❞ *كما عودناكم عزيزي القارئ في \"جريدة أحرفنا المنيرة\" بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️*
*س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟*
*ج/* أنا بسمة الجمالي، عمري 19 عامًا. أحب الكتابة وأعتبرها وسيلة للتعبير عن أفكاري ومشاعري. لدي شغف كبير بالأدب والفنون، وأستمتع بالقراءة واكتشاف عوالم جديدة من خلال الكتب.
إلى جانب الكتابة، أهتم أيضًا بالتعلم وتوسيع معرفتي في مجالات متعددة. أعتبر نفسي شخصًا متحمسًا وطموحًا، وأسعى دائمًا لتحقيق أهدافي وتطوير نفسي.
أحب مشاركة ما أكتبه مع الآخرين، سواء كانت قصص قصيرة، مقالات، أو حتى خواطر يومية. أؤمن بأن للكلمات قوة عظيمة في التأثير والإلهام، وأتمنى أن أتمكن من إلهام الآخرين من خلال كتاباتي.
في وقت فراغي، أحب تعلم اللغات البرمجية، والمشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية. أطمح إلى تحقيق الكثير في المستقبل، وأعمل بجد لتحقيق أحلامي.
*س/ متى بدأت الكتابة؟*
*ج/* في عمر 16 عامًا، ولكن كانت مجرد خربشات على ضوء القمر. وأتقنت الكتابة في سن 18 عامًا وما زلت أتطور.
*س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟*
*ج/* عائلتي لها كل الحب والتقدير، هي التي وقفت معي وشجعتني لعبور أول خطوة في مجال الكتابة.
*س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟*
*ج/* لا، لدي الكثير من الأعمال الإلكترونية المنشورة.
*س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟*
*ج/*
1. أن يتحلى بالصبر الكامل ويتفنن في صياغة كلماته ويجب أن يملؤها الأمل والتشويق.
2. يجب أن يقرأ ويطلع على كتب عدة، ويتلذذ بقراءتها.
*س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟*
*ج/* استهزاء من بعض الناس بنصوصي واعتبارها مجرد نصوص طفولية وأن هذا ليس مجالي. لكن تغلبت على هذه المشكلة وأصريت على إتمام مشواري وتفننت في صياغة نصوصي. وهنا أريد أن أقدم نصيحة للكتاب: يجب عليكم الوثوق بأنفسكم وعدم سماع كلام النقاد إلا إذا كان نقدًا بناءً.
*س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟*
*ج/* _وأن ليس للإنسان إلا ما سعى_ . أي أن كل شخص يأخذ على قدر عمله وتعبه في هذه الحياة.
*س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟*
*ج/* أدهم شرقاوي، أسامة مسلم، حنان لاشين، أحمد آل حمدان.
*س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟*
*ج/* شاركت بعدة كتب إلكترونية، وحصلت على شهادات عديدة. ومن ضمن الكتب التي شاركت بها: «رسالتي، الرصاصة الأخيرة، لد السيمياء، لكل من اسمه نصيب، بين التائين، صنيع أمي، سجنا بلا أقفاص، ومواساة قلب»، وهناك العديد من الكتب الأخرى. وحاليًا أدرس الذكاء الاصطناعي وقريبًا سأصبح أفضل مبرمجة ومهندسة إذا شاء الله.
*س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟*
*ج/* كلتاهما في آنٍ واحد:
- _الكتابة كهواية_ : بالنسبة للكثيرين، تُعتبر الكتابة وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، واستكشاف العالم الداخلي، والاستمتاع بالخلق الأدبي. يمكن لأي شخص تطوير مهاراته الكتابية من خلال الممارسة والقراءة، مما يجعلها هواية يمكن الاستمتاع بها وتنميتها على مدار الوقت.
- _الكتابة كموهبة_ : هناك أشخاص لديهم موهبة فطرية في الكتابة، يستطيعون من خلالها تحويل الأفكار المعقدة إلى كلمات بسيطة وجذابة. هذه الموهبة الطبيعية قد تكون مدمجة مع الخيال الخصب والقدرة على نقل الأحاسيس بفعالية من خلال النصوص.
*س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟*
*ج/* أختي الكبرى _أحلام_ هي مثلي الأعلى لأنها تجسد القوة، العزيمة، والحب غير المشروط. هي الشخص الذي يقف بجانبي في كل الأوقات، تدعمني وتشجعني دون تردد. تعلمت منها الكثير عن الصبر، التفاني، وكيفية مواجهة التحديات بروح إيجابية. أختي ليست فقط أختي، بل هي أيضًا صديقتي وملهمتي، وهي الشخص الذي أطمح دائمًا أن أكون مثله.
*س/ هل لديك مواهب أخرى؟*
*ج/* نعم، الإلقاء.
*س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟*
*ج/* ليس هناك أي عمل جديد حاليًا.
*س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟*
*ج/* أن أصبح كاتبة عالمية ومشهورة جدًا، ومبرمجة إن شاء الله.
*س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟*
*ج/* ثق بنفسك وبالنصوص التي ستقدم على كتابتها، ويجب عليك الإطلاع على الكتب والتعلم منها. فمجال الكتابة بحر ليس له نهاية، وكل إنسان يصيغ ألمه أو حزنه بطرق عدة، ويتفنن ويتقن صياغتها.
---
*وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.*
*جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم*
*تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد*. ❝ ⏤دار نشر أحرفنا المنيرة
❞*كما عودناكم عزيزي القارئ في ˝جريدة أحرفنا المنيرة˝ بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️*
*س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟* *ج/* أنا بسمة الجمالي، عمري 19 عامًا. أحب الكتابة وأعتبرها وسيلة للتعبير عن أفكاري ومشاعري. لدي شغف كبير بالأدب والفنون، وأستمتع بالقراءة واكتشاف عوالم جديدة من خلال الكتب.
إلى جانب الكتابة، أهتم أيضًا بالتعلم وتوسيع معرفتي في مجالات متعددة. أعتبر نفسي شخصًا متحمسًا وطموحًا، وأسعى دائمًا لتحقيق أهدافي وتطوير نفسي.
أحب مشاركة ما أكتبه مع الآخرين، سواء كانت قصص قصيرة، مقالات، أو حتى خواطر يومية. أؤمن بأن للكلمات قوة عظيمة في التأثير والإلهام، وأتمنى أن أتمكن من إلهام الآخرين من خلال كتاباتي.
في وقت فراغي، أحب تعلم اللغات البرمجية، والمشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية. أطمح إلى تحقيق الكثير في المستقبل، وأعمل بجد لتحقيق أحلامي.
*س/ متى بدأت الكتابة؟* *ج/* في عمر 16 عامًا، ولكن كانت مجرد خربشات على ضوء القمر. وأتقنت الكتابة في سن 18 عامًا وما زلت أتطور.
*س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟* *ج/* عائلتي لها كل الحب والتقدير، هي التي وقفت معي وشجعتني لعبور أول خطوة في مجال الكتابة.
*س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟* *ج/* لا، لدي الكثير من الأعمال الإلكترونية المنشورة.
*س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟* *ج/*
1. أن يتحلى بالصبر الكامل ويتفنن في صياغة كلماته ويجب أن يملؤها الأمل والتشويق.
2. يجب أن يقرأ ويطلع على كتب عدة، ويتلذذ بقراءتها.
*س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟* *ج/* استهزاء من بعض الناس بنصوصي واعتبارها مجرد نصوص طفولية وأن هذا ليس مجالي. لكن تغلبت على هذه المشكلة وأصريت على إتمام مشواري وتفننت في صياغة نصوصي. وهنا أريد أن أقدم نصيحة للكتاب: يجب عليكم الوثوق بأنفسكم وعدم سماع كلام النقاد إلا إذا كان نقدًا بناءً.
*س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟* *ج/* وأن ليس للإنسان إلا ما سعى__ . أي أن كل شخص يأخذ على قدر عمله وتعبه في هذه الحياة.
*س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟* *ج/* أدهم شرقاوي، أسامة مسلم، حنان لاشين، أحمد آل حمدان.
*س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟* *ج/* شاركت بعدة كتب إلكترونية، وحصلت على شهادات عديدة. ومن ضمن الكتب التي شاركت بها: «رسالتي، الرصاصة الأخيرة، لد السيمياء، لكل من اسمه نصيب، بين التائين، صنيع أمي، سجنا بلا أقفاص، ومواساة قلب»، وهناك العديد من الكتب الأخرى. وحاليًا أدرس الذكاء الاصطناعي وقريبًا سأصبح أفضل مبرمجة ومهندسة إذا شاء الله.
*س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟* *ج/* كلتاهما في آنٍ واحد:
- الكتابة كهواية__ : بالنسبة للكثيرين، تُعتبر الكتابة وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، واستكشاف العالم الداخلي، والاستمتاع بالخلق الأدبي. يمكن لأي شخص تطوير مهاراته الكتابية من خلال الممارسة والقراءة، مما يجعلها هواية يمكن الاستمتاع بها وتنميتها على مدار الوقت.
- الكتابة كموهبة__ : هناك أشخاص لديهم موهبة فطرية في الكتابة، يستطيعون من خلالها تحويل الأفكار المعقدة إلى كلمات بسيطة وجذابة. هذه الموهبة الطبيعية قد تكون مدمجة مع الخيال الخصب والقدرة على نقل الأحاسيس بفعالية من خلال النصوص.
*س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟* *ج/* أختي الكبرى أحلام__ هي مثلي الأعلى لأنها تجسد القوة، العزيمة، والحب غير المشروط. هي الشخص الذي يقف بجانبي في كل الأوقات، تدعمني وتشجعني دون تردد. تعلمت منها الكثير عن الصبر، التفاني، وكيفية مواجهة التحديات بروح إيجابية. أختي ليست فقط أختي، بل هي أيضًا صديقتي وملهمتي، وهي الشخص الذي أطمح دائمًا أن أكون مثله.
*س/ هل لديك مواهب أخرى؟* *ج/* نعم، الإلقاء.
*س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟* *ج/* ليس هناك أي عمل جديد حاليًا.
*س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟* *ج/* أن أصبح كاتبة عالمية ومشهورة جدًا، ومبرمجة إن شاء الله.
*س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟* *ج/* ثق بنفسك وبالنصوص التي ستقدم على كتابتها، ويجب عليك الإطلاع على الكتب والتعلم منها. فمجال الكتابة بحر ليس له نهاية، وكل إنسان يصيغ ألمه أو حزنه بطرق عدة، ويتفنن ويتقن صياغتها.
-
*وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.*
❞ أكثر الذين عبدوا الله و زعموا أنهم يعبدونه واحداً جعلوا له شركاء .. أكثرهم فعلوا هذا من حيث يدرون أو من حيث لا يدرون .. أخناتون الذي بلغ القمة في التوحيد ، عاد فجعل من نفسه إبناً للإله فقال في نشيده مخاطباً ربه ، إنك في قلبي. و ليس هناك من يعرفك غير ابنك الذي وُلد من صُلبك ، ملكُ مِصْر السفلىٰ و العليا ، الذي يحيا في الحق ، سيد الأرضين أخناتون .
لقد وقع برغم بصيرته الشفافه في هذا الإفك القديم و ظن نفسه إبنا لله من صلبه ، و في فارس تصوره الذين عبدوا إلهين اثنين .. (هرمز و اهرمن ) : أحدهما إلهاً للخير و الآخر للشر " و في الهند ثالوثاً "براهما و فشنوا و شيفا" و من تحت الثالوث عددوا كثرة من صغار الأرباب وصلت إلى ثلاثمائة و ثلاثين مليوناً من الآلهة ، بعدد ما ظنوا من حيوانات و دواب و مخلوقات تحل فيها أرواح تلك الآلهة ..
و في اليونان عبدوا زيوس كبير الأرباب ثم جعلوا لهذا الكبير عصابة بعدد ما تصوروا من قوى الطبيعة .
و عبد اليهود الرب " يهوا " إلهاً واحداً ثم جعلوا من النبي عزيرا ابناً له مخالفين بذلك ما علمهم موسى من وحدانية الخالق ..
و جاء عيسى بالتوحيد فاختلف من بعده الأتباع و جعلوا من المسيح ابناً و جعلوا الحقيقة الإلهية الواحدة ثالوثاً ..
ثم جاء الإسلام بختام الكلمة في التوحيد فالله أحدٌ صمد لا صاحبة و لا ولد ، ليس له ند و لا ضد و لا مثيل و لا شبيه ، لا يتحيز في مكان و لا يتزمن في زمان ، و لا يتحدد في كم ، و لا يتمثل في مقدار ، و لا يتقيد في إطار ، و لا تحيط به صورة و لا يتجسد في جسد ، ليس من هذا العالم ، بل هو فوقه و متعالٍ عليه ؛ فهو في الإطلاق و هذا العالم في القيد ، و هو في كلمة بسيطة بليغة .. أحدٌ .. أحد .. ليس كمثله شئ .
واعتقد المسلمون بهذا التوحيد بواقع الشهادة التي يُقرّونها خمس مرات كل يوم و في كل أذان ، أنه لا إله إلا الله .. و أن الله أكبر من كل شيء مطلقاً .. و لكن الكثرة الغالبة منهم عادت فوقعت في ألوان جديدة من الشرك الخفي ، و بات أكثر توحيد المسلمين باللسان بأن الله أكبر .. على حين أن سلوك هذه الكثرة و مشاعرها يقول إن الدنيا أكبر ، و تحصيل المال أكبر ، و حيازة القصور و الضياع أكبر ، و الفوز برضا المرأه أكبر و التقرب للسلطة أكبر ، و هوى النفس أكبر .
الكثرة تقول لا نعبد إلا الله و لا نخاف إلا الله ، و لكن سلوكها يقول إنها تخاف الموت و الفقر و المرض و الميكروب و الفيروس و الشيخوخة أكثر ، و كأنما هذه الأشياء لها سلطة الضرر بذواتها ..
الكثرة تطلب الشفاء من يدي الطبيب و تلتمس الدواء و يقع الواحد منهم في يأس لأنه لم يجد الحقن المستوردة كذا أو المضاد الحيوي كذا و ينسى أن الله من وراء الأسباب ، و أنه هو الذي أودع صفات الشفاء في هذا المضاد أو هذه الحقنة و أنه هو الذي قدر البرء على يد هذا الجراح ..
و أنه هو الذي خلق الفيروس و الميكروب و البكتريا ، و أنه الذي نشرها و أرسلها و أنه هو الذي أقام حواجز المناعة في أجسامنا ، و أنه إن شاء هدم هذه المناعة ، و إن شاء أعانها و أنه خالق الحر و البرد و الصقيع ، و أنه الذي وضع خاصية التغذية فالغذاء ، و الإرواء في الماء ، و خاصية القتل في السم ، و خاصية النفع في الترياق ..
' لا شئ له سلطة النفع بذاته ..و لا شئ له سلطة الضرر بذاته'
و إنما هو الله الضار النافع و ما عدا ذلك أسباب أقامها الله لتعمل بمشيئته ، و التوحيد الصحيح أن نخافه هو ، لأنه لا شئ يستطيع أن يضرنا بدون مشيئته ، و أن نطمع فيه وحده لأنه لا شئ يستطيع أن ينفعنا بدون إذنه ، إنه وحده الذي يعمل طوال الوقت - بالرغم من كثرة الأيدي التي تبدو في الصورة - ألم يقل للمقاتلين في بدر :
قال تعالى :
(( فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى ))
مع أن الظاهر أنهم هم الذين قتلوا المشركين .. و أن النبي عليه الصلاة و السلام هو الذي رمى .
هذا هو الظاهر ..
و لكن الحقيقة أنها أدوار اختار الله أبطالها منذ الأزل .. اختار للشر نفوساً و عرف أنها لا تصلح إلا للشر بحكم ما أخفته في سرها .. و لهذا اختار إبليس للغواية .. لأنه علم فيه الكِبر .. و اختار محمداً عليه الصلاة و السلام للهداية لما عَلِمَ فيه من مودة و رحمة .. و هكذا وزع الأدوار بحكم استحقاقات علمها أزلاً .. ثم أعان كل واحد على ما يصلح له .. أعان المضل على الضلال و أعان الهادى على الهدى ..
قال تعالى : (( كلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظوراً ))
قال تعالى : (( فأما من أعطى و أتقى ، و صدق بالحسنى ، فسنيسرهُ لليسرى ، و أما من بخل و استغنى ، و كذّب بالحسنى ، فسنيسرهُ للعسرى ))
من طلب المعونة على جريمة أعانه عليها و عليه وزر احتياره ، و من طلب المعونة على خير أعانه عليه و له ثواب اخياره . و إنما دور كل منا هو توجيه طاقته .
و لكن الله - سبحانه و تعالى - هو صاحب الطاقة الكلية و لا يمكن إنفاذ فعل بدونه فهو الوكيل القائم على إنقاذ جميع الأفعال ، و هو اليد الفاعلة و إنما دور القاتل أنه أضمر القتل و اختاره و فكر فيه و عزم عليه و هذا هو إسهامه الذي سيُحاسب عليه .. أما إنفاذ جميع الأفعال فالله منفرد بها
و لهذا قال لمحاربي بدر :
(( فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم ))
و هذا هو المعنى الحقيقي للتوحيد أن الله هو الفاعل الوحيد .. و أنه إذا كانت لنا أعمال فهي سرائرنا و نياتنا و ما نعزم عليه و ما نوجه إليه طاقتنا و ما نبادر إليه ، لهذا قال الله عن نفسه إنه يضل من يشاء و يهدي من يشاء .
قال تعالى (( و من يضلل الله فما له من هاد ))
(( و من يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ))
و لكنه شاء سبحانه وتعالى أن يطمئنا فقال :
(( و يضل الله الظالمين ))
(( كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ))
(( كذلك يضل الله الكٰفرين ))
' فجعل الفعل الإلهي قائما على استحقاق . و هذا يجعل من الدنيا كلها تحصيل حاصل لاستحقاقات أزلية استحقتها نفوس الخلائق بحكم منازلها التي تفاضلت بها أزلاً ..
و إنما أراد الله أن نخرج ما نكتم في قلوبنا فخلق هذه الدنيا ليشهد كل منا على نفسه :
قال تعالى :(( و الله مخرجٌ ما تكتمون ))'
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} [التوبة : 64]
و هذا يعني أن هذه الدنيا هي الفصل الثاني من رواية ، و إنه كان هناك فصل سابق عشناه و لا نذكر عنه شيئاً . و إننا بحكم ما قدمناه في هذا الفصل السالف استحققنا ما نجد الآن من خير و شر .. و أن ما يجد كلٍ منا في حياته هو أشبه بكشف النقاب عما يكتم و عما يخفي في ذات نفسه .
و الله يعلم حقيقتنا منذ القدم ، و يعلم عنا كل شئ ، و لكنه أراد أن نعلم عن أنفسنا بعض ما يعلم عنا فخلق لنا الدنيا لنرى أنفسنا في أعمالنا .
و ليس هناك قولاً بتناسخ فأنا لا أؤمن بالتناسخ الذي يتكلم عنه الهنود ، و لا في تقمص الأرواح الذي يعتقد فيه الدروز..
و لا أظن أن الفصل الأول من هذه الرواية كان على هذه الأرض و لا أنه كان تقمصاً سابقاً لحياة بشرية ..
' إنما هو أمر من أمور الغيب لا يعلمه إلا الله و هو ماضٍ محجوب لن يُهتك عنه الستر إلا يوم يبعث الله من في القبور و يحصل ما في الصدور .
يومئذٍ تنكشف الأسرار و يعرف المجرمون أنفسهم على حقيقتها فيقولون معترفين :
{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} [غافر : 11]
و لا خروج .. فهل يستطيع الإنسان أن يخرج من نفسه أو يتبرأ إنسان من يديه " هيهات " ..
و يسأل سائل .. لمن الملك اليوم ؟
و تجيب السماوات و الأرض و الملائكة و كل الخلق .. لله الواحد القهار ، و هو أمر ليس بجديد .. فالملك كان لله دائما في ذلك اليوم و في كل يوم ..'' و لكن ظاهر الدنيا يخدع كل من يراه " .. كان يبدو أن لبعض الناس مُلكاً ، و كان يبدو أن الطبيب يشفي و أن السلطان يرزق ، و أن السم يُميت و أن الرصاصة تقتل ، و أن هذا ينفع و أن ذاك يضر ، و أن هناك جبارين غير الله يحكمون .
و نسينا ما وصف الله به نفسه بأنه :
قال تعالى : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد : 3]
فإذا كان الطبيب يشفي ، و السلطان يرزق ، و السم يُميت ، و الرصاصة تقتل ، فإن الله هو الظاهر في كل هذه المظاهر و هو الفعل الخالص فيها .. و ما يجري على جميع الأيدي هو الوجه المنظور للمشيئة في تلك اللحظة .. سبحانه كل يوم هو في شأن .. و تلك شؤونه ..
و إذا كنا رأينا جبارين من غير الله يحكمون فما حكموا في الحقيقة إلا به .. و إنما تجلى الاسم الجبار على نفوسهم لأن تلك النفوس لم تكن لتقبل بحكم استعدادها الأزلي إلا هذا النوع من التجلي .. لم تكن تصلح لأن يتجلى عليها الودود و لا الرحيم و لا الرءوف .. لم تكن تقبل التجليات الجمالية للأسماء الحليم و الكريم و المنان و اللطيف ..
فنحن ما زلنا مع الله لم يظهر فينا غيره .. هو الظاهر في كل شئ بأفعاله و أسمائه .. و لكن من وراء ستار الأسباب ومن خلف نقاب الكثرة .
و برغم هذه الكثرة فإنه لا إله إلا الله.. لا فعال سواه ، و لا شافٍ و لا رازق و لا نافع و لا ضار و لا مميت و لا جبار و لا مهيمن غيره .. إنها ذاته الواحدة الفاعلة أبداً و أزلاً ..
ألا تبدو الطاقة الكهربائية في كل مصباح بشكل مختلف حسب نوع الفتيل المعدني داخله ..!؟
ألا تبدو الكهرباء في مصابيح النيون بألوان و تألقات متفاوتة حسب نوع الغازات في تلك الأنابيب المفرغة.. ؟!
' ما أشبهها جميعاً بنفوسنا التي تختلف استعداداتها فتختلف أفعالها مع أن الفاعل فيها واحد .. مجرد مثال .'
"و الدنيا كلها مثال رامز للقدره قدرة الواحد الأحد الذي ليس كمثله شئ و إذا رأيت هذا الواحد من وراء الكثرة و إذا أنت لم تعبأ بهذه الكثرة و شعرت بنفسك تتعامل طول الوقت وجهاً لوجه مع الله فلم تر شافياً لك غيره برغم تعاطيك الدواء و استسلامك للجراح ، و إذا رأيته هو الذي يطعمك و يسقيك و شعرت بنفسك تأكل من يديه و تشرب من يديه برغم كثرة المشارب و المطاعم التي تتردد عليها ، و إذا نسيت نفسك و لم تر غيره فأنت المسلم الموحد على وجه التحقيق "
وإنما يأتي فساد الأعمال من تصور الواحد منا أنه يأتيها وحده .. كما تصور قارون أنه صاحب العلم و صاحب المال و صاحب الفضل و قال مختالاً و هو يتحدث عن ماله و جاهه قال تعالى :
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص : 78]
فلم ير غير نفسه و لم يشهد غير علمه الذاتي و نسي أنه لا يملك علماً ذاتياً و لا قدرة ذاتية ، و إنما قدرته وعلمه و ذكاؤه كانت هبات سيده و هذا هو الشرك الخفي ..
حينما يصبح إله الواحد نفسه و هواه و ملكاته ..
قال تعالى :
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاىٰهُ} [الجاثية : 23]
ولهذا يتبرأ العارفون عن أعمالهم الصالحة و يسندوها إلى الله و إلى توفيقه .'
و أكثر من هذا يتبرأ الواحد من إرادته الخيرة و من نياته الطيبة و يرى أنها من أفضال سيده .. ثم يتبرأ من نفسه التي بين جنبيه و ينسى ذاته .. و يشهد أنه لا يملك من نفسه إلا العدم و أن كل ماله من الله ..و لا يعود يختار و إنما الله يختار له في كل لحظة .. ثم لا يعود يشهد إلا الله في كل شئ .. فذلك هو التوحيد الكامل ..
وهذه هي لا إله إلا الله حينما تصبح حياة ..
و نرى في دعاء أبي الحسن الشاذلي في هذه الحالة من الوجد : رب خذني إليك مني و ارزقني الفناء عني ، و لا تجعلني مفتوناً بنفسي ، محجوباً بحسي ، ونقرأ في المواقف والمخاطبات للنفري ما يقوله الله للعبد العارف " ألق الاختيار ألق المسألة البتة " .
فثواب مثل ذلك التوحيد الكامل الذي يلقي فيه العبد باختياره و يأخذ باختيار الله في كل شيء هو المغفرة الكاملة و عدم المحاسبة، يقول الله في حديثه القدسي إلى المذنب : لو جئتني بملء قراب الأرض خطايا و لقيتني لا تشرك بي شيئاً لوجدت عندي ملء قراب الأرض مغفرة .
فتلك ثمرة التوحيد ، و هذا ثواب كلمة لا إله إلا الله ، إذا جعلها الواحد منا حياته و نبضه و سلوكه و تنفسه و ذوب قلبه، وهذا ما أراده القرآن الكريم بإسلام الوجه لله سبحانه و تعالى ، و هذا ما أراده رسولنا العظيم محمد عليه الصلاة و السلام، حينما سأله أحدهم أن يوجز الدين الذي تلقاه عن ربه في كلمتين .. فقال كلمته الجامعه : ' قل آمنت بالله ثم استقم ' ..
و هذه هي الملة الحنيفية ملة أبينا إبراهيم الذي لم يعرف لنفسه إلهاً و لا خالقاً و لا رازقاً و لا شافياً و لا منقذاً إلا الله.. و الذي أُلقي به في النار فظهر له جبريل يسأله حاجته .. فقال له النبي العارف الموحد ، أما لك فلا ..
إنه في ساعة الخوف و الهول و الفزع لا يسأل أحداً إلا ربه .. لأنه لا يرى أحداً يملك له شيئاً و لو كان كبير الملائكه الروح القدس نفسه .. فلا فاعل في الكون إلا الله..
و لا يملك أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه ..
و تلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا نبي ..
و هذا معنى التوحيد ..
مقال : كلمة التوحيد .. ماذا تعني
من كتاب : الإسلام ما هو ؟
للدكتور / مصطفي محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ أكثر الذين عبدوا الله و زعموا أنهم يعبدونه واحداً جعلوا له شركاء . أكثرهم فعلوا هذا من حيث يدرون أو من حيث لا يدرون . أخناتون الذي بلغ القمة في التوحيد ، عاد فجعل من نفسه إبناً للإله فقال في نشيده مخاطباً ربه ، إنك في قلبي. و ليس هناك من يعرفك غير ابنك الذي وُلد من صُلبك ، ملكُ مِصْر السفلىٰ و العليا ، الذي يحيا في الحق ، سيد الأرضين أخناتون .
لقد وقع برغم بصيرته الشفافه في هذا الإفك القديم و ظن نفسه إبنا لله من صلبه ، و في فارس تصوره الذين عبدوا إلهين اثنين . (هرمز و اهرمن ) : أحدهما إلهاً للخير و الآخر للشر ˝ و في الهند ثالوثاً ˝براهما و فشنوا و شيفا˝ و من تحت الثالوث عددوا كثرة من صغار الأرباب وصلت إلى ثلاثمائة و ثلاثين مليوناً من الآلهة ، بعدد ما ظنوا من حيوانات و دواب و مخلوقات تحل فيها أرواح تلك الآلهة .
و في اليونان عبدوا زيوس كبير الأرباب ثم جعلوا لهذا الكبير عصابة بعدد ما تصوروا من قوى الطبيعة .
و عبد اليهود الرب ˝ يهوا ˝ إلهاً واحداً ثم جعلوا من النبي عزيرا ابناً له مخالفين بذلك ما علمهم موسى من وحدانية الخالق .
و جاء عيسى بالتوحيد فاختلف من بعده الأتباع و جعلوا من المسيح ابناً و جعلوا الحقيقة الإلهية الواحدة ثالوثاً .
ثم جاء الإسلام بختام الكلمة في التوحيد فالله أحدٌ صمد لا صاحبة و لا ولد ، ليس له ند و لا ضد و لا مثيل و لا شبيه ، لا يتحيز في مكان و لا يتزمن في زمان ، و لا يتحدد في كم ، و لا يتمثل في مقدار ، و لا يتقيد في إطار ، و لا تحيط به صورة و لا يتجسد في جسد ، ليس من هذا العالم ، بل هو فوقه و متعالٍ عليه ؛ فهو في الإطلاق و هذا العالم في القيد ، و هو في كلمة بسيطة بليغة . أحدٌ . أحد . ليس كمثله شئ .
واعتقد المسلمون بهذا التوحيد بواقع الشهادة التي يُقرّونها خمس مرات كل يوم و في كل أذان ، أنه لا إله إلا الله . و أن الله أكبر من كل شيء مطلقاً . و لكن الكثرة الغالبة منهم عادت فوقعت في ألوان جديدة من الشرك الخفي ، و بات أكثر توحيد المسلمين باللسان بأن الله أكبر . على حين أن سلوك هذه الكثرة و مشاعرها يقول إن الدنيا أكبر ، و تحصيل المال أكبر ، و حيازة القصور و الضياع أكبر ، و الفوز برضا المرأه أكبر و التقرب للسلطة أكبر ، و هوى النفس أكبر .
الكثرة تقول لا نعبد إلا الله و لا نخاف إلا الله ، و لكن سلوكها يقول إنها تخاف الموت و الفقر و المرض و الميكروب و الفيروس و الشيخوخة أكثر ، و كأنما هذه الأشياء لها سلطة الضرر بذواتها .
الكثرة تطلب الشفاء من يدي الطبيب و تلتمس الدواء و يقع الواحد منهم في يأس لأنه لم يجد الحقن المستوردة كذا أو المضاد الحيوي كذا و ينسى أن الله من وراء الأسباب ، و أنه هو الذي أودع صفات الشفاء في هذا المضاد أو هذه الحقنة و أنه هو الذي قدر البرء على يد هذا الجراح .
و أنه هو الذي خلق الفيروس و الميكروب و البكتريا ، و أنه الذي نشرها و أرسلها و أنه هو الذي أقام حواجز المناعة في أجسامنا ، و أنه إن شاء هدم هذه المناعة ، و إن شاء أعانها و أنه خالق الحر و البرد و الصقيع ، و أنه الذي وضع خاصية التغذية فالغذاء ، و الإرواء في الماء ، و خاصية القتل في السم ، و خاصية النفع في الترياق .
' لا شئ له سلطة النفع بذاته .و لا شئ له سلطة الضرر بذاته'
و إنما هو الله الضار النافع و ما عدا ذلك أسباب أقامها الله لتعمل بمشيئته ، و التوحيد الصحيح أن نخافه هو ، لأنه لا شئ يستطيع أن يضرنا بدون مشيئته ، و أن نطمع فيه وحده لأنه لا شئ يستطيع أن ينفعنا بدون إذنه ، إنه وحده الذي يعمل طوال الوقت - بالرغم من كثرة الأيدي التي تبدو في الصورة - ألم يقل للمقاتلين في بدر :
قال تعالى :
(( فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى ))
مع أن الظاهر أنهم هم الذين قتلوا المشركين . و أن النبي عليه الصلاة و السلام هو الذي رمى .
هذا هو الظاهر .
و لكن الحقيقة أنها أدوار اختار الله أبطالها منذ الأزل . اختار للشر نفوساً و عرف أنها لا تصلح إلا للشر بحكم ما أخفته في سرها . و لهذا اختار إبليس للغواية . لأنه علم فيه الكِبر . و اختار محمداً عليه الصلاة و السلام للهداية لما عَلِمَ فيه من مودة و رحمة . و هكذا وزع الأدوار بحكم استحقاقات علمها أزلاً . ثم أعان كل واحد على ما يصلح له . أعان المضل على الضلال و أعان الهادى على الهدى .
قال تعالى : (( كلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظوراً ))
قال تعالى : (( فأما من أعطى و أتقى ، و صدق بالحسنى ، فسنيسرهُ لليسرى ، و أما من بخل و استغنى ، و كذّب بالحسنى ، فسنيسرهُ للعسرى ))
من طلب المعونة على جريمة أعانه عليها و عليه وزر احتياره ، و من طلب المعونة على خير أعانه عليه و له ثواب اخياره . و إنما دور كل منا هو توجيه طاقته .
و لكن الله - سبحانه و تعالى - هو صاحب الطاقة الكلية و لا يمكن إنفاذ فعل بدونه فهو الوكيل القائم على إنقاذ جميع الأفعال ، و هو اليد الفاعلة و إنما دور القاتل أنه أضمر القتل و اختاره و فكر فيه و عزم عليه و هذا هو إسهامه الذي سيُحاسب عليه . أما إنفاذ جميع الأفعال فالله منفرد بها
و لهذا قال لمحاربي بدر :
(( فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم ))
و هذا هو المعنى الحقيقي للتوحيد أن الله هو الفاعل الوحيد . و أنه إذا كانت لنا أعمال فهي سرائرنا و نياتنا و ما نعزم عليه و ما نوجه إليه طاقتنا و ما نبادر إليه ، لهذا قال الله عن نفسه إنه يضل من يشاء و يهدي من يشاء .
قال تعالى (( و من يضلل الله فما له من هاد ))
(( و من يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ))
و لكنه شاء سبحانه وتعالى أن يطمئنا فقال :
(( و يضل الله الظالمين ))
(( كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ))
(( كذلك يضل الله الكٰفرين ))
' فجعل الفعل الإلهي قائما على استحقاق . و هذا يجعل من الدنيا كلها تحصيل حاصل لاستحقاقات أزلية استحقتها نفوس الخلائق بحكم منازلها التي تفاضلت بها أزلاً .
و إنما أراد الله أن نخرج ما نكتم في قلوبنا فخلق هذه الدنيا ليشهد كل منا على نفسه :
قال تعالى :(( و الله مخرجٌ ما تكتمون ))'
قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ [التوبة : 64]
و هذا يعني أن هذه الدنيا هي الفصل الثاني من رواية ، و إنه كان هناك فصل سابق عشناه و لا نذكر عنه شيئاً . و إننا بحكم ما قدمناه في هذا الفصل السالف استحققنا ما نجد الآن من خير و شر . و أن ما يجد كلٍ منا في حياته هو أشبه بكشف النقاب عما يكتم و عما يخفي في ذات نفسه .
و الله يعلم حقيقتنا منذ القدم ، و يعلم عنا كل شئ ، و لكنه أراد أن نعلم عن أنفسنا بعض ما يعلم عنا فخلق لنا الدنيا لنرى أنفسنا في أعمالنا .
و ليس هناك قولاً بتناسخ فأنا لا أؤمن بالتناسخ الذي يتكلم عنه الهنود ، و لا في تقمص الأرواح الذي يعتقد فيه الدروز.
و لا أظن أن الفصل الأول من هذه الرواية كان على هذه الأرض و لا أنه كان تقمصاً سابقاً لحياة بشرية .
' إنما هو أمر من أمور الغيب لا يعلمه إلا الله و هو ماضٍ محجوب لن يُهتك عنه الستر إلا يوم يبعث الله من في القبور و يحصل ما في الصدور .
يومئذٍ تنكشف الأسرار و يعرف المجرمون أنفسهم على حقيقتها فيقولون معترفين :
﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾ [غافر : 11]
و لا خروج . فهل يستطيع الإنسان أن يخرج من نفسه أو يتبرأ إنسان من يديه ˝ هيهات ˝ .
و يسأل سائل . لمن الملك اليوم ؟
و تجيب السماوات و الأرض و الملائكة و كل الخلق . لله الواحد القهار ، و هو أمر ليس بجديد . فالملك كان لله دائما في ذلك اليوم و في كل يوم .'' و لكن ظاهر الدنيا يخدع كل من يراه ˝ . كان يبدو أن لبعض الناس مُلكاً ، و كان يبدو أن الطبيب يشفي و أن السلطان يرزق ، و أن السم يُميت و أن الرصاصة تقتل ، و أن هذا ينفع و أن ذاك يضر ، و أن هناك جبارين غير الله يحكمون .
و نسينا ما وصف الله به نفسه بأنه :
قال تعالى : ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد : 3]
فإذا كان الطبيب يشفي ، و السلطان يرزق ، و السم يُميت ، و الرصاصة تقتل ، فإن الله هو الظاهر في كل هذه المظاهر و هو الفعل الخالص فيها . و ما يجري على جميع الأيدي هو الوجه المنظور للمشيئة في تلك اللحظة . سبحانه كل يوم هو في شأن . و تلك شؤونه .
و إذا كنا رأينا جبارين من غير الله يحكمون فما حكموا في الحقيقة إلا به . و إنما تجلى الاسم الجبار على نفوسهم لأن تلك النفوس لم تكن لتقبل بحكم استعدادها الأزلي إلا هذا النوع من التجلي . لم تكن تصلح لأن يتجلى عليها الودود و لا الرحيم و لا الرءوف . لم تكن تقبل التجليات الجمالية للأسماء الحليم و الكريم و المنان و اللطيف .
فنحن ما زلنا مع الله لم يظهر فينا غيره . هو الظاهر في كل شئ بأفعاله و أسمائه . و لكن من وراء ستار الأسباب ومن خلف نقاب الكثرة .
و برغم هذه الكثرة فإنه لا إله إلا الله. لا فعال سواه ، و لا شافٍ و لا رازق و لا نافع و لا ضار و لا مميت و لا جبار و لا مهيمن غيره . إنها ذاته الواحدة الفاعلة أبداً و أزلاً .
ألا تبدو الطاقة الكهربائية في كل مصباح بشكل مختلف حسب نوع الفتيل المعدني داخله .!؟
ألا تبدو الكهرباء في مصابيح النيون بألوان و تألقات متفاوتة حسب نوع الغازات في تلك الأنابيب المفرغة. ؟!
' ما أشبهها جميعاً بنفوسنا التي تختلف استعداداتها فتختلف أفعالها مع أن الفاعل فيها واحد . مجرد مثال .'
˝و الدنيا كلها مثال رامز للقدره قدرة الواحد الأحد الذي ليس كمثله شئ و إذا رأيت هذا الواحد من وراء الكثرة و إذا أنت لم تعبأ بهذه الكثرة و شعرت بنفسك تتعامل طول الوقت وجهاً لوجه مع الله فلم تر شافياً لك غيره برغم تعاطيك الدواء و استسلامك للجراح ، و إذا رأيته هو الذي يطعمك و يسقيك و شعرت بنفسك تأكل من يديه و تشرب من يديه برغم كثرة المشارب و المطاعم التي تتردد عليها ، و إذا نسيت نفسك و لم تر غيره فأنت المسلم الموحد على وجه التحقيق ˝
وإنما يأتي فساد الأعمال من تصور الواحد منا أنه يأتيها وحده . كما تصور قارون أنه صاحب العلم و صاحب المال و صاحب الفضل و قال مختالاً و هو يتحدث عن ماله و جاهه قال تعالى :
﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص : 78]
فلم ير غير نفسه و لم يشهد غير علمه الذاتي و نسي أنه لا يملك علماً ذاتياً و لا قدرة ذاتية ، و إنما قدرته وعلمه و ذكاؤه كانت هبات سيده و هذا هو الشرك الخفي .
حينما يصبح إله الواحد نفسه و هواه و ملكاته .
قال تعالى :
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاىٰهُ﴾ [الجاثية : 23]
ولهذا يتبرأ العارفون عن أعمالهم الصالحة و يسندوها إلى الله و إلى توفيقه .'
و أكثر من هذا يتبرأ الواحد من إرادته الخيرة و من نياته الطيبة و يرى أنها من أفضال سيده . ثم يتبرأ من نفسه التي بين جنبيه و ينسى ذاته . و يشهد أنه لا يملك من نفسه إلا العدم و أن كل ماله من الله .و لا يعود يختار و إنما الله يختار له في كل لحظة . ثم لا يعود يشهد إلا الله في كل شئ . فذلك هو التوحيد الكامل .
وهذه هي لا إله إلا الله حينما تصبح حياة .
و نرى في دعاء أبي الحسن الشاذلي في هذه الحالة من الوجد : رب خذني إليك مني و ارزقني الفناء عني ، و لا تجعلني مفتوناً بنفسي ، محجوباً بحسي ، ونقرأ في المواقف والمخاطبات للنفري ما يقوله الله للعبد العارف ˝ ألق الاختيار ألق المسألة البتة ˝ .
فثواب مثل ذلك التوحيد الكامل الذي يلقي فيه العبد باختياره و يأخذ باختيار الله في كل شيء هو المغفرة الكاملة و عدم المحاسبة، يقول الله في حديثه القدسي إلى المذنب : لو جئتني بملء قراب الأرض خطايا و لقيتني لا تشرك بي شيئاً لوجدت عندي ملء قراب الأرض مغفرة .
فتلك ثمرة التوحيد ، و هذا ثواب كلمة لا إله إلا الله ، إذا جعلها الواحد منا حياته و نبضه و سلوكه و تنفسه و ذوب قلبه، وهذا ما أراده القرآن الكريم بإسلام الوجه لله سبحانه و تعالى ، و هذا ما أراده رسولنا العظيم محمد عليه الصلاة و السلام، حينما سأله أحدهم أن يوجز الدين الذي تلقاه عن ربه في كلمتين . فقال كلمته الجامعه : ' قل آمنت بالله ثم استقم ' .
و هذه هي الملة الحنيفية ملة أبينا إبراهيم الذي لم يعرف لنفسه إلهاً و لا خالقاً و لا رازقاً و لا شافياً و لا منقذاً إلا الله. و الذي أُلقي به في النار فظهر له جبريل يسأله حاجته . فقال له النبي العارف الموحد ، أما لك فلا .
إنه في ساعة الخوف و الهول و الفزع لا يسأل أحداً إلا ربه . لأنه لا يرى أحداً يملك له شيئاً و لو كان كبير الملائكه الروح القدس نفسه . فلا فاعل في الكون إلا الله.
و لا يملك أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه .
و تلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا نبي .
و هذا معنى التوحيد .
مقال : كلمة التوحيد . ماذا تعني
من كتاب : الإسلام ما هو ؟
للدكتور / مصطفي محمود (رحمه الله). ❝
❞ غمرت الساعة اللحظات بتوتر كائن، وتفاعلت الأنفاس الحثيثة مع دقات القلب المتسارعة، في عيونها كان البحر الذي تقاذفته الأمواج، تبحث فيه نظرات منال الغارقة بلجة الخوف والرجاء عن شيء من شفقة أو غفران. اللسان أبت الكلمات إلا أن تنساب عليه توسلًا واعتذارًا، تتراص كوردة الربيع الهالكة جواراً لأزاهير الحزن المتفتحة. وليلى أقبلت كأوراق الخريف، تتلاشى ثباتها بين حنين الروح وخوف القلب، فلا تبغي بذاك إلا حقن الدماء والعودة بالزمن إلى وداعة. لتنطلق الرصاصة وتستقر بصدر منال التي هوت على الأرض، لتصرخ ليلى برعب:
\"لا لااا دماء لااا جبل لقد ماتت لااا أرجوك لا هي لم تمت يا إلهي لااااا\". ❝ ⏤وداد جلول
❞ غمرت الساعة اللحظات بتوتر كائن، وتفاعلت الأنفاس الحثيثة مع دقات القلب المتسارعة، في عيونها كان البحر الذي تقاذفته الأمواج، تبحث فيه نظرات منال الغارقة بلجة الخوف والرجاء عن شيء من شفقة أو غفران. اللسان أبت الكلمات إلا أن تنساب عليه توسلًا واعتذارًا، تتراص كوردة الربيع الهالكة جواراً لأزاهير الحزن المتفتحة. وليلى أقبلت كأوراق الخريف، تتلاشى ثباتها بين حنين الروح وخوف القلب، فلا تبغي بذاك إلا حقن الدماء والعودة بالزمن إلى وداعة. لتنطلق الرصاصة وتستقر بصدر منال التي هوت على الأرض، لتصرخ ليلى برعب:
˝لا لااا دماء لااا جبل لقد ماتت لااا أرجوك لا هي لم تمت يا إلهي لااااا˝. ❝