا اظن انني سأفيدك
سالم: بل بالعكس لديك شئ لم اجده في شخص اخر حولي
عزيز: ما هو يا ترى ههههه
سالم: انت شخص صادق وشجاع
هيا انا لن اخذ موافقتك ستأتي حتى لو أضطررت لخطفك
عزيز: الأمر لا يحتاج للخطف فانت تعرض علي العمل وانا لن ارفض
سالم: ليس العمل فقط بل والمنزل ايضًا انت من اليوم مساعدي الخاص وصديقي الاعز
ابتسم عزيز وهو ينظر للسماء قائلا ..... يا رب
#عزيز
#امنه_محمد_ابوالخير. ❝ ⏤Amna Mohammad
❞«عزيز» ˝رمى صنارة الصيد وأنتظر لعدة دقائق دون فائدة ثم عدة ساعات دون فائدة، غابت الشمس في الأفق وأيضا بدون فائدة˝
˝هو لا يستطيع العودة لمنزله دون صيد فالجوع يفتك به ويداه خاويتان من اي مال ينفقه لجلب قوت يومه، لا يملك سوى تلك السنارة بيده يتأمل به خيرًا ان تقطمها اية سمكة حمقاء قبل ان تدرك أن سنها ليس به طعمًا˝
˝ إشتدت الأجواء برودة وهو ما زال جالسا في مكانه .. يبدوا أن البحر لا يتحلى بنفس كرمه المعتاد اليوم ˝
˝ كركرت بطنه معلنة عن اشتداد جوعها عندما هم للعودة للمنزل، وكأنها بإحداثها لذلك الصوت تعترض على عودته فارغ اليدين للمنزل وتلومه قائلة˝
« أنا لن أبيت اليوم ايضا بدون طعام ..تصرف»
˝عاود الجلوس مكانه مرة أخرى ورمى بسنارته منتظرًا تلك السمكة الحمقاء ان تُخدع˝
˝علا موج البحر فتاه في ذكريات طفولته ..تذكر انه لا يذكر من صاحب الآخر أولا؟ هل هو الذي صاحب الفقر أولا؟ ام أنَّ الفقر هو من عرض عليه صحبته؟!˝
˝ حاول تذكر وجوه اي فرد من عائلته فلم يستطع، هو في الحقيقة لم يكن له عائلة في يوم من الأيام
ولكنه إعتاد على رسم وجوه لهم في مخيلته من حين لآخر كنوع من المحاولة لإستشعار بعض الأمان، همّ في ملأ رأتيه بهواء البحر المنعش فآلمهُ ظهره، أبتسم وهو يحدثه ويقول˝
˝_ لا بأس يا عزيزي تحمل هذا الشتاء أيضًا، أعلم انك قد مللت نوم الرصيف ومللت برد الشتاء ولكن صدقني في اول فرصة احصل بها على أموال ساقوم بعمل صيانة شاملةلك، قالها وهو يضحك بملئ فمه˝
˝ احسَّ بمن يجلس بجانبه على رصيف البحر وهو يقول:
شخص غريب: اتعلم انني أحسدك على تلك الضحكات!!
رد عليه عزيز وهو يقول مبتسمًا وقد خالطته الدهشة تحسدني أنا؟! ولكن لماذا؟
الغريب : لانك سعيد في حياتك.
عزيز وهو يتنهد: الحمدلله وحتى لو لم اكن كذلك ما الذي يمنعني من الضحك، الضحك هو الشئ الوحيد الذي أهرب به من صوت معدتي فهو أعلى منها قل لي ما اسمك
الغريب بيأس: لا يهم ما هو اسمي فسينتهي ذكره اليوم
عزيز: لما يا صاحبي؟ صدقني مهما كان ما يضايقك لا تحزن لتلك الدرجة، وقل الحمدلله فكل شيئ له حل وطالما انك عبدلله فليس عليك القلق من أي شئ فقط قل يا رب وأبتسم قالها عزيز مبتسمًا وهو ينظر للسماء˝
˝نظر له الغريب بيأس دون ان يرد على عزيز ورحل من جانبه، راقبه عزيز من بعيد فوجده يسير على رصيف البحر ثم وقف ينظر لأمواجه المتلاطمه بحزن، رعدت السماء وبدأت في إنزال غزيرها سيولا، نظر عزيز للسماء وقال˝
˝عزيز: مشاعر البشر مثل الطقس وكذلك الدنيا لا تستقر على حال، ثم رجع ببصره إلى ذلك الشاب الغريب ليجده رمى بنفسه من فوق رصيف البحر، بداخل أمواجه مستسلمًا لأمواجه التى بدأت في سحبه للداخل˝
˝رمى عزيز ما بيده وتوجه مسرعًا ناحيته وألقى بنفسه خلفه دون تردد، كان الموج عاليًا والمطر يعبأ العين، ظل يقاوم الموج ويبحث بعينيه في ظلمة البحر عن ذلك الغريب حتى وجده وقد سحبته المياه لأسفل، فأقترب منه مسرعًا وهو يجدف بذراعيه وسحبه للأعلى وبدأ في السباحة ناحية الرصيف حتى أخرجة،˝
˝كان الغريب قد فقد وعيه فجعل عزيز يصنع له الإسعافات الأوليه ثم اوقف سيارة ونقله للمشفى للأطمئنان عليه˝
˝مر الوقت وعزيز جالس خارج الغرفة حتى جائت إحدى الممرضات وأعطته أغراض الغريب وملابسه وقالت
الممرضه: هذه أغراضه بدلنا ملابس صديقك تفضل وهو أفاق الأن
عزيز: شكرا لك
دخل عزيز للأطمئنان على الغريب وناوله هاتفه وهو يقول
عزيز ضاحكا: يا رجل من اخبرك انَّ البحر يستقبل الزوار ليلًا
الغريب: لما أنقذتني ؟!
عزيز متجاهلًا: تفضل هاتفك مازال يعمل يبدو انه غال الثمن فعلامة التفاحة تلك باهظة الثمن من الواضح انك ثري قالها عزيز ضاحكًا.
الغريب: لما لم تتركني اموت
عزيز وقد زالت إبتسامته: قلت في نفسي لعلك تستحق فرصة أخرى ..لعلك تريد من يقول لك ان نفسك تلك ليست ملكك وانها ملك لله، يا رجل لا يأخذ الأمانات سوى مالكها وكلنا أمانات ملك لله كل مشكله ويوجد لها حل ولكن نحتاج للتوكل على الله˝
الغريب بحزن: القيت نفسك خلفي دون تفكير كيف تفعل هذا كان من الممكن ان تموت
˝عزيز: كنت سأموت فعلا لو وقفت مكتوف الأيدي دون ان اساعد، أعتقد يجب عليك ان تعيد حساباتك، من جديد يجب ان تقدر نفسك يجب ان تحبها، هي تستحق ذلك˝
«قالها عزيز ثم أنصرف مغادرًا»
*****
˝عاد عزيز للنوم في تلك الخربة التي أصبحت منزله منذ حوالي شهر بعد أن طرده صاحب المنزل من البيت بسبب تأخر الإيجار، وبعد أن ترك عمله لدي معلمه رحمة الله عليه، وبعد ان طرده اولاده لانهم سيبيعون دكان العطارة، لم ييأس عزيز رغم ذلك فقد بحث عن عمل في كل مكان ولكن امكانياته لا تسمح بتوظيفه، ملابسه البالية لا تسمح بتوظيفه˝
ها هو عاد وحيدًا من جديد مشرد بدون شهادة تعليميه، بدون أهل، بدون منزل، بدون مال، ولكن عزيز يحمل في قلبه كلمات علمها له معلمه الحاج سيد وهي ان يُقدر كل نعمة بين يديه، فرغم كل ذلك ما زال عزيز بصحته، ما زال يستطيع الوقوف على قدميه، والإبتسام في وجه الحياة العنيدة، ما زال يستطيع الركض على شاطئ البحر، ومازال يستطيع الصيد˝
˝نام عزيز ونامت معدته للمرة اللانهائية بدون طعام، نام وقد ربط على بطنه من كثرة الجوع، ونامت بجانبه أحلامه وأخلاقه وطيبة قلبه التي تحتضنه وتجعله عزيز˝
*********
˝مر أسبوعان عليه، اسبوعين ذاق فيهم عزيز ألم المرض، ارتفعت حرارته بسبب ملابسه المبتله فراح، يرتعد في مكانه يرتعد ويخترف من شدة الألم، ولا يخلوا لسانه من قول يا شافي يا رب، يا شافي يا رب˝
˝وكأنه يناجي الله أنه لا يملك حق الدواء ولا حق الطعام ولكنه يملك حق الدعاء لربه˝
˝ حتى حن عليه أحد العابرين من الذين رأو حالته فوجد في قلبه رحمه، جلب له طعام ودواء ووضع بجانبه بعض المال الذي استقوى به عزيز على جلب طعامه بقيه الأسبوعين التاليين ˝
˝في اليوم الذي يلي الأسبوعين إستيقظ على دوشة الشارع وصوت عرباته وصوت الكلاب النابحه وصوت صديقه الوحيد البحر، شد من ملابسه على صدره واخذ حقيبته وراح يجلس في مكانه المعتاد وهو يرمي صنارته بحثًا عن تلك السمكة الحمقاء التي ستقطم سن السنارة دون أن تلاحظ انه فارغ من اي طعم˝
˝ حتى حل المساء عليه من جديد وبدأت معدته في الكركبه، هو يأبى ان يسأل احد حسنة، ويأنف ان يمد يده وهو شاب طويل القامة يسد عين الشمس هكذا حتى لو كان سيموت جوعا، هكذا حدث نفسه حتى وجد من يجلس بجانبه وهو يقول: ˝
˝_بحث عنك لأسبوعين يا صديقي، اين كنت ؟!
إلتفت عزيز ليجد ذلك الغريب الذي أنقذه من الغرق ولكن تلك المرة كانت ملابسه مرتبه، يرتدي بدلة جميلة، ورائحة عطره فواحه ويقف بجانبه شخص أخر يدتدي بدلة وكأنه سائقه˝
˝عزيز مبتسما: لما كنت تبحث عني؟! هل تريد ان تغرق اليوم ايضا؛ اسمع انا لست في صحة جيدة لإنقاذك مرة اخرى!
الغريب بإبتسامة: اسمي سالم
عزيز دون ان ينظر له: اهلا بك يا سالم اسمك جميل كما انه صعب النسيان وليس كما كنت تقول
سالم: ماذا تعمل يا عزيز
عزيز: انا اقوم بالصيد ألا ترى!
سالم: لا أقصد ذلك .. اعني الا يوجد لديك عمل
عزيز: لا
سالم: ما رأيك في ان تعمل معي
عزيز دون ان ينظر له: وما هو عملك؟!
سالم: انا صاحب مجموعة شركات تستطيع القول انني رجل اعمال مبتدأ
عزيز: وماذا سأعمل معك
سالم: ستكون مساعدي وسكرتيري الخاص
عزيز: لا اظن انني سأفيدك
سالم: بل بالعكس لديك شئ لم اجده في شخص اخر حولي
عزيز: ما هو يا ترى ههههه
سالم: انت شخص صادق وشجاع
هيا انا لن اخذ موافقتك ستأتي حتى لو أضطررت لخطفك
عزيز: الأمر لا يحتاج للخطف فانت تعرض علي العمل وانا لن ارفض
سالم: ليس العمل فقط بل والمنزل ايضًا انت من اليوم مساعدي الخاص وصديقي الاعز
ابتسم عزيز وهو ينظر للسماء قائلا ... يا رب