❞ حكم الإكرامية
الإكرامية عرفا هي: (البقشيش) وهو: ما يُعطى لخادم أو عامل التاجر، أو عامل المطعم، أو المقهى، أو غيره زيادة على أجر السلعة.
وتسمى بالفرنسية:
Pourboire
وبالإنجليزية
Tip
حكم الإكرامية:
الإكرامية ليست من حق العامل، بل هي من حق المالك، يتصرَّف فيها كما يشاء، إما يعطيها للعامل، أو يأخذها لنفسه.
دليل حكم الإكرامية:
الدليل هو القياس على حديث أبو حميد الساعدي لمَّا قال: اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِنَ الأسْدِ، يُقَالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، قالَ عَمْرٌو: وَابنُ أَبِي عُمَرَ، علَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ، وَهذا لِي، أُهْدِيَ لِي، قالَ: فَقَامَ رَسولُ اللهِ ﷺ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، وَقالَ: ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ
والقياس هو: ردُّ فرعٍ لأصلٍ لعلَّة مشتركة بينهما.
والمعنى أنه: إلحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها في الحكم الذي ورد به النص، لتساوي الواقعتين في علة هذا الحكم
والعلة المشتركة: بين أخذ إكرامية العمل في الزكاة، والعمل في غيرها، هو أنَّ كلامها عامل وليس مالكا، قال النبي ﷺ في الحديث السابق {ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ}.
كذلك أنَّ هذا المال الزائد لولا عمله ما كان ليأخذه، قال النبي ﷺ في الحديث السابق: {أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟}.
والمعنى: أنَّ الذي أخذ الإكرامية؛ فإنَّه لو لم يكن يعمل في ذلك المحل أو غيره... ما كان ليأخذها، {أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟}.
والفرق بينها: أي: إكرامية العمل في جمع الزكاة، وإكرامية غيرها، أنَّ مالك إكرامية العمل في جمع الزكاة هو كل المسمين، يتصرف فيها ولي الأمر بما شرع الله تعالى فيها، وأمَّا إكرامية غيرها فهي ملك لمالك العمل وهو واحد أو جماعة.
كما أنَّ إكرامية غير الزكاة يحق لمالكها التصرف فيها كما يشاء.
وأما الإكرامية التي تؤخذ في العمل في جمع الزكاة؛ فإنَّ وليَّ الأمر مقيد بالشرع فيها، وهي ليست من حقه الخاص.
وهذه الفروق ليس لها تأثير في أصل العلَّة.
حكم أخذ الإكرامية بدون موافقة المالك:
حكمها حكم النبي ﷺ حيث قال: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ.
أي: حرام أخذها إلا بموافقة المالك.
كذلك لا تؤخذُ الإكرامية من المالك بسيف الحياء، أي: بأن يحرجه أمام الناس، فيقول له الملك: خذها هي لك حياء، فقد قال النبي ﷺ: لا يَحِلُّ مالُ امرِيءٍ مُسلمٍ إلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنهُ
وقال البعض: ما أُخذَ بسيف الحياء كالذي أخذ بسيف الغصب.
وقيل: ما أُخذَ بسيف الحياء فهو حرام.
وقيل: ما أُخذَ بسيف الحياء فالنار أولى بهِ، وغير ذلك من الألفاظ.
قال ابن حجر الهيتميُّ في «الفتاوى الكبرى»: «ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن مَن أُخذ منه شيءٌ على سبيل الحياء من غير رضًا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعلَّلوه بأن فيه إكراهًا بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحِسِّي، بل كثيرون يُقابلون هذا السيف ويتحمَّلون مرار جُرحه ولا يقابلون الأوَّل خوفًا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتمَّ الخوف» .
الخلاصة:
- الإكرامية من حق المالك يتصرف فيها كما يشاء.
- لاتؤخذ الإكرامية من المالك إلا بطيب خاطره وعن قناعة منه.
- أخذ الإكرامية بدون علم المالك: حرام.
هذا واللهُ تعالى أعلى وأعلم
كتبه:
الدكتور: عصام الدين إبراهيم النقيلي. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ حكم الإكرامية
الإكرامية عرفا هي: (البقشيش) وهو: ما يُعطى لخادم أو عامل التاجر، أو عامل المطعم، أو المقهى، أو غيره زيادة على أجر السلعة.
وتسمى بالفرنسية:
Pourboire
وبالإنجليزية
Tip
حكم الإكرامية:
الإكرامية ليست من حق العامل، بل هي من حق المالك، يتصرَّف فيها كما يشاء، إما يعطيها للعامل، أو يأخذها لنفسه.
دليل حكم الإكرامية:
الدليل هو القياس على حديث أبو حميد الساعدي لمَّا قال: اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِنَ الأسْدِ، يُقَالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، قالَ عَمْرٌو: وَابنُ أَبِي عُمَرَ، علَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ، وَهذا لِي، أُهْدِيَ لِي، قالَ: فَقَامَ رَسولُ اللهِ ﷺ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، وَقالَ: ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ
والقياس هو: ردُّ فرعٍ لأصلٍ لعلَّة مشتركة بينهما.
والمعنى أنه: إلحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها في الحكم الذي ورد به النص، لتساوي الواقعتين في علة هذا الحكم
والعلة المشتركة: بين أخذ إكرامية العمل في الزكاة، والعمل في غيرها، هو أنَّ كلامها عامل وليس مالكا، قال النبي ﷺ في الحديث السابق ﴿ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ﴾.
كذلك أنَّ هذا المال الزائد لولا عمله ما كان ليأخذه، قال النبي ﷺ في الحديث السابق: ﴿أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟﴾.
والمعنى: أنَّ الذي أخذ الإكرامية؛ فإنَّه لو لم يكن يعمل في ذلك المحل أو غيره.. ما كان ليأخذها، ﴿أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟﴾.
والفرق بينها: أي: إكرامية العمل في جمع الزكاة، وإكرامية غيرها، أنَّ مالك إكرامية العمل في جمع الزكاة هو كل المسمين، يتصرف فيها ولي الأمر بما شرع الله تعالى فيها، وأمَّا إكرامية غيرها فهي ملك لمالك العمل وهو واحد أو جماعة.
كما أنَّ إكرامية غير الزكاة يحق لمالكها التصرف فيها كما يشاء.
وأما الإكرامية التي تؤخذ في العمل في جمع الزكاة؛ فإنَّ وليَّ الأمر مقيد بالشرع فيها، وهي ليست من حقه الخاص.
وهذه الفروق ليس لها تأثير في أصل العلَّة.
حكم أخذ الإكرامية بدون موافقة المالك:
حكمها حكم النبي ﷺ حيث قال: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ.
أي: حرام أخذها إلا بموافقة المالك.
كذلك لا تؤخذُ الإكرامية من المالك بسيف الحياء، أي: بأن يحرجه أمام الناس، فيقول له الملك: خذها هي لك حياء، فقد قال النبي ﷺ: لا يَحِلُّ مالُ امرِيءٍ مُسلمٍ إلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنهُ
وقال البعض: ما أُخذَ بسيف الحياء كالذي أخذ بسيف الغصب.
وقيل: ما أُخذَ بسيف الحياء فهو حرام.
وقيل: ما أُخذَ بسيف الحياء فالنار أولى بهِ، وغير ذلك من الألفاظ.
قال ابن حجر الهيتميُّ في «الفتاوى الكبرى»: «ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن مَن أُخذ منه شيءٌ على سبيل الحياء من غير رضًا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعلَّلوه بأن فيه إكراهًا بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحِسِّي، بل كثيرون يُقابلون هذا السيف ويتحمَّلون مرار جُرحه ولا يقابلون الأوَّل خوفًا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتمَّ الخوف» .
الخلاصة:
- الإكرامية من حق المالك يتصرف فيها كما يشاء.
- لاتؤخذ الإكرامية من المالك إلا بطيب خاطره وعن قناعة منه.
- أخذ الإكرامية بدون علم المالك: حرام.
هذا واللهُ تعالى أعلى وأعلم
كتبه:
الدكتور: عصام الدين إبراهيم النقيلي. ❝
❞ عُمّرَة القَضيَّةِ ...
وكانت في ذي القعدة سنة سبع ، وقال سليمان التيمي: لما رجع رسول الله ﷺ من خيبر ، بعث السرايا ، وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة ، ثم نادى في النَّاس بالخروج قال موسى بن عقبة : ثم خرج رسول الله ﷺ من العام المقبل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع ، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام ، حتى إذا بلغ يَأجُج ، وضع الأداة كُلَّهَا الحَجَف والمِجَانِّ ، والنبل والرماح ، ودخلوا بسلاح الراكب السيوف ، وبعث رسول الله ﷺ جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حَزْنِ العامِرِيَّة ، فخطبها إليه ، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب ، وكانت أختها أم الفضل تحته ، فزوَّجَهَا العباس رسول الله ، فلما قدِمَ رسول الله ﷺ أمر أصحابه فقال ( اكْشِفُوا عَنِ المَنَاكِب ، واسْعَوْا في الطَّوَاف ) ، لِيَرَى المُشْرِكُونَ جَلَدَهم وقُوَّتَهم ، وكان ﷺ يكايدهم بكُلِّ ما استطاع ، فوقف أهل مكة : الرجال والنساء والصبيان ، ينظرون إلى رسول الله ﷺ وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ، وعبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله ﷺ يرتجز متوشحاً بالسيف يقول :
خَلُوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ
في صُحْفِ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ
يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
إِنِّي رَأَيْتُ الحَقِّ فِي قُبولِهِ
الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ
ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
وتغيب رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله ﷺ حَنَقاً وغيظاً ، فأقام رسول الله ﷺ بمكة ثلاثاً ، فلما أصبح من اليوم الرابع ، أتاه سُهَيْل ابن عمرو ، وحُوطِبُ بنُ عبد العُزَّى ، ورسول الله ﷺ في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة ، فصاح حويطب نناشدك الله والعقد لما خَرَجْتَ مِنْ أَرضِنَا ، فقد مضت الثلاث ، فقال سعد بن عبادة : كذبت لا أُمَّ لك ، ليست بأرضك ولا أرض آبائك ، والله لا نخرج ، ثم نادى رسول الله ﷺ حويطباً أو سهيلاً ، فقال ﷺ ( إِنِّي قَدْ نَكَحْتُ مِنْكُم امْرَأَةَ فما يَضُرُّكُم أَنْ أَمْكُتَ حَتَّى أَدْخُلَ بِهَا ، ونَضَعَ الطعام ، فَنَأْكُل ، وَتَأْكُلُونَ مَعَنا ) ، فقالوا : نُنَاشِدَّك الله والعقد إلا خرجت عنا ، فأمر رسول الله ﷺ أبا رافع ، فاذْنَ بالرحيل ، وركب رسول الله ﷺ حتى نزل بطن سرِف ، فأقام بها ، وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يُمسي ، فأقام حتى قَدِمَتْ ميمونة ومَنْ معها ، وقد لقوا أذى وعَناءً مِن سُفهاء المشركين وصبيانهم ، فبنى بها بِسَرِف ، ثم أدلج وسار حتَّى قَدِمَ المدينة ، وقدَّر الله أن يكون قبر ميمونة بِسَرِف حيث بنى بها ﷺ. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ عُمّرَة القَضيَّةِ ..
وكانت في ذي القعدة سنة سبع ، وقال سليمان التيمي: لما رجع رسول الله ﷺ من خيبر ، بعث السرايا ، وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة ، ثم نادى في النَّاس بالخروج قال موسى بن عقبة : ثم خرج رسول الله ﷺ من العام المقبل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع ، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام ، حتى إذا بلغ يَأجُج ، وضع الأداة كُلَّهَا الحَجَف والمِجَانِّ ، والنبل والرماح ، ودخلوا بسلاح الراكب السيوف ، وبعث رسول الله ﷺ جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حَزْنِ العامِرِيَّة ، فخطبها إليه ، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب ، وكانت أختها أم الفضل تحته ، فزوَّجَهَا العباس رسول الله ، فلما قدِمَ رسول الله ﷺ أمر أصحابه فقال ( اكْشِفُوا عَنِ المَنَاكِب ، واسْعَوْا في الطَّوَاف ) ، لِيَرَى المُشْرِكُونَ جَلَدَهم وقُوَّتَهم ، وكان ﷺ يكايدهم بكُلِّ ما استطاع ، فوقف أهل مكة : الرجال والنساء والصبيان ، ينظرون إلى رسول الله ﷺ وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ، وعبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله ﷺ يرتجز متوشحاً بالسيف يقول :
خَلُوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ
في صُحْفِ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ
يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
إِنِّي رَأَيْتُ الحَقِّ فِي قُبولِهِ
الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ
ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
وتغيب رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله ﷺ حَنَقاً وغيظاً ، فأقام رسول الله ﷺ بمكة ثلاثاً ، فلما أصبح من اليوم الرابع ، أتاه سُهَيْل ابن عمرو ، وحُوطِبُ بنُ عبد العُزَّى ، ورسول الله ﷺ في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة ، فصاح حويطب نناشدك الله والعقد لما خَرَجْتَ مِنْ أَرضِنَا ، فقد مضت الثلاث ، فقال سعد بن عبادة : كذبت لا أُمَّ لك ، ليست بأرضك ولا أرض آبائك ، والله لا نخرج ، ثم نادى رسول الله ﷺ حويطباً أو سهيلاً ، فقال ﷺ ( إِنِّي قَدْ نَكَحْتُ مِنْكُم امْرَأَةَ فما يَضُرُّكُم أَنْ أَمْكُتَ حَتَّى أَدْخُلَ بِهَا ، ونَضَعَ الطعام ، فَنَأْكُل ، وَتَأْكُلُونَ مَعَنا ) ، فقالوا : نُنَاشِدَّك الله والعقد إلا خرجت عنا ، فأمر رسول الله ﷺ أبا رافع ، فاذْنَ بالرحيل ، وركب رسول الله ﷺ حتى نزل بطن سرِف ، فأقام بها ، وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يُمسي ، فأقام حتى قَدِمَتْ ميمونة ومَنْ معها ، وقد لقوا أذى وعَناءً مِن سُفهاء المشركين وصبيانهم ، فبنى بها بِسَرِف ، ثم أدلج وسار حتَّى قَدِمَ المدينة ، وقدَّر الله أن يكون قبر ميمونة بِسَرِف حيث بنى بها ﷺ. ❝
❞ هل اختار النبي مكان قبره ؟
سؤال يستحق التدبر.
بقلم د محمد عمر
وهل هناك احدا من البشر علي الاطلاق يختار محل دفنه؟ واين نحن من قول الله تبارك وتعالي
(وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير )
انظروا ايها الاخوة فان الله عز وجل نكر كلمة نفس ليدل علي العموم فلماذا يختار الاولياء محل دفنهم بانفسهم ؟
هل اعطي الاولياء ما لم يعطاه الرسل؟
وهل اختار نبيا صلي الله عليه وسلم محل دفنه وهو اشرف الخلق علي الاطلاق ؟
تعالو بنا ايها الاخوة الاحباب نتذاكر اللحظات الاخيرة من حياة نبينا صلي الله عليه وسلم
فلما مرض صلي الله عليه وسلم واصابته الحمي انما استاذن زوجاته في ان يمرض في بين عائشة رضي الله عنها وكان من عادته صلي الله عليه وسلم وقد جمع تسع زوجات في ان واحد فكان صلي الله عليه وسلم يجمعهن في بيت احداهن وهي من اصابها الدور في المبيت فيجلسن معه حتي اذا دخل الليل وحان وقت النوم انصرفن الي حجراتهن وبقي هو يبيت مع من اصابها الدور.
فلما مرض استاذن زوجاته في ان يمرض في بيت عائشة وكانت حجرتها ملاصقة للمسجد وكان بينها وبين المسجد بابا يدخل منه النبي ويخرج من المسجد فلما اشتدت عليه الحمي انما راحت تاخذ من الماء وتصب علي جبينه صلي الله عليه وسلم وهو يغمي عليه ويفيق وكلما افاق يقول هل صلي الناس هل صلي الناس مروا ابا بكر فليصل بالناس
ثم نظر الي وجه ام المؤمنين فكانها فهمت مراده فاخذت عودا من الاراك فالانته بفمها ثم اعطته للنبي فاستاك به ثم سمعته يقول بل الي الرفيق الاعلي وفاضت روحه صلي الله عليه وسلم وهو في حجر عائشة بين سحرها ونحرها كما كانت تقول رضي الله عنها.
وخرج الخبر الي الناس فصار صياح في المدينة حتي ان عمر رضي الله عنه سل سيفه وهو يقول من قال ان رسول الله مات قطعت عنقه بالسيف.
ووصل الخبر الي ابي بكر حيث كان عن احدي زوجاته في طرف المدينة فعاد مسرعا ودخل علي النبي وكشف عن وجهه وهو يبكي ويقول طبت حيا وميتا يا رسول الله ثم غطاه ببردته وخرج علي الصحابة وهو يقول ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت .
ثم تلا عليهم قوله تعالي (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) .
فانهار جميع الصحابه حزنا علي موت رسول الله حتي ان عمر يقول وكاني اول مرة اسمع هذه الاية لما قراءها ابو بكر ثم لما افاق الصحابة من تلك الفاجعة التي المت بهم راحو ينظرون اين يدفنون رسول الله؟
هل سيدفن في البقيع مع بقية الصحابه؟
هل يدفن مع شهداء احد؟
اين يدفن؟
فصار خلاف حتي خرج عليهم الصديق بالجواب الشرعي الذي لا خلاف عليه فقال لهم اشهد اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ما من نبي مات الا قبر حيث مات.
فكان القرار ان يدفن رسول الله في حجرة عائشة التي كانت ملاصقة للمسجد يفصلها باب كان يدخل منه النبي للصلاة.
فتولي علي والعباس تغسيل النبي فغسلوه بثيابه دون ان يكشفوا جسده الشريف ثم حفروا له ودفنوه في محله صلي الله عليه وسلم ثم راح الصحابة يدخلون عليه جماعات جماعات ليصلو عليه الجنازة حتي انتهو ا جميعهم.
هكذا مرت تلك الفاجعة بالصحابه الذين يعلمون ان الموت حق وان النبي سيد البشر وهو سابقهم الي الحوض وهو الذي ينتظرهم عن الصراط وينتظرهم علي باب الجنة يفتحه لهم ومع هذا فان الموت فاجعة
هذا الموت الذي يكرهه الناس لكنه الحق الذي قال فيه النبي لا يتمنين احدكم الموت لضر اصابه فان كان محسننا فلعله ان يتزود من احسانه وان كان مسيئا فلعله ان يستعتب.
وهو موعد انقطاع العمل الصالح قال النبي صلي الله عليه وسلم اذا مات ابن ادم انقطع عمله
فما بال هؤلاء القبوريين جعلوا من الموت فرحة وكانهم ضمنوا لوليهم انه سائر الي الجنة فتجدهم لما يموت فيهم من يرون فيه الولاية انما يسيرون به وهم يحملونه علي الاعناق واذا بالنعوش تسير وحدها تهرول في شوارع المدن زعما منهم انها تريد زيارة الاولياء وقد يسيرون بها ساعات وهي تابي ان تقبر حتي تاتي مكان بعينه تريد ان تدفن فيه وهم يشيعونها بالطبول والزغاريد.
ماذا جري ؟
يقولون ظهرت كرامات الولي وتنقلب الجنازة الي حفل طبول وزغاريد بدلا من كونها فاجعة الموت.
.فهل هؤلاء الاولياء راوا ما لم يراه النبي هي تكشف لهم ما لم يكشف للرسل هل اميط بهم اختيار محل دفنهم هل لهم قدرة وهم اموات ان يسيرو بانفسهم ويسيروا الاحياء خلفهم؟
والاعجب من هذا ان ياتيك رجل مات ابوه من عشرات السنين ويزعم ان اباه جاءه في الرؤيا يقول له انه يحب ان ينقل قبره الي محلة اخري لانه لا يرتاح في هذا المكان.
كلام عجيب .ان ربنا تبارك وتعالي يصف حياة البرزخ فيقول.( حتي اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الي يوم يبعثون فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يؤمئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فاؤلئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاؤلئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون )
هذه حياة البرزخ التي يجتمع فيها الاموات لا خيار لهم الا الصبر علي ما كتب عليهم جزاء عملهم في الدنيا فاما روضة من رياض الجنة واما حفرة من حفر النار لكن القبوريين جعلوا اوليائهم يختارون قبورهم ويشيعون لها بالطبول والمزامير ثم يقام عليهم الستر الخضراء حتي ياتيهم المريدون ليقضوا لهم حوائجهم رغم كونهم في البرزخ ينتظرون البعث فهل هولاء الاولياء طبقا لعقائد القبوريين هل هؤلاء بشر مثل البشر وهل فاقوا الانبياء والرسل هل فاقوا مقام رسول الله حتي يعتقد فيهم مثل هذه المعتقدات ومن المسؤول عن نشر تلك الاكاذيب في دين الله؟
نبرا الي ربنا من تلك الاكاذيب ونفوض امورنا الي الله ان الله بصير بالعباد
انتهي........ ❝ ⏤Dr Mohammed omar Abdelaziz
❞ هل اختار النبي مكان قبره ؟
سؤال يستحق التدبر.
بقلم د محمد عمر
وهل هناك احدا من البشر علي الاطلاق يختار محل دفنه؟ واين نحن من قول الله تبارك وتعالي
(وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير )
انظروا ايها الاخوة فان الله عز وجل نكر كلمة نفس ليدل علي العموم فلماذا يختار الاولياء محل دفنهم بانفسهم ؟
هل اعطي الاولياء ما لم يعطاه الرسل؟
وهل اختار نبيا صلي الله عليه وسلم محل دفنه وهو اشرف الخلق علي الاطلاق ؟
تعالو بنا ايها الاخوة الاحباب نتذاكر اللحظات الاخيرة من حياة نبينا صلي الله عليه وسلم
فلما مرض صلي الله عليه وسلم واصابته الحمي انما استاذن زوجاته في ان يمرض في بين عائشة رضي الله عنها وكان من عادته صلي الله عليه وسلم وقد جمع تسع زوجات في ان واحد فكان صلي الله عليه وسلم يجمعهن في بيت احداهن وهي من اصابها الدور في المبيت فيجلسن معه حتي اذا دخل الليل وحان وقت النوم انصرفن الي حجراتهن وبقي هو يبيت مع من اصابها الدور.
فلما مرض استاذن زوجاته في ان يمرض في بيت عائشة وكانت حجرتها ملاصقة للمسجد وكان بينها وبين المسجد بابا يدخل منه النبي ويخرج من المسجد فلما اشتدت عليه الحمي انما راحت تاخذ من الماء وتصب علي جبينه صلي الله عليه وسلم وهو يغمي عليه ويفيق وكلما افاق يقول هل صلي الناس هل صلي الناس مروا ابا بكر فليصل بالناس
ثم نظر الي وجه ام المؤمنين فكانها فهمت مراده فاخذت عودا من الاراك فالانته بفمها ثم اعطته للنبي فاستاك به ثم سمعته يقول بل الي الرفيق الاعلي وفاضت روحه صلي الله عليه وسلم وهو في حجر عائشة بين سحرها ونحرها كما كانت تقول رضي الله عنها.
وخرج الخبر الي الناس فصار صياح في المدينة حتي ان عمر رضي الله عنه سل سيفه وهو يقول من قال ان رسول الله مات قطعت عنقه بالسيف.
ووصل الخبر الي ابي بكر حيث كان عن احدي زوجاته في طرف المدينة فعاد مسرعا ودخل علي النبي وكشف عن وجهه وهو يبكي ويقول طبت حيا وميتا يا رسول الله ثم غطاه ببردته وخرج علي الصحابة وهو يقول ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت .
ثم تلا عليهم قوله تعالي (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) .
فانهار جميع الصحابه حزنا علي موت رسول الله حتي ان عمر يقول وكاني اول مرة اسمع هذه الاية لما قراءها ابو بكر ثم لما افاق الصحابة من تلك الفاجعة التي المت بهم راحو ينظرون اين يدفنون رسول الله؟
هل سيدفن في البقيع مع بقية الصحابه؟
هل يدفن مع شهداء احد؟
اين يدفن؟
فصار خلاف حتي خرج عليهم الصديق بالجواب الشرعي الذي لا خلاف عليه فقال لهم اشهد اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ما من نبي مات الا قبر حيث مات.
فكان القرار ان يدفن رسول الله في حجرة عائشة التي كانت ملاصقة للمسجد يفصلها باب كان يدخل منه النبي للصلاة.
فتولي علي والعباس تغسيل النبي فغسلوه بثيابه دون ان يكشفوا جسده الشريف ثم حفروا له ودفنوه في محله صلي الله عليه وسلم ثم راح الصحابة يدخلون عليه جماعات جماعات ليصلو عليه الجنازة حتي انتهو ا جميعهم.
هكذا مرت تلك الفاجعة بالصحابه الذين يعلمون ان الموت حق وان النبي سيد البشر وهو سابقهم الي الحوض وهو الذي ينتظرهم عن الصراط وينتظرهم علي باب الجنة يفتحه لهم ومع هذا فان الموت فاجعة
هذا الموت الذي يكرهه الناس لكنه الحق الذي قال فيه النبي لا يتمنين احدكم الموت لضر اصابه فان كان محسننا فلعله ان يتزود من احسانه وان كان مسيئا فلعله ان يستعتب.
وهو موعد انقطاع العمل الصالح قال النبي صلي الله عليه وسلم اذا مات ابن ادم انقطع عمله
فما بال هؤلاء القبوريين جعلوا من الموت فرحة وكانهم ضمنوا لوليهم انه سائر الي الجنة فتجدهم لما يموت فيهم من يرون فيه الولاية انما يسيرون به وهم يحملونه علي الاعناق واذا بالنعوش تسير وحدها تهرول في شوارع المدن زعما منهم انها تريد زيارة الاولياء وقد يسيرون بها ساعات وهي تابي ان تقبر حتي تاتي مكان بعينه تريد ان تدفن فيه وهم يشيعونها بالطبول والزغاريد.
ماذا جري ؟
يقولون ظهرت كرامات الولي وتنقلب الجنازة الي حفل طبول وزغاريد بدلا من كونها فاجعة الموت.
.فهل هؤلاء الاولياء راوا ما لم يراه النبي هي تكشف لهم ما لم يكشف للرسل هل اميط بهم اختيار محل دفنهم هل لهم قدرة وهم اموات ان يسيرو بانفسهم ويسيروا الاحياء خلفهم؟
والاعجب من هذا ان ياتيك رجل مات ابوه من عشرات السنين ويزعم ان اباه جاءه في الرؤيا يقول له انه يحب ان ينقل قبره الي محلة اخري لانه لا يرتاح في هذا المكان.
كلام عجيب .ان ربنا تبارك وتعالي يصف حياة البرزخ فيقول.( حتي اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الي يوم يبعثون فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يؤمئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فاؤلئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاؤلئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون )
هذه حياة البرزخ التي يجتمع فيها الاموات لا خيار لهم الا الصبر علي ما كتب عليهم جزاء عملهم في الدنيا فاما روضة من رياض الجنة واما حفرة من حفر النار لكن القبوريين جعلوا اوليائهم يختارون قبورهم ويشيعون لها بالطبول والمزامير ثم يقام عليهم الستر الخضراء حتي ياتيهم المريدون ليقضوا لهم حوائجهم رغم كونهم في البرزخ ينتظرون البعث فهل هولاء الاولياء طبقا لعقائد القبوريين هل هؤلاء بشر مثل البشر وهل فاقوا الانبياء والرسل هل فاقوا مقام رسول الله حتي يعتقد فيهم مثل هذه المعتقدات ومن المسؤول عن نشر تلك الاكاذيب في دين الله؟
نبرا الي ربنا من تلك الاكاذيب ونفوض امورنا الي الله ان الله بصير بالعباد
انتهي. ❝
❞ خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية (68 ق.هـ - 3 ق.هـ/ 556م - 619م)؛ أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول محمد وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم، عاشت خديجة مع النبي فترة ما قبل البعثة، وكانت تستشعر نبوة زوجها، فكانت تعتني ببيتها وأولادها، وتسير قوافلها التجارية، وتوفر للنبي مَؤُونته في خلوته عندما كان يَعتَكف ويَتعَبد في غار حراء، وعندما أنزل الله وحيه على النبي كانت خديجة أول من صدقته فيما حَدّث، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بَشَّره بأنه نبي الأُمّة، فكانت أول من آمن بالنبي من الرجال والنساء، وأول من توضأ وصلّى، وظلت بعد ذلك صابرة مُصابرة مع الرسول في تكذيب قريش وبطشها بالمسلمين، حتى وقع حصار قريش على بني هاشم وبني المطلب في شِعب أبي طالب، فالتحقت بزوجها في الشِعب، وعانت ما عاناه بنو هاشم من جوع ومرض مدة ثلاث سنين، وبعد أن فُك الحصار عن الرسول ومن معه مرضت خديجة، وما لبثت أن توفيت بعد وفاة عم النبي أبي طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل هجرة الرسول بثلاث سنين عام 619م وعمرها خمس وستون سنة، وكان مقامها مع الرسول بعدما تزوجها أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها الرسول بالحجون (مقبرة المعلاة).
تحظى خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية، فقد روى أبو هريرة: «قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي مرة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب».
توفيت خديجة بنت خويلد بعد وفاة عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين عام 619م، ولها من العمر خمس وستون سنة، وكان مقامها مع رسول الله بعدما تزوجها أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها رسول الله بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها، وتتابعت على رسول الله بموت أبي طالب وخديجة المصائب لأنهما كانا من أشد المعضدين له المدافعين عنه، فاشتد أذى قريش عليه حتى نثر بعضهم التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه سلى الشاة وهو يصلي، وسُمي العام الذي مات فيه أبو طالب وخديجة بعام الحزن، ولم ينسَ رسول الله محبته لخديجة بعد وفاتها وكان دائما يثني عليها ولم يتزوج عليها حتى ماتت إكراما لها، وقد كانت مثال الزوجة الصالحة الوفية، فبذلت نفسها ومالها لرسول الله وصدقته حين نزل عليه الوحي.
قال ابن حجر العسقلاني «وماتَت عَلى الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت مع الرسول خمساً وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، وسَيأتي من حديث عائشة ما يؤَيد الصحيح في أَن موْتها قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصّواب بعشر سنين»، وقال بدر الدين العيني «وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام».
فقه خديجة
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها، ومن تتبع بعض الحوادث التي عرضت عليها وأبدت فيها رأيًا أو أشارت به، وُجد في ذلك فقهًا وفكرًا وحصافة تميزت به في فترة البعثة النبوية، ومن نماذج فقهها:
من فقه خديجة وحصافتها أنها ما إن سمعت بالرسول وسيرته اقتربت منه، وحرصت على أن تربطها معه علاقة عمل، وكان بعدها زواجها منه.
أجمع أهل السير والمؤرخون أن أول من آمن بالرسول هي خديجة، ولم يكن إيمانها إيمان عاطفة، بل كان إيمان بصيرة ويقين وتصديق، ومنه موقفها من الوحي: لما رجع الرسول من غار حراء ترجف بوادره، دخل على خديجة فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
من مظاهر فقه خديجة، أنها ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي تعرف ما لديه من العلم وما له من دين، وطلبت منه أن يسمع الرسول ويقص عليه ما رأى وما سمع، وكان جواب ورقة: قدوس قدوس إنه الناموس الذي نزل على موسى، وإنك يا محمد نبي هذه الأمة، وكانت هذه الكلمات تأكيدًا وتوثيقًا لشعورها وحدسها بأن محمد رسول الله.
ذهبت خديجة ذات مرة للرسول في غار حراء تحمل معها الماء والزاد، فأتى رسول الله جبريل فقال : «يا محمد، هذه خديجة تحمل حيسا في حلاب، وقد أرسلني الله إليها بالسلام، فجاءت خديجة فقال لها الرسول: معك حيس، قالت: نعم يا رسول الله، قال: إن جبريل أخبرني ذاك وأخبرني أن الله أرسله إليك بالسلام، فقالت خديجة: يا رسول الله، الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام»، يظهر فقه خديجة في تأدبها مع الله، فلم تقل على الله السلام، وإنما قالت الله السلام وعلى جبريل السلام، قال ابن حجر العسقلاني: «قال العلماء في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله، فنهاهم النبي وقال: إنّ الله هو السلام فقولوا التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أنّ الله لا يُرد عليه السلام كما يُرد على المخلوقين لأنّ السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله، إلا الثناء عليه، فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: وعلى جبريل السلام ثم قالت: وعليك السلام، ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه، والذي يظهر أنّ جبريل كان حاضراً عند جوابها فردّت عليه وعلى النبي مرتين، مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك».
بر الرسول بها بعد موتها
روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطّعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد».
رُويَ عن النبي أنه: «كان إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة».
رَوى مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال اللهم هالة بنت خويلد».
وفي رواية لأحمد عن أم المؤمنين عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز و جل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء»، قال النووي: «في هذا الحديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب، والمعاشر حيًا أو ميتًا، وإكرام معارف ذلك الصاحب».
عن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بالشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة».
روى ابن الأعرابي في معجمه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله: من أنت، فقالت: أنا جَُّثامَُة المزنية، فقال: بل أنت حَسَّانَةُ المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا، قالت: بخير بأبي أنت وأمّي يا رسول اللهَِّ، فلما خرجت قلت: يا رسول اللهَِّ تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: إنهاَ كانت تأتينا زمن خديجة، وإنِّ حسْن العهد من الإيمان».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبّاد عن عائشة زوج النبي قالت: «لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقةً شديدة، وقال: إن رأيتم أنْ تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها».
فضلها
لخديجة بنت خويلد مكانة كبيرة وفضل عظيم عند المسلمين، فهي أول الناس إيمانًا بالرسول، ولم يتزوج عليها في حياتها قطّ، ولا تسرّى بامرأة حتى فارقت الدنيا، وهي خير نساء الأمة مطلقاً، فقد روى البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة».
قال الذهبي: «ومناقبها جمّة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دَينة مصونةً كريمةً، من أهل الجنة، وكان النبي يُثني عليها، ويُفضّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويُبالغ في تعظيمها، بحيث إنّ عائشة كانت تقول: ما غِرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرةِ ذِكر النبي لها، ومن كرامتها عليه أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قطّ، ولا تسرّى إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها، فإنها كانت نعم القرين، وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو لها. وقد أمره الله أن يُبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»، وقال ابن حجر العسقلاني: «وقد تقدم في أبواب بدء الوحي بيان تصديقها للنبي في أول وهلة ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح». رجح عدد من العلماء أفضلية خديجة على سائر نساء النبي وبالذات أٌم المؤمنين عائشة، قال ابن حجر العسقلاني: «قال السهيلي استدل أبو بكر بن داود على أنّ خديجة أفضل من عائشة لأن عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها، وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة، وردّ بأنّ الخلاف ثابت قديماً وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم، قلت: ومن صريح ماجاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن عباس رفعه أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، قال السبكي الكبير: لعائشة من الفضائل ما لا يُحصى ولكن الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، واستدل لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين، قلت: وقال بعض من أدركناه: الذي يظهر أنّ الجمع بين الحديثين أولى، وأن لا نفضل إحداهما على الأخرى، وسئل السبكي هل قال أحد أنّ أحداً من نساء النبي غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة، فقال: قال به من لا يُعتد بقوله، وهو من فضل نساء النبي على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة، قال: وهو قول ساقط مردود انتهى، قال السبكي: ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل».
أحاديث وردت في شأنها
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «اعتمر رسول الله واعتمرنا معه فلما دخل مكة طاف وطفنا معه، وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد، فقال له صاحب لي أكان دخل الكعبة، قال: لا، قال: فحدّثنا ما قال لخديجة، قال: بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: «سمعت النبي يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عباس قال: «خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، قال: تدرون ما هذا، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران».
رَوى الحاكم النيسابوري أن أم المؤمنين عائشة قالت: «أّن رسول الله كان يُكثر ذكر خديجة، فقلت: لقد أعقبك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول، قالت: فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، وإذا رأى مخيلة الرعد والبرق حتى يعلم أرحمة هي أم عذاب».
حديث اختبار خديجة لجبريل وإثباتها للوحي
الرواية
أرادت خديجة أن تختبر جبريل لتتأكد من حقيقته فقالت للنبي: «أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك، قال نعم، قالت فإذا جاءك فأخبرني به، فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال فقام رسول الله فجلس عليها، قالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى، قالت فتحول رسول الله فجلس على فخذها اليمنى، فقالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس في حجري، قالت فتحول رسول الله فجلس في حجرها، قالت هل تراه، قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه، قال لا، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان» استنبطت خديجة ذلك لأن الملك غادر المكان عندما كشفت عن رأسها، وأدركت أن هذا التصرف لا يتصرفه شيطان، بل هو ملك من الملائكة.. ❝ ⏤إبراهيم محمد حسن الجمل
❞ خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية (68 ق.هـ - 3 ق.هـ/ 556م - 619م)؛ أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول محمد وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم، عاشت خديجة مع النبي فترة ما قبل البعثة، وكانت تستشعر نبوة زوجها، فكانت تعتني ببيتها وأولادها، وتسير قوافلها التجارية، وتوفر للنبي مَؤُونته في خلوته عندما كان يَعتَكف ويَتعَبد في غار حراء، وعندما أنزل الله وحيه على النبي كانت خديجة أول من صدقته فيما حَدّث، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بَشَّره بأنه نبي الأُمّة، فكانت أول من آمن بالنبي من الرجال والنساء، وأول من توضأ وصلّى، وظلت بعد ذلك صابرة مُصابرة مع الرسول في تكذيب قريش وبطشها بالمسلمين، حتى وقع حصار قريش على بني هاشم وبني المطلب في شِعب أبي طالب، فالتحقت بزوجها في الشِعب، وعانت ما عاناه بنو هاشم من جوع ومرض مدة ثلاث سنين، وبعد أن فُك الحصار عن الرسول ومن معه مرضت خديجة، وما لبثت أن توفيت بعد وفاة عم النبي أبي طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل هجرة الرسول بثلاث سنين عام 619م وعمرها خمس وستون سنة، وكان مقامها مع الرسول بعدما تزوجها أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها الرسول بالحجون (مقبرة المعلاة).
تحظى خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية، فقد روى أبو هريرة: «قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي مرة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب».
توفيت خديجة بنت خويلد بعد وفاة عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين عام 619م، ولها من العمر خمس وستون سنة، وكان مقامها مع رسول الله بعدما تزوجها أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها رسول الله بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها، وتتابعت على رسول الله بموت أبي طالب وخديجة المصائب لأنهما كانا من أشد المعضدين له المدافعين عنه، فاشتد أذى قريش عليه حتى نثر بعضهم التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه سلى الشاة وهو يصلي، وسُمي العام الذي مات فيه أبو طالب وخديجة بعام الحزن، ولم ينسَ رسول الله محبته لخديجة بعد وفاتها وكان دائما يثني عليها ولم يتزوج عليها حتى ماتت إكراما لها، وقد كانت مثال الزوجة الصالحة الوفية، فبذلت نفسها ومالها لرسول الله وصدقته حين نزل عليه الوحي.
قال ابن حجر العسقلاني «وماتَت عَلى الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت مع الرسول خمساً وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، وسَيأتي من حديث عائشة ما يؤَيد الصحيح في أَن موْتها قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصّواب بعشر سنين»، وقال بدر الدين العيني «وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام».
فقه خديجة
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها، ومن تتبع بعض الحوادث التي عرضت عليها وأبدت فيها رأيًا أو أشارت به، وُجد في ذلك فقهًا وفكرًا وحصافة تميزت به في فترة البعثة النبوية، ومن نماذج فقهها:
من فقه خديجة وحصافتها أنها ما إن سمعت بالرسول وسيرته اقتربت منه، وحرصت على أن تربطها معه علاقة عمل، وكان بعدها زواجها منه.
أجمع أهل السير والمؤرخون أن أول من آمن بالرسول هي خديجة، ولم يكن إيمانها إيمان عاطفة، بل كان إيمان بصيرة ويقين وتصديق، ومنه موقفها من الوحي: لما رجع الرسول من غار حراء ترجف بوادره، دخل على خديجة فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
من مظاهر فقه خديجة، أنها ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي تعرف ما لديه من العلم وما له من دين، وطلبت منه أن يسمع الرسول ويقص عليه ما رأى وما سمع، وكان جواب ورقة: قدوس قدوس إنه الناموس الذي نزل على موسى، وإنك يا محمد نبي هذه الأمة، وكانت هذه الكلمات تأكيدًا وتوثيقًا لشعورها وحدسها بأن محمد رسول الله.
ذهبت خديجة ذات مرة للرسول في غار حراء تحمل معها الماء والزاد، فأتى رسول الله جبريل فقال : «يا محمد، هذه خديجة تحمل حيسا في حلاب، وقد أرسلني الله إليها بالسلام، فجاءت خديجة فقال لها الرسول: معك حيس، قالت: نعم يا رسول الله، قال: إن جبريل أخبرني ذاك وأخبرني أن الله أرسله إليك بالسلام، فقالت خديجة: يا رسول الله، الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام»، يظهر فقه خديجة في تأدبها مع الله، فلم تقل على الله السلام، وإنما قالت الله السلام وعلى جبريل السلام، قال ابن حجر العسقلاني: «قال العلماء في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله، فنهاهم النبي وقال: إنّ الله هو السلام فقولوا التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أنّ الله لا يُرد عليه السلام كما يُرد على المخلوقين لأنّ السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله، إلا الثناء عليه، فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: وعلى جبريل السلام ثم قالت: وعليك السلام، ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه، والذي يظهر أنّ جبريل كان حاضراً عند جوابها فردّت عليه وعلى النبي مرتين، مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك».
بر الرسول بها بعد موتها
روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطّعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد».
رُويَ عن النبي أنه: «كان إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة».
رَوى مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال اللهم هالة بنت خويلد».
وفي رواية لأحمد عن أم المؤمنين عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز و جل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء»، قال النووي: «في هذا الحديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب، والمعاشر حيًا أو ميتًا، وإكرام معارف ذلك الصاحب».
عن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بالشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة».
روى ابن الأعرابي في معجمه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله: من أنت، فقالت: أنا جَُّثامَُة المزنية، فقال: بل أنت حَسَّانَةُ المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا، قالت: بخير بأبي أنت وأمّي يا رسول اللهَِّ، فلما خرجت قلت: يا رسول اللهَِّ تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: إنهاَ كانت تأتينا زمن خديجة، وإنِّ حسْن العهد من الإيمان».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبّاد عن عائشة زوج النبي قالت: «لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقةً شديدة، وقال: إن رأيتم أنْ تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها».
فضلها
لخديجة بنت خويلد مكانة كبيرة وفضل عظيم عند المسلمين، فهي أول الناس إيمانًا بالرسول، ولم يتزوج عليها في حياتها قطّ، ولا تسرّى بامرأة حتى فارقت الدنيا، وهي خير نساء الأمة مطلقاً، فقد روى البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة».
قال الذهبي: «ومناقبها جمّة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دَينة مصونةً كريمةً، من أهل الجنة، وكان النبي يُثني عليها، ويُفضّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويُبالغ في تعظيمها، بحيث إنّ عائشة كانت تقول: ما غِرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرةِ ذِكر النبي لها، ومن كرامتها عليه أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قطّ، ولا تسرّى إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها، فإنها كانت نعم القرين، وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو لها. وقد أمره الله أن يُبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»، وقال ابن حجر العسقلاني: «وقد تقدم في أبواب بدء الوحي بيان تصديقها للنبي في أول وهلة ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح». رجح عدد من العلماء أفضلية خديجة على سائر نساء النبي وبالذات أٌم المؤمنين عائشة، قال ابن حجر العسقلاني: «قال السهيلي استدل أبو بكر بن داود على أنّ خديجة أفضل من عائشة لأن عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها، وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة، وردّ بأنّ الخلاف ثابت قديماً وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم، قلت: ومن صريح ماجاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن عباس رفعه أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، قال السبكي الكبير: لعائشة من الفضائل ما لا يُحصى ولكن الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، واستدل لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين، قلت: وقال بعض من أدركناه: الذي يظهر أنّ الجمع بين الحديثين أولى، وأن لا نفضل إحداهما على الأخرى، وسئل السبكي هل قال أحد أنّ أحداً من نساء النبي غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة، فقال: قال به من لا يُعتد بقوله، وهو من فضل نساء النبي على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة، قال: وهو قول ساقط مردود انتهى، قال السبكي: ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل».
أحاديث وردت في شأنها
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «اعتمر رسول الله واعتمرنا معه فلما دخل مكة طاف وطفنا معه، وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد، فقال له صاحب لي أكان دخل الكعبة، قال: لا، قال: فحدّثنا ما قال لخديجة، قال: بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: «سمعت النبي يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عباس قال: «خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، قال: تدرون ما هذا، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران».
رَوى الحاكم النيسابوري أن أم المؤمنين عائشة قالت: «أّن رسول الله كان يُكثر ذكر خديجة، فقلت: لقد أعقبك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول، قالت: فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، وإذا رأى مخيلة الرعد والبرق حتى يعلم أرحمة هي أم عذاب».
حديث اختبار خديجة لجبريل وإثباتها للوحي
الرواية
أرادت خديجة أن تختبر جبريل لتتأكد من حقيقته فقالت للنبي: «أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك، قال نعم، قالت فإذا جاءك فأخبرني به، فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال فقام رسول الله فجلس عليها، قالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى، قالت فتحول رسول الله فجلس على فخذها اليمنى، فقالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس في حجري، قالت فتحول رسول الله فجلس في حجرها، قالت هل تراه، قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه، قال لا، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان» استنبطت خديجة ذلك لأن الملك غادر المكان عندما كشفت عن رأسها، وأدركت أن هذا التصرف لا يتصرفه شيطان، بل هو ملك من الملائكة. ❝
❞ ثم نهض بنفسه صلوات الله وسلامه عليه بعد فراغه بسبعةِ أَيَّام من شأن بدر إلى غَزوِ بني سُليم ، واستعمل على المدينةِ سِبَاعَ بنَ عُرْفطَةَ ، وقيل : ابن أم مكتوم ، فبلغ ماء يُقال له : الكُدرُ ، فأقام عليه ثلاثاً ، ثم انصرف ﷺ ،
ولم يلق كيداً ، ولما رجعت فَلول المشركين إلى مكة موتورين محزونين لما أصابهم في بدر ، نَذَرَ أبو سفيان أن لا يَمَسَّ رأسه ماءً حتى يغزو رسول الله ، فخرج في مائتي راكب ، حتى أتى العُرَيْضَ في طرف المدينة ، وبات ليلة واحدة عند سلام بن مشكّم اليهودي ، فسقاه الخمر ، وبَطَن له من خبر الناس ، فلما أصبح ، قطع أضواراً مِنَ النخل ، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ، ثم كرّ راجعاً ، ونَذِرَ به رسولُ الله ، فخرج في طلبه ، فبلغ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ ، وفاته أبو سفيان ، وطرح الكفار سويقاً كثيراً من أزوادهم يتخفَّفُونَ به ، فأخذها المسلمون ، فَسُمِّيَتْ غزوة السويق ، وكان ذلك بعد بدر بشهرين ، فأقام رسول الله ﷺ بالمدينة بقيَّةَ ذِي الحجة ، ثم غزا نجداً يُرِيدُ غطفان ، واستعمل على المدينة عُثمان بن عفان رضي الله عنه ، فأقام هناك صَفَراً كله من السنة الثالثة ، ثم انصرف ﷺ ، ولم يلق حرباً ، فأقام بالمدينة ربيعاً الأول ، ثم خرجَ يُريدُ قريشاً ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، فبلغ بحران مَعْدِناً بالحِجَازِ من ناحية الفُرْع ، ولم يَلْقَ حَرباً ، فأقام هنالك ربيعاً الآخر ، وجُمادَى الأولى ، ثم انصرف ﷺ إلى المدينة. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ثم نهض بنفسه صلوات الله وسلامه عليه بعد فراغه بسبعةِ أَيَّام من شأن بدر إلى غَزوِ بني سُليم ، واستعمل على المدينةِ سِبَاعَ بنَ عُرْفطَةَ ، وقيل : ابن أم مكتوم ، فبلغ ماء يُقال له : الكُدرُ ، فأقام عليه ثلاثاً ، ثم انصرف ﷺ ،
ولم يلق كيداً ، ولما رجعت فَلول المشركين إلى مكة موتورين محزونين لما أصابهم في بدر ، نَذَرَ أبو سفيان أن لا يَمَسَّ رأسه ماءً حتى يغزو رسول الله ، فخرج في مائتي راكب ، حتى أتى العُرَيْضَ في طرف المدينة ، وبات ليلة واحدة عند سلام بن مشكّم اليهودي ، فسقاه الخمر ، وبَطَن له من خبر الناس ، فلما أصبح ، قطع أضواراً مِنَ النخل ، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ، ثم كرّ راجعاً ، ونَذِرَ به رسولُ الله ، فخرج في طلبه ، فبلغ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ ، وفاته أبو سفيان ، وطرح الكفار سويقاً كثيراً من أزوادهم يتخفَّفُونَ به ، فأخذها المسلمون ، فَسُمِّيَتْ غزوة السويق ، وكان ذلك بعد بدر بشهرين ، فأقام رسول الله ﷺ بالمدينة بقيَّةَ ذِي الحجة ، ثم غزا نجداً يُرِيدُ غطفان ، واستعمل على المدينة عُثمان بن عفان رضي الله عنه ، فأقام هناك صَفَراً كله من السنة الثالثة ، ثم انصرف ﷺ ، ولم يلق حرباً ، فأقام بالمدينة ربيعاً الأول ، ثم خرجَ يُريدُ قريشاً ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، فبلغ بحران مَعْدِناً بالحِجَازِ من ناحية الفُرْع ، ولم يَلْقَ حَرباً ، فأقام هنالك ربيعاً الآخر ، وجُمادَى الأولى ، ثم انصرف ﷺ إلى المدينة. ❝