❞ _ فى سؤال جه فى بالي
_ ايه هو ؟
_ لو قابلت شخص مثالي من كل الجوانب وبرغم كده أنت مشاعرك مبتتحركش له هل دا طبيعي ؟
_ يعني ايه مثالي من كل الجوانب ؟
- يعني محترم بيعاملك كويس وطلباتك مجابة وبيحبك طول الوقت بيظهر حبه اي حد بيشوفه بيقول عليه مفيهوش غلطة .
_ بصي يا (_) الشخص اللى أقدر أقول عليه المثالي هو نتيجة أحساسي أتجاهه مش نظره اللى حواليا عليه ، بمعني أن الشخص المثالي هو شخص مميز حرك مشاعر محدش غيره قدر يحركها ولو غاب محدش يقدر ياخدها ، هو اللي بطمن معاه عن غيره، اللى بكون انا بحقيقتى وعيوبي معاه ، معاه الوقت التقيل بيمر بسرعة، اللى مهما كان فى مشاكل ميزودنيش وممكن ميحلهاش لكن وجوده بيخفف عني ،هو اللى يمتلك مشاعري مهما شوفت حد تاني مثالي من كل الجوانب فى عنيا يبقي عادي، المثالية مش فى الامكانيات المتغيرة بتكون فى الصفات الدائمة اللى بتميز شخص عن التاني ، يعني ممكن تروحي اغلي مطعم لكن مترتاحيش وواقفه زى دي فى الشارع ترتاحي فيها أكتر ..المثالية باللى حاسينه مش شايفنه ولا غيرنا شايفه .. احنا وبس .. ❝ ⏤
❞ _ فى سؤال جه فى بالي
_ ايه هو ؟
_ لو قابلت شخص مثالي من كل الجوانب وبرغم كده أنت مشاعرك مبتتحركش له هل دا طبيعي ؟
_ يعني ايه مثالي من كل الجوانب ؟
- يعني محترم بيعاملك كويس وطلباتك مجابة وبيحبك طول الوقت بيظهر حبه اي حد بيشوفه بيقول عليه مفيهوش غلطة .
_ بصي يا (_) الشخص اللى أقدر أقول عليه المثالي هو نتيجة أحساسي أتجاهه مش نظره اللى حواليا عليه ، بمعني أن الشخص المثالي هو شخص مميز حرك مشاعر محدش غيره قدر يحركها ولو غاب محدش يقدر ياخدها ، هو اللي بطمن معاه عن غيره، اللى بكون انا بحقيقتى وعيوبي معاه ، معاه الوقت التقيل بيمر بسرعة، اللى مهما كان فى مشاكل ميزودنيش وممكن ميحلهاش لكن وجوده بيخفف عني ،هو اللى يمتلك مشاعري مهما شوفت حد تاني مثالي من كل الجوانب فى عنيا يبقي عادي، المثالية مش فى الامكانيات المتغيرة بتكون فى الصفات الدائمة اللى بتميز شخص عن التاني ، يعني ممكن تروحي اغلي مطعم لكن مترتاحيش وواقفه زى دي فى الشارع ترتاحي فيها أكتر .المثالية باللى حاسينه مش شايفنه ولا غيرنا شايفه . احنا وبس. ❝
❞ خُضرة الحقول اليانعة .. وزرقة السماء الصافية .. وحُمرة الورود الدامية .. وصفرة الرمال الذهبية .. وكل الألوان المبهجة التي نشاهدها في الأشياء لا وجود لها أصلًا في الأشياء ..
وإنما هي اصطلاحات جهازنا العصبي وشفرته التي يترجم بها أطوال الموجات الضوئية المختلفة التي تنعكس عليه .
إنها كآلام الوخز التي نشعر بها من الإبر .. ليست هي الصورة الحقيقية للإبر .. وإنما هي صورة لتأثرنا بالإبر .
وبالمثل طعم الأشياء ورائحتها وملمسها وصلابتها وليونتها وشكلها الهندسي وحجمها، لا تقدم لنا صورة حقيقية لما نلمسه ونشمه ونذوقه، وإنما هي مجرد الطريقة التي نتأثر بها بهذه الأشياء ..
إنها ترجمة ذاتية لا وجود لها خارجنا .
كل ما نراه ونتصوره .. خيالات مترجَمة لا وجود لها في الأصل، مجرد صور رمزية للمؤثرات المختلفة صورها جهازنا العصبي بأدواته الحسية المحدودة ..
أهي أحــــلام .. ؟
هل نحن نحلم .. ولا وجود لهذا العالَم .. هل هذه الصفات تقوم في ذهننا دون أن يكون لها مقابل في الخارج .. ؟؟
البداهة والفطرة تنفي هذا الرأي .. فالعالَم الخارجي موجود .. وحواسنا تحيلنا دائمًا على شيء آخر خارجنا .. ولكن هناك فجوة بيننا وبين هذا العالَم .. حواسنا لا تستطيع أن تراه على حقيقته .. وإنما هي تترجمه دائمًا بلغة خاصة وذاتية .. وبشفرة مختلفة ..
ولو أننا كنا نحلم .. ولو أننا كنا نهذي كل منا على طريقته لما استطعنا أن نتفاهم .. ولما استطعنا أن نتفق على حقيقة موضوعية مشتركة ..
ولكننا في الحقيقة نتناول بين أيدينا تراجم حسية .. ربما ناقصة .. وربما غير صحيحة .. ولكنها تراجِم لها أصل أمامنا ..
هناك نسخة موضوعية من الحقيقة نحاول أن نغش منها على قدر الإمكان .. هناك حقيقة خارجنا ..
إننا لا نحلـــم ..
وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة .. وسجناء طبيعتنا العاجزة .. وما نراه يُنقَل إلينا دائمًا مشوَّهًا وناقصًا ومبتورًا نتيجة رؤيتنا الكليلة .
والنتيجة أن هناك أكثر من دنيا ..
هناك الدنيا كما هي في الحقيقة وهذه لا نعرفها .. ولا يعرفها إلا الله .
وهناك الدنيا كما يراها الصرصور .. وهي مختلفة تمامًا عن دنيانا، لأن الجهاز العصبي للصرصور مختلف تمامًا عن جهازنا .. فهو يرى الشمس يطريقة مختلفة .. وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة .. وهو لا يميز الألوان ..
وهناك الدنيا كما تراها دودة الإسكارس .. وهي مختلفة تمامًا عن دنيا الصرصور .. فهي دنيا كلها ظلام .. دنيا خالية من المناظر .. ليس فيها سوى إحساسات بليدة تنتقل عن طريق الجِلد ..
وهكذا كل طبقة من المخلوقات لها دنيا خاصة بها .
ومنذ لحظة الميلاد يتسلم كل مخلوق بطاقة دعوة إلى محفل من محافل هذه الدنيا .. ويجلس إلى مائدة مختلفة ليتذوّق أطعمة مختلفة .. ولذائذ وآلام مختلفة .
وكل طبقة من المخلوقات تعيش سجينة في تصوراتها .. لا تستطيع أن تصف الصور التي تراها الطبقات الأخرى ..
لا يمكننا نحن الآدميون أن نتكلم مع الطيور أو الزواحف أو الديدان أو الحشرات لنشرح لها ما نراه من الدنيا .
ولا يستطيع اصرصور أن يخاطبنا ويصف لنا العالَم الذي يعيش فيه .
وربما لو حدث هذا في يومٍ ما لأمكننا أن نصل إلى ما يشبه حجر رشيد .. ولأمكننا أن نتوصل إلى عدة شفرات، ولغات مختلفة للدنيا نضعها تحت بعضها ونفكك طلاسمها .. ونستنبط منها الحقيقة التي تحاول هذه الشفرات الرمزية أن تصفها .. ونعرف ســر هذه الدنيا .
ولكن هذا الاتصال غير ممكن .. لأننا الوحيدون في هذه الدنيا الذين نعرف اللغة .. وبقية المخلوقات عجماء ..
مــا الحــل .. ؟!
هل ننتظر حتى نسافر إلى الفضاء ونعثر على مخلوقات في المريخ تقرأ وتكتب .. ؟!
علماء الرياضة يقولون لنا أنه لا داعي لهذا الانتظار .. هناك طريقة أخرى .. طريقة صعبة ولكنها توصل إلى سكة الحقيقة ..
هذه الطريقة هي أن نضع جانبًا كل ما تقوله الحواس .. ونستعمل أساليب أخرى غير السمع والبصر والشم واللمس ..
نستعمل الحساب والأرقام .. نجرد كل المحسوسات إلى أرقام .. ومقادير ..
القائمة الطويلة المعروفة للأشعة الضوئية .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والبنفسجي والأزرق والأخضر .. إلخ .. نجردها إلى أرقام ..
كل موجة طولها كذا .. وذبذبتها كذا ..
وكذلك كل صنوف الإشعاع .. أشعة إكس .. أشعة الراديوم .. الأشعة الكونية ..
كلها أمواج .. مثل أمواج اللاسلكي التي نسمع المذيع يقول كل يوم إنها كذا كيلو سيكل في الثانية ..
مجــرد أرقـــام .. نستطيع أن نقيسها ونحسبها ونجمعها ونطرحها .. إذًا نغمض أعيننا ونفكر بطريقة جديدة ..
وبدل أن نقول اللون الأخضر ، واللون الأحمر .. نقول كذا كيلو سيكل ثانية .
والذي أغمض عينيه وبدأ يفكر بهذه الطريقة الجديدة التي أحدَثَت انقلابًا في العلوم .. كان هو العالِم الرياضي ماكس بلانك .. الذي طلع في سنة 1900 بنظريته المعروفة في الطبيعة النظرية الكمّية .. ( Quantum Theory )
وقد بدأ من حقيقة بسيطة معروفة .. أنك إذا سخنت قضيبًا من الحديد .. فإنه في البداية يحمر، ثم يتحول إلى برتقالي، ثم أصفر، ثم أبيض متوهج ..
إذًا هناك علاقة حسابية بين الطاقة التي يشعها الحديد الساخن .. وطول أو ذبذبة الموجة الضوئية التي تنبعث منه ..
هناك معادلة ..
وبدأ يبحث عن هذه المعادلة حتى عثر عليها ..
وجد ببساطة أن الطاقة المشعة مقسومة على الذبذبة ( ن ) تساوي دائمًا كمًا ثابتًا (مثل النسبة التقريبية في الدائرة) هذا الكَم أسماه .. ثابت بلانك ( هـ ) .
والمعادلة هي : الطاقـــة = هـ X ن .
وهي معادلة تقوم على افتراض .. بأن الطاقة المشعة تنبعث في كميات متتابعة .. في دفعات .. أو حزم .. أو حبيبات من الطاقة .. أو ذرّات .
وأطلق على هذه الذرات الضوئية إسم " فوتونات " ..
وفي رسالة نال عليها أينشتين جائزة نوبل قدم دراسة وافية بالمعادلات والأرقام عن العلاقة بين هذه الفوتونات الضوئية الساقطة على لوح معدني .. وبين الكهرباء التي تتولد منه ..
وعلى أساس هذه المعادلات قامت فكرة اختراع التليفزيون فيما بعد ..
يقول أينشتين إن من الظاهرات المعروفة في المعمل أنك إذا أسقطت شعاعًا من الضوء على لوح معدني فإن عددًا من الإلكترونات تنطلق من اللوح .. ولا تتأثر سرعة انطلاق هذه الإلكترونات بشدة الضوء، فمهما خفّ الضوء ومهما ابتعد مصدره فالإلكترونات تنطلق بسرعة ثابتة .. ولكن بعدد أقل .. وإنما تزداد هذه السرعة كلما كانت الموجة الضوئية الساقطة عالية الذبذبة .. ولهذا تزيد في الأشعة البنفسجية وتقل في الحمراء .
وهو يفسر انطلاق هذه الإلكترونات بأن الضوء لا يسقط على اللوح المعدني في سيال متصل .. وإنما في حِزَم من الطاقة .. " فوتونات " وتصطدم هذه الفوتونات بالإلكترونات في اللوح المعدني كما تصدم العصا بكرات البلياردو فتطلقها حرة خارج مداراتها ..
وكلما كانت الأشعة الضوئية ذات ذبذبة عالية ( البنفسجية مثلًا ) كلما كان الفوتون يختزن طاقة أكثر .. كلما أطلق الإلكترونات بسرعة أكثر ..
وربَط هذه العلاقات في سلسلة من المعادلات الرياضية ..
وعمد التليفزيون إلى تطبيق هذه النظرية في جهاز الإرسال التليفزيوني ..
فأنت حينما تجلس أمام كاميرا التليفزيون فإنها تنقل صورتك التي هي عبارة عن نقط من الظل ونقط من النور إلى اللوح المعدني الحساس ..
ونقط النور ونقط الظل الساقطة على اللوح المعدني تطلق سيالًا من الإلكترونات يتفاوت في العدد وفي السرعة حسب الظل والنور في الصورة .. وهذه الخفقات الإلكترونية الكهربائية تنتقل إلى عمود الإرسال وتُذاع على شكل موجات مغناطيسية كهربائية إلى أجهزة الإستقبال .
وأينشتين لم يفكر حينما وضع معادلاته في اختراع التليفزيون .
وعلماء الرياضة لم يُثِر اهتمامهم في ذلك الحين ولا فيما بعد .. ظهور التليفزيون .. وإنما الذي أثارهم هو هذا الإفتراض الجديد الذي أقام عليه ماكس بلانك معادلاته في النظرية الكمّية، وأقام عليه أينشتين معادلاته في الظاهرة الضوئية الكهربائية ..
أن الضوء ينطلق في ذرّات أو فوتونات لا في أمواج متصلة .. فالضوء حتى ذلك الحين كانت طبيعته موجية .. فكيف يصبح شأنه شأن المادة .. مؤلَف من ذرات أو فوتونات .. !
وماذا تكون هذه الفوتونات .. ؟؟
هل هي كرات من الطاقة لها حيز، ولها أوضاع في المكان .. شأنها في ذلك شأن جزيئات المادة .. ؟!
وإذا كان الضوء ذرّات .. فكيف يتصرف كما لو كان أمواجًا .. ؟!
لماذا يحيد الضوء حينما يدخل من ثقب ضيق كما تحيد أمواج البحر حينما تدخل في مضيق .. ولماذا ينعطف الضوء حول شعرة رفيعة فلا يبدو لها ظل .. كما تنعطف الأمواج وتتلاحم حول عصا مرشوقة في البحر .. ؟!
وكيف نفرِّق بين المعادلات التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته موجية متصلة وبين المعادلات الجديدة التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته ذريّة متقطعة .. !
أم أن للضوء طبيعة مزدوجة .. ؟! وكيــف .. ؟؟ !!
كيف تكون الحقيقة بهذا التناقض .. ؟!
أم أنه لا توجد حقيقة واحدة ... ؟!
مقال / كل شيء ذرّات
من كتاب / أينشتين والنسبيه
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ خُضرة الحقول اليانعة . وزرقة السماء الصافية . وحُمرة الورود الدامية . وصفرة الرمال الذهبية . وكل الألوان المبهجة التي نشاهدها في الأشياء لا وجود لها أصلًا في الأشياء .
وإنما هي اصطلاحات جهازنا العصبي وشفرته التي يترجم بها أطوال الموجات الضوئية المختلفة التي تنعكس عليه .
إنها كآلام الوخز التي نشعر بها من الإبر . ليست هي الصورة الحقيقية للإبر . وإنما هي صورة لتأثرنا بالإبر .
وبالمثل طعم الأشياء ورائحتها وملمسها وصلابتها وليونتها وشكلها الهندسي وحجمها، لا تقدم لنا صورة حقيقية لما نلمسه ونشمه ونذوقه، وإنما هي مجرد الطريقة التي نتأثر بها بهذه الأشياء .
إنها ترجمة ذاتية لا وجود لها خارجنا .
كل ما نراه ونتصوره . خيالات مترجَمة لا وجود لها في الأصل، مجرد صور رمزية للمؤثرات المختلفة صورها جهازنا العصبي بأدواته الحسية المحدودة .
أهي أحــــلام . ؟
هل نحن نحلم . ولا وجود لهذا العالَم . هل هذه الصفات تقوم في ذهننا دون أن يكون لها مقابل في الخارج . ؟؟
البداهة والفطرة تنفي هذا الرأي . فالعالَم الخارجي موجود . وحواسنا تحيلنا دائمًا على شيء آخر خارجنا . ولكن هناك فجوة بيننا وبين هذا العالَم . حواسنا لا تستطيع أن تراه على حقيقته . وإنما هي تترجمه دائمًا بلغة خاصة وذاتية . وبشفرة مختلفة .
ولو أننا كنا نحلم . ولو أننا كنا نهذي كل منا على طريقته لما استطعنا أن نتفاهم . ولما استطعنا أن نتفق على حقيقة موضوعية مشتركة .
ولكننا في الحقيقة نتناول بين أيدينا تراجم حسية . ربما ناقصة . وربما غير صحيحة . ولكنها تراجِم لها أصل أمامنا .
هناك نسخة موضوعية من الحقيقة نحاول أن نغش منها على قدر الإمكان . هناك حقيقة خارجنا .
إننا لا نحلـــم .
وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة . وسجناء طبيعتنا العاجزة . وما نراه يُنقَل إلينا دائمًا مشوَّهًا وناقصًا ومبتورًا نتيجة رؤيتنا الكليلة .
والنتيجة أن هناك أكثر من دنيا .
هناك الدنيا كما هي في الحقيقة وهذه لا نعرفها . ولا يعرفها إلا الله .
وهناك الدنيا كما يراها الصرصور . وهي مختلفة تمامًا عن دنيانا، لأن الجهاز العصبي للصرصور مختلف تمامًا عن جهازنا . فهو يرى الشمس يطريقة مختلفة . وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة . وهو لا يميز الألوان .
وهناك الدنيا كما تراها دودة الإسكارس . وهي مختلفة تمامًا عن دنيا الصرصور . فهي دنيا كلها ظلام . دنيا خالية من المناظر . ليس فيها سوى إحساسات بليدة تنتقل عن طريق الجِلد .
وهكذا كل طبقة من المخلوقات لها دنيا خاصة بها .
ومنذ لحظة الميلاد يتسلم كل مخلوق بطاقة دعوة إلى محفل من محافل هذه الدنيا . ويجلس إلى مائدة مختلفة ليتذوّق أطعمة مختلفة . ولذائذ وآلام مختلفة .
وكل طبقة من المخلوقات تعيش سجينة في تصوراتها . لا تستطيع أن تصف الصور التي تراها الطبقات الأخرى .
لا يمكننا نحن الآدميون أن نتكلم مع الطيور أو الزواحف أو الديدان أو الحشرات لنشرح لها ما نراه من الدنيا .
ولا يستطيع اصرصور أن يخاطبنا ويصف لنا العالَم الذي يعيش فيه .
وربما لو حدث هذا في يومٍ ما لأمكننا أن نصل إلى ما يشبه حجر رشيد . ولأمكننا أن نتوصل إلى عدة شفرات، ولغات مختلفة للدنيا نضعها تحت بعضها ونفكك طلاسمها . ونستنبط منها الحقيقة التي تحاول هذه الشفرات الرمزية أن تصفها . ونعرف ســر هذه الدنيا .
ولكن هذا الاتصال غير ممكن . لأننا الوحيدون في هذه الدنيا الذين نعرف اللغة . وبقية المخلوقات عجماء .
مــا الحــل . ؟!
هل ننتظر حتى نسافر إلى الفضاء ونعثر على مخلوقات في المريخ تقرأ وتكتب . ؟!
علماء الرياضة يقولون لنا أنه لا داعي لهذا الانتظار . هناك طريقة أخرى . طريقة صعبة ولكنها توصل إلى سكة الحقيقة .
هذه الطريقة هي أن نضع جانبًا كل ما تقوله الحواس . ونستعمل أساليب أخرى غير السمع والبصر والشم واللمس .
نستعمل الحساب والأرقام . نجرد كل المحسوسات إلى أرقام . ومقادير .
القائمة الطويلة المعروفة للأشعة الضوئية . الأصفر والبرتقالي والأحمر والبنفسجي والأزرق والأخضر . إلخ . نجردها إلى أرقام .
كل موجة طولها كذا . وذبذبتها كذا .
وكذلك كل صنوف الإشعاع . أشعة إكس . أشعة الراديوم . الأشعة الكونية .
كلها أمواج . مثل أمواج اللاسلكي التي نسمع المذيع يقول كل يوم إنها كذا كيلو سيكل في الثانية .
مجــرد أرقـــام . نستطيع أن نقيسها ونحسبها ونجمعها ونطرحها . إذًا نغمض أعيننا ونفكر بطريقة جديدة .
وبدل أن نقول اللون الأخضر ، واللون الأحمر . نقول كذا كيلو سيكل ثانية .
والذي أغمض عينيه وبدأ يفكر بهذه الطريقة الجديدة التي أحدَثَت انقلابًا في العلوم . كان هو العالِم الرياضي ماكس بلانك . الذي طلع في سنة 1900 بنظريته المعروفة في الطبيعة النظرية الكمّية . ( Quantum Theory )
وقد بدأ من حقيقة بسيطة معروفة . أنك إذا سخنت قضيبًا من الحديد . فإنه في البداية يحمر، ثم يتحول إلى برتقالي، ثم أصفر، ثم أبيض متوهج .
إذًا هناك علاقة حسابية بين الطاقة التي يشعها الحديد الساخن . وطول أو ذبذبة الموجة الضوئية التي تنبعث منه .
هناك معادلة .
وبدأ يبحث عن هذه المعادلة حتى عثر عليها .
وجد ببساطة أن الطاقة المشعة مقسومة على الذبذبة ( ن ) تساوي دائمًا كمًا ثابتًا (مثل النسبة التقريبية في الدائرة) هذا الكَم أسماه . ثابت بلانك ( هـ ) .
والمعادلة هي : الطاقـــة = هـ X ن .
وهي معادلة تقوم على افتراض . بأن الطاقة المشعة تنبعث في كميات متتابعة . في دفعات . أو حزم . أو حبيبات من الطاقة . أو ذرّات .
وأطلق على هذه الذرات الضوئية إسم ˝ فوتونات ˝ .
وفي رسالة نال عليها أينشتين جائزة نوبل قدم دراسة وافية بالمعادلات والأرقام عن العلاقة بين هذه الفوتونات الضوئية الساقطة على لوح معدني . وبين الكهرباء التي تتولد منه .
وعلى أساس هذه المعادلات قامت فكرة اختراع التليفزيون فيما بعد .
يقول أينشتين إن من الظاهرات المعروفة في المعمل أنك إذا أسقطت شعاعًا من الضوء على لوح معدني فإن عددًا من الإلكترونات تنطلق من اللوح . ولا تتأثر سرعة انطلاق هذه الإلكترونات بشدة الضوء، فمهما خفّ الضوء ومهما ابتعد مصدره فالإلكترونات تنطلق بسرعة ثابتة . ولكن بعدد أقل . وإنما تزداد هذه السرعة كلما كانت الموجة الضوئية الساقطة عالية الذبذبة . ولهذا تزيد في الأشعة البنفسجية وتقل في الحمراء .
وهو يفسر انطلاق هذه الإلكترونات بأن الضوء لا يسقط على اللوح المعدني في سيال متصل . وإنما في حِزَم من الطاقة . ˝ فوتونات ˝ وتصطدم هذه الفوتونات بالإلكترونات في اللوح المعدني كما تصدم العصا بكرات البلياردو فتطلقها حرة خارج مداراتها .
وكلما كانت الأشعة الضوئية ذات ذبذبة عالية ( البنفسجية مثلًا ) كلما كان الفوتون يختزن طاقة أكثر . كلما أطلق الإلكترونات بسرعة أكثر .
وربَط هذه العلاقات في سلسلة من المعادلات الرياضية .
وعمد التليفزيون إلى تطبيق هذه النظرية في جهاز الإرسال التليفزيوني .
فأنت حينما تجلس أمام كاميرا التليفزيون فإنها تنقل صورتك التي هي عبارة عن نقط من الظل ونقط من النور إلى اللوح المعدني الحساس .
ونقط النور ونقط الظل الساقطة على اللوح المعدني تطلق سيالًا من الإلكترونات يتفاوت في العدد وفي السرعة حسب الظل والنور في الصورة . وهذه الخفقات الإلكترونية الكهربائية تنتقل إلى عمود الإرسال وتُذاع على شكل موجات مغناطيسية كهربائية إلى أجهزة الإستقبال .
وأينشتين لم يفكر حينما وضع معادلاته في اختراع التليفزيون .
وعلماء الرياضة لم يُثِر اهتمامهم في ذلك الحين ولا فيما بعد . ظهور التليفزيون . وإنما الذي أثارهم هو هذا الإفتراض الجديد الذي أقام عليه ماكس بلانك معادلاته في النظرية الكمّية، وأقام عليه أينشتين معادلاته في الظاهرة الضوئية الكهربائية .
أن الضوء ينطلق في ذرّات أو فوتونات لا في أمواج متصلة . فالضوء حتى ذلك الحين كانت طبيعته موجية . فكيف يصبح شأنه شأن المادة . مؤلَف من ذرات أو فوتونات . !
وماذا تكون هذه الفوتونات . ؟؟
هل هي كرات من الطاقة لها حيز، ولها أوضاع في المكان . شأنها في ذلك شأن جزيئات المادة . ؟!
وإذا كان الضوء ذرّات . فكيف يتصرف كما لو كان أمواجًا . ؟!
لماذا يحيد الضوء حينما يدخل من ثقب ضيق كما تحيد أمواج البحر حينما تدخل في مضيق . ولماذا ينعطف الضوء حول شعرة رفيعة فلا يبدو لها ظل . كما تنعطف الأمواج وتتلاحم حول عصا مرشوقة في البحر . ؟!
وكيف نفرِّق بين المعادلات التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته موجية متصلة وبين المعادلات الجديدة التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته ذريّة متقطعة . !
أم أن للضوء طبيعة مزدوجة . ؟! وكيــف . ؟؟ !!
كيف تكون الحقيقة بهذا التناقض . ؟!
أم أنه لا توجد حقيقة واحدة .. ؟!
مقال / كل شيء ذرّات
من كتاب / أينشتين والنسبيه
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ وكما عودناكم عزيزي القارئ في \" جريدة أحرفنا المنيرة \" بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/اسمي \"أسماء عبد الملك الريسي\"، فتاةٌ على أعتابِ عامِها التاسعِ عشَر، كاتبةٌ لمّا ترَ نصوصُها الضوءَ بعد، أو أنّ هذه البادِرةَ هي الشُّعاعُ الأول لإشراقةٍ قريبة، فعساها كذلك، و عسى أن أُوفّقَ في شَحْذِ قلمي حتى ذلك الحين.
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ الأمر أقدمُ من أن أحدِّدَ بدايتَه، وأعمقُ من أن يتّصلَ بزمنٍ أو يتقيّدَ بميلاد، هو حبٌّ في النفس-منذ ولادتِها- للفصحى، ثم إقبالٌ على القراءة، ثم كتابةُ كلمةٍ هنا وجملةٍ هناك على سبيلِ العبث، ثم مشاعرُ وجدت الوسيلةَ الأنسبَ لتَحرُّرِها، ثم اكتشافٌ للموهبة بعد ذلك، ثم شعورٌ بالمسؤولية تُجاهَ كل قضيةٍ تنقصُها الأفواه، أو عزّت عنها الأقلامُ و الشفاة، بَيْدَ أني أتذكر أقدمَ ما كتبت-وأجزم أنها لم تكن الأولى-، كانت مجموعةُ أوراقٍ تتشبّثُ في أطرافِها بثلاثة دبابيس، و في مقدمتها ورقةٌ شفافةٌ سُرقَت من غلاف أحد الدفاتر، كُتب على أول ورقة:\" قصصٌ و حكايات\" إن لم تخُنّي ذاكرةُ الطفولة، كان ذلك الدفتر المصنوع يدوياً يحمل عالميَ الخياليّ بداخله، و إن كان لا يسَعُهُ في الحقيقة، كتبتُ فيه-بقلمي الرصاصيّ، وبخط طالبةِ الصف الأول الابتدائيّ- حكاياتٍ حلُمتُ دائماً أن أكون بطلتَها!، ثم التفتُّ إلى كتابة الخواطر بجدّيّة في ربيعيَ الحادي عشر تقريباً، و بدأتُ أنظُمُ الشعرَ و أُشغَفُ بهِ حين بلغتُ عاميَ الرابعَ عشر، ولا أزال في مرحلة البداية حتى اللحظة، بل إن الكاتب تكادُ تكونُ كل مَسيرتِهِ بداية، لأن نصوصَهُ تبدأُ تطوراً جديداً في كل مرة، ولا تنتهي إلا بانتهاء صاحبها!
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ تكثر الأسماءُ و تعزُّ عن الحصر، غير أنّ \"عائلتي\" هي الوصفُ الأدقُّ والأكثر إجمالاً لها، وهل ثَمّةَ في الكون من يفخرُ بكل ماتفعلهُ كالعائلة؟! و هل من يصفقُ بحرارةٍ لأبسط إنجازاتِك كما يفعلون؟!
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/ لاشيء سوى مشاركتي في كتاب \"خوالجنا تتحدث\"؛ ولم يسبق لي الحصولُ على فرصةٍ كتلك قَبلاً.
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ ثمّةَ العديدُ من الصفات التي يمتلكها من الكُتّاب مَن اقترب من المثالية؛ لأن المثالية بحَدّ ذاتِها غيرُ موجودة، أهمُّها في رأيي أنهم ألبسوا نصوصَهم رداءَ البساطة، و أزالوا الدرع الذي يمنعها من التحرك بسلاسةٍ و يُسر، فجرَت كماءِ النهر لا يوقفهُ حجر، ولا يكتَنِفُهُ كدَر، وهم على ذلك قد اختاروا من المعاني عميقَها، و من الأفكار يتيمَها، فالنهر على سهولةِ جريانِهِ عميقٌ و غائر، و مفعمٌ بالكنوز، من ثُمّ تفرّدوا بأساليبهِم، و ابتكروا طريقتَهُم الخاصة في التعبير، و ابتعدوا عن التقليد المتكلَّف، و جعلوا من سطورهم بصمةً لا يُعرفُ بها سواهم، فيحدثُ أن تعرف قائلَ النص من أول جملةٍ فيه! و ذاك هو ذُروةُ الإبداع، و إخضاعُ الموهبة.
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/ أهمُّها أنني لم أتلقَّ الفرصةَ لنشرِ أيٍّ من كتاباتي، ولم يتيسّر لي ذلك، بَيْدَ أنه يمكنني القول أنّي بدأتُ بتخطي ذلك إذ تعرّفتُ على\" مؤسسة أحرفنا المنيرة\"، والتي لم تدّخر جُهداً في دعم المواهب الخجولةِ و المَطمورة، فعسى أن تتحقق أحلامُ الكثيرين على أيديهِم!
ثمّ هناك أنني لم أحظَ بلقاء ناقدٍ بنّاءٍ، يستوضحُ أخطائي، و يُعيد حياكةَ خيوطي، ويستثمر أفكاري، فالكاتبُ مهما بلغ لا غنى له عن النقد، ولا بد له من التنقيح والتطوير المستمرَّين، و إلا أصابَهُ الرُّكود، و طغت على سطورِهِ الرَّتابَة، و اكتَنفها السكون، و ساد عليها التكرارُ و قِلّةُ الابتكار، و رُغم كَونِ أبي كاتباً بل و شاعراً رشيقَ الفكر، إلا أنّه لا يُمكنني الاكتفاءُ به ناقداً، لأن من يبرَعُ في الكتابة لا يعني ذلك دائماً إجادَتَه الكاملةَ للنقد، ومع ذلك فقد كان لأبي الدورُ الأكبرُ في تطويري و وصولي إلى هذا الحدّ.
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ تمرُّ بالمرء العديدُ من المقولات التي يقتفي أثرَها في حياته، في حالتي، منها قولُ الحبيب-صلى الله عليه وسلم- \"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه\"، وقولُ المتنبي:
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرومٍ
فلا تقـنـع بمـا دون النـجومِ
، و من جميلِ كلامهِم أنْ قالوا \" كن كما أنت، لا كما يريدون\"♡
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ أما في مجال النثر فـ\"مصطفى الرافعيّ\" أوّلُهُم، ثم الكثير من رموز الأدب بعُد زمانهُم أو قَرُب، كـ\"أدهم شرقاوي\"، وأما في مجال الشعر فـ\" المتنبي\" و \"أحمد شوقي\"، ثم \"أيمن العتوم\" مثالاً في الشعر والنثر، والقائمةُ تطول.
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/ ليس لي كتبٌ او منشوراتٌ في جرائدَ كما أسلفتُ، و أما خارج مجال الكتابة فلا أستحضِرُ شيئاً بعَينِه.
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ كلَيهِما، فلا أَخالُ شخصاً رُزق موهبةً ثم لا يستمتعُ بمُمارستِها، أو يهوى القيام بأمرٍ لا يملك الموهبةَ له.
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ لا شكّ أن نبيَّنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- هو قدوةُ كلّ مسلم، وأُسوَتُهُ الأسمى، و مِثالُهُ الأعلى، ثم يأتي بعدَهُ أبي و رُكنُ قلبي، أكادُ أراهُ يُشعُّ بكل ما أريدُ أن أكونَه، و لا تكُفُّ عيناي عن البريقِ كلما نظرتُ إليه، لأنه العاقلُ الفَذّ، و الشاعرُ المُجيد، والخَلوقُ ذو المُروءة، و لأنهُ أبي.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ أحبُ الخطوط العربية و أهوى ممارستَها، و أنظمُ الشعر-إن لم يعُدَّهُ البعضُ مندرِجاً تحت الكتابة، إذْ يُفهَمُ غالباً أنها محصورةٌ على النثر-، و أمارسُ هوايةَ القراءة، و أرسمُ حين يروقُ لي ذلك؛ لا احترافاً بل شغَفاً، و أظنُّني أبرَعُ-بفضل الله-في المجال الأكاديميّ و مِضمار الفهم أكثرَ من غيرِه.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ أعتَزِمُ تأليفَ كتابي الخاصِّ قريباً إن شاء الله، و أنوي التفرّغَ لذلك حالياً، ثمّ ستَتلوهُ كتبٌ أخرى إن وفّقَني اللهُ لذلك.
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ حلمي-بطبيعةِ الحال- أن أغدوَ أديبةً حاذِقة، و شاعرةً فذّةً و خنساءَ أخرى، أخوضُ في عقولِ الكثيرين، فأكونُ سبباً لتبَنّي فِكرة، أو إلهامٍ بحُلم، أو تغييرِ موقف، وذلك-لَعَمري- ذُروةُ ما تشتهيهِ النفسُ الكاتبة، والروحُ الأديبة.
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
ج/ أن يكونَ صادقاً مع نفسِهِ ومع من يقرؤون له، و أن يثقَ بطريقتِهِ في التعبير ما دام يراعي خُلُوَّهُ من أخطاء النحو و الإملاء، و يعلمَ أن الجمالَ في الابتكار، و الفِتنةَ في البساطة.
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝ ⏤دار نشر أحرفنا المنيرة
❞ وكما عودناكم عزيزي القارئ في ˝ جريدة أحرفنا المنيرة ˝ بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/اسمي ˝أسماء عبد الملك الريسي˝، فتاةٌ على أعتابِ عامِها التاسعِ عشَر، كاتبةٌ لمّا ترَ نصوصُها الضوءَ بعد، أو أنّ هذه البادِرةَ هي الشُّعاعُ الأول لإشراقةٍ قريبة، فعساها كذلك، و عسى أن أُوفّقَ في شَحْذِ قلمي حتى ذلك الحين.
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ الأمر أقدمُ من أن أحدِّدَ بدايتَه، وأعمقُ من أن يتّصلَ بزمنٍ أو يتقيّدَ بميلاد، هو حبٌّ في النفس-منذ ولادتِها- للفصحى، ثم إقبالٌ على القراءة، ثم كتابةُ كلمةٍ هنا وجملةٍ هناك على سبيلِ العبث، ثم مشاعرُ وجدت الوسيلةَ الأنسبَ لتَحرُّرِها، ثم اكتشافٌ للموهبة بعد ذلك، ثم شعورٌ بالمسؤولية تُجاهَ كل قضيةٍ تنقصُها الأفواه، أو عزّت عنها الأقلامُ و الشفاة، بَيْدَ أني أتذكر أقدمَ ما كتبت-وأجزم أنها لم تكن الأولى-، كانت مجموعةُ أوراقٍ تتشبّثُ في أطرافِها بثلاثة دبابيس، و في مقدمتها ورقةٌ شفافةٌ سُرقَت من غلاف أحد الدفاتر، كُتب على أول ورقة:˝ قصصٌ و حكايات˝ إن لم تخُنّي ذاكرةُ الطفولة، كان ذلك الدفتر المصنوع يدوياً يحمل عالميَ الخياليّ بداخله، و إن كان لا يسَعُهُ في الحقيقة، كتبتُ فيه-بقلمي الرصاصيّ، وبخط طالبةِ الصف الأول الابتدائيّ- حكاياتٍ حلُمتُ دائماً أن أكون بطلتَها!، ثم التفتُّ إلى كتابة الخواطر بجدّيّة في ربيعيَ الحادي عشر تقريباً، و بدأتُ أنظُمُ الشعرَ و أُشغَفُ بهِ حين بلغتُ عاميَ الرابعَ عشر، ولا أزال في مرحلة البداية حتى اللحظة، بل إن الكاتب تكادُ تكونُ كل مَسيرتِهِ بداية، لأن نصوصَهُ تبدأُ تطوراً جديداً في كل مرة، ولا تنتهي إلا بانتهاء صاحبها!
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ تكثر الأسماءُ و تعزُّ عن الحصر، غير أنّ ˝عائلتي˝ هي الوصفُ الأدقُّ والأكثر إجمالاً لها، وهل ثَمّةَ في الكون من يفخرُ بكل ماتفعلهُ كالعائلة؟! و هل من يصفقُ بحرارةٍ لأبسط إنجازاتِك كما يفعلون؟!
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/ لاشيء سوى مشاركتي في كتاب ˝خوالجنا تتحدث˝؛ ولم يسبق لي الحصولُ على فرصةٍ كتلك قَبلاً.
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ ثمّةَ العديدُ من الصفات التي يمتلكها من الكُتّاب مَن اقترب من المثالية؛ لأن المثالية بحَدّ ذاتِها غيرُ موجودة، أهمُّها في رأيي أنهم ألبسوا نصوصَهم رداءَ البساطة، و أزالوا الدرع الذي يمنعها من التحرك بسلاسةٍ و يُسر، فجرَت كماءِ النهر لا يوقفهُ حجر، ولا يكتَنِفُهُ كدَر، وهم على ذلك قد اختاروا من المعاني عميقَها، و من الأفكار يتيمَها، فالنهر على سهولةِ جريانِهِ عميقٌ و غائر، و مفعمٌ بالكنوز، من ثُمّ تفرّدوا بأساليبهِم، و ابتكروا طريقتَهُم الخاصة في التعبير، و ابتعدوا عن التقليد المتكلَّف، و جعلوا من سطورهم بصمةً لا يُعرفُ بها سواهم، فيحدثُ أن تعرف قائلَ النص من أول جملةٍ فيه! و ذاك هو ذُروةُ الإبداع، و إخضاعُ الموهبة.
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/ أهمُّها أنني لم أتلقَّ الفرصةَ لنشرِ أيٍّ من كتاباتي، ولم يتيسّر لي ذلك، بَيْدَ أنه يمكنني القول أنّي بدأتُ بتخطي ذلك إذ تعرّفتُ على˝ مؤسسة أحرفنا المنيرة˝، والتي لم تدّخر جُهداً في دعم المواهب الخجولةِ و المَطمورة، فعسى أن تتحقق أحلامُ الكثيرين على أيديهِم!
ثمّ هناك أنني لم أحظَ بلقاء ناقدٍ بنّاءٍ، يستوضحُ أخطائي، و يُعيد حياكةَ خيوطي، ويستثمر أفكاري، فالكاتبُ مهما بلغ لا غنى له عن النقد، ولا بد له من التنقيح والتطوير المستمرَّين، و إلا أصابَهُ الرُّكود، و طغت على سطورِهِ الرَّتابَة، و اكتَنفها السكون، و ساد عليها التكرارُ و قِلّةُ الابتكار، و رُغم كَونِ أبي كاتباً بل و شاعراً رشيقَ الفكر، إلا أنّه لا يُمكنني الاكتفاءُ به ناقداً، لأن من يبرَعُ في الكتابة لا يعني ذلك دائماً إجادَتَه الكاملةَ للنقد، ومع ذلك فقد كان لأبي الدورُ الأكبرُ في تطويري و وصولي إلى هذا الحدّ.
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ تمرُّ بالمرء العديدُ من المقولات التي يقتفي أثرَها في حياته، في حالتي، منها قولُ الحبيب-صلى الله عليه وسلم- ˝إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه˝، وقولُ المتنبي:
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرومٍ
فلا تقـنـع بمـا دون النـجومِ
، و من جميلِ كلامهِم أنْ قالوا ˝ كن كما أنت، لا كما يريدون˝♡
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ أما في مجال النثر فـ˝مصطفى الرافعيّ˝ أوّلُهُم، ثم الكثير من رموز الأدب بعُد زمانهُم أو قَرُب، كـ˝أدهم شرقاوي˝، وأما في مجال الشعر فـ˝ المتنبي˝ و ˝أحمد شوقي˝، ثم ˝أيمن العتوم˝ مثالاً في الشعر والنثر، والقائمةُ تطول.
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/ ليس لي كتبٌ او منشوراتٌ في جرائدَ كما أسلفتُ، و أما خارج مجال الكتابة فلا أستحضِرُ شيئاً بعَينِه.
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ كلَيهِما، فلا أَخالُ شخصاً رُزق موهبةً ثم لا يستمتعُ بمُمارستِها، أو يهوى القيام بأمرٍ لا يملك الموهبةَ له.
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ لا شكّ أن نبيَّنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- هو قدوةُ كلّ مسلم، وأُسوَتُهُ الأسمى، و مِثالُهُ الأعلى، ثم يأتي بعدَهُ أبي و رُكنُ قلبي، أكادُ أراهُ يُشعُّ بكل ما أريدُ أن أكونَه، و لا تكُفُّ عيناي عن البريقِ كلما نظرتُ إليه، لأنه العاقلُ الفَذّ، و الشاعرُ المُجيد، والخَلوقُ ذو المُروءة، و لأنهُ أبي.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ أحبُ الخطوط العربية و أهوى ممارستَها، و أنظمُ الشعر-إن لم يعُدَّهُ البعضُ مندرِجاً تحت الكتابة، إذْ يُفهَمُ غالباً أنها محصورةٌ على النثر-، و أمارسُ هوايةَ القراءة، و أرسمُ حين يروقُ لي ذلك؛ لا احترافاً بل شغَفاً، و أظنُّني أبرَعُ-بفضل الله-في المجال الأكاديميّ و مِضمار الفهم أكثرَ من غيرِه.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ أعتَزِمُ تأليفَ كتابي الخاصِّ قريباً إن شاء الله، و أنوي التفرّغَ لذلك حالياً، ثمّ ستَتلوهُ كتبٌ أخرى إن وفّقَني اللهُ لذلك.
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ حلمي-بطبيعةِ الحال- أن أغدوَ أديبةً حاذِقة، و شاعرةً فذّةً و خنساءَ أخرى، أخوضُ في عقولِ الكثيرين، فأكونُ سبباً لتبَنّي فِكرة، أو إلهامٍ بحُلم، أو تغييرِ موقف، وذلك-لَعَمري- ذُروةُ ما تشتهيهِ النفسُ الكاتبة، والروحُ الأديبة.
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
ج/ أن يكونَ صادقاً مع نفسِهِ ومع من يقرؤون له، و أن يثقَ بطريقتِهِ في التعبير ما دام يراعي خُلُوَّهُ من أخطاء النحو و الإملاء، و يعلمَ أن الجمالَ في الابتكار، و الفِتنةَ في البساطة.
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝
❞ «أحب زميلي»
وجدت الأم حوارًا بين ابنتها وصديقها على هاتفها الذي نسيته مفتوحًا، وتركته كي تحضر كوب العصير الخاص بها،
صُدمت من الحوار الذي رأته حيث كان كالتالي:
- أحبك!
- وأنا أيضًا.
- متى سأقابلك؟
- لا أعلم، فأمي بالبيت الآن.
- حسنًا سوف أراك في النادي بعد غدٍ.
- لا أعلم كيف سأنتظر كل ذلك.
- ولا أنا.
- سأذهب لأحضر كوب عصير المانجو من المطبخ، هل أجلب لك بعضًا منه؟
- لا، أنا لا أريد مانجو، بل أريدك أنت.
- سأفتقدك في هذه الدقيقة.
- لا تتأخري.
كانت الأم تقرأ الكلمات وهي مصدومة.
ابنتي ذات الأحد عشر عامًا تتحدث مع فتًى!
كيف؟!
وكيف يتحدثان هكذا؟!
ما هذا الكلام؟!
كانت الكلمات تدور أمامها مثل صاعقة برق أوشكت أن تودي بقلبها.
حدث كل ذلك في غضون ثوانٍ معدودة، وما إن استدارت لتنادي عليها حتى وجدتها تقف أمامها.
ارتبكت الفتاة، ولم تجد ما يواسيها سوى دمعتها التي تحجرت في مقلتيها.
بادرتها أمها في غضب عارم وصوت اهتزت له أركان الغرفة:
- ما هذا؟! هل تتحدثين إلى شاب؟!
- هل جننت؟
ثم تحدثت يدها، لتلقي بصفعتها على وجه ابنتها التي وجدت نفسها ملقاة على الأرض.
ثم انهالت عليها بكلمات لم تعيها من أثر الصدمة:
- هل هذا ما ربيتك عليه؟
- وكيف تفعلين ذلك وأنت تصلين وتحفظين عدة أجزاء من القرآن؟
- ماذا سيفعل أبوك إن علم الآن؟ ماذا سأقول له؟
بالطبع لن أخبره؛ لأنه سيثور ويصب جام غضبه عليَّ ..لا لا سأخبره .. نعم سأخبره كي يتصرف معك.
بالتأكيد حدث هذا في النادي .. إذن لا تدريب بعد ذلك، ستمكثين في البيت حتى تتعلمي الأدب.
ولا هاتف أيضًا.. سآخذه منك .. لا .. بل سأبيعه، ولن تخرجي من المنزل إطلاقًا، هل فهمت ما أقول؟ .. لن تري الشارع مطلقًا بعد الآن.
ما الخطأ في الموقف:
قامت الأم هنا بردة فعل قوية جدًّا، بداية من قراءتها للحوار وصدمتها، إلى أن وصلت للذروة. فقامت بتوقيع عدة عقوبات على ابنتها:
- التعامل بقسوة، والإيذاء الجسدي عن طريق الضرب، والإيذاء النفسي عن طريق إهانتها بالكلام.
- حرمانها من هاتفها الجوال.
- حرمانها من الخروج إلى الشارع.
- تهديدها أنها ستخبر والدها.
خمن الكبسولة الصحيحة
.................................................................................................
.................................................................................................
............................
*تعديل:
بعد ما نزلنا البوست بدون الحل واستقبلنا تعليقاتكوا... هننزل الحل فى السطور التالية.
.............................................................
.................................................................................................
الحل:
يجب أن تعي الأم أن هذا تطور طبيعي لنمو ابنتها.
أن الحب شيء مهم في هذه المرحلة.
أن تراجع علاقتها بابنتها، فربما تفتقد الحب بين ذراعي، أبيها وأمها، وتبحث عنه مع شخص آخر.
تتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه شاب يستأذنه في الزنا:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:
«إن فتى شابًّا أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ! فقال: أدنِهِ، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله جعلني اللَه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني اللّه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهمَّ اغفر ذنبه وطهِّر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء».
رواه أحمد.
من هذا الحديث نستنتج ما يلي:
- أن هذا الشاب جاء ليستأذن رسول الله في الزنا، وليس فقط في أن يصاحب فتاة، مثلما وجدت الأم ابنتها، ورغم ذلك تعامل معه بحكمة ورَوِيَّة.
- هنا لم نجد النبي يستنكر، ولم يغضب، ولم يعبس في وجهه، حتى ولم يثُر، رغم أن ما يطلبه هو الحرام بعينه، لكنه صلى الله عليه وسلم قدَّر تماما رغبة هذا الشاب؛ لأنه يعلم أن لديه رغبة جسدية ونفسية، ويعلم أيضًا أن النفس تنفر من القسوة والغلظة.
- أدناه منه أولًا (لغة الجسد) مهمة جدًّا في التعامل في هذه المواقف؛ لأنه أشعره أنه يحبه ويتقبله، رغم الطلب الذي طلبه.
- أخذ يسأله وهو يجيب، وكان من الممكن أن يقول له إن ما يطلبه حرام، إلا أنه كان يسأله ليسمع منه، ويجعله هو الذي يختار الإجابة وليس أحد غيره، لينفذ عن اقتناع وليس عن فرض سيطرة، حتى وإن كان يتحدث عن الحلال والحرام.
من رأيي هنا أن سؤال النبى صلى الله عليه وسلم، ينمي التفكير النقدي عند هذا الشاب؛ لأنك عندما تسأل تجعله يفكر بنفسه ولا يفرض عليه إجابة بعينها.
- جعله يضع نفسه مكان الناس؛ لأنك عندما تجعله يأخذ موضع الآخر، فإن الأمر يختلف؛ لأنه لا يريد أن يتأذى.
- في النهاية وضع النبى يده على صدره ودعا له.
عندما تقرأ هذا الحديث والطريقة التي عالج بها النبي الموقف، ستجد نفسك تهدأ شيئًا فشيئًا؛ لأن ذلك معناه أن الموقف الذي تمر به أنت الآن ليس وليد اللحظة، وإنما هو شيء من آلاف السنوات، هذا الشيء يكون بدافع الرغبة الجسدية، وهو احتياج لا بد ألا نُغفِلَه.
في هذه الكبسولة هذه الفتاة لديها احتياج نفسي قوي، وهو الحاجة للحب، حتى وإن كان الأهل قريبين منها، هي تحتاج لأن تشعر أن هناك شاب يعجب بها ويهتم لأمرها مثلها مثل بقية الفتيات في عمرها.
إذا تذكرت أن هذا احتياج، فستتعامل معه بشكل مختلف، خاصة وأنك مررت بنفس المرحلة من قبل، أما إذا نظرت على أن ابنتك مجرمة، وأنك يجب أن تردعها، فستجد نفسك متجهًا إلى استخدام العنف والقسوة.
الكبسولة التربوية تقول:
بعد أن تكتشف الأم وتراها ابنتها وهي ممسكة بهاتفها، ترى الخوف في عيني ابنتها، فتشفق عليها، تمسكها من يدها وتُجلِسها بجوارها واضعة يدها على كتفها قائلة لها:
- لماذا أرى الخوف في عينيك؟
- لأني أعلم أنك ستغضبين.
- ولماذا سأغضب؟
- لأنني أتحدث مع صديقي.
- تتحدثين معه فقط؟
- لا بل ... ثم تصمت خجلًا ..
- هل أنت خائفة؟
- نعم يا أمي.
- ممَّ؟
- منكِ.
- لماذا يا حبيبتي؟
- لأنك رأيت هذا الحوار بيني وبين صديقي.
- حبيبتي أنا لا أريدك أن تخافي مني، فأنا أمُّك والأقرب إليك، أي شيء تشعرين به تعالي إليَّ في أي وقت، وقلبي مفتوح لك، حتى وإن كان شيء خاطئ، فاعلمي تمامًا، أنني سأقدره وأتناقش معك كما نفعل الآن.
- لكنني أخشى أن تغضبي أو أن تخبري أبي.
- حبيبتي أريد أن أخبرك بشيء.
- أي شيء تخافين من أن يطَّلِع عليه أحد، وتخجلين من أن يراه الناس، فاعلمي أنك تقومين بشيء خاطئ.
أنا وأبوك لن نراقبك طوال العمر. يجب أن تختاري أنت ما تقومين بفعله بدون وجودنا، وبدون أن تخجلي مما تفعلين؛ لأن الله تعالى فقط هو الرقيب عليك ولست أنا وأباك.
- لكن يا أمي أنا أحبه.
تحتضنها الأم حضنًا عميقًا دافئًا وتخبرها:
- أعلم يا حبيبتي أن لديك مشاعر رقيقة، وأقدر ذلك؛ فقد كنت في مثل عمرك، ولأن لديك هذه المشاعر يجب أن تحافظي عليها.
- ماذا تقصدين؟
- ليس عيبًا ولا حرامًا أن نحب، لكن يجب أن نعرف متى نعبِّر عن تلك المشاعر.
- لا أفهم.
- أي إنه من الوارد أن تعجبي بزميل لك، لكن ليس معنى ذلك أن تذهبي وتتحدثي إليه وتصارحيه بذلك؛ لأن تلك المشاعر يجب أن نحافظ عليها جميلة رقيقة، حتى يأتي الوقت المناسب لذلك.
- وما هو الوقت المناسب؟
تبتسم لها ابتسامة حانية .. تنظر في عينيها قائلة:
- أخبريني أنت.
تطأطئ ابنتها رأسها خجلًا وتقول:
- تقصدين وقت الزواج؟
- بالطبع يا حبيبتي، هذا هو الوقت المناسب.
عندما يأتي وقت الزواج تستطيعين أن تعبري لزوجك عن مشاعرك الجميلة، وسيبادلك أيضًا نفس المشاعر.
- هو يريد أن يتزوجني يا أمي.
- إذن إن كان يحبك حقًّا فيجب أن يحافظ عليك حتى ذلك الحين.
تصمت وكأنها مقتنعة.
- حسنًا .. ابنتي الحبيبة ماذا ستفعل الآن؟
- سوف أنتظر لكن هذا وقت طويل للغاية.
- نعم أعلم ذلك، لكنك فتاة واعية، وأعلم جيدًا أنك ستحافظين على نفسك.
- هل تعديني؟
- نعم أعدك يا أمي.
ثم ترتمي في حضن أمها، وكأنها كانت تحتاج للشعور بالراحة والطمأنينة، فلم تجد في العالم أفضل من هذا المكان. ❝ ⏤فاطمه المهدى
❞«أحب زميلي» وجدت الأم حوارًا بين ابنتها وصديقها على هاتفها الذي نسيته مفتوحًا، وتركته كي تحضر كوب العصير الخاص بها،
صُدمت من الحوار الذي رأته حيث كان كالتالي:
- أحبك!
- وأنا أيضًا.
- متى سأقابلك؟
- لا أعلم، فأمي بالبيت الآن.
- حسنًا سوف أراك في النادي بعد غدٍ.
- لا أعلم كيف سأنتظر كل ذلك.
- ولا أنا.
- سأذهب لأحضر كوب عصير المانجو من المطبخ، هل أجلب لك بعضًا منه؟
- لا، أنا لا أريد مانجو، بل أريدك أنت.
- سأفتقدك في هذه الدقيقة.
- لا تتأخري.
كانت الأم تقرأ الكلمات وهي مصدومة.
ابنتي ذات الأحد عشر عامًا تتحدث مع فتًى!
كيف؟!
وكيف يتحدثان هكذا؟!
ما هذا الكلام؟!
كانت الكلمات تدور أمامها مثل صاعقة برق أوشكت أن تودي بقلبها.
حدث كل ذلك في غضون ثوانٍ معدودة، وما إن استدارت لتنادي عليها حتى وجدتها تقف أمامها.
ارتبكت الفتاة، ولم تجد ما يواسيها سوى دمعتها التي تحجرت في مقلتيها.
بادرتها أمها في غضب عارم وصوت اهتزت له أركان الغرفة:
- ما هذا؟! هل تتحدثين إلى شاب؟!
- هل جننت؟
ثم تحدثت يدها، لتلقي بصفعتها على وجه ابنتها التي وجدت نفسها ملقاة على الأرض.
ثم انهالت عليها بكلمات لم تعيها من أثر الصدمة:
- هل هذا ما ربيتك عليه؟
- وكيف تفعلين ذلك وأنت تصلين وتحفظين عدة أجزاء من القرآن؟
- ماذا سيفعل أبوك إن علم الآن؟ ماذا سأقول له؟
بالطبع لن أخبره؛ لأنه سيثور ويصب جام غضبه عليَّ .لا لا سأخبره . نعم سأخبره كي يتصرف معك.
بالتأكيد حدث هذا في النادي . إذن لا تدريب بعد ذلك، ستمكثين في البيت حتى تتعلمي الأدب.
ولا هاتف أيضًا. سآخذه منك . لا . بل سأبيعه، ولن تخرجي من المنزل إطلاقًا، هل فهمت ما أقول؟ . لن تري الشارع مطلقًا بعد الآن.
ما الخطأ في الموقف:
قامت الأم هنا بردة فعل قوية جدًّا، بداية من قراءتها للحوار وصدمتها، إلى أن وصلت للذروة. فقامت بتوقيع عدة عقوبات على ابنتها:
- التعامل بقسوة، والإيذاء الجسدي عن طريق الضرب، والإيذاء النفسي عن طريق إهانتها بالكلام.
الحل:
يجب أن تعي الأم أن هذا تطور طبيعي لنمو ابنتها.
أن الحب شيء مهم في هذه المرحلة.
أن تراجع علاقتها بابنتها، فربما تفتقد الحب بين ذراعي، أبيها وأمها، وتبحث عنه مع شخص آخر.
تتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه شاب يستأذنه في الزنا:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:
«إن فتى شابًّا أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ! فقال: أدنِهِ، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله جعلني اللَه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني اللّه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهمَّ اغفر ذنبه وطهِّر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء».
رواه أحمد.
من هذا الحديث نستنتج ما يلي:
- أن هذا الشاب جاء ليستأذن رسول الله في الزنا، وليس فقط في أن يصاحب فتاة، مثلما وجدت الأم ابنتها، ورغم ذلك تعامل معه بحكمة ورَوِيَّة.
- هنا لم نجد النبي يستنكر، ولم يغضب، ولم يعبس في وجهه، حتى ولم يثُر، رغم أن ما يطلبه هو الحرام بعينه، لكنه صلى الله عليه وسلم قدَّر تماما رغبة هذا الشاب؛ لأنه يعلم أن لديه رغبة جسدية ونفسية، ويعلم أيضًا أن النفس تنفر من القسوة والغلظة.
- أدناه منه أولًا (لغة الجسد) مهمة جدًّا في التعامل في هذه المواقف؛ لأنه أشعره أنه يحبه ويتقبله، رغم الطلب الذي طلبه.
- أخذ يسأله وهو يجيب، وكان من الممكن أن يقول له إن ما يطلبه حرام، إلا أنه كان يسأله ليسمع منه، ويجعله هو الذي يختار الإجابة وليس أحد غيره، لينفذ عن اقتناع وليس عن فرض سيطرة، حتى وإن كان يتحدث عن الحلال والحرام.
من رأيي هنا أن سؤال النبى صلى الله عليه وسلم، ينمي التفكير النقدي عند هذا الشاب؛ لأنك عندما تسأل تجعله يفكر بنفسه ولا يفرض عليه إجابة بعينها.
- جعله يضع نفسه مكان الناس؛ لأنك عندما تجعله يأخذ موضع الآخر، فإن الأمر يختلف؛ لأنه لا يريد أن يتأذى.
- في النهاية وضع النبى يده على صدره ودعا له.
عندما تقرأ هذا الحديث والطريقة التي عالج بها النبي الموقف، ستجد نفسك تهدأ شيئًا فشيئًا؛ لأن ذلك معناه أن الموقف الذي تمر به أنت الآن ليس وليد اللحظة، وإنما هو شيء من آلاف السنوات، هذا الشيء يكون بدافع الرغبة الجسدية، وهو احتياج لا بد ألا نُغفِلَه.
في هذه الكبسولة هذه الفتاة لديها احتياج نفسي قوي، وهو الحاجة للحب، حتى وإن كان الأهل قريبين منها، هي تحتاج لأن تشعر أن هناك شاب يعجب بها ويهتم لأمرها مثلها مثل بقية الفتيات في عمرها.
إذا تذكرت أن هذا احتياج، فستتعامل معه بشكل مختلف، خاصة وأنك مررت بنفس المرحلة من قبل، أما إذا نظرت على أن ابنتك مجرمة، وأنك يجب أن تردعها، فستجد نفسك متجهًا إلى استخدام العنف والقسوة.
الكبسولة التربوية تقول:
بعد أن تكتشف الأم وتراها ابنتها وهي ممسكة بهاتفها، ترى الخوف في عيني ابنتها، فتشفق عليها، تمسكها من يدها وتُجلِسها بجوارها واضعة يدها على كتفها قائلة لها:
- لماذا أرى الخوف في عينيك؟
- لأني أعلم أنك ستغضبين.
- ولماذا سأغضب؟
- لأنني أتحدث مع صديقي.
- تتحدثين معه فقط؟
- لا بل .. ثم تصمت خجلًا .
- هل أنت خائفة؟
- نعم يا أمي.
- ممَّ؟
- منكِ.
- لماذا يا حبيبتي؟
- لأنك رأيت هذا الحوار بيني وبين صديقي.
- حبيبتي أنا لا أريدك أن تخافي مني، فأنا أمُّك والأقرب إليك، أي شيء تشعرين به تعالي إليَّ في أي وقت، وقلبي مفتوح لك، حتى وإن كان شيء خاطئ، فاعلمي تمامًا، أنني سأقدره وأتناقش معك كما نفعل الآن.
- لكنني أخشى أن تغضبي أو أن تخبري أبي.
- حبيبتي أريد أن أخبرك بشيء.
- أي شيء تخافين من أن يطَّلِع عليه أحد، وتخجلين من أن يراه الناس، فاعلمي أنك تقومين بشيء خاطئ.
أنا وأبوك لن نراقبك طوال العمر. يجب أن تختاري أنت ما تقومين بفعله بدون وجودنا، وبدون أن تخجلي مما تفعلين؛ لأن الله تعالى فقط هو الرقيب عليك ولست أنا وأباك.
- لكن يا أمي أنا أحبه.
تحتضنها الأم حضنًا عميقًا دافئًا وتخبرها:
- أعلم يا حبيبتي أن لديك مشاعر رقيقة، وأقدر ذلك؛ فقد كنت في مثل عمرك، ولأن لديك هذه المشاعر يجب أن تحافظي عليها.
- ماذا تقصدين؟
- ليس عيبًا ولا حرامًا أن نحب، لكن يجب أن نعرف متى نعبِّر عن تلك المشاعر.
- لا أفهم.
- أي إنه من الوارد أن تعجبي بزميل لك، لكن ليس معنى ذلك أن تذهبي وتتحدثي إليه وتصارحيه بذلك؛ لأن تلك المشاعر يجب أن نحافظ عليها جميلة رقيقة، حتى يأتي الوقت المناسب لذلك.
- وما هو الوقت المناسب؟
تبتسم لها ابتسامة حانية . تنظر في عينيها قائلة:
- أخبريني أنت.
تطأطئ ابنتها رأسها خجلًا وتقول:
- تقصدين وقت الزواج؟
- بالطبع يا حبيبتي، هذا هو الوقت المناسب.
عندما يأتي وقت الزواج تستطيعين أن تعبري لزوجك عن مشاعرك الجميلة، وسيبادلك أيضًا نفس المشاعر.
- هو يريد أن يتزوجني يا أمي.
- إذن إن كان يحبك حقًّا فيجب أن يحافظ عليك حتى ذلك الحين.
تصمت وكأنها مقتنعة.
- حسنًا . ابنتي الحبيبة ماذا ستفعل الآن؟
- سوف أنتظر لكن هذا وقت طويل للغاية.
- نعم أعلم ذلك، لكنك فتاة واعية، وأعلم جيدًا أنك ستحافظين على نفسك.
- هل تعديني؟
- نعم أعدك يا أمي.
ثم ترتمي في حضن أمها، وكأنها كانت تحتاج للشعور بالراحة والطمأنينة، فلم تجد في العالم أفضل من هذا المكان. ❝