❞ وداعاً يحيى السنوار!
نقَّبوا عليه تراب غزة،
فقد كان المطلوب الأول.
بعد عام من معركة طوفان الأقصى، ارتقى يحيى السنوار
قالها سيد شباب أهل الجنة وهو خارج لإثبات موقفه...
وانتصر سيد الطوفان يحيى السنوار حينما قال
“حين نُقتل في سبيل الله لا نموت”..
قالها الرجل مستغربًا من وصوله إلى الستين من عمره ولمَّا يقضِ شهيدًا بعد، هو لا يريد أن يُقتل فطيسًا، ولا يريد أن يموت على فراشه في جائحة كورونا، أو كما يموت البعير، هو رجل يريد شهادة مفصّلة على مقاسه وبمعاييره!
لا يمكنك أن تقف أمام مشهد وفاته إلا مؤدّيًا تحية عسكرية مبجلة لنهاية رجل قضى كما كان يتمنى، سلام عليك يا سيد الطوفان ويا نجم أكتوبر ومشعل الثورة، وقائد مسيرة التحرير، طبت حيًّا وطبت أسيرًا محررًا، وطبت يوم قضيت إلى ربك شهيدًا مقبلاً غير مدبر.
خاتمة تليق بقائد حينما قال
“أكبر هدية يمكن أن يقدمها الاحتلال لي هو أن يغتالني”..
انتظر السنوار طويلاً حتى نال الهدية من عدوه، لذا تراه هو الذي انطلق إليه مشتبكًا علّه ينال خاتمة تليق به كقائد، كان يمكن للاحتلال أن يأخذ جثته ويلفّق نهاية تناسب غروره، وينشر سيناريو يدّعي فيه زورًا تفوقه العسكري وسطوته وقوة استخباراته، ولكن غياب المعلومة ونشوة اللحظة وتسريب الجنود للمشاهد الأولى للحدث أضاعت على الاحتلال ذلك كله بتقادير الله.. وخرجت صورة الرجل حاملاً بندقيته، ومرتديًا كوفيته وجعبته، ومصابًا في أكثر من موضع من رأسه وجسده.
وفي المقابل، لو أن المقاومة هي التي سبقت الاحتلال إلى مكانه، واستحوذت على جثمانه، وقالت إنه استشهد في اشتباك مع جنود الاحتلال، لشكّك في قولها المغرضون، ولمز المفرطون، وكذّب المرجفون، ولكن الله أرادها خاتمة مشرفة بيد أعدائه؛ لتعرف الأجيال أنه قضى مدافعًا عن وطنهم وأرضهم وحقهم حتى آخر قطرة من دمائه..
✍️اشتباك لا اغتيال
وما يدريك؟ لعل اشتباكه الأخير لم يكن اشتباكه الوحيد؛ فقد بقي في رفح بعدما نزح أهلها ليقود المقاومة، ويدافع هو وجنوده عن شرف أمة انبرى المثبطون فيها باتهامه بالهروب والاختباء في نفق محصن، بينما كان يقود المعركة على الثغور مجاهدًا، يسابق الشباب على الصفوف الأولى، يرتدي سترته العسكرية وهو ابن الستين، ويربط على جرح يده ويقاوم رغم شيبته، ولم يترك ميدان القتال ولا ساحات التفاوض والسياسة.
✍️هو أدار المعركة من بدايتها حتى نهاية عمره، وأذاق عدوه الحسرة، وساق جنوده لخاتمة يريدها لنفسه، حتى في آخر لحظات حياته كان هو المتحكم في زمام المعركة، فتلثم وأخفى ملامحه عن المسيّرة، ورماها بعصاه مستفزًّا، لو علم جنود الاحتلال (التيك توكرز) أنهم عثروا عليه لحرصوا على أسره حيًّا، وأخرجوه عاريًا، والتقطوا معه صورة “سيلفي” تُظهر تشفّيهم وإذلاله، ولكنه ضيّع على أعدائه نشوة الانتصار؛ فلا هم رصدوه ولا أسروه ولا اغتالوه، بل قاتلهم حتى آخر رمق كي ينال شرف الشهادة مشتبكًا.
✍️استشهاده إدانة لهم
على مدار عام كامل جنّدت دولة الاحتلال طاقاتها وقدراتها، وجنودها وكوادرها، وحلفاءها وعملاءها واستخباراتها، للوصول إلى معلومة عن مكانه، أو خيط يدل على تحركاته، وفي طريقهم لتحقيق ذلك قصفوا المدارس والمستشفيات، ودمروا كل شيء فوق الأرض وتحتها، ليصطدم به جنود الاحتلال في نهاية المطاف (صدفة) وهو يقاتلهم، ثم يفضحهم باستشهاده فوق الأرض، وهم الذين أشاعوا اتخاذه الأسرى دروعًا بشرية تحت الأرض، واحتماءه بالمواطنين في مراكز الإيواء وخيام النازحين.
✍️ويأبى أن يرحل قبل أن يُلحق بالعدو فشلاً سياسيًّا وعسكريًّا مضاعفًا؛ لم يكن موجودًا في خيام النازحين، ولا في مراكز الإيواء، ولا المدارس ولا المستشفيات، ولم يعرف مكانه الشاباك ولا الموساد، ولا الجيش ولا الاستخبارات، ولا الجنود ولا الأمريكان ولا الحلفاء، فكان قتلهم أربعين ألف إنسان في تلك الأماكن دليل إدانة دامغًا على جرائمهم لو أن في العالم عدل.
✍️قل للشامتين
لا يفرح باستشهاد القادة المجاهدين إلا منافق متصهين، ماذا بين السنوار وبين ربه من خبايا كي لا نسمع له صوتًا لعام كامل، ولا نرى له صورة إلا صورة العز في ميدان القتال؟ صورة أرادها الله بأيدي أعدائه لتجعل حياته أطول من حياة قاتليه، صورة يندم الاحتلال أن سرّبها جنوده لسيد الطوفان وهو يمتشق سلاحه ويحتضن جعبته، ويخوض معركة العز والشرف والكرامة، ويكتب لنفسه وللمقاومة ولقادتها تفويضًا بالدم، وشرعية صاغها بالعز والفخر والاعتزاز، تاركًا للاحتلال والأعراب والمطبعين الخيبة والصدمة والذل والعار، ولعنات تطاردهم حتى قيام الساعة؛ فهم أعوان القتلة، والأعراب أشد كفرًا ونفاقًا حين يقفون إلى جانب من قتلوا قبل يحيى زكريا ويحيى، وسائر الأنبياء والشهداء والقادة المصلحين.
✍️نجم أكتوبر
سلام عليك يا يحيى يوم ولدت، ويوم أُسرت، ويوم تحررت، ويوم أطلقت الطوفان، ويوم تموت ويوم تبعث حيًا، أكتوبر كان شاهدًا على محطات مفصلية في حياتك من مولدك في خان يونس في 29 أكتوبر 1962، وخروجك من السجن في صفقة تبادل الأسرى (وفاء الأحرار) في 18 أكتوبر 2011، وإطلاقك شرارة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، واستشهادك مشتبكًا في رفح في 16 أكتوبر 2024.. ارتقى نجمك في أكتوبر ليخلد في سماء المجاهدين.
✍️إن قُتل زيد فجعفر
اللحظات الأخيرة للقائد يحيى وهو يتقدم الصفوف الأمامية دليل على صوابية الخيار، قاتل بشرف وفخر من الخطوط الأمامية، ومن نقطة الصفر رفع سلاحه في وجه أعدائه، واشتبك فارس المعركة وهو المطلوب الأول، كالأسد الهصور في ساحات الوغى، لم يعرف التقهقر طريقًا إلى قلبه، سقط جسد يحيى لتحيا روحه فوق تراب المعركة كيما تشهد مع الأمة نصرًا قريبًا.
✍️مات أبو إبراهيم وقلبه معلق بالسيف والجهاد، بالشوك والقرنفل، بالأسرى والمسرى، رحل السنوار بعد صديق عمره هنية، كما رحل الرنتيسي المقدام بعد أحمد ياسين المؤسس الإمام، وسيخلف القائد قادة؛ فإنما “نحن نعمل بإرادة الله وعلى عينه، يخلف القائدَ قادة، والجنديَّ عشرة، والشهيدَ ألف مقاوم، فهذه الأرض تُنبت المقاومين كما تُنبت الزيتون، وتُورّث الإباء للأجيال كما ورثته من آلاف الأنبياء والصحابة والصالحين والمجاهدين”.. كما قالها أبو عبيدة.
✍️يا رجل المفاجآت
يا أشجع فرسان أمتنا، طريق الأحرار لنا رسمت.. يا أيها المتوشح بالمجد، جميعهم تساقطوا لمّا ارتقيت، تراجعوا وصمدت، ترددوا واقتحمت، تهاووْا وسموت!. اضرب بعصاك الكفر فما جبنتَ ولا توانيت، أطلق طوفان الأقصى وارقب فينا النصر حين رمينا وحين رميت، جميعهم هُزموا ووحدك انتصرت.
بقلم: #ابراهيم_عبيدى ✍️🇪🇬
#سيد_الطوفان_يحى_السنوار
#شهيد_نجم_اكتوبر. ❝ ⏤
❞ وداعاً يحيى السنوار!
نقَّبوا عليه تراب غزة،
فقد كان المطلوب الأول.
بعد عام من معركة طوفان الأقصى، ارتقى يحيى السنوار
قالها سيد شباب أهل الجنة وهو خارج لإثبات موقفه..
وانتصر سيد الطوفان يحيى السنوار حينما قال
“حين نُقتل في سبيل الله لا نموت”.
قالها الرجل مستغربًا من وصوله إلى الستين من عمره ولمَّا يقضِ شهيدًا بعد، هو لا يريد أن يُقتل فطيسًا، ولا يريد أن يموت على فراشه في جائحة كورونا، أو كما يموت البعير، هو رجل يريد شهادة مفصّلة على مقاسه وبمعاييره!
لا يمكنك أن تقف أمام مشهد وفاته إلا مؤدّيًا تحية عسكرية مبجلة لنهاية رجل قضى كما كان يتمنى، سلام عليك يا سيد الطوفان ويا نجم أكتوبر ومشعل الثورة، وقائد مسيرة التحرير، طبت حيًّا وطبت أسيرًا محررًا، وطبت يوم قضيت إلى ربك شهيدًا مقبلاً غير مدبر.
خاتمة تليق بقائد حينما قال
“أكبر هدية يمكن أن يقدمها الاحتلال لي هو أن يغتالني”.
انتظر السنوار طويلاً حتى نال الهدية من عدوه، لذا تراه هو الذي انطلق إليه مشتبكًا علّه ينال خاتمة تليق به كقائد، كان يمكن للاحتلال أن يأخذ جثته ويلفّق نهاية تناسب غروره، وينشر سيناريو يدّعي فيه زورًا تفوقه العسكري وسطوته وقوة استخباراته، ولكن غياب المعلومة ونشوة اللحظة وتسريب الجنود للمشاهد الأولى للحدث أضاعت على الاحتلال ذلك كله بتقادير الله. وخرجت صورة الرجل حاملاً بندقيته، ومرتديًا كوفيته وجعبته، ومصابًا في أكثر من موضع من رأسه وجسده.
وفي المقابل، لو أن المقاومة هي التي سبقت الاحتلال إلى مكانه، واستحوذت على جثمانه، وقالت إنه استشهد في اشتباك مع جنود الاحتلال، لشكّك في قولها المغرضون، ولمز المفرطون، وكذّب المرجفون، ولكن الله أرادها خاتمة مشرفة بيد أعدائه؛ لتعرف الأجيال أنه قضى مدافعًا عن وطنهم وأرضهم وحقهم حتى آخر قطرة من دمائه.
✍️اشتباك لا اغتيال
وما يدريك؟ لعل اشتباكه الأخير لم يكن اشتباكه الوحيد؛ فقد بقي في رفح بعدما نزح أهلها ليقود المقاومة، ويدافع هو وجنوده عن شرف أمة انبرى المثبطون فيها باتهامه بالهروب والاختباء في نفق محصن، بينما كان يقود المعركة على الثغور مجاهدًا، يسابق الشباب على الصفوف الأولى، يرتدي سترته العسكرية وهو ابن الستين، ويربط على جرح يده ويقاوم رغم شيبته، ولم يترك ميدان القتال ولا ساحات التفاوض والسياسة.
✍️هو أدار المعركة من بدايتها حتى نهاية عمره، وأذاق عدوه الحسرة، وساق جنوده لخاتمة يريدها لنفسه، حتى في آخر لحظات حياته كان هو المتحكم في زمام المعركة، فتلثم وأخفى ملامحه عن المسيّرة، ورماها بعصاه مستفزًّا، لو علم جنود الاحتلال (التيك توكرز) أنهم عثروا عليه لحرصوا على أسره حيًّا، وأخرجوه عاريًا، والتقطوا معه صورة “سيلفي” تُظهر تشفّيهم وإذلاله، ولكنه ضيّع على أعدائه نشوة الانتصار؛ فلا هم رصدوه ولا أسروه ولا اغتالوه، بل قاتلهم حتى آخر رمق كي ينال شرف الشهادة مشتبكًا.
✍️استشهاده إدانة لهم
على مدار عام كامل جنّدت دولة الاحتلال طاقاتها وقدراتها، وجنودها وكوادرها، وحلفاءها وعملاءها واستخباراتها، للوصول إلى معلومة عن مكانه، أو خيط يدل على تحركاته، وفي طريقهم لتحقيق ذلك قصفوا المدارس والمستشفيات، ودمروا كل شيء فوق الأرض وتحتها، ليصطدم به جنود الاحتلال في نهاية المطاف (صدفة) وهو يقاتلهم، ثم يفضحهم باستشهاده فوق الأرض، وهم الذين أشاعوا اتخاذه الأسرى دروعًا بشرية تحت الأرض، واحتماءه بالمواطنين في مراكز الإيواء وخيام النازحين.
✍️ويأبى أن يرحل قبل أن يُلحق بالعدو فشلاً سياسيًّا وعسكريًّا مضاعفًا؛ لم يكن موجودًا في خيام النازحين، ولا في مراكز الإيواء، ولا المدارس ولا المستشفيات، ولم يعرف مكانه الشاباك ولا الموساد، ولا الجيش ولا الاستخبارات، ولا الجنود ولا الأمريكان ولا الحلفاء، فكان قتلهم أربعين ألف إنسان في تلك الأماكن دليل إدانة دامغًا على جرائمهم لو أن في العالم عدل.
✍️قل للشامتين
لا يفرح باستشهاد القادة المجاهدين إلا منافق متصهين، ماذا بين السنوار وبين ربه من خبايا كي لا نسمع له صوتًا لعام كامل، ولا نرى له صورة إلا صورة العز في ميدان القتال؟ صورة أرادها الله بأيدي أعدائه لتجعل حياته أطول من حياة قاتليه، صورة يندم الاحتلال أن سرّبها جنوده لسيد الطوفان وهو يمتشق سلاحه ويحتضن جعبته، ويخوض معركة العز والشرف والكرامة، ويكتب لنفسه وللمقاومة ولقادتها تفويضًا بالدم، وشرعية صاغها بالعز والفخر والاعتزاز، تاركًا للاحتلال والأعراب والمطبعين الخيبة والصدمة والذل والعار، ولعنات تطاردهم حتى قيام الساعة؛ فهم أعوان القتلة، والأعراب أشد كفرًا ونفاقًا حين يقفون إلى جانب من قتلوا قبل يحيى زكريا ويحيى، وسائر الأنبياء والشهداء والقادة المصلحين.
✍️نجم أكتوبر
سلام عليك يا يحيى يوم ولدت، ويوم أُسرت، ويوم تحررت، ويوم أطلقت الطوفان، ويوم تموت ويوم تبعث حيًا، أكتوبر كان شاهدًا على محطات مفصلية في حياتك من مولدك في خان يونس في 29 أكتوبر 1962، ˝وخروجك من السجن في صفقة تبادل الأسرى (وفاء الأحرار) في 18 أكتوبر 2011، ˝وإطلاقك شرارة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، ˝واستشهادك مشتبكًا في رفح في 16 أكتوبر 2024. ارتقى نجمك في أكتوبر ليخلد في سماء المجاهدين.
✍️إن قُتل زيد فجعفر
اللحظات الأخيرة للقائد يحيى وهو يتقدم الصفوف الأمامية دليل على صوابية الخيار، قاتل بشرف وفخر من الخطوط الأمامية، ومن نقطة الصفر رفع سلاحه في وجه أعدائه، واشتبك فارس المعركة وهو المطلوب الأول، كالأسد الهصور في ساحات الوغى، لم يعرف التقهقر طريقًا إلى قلبه، سقط جسد يحيى لتحيا روحه فوق تراب المعركة كيما تشهد مع الأمة نصرًا قريبًا.
✍️مات أبو إبراهيم وقلبه معلق بالسيف والجهاد، بالشوك والقرنفل، بالأسرى والمسرى، رحل السنوار بعد صديق عمره هنية، كما رحل الرنتيسي المقدام بعد أحمد ياسين المؤسس الإمام، وسيخلف القائد قادة؛ فإنما “نحن نعمل بإرادة الله وعلى عينه، يخلف القائدَ قادة، والجنديَّ عشرة، والشهيدَ ألف مقاوم، فهذه الأرض تُنبت المقاومين كما تُنبت الزيتون، وتُورّث الإباء للأجيال كما ورثته من آلاف الأنبياء والصحابة والصالحين والمجاهدين”. كما قالها أبو عبيدة.
✍️يا رجل المفاجآت
يا أشجع فرسان أمتنا، طريق الأحرار لنا رسمت. يا أيها المتوشح بالمجد، جميعهم تساقطوا لمّا ارتقيت، تراجعوا وصمدت، ترددوا واقتحمت، تهاووْا وسموت!. اضرب بعصاك الكفر فما جبنتَ ولا توانيت، أطلق طوفان الأقصى وارقب فينا النصر حين رمينا وحين رميت، جميعهم هُزموا ووحدك انتصرت.
بقلم: #ابراهيم_عبيدى ✍️🇪🇬
#سيد_الطوفان_يحى_السنوار #شهيد_نجم_اكتوبر. ❝
❞ كتب المعاجم ترى أن ( الحلف والقسم ) لفظان مترادفان يؤديان معنى واحدا من غير فرق أو تمييز بينهما ، وتفسر أحدهما بالآخر ، ولكن حين نستقرئ استعمال الكلمتين ، وأصل اشتقاقهما لنتعرف على الفرق بينهما ، نجد أن العرب يقولون ( حلفة فاجر ، وأحلوفة كاذبة ) ، ولم يرد مثل هذا مع القسم .. ❝ ⏤د. سامي عطا حسن
❞ كتب المعاجم ترى أن ( الحلف والقسم ) لفظان مترادفان يؤديان معنى واحدا من غير فرق أو تمييز بينهما ، وتفسر أحدهما بالآخر ، ولكن حين نستقرئ استعمال الكلمتين ، وأصل اشتقاقهما لنتعرف على الفرق بينهما ، نجد أن العرب يقولون ( حلفة فاجر ، وأحلوفة كاذبة ) ، ولم يرد مثل هذا مع القسم. ❝
❞ كل شيء إلا الخيانة يجوز"،مؤلم جدًا عندما يأتي الغدر من حيث الأمان، ولكني بعدها تذكرت أن الشيء الوحيد الثابت في هذه الحياة أنه لاشيء يثبت على حاله، ولا شيء يبقى كما هو، وبذكر هذا نستشهد بقول كثير عَزة:"ومَنْ ذا الذي يا عزَّ لا يتغيَّرُ"، هذة القضية هي الأفضل من بين تلك القضايا، كما أعجبتني النهاية كثيرًا، لم أشعر طوال الرواية بأن هذا تفكير ضابط، شعرت بأنه تفكير إنسان عادي، وهناك خطأ صغير في الرواية لم أحبه وهو قول "والنبي"، لا يجوز الحلفان بغير الله.
وختامًا جميل بثينة يقول
وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ
وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد.. ❝ ⏤ميرنا المهدي
❞ كل شيء إلا الخيانة يجوز˝،مؤلم جدًا عندما يأتي الغدر من حيث الأمان، ولكني بعدها تذكرت أن الشيء الوحيد الثابت في هذه الحياة أنه لاشيء يثبت على حاله، ولا شيء يبقى كما هو، وبذكر هذا نستشهد بقول كثير عَزة:˝˝ومَنْ ذا الذي يا عزَّ لا يتغيَّرُ˝، هذة القضية هي الأفضل من بين تلك القضايا، كما أعجبتني النهاية كثيرًا، لم أشعر طوال الرواية بأن هذا تفكير ضابط، شعرت بأنه تفكير إنسان عادي، وهناك خطأ صغير في الرواية لم أحبه وهو قول ˝والنبي˝، لا يجوز الحلفان بغير الله.
وختامًا جميل بثينة يقول
وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ
وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد. ❝
❞ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)
قوله تعالى : وفديناه بذبح عظيم الذبح اسم المذبوح وجمعه ذبوح ، كالطحن اسم المطحون . والذبح بالفتح المصدر . " عظيم " أي : عظيم القدر ، ولم يرد عظيم الجثة . وإنما عظم قدره لأنه فدي به الذبيح ، أو لأنه متقبل . قال النحاس : عظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف . وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف ، أو المتقبل . وقال ابن عباس : هو الكبش الذي تقرب به هابيل ، وكان في الجنة يرعى حتى فدى الله به إسماعيل . وعنه أيضا : أنه كبش أرسله الله من الجنة كان قد رعى في الجنة أربعين خريفا . وقال الحسن : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير ، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه ، وهذا قول علي - رضي الله عنه - . فلما رآه إبراهيم أخذه فذبحه وأعتق ابنه . وقال : يا بني اليوم وهبت لي . وقال أبو إسحاق الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل ، والوعل : التيس الجبلي . وأهل التفسير على أنه فدي بكبش .
في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر . وهذا مذهب مالك وأصحابه . قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر . وحجتهم قوله سبحانه وتعالى : وفديناه بذبح عظيم أي : ضخم الجثة سمين ، وذلك كبش لا جمل ولا بقرة . وروى مجاهد وغيره عن ابن عباس أنه سأله رجل : إني نذرت أن أنحر ابني ؟ فقال : يجزيك كبش سمين ، ثم قرأ : وفديناه بذبح عظيم . وقال بعضهم : لو علم الله حيوانا أفضل من الكبش لفدى به إسحاق . وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين . وأكثر ما ضحى به الكباش . وذكر ابن أبي شيبة عن ابن علية عن الليث عن مجاهد قال : الذبح العظيم : الشاة .
واختلفوا أيهما أفضل : الأضحية أو الصدقة بثمنها . فقال مالك وأصحابه : الضحية أفضل إلا بمنى ; لأنه ليس موضع الأضحية ، حكاه أبو عمر . وقال ابن المنذر : روينا عن بلال أنه قال : ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فيه - هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به . وهذا قول الشعبي : إن الصدقة أفضل . وبه قال مالك وأبو ثور . وفيه قول ثان : إن الضحية أفضل ، هذا قول ربيعة وأبي الزناد . وبه قال أصحاب الرأي . زاد أبو عمر : وأحمد بن حنبل . قالوا : الضحية أفضل من الصدقة ; لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد . ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل . وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله . قال أبو عمر : وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان ، فمنها ما رواه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من نفقة بعد صلة الرحم أفضل عند الله من إهراق الدم قال أبو عمر : وهو حديث غريب من حديث مالك . وعن عائشة قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة ، فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد . وخرج الترمذي أيضا عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض ، فطيبوا بها نفسا قال : وفي الباب عن عمران بن حصين وزيد بن أرقم . وهذا حديث حسن .
الضحية ليست بواجبة ولكنها سنة ومعروف . وقال عكرمة : كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحما ، ويقول : من لقيت فقل : هذه أضحية ابن عباس . قال أبو عمر : ومجمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم ، لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض ، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم ; لأنهم الواسطة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته ، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم . وقد حكى الطحاوي في مختصره : وقال أبو حنيفة : الأضحية واجبة على المقيمين الواجدين من أهل الأمصار ، ولا تجب على المسافر . قال : ويجب على الرجل من الأضحية على ولده الصغير مثل الذي يجب عليه من نفسه . وخالفه أبو يوسف ومحمد فقالا : ليست بواجبة ولكنها سنة غير مرخص لمن وجد السبيل إليها في تركها . قال : وبه نأخذ . قال أبو عمر : وهذا قول مالك ، قال : لا ينبغي لأحد تركها مسافرا كان أو مقيما ، فإن تركها فبئس ما صنع إلا أن يكون له عذر إلا الحاج بمنى . وقال الإمام الشافعي : هي سنة على جميع الناس وعلى الحاج بمنى وليست بواجبة . وقد احتج من أوجبها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بردة بن نيار أن يعيد ضحية أخرى ; لأن ما لم يكن فرضا لا يؤمر فيه بالإعادة . احتج آخرون بحديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي قالوا : فلو كان ذلك واجبا لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحي . وهو قول أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال .
والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية : وهي الضأن والمعز والإبل والبقر . قال ابن المنذر : وقد حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : يضحى ببقرة الوحش عن سبعة ، وبالظبي عن رجل . وقال الإمام الشافعي : لو نزا ثور وحشي على بقرة إنسية ، أو ثور إنسي على بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا أضحية . وقال أصحاب الرأي : جائز ; لأن ولدها بمنزلة أمه . وقال أبو ثور : يجوز إذا كان منسوبا إلى الأنعام .
قد مضى في سورة [ الحج ] الكلام في وقت الذبح والأكل من الأضحية مستوفى . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما في رواية قال : ويقول : بسم الله والله أكبر وقد مضى في آخر [ الأنعام ] حديث عمران بن حصين ، ومضى في [ المائدة ] القول في التذكية وبيانها وما يذكى به ، وأن ذكاة الجنين ذكاة أمه مستوفى . وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . وقد اختلف العلماء في هذا فكان الحسن البصري يقول في الأضحية : بسم الله والله أكبر ، هذا منك ولك ، تقبل من فلان . وقال مالك : إن فعل ذلك فحسن ، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه . وقال الشافعي : والتسمية على الذبيحة بسم الله ، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله ، أو صلى على محمد - عليه السلام - لم أكرهه ، أو قال : اللهم تقبل مني ، أو قال : تقبل من فلان ، فلا بأس . وقال النعمان : يكره أن يذكر مع اسم الله غيره ، يكره أن يقول : اللهم تقبل من فلان عند الذبح . وقال : لا بأس إذا كان قبل التسمية وقبل أن يضجع للذبح . وحديث عائشة يرد هذا القول . وقد تقدم أن إبراهيم - عليه السلام - قال لما أراد ذبح ابنه : الله أكبر والحمد لله . فبقي سنة .
روى البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : أربعا - وكان البراء يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى لفظ مالك ولا خلاف فيه . واختلف في اليسير من ذلك . وفي الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن ، وألا نضحي بمقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء . قال : والمقابلة ما قطع طرف أذنها ، والمدابرة ما قطع من جانب الأذن ، والشرقاء المشقوقة ، والخرقاء المثقوبة ، قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي الموطأ عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسنن ، والتي نقص من خلقها . قال مالك : وهذا أحب ما سمعت إلي . قال القتبي : لم تسنن أي : لم تنبت أسنانها كأنها لم تعط أسنانا . وهذا كما يقال : فلان لم يلبن أي : لم يعط لبنا ، ولم يسمن أي : لم يعط سمنا ، ولم يعسل أي : لم يعط عسلا . وهذا مثل النهي في الأضاحي عن الهتماء . قال أبو عمر : ولا بأس أن يضحى عند مالك بالشاة الهتماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم وكانت سمينة ، فإن كانت ساقطة الأسنان وهي فتية لم يجز أن يضحى بها ; لأنه عيب غير خفيف . والنقصان كله مكروه ، وشرحه وتفصيله في كتب الفقه . وفي الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : استشرقوا ضحاياكم ؛ فإنها على الصراط مطاياكم ذكره الزمخشري .
ودلت الآية على أن من نذر نحر ابنه أو ذبحه أنه يفديه بكبش كما فدى به إبراهيم ابنه ، قاله ابن عباس . وعنه رواية أخرى : ينحر مائة من الإبل كما فدى بها عبد المطلب ابنه ، روى الروايتين عنه الشعبي . وروى عنه القاسم بن محمد : يجزيه كفارة يمين . وقال مسروق : لا شيء عليه . وقال الشافعي : هو معصية يستغفر الله منها . وقال أبو حنيفة : هي كلمة يلزمه بها في ولده ذبح شاة ، ولا يلزمه في غير ولده شيء . قال محمد : عليه في الحلف بنحر عبده مثل الذي عليه في الحلف بنحر ولده إذا حنث . وذكر ابن عبد الحكم عن مالك فيمن قال : أنا أنحر ولدي عند مقام إبراهيم في يمين ثم حنث فعليه هدي . قال : ومن نذر أن ينحر ابنه ولم يقل عند مقام إبراهيم ولا أراد فلا شيء عليه . قال : ومن جعل ابنه هديا أهدى عنه ، قال القاضي ابن العربي : يلزمه شاة كما قال أبو حنيفة ; لأن الله تعالى جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعا ، فألزم الله إبراهيم ذبح الولد ، وأخرجه عنه بذبح شاة . وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده يلزمه أن يذبح شاة ; لأن الله تعالى قال : ملة أبيكم إبراهيم والإيمان التزام أصلي ، والنذر التزام فرعي ، فيجب أن يكون محمولا عليه . فإن قيل : كيف يؤمر إبراهيم بذبح الولد وهو معصية ، والأمر بالمعصية لا يجوز ؟ . قلنا : هذا اعتراض على كتاب الله ، ولا يكون ذلك ممن يعتقد الإسلام ، فكيف بمن يفتي في الحلال والحرام ، وقد قال الله تعالى : افعل ما تؤمر والذي يجلو الإلباس عن قلوب الناس في ذلك : أن المعاصي والطاعات ليست بأوصاف ذاتية للأعيان ، وإنما الطاعات عبارة عما تعلق به الأمر من الأفعال ، والمعصية عبارة عما تعلق به النهي من الأفعال ، فلما تعلق الأمر بذبح الولد إسماعيل من إبراهيم صار طاعة وابتلاء ، ولهذا قال الله تعالى : إن هذا لهو البلاء المبين في الصبر على ذبح الولد والنفس ، ولما تعلق النهي بنا في ذبح أبنائنا صار معصية . فإن قيل : كيف يصير نذرا وهو معصية . قلنا : إنما يكون معصية لو كان يقصد ذبح الولد بنذره ولا ينوي الفداء ؟ فإن قيل : فلو وقع ذلك وقصد المعصية ولم ينو الفداء ؟ قلنا : لو قصد ذلك لم يضره في قصده ولا أثر في نذره ; لأن نذر الولد صار عبارة عن ذبح الشاة شرعا .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)
قوله تعالى : وفديناه بذبح عظيم الذبح اسم المذبوح وجمعه ذبوح ، كالطحن اسم المطحون . والذبح بالفتح المصدر . ˝ عظيم ˝ أي : عظيم القدر ، ولم يرد عظيم الجثة . وإنما عظم قدره لأنه فدي به الذبيح ، أو لأنه متقبل . قال النحاس : عظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف . وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف ، أو المتقبل . وقال ابن عباس : هو الكبش الذي تقرب به هابيل ، وكان في الجنة يرعى حتى فدى الله به إسماعيل . وعنه أيضا : أنه كبش أرسله الله من الجنة كان قد رعى في الجنة أربعين خريفا . وقال الحسن : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير ، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه ، وهذا قول علي - رضي الله عنه - . فلما رآه إبراهيم أخذه فذبحه وأعتق ابنه . وقال : يا بني اليوم وهبت لي . وقال أبو إسحاق الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل ، والوعل : التيس الجبلي . وأهل التفسير على أنه فدي بكبش .
في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر . وهذا مذهب مالك وأصحابه . قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر . وحجتهم قوله سبحانه وتعالى : وفديناه بذبح عظيم أي : ضخم الجثة سمين ، وذلك كبش لا جمل ولا بقرة . وروى مجاهد وغيره عن ابن عباس أنه سأله رجل : إني نذرت أن أنحر ابني ؟ فقال : يجزيك كبش سمين ، ثم قرأ : وفديناه بذبح عظيم . وقال بعضهم : لو علم الله حيوانا أفضل من الكبش لفدى به إسحاق . وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين . وأكثر ما ضحى به الكباش . وذكر ابن أبي شيبة عن ابن علية عن الليث عن مجاهد قال : الذبح العظيم : الشاة .
واختلفوا أيهما أفضل : الأضحية أو الصدقة بثمنها . فقال مالك وأصحابه : الضحية أفضل إلا بمنى ; لأنه ليس موضع الأضحية ، حكاه أبو عمر . وقال ابن المنذر : روينا عن بلال أنه قال : ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فيه - هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به . وهذا قول الشعبي : إن الصدقة أفضل . وبه قال مالك وأبو ثور . وفيه قول ثان : إن الضحية أفضل ، هذا قول ربيعة وأبي الزناد . وبه قال أصحاب الرأي . زاد أبو عمر : وأحمد بن حنبل . قالوا : الضحية أفضل من الصدقة ; لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد . ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل . وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله . قال أبو عمر : وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان ، فمنها ما رواه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من نفقة بعد صلة الرحم أفضل عند الله من إهراق الدم قال أبو عمر : وهو حديث غريب من حديث مالك . وعن عائشة قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة ، فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد . وخرج الترمذي أيضا عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض ، فطيبوا بها نفسا قال : وفي الباب عن عمران بن حصين وزيد بن أرقم . وهذا حديث حسن .
الضحية ليست بواجبة ولكنها سنة ومعروف . وقال عكرمة : كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحما ، ويقول : من لقيت فقل : هذه أضحية ابن عباس . قال أبو عمر : ومجمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم ، لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض ، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم ; لأنهم الواسطة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته ، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم . وقد حكى الطحاوي في مختصره : وقال أبو حنيفة : الأضحية واجبة على المقيمين الواجدين من أهل الأمصار ، ولا تجب على المسافر . قال : ويجب على الرجل من الأضحية على ولده الصغير مثل الذي يجب عليه من نفسه . وخالفه أبو يوسف ومحمد فقالا : ليست بواجبة ولكنها سنة غير مرخص لمن وجد السبيل إليها في تركها . قال : وبه نأخذ . قال أبو عمر : وهذا قول مالك ، قال : لا ينبغي لأحد تركها مسافرا كان أو مقيما ، فإن تركها فبئس ما صنع إلا أن يكون له عذر إلا الحاج بمنى . وقال الإمام الشافعي : هي سنة على جميع الناس وعلى الحاج بمنى وليست بواجبة . وقد احتج من أوجبها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بردة بن نيار أن يعيد ضحية أخرى ; لأن ما لم يكن فرضا لا يؤمر فيه بالإعادة . احتج آخرون بحديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي قالوا : فلو كان ذلك واجبا لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحي . وهو قول أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال .
والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية : وهي الضأن والمعز والإبل والبقر . قال ابن المنذر : وقد حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : يضحى ببقرة الوحش عن سبعة ، وبالظبي عن رجل . وقال الإمام الشافعي : لو نزا ثور وحشي على بقرة إنسية ، أو ثور إنسي على بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا أضحية . وقال أصحاب الرأي : جائز ; لأن ولدها بمنزلة أمه . وقال أبو ثور : يجوز إذا كان منسوبا إلى الأنعام .
قد مضى في سورة [ الحج ] الكلام في وقت الذبح والأكل من الأضحية مستوفى . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما في رواية قال : ويقول : بسم الله والله أكبر وقد مضى في آخر [ الأنعام ] حديث عمران بن حصين ، ومضى في [ المائدة ] القول في التذكية وبيانها وما يذكى به ، وأن ذكاة الجنين ذكاة أمه مستوفى . وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . وقد اختلف العلماء في هذا فكان الحسن البصري يقول في الأضحية : بسم الله والله أكبر ، هذا منك ولك ، تقبل من فلان . وقال مالك : إن فعل ذلك فحسن ، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه . وقال الشافعي : والتسمية على الذبيحة بسم الله ، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله ، أو صلى على محمد - عليه السلام - لم أكرهه ، أو قال : اللهم تقبل مني ، أو قال : تقبل من فلان ، فلا بأس . وقال النعمان : يكره أن يذكر مع اسم الله غيره ، يكره أن يقول : اللهم تقبل من فلان عند الذبح . وقال : لا بأس إذا كان قبل التسمية وقبل أن يضجع للذبح . وحديث عائشة يرد هذا القول . وقد تقدم أن إبراهيم - عليه السلام - قال لما أراد ذبح ابنه : الله أكبر والحمد لله . فبقي سنة .
روى البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : أربعا - وكان البراء يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى لفظ مالك ولا خلاف فيه . واختلف في اليسير من ذلك . وفي الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن ، وألا نضحي بمقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء . قال : والمقابلة ما قطع طرف أذنها ، والمدابرة ما قطع من جانب الأذن ، والشرقاء المشقوقة ، والخرقاء المثقوبة ، قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي الموطأ عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسنن ، والتي نقص من خلقها . قال مالك : وهذا أحب ما سمعت إلي . قال القتبي : لم تسنن أي : لم تنبت أسنانها كأنها لم تعط أسنانا . وهذا كما يقال : فلان لم يلبن أي : لم يعط لبنا ، ولم يسمن أي : لم يعط سمنا ، ولم يعسل أي : لم يعط عسلا . وهذا مثل النهي في الأضاحي عن الهتماء . قال أبو عمر : ولا بأس أن يضحى عند مالك بالشاة الهتماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم وكانت سمينة ، فإن كانت ساقطة الأسنان وهي فتية لم يجز أن يضحى بها ; لأنه عيب غير خفيف . والنقصان كله مكروه ، وشرحه وتفصيله في كتب الفقه . وفي الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : استشرقوا ضحاياكم ؛ فإنها على الصراط مطاياكم ذكره الزمخشري .
ودلت الآية على أن من نذر نحر ابنه أو ذبحه أنه يفديه بكبش كما فدى به إبراهيم ابنه ، قاله ابن عباس . وعنه رواية أخرى : ينحر مائة من الإبل كما فدى بها عبد المطلب ابنه ، روى الروايتين عنه الشعبي . وروى عنه القاسم بن محمد : يجزيه كفارة يمين . وقال مسروق : لا شيء عليه . وقال الشافعي : هو معصية يستغفر الله منها . وقال أبو حنيفة : هي كلمة يلزمه بها في ولده ذبح شاة ، ولا يلزمه في غير ولده شيء . قال محمد : عليه في الحلف بنحر عبده مثل الذي عليه في الحلف بنحر ولده إذا حنث . وذكر ابن عبد الحكم عن مالك فيمن قال : أنا أنحر ولدي عند مقام إبراهيم في يمين ثم حنث فعليه هدي . قال : ومن نذر أن ينحر ابنه ولم يقل عند مقام إبراهيم ولا أراد فلا شيء عليه . قال : ومن جعل ابنه هديا أهدى عنه ، قال القاضي ابن العربي : يلزمه شاة كما قال أبو حنيفة ; لأن الله تعالى جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعا ، فألزم الله إبراهيم ذبح الولد ، وأخرجه عنه بذبح شاة . وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده يلزمه أن يذبح شاة ; لأن الله تعالى قال : ملة أبيكم إبراهيم والإيمان التزام أصلي ، والنذر التزام فرعي ، فيجب أن يكون محمولا عليه . فإن قيل : كيف يؤمر إبراهيم بذبح الولد وهو معصية ، والأمر بالمعصية لا يجوز ؟ . قلنا : هذا اعتراض على كتاب الله ، ولا يكون ذلك ممن يعتقد الإسلام ، فكيف بمن يفتي في الحلال والحرام ، وقد قال الله تعالى : افعل ما تؤمر والذي يجلو الإلباس عن قلوب الناس في ذلك : أن المعاصي والطاعات ليست بأوصاف ذاتية للأعيان ، وإنما الطاعات عبارة عما تعلق به الأمر من الأفعال ، والمعصية عبارة عما تعلق به النهي من الأفعال ، فلما تعلق الأمر بذبح الولد إسماعيل من إبراهيم صار طاعة وابتلاء ، ولهذا قال الله تعالى : إن هذا لهو البلاء المبين في الصبر على ذبح الولد والنفس ، ولما تعلق النهي بنا في ذبح أبنائنا صار معصية . فإن قيل : كيف يصير نذرا وهو معصية . قلنا : إنما يكون معصية لو كان يقصد ذبح الولد بنذره ولا ينوي الفداء ؟ فإن قيل : فلو وقع ذلك وقصد المعصية ولم ينو الفداء ؟ قلنا : لو قصد ذلك لم يضره في قصده ولا أثر في نذره ; لأن نذر الولد صار عبارة عن ذبح الشاة شرعا. ❝
❞ بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ.
صحيح البخاري 2087
#شرح_الــدررالسنيـــه
للبَيعِ والشِّراءِ آدابٌ وأحكامٌ نَصَّ عليها دِينُنا الحَنيفُ، ويَجِبُ على البائعِ والمُشتري تَعلُّمُ هذه الأحكامِ والآدابِ؛ صِيانةً لدِينِهما ودُنْياهما.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن استِعمالِ الحَلِفِ والإكْثارِ منه في البَيْعِ مِن أجْلِ تَرويجِ السِّلعةِ؛ فإنَّ الحَلِفَ واليَمينَ -حتَّى ولو كان البائِعُ صادِقًا- مَظِنَّةٌ لرَواجِ السِّلعةِ في الحالِ، لكنَّه مُزيلٌ لبَرَكتِها في المآلِ، بأنْ يُسلِّطَ اللهُ تعالَى عليها وُجوهًا مِن أسبابِ التَّلَفِ؛ إمَّا سَرِقةً، أو حَرْقًا، أو غَرَقًا، أو غَصْبًا، أو نَهْبًا، أو عَوارضَ أُخرى يَتلَفُ بها ما شاءَ اللهُ تعالَى، فيكونُ كَسْبُه وجَمْعُه مُجرَّدَ تَعَبٍ وكَدٍّ، وهو عِقابٌ مِن اللهِ تعالَى على كَثرةِ الحَلِفِ؛ ففي رِوايةِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ الأنصاريِّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إيَّاكم وكَثْرةَ الحَلِفِ في البَيعِ»! أو المرادُ بالحَلِفِ الحلِفُ الكاذبُ، كما في رِوايةِ أحمَدَ: «اليمينُ الكاذبةُ مَنفَقةٌ للسِّلعةِ مَمْحَقةٌ للكسْبِ».
وقولُه: «مُنَفِّقَةٌ» و«مُمْحِقَةٌ» رُوِيَ على وَجهَينِ؛ الأوَّلُ: «مُنَفِّقةٌ» بضَمِّ الميمِ وتَشديدِ الفاءِ المكسورةِ، أي: مُرِّوجةٌ، و«مُمْحِقَةٌ» بضَمِّ الميمِ وكسْرِ الحاءِ، أي: مُذهِبةٌ. والثاني: «مَنفَقةٌ» بفَتْحِ المِيمِ والفاءِ بيْنهما نونٌ ساكِنةٌ- مَفْعَلةٌ مِن النَّفاقِ -بفَتْحِ النُّونِ-وهو الرَّواجُ ضِدُّ الكَسادِ. و«مَمْحَقةٌ» بفتْحِ الميمِ والحاءِ، أي: مَوضِعٌ لنُقصانِ البركةِ، ومَظِنَّةٌ له في المالِ.
وفي الحَديثِ: تَعظيمُ أمْرِ الحَلِفِ باللهِ، وأنَّه لا يكونُ إلَّا لِحاجةٍ.. ❝ ⏤منتقبه ذات اثر
❞ بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ.
صحيح البخاري 2087
#شرح_الــدررالسنيـــه للبَيعِ والشِّراءِ آدابٌ وأحكامٌ نَصَّ عليها دِينُنا الحَنيفُ، ويَجِبُ على البائعِ والمُشتري تَعلُّمُ هذه الأحكامِ والآدابِ؛ صِيانةً لدِينِهما ودُنْياهما.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن استِعمالِ الحَلِفِ والإكْثارِ منه في البَيْعِ مِن أجْلِ تَرويجِ السِّلعةِ؛ فإنَّ الحَلِفَ واليَمينَ -حتَّى ولو كان البائِعُ صادِقًا- مَظِنَّةٌ لرَواجِ السِّلعةِ في الحالِ، لكنَّه مُزيلٌ لبَرَكتِها في المآلِ، بأنْ يُسلِّطَ اللهُ تعالَى عليها وُجوهًا مِن أسبابِ التَّلَفِ؛ إمَّا سَرِقةً، أو حَرْقًا، أو غَرَقًا، أو غَصْبًا، أو نَهْبًا، أو عَوارضَ أُخرى يَتلَفُ بها ما شاءَ اللهُ تعالَى، فيكونُ كَسْبُه وجَمْعُه مُجرَّدَ تَعَبٍ وكَدٍّ، وهو عِقابٌ مِن اللهِ تعالَى على كَثرةِ الحَلِفِ؛ ففي رِوايةِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ الأنصاريِّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إيَّاكم وكَثْرةَ الحَلِفِ في البَيعِ»! أو المرادُ بالحَلِفِ الحلِفُ الكاذبُ، كما في رِوايةِ أحمَدَ: «اليمينُ الكاذبةُ مَنفَقةٌ للسِّلعةِ مَمْحَقةٌ للكسْبِ».
وقولُه: «مُنَفِّقَةٌ» و«مُمْحِقَةٌ» رُوِيَ على وَجهَينِ؛ الأوَّلُ: «مُنَفِّقةٌ» بضَمِّ الميمِ وتَشديدِ الفاءِ المكسورةِ، أي: مُرِّوجةٌ، و«مُمْحِقَةٌ» بضَمِّ الميمِ وكسْرِ الحاءِ، أي: مُذهِبةٌ. والثاني: «مَنفَقةٌ» بفَتْحِ المِيمِ والفاءِ بيْنهما نونٌ ساكِنةٌ- مَفْعَلةٌ مِن النَّفاقِ -بفَتْحِ النُّونِ-وهو الرَّواجُ ضِدُّ الكَسادِ. و«مَمْحَقةٌ» بفتْحِ الميمِ والحاءِ، أي: مَوضِعٌ لنُقصانِ البركةِ، ومَظِنَّةٌ له في المالِ.
وفي الحَديثِ: تَعظيمُ أمْرِ الحَلِفِ باللهِ، وأنَّه لا يكونُ إلَّا لِحاجةٍ. ❝