❞ الفصل الأول:
˝مريم كانت دايمًا بتقول إنها بتحلم تعيش قصة حب زي الحكايات. لما شافت أحمد لأول مرة، حسّت إنه الشخص اللي ممكن تحقق معاه الحلم ده. أحمد، شاب وسيم، طويل، وعيونه البنية كانت دايمًا مليانة حزن ما حدش يعرف سببه.
أهله لما تقدموا كان فيه كلام كتير حوالين وضعه... إنه أخرس، وما بيتكلمش بسبب حاجة حصلتله زمان، لكن مريم كانت شايفة حاجة تانية. شافت طيبة وشهامة في تصرفاته، شافت نظرة احترام واهتمام في عينيه. وهي في الآخر اللي قالت لأهلها:
– ˝أنا عايزة أتجوزه!˝
الكل كان مستغرب. ليه بنت لسه صغيرة، لسه مدخلتش الجامعة، تقرر تتجوز بالطريقة دي؟ بس مريم كان عندها سببها:
– ˝أنا مش هلاقي حد زيه، وعايزة أبدأ حياتي معاه.˝
بدأوا حياتهم مع بعض في شقة صغيرة، قريب من الجامعة اللي لسه مريم هتدخلها، واللي أحمد بيشتغل في البرمجة فيها. في الأول كان فيه حاجز بينهم، مش عشان هو ما بيتكلمش، لكن عشان مريم كانت لسه بتتعرف على عالم
> في أول يوم ليها في الكلية، أحمد أصر يوصلها. هو كان دايمًا حريص عليها، مش بالكلام، لأن الكلام مش موجود، لكن بتصرفاته اللي كانت بتقول كل حاجة.
لما وصلوا قدام الكلية، مريم حست بنظرات البنات حواليها. أحمد كان ملفت... وسيم، ولبسه مرتب، ورغم إنه ما بيتكلمش، كان فيه هدوء وثقة في كل خطوة.
– ˝استناني هنا، هخلص أوراقي بسرعة.˝
أحمد هز رأسه بابتسامة بسيطة، وقف مستني عند البوابة. مريم دخلت بسرعة وهي بتحاول تبان طبيعية، لكنها كانت حاسة بفخر إن الشخص ده جوزها.
بعد ما خلصت أوراقها وطلعت، لقيته زي ما هو، بنفس الهدوء مستنيها. لما قربت منه، شاور لها على الكافيتيريا القريبة، كأن بيقولها: ˝تحبي تشربي حاجة قبل ما نمشي؟˝
قعدوا مع بعض، وهي بتحكي له عن الكلية وأقسامها، وهو بيكتب ملاحظات على الموبايل عشان يشاركها في الكلام. الموبايل كان طريقته الوحيدة للتواصل معاها، لكنه كان دايمًا بيعرف يعبر أكتر من ناس كتير بتتكلم طول اليوم.
الأيام بدأت تعدي، وكل يوم كان فيه حاجة جديدة بينهم. في البداية، مريم كانت متوترة، خصوصًا لما كانت بتحس إن كل حاجة في حياتها اتغيرت فجأة. لكنها ما قدرتش تمنع نفسها من الإعجاب بأحمد. كان دايمًا بيحاول يسهل عليها أي حاجة، حتى في البيت كان بيشاركها في ترتيب الشقة وتحضير الأكل.
في يوم، بعد ما رجعوا من الكلية، مريم قررت تسأله:
– ˝أحمد، إنت إيه اللي خلاك تختار البرمجة؟˝
وقف لحظة، كأنه بيفكر يجاوب إزاي. بعدين كتب على الموبايل:
– ˝كنت عايز أكون دكتور، بس الظروف ما ساعدتنيش.˝
رد بسيط، لكن مريم حسّت بعمق الحزن اللي في كلماته. رغم كده، ما حاولتش تضغط عليه عشان تعرف أكتر. كانت حاسة إنه محتاج وقت عشان يفتح لها قلبه بالكامل.
مع الوقت، العلاقة بينهم كانت بتقوى. أحمد كان بيحاول يكون معاها في كل حاجة تخص الكلية، وكان بيستناها بعد المحاضرات ويشتري لها أي حاجة تحبها.
> في ليلة هادية، كانوا قاعدين على البلكونة الصغيرة اللي في شقتهم. مريم كانت بتذاكر، وأحمد قاعد جنبها بيشتغل على اللابتوب بتاعه. فجأة، الكهرباء قطعت، والدنيا بقت ضلمة تمامًا.
– ˝أحمد، فين الموبايل بتاعك؟˝ قالتها وهي بتحاول تمسك حاجة في الضلمة.
أحمد شاور لها بهدوء على مكانه، وبعد ما شغلت الكشاف، نور وشه بطريقة غريبة. مريم فضلت تبصله للحظة، ما قدرتش تمنع نفسها من الإحساس اللي جواها. كان وسيم جدًا، والطريقة اللي كان بيبصلها بيها، كأن عنيه بتحكي كلام ما قالتوش أبدًا.
فجأة، الكهربا رجعت، وفضلوا ساكتين للحظة. أحمد كتب بسرعة على الموبايل:
– ˝خايفة من الضلمة؟˝
مريم ضحكت وقالت:
– ˝لا، مش من الضلمة... بس ساعات بحس إنك بتقول حاجات من غير ما تتكلم.˝
أحمد ابتسم، ابتسامة كانت مختلفة. كأن فيها وعد أو إحساس جديد. قرب منها بهدوء، ومسك الكراسة بتاعتها، وكتب بخط صغير في جنب الصفحة:
– ˝أنا هنا، لو احتجتيني.˝
مريم بصت للكلام، وحست إنها لأول مرة فاهمة مشاعره. كانت بتقرأ حاجة في عينيه، وفي تصرفاته، وبدأت تحس إن الجواز اللي بدأ مجرد اتفاق، ممكن يكون بداية لحب حقيقي.
في نفس الليلة، وهي بتجمع كتبها عشان تروح تنام، أحمد مسك إيدها لأول مرة بشكل مختلف. كان لمس بسيط، لكن مليان معاني. مريم ما قدرتش تنطق، لكنها بصت له، وعنيهم اتحاورت.
فجأة، صوت رسالة جه على تليفونه، أحمد شاف الرسالة، ملامحه اتغيرت، وراح بسرعة على اللابتوب.
مريم قالت:
– ˝فيه حاجة؟˝
لكنه ما ردش، وكان واضح إنه قلق. وقف بسرعة ولبس، وكتب لها على الموبايل:
– ˝استنيني هنا... لازم أروح.˝
خرج بسرعة، وسيبها واقفة في نص الشقة، مش فاهمة حاجة.. ❝ ⏤ساره جمال
❞ الفصل الأول:
˝مريم كانت دايمًا بتقول إنها بتحلم تعيش قصة حب زي الحكايات. لما شافت أحمد لأول مرة، حسّت إنه الشخص اللي ممكن تحقق معاه الحلم ده. أحمد، شاب وسيم، طويل، وعيونه البنية كانت دايمًا مليانة حزن ما حدش يعرف سببه.
أهله لما تقدموا كان فيه كلام كتير حوالين وضعه.. إنه أخرس، وما بيتكلمش بسبب حاجة حصلتله زمان، لكن مريم كانت شايفة حاجة تانية. شافت طيبة وشهامة في تصرفاته، شافت نظرة احترام واهتمام في عينيه. وهي في الآخر اللي قالت لأهلها:
– ˝أنا عايزة أتجوزه!˝
الكل كان مستغرب. ليه بنت لسه صغيرة، لسه مدخلتش الجامعة، تقرر تتجوز بالطريقة دي؟ بس مريم كان عندها سببها:
– ˝أنا مش هلاقي حد زيه، وعايزة أبدأ حياتي معاه.˝
بدأوا حياتهم مع بعض في شقة صغيرة، قريب من الجامعة اللي لسه مريم هتدخلها، واللي أحمد بيشتغل في البرمجة فيها. في الأول كان فيه حاجز بينهم، مش عشان هو ما بيتكلمش، لكن عشان مريم كانت لسه بتتعرف على عالم
> في أول يوم ليها في الكلية، أحمد أصر يوصلها. هو كان دايمًا حريص عليها، مش بالكلام، لأن الكلام مش موجود، لكن بتصرفاته اللي كانت بتقول كل حاجة.
لما وصلوا قدام الكلية، مريم حست بنظرات البنات حواليها. أحمد كان ملفت.. وسيم، ولبسه مرتب، ورغم إنه ما بيتكلمش، كان فيه هدوء وثقة في كل خطوة.
– ˝استناني هنا، هخلص أوراقي بسرعة.˝
أحمد هز رأسه بابتسامة بسيطة، وقف مستني عند البوابة. مريم دخلت بسرعة وهي بتحاول تبان طبيعية، لكنها كانت حاسة بفخر إن الشخص ده جوزها.
بعد ما خلصت أوراقها وطلعت، لقيته زي ما هو، بنفس الهدوء مستنيها. لما قربت منه، شاور لها على الكافيتيريا القريبة، كأن بيقولها: ˝تحبي تشربي حاجة قبل ما نمشي؟˝
قعدوا مع بعض، وهي بتحكي له عن الكلية وأقسامها، وهو بيكتب ملاحظات على الموبايل عشان يشاركها في الكلام. الموبايل كان طريقته الوحيدة للتواصل معاها، لكنه كان دايمًا بيعرف يعبر أكتر من ناس كتير بتتكلم طول اليوم.
الأيام بدأت تعدي، وكل يوم كان فيه حاجة جديدة بينهم. في البداية، مريم كانت متوترة، خصوصًا لما كانت بتحس إن كل حاجة في حياتها اتغيرت فجأة. لكنها ما قدرتش تمنع نفسها من الإعجاب بأحمد. كان دايمًا بيحاول يسهل عليها أي حاجة، حتى في البيت كان بيشاركها في ترتيب الشقة وتحضير الأكل.
في يوم، بعد ما رجعوا من الكلية، مريم قررت تسأله:
– ˝أحمد، إنت إيه اللي خلاك تختار البرمجة؟˝
وقف لحظة، كأنه بيفكر يجاوب إزاي. بعدين كتب على الموبايل:
– ˝كنت عايز أكون دكتور، بس الظروف ما ساعدتنيش.˝
رد بسيط، لكن مريم حسّت بعمق الحزن اللي في كلماته. رغم كده، ما حاولتش تضغط عليه عشان تعرف أكتر. كانت حاسة إنه محتاج وقت عشان يفتح لها قلبه بالكامل.
مع الوقت، العلاقة بينهم كانت بتقوى. أحمد كان بيحاول يكون معاها في كل حاجة تخص الكلية، وكان بيستناها بعد المحاضرات ويشتري لها أي حاجة تحبها.
> في ليلة هادية، كانوا قاعدين على البلكونة الصغيرة اللي في شقتهم. مريم كانت بتذاكر، وأحمد قاعد جنبها بيشتغل على اللابتوب بتاعه. فجأة، الكهرباء قطعت، والدنيا بقت ضلمة تمامًا.
– ˝أحمد، فين الموبايل بتاعك؟˝ قالتها وهي بتحاول تمسك حاجة في الضلمة.
أحمد شاور لها بهدوء على مكانه، وبعد ما شغلت الكشاف، نور وشه بطريقة غريبة. مريم فضلت تبصله للحظة، ما قدرتش تمنع نفسها من الإحساس اللي جواها. كان وسيم جدًا، والطريقة اللي كان بيبصلها بيها، كأن عنيه بتحكي كلام ما قالتوش أبدًا.
فجأة، الكهربا رجعت، وفضلوا ساكتين للحظة. أحمد كتب بسرعة على الموبايل:
– ˝خايفة من الضلمة؟˝
مريم ضحكت وقالت:
– ˝لا، مش من الضلمة.. بس ساعات بحس إنك بتقول حاجات من غير ما تتكلم.˝
أحمد ابتسم، ابتسامة كانت مختلفة. كأن فيها وعد أو إحساس جديد. قرب منها بهدوء، ومسك الكراسة بتاعتها، وكتب بخط صغير في جنب الصفحة:
– ˝أنا هنا، لو احتجتيني.˝
مريم بصت للكلام، وحست إنها لأول مرة فاهمة مشاعره. كانت بتقرأ حاجة في عينيه، وفي تصرفاته، وبدأت تحس إن الجواز اللي بدأ مجرد اتفاق، ممكن يكون بداية لحب حقيقي.
في نفس الليلة، وهي بتجمع كتبها عشان تروح تنام، أحمد مسك إيدها لأول مرة بشكل مختلف. كان لمس بسيط، لكن مليان معاني. مريم ما قدرتش تنطق، لكنها بصت له، وعنيهم اتحاورت.
فجأة، صوت رسالة جه على تليفونه، أحمد شاف الرسالة، ملامحه اتغيرت، وراح بسرعة على اللابتوب.
مريم قالت:
– ˝فيه حاجة؟˝
لكنه ما ردش، وكان واضح إنه قلق. وقف بسرعة ولبس، وكتب لها على الموبايل:
– ˝استنيني هنا.. لازم أروح.˝
خرج بسرعة، وسيبها واقفة في نص الشقة، مش فاهمة حاجة. ❝
❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه ، وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف ، وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ، ويكبر ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً ، ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه ، ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو ، فإذا فرغ من الركعة الأولى ، ونهض إلى الثانية ، سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا ، فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية ، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى ، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه ، وفيما قَضَوْا لأنفسهم ، وذلك غاية العدل ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد ، سجد الصف المؤخّر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فيسلم بهم جميعاً ، وإن كان العدو في غير جهة القبلة ، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين ، فرقةً بإزاء العدو ، وفرقة تُصلي ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم ، وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتُسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، يُسلم بهم ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، فتُسلم قبله ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين ، ويُسلم بهم ، فتكون له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتين ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، ويُسلم بهم ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بهم ركعتين ، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً ، فتذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها ، قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف ، فالعمل به جائز ، وقال : ستة أوجه أو سبعة ، تُروى فيها ، كُلُّها جائزة ، وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ، ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات ، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح : ما ذكرناه أولاً ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، والله أعلم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف أن أباحَ الله سبحانه وتعالى قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوفُ والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفر لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفر معه ، وهذا كان من هديه ﷺ وبه تُعلم الحكمةُ في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف ، وكان من هديه ﷺ في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، أن يَصُف المسلمين كلهم خلفَه ، ويكبر ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً ، ثم يرفع ويرفعون جميعاً معه ، ثم ينحدِرُ بالسجود والصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخَّرُ مواجة العدو ، فإذا فرغ من الركعة الأولى ، ونهض إلى الثانية ، سجد الصف المؤخَّر بعد قيامه سجدتين ثم قاموا ، فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، ولِيُدرِكَ الصف الثاني مع النبي ﷺ السجدتين في الركعة الثانية ، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى ، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه ، وفيما قَضَوْا لأنفسهم ، وذلك غاية العدل ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة فإذا جلس للتشهد ، سجد الصف المؤخّر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فيسلم بهم جميعاً ، وإن كان العدو في غير جهة القبلة ، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فرقتين ، فرقةً بإزاء العدو ، وفرقة تُصلي ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيُّ الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ثم تُسلم ، وتقضي كلُّ طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتُسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد قامت فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، يُسلم بهم ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، فتُسلم قبله ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين ، ويُسلم بهم ، فتكون له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتين ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ، ويُسلم بهم ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بهم ركعتين ، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاة ، وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعةً ، فتذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيُصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كُلُّها تجوز الصلاة بها ، قال الإمام أحمد : كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف ، فالعمل به جائز ، وقال : ستة أوجه أو سبعة ، تُروى فيها ، كُلُّها جائزة ، وقد روى عنه ﷺ في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ، ترجع كلُّها إلى هذه وهذه أُصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضُهم عشر صفات ، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح : ما ذكرناه أولاً ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي ﷺ ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، والله أعلم. ❝
❞ مصر "سياحة تاريخية" - خطبة للشيخ محمد الغزالي(*)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير.
وأشهد أن محمدا رسول الله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
■ الدين والحضارة:
أما بعد: فإن الله جل شأنه ذكر بلدنا هذا- مصر- فى مواطن كثيرة من كتابه العزيز، وهذا يشير إلى أن بلدنا هذا- مصر- قديم التاريخ موصول الحضارة، تعتبر المدنية التى نبتت على شاطئه من أعرق المدنيات على ظهر الأرض، ويبدو أن الحياة الرتيبة فى هذا الوادى، وأن الاستقرار الذى يصبغ جوه وأحواله عموما أعان على تكوين حضارة فى بلدنا هذا.. حضارة تغلغلت فى تاريخ الإنسانية وتركت أثرا واضحا نضح على ما حولها، وأفاد الآخرون منه إفادة غير منكورة .
وكانت الحضارة المصرية على الإجمال حضارة متدينة، يظهر أن تربة هذا الوادى لا يصلح فيها الإلحاد ولا يتشبث بها إلا الإيمان .
كان الناس فى أودية كثيرة من قارات الأرض يبحثون عن لقمة الخبز، وجهدهم أن يصلوا إليها ، فإذا وصلوا إليها استراحوا واطمأنوا، أما المصريون القدماء ، فكان جهدهم كيف يعبدون ربهم، كيف يرضونه جهدهم، كيف يؤمنون لقاءه يوم يلقونه، كيف يمهدون للدار الآخرة بالعمل الصالح فى هذه الدنيا .
ومع أن حضارة المصريين الأقدمين اختلط الإيمان فيها بين توحيد وتعديد، فإنها على الإجمال كما قلت لكم كانت حضارة متدينة، وكان الشرك فيها إن حدث فاستجابة للرأى السائد يومئذ فى الدنيا، وهو رأى يرفضه الإسلام بداهة.
هذا الرأى أساسه أن الاتصال بالله الواحد صعب وأنه لابد من وسطاء يمهدون له أو يوصلون إليه، وبداهة رفض الإسلام هذا المعنى لأنه أعطى كل امرئ الحق إذا عبد الله أن يقف بين يدى ربه يقول له: (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم) ، وإذا أذنب أن يقف أمام ربه نادما مستغفرا بقوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) .
لكن أجيالا ضلت طريقها لم تحسن الصلة بالله، وكان المصريون الأقدمون عموما أهل توحيد حينا، وأهل تعديد حينا آخر،. وإن كان التوحيد قد غلب عليهم فى فترات كثيرة من حياتهم وتاريخهم.
■ المصريون والرومان:
ثم وقع شىء لابد أن يذكر، فقد هجم الرومان على مصر، وكان الرومان يومئذ وثنيين واحتلوا هذا البلد قرابة ستة قرون !!.
كانت مدة طويلة كليل الشتاء البارد المظلم، وكان مجىء الرومان إلى مصر فى موجة من موجات المد التى تجعل بعض الأجناس يستغل خصائصه، ويمتطى قواه كى يستعبد غيره ويستخلص لنفسه خيره، ويجعل من نفسه سيدا، ومن الناس عبيدا !!.
كان الرومان لما دخلوا مصر على هذا النحو، ووقعت أمور نذكرها .
فى أثناء احتلال الرومان لمصر ظهرت المسيحية، وقيل إن عيسى ابن مريم وأمه جاءا إلى بلدنا هذا، فارين من بطش الرومان، ومن ضغط حكامهم ، أو من عسف الحاكم هناك ومن ضغطه ، ورجع بعد أن نمى عوده، وأخذ يؤدى دعوته فى فلسطين.
لكن المصريين كانوا قد اعتنقوا النصرانية، ولما اعتنق المصريون النصرانية ضاق الرومان بهم، وغضبوا منهم؛ لآن الرومان عباد أصنام ؛ لأن الوثنية الرومانية كانت تصبغ الحكم صبغة شديدة، حاول الرومان أن يردوا المصريين عن المسيحية التى اعتنقوها ولكن المصريين أبوا وتشبثوا بدينهم الذى اختاروه لأنفسهم.
وبدأ عصر من العسف والطغيان والمذابح حتى قيل إنه ما من قرية فى مصر أو مدينة إلا سفك فيها الدم وكثر فيها القتلى !! .
أبى المصريون أن يتركوا الديانة النصرانية التى اختاروها لأنفسهم، وبدأ بهذا العصر الذى يسمى " عصر الشهداء " بدأ التاريخ المسيحى فى مصر، وهو تاريخ يشرف أهله؛ لأن أهله قاوموا عبادة الأصنام، ودفعوا ثمن المقاومة من دمهم وأبوا إباء شديدا أن يتحولوا عن التوحيد وعن الكتاب السماوى الذى جاءهم، ثم شاء الله بعد ذلك أن يدخل الرومان المسيحية !!.
ولكن الرومان لما دخلوا المسيحية دخلوها على نحو غريب، حتى قال بعض المفسرين: لا يدرى أتنصر الرومان أم ترومت النصرانية؟!. .
أيا ما كان الأمر فقد تحول الرومان إلى النصرانية واعتبرت الديانة الرسمية لهم، لكن المذهب أو الفهم الذى استقر الرومان عليه كان فهما آخر غير الفهم الذى استقر عند المصريين.
وحدث نزاع نظرى تحول إلى جدل مر، وإلى أخذ ورد طويلين، ئم رأى الرومان وعلى رأسهم هرقل أن يفرض المذهب الرومانى ومذهب الكنيسة الكاثوليكية على المصريين !!.
وهنا قاوم المصريون الرومان وبدأوا عصرا يشبه العصر الأول، عصر الاضطهاد، والاستشهاد، إلا أن هذا العصر الجديد لم يطل.
■ المصريون والإسلام:
فقد شاء الله أن يخرج من قلب جزيرة العرب مد إسلامي عريض انتشر فى أنحاء العالم انتشار السنا بعد ليل معتكر، انتشار الرحمة بعد عصر ملىء بالقسوة والمرارة!!.
ونال المصريين شىء من هذه الرحمة، فإذا عمرو بن العاص يقرع أبواب البلاد وهى فى حال منكرة من الاضطهاد والفوضى !!.
كان بطريرك الأقباط محبوسا ، وكان أخوه قد قتل بعد أن عذب بالنار، وكان رجلا بدينا فتقاطر دهنه على النار، ثم رمى به فى أمواج البحر الأبيض فمات غرقا .
لما دخل عمرو بن العاص عرض دينه عرضا عاديا !!
الناس لا تفهم كيف عرض عمرو الإسلام؟
إن الإسلام لا يعرض فى مجالس مناظرة، وهو فى مجالس المناظرة قادر على أن يقهر الخصم، وأن يعلن الدليل، ولكن الإسلام عرض نفسه حُكْما عادلا ومجتمعا فاضلا ، ونفوسا بلغ من صفائها وعفتها أن قال الرافعى فيها: " ربما خافت البنت على نفسها من أبيها، ولكنها لا تخاف على نفسها من الفاتح العربى المسلم "!!.
دخل الإسلام مصر حرية عقل وضمير، وتوازن مجتمع لا تطغى فيه طبقة على أخرى.
دخل الإسلام مصر، وأمام المسلمين قول نبيهم عليه الصلاة والسلام لهم:" إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع " .
دخل الإسلام مصر فكان أول ما محاه التعصب الدينى، وقال للأقباط: كنائسكم لكم تعبدون الله فيها على رأيكم وفهمكم لا يجبركم أحد على رأى أو على مذهب، أو على معتقد، وأطلق سراح البطريرك المحبوس حتى قيل: وأعان الأقباط فى بناء بعض الكنائس .
والعجيب أن عمرو بن العاص رضى الله عنه الذى دخل مصر فبنى هذا المسجد - مسجد عمرو بن العاص - للركع السجود، والذى أقام حكما ذوب فيه الفوارق بين الأجناس والألوان، عندما أخذت ابنه نشوة من نشوات النصر، أو نزوة من نزوات العرب، أو قوة من قوى الجاهلية فأساء إلى أحد الأقباط، وكان القبطى ماكرا لبيبا ، فذهب إلى الرجل الذى أرسل عَمْرا ، ذهب إلى عُمَر نفسه وشكى له !!
فجاء عمر صاحب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتلميذه، جاء بالقبطى المظلوم وبابن عمرو بن العاص ابن الحا كم وقال لعمرو: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.. !؟
ثم قال للقبطى: خذ حقك من ابن الأكرمين !!
ثم قال فى فترة من فترات الغضب لله: " لو شئت أدرت السوط على صلعة عمرو بن العاص !!.
هذا حكم النبوة، هذا حكم الإسلام .!!
كان الإسلام يومئذ عقيدة تعرض نفسها ، على أى شىء تعتمد؟ على صفاء حقائقها، على نضارة عقائدها وغزارة فضائلها، ووفرة المثل الرفيعة التى تدعو إليها.
والرجل يوم يكون صاحب ثروة طائلة من الصدق والشرف والرحمة والوفاء والعفة فإنه يطمئن إلى أن ثروته هذه ستوطئ له الأكناف، وتفتح له القلوب، وتضئ له النواصى.
ولذلك ما فكر الإسلام فى بلد دخله أن يقيد الحريات، لِمَ يقيدها؟ والحرية عونه الأول على غرس الإيمان وتصحيح المعتقد، ما فكر الإسلام يوما أن يقيم حكما استثنائيا، ولِمَ يقيمه؟ والعدالة هدفه، وهو يعلم أن الله عز وجل إنما ينصر أو يهزم بمقدار قوة الصلة به أو ضعف هذه الصلة.
ظل المسلمون الذين جاءوا إلى مصر وهم أربعة آلاف مع عمرو لحقهم عدد قليل بعد ذلك من الناس بعد أن قوضوا الحكم الروماني ، ظلوا على هذا النحو قلة، ولكن المصريين أخذوا يغلغلون البصر فى الدين الجديد، وفى المبادىء التى قام عليها، وبدأوا يدخلون فيه، وظل المصريون يدخلون فى الإسلام خلال القرن الأول، وخلال القرن الثانى ، ولم يتحول الإسلام فى مصر إلى كثرة فى السكان إلا فى القرن الثالث تقريبا !!، والأساس هو ما قلت لكم: دين لا يعرف قط إلا مخاطبة العقل الحر، وإيقاظ الضمير النائم ، وما يعتمد فى نشر مبادئه على عصا أو على إكراه.
■ نسل الفاتحين أم نسل السكان الأصليين؟:
يخطىء المسلمون فى مصر الآن خطأين: الخطأ الأول: أن عددا منهم لا أدرى أهو عدد كبير أم صغير؟، يقول بشىء من الغباء: إننا عرب، يقصد بذلك أنه نسل الفاتحين، هذا كذب، هذا كذب!! ولعل مركب النقص هو الذى يدفع إلى هذا الزعم !! فنحن فى الحقيقة أبناء المصريين الذين أسلموا !! ربما كان هناك عدد من أبناء العرب الذين وفدوا، لكن هذا العدد قليل !! أما الكثرة الكبرى من المصريين فهم أبناء المصريين الذين دخلوا فى الإسلام.
وعندما يقول المصريون إنهم أبناء الفاتحين يعطون غيرهم حجة مكذوبة أنهم أبناء مصر وأن غيرهم وافد وطارىء ، وهذا غير صحيح !! يجب أن نعرف الحقائق فإن أكثرنا غافل.
أريد أن أقول لكم: إن شيخ الأزهر العباسى المهدى كان أبوه قبطيا!! ويوجد بين أئمة المساجد الآن وبين مفتشى المساجد وبين علماء الأزهر رجال آباؤهم أو أجدادهم من الأقباط!!.
فالقول بأن المصريين أبناء الفاتحين غلط فاحش ما ينبغى أن يقال، هذا خطأ يرتكب !!.
■ فتح عربي أم تحرير إسلامي؟:
الخطأ الثانى: الذى يرتكبه المسلمون أنهم يسمون مجىء عمرو بن العاص الى مصر: الفتح العربى لمصر !!.
كان هذا التعبير سليما يوم كانت كلمة فتح تعنى شيئا آخر غير المفهوم الذى عرف به الآن فى العالم، فكلمة الفتح الآن تساوى الغزو، والحقيقة أن الوصف الدقيق لمجىء العرب إلى مصر هو تحرير العرب للمصريين!!.
الجيش الذى انطلق من المدينة عبأه أبناء محمد عليه الصلاة و السلام فى عقيدته، وحملوه راية التوحيد، لم ينطلق كى يُكره على إيمان، وإنما انطلق كى يحرر شعوبا مستعبدة أو كما قال أحد القادة لحاشية كسرى : تقولون: لم جئتم؟ " جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد " !!
لم نجيء لنستعبد الخلق، والدين لله ، هذا ما ينبغى أن يعرف، وهنا أريد أن أشرح هذا المعنى، وألقى الضوء عليه:
توجد الآن فى أفريقيا شعوب ترسف فى قيود الهوان مسروقة تحت الشمس !!
توجد شعوب تترنح تحت ضربات الأقوياء الذين ألهبوا الجلود بسياطهم، وكمموا الأفواه حتى لا تصيح من الألم !!.
توجد الآن فى جنوب أفريقيا وفى روديسيا، وفى مستعمرات البرتغال الثلاث فى وسط أفريقيا وغربها، وتوجد تحت راية حكومات مستقلة للأسف، توجد جماهير كثيفة تضرع إلى الله أن يرسل إليها من يفك الأغلال عنها، ومن يكسر أبواب السجون التى قبعت وراءها فهى لا تعرف فى قيودها وسجونها إلا الهوان والبأساء والضراء !!
لو أن جيشا ذهب إلى الملونين فى جنوب أفريقيا ليسقط الحكم القائم، ويقيم حكم مساواة ورشد، لو أن جيشا ذهب إلى مستعمرات المستعبدين تحت الحكم الكاثوليكى البرتغالى وأسقط الراية التى هناك، وأقام راية أخرى تعطى الملونين من الزنوج، والمظلومين من المسلمين الحقوق العادية للبشر العاديين، أيسمى هذا غزوا؟ أيسمى هذا فتحا استعماريا ؟ أيسمى هذا افتياتا على الأمم؟ !!.
إن العرب لما خرجوا من جزيرتهم إلى مصر أو الشام لم يخرجوا مستعمرين أو طلاب دنيا، لماذا؟ لأن طلب الدنيا فى دينهم - على هذا النحو - جريمة .
رجل قال لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إنى أقف المواقف أريد وجه الله وأحب أن يُرى موطنى " ؟ فلم يرد عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئاً حتى نزلت هذه الآية (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) .
اعتبر الرياء شركا، اعتبر القتال طلبا للدنيا جريمة . وقال فى تعريف الجهاد: " من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله " .
هذا هو الإسلام، فالذين جاءوا إلى مصر أو ذهبوا إلى سوريا، ما جاءوا وما ذهبوا كى يقال: إنهم فتحوا أو إنهم غلبوا أو إنهم ملكوا.. لا .. لا، كانوا يعملون لله، ويؤدون حق الله ، وكانت الآخرة أحب إليهم من الدنيا، وكان الموت فى سبيل الله أحلى مذاقا فى أفواههم من أن يعودوا إلى زوجاتهم وأولادهم، كانوا أصحاب عقائد. وإذا حلا لبعض المستشرقين أن يتساءل ما الذى جاء بالعرب إلى أفريقيا أو إلى آسيا؟.
فلنقل له قبل ذلك: وما الذى جاء بالرومان إلى مصر، والى آسيا الصغرى، وإلى الشمال الأفريقى كله؟!.
قبل أن تسأل: ما الذى جاء بالعرب ليحرروا، إسأل نفسك ما الذى جاء بأجدادك هنا ليستعبدوا؟!. لا تقل لم جاء العرب مصر؟ سل نفسك أولا لم جاء الرومان مصر؟ إن المحرر لا يسأل عن فعله، وإنما يسأل المستعبد عما صنع !! ثم إن الجزية التى يتحدث البعض عنها ما كانت أكثر من توازن اقتصادى بين المسلمين وغيرهم.
كان المسلم مكلفا بدفع الزكاة، وكان مكلفا بدفع ما يقيم عدة الحرب، وجهاز القتال، ولم يكن أهل الذمة مكلفين لا بقتال ولا بمساهمة فى قتال ولا بالإعداد له بقرش ولا بدفع زكاة !!.
فإذا كان المسلمون سيأخذون القليل فى نظير أن ينهضوا هم بالحماية فأى عيب فى ذلك؟.
ويقول التاريخ: إن أبا عبيدة بن الجراح لما وصل إلى " حمص " وأخذ من أهلها الجزية أكرهته بعض العمليات العسكرية على أن ينسحب فقرر رد الجزية إلى الناس، فقالوا: ما هذا ؟.
لقد تعودوا أن الحكام يأخذون ولا يردون، تعودوا لحكام يغصبون ولا يعدلون، فوجدوا حاكما أخذ منهم بالأمس جنيها وهو يرده اليوم !!
فقال لهم: لقد أخذنا منكم هذه الجزية فى نظير أن ندفع عنكم أما إذ عجزنا عن الدفاع فلا يحق لنا أن نأخذها فقالوا لابى عبيدة: استبق المال معك، وسنقاتل الرومان معكم معشر العرب جنبا إلى جنب، فما عانينا من ظلمهم يجعلنا نتفق معكم على قتالهم !!.
إن التاريخ ملىء بالإشاعات الكاذبة، ومن الإشاعات التى روج المسلمون لها للأسف أن الإسلام دخل مع الفاتحين وأنه دين الفاتحين وهذا غير صحيح.
حمل الفاتحون العقيدة لكنهم ما فرضوها ولا أكرهوا أحدا عليها، وكان المسلمون قلة فى القرنين الأولين من الفتح،. ثم بدأوا يكونون كثرة بالاقتناع الفردى، ولا يجرؤ أحد أن يقول: إن المصريين أكرههم الإسلام على الدخول فيه، فإن المصريين وفق تاريخهم الثابت عنهم قاوموا الرومان، وقتلوا فى كل قرية، ولم يفرطوا فى دينهم، وقاتلوا الرومان مرة أخرى حتى جاء الفتح العربى فأنقذهم من بطشهم، فلم يدخلون فى الإسلام دون أن يسفك دم؟ إنما دخلوا لان الله شرح بالإسلام صدورهم !!.
فماذا كانت علاقة الإسلام بغيره من الديانات بعد أن أصبح دين الكثرة هنا؟.
المسلمون فى أرض الله كلها ناس طيبون وسمحاء، والتعصب لا يعرف طريقا إلى قلوبهم، والحروب الدينية التى جعلت سطح أوربا ملوثا بالدم مليئا بالفتن، هذه الحروب لا يعرفها العالم الإسلامي ، إن العالم الإسلامى عاش على فهم أنه يمكن أن يتعاون اثنان بينهما اختلاف دين على أمر ما !!.
وقد حدث أن النبى عليه الصلاة والسلام وهو يهاجر استأجر الدليل على الطريق استأجره مشركا.
وهذا الدين قال: يمكن أن تتسع غرفة - متران فى ثلاثة أمتار - لرجل وامرأة على غير دينه تكون يهودية أو نصرانية !!
فإذا اتسعت حجرة لدينين أفلا تتسع الأرض الفضاء لدينين؟!
■ الاستعمار الثقافي:
مشى الإسلام فى بلدنا على هذا النحو يعيش بسماحته، ويعيش بقدرته الذاتية على الحياة، إلى أن نكب بالاستعمار الأوربى، وحدث ما حدث فى تاريخ يطول، ثم بدأنا ننتعش ونعود، لكننا عندما حاولنا أن نعود وجدنا الاستعمار قد نكبنا بنكبتين من لونين مختلفين!!.
فى عهد مضى نكبنا بالمادية الحيوانية، والمادية الحيوانية فلسفة تجعل الشباب يعيشون بحثا عن الشهوات، تجعل الناس يكدحون لمأرب خسيس أو غرض قريب، المادية الحيوانية تجعل العيش فى الأرض للأرض، وهى مادية قصد بها تكوين جيل مقطوع عن دينه يبحث عن الأهواء والدنايا فقط !!.
وقاومنا هذه المادية مقاومة نجحنا فيها حينا وفشلنا فيها حينا، ثم جاءت مادية أخرى هى المادية الجدلية الحمراء، هى مادية تجعل الناس يفتحون أفواههم بوقاحة يقولون: لا ألوهية والحياة مادة !! لكن شاء الله أن يتلاشى هذا الزحف، وأن يتضعضع ويضطرب. عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952م كانت قلوب الناس أجمعين معها، لماذا؟ كان القادة يرفعون المصاحف، وكانوا تحت علم مكتوب عليه: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .
وكان العمل للعروبة والإسلام واضحا فى هذه الخطط، ثم شاء الله أن تسرق الثورة !! وأن تجىء مراكز قوة تنال من ديننا، ومن عقلنا، ومن تفكيرنا، وبدأت المادية بألوانها تنضح علينا من كل ناحية حتى ظن أن الصلاة جريمة وأن الاتصال بالله منكر وأن العودة إلى الإسلام طريق الهلاك !.
■ الاعتصام بالدين:
أيها المسلمون: الذى أريد أن أقوله بعد هذه السياحة التاريخية المتقطعة :
إن التمسك بالدين ضرورة حياة لكم ، وإن الذى يتصور التمسك بالدين طريقا إلى السجن مخطئ جدا، وإن الذى يتصور التمسك بالدين طريقا إلى السجن، ثم يترك دينه فهو مجرم !! فالسجن أولى من ترك الدين !!.
ومع هذا فنحن لا نقول ما قال يوسف: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) ، فإننا لا ندعى الآن إلى منكر، لا ندعى الآن إلى ضلالة، إننى أهيب بالشباب، بالجيل الناشئ ألا يهاب العودة إلى دينه، أن يكون جريئا فى التمسك بإيمانه وانطلاقه تحت راية التوحيد، غير متهيب ولا متوجس، ولا قلق ولا جزوع، يجب أن يعلم أن راية الإيمان لابد أن تمشى القوافل تحتها حثيثة كثيفة لا تخاف ولا تخشى.
ثم أقول للمسلمين شيئا آخر: إن الضعيف لا يقويه أن يهدم غيره، إن الضعيف سيبقى ضعيفا ، ولو أن غيره تلاشى من الأرض، ولو أن أعداء الإسلام اختفوا جميعا من هذه الدنيا وبقى المسلمون على الوضع الذى هم عليه الآن نظريا ونفسيا وخلقيا فإن الأرض لا تصلح بهم ولا يستحقون التمكين فيها !!. إنني أقول للمسلمين استرجعوا دينكم بحقائقه، عيب أن يكون الشباب المسلم أو الطالب المسلم متأخرا فى ثقافته أو فى دراسته، وغيره قوى فى دراسته، أو فى معرفته وعلومه !!.
عيب أن يكون التاجر المسلم ضعيفا فى عمله، مضطربا فى أسلوبه، غاشا فى سلعه، ثم يحسد الآخرين إذا نجحوا أو تقدموا، لا، إن العقيدة تحتاج إلى خدمة من نوع جديد، حدث منذ بضع سنين لا تتجاوز الأصابع أن صدر أمر إلى المسيحيين فى القدس أن يشتروا الأرض من المسلمين.
كانت رغبة فى أن يوضع الطابع الصليبى على القدس القديمة، و بدأ ناس من المسلمين يبيعون دورهم، المتر الذى يساوى خمسين عرض عليهم فيه مائة، مئتان!! وقال المفتون يومئذ: إن المسلم الذى يبيع شبرا من أرضه يعتبر مرتدا لأن الشبر الذى يبيعه من أرضه يكون موطىء قدم لحملة صليبية جديدة على بلادنا.
ألا فليستيقظ المسلمون. إن يقظة المسلمين لا تعنى أكثر من أن يتمسكوا بدينهم، ويحترموا أخوتهم، ثم الآخرون ممن ليسوا على ديننا سوف يعيشون معنا كما عاشوا على امتداد القرون، لهم ما لنا وعليهم ما علينا !! بل ربما قلنا: " لهم ما لنا من الحقوق وأكثر !! وعليهم ما علينا من واجبات بل أقل " !!.
إننا نحن المسلمين ليس فى تاريخنا الطويل أننا أصحاب تعصب، ولكن فى تاريخنا الطويل أننا أصحاب طيبة قد تبلغ حد الغفلة والجهل!! أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله (..الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون * ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد) .
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا رسول الله، إمام الأنبياء، وسيد المصلحين . اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
■ لزوم الوحدة:
أما بعد: عباد الله أوصيكم ونفسى بتقوى الله عز وجل، واعلموا أيها الأخوة أن بلدنا هذا يحتاج إلى مرحلة من الاستقرار، يمكن فيها أن يتم بناء على العقيدة والخلق، على الإيمان والشرف، على الإسلام ومبادئه وشرائعه .
نحن بحاجة إلى هذه الفترة، ووحدتنا الوطنية سلاح لنا، وأنا أخشى أن يكون أعداؤنا قد حرضوا البعض على أن يحدث أى تعكير لهذه الوحدة لحساب غيرنا لا لحسابنا، إن أى تعكير لهذه الوحدة الآن ليس لحسابنا، والذى يعكر هذه الوحدة معروف، لأنه يعمل لحساب الاستعمار الأجنبى!!.
إننا نوصيكم مشددين ألا يستفزكم أحد، وأن تضبطوا أعصابكم، وفى الوقت الذى أكلفكم فيه بضبط الأعصاب، وامتلاك النفس، أقول لكم: إن الوسائل التى تنجحون بها دينكم وتملكون بها السيادة على أرضكم فى أيديكم ولا تحتاج إلى مشقة طويلة ولا إلى جهد العباقرة، تحتاج إلى جهد الرجل العادى ، ويوم ينقص المسلمين جهد الرجل العادى لينجحوا فهم أهل لأن يضيعوا !! وهم أهل لأن يتلاشوا وتخلص الإنسانية منهم لأنهم ليسوا أهلا للحياة !!.
إن تماسك المسلمين لا يحتاج إلى عبقرية ، وإنما يحتاج إلى اليقظة العادية؟ إلى السيرة التى لا غفلة فيها ولا استكانة ولا فوضى ولا تواكل !!هذا ما ألفت النظر إليه.
" اللهم أصلح لنا ديننا الذى هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التى فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التى إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا فى كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر " .
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) .
عباد الله : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) . أقم الصلاة .
. ❝ ⏤أبو زكريا يحي بن شرف النووي
❞ مصر ˝سياحة تاريخية˝ - خطبة للشيخ محمد الغزالي(*)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير.
وأشهد أن محمدا رسول الله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
■ الدين والحضارة:
أما بعد: فإن الله جل شأنه ذكر بلدنا هذا- مصر- فى مواطن كثيرة من كتابه العزيز، وهذا يشير إلى أن بلدنا هذا- مصر- قديم التاريخ موصول الحضارة، تعتبر المدنية التى نبتت على شاطئه من أعرق المدنيات على ظهر الأرض، ويبدو أن الحياة الرتيبة فى هذا الوادى، وأن الاستقرار الذى يصبغ جوه وأحواله عموما أعان على تكوين حضارة فى بلدنا هذا. حضارة تغلغلت فى تاريخ الإنسانية وتركت أثرا واضحا نضح على ما حولها، وأفاد الآخرون منه إفادة غير منكورة .
وكانت الحضارة المصرية على الإجمال حضارة متدينة، يظهر أن تربة هذا الوادى لا يصلح فيها الإلحاد ولا يتشبث بها إلا الإيمان .
كان الناس فى أودية كثيرة من قارات الأرض يبحثون عن لقمة الخبز، وجهدهم أن يصلوا إليها ، فإذا وصلوا إليها استراحوا واطمأنوا، أما المصريون القدماء ، فكان جهدهم كيف يعبدون ربهم، كيف يرضونه جهدهم، كيف يؤمنون لقاءه يوم يلقونه، كيف يمهدون للدار الآخرة بالعمل الصالح فى هذه الدنيا .
ومع أن حضارة المصريين الأقدمين اختلط الإيمان فيها بين توحيد وتعديد، فإنها على الإجمال كما قلت لكم كانت حضارة متدينة، وكان الشرك فيها إن حدث فاستجابة للرأى السائد يومئذ فى الدنيا، وهو رأى يرفضه الإسلام بداهة.
هذا الرأى أساسه أن الاتصال بالله الواحد صعب وأنه لابد من وسطاء يمهدون له أو يوصلون إليه، وبداهة رفض الإسلام هذا المعنى لأنه أعطى كل امرئ الحق إذا عبد الله أن يقف بين يدى ربه يقول له: (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم) ، وإذا أذنب أن يقف أمام ربه نادما مستغفرا بقوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) .
لكن أجيالا ضلت طريقها لم تحسن الصلة بالله، وكان المصريون الأقدمون عموما أهل توحيد حينا، وأهل تعديد حينا آخر،. وإن كان التوحيد قد غلب عليهم فى فترات كثيرة من حياتهم وتاريخهم.
■ المصريون والرومان:
ثم وقع شىء لابد أن يذكر، فقد هجم الرومان على مصر، وكان الرومان يومئذ وثنيين واحتلوا هذا البلد قرابة ستة قرون !!.
كانت مدة طويلة كليل الشتاء البارد المظلم، وكان مجىء الرومان إلى مصر فى موجة من موجات المد التى تجعل بعض الأجناس يستغل خصائصه، ويمتطى قواه كى يستعبد غيره ويستخلص لنفسه خيره، ويجعل من نفسه سيدا، ومن الناس عبيدا !!.
كان الرومان لما دخلوا مصر على هذا النحو، ووقعت أمور نذكرها .
فى أثناء احتلال الرومان لمصر ظهرت المسيحية، وقيل إن عيسى ابن مريم وأمه جاءا إلى بلدنا هذا، فارين من بطش الرومان، ومن ضغط حكامهم ، أو من عسف الحاكم هناك ومن ضغطه ، ورجع بعد أن نمى عوده، وأخذ يؤدى دعوته فى فلسطين.
لكن المصريين كانوا قد اعتنقوا النصرانية، ولما اعتنق المصريون النصرانية ضاق الرومان بهم، وغضبوا منهم؛ لآن الرومان عباد أصنام ؛ لأن الوثنية الرومانية كانت تصبغ الحكم صبغة شديدة، حاول الرومان أن يردوا المصريين عن المسيحية التى اعتنقوها ولكن المصريين أبوا وتشبثوا بدينهم الذى اختاروه لأنفسهم.
وبدأ عصر من العسف والطغيان والمذابح حتى قيل إنه ما من قرية فى مصر أو مدينة إلا سفك فيها الدم وكثر فيها القتلى !! .
أبى المصريون أن يتركوا الديانة النصرانية التى اختاروها لأنفسهم، وبدأ بهذا العصر الذى يسمى ˝ عصر الشهداء ˝ بدأ التاريخ المسيحى فى مصر، وهو تاريخ يشرف أهله؛ لأن أهله قاوموا عبادة الأصنام، ودفعوا ثمن المقاومة من دمهم وأبوا إباء شديدا أن يتحولوا عن التوحيد وعن الكتاب السماوى الذى جاءهم، ثم شاء الله بعد ذلك أن يدخل الرومان المسيحية !!.
ولكن الرومان لما دخلوا المسيحية دخلوها على نحو غريب، حتى قال بعض المفسرين: لا يدرى أتنصر الرومان أم ترومت النصرانية؟!. .
أيا ما كان الأمر فقد تحول الرومان إلى النصرانية واعتبرت الديانة الرسمية لهم، لكن المذهب أو الفهم الذى استقر الرومان عليه كان فهما آخر غير الفهم الذى استقر عند المصريين.
وحدث نزاع نظرى تحول إلى جدل مر، وإلى أخذ ورد طويلين، ئم رأى الرومان وعلى رأسهم هرقل أن يفرض المذهب الرومانى ومذهب الكنيسة الكاثوليكية على المصريين !!.
وهنا قاوم المصريون الرومان وبدأوا عصرا يشبه العصر الأول، عصر الاضطهاد، والاستشهاد، إلا أن هذا العصر الجديد لم يطل.
■ المصريون والإسلام:
فقد شاء الله أن يخرج من قلب جزيرة العرب مد إسلامي عريض انتشر فى أنحاء العالم انتشار السنا بعد ليل معتكر، انتشار الرحمة بعد عصر ملىء بالقسوة والمرارة!!.
ونال المصريين شىء من هذه الرحمة، فإذا عمرو بن العاص يقرع أبواب البلاد وهى فى حال منكرة من الاضطهاد والفوضى !!.
كان بطريرك الأقباط محبوسا ، وكان أخوه قد قتل بعد أن عذب بالنار، وكان رجلا بدينا فتقاطر دهنه على النار، ثم رمى به فى أمواج البحر الأبيض فمات غرقا .
لما دخل عمرو بن العاص عرض دينه عرضا عاديا !!
الناس لا تفهم كيف عرض عمرو الإسلام؟
إن الإسلام لا يعرض فى مجالس مناظرة، وهو فى مجالس المناظرة قادر على أن يقهر الخصم، وأن يعلن الدليل، ولكن الإسلام عرض نفسه حُكْما عادلا ومجتمعا فاضلا ، ونفوسا بلغ من صفائها وعفتها أن قال الرافعى فيها: ˝ ربما خافت البنت على نفسها من أبيها، ولكنها لا تخاف على نفسها من الفاتح العربى المسلم ˝!!.
دخل الإسلام مصر حرية عقل وضمير، وتوازن مجتمع لا تطغى فيه طبقة على أخرى.
دخل الإسلام مصر، وأمام المسلمين قول نبيهم عليه الصلاة والسلام لهم:˝ إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع ˝ .
دخل الإسلام مصر فكان أول ما محاه التعصب الدينى، وقال للأقباط: كنائسكم لكم تعبدون الله فيها على رأيكم وفهمكم لا يجبركم أحد على رأى أو على مذهب، أو على معتقد، وأطلق سراح البطريرك المحبوس حتى قيل: وأعان الأقباط فى بناء بعض الكنائس .
والعجيب أن عمرو بن العاص رضى الله عنه الذى دخل مصر فبنى هذا المسجد - مسجد عمرو بن العاص - للركع السجود، والذى أقام حكما ذوب فيه الفوارق بين الأجناس والألوان، عندما أخذت ابنه نشوة من نشوات النصر، أو نزوة من نزوات العرب، أو قوة من قوى الجاهلية فأساء إلى أحد الأقباط، وكان القبطى ماكرا لبيبا ، فذهب إلى الرجل الذى أرسل عَمْرا ، ذهب إلى عُمَر نفسه وشكى له !!
فجاء عمر صاحب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتلميذه، جاء بالقبطى المظلوم وبابن عمرو بن العاص ابن الحا كم وقال لعمرو: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. !؟
ثم قال للقبطى: خذ حقك من ابن الأكرمين !!
ثم قال فى فترة من فترات الغضب لله: ˝ لو شئت أدرت السوط على صلعة عمرو بن العاص !!.
هذا حكم النبوة، هذا حكم الإسلام .!!
كان الإسلام يومئذ عقيدة تعرض نفسها ، على أى شىء تعتمد؟ على صفاء حقائقها، على نضارة عقائدها وغزارة فضائلها، ووفرة المثل الرفيعة التى تدعو إليها.
والرجل يوم يكون صاحب ثروة طائلة من الصدق والشرف والرحمة والوفاء والعفة فإنه يطمئن إلى أن ثروته هذه ستوطئ له الأكناف، وتفتح له القلوب، وتضئ له النواصى.
ولذلك ما فكر الإسلام فى بلد دخله أن يقيد الحريات، لِمَ يقيدها؟ والحرية عونه الأول على غرس الإيمان وتصحيح المعتقد، ما فكر الإسلام يوما أن يقيم حكما استثنائيا، ولِمَ يقيمه؟ والعدالة هدفه، وهو يعلم أن الله عز وجل إنما ينصر أو يهزم بمقدار قوة الصلة به أو ضعف هذه الصلة.
ظل المسلمون الذين جاءوا إلى مصر وهم أربعة آلاف مع عمرو لحقهم عدد قليل بعد ذلك من الناس بعد أن قوضوا الحكم الروماني ، ظلوا على هذا النحو قلة، ولكن المصريين أخذوا يغلغلون البصر فى الدين الجديد، وفى المبادىء التى قام عليها، وبدأوا يدخلون فيه، وظل المصريون يدخلون فى الإسلام خلال القرن الأول، وخلال القرن الثانى ، ولم يتحول الإسلام فى مصر إلى كثرة فى السكان إلا فى القرن الثالث تقريبا !!، والأساس هو ما قلت لكم: دين لا يعرف قط إلا مخاطبة العقل الحر، وإيقاظ الضمير النائم ، وما يعتمد فى نشر مبادئه على عصا أو على إكراه.
■ نسل الفاتحين أم نسل السكان الأصليين؟:
يخطىء المسلمون فى مصر الآن خطأين: الخطأ الأول: أن عددا منهم لا أدرى أهو عدد كبير أم صغير؟، يقول بشىء من الغباء: إننا عرب، يقصد بذلك أنه نسل الفاتحين، هذا كذب، هذا كذب!! ولعل مركب النقص هو الذى يدفع إلى هذا الزعم !! فنحن فى الحقيقة أبناء المصريين الذين أسلموا !! ربما كان هناك عدد من أبناء العرب الذين وفدوا، لكن هذا العدد قليل !! أما الكثرة الكبرى من المصريين فهم أبناء المصريين الذين دخلوا فى الإسلام.
وعندما يقول المصريون إنهم أبناء الفاتحين يعطون غيرهم حجة مكذوبة أنهم أبناء مصر وأن غيرهم وافد وطارىء ، وهذا غير صحيح !! يجب أن نعرف الحقائق فإن أكثرنا غافل.
أريد أن أقول لكم: إن شيخ الأزهر العباسى المهدى كان أبوه قبطيا!! ويوجد بين أئمة المساجد الآن وبين مفتشى المساجد وبين علماء الأزهر رجال آباؤهم أو أجدادهم من الأقباط!!.
فالقول بأن المصريين أبناء الفاتحين غلط فاحش ما ينبغى أن يقال، هذا خطأ يرتكب !!.
■ فتح عربي أم تحرير إسلامي؟:
الخطأ الثانى: الذى يرتكبه المسلمون أنهم يسمون مجىء عمرو بن العاص الى مصر: الفتح العربى لمصر !!.
كان هذا التعبير سليما يوم كانت كلمة فتح تعنى شيئا آخر غير المفهوم الذى عرف به الآن فى العالم، فكلمة الفتح الآن تساوى الغزو، والحقيقة أن الوصف الدقيق لمجىء العرب إلى مصر هو تحرير العرب للمصريين!!.
الجيش الذى انطلق من المدينة عبأه أبناء محمد عليه الصلاة و السلام فى عقيدته، وحملوه راية التوحيد، لم ينطلق كى يُكره على إيمان، وإنما انطلق كى يحرر شعوبا مستعبدة أو كما قال أحد القادة لحاشية كسرى : تقولون: لم جئتم؟ ˝ جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ˝ !!
لم نجيء لنستعبد الخلق، والدين لله ، هذا ما ينبغى أن يعرف، وهنا أريد أن أشرح هذا المعنى، وألقى الضوء عليه:
توجد الآن فى أفريقيا شعوب ترسف فى قيود الهوان مسروقة تحت الشمس !!
توجد شعوب تترنح تحت ضربات الأقوياء الذين ألهبوا الجلود بسياطهم، وكمموا الأفواه حتى لا تصيح من الألم !!.
توجد الآن فى جنوب أفريقيا وفى روديسيا، وفى مستعمرات البرتغال الثلاث فى وسط أفريقيا وغربها، وتوجد تحت راية حكومات مستقلة للأسف، توجد جماهير كثيفة تضرع إلى الله أن يرسل إليها من يفك الأغلال عنها، ومن يكسر أبواب السجون التى قبعت وراءها فهى لا تعرف فى قيودها وسجونها إلا الهوان والبأساء والضراء !!
لو أن جيشا ذهب إلى الملونين فى جنوب أفريقيا ليسقط الحكم القائم، ويقيم حكم مساواة ورشد، لو أن جيشا ذهب إلى مستعمرات المستعبدين تحت الحكم الكاثوليكى البرتغالى وأسقط الراية التى هناك، وأقام راية أخرى تعطى الملونين من الزنوج، والمظلومين من المسلمين الحقوق العادية للبشر العاديين، أيسمى هذا غزوا؟ أيسمى هذا فتحا استعماريا ؟ أيسمى هذا افتياتا على الأمم؟ !!.
إن العرب لما خرجوا من جزيرتهم إلى مصر أو الشام لم يخرجوا مستعمرين أو طلاب دنيا، لماذا؟ لأن طلب الدنيا فى دينهم - على هذا النحو - جريمة .
رجل قال لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ˝ إنى أقف المواقف أريد وجه الله وأحب أن يُرى موطنى ˝ ؟ فلم يرد عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئاً حتى نزلت هذه الآية (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) .
اعتبر الرياء شركا، اعتبر القتال طلبا للدنيا جريمة . وقال فى تعريف الجهاد: ˝ من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله ˝ .
هذا هو الإسلام، فالذين جاءوا إلى مصر أو ذهبوا إلى سوريا، ما جاءوا وما ذهبوا كى يقال: إنهم فتحوا أو إنهم غلبوا أو إنهم ملكوا. لا . لا، كانوا يعملون لله، ويؤدون حق الله ، وكانت الآخرة أحب إليهم من الدنيا، وكان الموت فى سبيل الله أحلى مذاقا فى أفواههم من أن يعودوا إلى زوجاتهم وأولادهم، كانوا أصحاب عقائد. وإذا حلا لبعض المستشرقين أن يتساءل ما الذى جاء بالعرب إلى أفريقيا أو إلى آسيا؟.
فلنقل له قبل ذلك: وما الذى جاء بالرومان إلى مصر، والى آسيا الصغرى، وإلى الشمال الأفريقى كله؟!.
قبل أن تسأل: ما الذى جاء بالعرب ليحرروا، إسأل نفسك ما الذى جاء بأجدادك هنا ليستعبدوا؟!. لا تقل لم جاء العرب مصر؟ سل نفسك أولا لم جاء الرومان مصر؟ إن المحرر لا يسأل عن فعله، وإنما يسأل المستعبد عما صنع !! ثم إن الجزية التى يتحدث البعض عنها ما كانت أكثر من توازن اقتصادى بين المسلمين وغيرهم.
كان المسلم مكلفا بدفع الزكاة، وكان مكلفا بدفع ما يقيم عدة الحرب، وجهاز القتال، ولم يكن أهل الذمة مكلفين لا بقتال ولا بمساهمة فى قتال ولا بالإعداد له بقرش ولا بدفع زكاة !!.
فإذا كان المسلمون سيأخذون القليل فى نظير أن ينهضوا هم بالحماية فأى عيب فى ذلك؟.
ويقول التاريخ: إن أبا عبيدة بن الجراح لما وصل إلى ˝ حمص ˝ وأخذ من أهلها الجزية أكرهته بعض العمليات العسكرية على أن ينسحب فقرر رد الجزية إلى الناس، فقالوا: ما هذا ؟.
لقد تعودوا أن الحكام يأخذون ولا يردون، تعودوا لحكام يغصبون ولا يعدلون، فوجدوا حاكما أخذ منهم بالأمس جنيها وهو يرده اليوم !!
فقال لهم: لقد أخذنا منكم هذه الجزية فى نظير أن ندفع عنكم أما إذ عجزنا عن الدفاع فلا يحق لنا أن نأخذها فقالوا لابى عبيدة: استبق المال معك، وسنقاتل الرومان معكم معشر العرب جنبا إلى جنب، فما عانينا من ظلمهم يجعلنا نتفق معكم على قتالهم !!.
إن التاريخ ملىء بالإشاعات الكاذبة، ومن الإشاعات التى روج المسلمون لها للأسف أن الإسلام دخل مع الفاتحين وأنه دين الفاتحين وهذا غير صحيح.
حمل الفاتحون العقيدة لكنهم ما فرضوها ولا أكرهوا أحدا عليها، وكان المسلمون قلة فى القرنين الأولين من الفتح،. ثم بدأوا يكونون كثرة بالاقتناع الفردى، ولا يجرؤ أحد أن يقول: إن المصريين أكرههم الإسلام على الدخول فيه، فإن المصريين وفق تاريخهم الثابت عنهم قاوموا الرومان، وقتلوا فى كل قرية، ولم يفرطوا فى دينهم، وقاتلوا الرومان مرة أخرى حتى جاء الفتح العربى فأنقذهم من بطشهم، فلم يدخلون فى الإسلام دون أن يسفك دم؟ إنما دخلوا لان الله شرح بالإسلام صدورهم !!.
فماذا كانت علاقة الإسلام بغيره من الديانات بعد أن أصبح دين الكثرة هنا؟.
المسلمون فى أرض الله كلها ناس طيبون وسمحاء، والتعصب لا يعرف طريقا إلى قلوبهم، والحروب الدينية التى جعلت سطح أوربا ملوثا بالدم مليئا بالفتن، هذه الحروب لا يعرفها العالم الإسلامي ، إن العالم الإسلامى عاش على فهم أنه يمكن أن يتعاون اثنان بينهما اختلاف دين على أمر ما !!.
وقد حدث أن النبى عليه الصلاة والسلام وهو يهاجر استأجر الدليل على الطريق استأجره مشركا.
وهذا الدين قال: يمكن أن تتسع غرفة - متران فى ثلاثة أمتار - لرجل وامرأة على غير دينه تكون يهودية أو نصرانية !!
فإذا اتسعت حجرة لدينين أفلا تتسع الأرض الفضاء لدينين؟!
■ الاستعمار الثقافي:
مشى الإسلام فى بلدنا على هذا النحو يعيش بسماحته، ويعيش بقدرته الذاتية على الحياة، إلى أن نكب بالاستعمار الأوربى، وحدث ما حدث فى تاريخ يطول، ثم بدأنا ننتعش ونعود، لكننا عندما حاولنا أن نعود وجدنا الاستعمار قد نكبنا بنكبتين من لونين مختلفين!!.
فى عهد مضى نكبنا بالمادية الحيوانية، والمادية الحيوانية فلسفة تجعل الشباب يعيشون بحثا عن الشهوات، تجعل الناس يكدحون لمأرب خسيس أو غرض قريب، المادية الحيوانية تجعل العيش فى الأرض للأرض، وهى مادية قصد بها تكوين جيل مقطوع عن دينه يبحث عن الأهواء والدنايا فقط !!.
وقاومنا هذه المادية مقاومة نجحنا فيها حينا وفشلنا فيها حينا، ثم جاءت مادية أخرى هى المادية الجدلية الحمراء، هى مادية تجعل الناس يفتحون أفواههم بوقاحة يقولون: لا ألوهية والحياة مادة !! لكن شاء الله أن يتلاشى هذا الزحف، وأن يتضعضع ويضطرب. عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952م كانت قلوب الناس أجمعين معها، لماذا؟ كان القادة يرفعون المصاحف، وكانوا تحت علم مكتوب عليه: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .
وكان العمل للعروبة والإسلام واضحا فى هذه الخطط، ثم شاء الله أن تسرق الثورة !! وأن تجىء مراكز قوة تنال من ديننا، ومن عقلنا، ومن تفكيرنا، وبدأت المادية بألوانها تنضح علينا من كل ناحية حتى ظن أن الصلاة جريمة وأن الاتصال بالله منكر وأن العودة إلى الإسلام طريق الهلاك !.
■ الاعتصام بالدين:
أيها المسلمون: الذى أريد أن أقوله بعد هذه السياحة التاريخية المتقطعة :
إن التمسك بالدين ضرورة حياة لكم ، وإن الذى يتصور التمسك بالدين طريقا إلى السجن مخطئ جدا، وإن الذى يتصور التمسك بالدين طريقا إلى السجن، ثم يترك دينه فهو مجرم !! فالسجن أولى من ترك الدين !!.
ومع هذا فنحن لا نقول ما قال يوسف: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) ، فإننا لا ندعى الآن إلى منكر، لا ندعى الآن إلى ضلالة، إننى أهيب بالشباب، بالجيل الناشئ ألا يهاب العودة إلى دينه، أن يكون جريئا فى التمسك بإيمانه وانطلاقه تحت راية التوحيد، غير متهيب ولا متوجس، ولا قلق ولا جزوع، يجب أن يعلم أن راية الإيمان لابد أن تمشى القوافل تحتها حثيثة كثيفة لا تخاف ولا تخشى.
ثم أقول للمسلمين شيئا آخر: إن الضعيف لا يقويه أن يهدم غيره، إن الضعيف سيبقى ضعيفا ، ولو أن غيره تلاشى من الأرض، ولو أن أعداء الإسلام اختفوا جميعا من هذه الدنيا وبقى المسلمون على الوضع الذى هم عليه الآن نظريا ونفسيا وخلقيا فإن الأرض لا تصلح بهم ولا يستحقون التمكين فيها !!. إنني أقول للمسلمين استرجعوا دينكم بحقائقه، عيب أن يكون الشباب المسلم أو الطالب المسلم متأخرا فى ثقافته أو فى دراسته، وغيره قوى فى دراسته، أو فى معرفته وعلومه !!.
عيب أن يكون التاجر المسلم ضعيفا فى عمله، مضطربا فى أسلوبه، غاشا فى سلعه، ثم يحسد الآخرين إذا نجحوا أو تقدموا، لا، إن العقيدة تحتاج إلى خدمة من نوع جديد، حدث منذ بضع سنين لا تتجاوز الأصابع أن صدر أمر إلى المسيحيين فى القدس أن يشتروا الأرض من المسلمين.
كانت رغبة فى أن يوضع الطابع الصليبى على القدس القديمة، و بدأ ناس من المسلمين يبيعون دورهم، المتر الذى يساوى خمسين عرض عليهم فيه مائة، مئتان!! وقال المفتون يومئذ: إن المسلم الذى يبيع شبرا من أرضه يعتبر مرتدا لأن الشبر الذى يبيعه من أرضه يكون موطىء قدم لحملة صليبية جديدة على بلادنا.
ألا فليستيقظ المسلمون. إن يقظة المسلمين لا تعنى أكثر من أن يتمسكوا بدينهم، ويحترموا أخوتهم، ثم الآخرون ممن ليسوا على ديننا سوف يعيشون معنا كما عاشوا على امتداد القرون، لهم ما لنا وعليهم ما علينا !! بل ربما قلنا: ˝ لهم ما لنا من الحقوق وأكثر !! وعليهم ما علينا من واجبات بل أقل ˝ !!.
إننا نحن المسلمين ليس فى تاريخنا الطويل أننا أصحاب تعصب، ولكن فى تاريخنا الطويل أننا أصحاب طيبة قد تبلغ حد الغفلة والجهل!! أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله (.الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون * ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد) .
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا رسول الله، إمام الأنبياء، وسيد المصلحين . اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
■ لزوم الوحدة:
أما بعد: عباد الله أوصيكم ونفسى بتقوى الله عز وجل، واعلموا أيها الأخوة أن بلدنا هذا يحتاج إلى مرحلة من الاستقرار، يمكن فيها أن يتم بناء على العقيدة والخلق، على الإيمان والشرف، على الإسلام ومبادئه وشرائعه .
نحن بحاجة إلى هذه الفترة، ووحدتنا الوطنية سلاح لنا، وأنا أخشى أن يكون أعداؤنا قد حرضوا البعض على أن يحدث أى تعكير لهذه الوحدة لحساب غيرنا لا لحسابنا، إن أى تعكير لهذه الوحدة الآن ليس لحسابنا، والذى يعكر هذه الوحدة معروف، لأنه يعمل لحساب الاستعمار الأجنبى!!.
إننا نوصيكم مشددين ألا يستفزكم أحد، وأن تضبطوا أعصابكم، وفى الوقت الذى أكلفكم فيه بضبط الأعصاب، وامتلاك النفس، أقول لكم: إن الوسائل التى تنجحون بها دينكم وتملكون بها السيادة على أرضكم فى أيديكم ولا تحتاج إلى مشقة طويلة ولا إلى جهد العباقرة، تحتاج إلى جهد الرجل العادى ، ويوم ينقص المسلمين جهد الرجل العادى لينجحوا فهم أهل لأن يضيعوا !! وهم أهل لأن يتلاشوا وتخلص الإنسانية منهم لأنهم ليسوا أهلا للحياة !!.
إن تماسك المسلمين لا يحتاج إلى عبقرية ، وإنما يحتاج إلى اليقظة العادية؟ إلى السيرة التى لا غفلة فيها ولا استكانة ولا فوضى ولا تواكل !!هذا ما ألفت النظر إليه.
˝ اللهم أصلح لنا ديننا الذى هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التى فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التى إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا فى كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ˝ .
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) .
عباد الله : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) . أقم الصلاة. ❝
❞ من يقرأ التراث اليهودى يشعر أن جميع المؤامرات على الأديان وجميع الانقلابات المخربة والثورات على القيم والمبادئ خرجت من هذا التراث .. وأن كل معول هدم كان وراءه توجیه یهودی !! ..
ودعونا نتأمل هذه الوصايا التي تفيض بها صفحات التلمود والبروتوكولات :
- و تذكروا أن الشعب الذي لا يهلك غيره يهلك نفسه .
- يجب أن تخلق الجيل الذي لا يخجل من کشف عورته .. ( ألا تفسر لنا هذه الجملة موجة العرى في الأفلام والموضات التي تسود العالم الآن )..
- علينا أن نشعل حربًا بين الشعوب ونضرب الدول بعضها ببعض فبهذا يصبح جميع المتحاربين في حاجة إلى أموالنا فتفرض عليهم شروطنا ..
- الجماهير عمياء فاشتروها بالمال وسوقوها كالبهائم إلى أهدافكم.
- سيطروا على الانتخابات و وسائل الإعلام والصحافة .. ( وهم قد سيطروا عليها بالمال والجنس والمرأة في الغرب الرأسمالي وبالحزب والسلطة في العالم الأشتراکی ).
- ادفعوا الجماهير العمياء إلى الثورة وسلموه مقاليد الحكم ليحكموا في غوغائية وغباء ( وقد فعلوا هذا في الثورة الفرنسية ) وحينئذ نأتي نحن ونعدمهم فنكون منقذين للعالم ( وقد أعدموهم جميعًا من رو بسبير إلى ميرابو ) ..
- ارفعوا شعار الحرية واهدموا بها الأخلاق والأسرة والقومية والوطنية
- ارفعوا شعار العلم واهدموا به الدين .. وهذا ما فعله کمال أتاتورك ( حفيد مزراحی ) حينما أقام الدولة العلمانية في تركيا ووقف يخطب في البرلمان الترکی عام ۱۹۲۳ ساخرًا من القرآن :
نحن الآن في القرن العشرين ولا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون ..
- الذي يعرقل مؤامراتكم أوقعوه في فضائح ثم هددوه بكشفها ( وقد فعلوها في ووترجيت ) أو في مأزق مالية ثم تقدموا لإنقاذه ( وقد فعلها دزرائيلى مع الخديو واستولى على القنال ) .. وإذا تعذر الأمر سارعوا إلى اغتياله ( وقد فعلوها بكنیدی ) ثم اقتلوا قاتله لتدفنوا أسرارنا معه إلى الأبد ( وقد فعلوها بقاتل کنیدی ).
- اقتلوا القوميات والوطنيات بالدعوة إلى الأممية والمواطنة العالمية وقد فعلها ماركس في الشيوعية .
- كل ما عدا اليهود حيوانات ناطقة سخرها الله في خدمة اليهود .
واليهودية ترى أن الله واحد ولكنها تحتكره لنفسها فلا عمل لله إلا الحفاظ على إسرائيل وتسخير جميع الشعوب لخدمتها .
واللاهوت اليهودي لا يؤمن بآخرة ، وقد شطبوا كل ما جاء عن الآخرة في التوراة .. والقيامة عندهم هي قيامة دولتهم في فلسطين والبعث بعثها والنشر نشرها .. ويوم الحساب هو اليوم الذي يحاسبون فيه كل الأمم يوم يعود المسيح ويباركهم ويختارهم نوابًا له في حكم العالم وإقامة ملكوت الله على الأرض .. والعجيب أنهم كفروا بالمسيح حينما جاء ثم أعلنوا إيمانهم بعودته وشرطوا هذه العودة بأنها رجعة من المسيح ليختارهم رؤساء وحكامة للعالم إلى الأبد ..
والفكر اليهودي يلتقي غلالة من الأسرار والطلاسم والكتان والغموض على كل شيء .. والكبالا والسحر وعلم الأعداد والحروف وتسخير الشياطين من علومهم التي شغفوا بها وروجوها ونشروها .
وكانت وسيلتهم إلى هدم الكتب السماوية هي تفسيرها بالتأويل وذلك برفض المعاني الظاهرة وأختراع معان باطنية تهدم الغرض الديني وتفسد هدفه .
. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ من يقرأ التراث اليهودى يشعر أن جميع المؤامرات على الأديان وجميع الانقلابات المخربة والثورات على القيم والمبادئ خرجت من هذا التراث . وأن كل معول هدم كان وراءه توجیه یهودی !! .
ودعونا نتأمل هذه الوصايا التي تفيض بها صفحات التلمود والبروتوكولات :
- و تذكروا أن الشعب الذي لا يهلك غيره يهلك نفسه .
- يجب أن تخلق الجيل الذي لا يخجل من کشف عورته . ( ألا تفسر لنا هذه الجملة موجة العرى في الأفلام والموضات التي تسود العالم الآن ).
- علينا أن نشعل حربًا بين الشعوب ونضرب الدول بعضها ببعض فبهذا يصبح جميع المتحاربين في حاجة إلى أموالنا فتفرض عليهم شروطنا .
- الجماهير عمياء فاشتروها بالمال وسوقوها كالبهائم إلى أهدافكم.
- سيطروا على الانتخابات و وسائل الإعلام والصحافة . ( وهم قد سيطروا عليها بالمال والجنس والمرأة في الغرب الرأسمالي وبالحزب والسلطة في العالم الأشتراکی ).
- ادفعوا الجماهير العمياء إلى الثورة وسلموه مقاليد الحكم ليحكموا في غوغائية وغباء ( وقد فعلوا هذا في الثورة الفرنسية ) وحينئذ نأتي نحن ونعدمهم فنكون منقذين للعالم ( وقد أعدموهم جميعًا من رو بسبير إلى ميرابو ) .
- ارفعوا شعار الحرية واهدموا بها الأخلاق والأسرة والقومية والوطنية
- ارفعوا شعار العلم واهدموا به الدين . وهذا ما فعله کمال أتاتورك ( حفيد مزراحی ) حينما أقام الدولة العلمانية في تركيا ووقف يخطب في البرلمان الترکی عام ۱۹۲۳ ساخرًا من القرآن :
نحن الآن في القرن العشرين ولا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون .
- الذي يعرقل مؤامراتكم أوقعوه في فضائح ثم هددوه بكشفها ( وقد فعلوها في ووترجيت ) أو في مأزق مالية ثم تقدموا لإنقاذه ( وقد فعلها دزرائيلى مع الخديو واستولى على القنال ) . وإذا تعذر الأمر سارعوا إلى اغتياله ( وقد فعلوها بكنیدی ) ثم اقتلوا قاتله لتدفنوا أسرارنا معه إلى الأبد ( وقد فعلوها بقاتل کنیدی ).
- اقتلوا القوميات والوطنيات بالدعوة إلى الأممية والمواطنة العالمية وقد فعلها ماركس في الشيوعية .
- كل ما عدا اليهود حيوانات ناطقة سخرها الله في خدمة اليهود .
واليهودية ترى أن الله واحد ولكنها تحتكره لنفسها فلا عمل لله إلا الحفاظ على إسرائيل وتسخير جميع الشعوب لخدمتها .
واللاهوت اليهودي لا يؤمن بآخرة ، وقد شطبوا كل ما جاء عن الآخرة في التوراة . والقيامة عندهم هي قيامة دولتهم في فلسطين والبعث بعثها والنشر نشرها . ويوم الحساب هو اليوم الذي يحاسبون فيه كل الأمم يوم يعود المسيح ويباركهم ويختارهم نوابًا له في حكم العالم وإقامة ملكوت الله على الأرض . والعجيب أنهم كفروا بالمسيح حينما جاء ثم أعلنوا إيمانهم بعودته وشرطوا هذه العودة بأنها رجعة من المسيح ليختارهم رؤساء وحكامة للعالم إلى الأبد .
والفكر اليهودي يلتقي غلالة من الأسرار والطلاسم والكتان والغموض على كل شيء . والكبالا والسحر وعلم الأعداد والحروف وتسخير الشياطين من علومهم التي شغفوا بها وروجوها ونشروها .
وكانت وسيلتهم إلى هدم الكتب السماوية هي تفسيرها بالتأويل وذلك برفض المعاني الظاهرة وأختراع معان باطنية تهدم الغرض الديني وتفسد هدفه. ❝
❞ #يقول الشيخ الغزالي "رحمة الله عليه ":
#لم تُستذل شعوب كما استذلت شعوب الشرق، و لم يستغل شيء في هضم حقوقها كما استغل الدين، لقد أنطقوه حيث يجب عليه أن يصمت، وأخرسوه حيث يجب عليه أن يرسل الصراخ العالي، كما يصرخ الحارس اليقظ حين يرى جرأة اللصوص الوقحين، وبذلك أصبحت الأمة مضيعة بين استذلال عنيد، واستغلال منافق، وأصبح الدين مُسخّرًا في ميادين شتى؛ لتسويغ الحيف، والتقليل من خطره، فكان لزامًا علينا – كمؤمنين - أن ننصف الدين من الأوضاع التي شانت حقيقته، وكان لزامًا علينا – كمواطنين - أن ننصف الوطن من الأنظمة التي ظلمت أهله وأكلت ثروته، وكان من أجدر الحقائق بالإفصاح والإيضاح أن يعلم الناس جميعًا أن الدين لخدمة الشعوب لا لخدمة فرد أو أفراد.
#يا ضحايا الكبت والفَاقَةِ والحرمان، لقد نزل الدين إلى الميدان بجانبكم؛ فضعوا أيديكم في يده، إن الشفاه التي تأمر بإذلالكم يجب أن تُقَصَّ، والأوضاع التي تغتال حقوقكم يجب أن تُقْصَى، والفراغ الذي خَامَرَ أفئدتكم يجب أن تَنْجَاب غُمَّته إلى الأبد.
#إن الآيات القرآنية لم تنزل لتزيّن بها جدران القصور الظالمة، وإنما هي زلازلُ تَهُدُّ أركانها و تقوّض بنيانها، وليست وظيفة علماء الدين أن يسيروا في ركاب العظماء، ولا أن يُباركوا موائد الزعماء، وإنما مهمتهم أن يتقدموا الصفوف في ميادين العمل والاجتهاد...)
. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞
#يقول الشيخ الغزالي ˝رحمة الله عليه ˝:
#لم تُستذل شعوب كما استذلت شعوب الشرق، و لم يستغل شيء في هضم حقوقها كما استغل الدين، لقد أنطقوه حيث يجب عليه أن يصمت، وأخرسوه حيث يجب عليه أن يرسل الصراخ العالي، كما يصرخ الحارس اليقظ حين يرى جرأة اللصوص الوقحين، وبذلك أصبحت الأمة مضيعة بين استذلال عنيد، واستغلال منافق، وأصبح الدين مُسخّرًا في ميادين شتى؛ لتسويغ الحيف، والتقليل من خطره، فكان لزامًا علينا – كمؤمنين - أن ننصف الدين من الأوضاع التي شانت حقيقته، وكان لزامًا علينا – كمواطنين - أن ننصف الوطن من الأنظمة التي ظلمت أهله وأكلت ثروته، وكان من أجدر الحقائق بالإفصاح والإيضاح أن يعلم الناس جميعًا أن الدين لخدمة الشعوب لا لخدمة فرد أو أفراد.
#يا ضحايا الكبت والفَاقَةِ والحرمان، لقد نزل الدين إلى الميدان بجانبكم؛ فضعوا أيديكم في يده، إن الشفاه التي تأمر بإذلالكم يجب أن تُقَصَّ، والأوضاع التي تغتال حقوقكم يجب أن تُقْصَى، والفراغ الذي خَامَرَ أفئدتكم يجب أن تَنْجَاب غُمَّته إلى الأبد.
#إن الآيات القرآنية لم تنزل لتزيّن بها جدران القصور الظالمة، وإنما هي زلازلُ تَهُدُّ أركانها و تقوّض بنيانها، وليست وظيفة علماء الدين أن يسيروا في ركاب العظماء، ولا أن يُباركوا موائد الزعماء، وإنما مهمتهم أن يتقدموا الصفوف في ميادين العمل والاجتهاد..)