❞ في العام 1985 ميلادية وأنا في الصف الأول الإعدادي.
سمعت وقرأت كما سمع عموم المصريين في الإذاعة والتليفزيون...
أن أحد الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل قام بقتل سبع إسرائيليين
رغم توقيع اتفاقية سلام مع الجانب الإسرائيلي، وتم إلقاء القبض على هذا الجندي المصري وتم التحقيق معه وحكمت المحكمة المصرية عليه بالسجن المؤبد.
ولكن الجهات الإسرائيلية طالبت بتسليمه لإسرائيل ومحاكمته أمام المحاكم الإسرائيلية ذلك الطلب الذي قوبل بالرفض من الجانب المصري لما يحمل في طياته من انتهاك للحقوق والسيادة المصرية على أراضيها.
ودون الدخول في تفاصيل التحقيقات والأقوال التي أدلى بها الجندي سليمان خاطر من مواليد الشرقية عام 1961 ميلادية، وكان يخدم في التجنيد الإجباري في وزارة الداخلية المصرية وكان يؤدي واجبه تجاه وطنه.
ولكن حدث بعد فترة غير طويلة من قرار حبسه أنه وجد منتحراً في زنزانته معلقاً بملاية سرير في شباك الزنزانة.
ورغم كل الدلائل تشير إلى ارتفاع معنوياته وفخره بما قام به من عمل بطولي، وأنه لم يمر بمراحل اكتئاب نفسي وانتحاره ظل لغزاً حير كثير من العقول التي تعشق حل الألغاز.
وتمر السنون تلو السنين وأجلس مع رجل محترم من قرية السوالم عمره تجاوز الخمسين من عمره.
وكان يجلس دوماً معاً ويحكي عن ذكرياته في الجيش، وكيف حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات قضى جزءاً كبيراً في السجن الحربي، وذكر لي أنه كان مسجوناً بجواره (سليمان خاطر)، وكأنني سمعت هذا الاسم من قبل لقد مرَّ خمسة وعشرون عاماً على سماع اسمه في نشرة الأخبار.
وقلت له: مَن سليمان خاطر؟ قال لي: ذلك الجندي الذي قتل الإسرائيليين على الحدود المصرية. وتذكرت قصته كاملة وقلت له: ذكرت الأخبار أنه مات منتحراً. هل كنت هناك وقت انتحاره؟
سكت قليلاً وقال لي: والخوف يتملكه أقول لك سراً لا يعرفه غيري.
كيف لا يعرفه غيرك؟
نعم لا يعرفه غيري لأنني رأيت بعيني ما لا يصدق!
قام بتشويقي وشد انتباهي
سليمان خاطر لم ينتحر
سليمان خاطر مات مقتولاً بأيدٍ إسرائيلية.
استغربت كلامه
كيف تصل الأيادي الإسرائيلية إلى السجن الحربي في مصر
قال: تريد أن تعرف الحقيقة؟
قلت: نعم بكل تأكيد كلامك في غاية الغرابة!
رد قائلاً: ليس بغريب كلامي.
ولكن الغريب ما حدث بالفعل أمام عيني.
سكت وتركته يسرد لي كل ما رأى وسمع في السجن الحربي وماذا حدث للبطل سليمان خاطر.
قال لي: بعدما رفضت مصر تسليم سليمان خاطر إلى إسرائيل أو أي جهة أجنبية.
بعد عدة أسابيع حضر وفد صحفي أجنبي لعمل حوار صحفي مع سليمان، ولكن في الحقيقة لم يكُن وفداً أجنبياً، إنه وفد إسرائيلي ومعهم كاميرات ومعدات تصوير.
وفي الحقيقة هي ليست كاميرات، بل أسلحة ليزر في شكل كاميرات يقوم بتوجيه شعاع ليزر إلى الضحية فتقتله في ثوانٍ دون ألم أو ترك علامات في الجسم، وبعد قتله تم تعليقه في ملاية السرير لكي يظهر وكأنه انتحر.
سمعت هذا وأنا في قمة الاستغراب، وكأنني أشاهد فيلم خيال علمي من إنتاج هوليود، ولكنه يقول هذا ما شاهدته وسمعته.. ❝ ⏤أحمد أبو تليح
❞ في العام 1985 ميلادية وأنا في الصف الأول الإعدادي.
سمعت وقرأت كما سمع عموم المصريين في الإذاعة والتليفزيون..
أن أحد الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل قام بقتل سبع إسرائيليين
رغم توقيع اتفاقية سلام مع الجانب الإسرائيلي، وتم إلقاء القبض على هذا الجندي المصري وتم التحقيق معه وحكمت المحكمة المصرية عليه بالسجن المؤبد.
ولكن الجهات الإسرائيلية طالبت بتسليمه لإسرائيل ومحاكمته أمام المحاكم الإسرائيلية ذلك الطلب الذي قوبل بالرفض من الجانب المصري لما يحمل في طياته من انتهاك للحقوق والسيادة المصرية على أراضيها.
ودون الدخول في تفاصيل التحقيقات والأقوال التي أدلى بها الجندي سليمان خاطر من مواليد الشرقية عام 1961 ميلادية، وكان يخدم في التجنيد الإجباري في وزارة الداخلية المصرية وكان يؤدي واجبه تجاه وطنه.
ولكن حدث بعد فترة غير طويلة من قرار حبسه أنه وجد منتحراً في زنزانته معلقاً بملاية سرير في شباك الزنزانة.
ورغم كل الدلائل تشير إلى ارتفاع معنوياته وفخره بما قام به من عمل بطولي، وأنه لم يمر بمراحل اكتئاب نفسي وانتحاره ظل لغزاً حير كثير من العقول التي تعشق حل الألغاز.
وتمر السنون تلو السنين وأجلس مع رجل محترم من قرية السوالم عمره تجاوز الخمسين من عمره.
وكان يجلس دوماً معاً ويحكي عن ذكرياته في الجيش، وكيف حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات قضى جزءاً كبيراً في السجن الحربي، وذكر لي أنه كان مسجوناً بجواره (سليمان خاطر)، وكأنني سمعت هذا الاسم من قبل لقد مرَّ خمسة وعشرون عاماً على سماع اسمه في نشرة الأخبار.
وقلت له: مَن سليمان خاطر؟ قال لي: ذلك الجندي الذي قتل الإسرائيليين على الحدود المصرية. وتذكرت قصته كاملة وقلت له: ذكرت الأخبار أنه مات منتحراً. هل كنت هناك وقت انتحاره؟
سكت قليلاً وقال لي: والخوف يتملكه أقول لك سراً لا يعرفه غيري.
كيف لا يعرفه غيرك؟
نعم لا يعرفه غيري لأنني رأيت بعيني ما لا يصدق!
قام بتشويقي وشد انتباهي
سليمان خاطر لم ينتحر
سليمان خاطر مات مقتولاً بأيدٍ إسرائيلية.
استغربت كلامه
كيف تصل الأيادي الإسرائيلية إلى السجن الحربي في مصر
قال: تريد أن تعرف الحقيقة؟
قلت: نعم بكل تأكيد كلامك في غاية الغرابة!
رد قائلاً: ليس بغريب كلامي.
ولكن الغريب ما حدث بالفعل أمام عيني.
سكت وتركته يسرد لي كل ما رأى وسمع في السجن الحربي وماذا حدث للبطل سليمان خاطر.
قال لي: بعدما رفضت مصر تسليم سليمان خاطر إلى إسرائيل أو أي جهة أجنبية.
بعد عدة أسابيع حضر وفد صحفي أجنبي لعمل حوار صحفي مع سليمان، ولكن في الحقيقة لم يكُن وفداً أجنبياً، إنه وفد إسرائيلي ومعهم كاميرات ومعدات تصوير.
وفي الحقيقة هي ليست كاميرات، بل أسلحة ليزر في شكل كاميرات يقوم بتوجيه شعاع ليزر إلى الضحية فتقتله في ثوانٍ دون ألم أو ترك علامات في الجسم، وبعد قتله تم تعليقه في ملاية السرير لكي يظهر وكأنه انتحر.
سمعت هذا وأنا في قمة الاستغراب، وكأنني أشاهد فيلم خيال علمي من إنتاج هوليود، ولكنه يقول هذا ما شاهدته وسمعته. ❝
❞ خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي .. فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام ..
رقم الباسبور ورقم العربة ورقم الشقة ورقم البطاقة العائلية وتليفونات من أعرف من الأصدقاء والزملاء .. وتليفونات المصالح والجرائد .. وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيباً وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة .. وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي .. وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء .. وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير ..
وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام .. تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب إلكتروني .. وكان المشهد مذهلاً .
كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد .. كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام ؟
وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ ؟
وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف ؟
وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة .. كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه ؟
وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولايطمس بعضها بعضاً؟
وغير الأرقام .. هناك الأسماء والإصطلاحات والكلمات .. والأشكال والوجوه .. تزدحم بها رأسنا . وهناك معالم الطبيعة التي طُفنا بها والأماكن التي زرناها .. وهناك الروائح .. ومع كل رائحة صورة لامرأة عرفناها أو مشهد نذكره ولواعج وأشواق وقصص وسيناريو من آلاف اللقطات .. وهناك الطعوم .. والنكهات .. يأتي الطعم في الفم فيسيل اللعاب شوقاً أو يتحرك الغثيان إشمئزازاً .. ومع كل طعم .. يجري شريط يحكي عن وليمة دسمة ذات يوم أو جرعة دواء مريرة ومرض طويل ممض وأوجاع أليمة .. حتى لمسة النسيم الحريرية ورائحة أصداف الشاطئ تحفظها لنا الذاكرة فتهب علينا لفحات الهواء الرطيب مع ذكراها وكأننا نعيشها من جديد .
حتى الأصوات والهمسات والوشوشات والصخَب والصراخ والضجيج والعويل والنشيج .
وفاصل من موسيقى ..
ومقطع من أغنية ..
ولطمة على وجه ..
وقرقعة عصاً على الظهر ..
وحشرجة ألم ..
كل هذا تحفظه الذاكرة وتسجله في دقة شديدة وأمانة .. ومعه بطاقة بالتاريخ والمناسبة وأسماء الأشخاص وظروف الواقعة ومحضر بالأقوال .. معجزة .. إسمها الذاكرة .
إن معنا رقيباً حقيقياً يكتب بالورقة والقلم كل دبة نمل في قلوبنا ؟
وما نتخيل أحياناً أننا نسيناه نكتشف أننا لم ننسه وأنه موجود يظهر لنا فجأة في لحظة استرخاء أو حلم أو بعد كأس أو في عيادة طبيب نفسي .. وأحياناً يظهر في زلة لسان أو خطأ إملائي .
لا شيء يُنسَى أبداً .. ولا شيء يضيع .. والماضي مكتوب بالفعل لحظة بلحظة ودقة قلب بدقة قلب .
والسؤال الكبير بل اللغز المحير هو .. أين توجد هذه الصور .. أين هذا الأرشيف السري ؟
وهو سؤال حاول أن يجيب عليه أكثر من عالِم وأكثر من فيلسوف .
الفلاسفة الماديون قالوا إن الذاكرة في المخ .. وإنها ليست أكثر من تغيرات كيميائية كهربائية تحدث لمادة المخ نتيجة الفعل العصبي للحوادث تماماً كما يحدث لشريط ريكوردر عند التسجيل .. وإن هذه اللفائف المسجلة تُحفَظ بالمخ وإنها تدور تلقائياً لحظة محاولة التذكر فتعيد ما كان .. في أمانة ودِقة .
الذاكرة مجرد نقش وحفر على مادة الخلايا .
ومصيرها أن تَبلَى وتتآكل كما تبلى النقوش وتتآكل وينتهي شأنها حينما ينتهي الإنسان بالموت وتتآكل خلاياه .
رأي مريح وسهل ولكنه أوقع أصحابه في مطلب لم يستطيعوا الخروج منه ..
فإذا كانت الذاكرة هي مجرد طارئ مادي يطرأ على مادة الخلايا فينبغي أن تتلف الذاكرة لأي تلف مادي مناظر في الخلايا المخية .. وينبغي أن يكون هناك توازٍ بين الحادثين .. كل نقص في ذاكرة معينة لا بد أن يقابله تلف في الخلايا المختصة المقابلة .. وهو أمر لا يشاهَد في إصابات المخ وأمراضه .. بل ما يشاهد هو العكس .
يصاب مركز الكلمات فلا تصاب ذاكرة الكلمات بأي تلف , وإنما الذي يحدث هو عاهة في النطق .. في الأداء الحركي للعضلات التي تنطق الكلمات . إن الموتور هو الذي يتلف بتلف الخلايا .. أما الذاكرة .. أما صورة الكلمات في الذهن فتظل سليمة .
♦♦ وهذا دليل على أن وظيفة المخ ليست الذاكرة ولا التذكر .
وإنما المخ هو مجرد سنترال يعطي التوصيلة .
هو مجرد أداة تُعَبّر به الكلمة عن نفسها في وسط مادي فتصبح صوتًا مسموعًا .. كما يفعل الراديو حينما يحوّل الموجة اللاسلكية إلى نبض كهربائي مسموع .. فإذا أصيب الراديو بعطل فلا يكون معنى هذا العطل أن تتعطل موجة الأثير .. وإنما فقط يحدث شلل في جهاز النطق في الراديو . أما الموجة فتظل سليمة على حالها يمكن أن يلتقطها راديو آخر سليم .
وهذا حال الذاكرة .. فهي صور وأفكار ورُؤى مستقلة مسكنها ومستقرها الروح وليس المخ ولا الجسد بحال .. وما المخ إلا وسيلة لنقل هذه الصور لتصبح كلمات منطوقة مسموعة في عالم ماديّ .
فإذا أصيب المخ بتلف .. يصاب النطق بالتلف ولا تصاب الذاكرة لأن الذاكرة حكمها حكم الروح ولا يجري عليها ما يجري على الجسد .
التوازي مفقود بين الإثنين مما يدل على أننا أمام مستويين (جسد .. وروح ) لا مستوى واحد إسمه المادة .
وفي حوادث النسيان المرحلي .. الذي تنسى فيه مرحلة زمنية بعينها ( وهو الموضوع المحبب عند مؤلفي السينما المصريين ) .. ينسى المصاب فترة زمنية بعينها فتُمحى تمامًا من وعيه وتكشط من ذاكرته .
وكان يتحتم تبعًا للنظرية المادية أن نعثر على تلف مخي جزئي مقابل ومناظر للفترة المنسية .
لكن من الملاحَظ أن أغلب تلك الحالات هي حالات صدمة نفسية عامة وليست تلفًا جزئيًا محددًا .
مرة أخرى نجد أن التوازي مفقود بين حجم الحادث وبين حجم التلف المادي .
وفي حالات التلف المادي الشديد للمخ نتيجة الكسور أو الإلتهابات أو النمو السرطاني , حينما يبدأ النسيان الكامل يلاحظ دائمًا أن هذا النسيان يتخذ نظامًا خاصًا فتُنسَى في البداية أسماء الأعلام وآخر ما يُنسَى هي الكلمات الدالة على الأفعال .
وهذا التسلسل المنتظم في النسيان في مقابل إصابة غير منتظمة .. وفي مقابل تلف مشوش أصاب المخ كيفما اتفق , هو مرة أخرى عدم توازٍ له معنى .. فهنا إصابة في الذاكرة لا علاقة لها من حيث المدى والكم والنظام بالإصابة المادية للمخ .
وهكذا تتحطم النظرية المادية للذاكرة على حائط مسدود .
ونجد أنفسنا أمام ظاهرة متعالية على الجسد وعلى خلايا المخ .
وسوف تموت وتتعفن الخلايا المخية وتظل الذاكرة شاخصة حية بتفصيلاتها ودقائقها تذكرنا في حياتنا الروحية الثانية بكل ما فعلناه .
ولم يكن الجسد إلا جهازاً تنفيذيّاً للفعل وللإفصاح عن النوايا في عالم الدنيا المادي .. كان مجرد أداة للروح ومطية لها .
لم يكن المخ إلا سنترالًا .. وكابلات توصيل .
وكل دوره هو أن يعطي التوصيلة من عالم الروح إلى عالم المادة أو كما يقول برجسون DONNER LA COMMUNICATION ....... يعطي الخط .
كابلات الأعصاب تنقل مكنون الروح وتحوله إلى نبض إلكتروني لتنطق به عضلات اللسان على الطرف الآخر .. كما يفعل الراديو بالموجة اللاسلكية ..
وهكذا نتبادل الكلام كأجساد في عالم مادي .. فإذا ماتت أجسادنا عدنا أرواحًا .. لنتذاكر ما فعلناه في دنيانا لحظة بلحظة حيث كل حرف وكل فعل مسجل .
بل إن هناك نظريات علمية تمضي لأكثر من هذا فترى أن التحصيل هو في ذاته عملية تذكر لعلم قديم مكنوز ومسطور في الروح .. وليس تعلماً من السبورة .. فنحن لا نكتشف أن 2 × 2 = 4 من عدم , وإنما نولد بها .. وكل ما نفعله أننا نتذكرها .. وكذلك بداهات الرياضة والهندسة والمنطق .. كلها بداهات نولد بها مكنوزة فينا .. وكل ما يحدث أننا نتذكرها .. تُذكِرنا بها الخبرة الدنيوية كل لحظة .
وبالمثل شخصيتنا .. نولد بها مسطورة في روحنا .. وكل ما يحدث أن الواقع الدنيوي يقدم المناسبات والملابسات والقالب المادي لتفصح هذه الشخصية عن خيرها وشرها .. فيسجل عليها فعلها .
والتسجيل هو الأمر الجديد الذي يتم في الدنيا .
الإنتقال من حالة النية إلى حالة التلبس .
وهذا ما تُعبِّر عنه الأديان بأن يحق القول على المذنب بعد الإبتلاء والإختبار في الدنيا .. فتحق عليه الضلالة وتلزمه رتبته .
وهو أمر قد سبق إليه علم الله .. علم الحصر لا علم الإلزام .. فالله لا يلزم أحداً بخطيئة ولا يقهره على شر .. وإنما كل واحد يتصرف على وفاق طبيعته الداخلية .. فعله هو ذاته .. وليس في ذلك أي معنى من معاني الجبر .. لأن هذه الطبيعة الداخلية هي التي نسميها أحيانًا الضمير وأحيانًا السريرة وأحيانًا الفؤاد .. ويسميها الله (( السر )) .
(( يعلم السر وأخفَى )) .
ونقول عنها في تعبيراتنا الشعبية عن الموت (( طلع السر الإلهي )) أي صعدت الروح إلى بارئها ..
هذا السر المطلسم هو ابتداء حر ومبادرة أعتقها الله من كل القيود ليكون فعلها هو ذاتها وليكون هواها دالاً عليها .
ومِن هنا لا يصح القول بالحتميات في المجال الإنساني أمثال حتمية الصراع الطبقي والجبرية التاريخية .. لأن الإنسان مجال حر وليس مسمارًا أو ترسًا في ماكينة .
وكما لا يمكن التنبؤ بما يأتي به الغد في حياة فرد فإنه يستحيل القول بالحتم أو الجبر في مجال المجتمعات والتاريخ .. وكل ما يمكن القول به هو الترجيح والإحتمال بناء على مقدمات إحصائية .. وهو ترجيح يخطئ ويصيب ويحدث فيه تفاوت في طرفيه .. فمعدل عمر الإنسان في إنجلترا مثلاً هو ستون سنة .. وهذا المعدل معدل إحصائي مأخوذ من متوسطات أرقام .. وهو غير ملزم بالنسبة للفرد , فقد يعيش فرد مثل برناردشو في إنجلترا أكثر من تسعين سنة ويتجاوز المعدل . وقد يموت في سن العشرين في حادثة . وقد يموت وهو طفل بمرضٍ معدٍ ..
ثم إن المعدل ذاته قابل للتذبذب من طرفيه صعودًا وهبوطًا من سنة لأخرى ..
فلا يصح القول بالحتمية والجَبر في هذا الموضوع .. ولا يجوز إخضاع المجال الإنساني سواء كان فرداً أو مجتمعاً أو تاريخاً لقالب نظري أو معادلة أو حسبة إحصائية أو فرض فلسفي .
إنما تأتي فكرة الحتمية الخاطئة من التصور الخاطئ للإنسان على أنه جسد بلا نفس وبلا روح وبلا عقل ..واعتبار النفس والعقل مجرد مجموعة الوظائف العليا للجهاز العصبي.
ومن الواقع المشاهد من خضوع الجسم للقوانين الفسيولوجية يستنتج المفكر المادي أن الإنسان والإنسانية بأسرها مغلولة في القوانين المادية.
وهكذا يجعل من الإنسان كتلة مادية أشبه بكتلة القمر محكومة في دورانه حول الأرض والشمس بالحتميات الفلكية.
وينسى أن الإنسان يعيش في مستويين.
مستوى الزمن الخارجي الموضوعي المادي .. زمن الساعة .. وفي هذا الزمن يرتبط بالمواعيد والضرورات الإجتماعية ويعيش في أَسر القوانين والحتميات .
ومستوى زمنه الخاص الداخلي .. زمن الشعور وزمن الحلم .. وفي هذا المستوى يعيش حياة حرة بالفعل .. فيفكر ويحلم ويبتكر ويخترع و يقف من كل المجتمع و التاريخ موقف الثورة .. بل يستطيع أن ينقل هذه الثورة الداخلية إلى فعل خارجي فيقلب المجتمع و يغير التاريخ من أساسه كما حدث في كل الثورات التقدمية .
هذه الثنائية هي صفة ينفرد بها الإنسان .
وهذه الحياة الداخلية الحرة يختص بها الإنسان دون الجماد
وهذه النفس التي يملكها تتصف بصفات مختلفة مغايرة لصفت الجماد .. فهنا نحن أمام وحدة لا امتداد لها في المكان ..
هي الـ (( أنا )) تتصف بالحضور والديمومة والشخوص والكينونة والمثول الدائم في الوعي .. ثم هي تفرض نفسها على الواقع الخارجي وتغيره .. وتفرض نفسها على الجسد وتحكمه وتقوده وتعلو على ضروراته .. فتفرض عليه الصوم والحرمان إختياراً .
بل قد تقوده إلى الموت فداء وتضحية ..
مثل هذه النفس لا يمكن أن تكون مجرد ناتج ثانوي من نواتج الجسد وذيلًا تابعًا له ومادة تطورت منه .. مثل هذه النظريات المادية لا تفسر لنا شيئًا .. وإنما لابد لنا أن نسلم أن هذه النفس عالية على الجسد متعالية عليه وأنها من جوهر مفارق لجوهر الجسد وحاكم عليه .. فهي في واقع الأمر تستخدم الجسد كأداة لأغراضها ومطية لأهدافها كما يستخدم العقل المخ مجرد توصيلة أو سنترال .
ولا بد أن يتداعى إلى ذهننا الإحتمال البديهي من أن هذه النفس لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على الجسد من موت وتآكل وتعفن بحكم جوهرها الذي تشعر به متصفًا بالحضور والديمومة والشخوص في الوعي طوال الوقت .. فلا تتآكل كما يتآكل الجسد ولا هي تقع كما يقع الشعر ولا هي تبلى كما تبلى الأسنان .
وإنه لأمر بديهي تمامًا أن نتصور بقاءها بعد الموت .
فإذا نحن تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم شعور بالمسئولية في أثناء العمل ثم ندم أو راحة بعد تمامه .. فنحن نستنتج أننا أمام حالة مراقبة فطرية وفكرة ملحة بالحساب وبأن هناك خطأ وصوابًا . وإننا نعلم بداهةً وبالفطرة التي ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود .. وأن المسئولية هي القاعدة .
ويفترض لنا هذا الشعور الفطري القهري أن الظالم الذي أفلت من عقاب الأرض .. والقاتل الذي أفلت من محاسبة القانون البري الأرضي .. لابد أن يعاقَب ويحاسَب .. لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والإنضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك .. والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة .
وفكرة العدل والنظام وضرورة العدل عالم آخر يتم فيه العدل والنظام والمحاسبة .
كل هذا علم نولد به .. وحقيقة تقول بها الفطرة والبداهة .
ولا غرابة في أن يعترف مفكر غربي ألماني وهو (( عمانويل كانت )) بهذه الحقيقة في كتابة (( نقد العقل العلمي )) .
ولا غرابة في أن يصل إلى هذه النتيجة السليمة دون أن يقرأ قرآنًا .
إنها الفطرة والبداهة التي تقوم عليها جميع العلوم .
ولا حاجة لأن يقرأ العقل السليم الكتاب المقدس ليكتشف أن له روحًا و أن له حياة بعد الموت و أن هناك حساباًَ .. فالفطرة السليمة تضيء لصاحبها الطريق إلى هذه الحقائق .
وهذا العلم الذي نولد به .. وهذه البداهة التي نولد بها .. تقوم شاهدة على جميع العلوم المكتسبة وملزمة لها .. فجميع العلوم المكتسبة يجوز فيها الخطأ والصواب .. أما العلم الذي نولد به فهو جزء من نظام الكون المحكم .. وهو الحقيقة الأولى التي نعمل على ضوئها نرى جميع الحقائق الفرعية .. وهي المعيار والمقياس .. وإذا فسد المعيار فسد كل شيء وأصبح كل شيء عبثًا في عبث وهو أمر غير صحيح .
وإذا اتهمنا بالبداهة فإن جميع العلوم والمعارف سوف ينسحب عليها الإتهام وسوف تنهدم لأنها تقوم أصلاً على البداهات .
فنحن هنا أمام أصل من أصول المعرفة ومرجع لا يجوز الشك فيه ( لأن هذا المرجع شأنه شأن الحياة ذاتها ) نحن أمام متن هو لحم المعرفة ودمها . وكما نأتي إلى الحياة مزودين بعضلات لنتحرك بها وندافع عن أنفسنا كذلك نولد مزودين بالبداهات الأولى لنحتكم إليها في إدراك الحق من الباطل والصواب من الخطأ .
وأعلى درجات المعرفة هي ما يأتيك من داخلك , فأنت تستطيع أن تدرك وضعك ( هل أنت واقف أو جالس أو راقد ) دون أن تنظر إلى نفسك .. يأتيك هذا الإدراك وأنت مغمض العينين .. يأتيك من داخلك .. وتقوم هذه المعرفة حجة على أية مشاهدة .
وحينما تقول .. أنا سعيد .. أنا شقيّ .. أنا أتألم .. فكلامك يقوم حجة بالغة ولا يجوز تكذيبه بحجة منطقية .. بل إن تناول هذا الأمر بالمنطق هو تنطع ولجاجة لا معنى لها .. فلا أحد أعرف بحال نفسك من نفسك ذاتها .
وبالمثل شهادة الفطرة وحكم البداهة هي حجة على أعلى مستوى .. وحينما تقول الفطرة والبداهة مؤيدة بالعلم والفكر والتأمل حينما تقول بوجود الروح والنفس .. وبالحرية وبالمسئولية والمحاسبة , وحينما توحي بالتصرف على أساس أن في الكون نظامًا .. فنحن هنا أمام حجة على أعلى مستوى من اليقين .
وهو يقين مثل يقين العيَان أو أكثر .. فالفطرة عضو مثل العين نولد به .
وهو يقين أعلى من يقين العلم .. لأن الصدق العلمي هو صدق إحصائي والنظريات العلمية تُستنتَج من متوسطات الأرقام .. أما حكم البداهة فله صفة القطع والإطلاق
2 × 2 = 4 هي حقيقة مطلقة صادقة صدقًا مطلقًا , لا يجوز عليها ما يجوز من نسخ وتطور وتغير في نظريات العلم لأنها مقبولة بديهية .
1 + 1 = 2 مسألة لا تقبل الشك لأنها حقيقة ألقتها إلينا الفطرة من داخلنا وأوحت بها البداهة .
وهي معرفة أولى جاءت إلينا مع شهادة الميلاد .
لو أدرك الإنسان هذا لأراح واستراح .. ولوفّر على نفسه كثيراً من الجدل والشقشقة والسفسطة والمكابرة في مسألة الروح والجسد .. والعقل والمخ .. والحرية والجبر .. والمسئولية والحساب .. ولاكتفى بالإصغاء إلى ما تهمس به فطرته وما يُفتي به قلبه وما تشير به بصيرته .
وذرة من الإخلاص أفضل من قناطير من الكتب .
لنصغي إلى صوت نفوسنا وهمس بصائرنا في إخلاص شديد دون محاولة تشويه ذلك الصوت البكر بحبائل المنطق وشراك الحجج .
وعلى من يشك في كلامي .. وعلى هواة الجدل والنقاش والمقارعة المنطقية أن يعودوا فيقرأوا مقالي من أوله .
..
مقال / الروح
من كتاب : رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي . فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام .
رقم الباسبور ورقم العربة ورقم الشقة ورقم البطاقة العائلية وتليفونات من أعرف من الأصدقاء والزملاء . وتليفونات المصالح والجرائد . وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيباً وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة . وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي . وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء . وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير .
وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام . تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب إلكتروني . وكان المشهد مذهلاً .
كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد . كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام ؟
وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ ؟
وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف ؟
وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة . كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه ؟
وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولايطمس بعضها بعضاً؟
وغير الأرقام . هناك الأسماء والإصطلاحات والكلمات . والأشكال والوجوه . تزدحم بها رأسنا . وهناك معالم الطبيعة التي طُفنا بها والأماكن التي زرناها . وهناك الروائح . ومع كل رائحة صورة لامرأة عرفناها أو مشهد نذكره ولواعج وأشواق وقصص وسيناريو من آلاف اللقطات . وهناك الطعوم . والنكهات . يأتي الطعم في الفم فيسيل اللعاب شوقاً أو يتحرك الغثيان إشمئزازاً . ومع كل طعم . يجري شريط يحكي عن وليمة دسمة ذات يوم أو جرعة دواء مريرة ومرض طويل ممض وأوجاع أليمة . حتى لمسة النسيم الحريرية ورائحة أصداف الشاطئ تحفظها لنا الذاكرة فتهب علينا لفحات الهواء الرطيب مع ذكراها وكأننا نعيشها من جديد .
حتى الأصوات والهمسات والوشوشات والصخَب والصراخ والضجيج والعويل والنشيج .
وفاصل من موسيقى .
ومقطع من أغنية .
ولطمة على وجه .
وقرقعة عصاً على الظهر .
وحشرجة ألم .
كل هذا تحفظه الذاكرة وتسجله في دقة شديدة وأمانة . ومعه بطاقة بالتاريخ والمناسبة وأسماء الأشخاص وظروف الواقعة ومحضر بالأقوال . معجزة . إسمها الذاكرة .
إن معنا رقيباً حقيقياً يكتب بالورقة والقلم كل دبة نمل في قلوبنا ؟
وما نتخيل أحياناً أننا نسيناه نكتشف أننا لم ننسه وأنه موجود يظهر لنا فجأة في لحظة استرخاء أو حلم أو بعد كأس أو في عيادة طبيب نفسي . وأحياناً يظهر في زلة لسان أو خطأ إملائي .
لا شيء يُنسَى أبداً . ولا شيء يضيع . والماضي مكتوب بالفعل لحظة بلحظة ودقة قلب بدقة قلب .
والسؤال الكبير بل اللغز المحير هو . أين توجد هذه الصور . أين هذا الأرشيف السري ؟
وهو سؤال حاول أن يجيب عليه أكثر من عالِم وأكثر من فيلسوف .
الفلاسفة الماديون قالوا إن الذاكرة في المخ . وإنها ليست أكثر من تغيرات كيميائية كهربائية تحدث لمادة المخ نتيجة الفعل العصبي للحوادث تماماً كما يحدث لشريط ريكوردر عند التسجيل . وإن هذه اللفائف المسجلة تُحفَظ بالمخ وإنها تدور تلقائياً لحظة محاولة التذكر فتعيد ما كان . في أمانة ودِقة .
الذاكرة مجرد نقش وحفر على مادة الخلايا .
ومصيرها أن تَبلَى وتتآكل كما تبلى النقوش وتتآكل وينتهي شأنها حينما ينتهي الإنسان بالموت وتتآكل خلاياه .
رأي مريح وسهل ولكنه أوقع أصحابه في مطلب لم يستطيعوا الخروج منه .
فإذا كانت الذاكرة هي مجرد طارئ مادي يطرأ على مادة الخلايا فينبغي أن تتلف الذاكرة لأي تلف مادي مناظر في الخلايا المخية . وينبغي أن يكون هناك توازٍ بين الحادثين . كل نقص في ذاكرة معينة لا بد أن يقابله تلف في الخلايا المختصة المقابلة . وهو أمر لا يشاهَد في إصابات المخ وأمراضه . بل ما يشاهد هو العكس .
يصاب مركز الكلمات فلا تصاب ذاكرة الكلمات بأي تلف , وإنما الذي يحدث هو عاهة في النطق . في الأداء الحركي للعضلات التي تنطق الكلمات . إن الموتور هو الذي يتلف بتلف الخلايا . أما الذاكرة . أما صورة الكلمات في الذهن فتظل سليمة .
♦♦ وهذا دليل على أن وظيفة المخ ليست الذاكرة ولا التذكر .
وإنما المخ هو مجرد سنترال يعطي التوصيلة .
هو مجرد أداة تُعَبّر به الكلمة عن نفسها في وسط مادي فتصبح صوتًا مسموعًا . كما يفعل الراديو حينما يحوّل الموجة اللاسلكية إلى نبض كهربائي مسموع . فإذا أصيب الراديو بعطل فلا يكون معنى هذا العطل أن تتعطل موجة الأثير . وإنما فقط يحدث شلل في جهاز النطق في الراديو . أما الموجة فتظل سليمة على حالها يمكن أن يلتقطها راديو آخر سليم .
وهذا حال الذاكرة . فهي صور وأفكار ورُؤى مستقلة مسكنها ومستقرها الروح وليس المخ ولا الجسد بحال . وما المخ إلا وسيلة لنقل هذه الصور لتصبح كلمات منطوقة مسموعة في عالم ماديّ .
فإذا أصيب المخ بتلف . يصاب النطق بالتلف ولا تصاب الذاكرة لأن الذاكرة حكمها حكم الروح ولا يجري عليها ما يجري على الجسد .
التوازي مفقود بين الإثنين مما يدل على أننا أمام مستويين (جسد . وروح ) لا مستوى واحد إسمه المادة .
وفي حوادث النسيان المرحلي . الذي تنسى فيه مرحلة زمنية بعينها ( وهو الموضوع المحبب عند مؤلفي السينما المصريين ) . ينسى المصاب فترة زمنية بعينها فتُمحى تمامًا من وعيه وتكشط من ذاكرته .
وكان يتحتم تبعًا للنظرية المادية أن نعثر على تلف مخي جزئي مقابل ومناظر للفترة المنسية .
لكن من الملاحَظ أن أغلب تلك الحالات هي حالات صدمة نفسية عامة وليست تلفًا جزئيًا محددًا .
مرة أخرى نجد أن التوازي مفقود بين حجم الحادث وبين حجم التلف المادي .
وفي حالات التلف المادي الشديد للمخ نتيجة الكسور أو الإلتهابات أو النمو السرطاني , حينما يبدأ النسيان الكامل يلاحظ دائمًا أن هذا النسيان يتخذ نظامًا خاصًا فتُنسَى في البداية أسماء الأعلام وآخر ما يُنسَى هي الكلمات الدالة على الأفعال .
وهذا التسلسل المنتظم في النسيان في مقابل إصابة غير منتظمة . وفي مقابل تلف مشوش أصاب المخ كيفما اتفق , هو مرة أخرى عدم توازٍ له معنى . فهنا إصابة في الذاكرة لا علاقة لها من حيث المدى والكم والنظام بالإصابة المادية للمخ .
وهكذا تتحطم النظرية المادية للذاكرة على حائط مسدود .
ونجد أنفسنا أمام ظاهرة متعالية على الجسد وعلى خلايا المخ .
وسوف تموت وتتعفن الخلايا المخية وتظل الذاكرة شاخصة حية بتفصيلاتها ودقائقها تذكرنا في حياتنا الروحية الثانية بكل ما فعلناه .
ولم يكن الجسد إلا جهازاً تنفيذيّاً للفعل وللإفصاح عن النوايا في عالم الدنيا المادي . كان مجرد أداة للروح ومطية لها .
لم يكن المخ إلا سنترالًا . وكابلات توصيل .
وكل دوره هو أن يعطي التوصيلة من عالم الروح إلى عالم المادة أو كما يقول برجسون DONNER LA COMMUNICATION .... يعطي الخط .
كابلات الأعصاب تنقل مكنون الروح وتحوله إلى نبض إلكتروني لتنطق به عضلات اللسان على الطرف الآخر . كما يفعل الراديو بالموجة اللاسلكية .
وهكذا نتبادل الكلام كأجساد في عالم مادي . فإذا ماتت أجسادنا عدنا أرواحًا . لنتذاكر ما فعلناه في دنيانا لحظة بلحظة حيث كل حرف وكل فعل مسجل .
بل إن هناك نظريات علمية تمضي لأكثر من هذا فترى أن التحصيل هو في ذاته عملية تذكر لعلم قديم مكنوز ومسطور في الروح . وليس تعلماً من السبورة . فنحن لا نكتشف أن 2 × 2 = 4 من عدم , وإنما نولد بها . وكل ما نفعله أننا نتذكرها . وكذلك بداهات الرياضة والهندسة والمنطق . كلها بداهات نولد بها مكنوزة فينا . وكل ما يحدث أننا نتذكرها . تُذكِرنا بها الخبرة الدنيوية كل لحظة .
وبالمثل شخصيتنا . نولد بها مسطورة في روحنا . وكل ما يحدث أن الواقع الدنيوي يقدم المناسبات والملابسات والقالب المادي لتفصح هذه الشخصية عن خيرها وشرها . فيسجل عليها فعلها .
والتسجيل هو الأمر الجديد الذي يتم في الدنيا .
الإنتقال من حالة النية إلى حالة التلبس .
وهذا ما تُعبِّر عنه الأديان بأن يحق القول على المذنب بعد الإبتلاء والإختبار في الدنيا . فتحق عليه الضلالة وتلزمه رتبته .
وهو أمر قد سبق إليه علم الله . علم الحصر لا علم الإلزام . فالله لا يلزم أحداً بخطيئة ولا يقهره على شر . وإنما كل واحد يتصرف على وفاق طبيعته الداخلية . فعله هو ذاته . وليس في ذلك أي معنى من معاني الجبر . لأن هذه الطبيعة الداخلية هي التي نسميها أحيانًا الضمير وأحيانًا السريرة وأحيانًا الفؤاد . ويسميها الله (( السر )) .
(( يعلم السر وأخفَى )) .
ونقول عنها في تعبيراتنا الشعبية عن الموت (( طلع السر الإلهي )) أي صعدت الروح إلى بارئها .
هذا السر المطلسم هو ابتداء حر ومبادرة أعتقها الله من كل القيود ليكون فعلها هو ذاتها وليكون هواها دالاً عليها .
ومِن هنا لا يصح القول بالحتميات في المجال الإنساني أمثال حتمية الصراع الطبقي والجبرية التاريخية . لأن الإنسان مجال حر وليس مسمارًا أو ترسًا في ماكينة .
وكما لا يمكن التنبؤ بما يأتي به الغد في حياة فرد فإنه يستحيل القول بالحتم أو الجبر في مجال المجتمعات والتاريخ . وكل ما يمكن القول به هو الترجيح والإحتمال بناء على مقدمات إحصائية . وهو ترجيح يخطئ ويصيب ويحدث فيه تفاوت في طرفيه . فمعدل عمر الإنسان في إنجلترا مثلاً هو ستون سنة . وهذا المعدل معدل إحصائي مأخوذ من متوسطات أرقام . وهو غير ملزم بالنسبة للفرد , فقد يعيش فرد مثل برناردشو في إنجلترا أكثر من تسعين سنة ويتجاوز المعدل . وقد يموت في سن العشرين في حادثة . وقد يموت وهو طفل بمرضٍ معدٍ .
ثم إن المعدل ذاته قابل للتذبذب من طرفيه صعودًا وهبوطًا من سنة لأخرى .
فلا يصح القول بالحتمية والجَبر في هذا الموضوع . ولا يجوز إخضاع المجال الإنساني سواء كان فرداً أو مجتمعاً أو تاريخاً لقالب نظري أو معادلة أو حسبة إحصائية أو فرض فلسفي .
إنما تأتي فكرة الحتمية الخاطئة من التصور الخاطئ للإنسان على أنه جسد بلا نفس وبلا روح وبلا عقل .واعتبار النفس والعقل مجرد مجموعة الوظائف العليا للجهاز العصبي.
ومن الواقع المشاهد من خضوع الجسم للقوانين الفسيولوجية يستنتج المفكر المادي أن الإنسان والإنسانية بأسرها مغلولة في القوانين المادية.
وهكذا يجعل من الإنسان كتلة مادية أشبه بكتلة القمر محكومة في دورانه حول الأرض والشمس بالحتميات الفلكية.
وينسى أن الإنسان يعيش في مستويين.
مستوى الزمن الخارجي الموضوعي المادي . زمن الساعة . وفي هذا الزمن يرتبط بالمواعيد والضرورات الإجتماعية ويعيش في أَسر القوانين والحتميات .
ومستوى زمنه الخاص الداخلي . زمن الشعور وزمن الحلم . وفي هذا المستوى يعيش حياة حرة بالفعل . فيفكر ويحلم ويبتكر ويخترع و يقف من كل المجتمع و التاريخ موقف الثورة . بل يستطيع أن ينقل هذه الثورة الداخلية إلى فعل خارجي فيقلب المجتمع و يغير التاريخ من أساسه كما حدث في كل الثورات التقدمية .
هذه الثنائية هي صفة ينفرد بها الإنسان .
وهذه الحياة الداخلية الحرة يختص بها الإنسان دون الجماد
وهذه النفس التي يملكها تتصف بصفات مختلفة مغايرة لصفت الجماد . فهنا نحن أمام وحدة لا امتداد لها في المكان .
هي الـ (( أنا )) تتصف بالحضور والديمومة والشخوص والكينونة والمثول الدائم في الوعي . ثم هي تفرض نفسها على الواقع الخارجي وتغيره . وتفرض نفسها على الجسد وتحكمه وتقوده وتعلو على ضروراته . فتفرض عليه الصوم والحرمان إختياراً .
بل قد تقوده إلى الموت فداء وتضحية .
مثل هذه النفس لا يمكن أن تكون مجرد ناتج ثانوي من نواتج الجسد وذيلًا تابعًا له ومادة تطورت منه . مثل هذه النظريات المادية لا تفسر لنا شيئًا . وإنما لابد لنا أن نسلم أن هذه النفس عالية على الجسد متعالية عليه وأنها من جوهر مفارق لجوهر الجسد وحاكم عليه . فهي في واقع الأمر تستخدم الجسد كأداة لأغراضها ومطية لأهدافها كما يستخدم العقل المخ مجرد توصيلة أو سنترال .
ولا بد أن يتداعى إلى ذهننا الإحتمال البديهي من أن هذه النفس لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على الجسد من موت وتآكل وتعفن بحكم جوهرها الذي تشعر به متصفًا بالحضور والديمومة والشخوص في الوعي طوال الوقت . فلا تتآكل كما يتآكل الجسد ولا هي تقع كما يقع الشعر ولا هي تبلى كما تبلى الأسنان .
وإنه لأمر بديهي تمامًا أن نتصور بقاءها بعد الموت .
فإذا نحن تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم شعور بالمسئولية في أثناء العمل ثم ندم أو راحة بعد تمامه . فنحن نستنتج أننا أمام حالة مراقبة فطرية وفكرة ملحة بالحساب وبأن هناك خطأ وصوابًا . وإننا نعلم بداهةً وبالفطرة التي ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود . وأن المسئولية هي القاعدة .
ويفترض لنا هذا الشعور الفطري القهري أن الظالم الذي أفلت من عقاب الأرض . والقاتل الذي أفلت من محاسبة القانون البري الأرضي . لابد أن يعاقَب ويحاسَب . لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والإنضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك . والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة .
وفكرة العدل والنظام وضرورة العدل عالم آخر يتم فيه العدل والنظام والمحاسبة .
كل هذا علم نولد به . وحقيقة تقول بها الفطرة والبداهة .
ولا غرابة في أن يعترف مفكر غربي ألماني وهو (( عمانويل كانت )) بهذه الحقيقة في كتابة (( نقد العقل العلمي )) .
ولا غرابة في أن يصل إلى هذه النتيجة السليمة دون أن يقرأ قرآنًا .
إنها الفطرة والبداهة التي تقوم عليها جميع العلوم .
ولا حاجة لأن يقرأ العقل السليم الكتاب المقدس ليكتشف أن له روحًا و أن له حياة بعد الموت و أن هناك حساباًَ . فالفطرة السليمة تضيء لصاحبها الطريق إلى هذه الحقائق .
وهذا العلم الذي نولد به . وهذه البداهة التي نولد بها . تقوم شاهدة على جميع العلوم المكتسبة وملزمة لها . فجميع العلوم المكتسبة يجوز فيها الخطأ والصواب . أما العلم الذي نولد به فهو جزء من نظام الكون المحكم . وهو الحقيقة الأولى التي نعمل على ضوئها نرى جميع الحقائق الفرعية . وهي المعيار والمقياس . وإذا فسد المعيار فسد كل شيء وأصبح كل شيء عبثًا في عبث وهو أمر غير صحيح .
وإذا اتهمنا بالبداهة فإن جميع العلوم والمعارف سوف ينسحب عليها الإتهام وسوف تنهدم لأنها تقوم أصلاً على البداهات .
فنحن هنا أمام أصل من أصول المعرفة ومرجع لا يجوز الشك فيه ( لأن هذا المرجع شأنه شأن الحياة ذاتها ) نحن أمام متن هو لحم المعرفة ودمها . وكما نأتي إلى الحياة مزودين بعضلات لنتحرك بها وندافع عن أنفسنا كذلك نولد مزودين بالبداهات الأولى لنحتكم إليها في إدراك الحق من الباطل والصواب من الخطأ .
وأعلى درجات المعرفة هي ما يأتيك من داخلك , فأنت تستطيع أن تدرك وضعك ( هل أنت واقف أو جالس أو راقد ) دون أن تنظر إلى نفسك . يأتيك هذا الإدراك وأنت مغمض العينين . يأتيك من داخلك . وتقوم هذه المعرفة حجة على أية مشاهدة .
وحينما تقول . أنا سعيد . أنا شقيّ . أنا أتألم . فكلامك يقوم حجة بالغة ولا يجوز تكذيبه بحجة منطقية . بل إن تناول هذا الأمر بالمنطق هو تنطع ولجاجة لا معنى لها . فلا أحد أعرف بحال نفسك من نفسك ذاتها .
وبالمثل شهادة الفطرة وحكم البداهة هي حجة على أعلى مستوى . وحينما تقول الفطرة والبداهة مؤيدة بالعلم والفكر والتأمل حينما تقول بوجود الروح والنفس . وبالحرية وبالمسئولية والمحاسبة , وحينما توحي بالتصرف على أساس أن في الكون نظامًا . فنحن هنا أمام حجة على أعلى مستوى من اليقين .
وهو يقين مثل يقين العيَان أو أكثر . فالفطرة عضو مثل العين نولد به .
وهو يقين أعلى من يقين العلم . لأن الصدق العلمي هو صدق إحصائي والنظريات العلمية تُستنتَج من متوسطات الأرقام . أما حكم البداهة فله صفة القطع والإطلاق
2 × 2 = 4 هي حقيقة مطلقة صادقة صدقًا مطلقًا , لا يجوز عليها ما يجوز من نسخ وتطور وتغير في نظريات العلم لأنها مقبولة بديهية .
1 + 1 = 2 مسألة لا تقبل الشك لأنها حقيقة ألقتها إلينا الفطرة من داخلنا وأوحت بها البداهة .
وهي معرفة أولى جاءت إلينا مع شهادة الميلاد .
لو أدرك الإنسان هذا لأراح واستراح . ولوفّر على نفسه كثيراً من الجدل والشقشقة والسفسطة والمكابرة في مسألة الروح والجسد . والعقل والمخ . والحرية والجبر . والمسئولية والحساب . ولاكتفى بالإصغاء إلى ما تهمس به فطرته وما يُفتي به قلبه وما تشير به بصيرته .
وذرة من الإخلاص أفضل من قناطير من الكتب .
لنصغي إلى صوت نفوسنا وهمس بصائرنا في إخلاص شديد دون محاولة تشويه ذلك الصوت البكر بحبائل المنطق وشراك الحجج .
وعلى من يشك في كلامي . وعلى هواة الجدل والنقاش والمقارعة المنطقية أن يعودوا فيقرأوا مقالي من أوله .
.
مقال / الروح
من كتاب : رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ #كتاب #محفز #الثروة. #محمود #عمر #محمد #جمعة
يسعى إليه الكثيرون. كتاب \"تحفيز الثراء\" يأخذنا في رحلة مثيرة تجمع بين القصة الشيقة والأفكار الإيجابية التي تعزز الإيمان بقدرتنا على تحقيق النجاح.
عبر شخصياته المميزة وأحداثه الملهمة، يقدم الكتاب رؤى عميقة حول كيفية تحقيق النجاح المالي والشخصي من خلال:
العمل الجاد
الثقة بالنفس
التفاؤل الدائم
اكتشف أسرار النجاح
في هذا الكتاب، ستتعلم كيف يمكن للإرادة القوية والإصرار أن يحققا المستحيل. ستنطلق في رحلة استثنائية نحو تحقيق أحلامك المالية وبناء مستقبل مزدهر.
الإلهام والتحفيز نحو حياة أفضل
دع هذا الكتاب يكون دليلك لإطلاق العنان لقدراتك الداخلية، حيث لا توجد قوة أعظم من العقل المستنير والإرادة القوية لبناء حياة مليئة بالثراء والنجاح.
استعد الآن لتحقيق أعظم إنجازاتك، وابدأ رحلتك الملهمة نحو مستقبل مشرق مليء بالإنجازات والثراء!. ❝ ⏤𝑴𝑨𝑯𝑴𝑶𝑼𝑫
❞#كتاب#محفز#الثروة. #محمود#عمر#محمد#جمعة يسعى إليه الكثيرون. كتاب ˝تحفيز الثراء˝ يأخذنا في رحلة مثيرة تجمع بين القصة الشيقة والأفكار الإيجابية التي تعزز الإيمان بقدرتنا على تحقيق النجاح.
عبر شخصياته المميزة وأحداثه الملهمة، يقدم الكتاب رؤى عميقة حول كيفية تحقيق النجاح المالي والشخصي من خلال:
العمل الجاد
الثقة بالنفس
التفاؤل الدائم
اكتشف أسرار النجاح
في هذا الكتاب، ستتعلم كيف يمكن للإرادة القوية والإصرار أن يحققا المستحيل. ستنطلق في رحلة استثنائية نحو تحقيق أحلامك المالية وبناء مستقبل مزدهر.
الإلهام والتحفيز نحو حياة أفضل
دع هذا الكتاب يكون دليلك لإطلاق العنان لقدراتك الداخلية، حيث لا توجد قوة أعظم من العقل المستنير والإرادة القوية لبناء حياة مليئة بالثراء والنجاح.
استعد الآن لتحقيق أعظم إنجازاتك، وابدأ رحلتك الملهمة نحو مستقبل مشرق مليء بالإنجازات والثراء!. ❝
❞ \"يقول هيغل: التاريخ يعلّمنا ان الإنسان لم يتعلم شيئا من التاريخ.
ونحن لم نتعلم من حربنا المريرة كيف نحارب ومن نحارب ومع من نحارب!!\"
-غادة السمان-
لقد اخضر بأعماقنا جرح اسمه وطن...طوال سبع سنوات لن نقدر على تضميده ....
مع كل شروق سنبقى نذكر الليل، سنبقى نحاول الهرب من العتمة واللحاق بالغد املا منا ان نلملم ما تبقى بحوزتنا ونواصل طريقنا به، لكن مع كل شروق سيبقى يترآى لنا الامس، وسنبقى نذكر كم اصبحت ارواحنا قاحلة باردة مفرغة ...
ع كل شتاء سنتذكر صقيع الموت وبشاعة الدم ومع كل صيف سنتذكر مدى قتامة الصمت الذي يخيم علينا كل صائفة لسبع سنوات...مع كل رمضان سنتذكر موائد الافطار على الشمع في الظلام الحالك وارتفاع أصوات الآذان مرفقة بدوّي القذائف ...سنتذكر تراتيل صلاة التراويح المختلطة بأصوات صراخ النساء وبكاء الاطفال في السهرات الرمضانية ...سنتذكر أصوات سيارات الاسعاف المتزامنة مع السحور وقت الفجر لحظة شروق يوم جديد من الحسابات المتتالية التي لم تكن تنتهي الا وينتهي جزء معها بدواخلنا دون أن نشعر كم أصبحنا مفرغين من كل ما لدينا...مثقلين بكل ما لم يكن فينا قبل الحرب من ألم وقهر وعذاب وذل وجوع وتشرد على حوافّ قارات العالم! كم تبدلت الايام وتغيرت الحياة فينا! اصبحنا نرى في المرآة عيوننا وهي تحمل وطنا بداخلها ارهقه الحزن واثقله الفجائع؟ وطننا كره رائحة الدم وشبح الموت وصوت القذائف وبقايا الصواريخ والشظايا التي مازالت تحملها اجسامنا لتشهد على مرارة ما مررنا به وعظمة ما تحملناه وشدة ما صبرنا عليه، ما حصل معنا لم يحصل مع اي شعبٍ آخر على وجه هذا الكوكب! مازلنا لا نصدق ذلك! مازلنا نحاول استيعاب كل شيء رأيناه بأم اعيننا ولم نكن نقدر على فعل أي شيء لايقافه وانهائه! الموت والرعب والخوف والفقر والعوز والحاجة والبرد والجوع والقلة والخصاصة، كل هذه الأشياء جربناها على هذه البقعة من الأرض طيبة هذه الفترة من الزمن! العتمة والظلام والعطش والصقيع والحر...كل هذه الأشياء واجهتنا وجها لوجهٍ مجردين من كل اسلحة المقاومة سوى الصبر...صبر ايوب الذي فاق صبرنا صبره! حتى اصبحنا نمزح قائلين : للعيش على هذه البقعة من الأرض، يلزمك صبر ايوب أو مال قارون لتتمكن من مواصلة الحياة! جربنا جميع انواع الموت دون استثناء ...الموت بردا...الموت جوعا...الموت عطشا...الموت قهرا وحسرة على خسارة بيوتنا واغراضنا وممتلكاتنا...الموت حرا...الموت على ابواب الدول المجاورة ونحن نطلب اللجوء هربا من الموت لموتٍ آخر... الموت بجميع أنواع الأسلحة التي أصبحنا نميزها جيدا ونتقن معرفة اسمائها وانواعها ... طالما ان بقايا شظايا الصواريخ والقذائف سكنت اجسامنا وأصبحت قطعا تلازمنا نعيش بها كأعضائنا .... أذكر ابيات ذلك الشاعر ابن جابر الاندلسي الذي يقول فيها : لا تعاد الناس في اوطانهم...قلما يرعى غريب الوطن واذا ما عشت عيشا بينهم..خالق الناس بخلقٍ حسنٍ نحن نكاد ان نكون الشعب الوحيد بعد الشعب الفلسطيني بين شعوب العالم الذي جاء الجميع من كافة اصقاع العالم ليعاديه في وطنه...ليخرجوننا من بيوتنا...ليهجّروننا من احيائنا وقُرانا... ويدمروا كل شيء كان لنا وبنيناه بسواعدنا وايدينا...طرقاتنا.. محلاتنا...جسورنا ....بناياتنا...بيوتنا...مدننا... الاماكن العمومية...المرافق العمومية...الخدمات المحلية..البنى التحتية...المصارف...البنوك...البريد... المغازات العمومية...المحلات الخاصة التي ليس لأصحابها موارد رزق أخرى يعيشون بها...مازلنا نحاول استيعاب كل ما حصل لنا وما حدث معنا...يصعب تصديق كل هذا...كل هذه الاحداث المتسارعة التي عصفت بنا فجأة وأخذت في طريقها كل ما نملك...جميع ممتلكاتنا وذكرياتنا واشيائنا الصغيرة التي انهكتنا الحياة في تحصيلها وجمعها... فقدناها في لحظات معدودة ويصعب استرجاعها... عصفت بأرواحنا لتتركنا عارين امام وقع الصدمة وتحت أثر الدهشة...اصبحت ملامحنا جامدة لا يمكنها التعبير عن شيء ... وجوه واجمة تمشي في الشوارع شاردة الذهن... الكل فقد كل شيء. والكل يحاول العرب بما تبقى له...لعلّه ينفذ من هذا الجحيم...من هذه الخسارات اليومية التي نصحو كل يوم لنشاهدها في صمتٍ وعجزٍ دون القدرة على فعل أي شيء لايقاف هذا النزيف...هذا الهدر السائب من الوقت الذي يعصف بأعمارنا التي توقفت عقارب الساعة فيها سنواتٍ الى الوراء ... فلا أحد هنا اصبح بإمكانه ان يحلم بتحقيق اي شيء...فنحن نعيش على هذه البقعة من الأرض فقط لنخسر كل ما بحوزتنا بصفة يومية وبشكلٍ سريع...لا نكاد نقدر على استيعابه ...سرعة الأحداث تعصف بقدرتنا على الفهم والاستيعاب...بين الموت والهجرة والهرب من البؤس! مجرد ارواحٍ مفجوعة منهكة منهارة تمشي على الأرض واجمة لا تدرك طريقها ولا تعرف مصيرها الى أين ...لقد عبث الموت بما على هذه البقعة من الأرض... لقد سكننا وتملكنا واضحى يعيش معنا معظم تفاصيل حياتنا ويطاردنا أينما حللنا حتى ولو كنا على أسرّتنا نحاول الهرب من كل ما حولنا ورؤوسنا على وسائدنا ...لا يرحمنا الموت ويلاحقنا حتى ولو اختبئنا تحت اغطيتنا وتحت أسرّتنا....وجودك في البيت لا يعني أمر قد أمّنت على نفسك من لحاق الصواريخ والقذائف بجسمك الصغير الضعيف...كم من واحدٍ منا رحل ضحية قذيفة اخترقت شباك غرفته لتقضي عليه وهو على السرير لو عبرت نافذة مطبخه حين كان بصدد تحضيره للقهوة! هذه الأرض تقاوم منذ زمن بعيد لتبقى على مبادئها وليحيا شعبها كما يرغب هو لا كما ترغب الدول العظمى والغرف المظلمة في الضفة الغربية من هذا الكوكب التي تخطط مصير الشعوب وتمحو مستقبلهم بمجرد\" جرة قلم\" وبضعة خطوط يرسمونها بأقلامهم نتسبب في موت ملايين البشر هنا في الشرق المنهك من التعب ...في الشرق الذي ارادوه أرضا للموت والحرب والدمار والخسارات والرعب والالم والدموع والصراخ والعويل... الشرق الذي ما يزال يقاوم ليحظى ببعض اللحظات الجميلة من الحياة!... الشرق الذي كتب على شعوبه الموت والالم والضياع والهجرة والتشرد والبكاء على ابواب الدول العظمى طالبين اللجوء رغبةً في حياة أفضل! الشرق الذي كتب عليه ان يعاني الأمرّين منذ عقود وعقود من الزمن...الشرق الذي كتب عليه ان يكتوي بنيران الحروب بجميع انواعها... الحروب الداخلية والخارجية... الحروب الدينية والطائفية والمعتقدية والعقائدية والعِرقية والايديولوجية... أتذكّرُ قول الكاتب الفلسطيني حسن سامي يوسف: ماذا زرعنا يا الله كي نحصد كل هذا الخراب؟
لم نبخل على العرب بشهدائنا ودمائنا في كل الحروب العربية ومنذ الثورة العربية الكبرى في العام1916 ....منذ زمن الدولة العثمانية التي أعدمت خيرة شبابنا في ساحة المرجة يوم 6 ايار اليوم الذي اصبح في ما بعد عيدا للشهداء في سوريا يوم إغتيل اكبر عدد من شباب سوريا على يد العثمانيين حين بلد جمال باشا والي بلاد الشام لدى الباب العالي حملة لعبور قناة السويس واحتلال مصر في حرب \"السفر برلك\" مخترقا صحراء سيناء واجهته القوات البريطانية هناك بمدافعها ورشاشاتها ففشل هجومه فشلا ذريعا فقام بإطلاق حملات اعتقال للزعماء والوطنيين والمفكرين العرب متهما اياهم بالخيانة والتسبب في افشال هجومه وعمل على التنكيل بالعرب وتعذيبهم حتى الموت وكان أغلبهم من المناضلين اللذين سعوا طويلا الى القضاء على الاحتلال العثماني وبناء الدولة العربية الواحدة المستقلة التي كانت حلمت للعرب انذاك.
صمّ جمال باشا اذنيه عن كل المناشدات والتدخلات من الدول المجاورة وخصوصا من الأمير فيصل والشريف حسين بن علي التي تدعو لإطلاق سراحهم وعزم على التخلص منهم جميعا على دفعتين يومي 21 اب 1915 و6 ايار 1916 في ساحة البرج في بيروت وساحة المرجة في دمشق قبل ان يُقتل على يد ارمني في مدينة تبليسي في العام 1921 قبل سنة من سقوط الدولة العثمانية... كانت مجزرة رحل فيها أفضل رجال سوريا شنقا حتى الموت في الشارع على مرأى من الجميع ابرزهم \"شفيق بك العظم\" الشاعر والاديب والكاتب والسياسي الذي يتقن 3 لغات والشيخ عبد الحميد الزهراوي زعيم النهضة السياسية في سورية....المفكر والصحفي ابن مدينة حمص الذي ساهم في تأسيس حزب الحرية والاعتدال وحزب الائتلاف إبان الحرب العالمية الاولى.... رجل العلم والدين والسياسة والأمير عمر الجزائري حفيد عبد القادر الجزائري والسيد رشدي الشمعة رجل القانون والادب مؤلف الروايات المسرحية التي قامت بآدائها فرقة مدرسة \"مكتب عنبر\" في عام1908 في حديقة الصوفانية قرب باب توما في المدينة العتيقة والذي ساهم في تأسيس المنتدى الادبي السوري عام 1909 والحزب المعتدل الحر عام 1908 والحمعية اللامركزية عام 1912 والشهيد عيد الذهاب الانكليزي الذي لقب بالبارود الانكليزي لشدّته وقوته وحماسته والذي كان من أهم رجالات السياسة وقتها والشهيد سليم الجزائري احد ابرز المفكرين النوابغ ومن مؤسسي جمعية العهد وغيرهم من الشهداء السوريين واللبنانيين اللذين رحلوا بسبب محكمة ديوان عالية المحكمة العسكرية العثمانية التي اختصت في قتل المعارضين العرب والتنكيل بهم ايام الثورة العربية الكبرى!
لم نبخل على العرب بدمائنا وشهدائنا في حرب قيام الكيان الصهيوني حين خسرت الدولة العثمانية مقاطعة فلسطين وكافة اراضيها العربية وسلمتها لفرنسا وبريطانيا بمقتضى معاهدة سيفر عام1920 ومعاهدة لوزان عام 1923 وسلّمت هذه الاخيرة أرض فلسطين لليهود عام 1948 اتجه الجيش العربي مكونا من الاردنيين والمصريين والعراقيين واللبنانيين وغيرهم الى فلسطين سعيا الى تحريرها وكان السوريون في المقدمة ...كانوا يرغبون في القتال ضد الجيش الاسرائيلي البالماخ والارجون والهاچاناه والشيرتن.
خسرنا الالاف من شبابنا بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم وعاد العرب الى بلدانهم بعد نهاية الحرب بنصفٍ مهزوم ونصفٍ شهيد وهاجر الفلسطينيون بيوتهم ففتحنا لهم بيوتنا ليقيموا معنا فيها.
ثم كانت نكسة ال67 فخسرنا الجولان التي اعتبرتها الأمم المتحدة في تلك السنة أرضا سورية محتلة حين صدر البيان عن جيش العدو يوم 10 حزيران 1967 معلنا بالكلمة:
الهضبة السورية في ايادينا.
واقيمت أول مستوطنة اسرائيلية عليها في 14 تموز 1967 ومنذ ذلك الوقت ونحن نقاوم ... ونحن نموت...ونحن نصمد...ونحن نرسم تاريخنا بالدم.. ❝ ⏤إيمان رياني
❞ ˝يقول هيغل: التاريخ يعلّمنا ان الإنسان لم يتعلم شيئا من التاريخ.
ونحن لم نتعلم من حربنا المريرة كيف نحارب ومن نحارب ومع من نحارب!!˝
- غادة السمان-
لقد اخضر بأعماقنا جرح اسمه وطن..طوال سبع سنوات لن نقدر على تضميده ..
مع كل شروق سنبقى نذكر الليل، سنبقى نحاول الهرب من العتمة واللحاق بالغد املا منا ان نلملم ما تبقى بحوزتنا ونواصل طريقنا به، لكن مع كل شروق سيبقى يترآى لنا الامس، وسنبقى نذكر كم اصبحت ارواحنا قاحلة باردة مفرغة ..
ع كل شتاء سنتذكر صقيع الموت وبشاعة الدم ومع كل صيف سنتذكر مدى قتامة الصمت الذي يخيم علينا كل صائفة لسبع سنوات..مع كل رمضان سنتذكر موائد الافطار على الشمع في الظلام الحالك وارتفاع أصوات الآذان مرفقة بدوّي القذائف ..سنتذكر تراتيل صلاة التراويح المختلطة بأصوات صراخ النساء وبكاء الاطفال في السهرات الرمضانية ..سنتذكر أصوات سيارات الاسعاف المتزامنة مع السحور وقت الفجر لحظة شروق يوم جديد من الحسابات المتتالية التي لم تكن تنتهي الا وينتهي جزء معها بدواخلنا دون أن نشعر كم أصبحنا مفرغين من كل ما لدينا..مثقلين بكل ما لم يكن فينا قبل الحرب من ألم وقهر وعذاب وذل وجوع وتشرد على حوافّ قارات العالم! كم تبدلت الايام وتغيرت الحياة فينا! اصبحنا نرى في المرآة عيوننا وهي تحمل وطنا بداخلها ارهقه الحزن واثقله الفجائع؟ وطننا كره رائحة الدم وشبح الموت وصوت القذائف وبقايا الصواريخ والشظايا التي مازالت تحملها اجسامنا لتشهد على مرارة ما مررنا به وعظمة ما تحملناه وشدة ما صبرنا عليه، ما حصل معنا لم يحصل مع اي شعبٍ آخر على وجه هذا الكوكب! مازلنا لا نصدق ذلك! مازلنا نحاول استيعاب كل شيء رأيناه بأم اعيننا ولم نكن نقدر على فعل أي شيء لايقافه وانهائه! الموت والرعب والخوف والفقر والعوز والحاجة والبرد والجوع والقلة والخصاصة، كل هذه الأشياء جربناها على هذه البقعة من الأرض طيبة هذه الفترة من الزمن! العتمة والظلام والعطش والصقيع والحر..كل هذه الأشياء واجهتنا وجها لوجهٍ مجردين من كل اسلحة المقاومة سوى الصبر..صبر ايوب الذي فاق صبرنا صبره! حتى اصبحنا نمزح قائلين : للعيش على هذه البقعة من الأرض، يلزمك صبر ايوب أو مال قارون لتتمكن من مواصلة الحياة! جربنا جميع انواع الموت دون استثناء ..الموت بردا..الموت جوعا..الموت عطشا..الموت قهرا وحسرة على خسارة بيوتنا واغراضنا وممتلكاتنا..الموت حرا..الموت على ابواب الدول المجاورة ونحن نطلب اللجوء هربا من الموت لموتٍ آخر.. الموت بجميع أنواع الأسلحة التي أصبحنا نميزها جيدا ونتقن معرفة اسمائها وانواعها .. طالما ان بقايا شظايا الصواريخ والقذائف سكنت اجسامنا وأصبحت قطعا تلازمنا نعيش بها كأعضائنا .. أذكر ابيات ذلك الشاعر ابن جابر الاندلسي الذي يقول فيها : لا تعاد الناس في اوطانهم..قلما يرعى غريب الوطن واذا ما عشت عيشا بينهم.خالق الناس بخلقٍ حسنٍ نحن نكاد ان نكون الشعب الوحيد بعد الشعب الفلسطيني بين شعوب العالم الذي جاء الجميع من كافة اصقاع العالم ليعاديه في وطنه..ليخرجوننا من بيوتنا..ليهجّروننا من احيائنا وقُرانا.. ويدمروا كل شيء كان لنا وبنيناه بسواعدنا وايدينا..طرقاتنا. محلاتنا..جسورنا ..بناياتنا..بيوتنا..مدننا.. الاماكن العمومية..المرافق العمومية..الخدمات المحلية.البنى التحتية..المصارف..البنوك..البريد.. المغازات العمومية..المحلات الخاصة التي ليس لأصحابها موارد رزق أخرى يعيشون بها..مازلنا نحاول استيعاب كل ما حصل لنا وما حدث معنا..يصعب تصديق كل هذا..كل هذه الاحداث المتسارعة التي عصفت بنا فجأة وأخذت في طريقها كل ما نملك..جميع ممتلكاتنا وذكرياتنا واشيائنا الصغيرة التي انهكتنا الحياة في تحصيلها وجمعها.. فقدناها في لحظات معدودة ويصعب استرجاعها.. عصفت بأرواحنا لتتركنا عارين امام وقع الصدمة وتحت أثر الدهشة..اصبحت ملامحنا جامدة لا يمكنها التعبير عن شيء .. وجوه واجمة تمشي في الشوارع شاردة الذهن.. الكل فقد كل شيء. والكل يحاول العرب بما تبقى له..لعلّه ينفذ من هذا الجحيم..من هذه الخسارات اليومية التي نصحو كل يوم لنشاهدها في صمتٍ وعجزٍ دون القدرة على فعل أي شيء لايقاف هذا النزيف..هذا الهدر السائب من الوقت الذي يعصف بأعمارنا التي توقفت عقارب الساعة فيها سنواتٍ الى الوراء .. فلا أحد هنا اصبح بإمكانه ان يحلم بتحقيق اي شيء..فنحن نعيش على هذه البقعة من الأرض فقط لنخسر كل ما بحوزتنا بصفة يومية وبشكلٍ سريع..لا نكاد نقدر على استيعابه ..سرعة الأحداث تعصف بقدرتنا على الفهم والاستيعاب..بين الموت والهجرة والهرب من البؤس! مجرد ارواحٍ مفجوعة منهكة منهارة تمشي على الأرض واجمة لا تدرك طريقها ولا تعرف مصيرها الى أين ..لقد عبث الموت بما على هذه البقعة من الأرض.. لقد سكننا وتملكنا واضحى يعيش معنا معظم تفاصيل حياتنا ويطاردنا أينما حللنا حتى ولو كنا على أسرّتنا نحاول الهرب من كل ما حولنا ورؤوسنا على وسائدنا ..لا يرحمنا الموت ويلاحقنا حتى ولو اختبئنا تحت اغطيتنا وتحت أسرّتنا..وجودك في البيت لا يعني أمر قد أمّنت على نفسك من لحاق الصواريخ والقذائف بجسمك الصغير الضعيف..كم من واحدٍ منا رحل ضحية قذيفة اخترقت شباك غرفته لتقضي عليه وهو على السرير لو عبرت نافذة مطبخه حين كان بصدد تحضيره للقهوة! هذه الأرض تقاوم منذ زمن بعيد لتبقى على مبادئها وليحيا شعبها كما يرغب هو لا كما ترغب الدول العظمى والغرف المظلمة في الضفة الغربية من هذا الكوكب التي تخطط مصير الشعوب وتمحو مستقبلهم بمجرد˝ جرة قلم˝ وبضعة خطوط يرسمونها بأقلامهم نتسبب في موت ملايين البشر هنا في الشرق المنهك من التعب ..في الشرق الذي ارادوه أرضا للموت والحرب والدمار والخسارات والرعب والالم والدموع والصراخ والعويل.. الشرق الذي ما يزال يقاوم ليحظى ببعض اللحظات الجميلة من الحياة!.. الشرق الذي كتب على شعوبه الموت والالم والضياع والهجرة والتشرد والبكاء على ابواب الدول العظمى طالبين اللجوء رغبةً في حياة أفضل! الشرق الذي كتب عليه ان يعاني الأمرّين منذ عقود وعقود من الزمن..الشرق الذي كتب عليه ان يكتوي بنيران الحروب بجميع انواعها.. الحروب الداخلية والخارجية.. الحروب الدينية والطائفية والمعتقدية والعقائدية والعِرقية والايديولوجية.. أتذكّرُ قول الكاتب الفلسطيني حسن سامي يوسف: ماذا زرعنا يا الله كي نحصد كل هذا الخراب؟
لم نبخل على العرب بشهدائنا ودمائنا في كل الحروب العربية ومنذ الثورة العربية الكبرى في العام1916 ..منذ زمن الدولة العثمانية التي أعدمت خيرة شبابنا في ساحة المرجة يوم 6 ايار اليوم الذي اصبح في ما بعد عيدا للشهداء في سوريا يوم إغتيل اكبر عدد من شباب سوريا على يد العثمانيين حين بلد جمال باشا والي بلاد الشام لدى الباب العالي حملة لعبور قناة السويس واحتلال مصر في حرب ˝السفر برلك˝ مخترقا صحراء سيناء واجهته القوات البريطانية هناك بمدافعها ورشاشاتها ففشل هجومه فشلا ذريعا فقام بإطلاق حملات اعتقال للزعماء والوطنيين والمفكرين العرب متهما اياهم بالخيانة والتسبب في افشال هجومه وعمل على التنكيل بالعرب وتعذيبهم حتى الموت وكان أغلبهم من المناضلين اللذين سعوا طويلا الى القضاء على الاحتلال العثماني وبناء الدولة العربية الواحدة المستقلة التي كانت حلمت للعرب انذاك.
صمّ جمال باشا اذنيه عن كل المناشدات والتدخلات من الدول المجاورة وخصوصا من الأمير فيصل والشريف حسين بن علي التي تدعو لإطلاق سراحهم وعزم على التخلص منهم جميعا على دفعتين يومي 21 اب 1915 و6 ايار 1916 في ساحة البرج في بيروت وساحة المرجة في دمشق قبل ان يُقتل على يد ارمني في مدينة تبليسي في العام 1921 قبل سنة من سقوط الدولة العثمانية.. كانت مجزرة رحل فيها أفضل رجال سوريا شنقا حتى الموت في الشارع على مرأى من الجميع ابرزهم ˝شفيق بك العظم˝ الشاعر والاديب والكاتب والسياسي الذي يتقن 3 لغات والشيخ عبد الحميد الزهراوي زعيم النهضة السياسية في سورية..المفكر والصحفي ابن مدينة حمص الذي ساهم في تأسيس حزب الحرية والاعتدال وحزب الائتلاف إبان الحرب العالمية الاولى.. رجل العلم والدين والسياسة والأمير عمر الجزائري حفيد عبد القادر الجزائري والسيد رشدي الشمعة رجل القانون والادب مؤلف الروايات المسرحية التي قامت بآدائها فرقة مدرسة ˝مكتب عنبر˝ في عام1908 في حديقة الصوفانية قرب باب توما في المدينة العتيقة والذي ساهم في تأسيس المنتدى الادبي السوري عام 1909 والحزب المعتدل الحر عام 1908 والحمعية اللامركزية عام 1912 والشهيد عيد الذهاب الانكليزي الذي لقب بالبارود الانكليزي لشدّته وقوته وحماسته والذي كان من أهم رجالات السياسة وقتها والشهيد سليم الجزائري احد ابرز المفكرين النوابغ ومن مؤسسي جمعية العهد وغيرهم من الشهداء السوريين واللبنانيين اللذين رحلوا بسبب محكمة ديوان عالية المحكمة العسكرية العثمانية التي اختصت في قتل المعارضين العرب والتنكيل بهم ايام الثورة العربية الكبرى!
لم نبخل على العرب بدمائنا وشهدائنا في حرب قيام الكيان الصهيوني حين خسرت الدولة العثمانية مقاطعة فلسطين وكافة اراضيها العربية وسلمتها لفرنسا وبريطانيا بمقتضى معاهدة سيفر عام1920 ومعاهدة لوزان عام 1923 وسلّمت هذه الاخيرة أرض فلسطين لليهود عام 1948 اتجه الجيش العربي مكونا من الاردنيين والمصريين والعراقيين واللبنانيين وغيرهم الى فلسطين سعيا الى تحريرها وكان السوريون في المقدمة ..كانوا يرغبون في القتال ضد الجيش الاسرائيلي البالماخ والارجون والهاچاناه والشيرتن.
خسرنا الالاف من شبابنا بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم وعاد العرب الى بلدانهم بعد نهاية الحرب بنصفٍ مهزوم ونصفٍ شهيد وهاجر الفلسطينيون بيوتهم ففتحنا لهم بيوتنا ليقيموا معنا فيها.
ثم كانت نكسة ال67 فخسرنا الجولان التي اعتبرتها الأمم المتحدة في تلك السنة أرضا سورية محتلة حين صدر البيان عن جيش العدو يوم 10 حزيران 1967 معلنا بالكلمة:
الهضبة السورية في ايادينا.
واقيمت أول مستوطنة اسرائيلية عليها في 14 تموز 1967 ومنذ ذلك الوقت ونحن نقاوم .. ونحن نموت..ونحن نصمد..ونحن نرسم تاريخنا بالدم. ❝
❞ المولد الكهربائي في توليد الكهرباء،هو جهاز ميكانيكي يحول الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية بوجود مجال مغناطيسي. ويعمل المولد الكهربائي على مبدأ الحث الكهرومغناطيسي والذي هو الأساس في توليد التيار الحثي. وقد تطورت صناعة المولدات الكهربائية كثيراً من حيث إنتاج التيار الحثي المقوُم إلى درجة عالية جدًا، ويُوجه المولد الكهربائي التيار الكهربائي للتدفق خلال دائرة كهربائية خارجية، كما أن مصادر المولد الكهربائي عديدة منها ما هو محرك متردد ومنها التوربينات التي تستخدم المحركات البخارية في عملها، أو عن طريق تساقط المياه في التوربينات والتي تعرف بالطاقة المائية، أو بمحركات الاحتراق الداخلية، أو توربينات الرياح[1]، أو مرفق اليد، أو الهواء المضغوط، أو أي مصدر آخر من مصادر الطاقة الميكانيكية. المولدات الكهربائية تغذي جميع الشبكات الكهربائية تقريبًا.
ويتم التحويل عكسيًا من الطاقة الكهربائية إلى الطاقة الميكانيكية عن طريق المحرك الكهربائي، والمولدات والمحركات الكهربائية لديها العديد من أوجه التشابه، كما أن العديد من المحركات الكهربائية يمكن أن تكون مدفوعة ميكانيكيًا لتوليد الكهرباء، وكثيرًا ما تجعل المحركات المولدات مقبولة عمليًا.
الدينامو هو الاسم اللاتيني للمولّد الكهربائي، ويعني الآن المولّد الذي ينتج تيارا مستمرا باستخدام عاكس التيار.
الإلكترونيات الصناعية أو الإلكترونيات الاستطاعية (بالإنجليزية: Power Electronics ) هي تطبيق العناصر الإلكترونية ذات الحالة الصلبة في التحكم وتحويل الطاقة الكهربائية.[1][2][3] إنها أيضا تشير إلى مواد بحثية في الهندسة الكهربائية والالكترونية والتي تتعامل مع التصميم، التحكم، الحساب والتكامل لأنظمة معالجة الطاقة الالكترونية غير الخطية والمتغيرة زمنياً.
أول جهاز عالي الطاقة يعتمد الالكترونيات الصناعية كان جهاز Mercury-arc valve أما في الأنظمة الحديثة يتم تحويل الطاقة من خلال أنظمة تبديل نصف ناقلة مثل الديودات ، الثايرستورات، والترانزستورات.
في الأجهزة المنزلية هناك المحول AC/DC أو مايسمى المقوم هو جهاز الإلكترونيات الصناعية المثالي في العديد من الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز ، الحواسيب الشخصية، شاحن البطاريات، إلخ. تتراوح الاستطاعة الكهربائية في الإلكترونيات الصناعية من عشرات الواطات إلى عدة مئات من الواط. أما في الصناعية فتعتبر أجهزة تغيير السرعة أو (الإنفرتر الصناعي) من الأجهزة التي تعتمد الإلكترونيات الصناعية للتحكمبالمحركات التحريضية. مجال الاستطاعة في هذه الأجهزة يبدأ من مئات قليلة من الواط إلى عشرات من الميغاواط.
يمكن تصنيف أجهزة تحويل الطاقة بالإلكترونيات الصناعية اعتمادا على نوع الطاقة الداخلة والخارجة لهذا الجهاز.
• من AC إلى DC (مقوم)
• من DC إلى AC (إنفرتر)
• من DC إلى DC (مبدل DC to DC)
• من AC إلى AC (مبدل AC to AC)
الدائرة الإلكترونية هي مسار مغلق من المكونات الإلكترونية الموصولة فيما بينها ويمكن للتيار الكهربائي المرور عبرها وهي المكون الأساسي لكل الأجهزة الإلكترونية.[1][2][3]
تعد الدارات الإلكترونية electronic circuits أساس النظم الإلكترونية التي تستخدم في مجالات هندسية شتى مثل التحكم والقياس ومعالجة الإشارة. ويعد الثنائي ذو الوصلة والترانزيستور الوسيلتين الفعالتين الأساسيتين في تركيب أي دارة إلكترونية.
تتكون الدائرة الإلكترونية بشكل أساسي من مقاومة(resistor) ومكثف (capacitor) وترانزستور (transistor) والكثير من المكونات الأخرى التي تجتمع لتكون الدائرة الإلكترونية.
يتم تدريس علم الإلكترونيات في العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم، وهو علم يعنى بتفاعل عناصر الدائرة الإلكترونية مع بعضها البعض.
تتدرج الدوائر الإلكترونية من دائرة بسيطة تمثل مصدر فرق جهد ومقاومة مثل (بطاريه وضوء صغير) إلى دوائر معقدة تحتاج إلى عدة مهندسين وساعات من العمل لتحليلها مثل اللوحة الرئيسية للكميوتر.
يعتمد تحليل الدوائر الإلكترونية على قانون رئيسي هو:
V=I.R
أو فرق V الجهد يساوي المقاومة (R) في التيار(I).
ثنائي الوصلة - الديود PN junction-diode
في بداية اكتشاف أنصاف النواقل semiconductors مثل مادتي الجرمانيوم والسيليكون، وقبل الاكتشاف المخبري للترانزيستورات، كانت هناك العديد من المشاكل التي يجب التغلب عليها لصناعة هذه الثنائيات. استطاع المهندسون في منتصف الخمسينات حل معظم النقاط الحرجة لهذه المشكلات، والدخول بشكل فعال في تكنولوجيا الأجسام الصلبة solid-state.
يتشكل الثنائي من منطقتين متجاورتين من النوع p,n . تكون المنطقة n مليئة بالشحنات السالبة (إلكترونات electrons)، والمنطقة p مليئة بالشحنات الموجبة (ثقوب holes)، يفصل بين المنطقتين منطقة خالية من الشحنات تدعى بالمنطقة المحرمة أو الخالية deplation region، كما في الشكل(1).
بتطبيق انحياز(جهد مستمر) ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع المستمر إلى الطرف p للثنائي، والنهاية السالبة للمنبع إلى الطرف n يمكن للتيار أن يمر داخل الثنائي. من جهة أخرى فإن تطبيق انحياز عكسي ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع إلى الطرف n للثنائي والنهاية السالبة إلى الطرف p يمنع التيار من المرور عبر الثنائي.
لذا يستخدم الثنائي PN في تطبيقات عدة من أكثرها شيوعاً تقويم التيار المتناوب، أي السماح للتيار بالمرور باتجاه ومنعه من المرور بالاتجاه المعاكس. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ المولد الكهربائي في توليد الكهرباء،هو جهاز ميكانيكي يحول الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية بوجود مجال مغناطيسي. ويعمل المولد الكهربائي على مبدأ الحث الكهرومغناطيسي والذي هو الأساس في توليد التيار الحثي. وقد تطورت صناعة المولدات الكهربائية كثيراً من حيث إنتاج التيار الحثي المقوُم إلى درجة عالية جدًا، ويُوجه المولد الكهربائي التيار الكهربائي للتدفق خلال دائرة كهربائية خارجية، كما أن مصادر المولد الكهربائي عديدة منها ما هو محرك متردد ومنها التوربينات التي تستخدم المحركات البخارية في عملها، أو عن طريق تساقط المياه في التوربينات والتي تعرف بالطاقة المائية، أو بمحركات الاحتراق الداخلية، أو توربينات الرياح[1]، أو مرفق اليد، أو الهواء المضغوط، أو أي مصدر آخر من مصادر الطاقة الميكانيكية. المولدات الكهربائية تغذي جميع الشبكات الكهربائية تقريبًا.
ويتم التحويل عكسيًا من الطاقة الكهربائية إلى الطاقة الميكانيكية عن طريق المحرك الكهربائي، والمولدات والمحركات الكهربائية لديها العديد من أوجه التشابه، كما أن العديد من المحركات الكهربائية يمكن أن تكون مدفوعة ميكانيكيًا لتوليد الكهرباء، وكثيرًا ما تجعل المحركات المولدات مقبولة عمليًا.
الدينامو هو الاسم اللاتيني للمولّد الكهربائي، ويعني الآن المولّد الذي ينتج تيارا مستمرا باستخدام عاكس التيار.
الإلكترونيات الصناعية أو الإلكترونيات الاستطاعية (بالإنجليزية: Power Electronics ) هي تطبيق العناصر الإلكترونية ذات الحالة الصلبة في التحكم وتحويل الطاقة الكهربائية.[1][2][3] إنها أيضا تشير إلى مواد بحثية في الهندسة الكهربائية والالكترونية والتي تتعامل مع التصميم، التحكم، الحساب والتكامل لأنظمة معالجة الطاقة الالكترونية غير الخطية والمتغيرة زمنياً.
أول جهاز عالي الطاقة يعتمد الالكترونيات الصناعية كان جهاز Mercury-arc valve أما في الأنظمة الحديثة يتم تحويل الطاقة من خلال أنظمة تبديل نصف ناقلة مثل الديودات ، الثايرستورات، والترانزستورات.
في الأجهزة المنزلية هناك المحول AC/DC أو مايسمى المقوم هو جهاز الإلكترونيات الصناعية المثالي في العديد من الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز ، الحواسيب الشخصية، شاحن البطاريات، إلخ. تتراوح الاستطاعة الكهربائية في الإلكترونيات الصناعية من عشرات الواطات إلى عدة مئات من الواط. أما في الصناعية فتعتبر أجهزة تغيير السرعة أو (الإنفرتر الصناعي) من الأجهزة التي تعتمد الإلكترونيات الصناعية للتحكمبالمحركات التحريضية. مجال الاستطاعة في هذه الأجهزة يبدأ من مئات قليلة من الواط إلى عشرات من الميغاواط.
يمكن تصنيف أجهزة تحويل الطاقة بالإلكترونيات الصناعية اعتمادا على نوع الطاقة الداخلة والخارجة لهذا الجهاز.
• من AC إلى DC (مقوم)
• من DC إلى AC (إنفرتر)
• من DC إلى DC (مبدل DC to DC)
• من AC إلى AC (مبدل AC to AC)
الدائرة الإلكترونية هي مسار مغلق من المكونات الإلكترونية الموصولة فيما بينها ويمكن للتيار الكهربائي المرور عبرها وهي المكون الأساسي لكل الأجهزة الإلكترونية.[1][2][3]
تعد الدارات الإلكترونية electronic circuits أساس النظم الإلكترونية التي تستخدم في مجالات هندسية شتى مثل التحكم والقياس ومعالجة الإشارة. ويعد الثنائي ذو الوصلة والترانزيستور الوسيلتين الفعالتين الأساسيتين في تركيب أي دارة إلكترونية.
تتكون الدائرة الإلكترونية بشكل أساسي من مقاومة(resistor) ومكثف (capacitor) وترانزستور (transistor) والكثير من المكونات الأخرى التي تجتمع لتكون الدائرة الإلكترونية.
يتم تدريس علم الإلكترونيات في العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم، وهو علم يعنى بتفاعل عناصر الدائرة الإلكترونية مع بعضها البعض.
تتدرج الدوائر الإلكترونية من دائرة بسيطة تمثل مصدر فرق جهد ومقاومة مثل (بطاريه وضوء صغير) إلى دوائر معقدة تحتاج إلى عدة مهندسين وساعات من العمل لتحليلها مثل اللوحة الرئيسية للكميوتر.
يعتمد تحليل الدوائر الإلكترونية على قانون رئيسي هو:
V=I.R
أو فرق V الجهد يساوي المقاومة (R) في التيار(I).
ثنائي الوصلة - الديود PN junction-diode
في بداية اكتشاف أنصاف النواقل semiconductors مثل مادتي الجرمانيوم والسيليكون، وقبل الاكتشاف المخبري للترانزيستورات، كانت هناك العديد من المشاكل التي يجب التغلب عليها لصناعة هذه الثنائيات. استطاع المهندسون في منتصف الخمسينات حل معظم النقاط الحرجة لهذه المشكلات، والدخول بشكل فعال في تكنولوجيا الأجسام الصلبة solid-state.
يتشكل الثنائي من منطقتين متجاورتين من النوع p,n . تكون المنطقة n مليئة بالشحنات السالبة (إلكترونات electrons)، والمنطقة p مليئة بالشحنات الموجبة (ثقوب holes)، يفصل بين المنطقتين منطقة خالية من الشحنات تدعى بالمنطقة المحرمة أو الخالية deplation region، كما في الشكل(1).
بتطبيق انحياز(جهد مستمر) ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع المستمر إلى الطرف p للثنائي، والنهاية السالبة للمنبع إلى الطرف n يمكن للتيار أن يمر داخل الثنائي. من جهة أخرى فإن تطبيق انحياز عكسي ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع إلى الطرف n للثنائي والنهاية السالبة إلى الطرف p يمنع التيار من المرور عبر الثنائي.
لذا يستخدم الثنائي PN في تطبيقات عدة من أكثرها شيوعاً تقويم التيار المتناوب، أي السماح للتيار بالمرور باتجاه ومنعه من المرور بالاتجاه المعاكس. ❝