❞ الشوق وجودُه، واسمُه ليس بمُحدَث ولا بقديم، بل هو هو، بلا حَدَثان. وقِدَمُ الشوق يصير في الابتداء عشقًا.
وصاحب الشوق، متى وصل إلى الانتهاء، يرى شوقه عشقًا، ويعرف أن شوقه كان وجود العشق، ولكنه لم يعرفه، ويرى جميع المكوَّنات وجودَ العشق والمعشوق والعاشق، ولا يرى بينه وبين جميع المخلوقات تفاوُتًا، ويرى جميع المخلوقات وجودَه، ولا يرجِّح نفسه بالوَصْل على مَن لم يشم رائحة الوصول قط. ولا فرق بينه وبين الحيوانات والجمادات، وبين الشيء وضده؛ وهذه صفة مَن يكون وجوده الموصول، لا صفة الواصل والوصال والوَصْل، ولا صفة العاشق والعشق، بل صفة المعشوق، لأن التفاوت بين هذه الأشياء يكون في نظر مَن ليس له نظرٌ بعدُ.
وأما مَن له نظر فلا تفاوُت بينها، بل الجميع سواء عند الله – والله أعلم بالصواب. ❝ ⏤محيي الدين بن عربي
❞ الشوق وجودُه، واسمُه ليس بمُحدَث ولا بقديم، بل هو هو، بلا حَدَثان. وقِدَمُ الشوق يصير في الابتداء عشقًا.
وصاحب الشوق، متى وصل إلى الانتهاء، يرى شوقه عشقًا، ويعرف أن شوقه كان وجود العشق، ولكنه لم يعرفه، ويرى جميع المكوَّنات وجودَ العشق والمعشوق والعاشق، ولا يرى بينه وبين جميع المخلوقات تفاوُتًا، ويرى جميع المخلوقات وجودَه، ولا يرجِّح نفسه بالوَصْل على مَن لم يشم رائحة الوصول قط. ولا فرق بينه وبين الحيوانات والجمادات، وبين الشيء وضده؛ وهذه صفة مَن يكون وجوده الموصول، لا صفة الواصل والوصال والوَصْل، ولا صفة العاشق والعشق، بل صفة المعشوق، لأن التفاوت بين هذه الأشياء يكون في نظر مَن ليس له نظرٌ بعدُ.
وأما مَن له نظر فلا تفاوُت بينها، بل الجميع سواء عند الله – والله أعلم بالصواب. ❝
❞ فإنْ سأل سائل وقال: "قال الله تعالى: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" [الأنعام 103]، وأنت تقول بخلافه، فما حقيقة ما تقول؟"، فالجواب: جميع ما قلنا هو معنى قوله: "لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ"، أي ليس أحدٌ في الوجود، ولا بصر مع أحد يدركه. فلو جاز أن يكون غيرُه، لجاز أن يدركه غيرُه. وقد نبَّه الله – سبحانه وتعالى – بقوله: "لا تدركه الأبصار" على أن ليس غيره سواه، يعني لا يدركه غيرُه، بل يدركه هو. فلا غيره إلا هو: فهو المدرِك لذاته لا غير؛ فلا تدركه الأبصار، إذ <ما> الأبصار إلا وجوده. ومَن قال إنها لا تدركه لأنها مُحدَثة، والمُحدَث لا يدرِك القديم الباقي، فهو بعدُ لم يعرف نفسه. إذ لا شيء ولا الأبصار إلا هو. فهو يدرك وجودَه بلا وجود الإدراك وبلا كيفية لا غير. ❝ ⏤محيي الدين بن عربي
❞ فإنْ سأل سائل وقال: ˝قال الله تعالى: ˝لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير˝ [الأنعام 103]، وأنت تقول بخلافه، فما حقيقة ما تقول؟˝، فالجواب: جميع ما قلنا هو معنى قوله: ˝لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ˝، أي ليس أحدٌ في الوجود، ولا بصر مع أحد يدركه. فلو جاز أن يكون غيرُه، لجاز أن يدركه غيرُه. وقد نبَّه الله – سبحانه وتعالى – بقوله: ˝لا تدركه الأبصار˝ على أن ليس غيره سواه، يعني لا يدركه غيرُه، بل يدركه هو. فلا غيره إلا هو: فهو المدرِك لذاته لا غير؛ فلا تدركه الأبصار، إذ الأبصار إلا وجوده. ومَن قال إنها لا تدركه لأنها مُحدَثة، والمُحدَث لا يدرِك القديم الباقي، فهو بعدُ لم يعرف نفسه. إذ لا شيء ولا الأبصار إلا هو. فهو يدرك وجودَه بلا وجود الإدراك وبلا كيفية لا غير. ❝
❞ فائدة معرفة النفس أن تعلم وتحقِّق أن وجودك ليس موجودًا ولا معدومًا، ولست كائنًا ولا كنت ولا تكون قط. ويظهر لك بذلك معنى "لا إله إلا الله" [الصافات 35]: إذ لا إله غيره، ولا وجود لغيره؛ فلا غير سواه، ولا إله إلا إيَّاه. فإن قال قائل: "عطَّلتَ ربوبيتَه"، فالجواب: لم أعطِّل ربوبيته لأنه لم يزل ربًّا – ولا مربوب – ولم يزل خالقًا – ولا مخلوق –، وهو الآن كما كان. أترى خلاقته وربوبيته لا تحتاج إلى مخلوق ولا إلى مربوب: فهو بتكوين المكوَّنات كان موصوفًا بجميع أوصافه، وهو الآن كما كان. فلا تفاوُت بين الجهة والقِدَم: فوحدانية الجهة مقتضى ظاهريته، ووحدانية القِدَم مقتضى باطنيَّته. ظاهرُه باطنُه وباطنُه ظاهرُه، أولُه آخِرُه وآخِرُه أولُه، والجميع واحد والواحد جميع. كان صفته "كلَّ يوم هو في شأنٍ"، وما كان شيء سواه، وهو الآن كما كان. ولا موجود لما سواه بالحقيقة، كما كان في الأزل والقِدَم. "كل يوم هو في شأن"، ولا شيء موجود: فهو الآن كما كان. فوجودُ الموجودات وعدمُها سيَّان – وإلا لَلَزِمَ طيران طار لم يكن في وحدانيَّته، وذلك نقص. – وجلَّت وحدانيته عن ذلك.
ومتى عرفت نفسَك بهذه الصفة، من غير إضافة ضدٍّ أو ندٍّ أو كفؤ أو شريك إلى الله – تعالى – فقد عرفتَها بالحقيقة. ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم –: "مَن عرف نفسَه فقد عرف ربَّه"، ولم يقل: "مَن أفنى نفسَه فقد عرف ربَّه." فإنه – صلى الله عليه وسلم – علم ورأى أن لا شيء سواه، ثم أشار إلى أن معرفة النفس هي معرفة الله – تعالى –، أي اعرف نفسك، أي وجودك أنك لست أنت، ولكنك لا تعرف؛ أي اعرف أن وجودك ليس بوجودك ولا غير وجودك: فلست بموجود ولا بمعدوم، ولا غير موجود ولا غير معدوم. وجودُك وعدمُك وجودُه بلا وجود ولا عدم، لأن عينَ وجودك وعدمك وجودُه، ولأن عينَ وجوده وجودُك وعدمُك. ❝ ⏤محيي الدين بن عربي
❞ فائدة معرفة النفس أن تعلم وتحقِّق أن وجودك ليس موجودًا ولا معدومًا، ولست كائنًا ولا كنت ولا تكون قط. ويظهر لك بذلك معنى ˝لا إله إلا الله˝ [الصافات 35]: إذ لا إله غيره، ولا وجود لغيره؛ فلا غير سواه، ولا إله إلا إيَّاه. فإن قال قائل: ˝عطَّلتَ ربوبيتَه˝، فالجواب: لم أعطِّل ربوبيته لأنه لم يزل ربًّا – ولا مربوب – ولم يزل خالقًا – ولا مخلوق –، وهو الآن كما كان. أترى خلاقته وربوبيته لا تحتاج إلى مخلوق ولا إلى مربوب: فهو بتكوين المكوَّنات كان موصوفًا بجميع أوصافه، وهو الآن كما كان. فلا تفاوُت بين الجهة والقِدَم: فوحدانية الجهة مقتضى ظاهريته، ووحدانية القِدَم مقتضى باطنيَّته. ظاهرُه باطنُه وباطنُه ظاهرُه، أولُه آخِرُه وآخِرُه أولُه، والجميع واحد والواحد جميع. كان صفته ˝كلَّ يوم هو في شأنٍ˝، وما كان شيء سواه، وهو الآن كما كان. ولا موجود لما سواه بالحقيقة، كما كان في الأزل والقِدَم. ˝كل يوم هو في شأن˝، ولا شيء موجود: فهو الآن كما كان. فوجودُ الموجودات وعدمُها سيَّان – وإلا لَلَزِمَ طيران طار لم يكن في وحدانيَّته، وذلك نقص. – وجلَّت وحدانيته عن ذلك.
ومتى عرفت نفسَك بهذه الصفة، من غير إضافة ضدٍّ أو ندٍّ أو كفؤ أو شريك إلى الله – تعالى – فقد عرفتَها بالحقيقة. ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم –: ˝مَن عرف نفسَه فقد عرف ربَّه˝، ولم يقل: ˝مَن أفنى نفسَه فقد عرف ربَّه.˝ فإنه – صلى الله عليه وسلم – علم ورأى أن لا شيء سواه، ثم أشار إلى أن معرفة النفس هي معرفة الله – تعالى –، أي اعرف نفسك، أي وجودك أنك لست أنت، ولكنك لا تعرف؛ أي اعرف أن وجودك ليس بوجودك ولا غير وجودك: فلست بموجود ولا بمعدوم، ولا غير موجود ولا غير معدوم. وجودُك وعدمُك وجودُه بلا وجود ولا عدم، لأن عينَ وجودك وعدمك وجودُه، ولأن عينَ وجوده وجودُك وعدمُك. ❝
❞ ومما لا بد منه الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، (وتلاوة القرآن الكريم)، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير. ❝ ⏤أبو حامد الغزالى
❞ ومما لا بد منه الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، (وتلاوة القرآن الكريم)، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير. ❝