❞ تقدموا به حتى أوقفوه على خشبةِ التنفيذ، قيَّدوه بالأحزمة كي يشلُّوا حركته.. حاول أن يصرخَ لكنَّ الصرخاتِ وقفت في حلقِه.. بلَّل ملابسَه من شدة الرعب.. نبضاتُه تضربُ صدرَه بعنف، تُمزِّق ضلوعه.. ركبتاه تتخبَّط تصارعا.. أنفاسُه تغيبُ لثوانٍ ثم تعود.. مِنصَّةُ الحكم بالإعدام أَصبحت جاهزةً.. الحبل ملفوفٌ حول عنقِه.. عيناه بارقتانِ.. الخوفُ من موتٍ محتومٍ جعل أَطرافهُ ترتعشُ؛ حتى خُيِّلَ لهُ أنهُ مات قبل أن يُوضع حبلُ المشنقةِ حوْلَ رقبتِه...! دخل في إغماءٍ، وكأنهُ يرِيدُ أن يمرَّ بسرعةٍ إلى ظلامٍ وسكونٍ أَبَدَيينِ، وُضِع على رأْسِه غطاءٌ أَسْودُ اللَّوْنِ، تمنَّى لدقيقةٍ أن يكونَ كابوساً مزعجاً سيستفيق منه، أو أنَّ أحداً ما يتدخل لإنقاذه من الموت.. فتح عينيه داخل الغطاء ظلامٌ دامسٌ لا يرى سواه.. هز رأسه.. حرَّك قدميه المكبلتين.. شعر بالحبل يضيق على عنقه.. عاد مسرعاً لسكون جسدِه خوفًاً أن يختنق، نهج بشدَّةٍ.. صرخ بينه وبين نفسِه: -أنقذوني- فُتحَتِ الطبليَّةُ أَسفلَ قدميه؛ فسقط في بئرٍ عمقُها أَربعةُ أمتارٍ.. احتقن وجهُه؛ حيثُ مال إلى اللون الأزرق، وبرز لسانُه، ولازال قلبُه يخفق بشدة.. حين أخرجوه لم ينتبهوا أنَّ قلبَه لازال ينبض، لفُّوه ببطانيةٍ ووضعوه خارجَ الغرفة، نظر إليه العميد مصطفى وتنفَّس الصُّعَدَاءَ رغم أنه ما زال يتساءل بذهولٍ:
-كيف عرف...؟
هكذا أرباب الفواحش يعرفون بعضهم البعض؛ وكأن بين جبينهم تكتب معاصيهم ليقرأها كل مبتلٍ بها. إنها الحقيقة التي يتغافل عنها أصحاب القلوب المريضة؛ فلا تظن نفسك قادرًا على إخفائها، فلولا ستر ربك لمَ استطعت أن تقيم ظهرك بعد انحنائه؛ ولمت اختناقا من رائحة ذنوبك النتنة...
إرم العهد الحديث ط5
رواية | يوسف حسين
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2024
#اسكرايب #اقرأ #جدد_مكتبتك 📚. ❝ ⏤
❞ تقدموا به حتى أوقفوه على خشبةِ التنفيذ، قيَّدوه بالأحزمة كي يشلُّوا حركته. حاول أن يصرخَ لكنَّ الصرخاتِ وقفت في حلقِه. بلَّل ملابسَه من شدة الرعب. نبضاتُه تضربُ صدرَه بعنف، تُمزِّق ضلوعه. ركبتاه تتخبَّط تصارعا. أنفاسُه تغيبُ لثوانٍ ثم تعود. مِنصَّةُ الحكم بالإعدام أَصبحت جاهزةً. الحبل ملفوفٌ حول عنقِه. عيناه بارقتانِ. الخوفُ من موتٍ محتومٍ جعل أَطرافهُ ترتعشُ؛ حتى خُيِّلَ لهُ أنهُ مات قبل أن يُوضع حبلُ المشنقةِ حوْلَ رقبتِه..! دخل في إغماءٍ، وكأنهُ يرِيدُ أن يمرَّ بسرعةٍ إلى ظلامٍ وسكونٍ أَبَدَيينِ، وُضِع على رأْسِه غطاءٌ أَسْودُ اللَّوْنِ، تمنَّى لدقيقةٍ أن يكونَ كابوساً مزعجاً سيستفيق منه، أو أنَّ أحداً ما يتدخل لإنقاذه من الموت. فتح عينيه داخل الغطاء ظلامٌ دامسٌ لا يرى سواه. هز رأسه. حرَّك قدميه المكبلتين. شعر بالحبل يضيق على عنقه. عاد مسرعاً لسكون جسدِه خوفًاً أن يختنق، نهج بشدَّةٍ. صرخ بينه وبين نفسِه: -أنقذوني- فُتحَتِ الطبليَّةُ أَسفلَ قدميه؛ فسقط في بئرٍ عمقُها أَربعةُ أمتارٍ. احتقن وجهُه؛ حيثُ مال إلى اللون الأزرق، وبرز لسانُه، ولازال قلبُه يخفق بشدة. حين أخرجوه لم ينتبهوا أنَّ قلبَه لازال ينبض، لفُّوه ببطانيةٍ ووضعوه خارجَ الغرفة، نظر إليه العميد مصطفى وتنفَّس الصُّعَدَاءَ رغم أنه ما زال يتساءل بذهولٍ:
- كيف عرف..؟
هكذا أرباب الفواحش يعرفون بعضهم البعض؛ وكأن بين جبينهم تكتب معاصيهم ليقرأها كل مبتلٍ بها. إنها الحقيقة التي يتغافل عنها أصحاب القلوب المريضة؛ فلا تظن نفسك قادرًا على إخفائها، فلولا ستر ربك لمَ استطعت أن تقيم ظهرك بعد انحنائه؛ ولمت اختناقا من رائحة ذنوبك النتنة..
إرم العهد الحديث ط5
رواية | يوسف حسين
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2024 #اسكرايب#اقرأ#جدد_مكتبتك 📚. ❝
❞ موانع النجاح مع الله (الشيخ هشام المحجوبي)
بسم الله الرحمن الرحيم
في دراستي لكتب علماءنا العارفين بالله تجد ان تشخيصهم و تقييمهم للموانع التي تمنع الإنسان من الإرتقاء في درجات ولاية الرحمان و التقوى و الإحسان تدور على مرضين مرض الشهوة و مرض الشبهة فالمصاب بالمرض الأول يتصف بطباع حيوانية تجعل نفسه تميل الى السفالة و الإغراق في التفكير في إشباع غرائزه و شهواته و خطر هذا المرض أنه يزين لصاحبه إستباحة الفواحش و المنكرات و المحرمات و إن لم يصل بالإنسان الى المستوى الحرام فإنه يضيع عليه أوقات كثيرة و طاقات كبيرة كان الأولى أن تُسْثَتْمر في عمل الآخرة هذا النوع يجعل الإنسان مسجونا في سجن من الملذات بتصورات متجددة لا تنتهي لا تزيد الإنسان الا رغبة فيما بعدها (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب )و دواء هذا المرض هو الزُهد في الدنيا و الإهتمام بالآخرة و شغل الأوقات بالطاعات (قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها) و اما المرض الثاني فينحرف فهم صاحبه الى عقائد و ضلالات تهواها نفسه أحيانا بسبب حب الثورة على الواقع أو حب التميز بشيء لم يأت به أحد أو بسبب حسَد الإنسان لعلماء الدين و شيوخه ، و خُبث النفس لا حد له و دواء هذا المرض الصدق في طلب الحق و دراسة اصول الدين و اصول الفقه اللهم اننا نعوذ بك من الفواحش و الضلالات و في الأخير علينا ان نعلم ان الدنيا قصيرة و حقيرة فإياك ان تبيع آخرتك بها ( وللآخرة خير لك من الأولى و لسوف يعطيك ربك فترضى )
The obstacles to success with Allah (Sheikh Hisham Mahjoubi) In the name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful. Lust and the disease of suspicion. Taboo, even if a person does not reach the forbidden level, he wastes many times and great energies on him. The hollow of the son of Adam fills with nothing but dust (the cure for this disease is asceticism in this world, concern for the afterlife, and preoccupation with the times of acts of obedience (the one who purifies it has succeeded, and the one who indexes it) has been disappointed. The delusions that he loves himself sometimes because of the love of revolution against reality or the love of excellence in something that no one has brought, or because of man’s envy of religious scholars and elders, and the malice of the soul is limitless. We seek refuge in You from immorality and delusions, and in the end, we must know that the world is short and despicable, so beware of selling your hereafter (and the Hereafter is better for you than the first, and your Lord will give you, and you will be satisfied. ❝ ⏤بستان علم النبوءة
❞ موانع النجاح مع الله (الشيخ هشام المحجوبي)
بسم الله الرحمن الرحيم
في دراستي لكتب علماءنا العارفين بالله تجد ان تشخيصهم و تقييمهم للموانع التي تمنع الإنسان من الإرتقاء في درجات ولاية الرحمان و التقوى و الإحسان تدور على مرضين مرض الشهوة و مرض الشبهة فالمصاب بالمرض الأول يتصف بطباع حيوانية تجعل نفسه تميل الى السفالة و الإغراق في التفكير في إشباع غرائزه و شهواته و خطر هذا المرض أنه يزين لصاحبه إستباحة الفواحش و المنكرات و المحرمات و إن لم يصل بالإنسان الى المستوى الحرام فإنه يضيع عليه أوقات كثيرة و طاقات كبيرة كان الأولى أن تُسْثَتْمر في عمل الآخرة هذا النوع يجعل الإنسان مسجونا في سجن من الملذات بتصورات متجددة لا تنتهي لا تزيد الإنسان الا رغبة فيما بعدها (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب )و دواء هذا المرض هو الزُهد في الدنيا و الإهتمام بالآخرة و شغل الأوقات بالطاعات (قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها) و اما المرض الثاني فينحرف فهم صاحبه الى عقائد و ضلالات تهواها نفسه أحيانا بسبب حب الثورة على الواقع أو حب التميز بشيء لم يأت به أحد أو بسبب حسَد الإنسان لعلماء الدين و شيوخه ، و خُبث النفس لا حد له و دواء هذا المرض الصدق في طلب الحق و دراسة اصول الدين و اصول الفقه اللهم اننا نعوذ بك من الفواحش و الضلالات و في الأخير علينا ان نعلم ان الدنيا قصيرة و حقيرة فإياك ان تبيع آخرتك بها ( وللآخرة خير لك من الأولى و لسوف يعطيك ربك فترضى )
The obstacles to success with Allah (Sheikh Hisham Mahjoubi) In the name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful. Lust and the disease of suspicion. Taboo, even if a person does not reach the forbidden level, he wastes many times and great energies on him. The hollow of the son of Adam fills with nothing but dust (the cure for this disease is asceticism in this world, concern for the afterlife, and preoccupation with the times of acts of obedience (the one who purifies it has succeeded, and the one who indexes it) has been disappointed. The delusions that he loves himself sometimes because of the love of revolution against reality or the love of excellence in something that no one has brought, or because of man’s envy of religious scholars and elders, and the malice of the soul is limitless. We seek refuge in You from immorality and delusions, and in the end, we must know that the world is short and despicable, so beware of selling your hereafter (and the Hereafter is better for you than the first, and your Lord will give you, and you will be satisfied. ❝
❞ هذه رسالة صغيرة, فى سلسلتنا (من القرآن إلى العمران), يقول الكاتب أسرعت بإخراجها بهذا الأختصار, وقد كان العزم معقودا على بحث أطول, يستوعب قضايا ومباحث أوسع, لكن شدة الصدمة, وسرعة الانهيار التى آل أليها وضع المرأة المسلمة فى هذه الأيام, والسقوط الخلفى الذى تعدى الشباب إلى الأطفال, والتسابق نحو إعلان الفواحش فى الشوارع والطرقات على الملأ, رغبة من الصناع الكبار للفجور السياسى.. ❝ ⏤فريد الأنصاري
❞ هذه رسالة صغيرة, فى سلسلتنا (من القرآن إلى العمران), يقول الكاتب أسرعت بإخراجها بهذا الأختصار, وقد كان العزم معقودا على بحث أطول, يستوعب قضايا ومباحث أوسع, لكن شدة الصدمة, وسرعة الانهيار التى آل أليها وضع المرأة المسلمة فى هذه الأيام, والسقوط الخلفى الذى تعدى الشباب إلى الأطفال, والتسابق نحو إعلان الفواحش فى الشوارع والطرقات على الملأ, رغبة من الصناع الكبار للفجور السياسى. ❝
❞ أقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة ، وذهبت البركات ، وقلَّتِ الخيرات وهزُلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظَلَمة ، وبكى ضوء النهار وظُلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة ، وشكا الكرام الكاتبون والمُعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المُنكرات والقبائح ، وهذا والله منذر بسيل عذاب َقد إنعقد غمامه ، ومؤذن بليل بلاء قد إدلّهمَّ ظلامه ، فإعزلوا عن طريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة مُمكنة وبابها مفتوح
وكأنكم بالباب قد أُغلق ، وبالرهن قد غَلِقَ ، وبالجناح قد عَلِقَ " وسَيعلمُ الذين ظَلموا أي مّنقلبٍ ينقلبون " ... ❝ ⏤محمد بن إسحاق بن محمد بن يحي بن منده أبو عبد الله
❞ أقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة ، وذهبت البركات ، وقلَّتِ الخيرات وهزُلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظَلَمة ، وبكى ضوء النهار وظُلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة ، وشكا الكرام الكاتبون والمُعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المُنكرات والقبائح ، وهذا والله منذر بسيل عذاب َقد إنعقد غمامه ، ومؤذن بليل بلاء قد إدلّهمَّ ظلامه ، فإعزلوا عن طريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة مُمكنة وبابها مفتوح
وكأنكم بالباب قد أُغلق ، وبالرهن قد غَلِقَ ، وبالجناح قد عَلِقَ ˝ وسَيعلمُ الذين ظَلموا أي مّنقلبٍ ينقلبون ˝. ❝
⏤
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحي بن منده أبو عبد الله
❞ إذا كان الشيطان مخلوقاً مثل الإنسان تماماً وهو عدو له ولما كانت إرادة الله سبحانه وتعالي للإنسان هي الخير والحب والعطاء فلماذا خلق الله الشياطين؟ ما فائدة وجودهم؟ وهل الشيطان موجود ليعكر صفو الإنسان؟
إنه إذا لم يوجد ما يهيجك علي المعصية تصبح الطاعة أمراً اعتيادياً، لكن عظمة الطاعة أن تتجلي بأن واحداً يغريك بأن تعصي فتقول له: لا .
إذن فكرة وجود الشيطان استبقاء لحرارة التكليف، ولمقابلة العبودية لله بأمر شيء من خلق الله. لو لم يوجد الشيطان كانت الطاعة فيها رتابة. وما معني الرتابة؟ ربما لا يفكر أحد منا في أكل لحم الخنزير، فالامتناع عنها بمرور الوقت يصبح عادة ورتابة والله يريد منك أن يكون الامتناع عن خوف وعبودية لا من آثار الرتابة والعادة فلابد ممن يحرك لك طريق الغواية وأن تمتنع، هذه هي العبودية.
فاذكر مسبقاً عداوة من الشيطان »إنه عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة « . إذن هذا مناط التكليف لنا إلي أن تقوم الساعة أمر ونهي وتحذير من شيطان فيه عداوة مسبقة للإنسان. ما هي هذه العداوة؟
عداوة الشيطان لآدم
إن الله قال للملائكة: اسجدوا لآدم... وهم لم يسجدوا لآدم إنما سجدوا لأمر الآمر بالسجود لآدم.
إنما إبليس امتنع عن السجود لآدم، لأن السجود لا يكون إلا لله فهل أمر بالسجود إلا من الله؟ وقد علل هو عدم سجوده فقال: »أأسجد لمن خلقت طينا ؟« ثم قال : »أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين « إذن هذا هو الاستكبار، ورد الأمر علي الآمر سبحانه وتعالي فخرج من رحمة الله إلي يوم يبعثون.
يقول رسول الله [: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين.. فما حقيقة تصفيد الشياطين في رمضان، مع هذه المشاهد اليومية أثناء الشهر لأعمال شر؟
فسر الدكتور السيد الجميلي أحد المقربين من الإمام الراحل الحديث الشريف كمجتهد أمام فضيلته (رحمه الله) بقوله:
يفسر بعض الفقهاء ذلك المسلك أو هذه المشاهد بأن هناك نوعاً معيناً من الشياطين هو الذي يصفد، أما الآخر فلا يصفد.
ويقول فريق آخر: إن المقصود في الحديث أن جميع الشياطين تصفد فعلاً إنما من يأتي الفواحش فقد أصبح كالشياطين وأمثاله لا يحتاجون إلي شيطان ليوسوس لهم حتي يجترحوا السيئات وينتهكوا الحرمات.. إلا أن مولانا صاحب الفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي قال:
هناك نوعان من الكلام: كلام خبري يقص عن واقع، وكلام آخر خبري يريد إنشاء واقع فمثلاً قوله تعالي عن البيت الحرام:
»من دخله كان آمناً« فإذا كان المقصود به إخباراً من الله بذلك الواقع فكان لا يمكن أن يحدث في كون الله ما يناقض ذلك أما إذا كان المقصود منه إنشاء واقع أن يكون أمراً من الله تعالي للناس أن يجعلوه آمناً وبالتالي فقد نجد في الواقع ما يغاير ذلك وهذا راجع إلي أن الناس لم تمتثل للأمر.
كذلك إذا نظرنا إلي قوله تعالي: »الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات« فإن واقع الأمر يناقض ذلك فنري طيبين لغير طيبات والعكس. فإذا استمعنا لكلام الله تعالي وأطعناه جعل الطيبين للطيبات، وإن لم نستطع يكون العكس!
التصفيد في رمضان
وبتطبيق ذلك علي تصفيد الشياطين في الحديث نجد أنه كلام يراد به إنشاء واقع فيقصد أن يقول: صفدوا فيه الشياطين فإن أطعنا صفدت، وإن لم نطع لم تصفد، ونحن مأمورون بإنشاء هذا الواقع.. ❝ ⏤محمد متولي الشعراوي
❞ إذا كان الشيطان مخلوقاً مثل الإنسان تماماً وهو عدو له ولما كانت إرادة الله سبحانه وتعالي للإنسان هي الخير والحب والعطاء فلماذا خلق الله الشياطين؟ ما فائدة وجودهم؟ وهل الشيطان موجود ليعكر صفو الإنسان؟
إنه إذا لم يوجد ما يهيجك علي المعصية تصبح الطاعة أمراً اعتيادياً، لكن عظمة الطاعة أن تتجلي بأن واحداً يغريك بأن تعصي فتقول له: لا .
إذن فكرة وجود الشيطان استبقاء لحرارة التكليف، ولمقابلة العبودية لله بأمر شيء من خلق الله. لو لم يوجد الشيطان كانت الطاعة فيها رتابة. وما معني الرتابة؟ ربما لا يفكر أحد منا في أكل لحم الخنزير، فالامتناع عنها بمرور الوقت يصبح عادة ورتابة والله يريد منك أن يكون الامتناع عن خوف وعبودية لا من آثار الرتابة والعادة فلابد ممن يحرك لك طريق الغواية وأن تمتنع، هذه هي العبودية.
فاذكر مسبقاً عداوة من الشيطان »إنه عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة « . إذن هذا مناط التكليف لنا إلي أن تقوم الساعة أمر ونهي وتحذير من شيطان فيه عداوة مسبقة للإنسان. ما هي هذه العداوة؟
عداوة الشيطان لآدم
إن الله قال للملائكة: اسجدوا لآدم.. وهم لم يسجدوا لآدم إنما سجدوا لأمر الآمر بالسجود لآدم.
إنما إبليس امتنع عن السجود لآدم، لأن السجود لا يكون إلا لله فهل أمر بالسجود إلا من الله؟ وقد علل هو عدم سجوده فقال: »أأسجد لمن خلقت طينا ؟« ثم قال : »أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين « إذن هذا هو الاستكبار، ورد الأمر علي الآمر سبحانه وتعالي فخرج من رحمة الله إلي يوم يبعثون.
يقول رسول الله [: ˝إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين. فما حقيقة تصفيد الشياطين في رمضان، مع هذه المشاهد اليومية أثناء الشهر لأعمال شر؟
فسر الدكتور السيد الجميلي أحد المقربين من الإمام الراحل الحديث الشريف كمجتهد أمام فضيلته (رحمه الله) بقوله:
يفسر بعض الفقهاء ذلك المسلك أو هذه المشاهد بأن هناك نوعاً معيناً من الشياطين هو الذي يصفد، أما الآخر فلا يصفد.
ويقول فريق آخر: إن المقصود في الحديث أن جميع الشياطين تصفد فعلاً إنما من يأتي الفواحش فقد أصبح كالشياطين وأمثاله لا يحتاجون إلي شيطان ليوسوس لهم حتي يجترحوا السيئات وينتهكوا الحرمات. إلا أن مولانا صاحب الفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي قال:
هناك نوعان من الكلام: كلام خبري يقص عن واقع، وكلام آخر خبري يريد إنشاء واقع فمثلاً قوله تعالي عن البيت الحرام:
»من دخله كان آمناً« فإذا كان المقصود به إخباراً من الله بذلك الواقع فكان لا يمكن أن يحدث في كون الله ما يناقض ذلك أما إذا كان المقصود منه إنشاء واقع أن يكون أمراً من الله تعالي للناس أن يجعلوه آمناً وبالتالي فقد نجد في الواقع ما يغاير ذلك وهذا راجع إلي أن الناس لم تمتثل للأمر.
كذلك إذا نظرنا إلي قوله تعالي: »الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات« فإن واقع الأمر يناقض ذلك فنري طيبين لغير طيبات والعكس. فإذا استمعنا لكلام الله تعالي وأطعناه جعل الطيبين للطيبات، وإن لم نستطع يكون العكس!
التصفيد في رمضان
وبتطبيق ذلك علي تصفيد الشياطين في الحديث نجد أنه كلام يراد به إنشاء واقع فيقصد أن يقول: صفدوا فيه الشياطين فإن أطعنا صفدت، وإن لم نطع لم تصفد، ونحن مأمورون بإنشاء هذا الواقع. ❝