█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إن الفكر المصري القديم مع أنه تلاشى وذهب إلا أنه كان من أعظم الأفكار نظرة في الحياة وتأثيرًا في الأمم من بعده.. إلا أننا نجد أنهم في حين إدراكهم لبعض الحقائق الغيبية كـالحياة بعد الموت والحساب.. نجدهم قد انحرفوا في تصور الإله الخالق، فقد صاروا يؤلهون بعض المظاهر الطبيعية المختلفة، حتى إن كل مدينة كان لها آلهتها المختلفة عن غيرها، وصاروا يعبدون الحيوان، والأبرار من الأموات، ويعتبرونهم آلهة.. وقد كان لهذا تأثير بالغ في عقائد اليونان والرومان.. حتى اقتبس الرومان بعض أسماء آلهتهم من المصريين فـــعندهم إيزيس إله القمر, ولوزيريس إله الزراعة, وهراميس إله الشتاء.. ومن ثمَّ تأثر اليونان تأثرًا بليغًا حتى أن فلسفة الإغريق كانت مُـلهمة لرجال الدين المسيحي... "ولكن لم يكن المصريون اذن قد خلوا في كل عصورهم من دعوات إلى التوحيد كـــدعوة يوسف وموسي عليهما السلام" . ❝
❞
القدس تجارة الخوارج-1
انتبهو أيها السادة فهذه تجارة الخوارج علي مدار العصور والأزمنة
فلا شك أننا ندين لله أن القدس هي أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسري النبي الكريم
وأن صلاة فيها تعدل خمسمائة صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام الذي تعدل الصلاة فيه مائة ألف صلاة ومسجد النبي الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه.
ومما يجب أن يعلمة الناس أن النبي لما سئل عن أي المساجد وضع في الأرض أولا قال المسجد الحرام قيل ثم أي قال المسجد الأقصى قيل كم بينهما قال أربعين سنة إذ أن المسجد الأقصى بني في حياة نبي الله يعقوب بن اسحق بن إبراهيم خليل الرحمن.
وقد استوطن إبراهيم القدس بعد أن هاجر إليها من أورو الكلدانيين بالعراق وعاش فيها حتي توفاه الله ثم خلفه فيها ابنه اسحق ثم يعقوب بن اسحق الذي تركها فرارا من الجدب والقحط وذلك أثناء السبع العجاف في حياة ابنه يوسف الصديق عليه السلام
انتبهو أيها الأحباب فإن يوسف الصديق عاش في مصر ومات فيها وقبر فيها ولم يعد إلي القدس رغم علمه بمكانتها وأبوه يعقوب ترك القدس فرارا من القحط والجدب ليعيش في كنف ابنه في مصر مصطحبا معه كل أبناءه بنو إسرائيل مرتحلين من القدس إلي مصر رغم علمهم بمكانتها
وعاشوا في مصر قرابة أربعمائة سنة حيث مات يوسف ويعقوب ودفنا بأرض مصر بعيدا عن القدس الشريف
ألم يكونوا يعلموا بمكانتها؟ كلا والله
ثم استقر بنو إسرائيل حاملي لواء التوحيد في زمانهم وأبناء الرسل في مصر الكنانه بعيدا عن القدس الشريف قرابة أربعمائة سنة حتي خرجوا من مصر فارين من بطش فرعون وبصحبة موسي وأخيه هارون متجهين صوب سيناء فمات موسي وهارون بصحراء سيناء دون أن يدخلو القدس الشريف
ألم يكونوا يعلموا بفضلها ؟
وخلف في بني إسرائيل يوشع بن نون الذي قاد بني إسرائيل ودخل بهم القدس وأسس لهم مملكة بعد انتصاره علي العماليق
لكنهم سرعان ما انهزمو مرة أخري وسيطر العماليق مرة أخري واستمر الموحدون من بني إسرائيل تحت سطوة العماليق إلي أن أراد الله ببعثة داوود الذي هزم العماليق وأسس مملكة كبيرة لبني إسرائيل في القدس خلف عليها ابنه سليمان وهو أحد الملوك الأربعة الذين ملكوا الدنيا
لكنه لما مات انشقت مملكة سليمان إلي قسمين إيذانا بزوالها حيث قامت مملكة يهوذا في القدس ومملكة السامرة في الشمال
وهذا إيذانا بزوال ملك سليمان علي يد الملك البابلي بوختنصر أو كما يقال عنه نبوخذ نصر مؤسس الإمبراطورية البابلية الذي أحرق القدس وقام بسبي بني إسرائيل إلي بابل العراقية هناك حيث عاش بنو إسرائيل عبيدا تحت السبي إلي أن هاجم كورش الملك الفارسي الإمبراطورية البابلية وهزم نبوخذ نصر
واستاق هؤلاء الذين انحرفوا عن هدي الرسل من بني إسرائيل إلي بلاد فارس حيث عاش في وسطها أنبياء كثر من بني إسرائيل منهم صموئيل ودانيال وأرميا وأشعيا وغيرهم
والسؤال الآن
ألم يكن هؤلاء الرسل يعلمون مكانة القدس ؟
ألم يكونو يبحثو عن الشهادة علي أعتابها ؟ كلا والله
واستمر بنو إسرائيل سبايا في كنف الإمبراطورية الفارسية حتي قامت إمبراطورية جديدة في اليونان علي يد الإسكندر الأكبر أو الإسكندر المقدوني الذي اجتاح بلاد فارس وقضي علي الملك كورش الكبير ملك الفرس وحرر بني إسرائيل من السبي الفارسي وأعادهم مرة أخري إلي القدس
ولكنه سرعان ما انشق خلفاء الإسكندر علي بعضهم وقامت الإمبراطورية الرومانية خلفا لليونانية ووقع اليهود تحت الحكم الروماني الذي استمر في القدس أكثر من سبعمائة سنة كان هؤلاء اليهود أقرب للعقيدة الوثنية للرومان أقرب منهم لعقيدة التوحيد حيث كانوا يحاربون الرسل محاولين قتلهم حتي نجحوا في قتل نبي الله زكريا ويحيى واحتالوا علي قتل عيسي عليه السلام لكن ربنا تبارك وتعالي نجاه ورفعه إليه
وظلت القدس تترنح تحت حكم الرومان في حياة أنبياء بني إسرائيل وهم لا يملكون القوة لتطهيرها من الرومان الوثنيين واستمرت أكثر من ستمائة عام بعد رفع عيسي وهي تعج بالوثنيين الرومان حتي أراد الله ببعثة خاتم الأنبياء محمد صلي الله عليه وسلم الذي أسري به ربه من المسجد الحرام إلي القدس الشريف حيث صلي بالأنبياء جميعا إماما ثم عرج به إلي السماء العلي حيث كلمه ربه ثم عاد إلي مكة فمكث فيها حتي عمر ٥٣ عاما وهو يعلم ما تعج به القدس من الوثنيين
والسؤال الآن
ألم يكن النبي غيور علي القدس ؟ كلا والله
إنما كان يعلم أنها قبلة الإسلام الأولي وقبلة جميع أنبياء بني إسرائيل الذين سبقوه لكن ماذا يفعل وليس لديه القوة ؟
وهاجر النبي إلي المدينة وأسس دولة الإسلام الأولي وحول الله له القبلة إلي مكهدة ودخل النبي في معارك كثير مع كفار قريش ومع اليهود حتي توفي عن ثلاث وستين سنة دون تحرير القدس من دنس الروم الوثنيين.
ألم يكن غيور علي القدس غيرة الخوارج الذي لا يزالون يخرجون علينا بشعارت كاذبة من أمثال تلك الشعارات الرنانة التي يقولونها كذبا وبهتانا........علي القدس رايحين شهداء بالملايين........وا قدساااااه......لبيك يا قدس..........
وكأن دينهم لا يستقيم إلا بالقدس
وكأنهم أغير عليها من هؤلاء الرسل الكرام
وكأنهم أغير عليها من محمد وموسي وعيسي
.عجبا لهؤلاء القوم وعجبا لما يتاجرون به أمام الناس
فقد مات رسول الله والقدس محتلة
ومات أبو بكر بعد عامين من الحكم والقدس محتلة
ولما جمع الله القوة لعمر بن الخطاب إنما سير لها جند الله بقيادة سيف الله المسلول خالد بطل اليرموك كما سير سعد بطل القادسية وكما سير أبا عبيدة بن الجراح بطل أجنادين وكما سير عمرو بن العاص فاتح حصن بابليون وباني الفسطاط في مصرنا الحبيبة نعم فعلها عمر
أهو صاحب غيرة أكثر من رسول الله وخليفته أبى بكر كلا والله إنما هو الاستعداد والقوة وليست شعارات الخوارج المارقين الذين أسسوا فرقة من فرق الخوارج قالوا عنها جماعة القاعدة راحوا يقاتلون بها في أفغانستان وبينهم وبين القدس مسيرة ساعات
لكنهم أبوا إلا التظاهر بجهاد الروس وهم ينفذون أجندة الأمريكان بل وقامو بمهاجمة أبراج أمريكا ليجروا الوبال علي بلاد المسلمين وهذا أيضا بوحي من اليهود وذلك ليعطوا زريعة للأمريكان لضرب أفغانستان والعراق وسوريا وهم يتظاهرون بالجهاد
ألم يكن اولي لهم مهاجمة اليهود وتحرير القدس بدل من جهاد أفغانستان وضرب أبراج أمريكا إنما هي الخديعة التي يخدعون بها المسلمين وهؤلاء ممن يسمون بدولة الإسلام في العراق والشام داعش المزعومة يستوطنون العراق والشام ليجاهدوا هناك وبينه وبين فلسطين مجرد عبور الحدود فأين القدس أيها الدواعش المارقون تجاهدون المسلمين في بلادهم وتتركون القدس رغم أنكم كم هتفتم لها كذبا وزورا أيها الكذابون
وهؤلاء أتباع الماسوني في مصر وفلسطين يزعمون أنهم يريدون تحرير القدس وهم يهتفون واااااا قدسااه ... والموت لأمريكا والموت لإسرائيل ثم تجدهم يرتعون علي موائد اليهود والأمريكان مع شريكهم حسن نصر اللات عميل الفرس في المنطقة
وهم يرتعون في سيناء مصر ما يقاتلون إلا جيشنا وشرطتنا أعماهم الله عن القدس واليهود وما رأوا إلا حكام المسلمين كفروهم وحملوا الناس علي مقاتلتهم وصدق فيهم الرسول حيث قال حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه تخرج آخر سلة منهم تقاتل مع الدجال
أيها الإخوة ليس هذا تفريطا في حق هذه القبلة وتلك المدينة المقدسة إنما أمر الجهاد موكول إلي أولياء الأمور فنحن علي أتم الاستعداد إلي الانضمام تحت راية أولياء أمورنا إنما هم لهم الرؤيا ولهم حق التدبير فأمر الجهاد موكول إلي الحكام إذ أنهم يرون ما لا نري ولهم السمع والطاعة في المعروف
فإن القدس عاشت تحت حكم الوثنيين أيام الرسل فهل كانوا غير حريصين عليها؟
كلا والله إنما هي حرمة دماء المسلمين التي هي أعظم عن الله من حرمة الكعبة هذه الحرمة التي لا يدركها الخوارج المارقين الذين يتاجرون بدماء الناس ثم يكونو هم اول الفارين
هذه المدينة التي عاشت تحت حكم الأمراء الأمويين والعباسيين في عز ومنعة بعد أن تسلم مفاتيحها عمر بن الخطاب لكنها سرعان مع وقعت تحت الاحتلال الصليبي مرة أخري في أواخر حكم الدولة العباسية
فاحتلها الصليبيون قرابة مائة وخمسين عاما حتي قيض الله لها صلاح الدين فقضي عليهم في حطين
ثم سرعان ما تعرضت للاحتلال التتاري فقيض الله لها سيف الدين قطز فقهرهم في عين جالوت ولكنها سرعان ما سقطت مرة أخري تحت احتلال اليهود ونحن نأمل في ربنا تبارك وتعالى أن يقيض لها خالد آخر ليقهرهم في اليرموك أو صلاح آخر يرينا فيهم عز حطين أو قطز آخر يرينا فيهم نصرة عين جالوت أو فارسا جديدا خلفا للسادات يرينا فيه عز أكتوبر المجيد أيها الإخوة قاتل الله الخوارج المارقين الذين اتخذوا قضية القدس تجارة يدجلون بها علي المسلمين حتي لما ماتت الصحفية الكتابية علي أثر القصف اليهودي للمنطقة إنما راحوا يترحمون عليها واحتسبوها من الشهداء إن لم تكن من الصديقين ولم كل هذا فهي مراسلة لأحد القنوات الفضائية تؤدي عمل تتقاضي عليه أجر فالقضية بالنسبة لها هي عمل مقابل أجر وليست قضية إيمان وكفر ولا جهاد ولا حتي دفاع عن الأرض والعرض لكنهم كذبة اعتبروا أن تصوير الأحداث ونشرها هو جهاد في سبيل الله ولا ندري ماذا استعاده فلسطين والقدس من المراسلين الصحفيين أيها السادة القضية ليس تصوير ونشر إنما هي جهاد بالقوة لا يتم إلا بالجيوش الذين يأتمرون بأمر القادة وليست بالكاميرات والأقلام فمن ظن أن فلسطين والقدس قضية إعلامية فهو مجذوب لكنهم الخوارج تجار الدين الذين لا يتورعون عن بيع أركان دينهم بالكلية من أجل الكذب والخديعة عاملهم الله بما يستحقون
انتهي . ❝
❞ يا حاديَ العيس سُـــــــق طيرًا أبابيلا
وارمـــي على الكفـرِ أحجارًا وسجيلا
دمّر رويبضةَ الأديـــــــــــانِ إذ ظلموا
وأفسدوا مـــــــن فتاوىٰ جهلهم جيلا
قد خالفوا فـــــــي طريقِ الهديِ ربهمُ
فملّكوا النّفسَ تحـــــــــــريمًا وتحليلا
حتّى تمادوا وبـــاعوا الحقَّ وانحرفوا
وحرّفُوا الدينَ تـــــــــــــوراةً وإنجيلا
وأفصحوا عـــــن شديدِ الكفرِ ويحهمُ
وبالغوا فيهِ إجمـــــــــــــــالًا وتفصيلًا
قد أشركوا بالذي لا شـــــــيء يعجزهُ
قالوا لهُ ولـــــــــــــــــدٌ يبغونَ تضليلا
يوم القيامِ ويــــــوم الحشرِ موعدهم
فيظهر الله حقًا كـــــــــــــــان مكبولا
إن الزمان أتــــــــــــــــى بالنائباتِ لنا
حتّى غدونا كعصفٍ بــــات مـــــأكولا
والناسُ تُكمنُ بغضًا فــــــــي خوافقها
إن تُلقهِ يفسدن في إثـــــــــــــرهِ نيلا
والعربُ أضحت ومــا أضحت مهابتها
فلا تــــــــــــــــرىٰ منهمُ فعلًا ولا قيلا
تراهمُ مثلَ سجادٍ قــــــــــــد افتُرِشوا
والبطنُ ملأى كمن لــــــــــــو آكل فيلا
إسلامنا صار اسمًا فــــــــــــي هويّتنا
واسمنا صــــــــــارَ مطموسا ومجهولا
وشرع ربيَ لــــــــــــــم يحكم بهِ أحدٌ
وأبدلوهُ بجـــــــــــــــــورٍ ليسَ مقبولا
والغربُ باتت على الأعـــــراب ظاهرةً
وأغمد العربُ سيفًا كــــــــــان مسلولا
فسادهم أهــــــــــــــل كفرٍ بعد عزتهم
ونكّسوا الـــــــــــــرأسَ إذعانًا وتذليلا
فهل لنا مـــــــــــــــن قيامٍ بعد نكستنا
كغافلٍ عـــــــــــــــــــاد للرحمن تبتيلا
أم أننا سوفَ نبقى فـــــــــــــي مذلتنا
ونرتجي مـــــــــــن ذئابِ الكفرِ تدليلا
لا والـــــــــــذي خلقَ الإنسان من علقٍ
لن يبلغَ المجدَ مــــــــن ينصاعُ مذلولا
رباهُ أرجــــــــــــــــــع لنا بالدينِ عزتنا
إن قلت كـــــــــن فيكونُ الأمرُ مفعولا
واهدي شبابًا غبـــــــــارُ الظلمِ ضللهم
والنصر منك إلاهــــــــــي بات مأمولا
ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ـ_ــ
گ
﴿عبدالرحمن أحمـد﴾
﴿الفصيح بن الضاد﴾ . ❝
❞ مقال "عن الشهوة " .. رائع وهام جدًا
مع سن البلوغ تهب زوبعة الرغبة وتتفجر الشهوات ، ويطالب الجسد بحظه من الإشباع ، ويشعر الشاب بهذه الرغبات تغالبه وتزاحمه كأنها مشيئة أخرى في داخله ، تحاول أن تفرض ذاتها عليه ، ويشعر بنفسه يدفعها وتدفعه ويكبحها وتكبحه ، ويلجمها مرة وتفلت منه مرات ، وتجذبه وراءها وتجره إلى حضيض اللذات الحسية المباشرة ، والمزاولات البدائية ..
وتلك هي المراهقة ، وقد يصاحبها انطواء وسوداوية ورغبة في العزلة أو ثورة ولهو وعربدة .. وقد يصاحبها تدین حاد مریض متهوس ، أو كفر وعصيان وتمرد ، ورفض لجميع الأخلاق والأعراف، فنرى الشاب يقول : جسمی ملکی أفعل به ما أشاء، وأستمتع ما أشاء مادمت لا أغتصب أحدًا .. ونرى الفتاة تقول : أنا حرة، أهب نفسي لمن أحب وأختار، ولا دخل لأحد بنا مادمنا لا نؤذي أحدًا .. وقد تصل هذه الإباحية إلى ذروتها ، وترفع لنفسها رايات فلسفية مثل العبثية والوجودية والفوضوية ، فتعقد صلحًا مزيفًا مع العقل ، بل أكثر من ذلك تجعل العقل خادمًا لها ، يجلب لها المزيد من اللذات ، ويسخر لها المزيد من صنوف المتعة !! ..
ويقول الواحد منهم .. كل شيء حلال مادمنا لا نخون أنفسنا، ولا نكذب ولا نمثل ولا ندعي .. وهو كلام يكشف عن التباس خطير .. فقد تصور الواحد منهم أن هذه الشهوة الوافدة .. هي حقيقة إرادته ورغبته بالأصالة .. وتصورها هدفًا لوجوده وغاية لحياته على الأرض .. والحقيقة غير ذلك، فالله حينما يشعل هذا الصراع بين النقيض والتقيض (بين الروح والجسد) في الإنسان إنما يريد بذلك أن يوقظ إرادة النفس المستقلة ، ويزكيها ويميزها کشیء متميز متعال، على إرادة الجسم، والأعضاء التناسلية .. يريد بكل إنسان أن يكتشف أنه ليس جسده .. وأنه حاكم لهذا الجسد، ولا يصح أن تنقلب الآية فيصبح الجسد حاكمًا عليه .. وأنه سيد على هذا الجسد، ولا يصح أن ينقلب السيد خادمًا والحاكم محکومًا ، وإلا اندرج الإنسان في عداد البهائم ..
ولا يكتشف الإنسان هذه الحقيقة ، إلا حينها ينحدر إلى سفل هوة الخضوع الشهواني ، وحينئذ يشعر أنه لم يزدد حرية ؛ بل ازداد قيدًا، وأنه لم يصبح حرًا بل أصبح عبدًا .. وأنه أصبح سجين جسمه ، وأن أعضاءه أصبحت تخنقه مثل الجاكتة الجبس .. وحينئذ يثور الواحد منهم إن كان من أهل الإخلاص ، ويكسر قيوده ويتحرر ، ويبدا في مسيرته الإنسانية السوية ، نحو علاقة ينظم فيها هذه الرغبة في زواج ناجح، أو ينصرف عنها إلى عمل منتج .. أما إن كان من أهل الجبلة الحيوانية، فإنه يمضي في الانحدار إلى الحضيض حتى تموت نفسه، وتموت روحه كما تموت نحلة في العسل ..
والفرق بين ضبط هذه الرغبة، وعدم ضبطها هو الفرق بين جبلاية القرود وبين المجتمع المتمدن.
وما أكثر المدن الأوروبية التي أصبحت الآن أشبه بجبلايات القرود.
وإشباع هذه الرغبة يؤدى دائمًا إلى حالة من البلادة والخمول، والكسل وموت الروح .. تمامًا مثل إشباع المعدة وتخمتها وملئها بالطعام.
إنما يكون الإنسان إنسانًا، حينما يقوم من الطعام قبل أن يمتلئ ..
فالإنسان هو إنسان فقط، إذا استطاع أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره، وهو إنسان فقط إذا ساد عقله على بهيميته وإذا ساد رشده على حماقته، وتلك أول ملامح الإنسانية في الإنسان.
ويجاوب السادة الصوفية على من يسألهم : كيف يقاوم الإنسان شهوته ؟! .. فيقولون بتنظيمها في إطار الزواج، فإذا لم يتيسير الزواج يستعين عليها بالترك .. فالشهوة كامنة في الجسم کمون النار في الحجر .. إذا داومت على ضرب الحجر بالحجر ظهرت النار وبان شرارها، ولم تستطع أن تحكمها، فعليك بالترك .. لا تضرب حجر الأنوثة بحجر الذكورة .. تجنب الخلوة بين الجنسين .. وتجنب الإثارة والاستثارة .. وتجنب المراودة .. ولا تحم حول الحمى، حتى لا تقع فيه .. واكبح شهواتك بالصوم والعمل .. واستنهض روحك وقوها بالعبادة، وسيساعدك هذا الترك على عودة الشهوة إلى الركود والكمون، كما تكمن النار في الحجر إذا كففته عن الاحتكاك؛ فتهدأ النفس ويتطهر القلب، ويعود إلى البال صفوه.
ونحن نضيف إلى كلام السادة الصوفية وسائل جديدة أتاحها لنا العصر هي: الرياضة البدنية بألوانها، والرحلات وممارسة الهوايات والقراءة .. وكلها مصارف يمكن أن تجرى فيها فائض الطاقة، فتصبح فائدة وبركة، بدلًا من أن تتركز تلك الطاقة في الأعضاء التناسلية، وتصبح شهوة مدمرة تمتص صاحبها حتى النخاع وتستهلكه، فيما لا يفيد.
ولن يغني ذلك عن الصراع ولن يغني عن المغالبة والمراهقة.
فلا بديل عن الكفاح، فذلك قدر الإنسان .. وذلك أيضًا شرفه وامتيازه على الملائكة.
ولم يخلق الإنسان ليرث الجنة بلا مجهود، وإنما خلق ليأخذ الجنة غلابًا، وبعد إثبات الاستحقاق ..
فلابد من المكابدة والمعاناة ((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) ..
ولا يمكن أن يكابد واحد بدلًا من آخر ، ولا يستطيع أبوك ولا أخوك، ولا صديقك أن يحمل عنك تلك المكابدة فيعانيها بدلًا منك .. وإنما يخلق الإنسان ليولد وحده، ويوت وحده ویشيخ وحده، ويمرض وحده ويتألم وحده، ويكابد وحده، ويلقي الله وحده ..
ولا نملك أكثر من أن نهون على بعضنا الطريق .. ببذل الحكمة والخبرة والقول السديد ..
وفي كتاب الموتى يقول الحكيم الفرعوني منذ ثلاثة الاف سنة :
احذر الاقتراب من النساء في أي مكان تدخله، فقد انحرف ألف رجل عن جادة الصواب بسبب ذلك .. إنها لحظة قصيرة كالحلم، والندم يتبعها ..
وكل الكتب السماوية تقول في وصاياها : لا تزن.
وقد جاء مثل هذا الكلام في صحف إبراهيم أبي الأنبياء من قبل إنه كلام قديم .. قديم .. منذ آدم .. ومنذ قال الله لآدم : لا تأكل من هذه الشجرة.
ويعود الأمر مرة أخرى ، فيتكرر فإذا بكل منا يقف موقف آدم .. أيأكل من الشجرة المحرمة أم لا يأكل ؟! .. ويتكرر هذا الموقف أمام كل إغراء .. طوال حياته .. ولا تعفي الحياة أحدًا من الإغراء، ولا تعفي أحدًا من الامتحان ، ولا تعفي أحدًا من ذلك الموقف القديم الذي وقفه آدم ، لأنه في مراد الله وفي خطته، أن يخرج المكتوم في كل قلب، وأن تفتضح النوايا وتظهر الأعمال : ((والله مخرج ما كنتم تكتمونه)) ..
وفي مراد الله أن تتميز المراتب ، وتتفاضل الدرجات .. وفي سنة الله أن يميز الخبيث من الطيب .. ولأن الله لا يريد أن يأتي هذا الأمر تعسفًا منه .. ولا يريد أن يفضح أحدًا من عباده بلا بينة .. فإنه خلق الدنيا ليفضح كل واحد نفسه بنفسه وبعمله .. ((خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاه)) ..
ليحاسب كل واحد بعد ذلك نفسه بنفسه يوم القيامة .. ((وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) .. وليدخل كل واحد في رتبته، ومنزلته في إقرار واقتناع، دون أن يكون له على الله حجة ..((ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) ..(( ولا يظلم ربك أحدا )) ..
ذلك موقف الإنسان الأزلي أمام ضعفه وقوته .. وتلك هي نافذة الشهوة التي تأتي منها الريح ، فتكشف المخبوء وتفضح المكتوم، وتدل على ارتفاع المراتب أو انحطاط المنازل ..
والإنسان الحكيم يذكر ذلك، كلما وقف ذلك الموقف الذي وقفه آدم، والذي يتكرر عليه بعدد ما في الدنيا من مفاتن ومغريات، فيجاهد نفسه ليستنهض أشرف ما فيه .. وذلك هو الجهاد الأكبر .. جهاد النفس الذي تفتضح فيه مكانتها ومنزلتها .. ومصيرها وتعرف درجاتها .. وليس أشرف ولا أنبل من ذلك الجهاد !! ..
كتاب " عصر القرود " . ❝