وصلتُ لعملي في اليوم التالي، وكما توقعت وجدت سارة كعادتها في الإصرار وعدم النسيان خاصة ما يتعلق بي وكأن أمي أوصتها عليّ أو كأنها أم لي من بعد أمّ.
- ماذا وراءك يا عصام؟ بطريقتها الساخرة التي لا تخلو من الاستفزاز.
- علاقة وانتهت يا سارة.
- نظرت لي ملياً..أليس أنطوني ابن خالتك الذي تعاهدت أمك وخالتك أن يكون زوجك وأن مَن يجمعهم الله لا يفرقهم البشر؟ أليس هو الأنسب لكِ دينيًا وطائفيًا؟ أليس هو الذي يعاملك بكل لطافةٍ واهتمامٍ يحسدك عليه كلُ مَن كان يراكما معا ً؟
- تنهدتُ، وقد سرحت بخاطري في تلك العلاقة الخطرة التي أرهقتني وشوهت الكثير من غرفاتِ قلبي، وجعلتها مبعثرةً، لا تقوى على الإقبال على الحياة، فضلًا عن أن أعيشها بأريحية وسلام نفسي.. لا يغرنك يا سارة ما كان يظهره من لطفٍ ومبالغةٍ في المعاملة الراقية، كنتُ في كل مرةٍ يتجاوزُ فيها في حقي، ويتعمد تهميشي والتقليل مني، كنت ألتمسُ له الأعذارَ..كم كنتُ بلهاء عندما يعود معتذرًا، ويجلسُ عند قدمي يبكي كالأطفال، ويعترف بذنبه وتجاوزه الذي لا يليقُ.. لكِ أن تتصوري كم كنت ساذجة. ❝ ⏤علاء أبو شحاته
❞ علاقاتٌ خَطِرة
وصلتُ لعملي في اليوم التالي، وكما توقعت وجدت سارة كعادتها في الإصرار وعدم النسيان خاصة ما يتعلق بي وكأن أمي أوصتها عليّ أو كأنها أم لي من بعد أمّ.
ماذا وراءك يا عصام؟ بطريقتها الساخرة التي لا تخلو من الاستفزاز.
علاقة وانتهت يا سارة.
نظرت لي ملياً..أليس أنطوني ابن خالتك الذي تعاهدت أمك وخالتك أن يكون زوجك وأن مَن يجمعهم الله لا يفرقهم البشر؟ أليس هو الأنسب لكِ دينيًا وطائفيًا؟ أليس هو الذي يعاملك بكل لطافةٍ واهتمامٍ يحسدك عليه كلُ مَن كان يراكما معا ً؟
تنهدتُ، وقد سرحت بخاطري في تلك العلاقة الخطرة التي أرهقتني وشوهت الكثير من غرفاتِ قلبي، وجعلتها مبعثرةً، لا تقوى على الإقبال على الحياة، فضلًا عن أن أعيشها بأريحية وسلام نفسي.. لا يغرنك يا سارة ما كان يظهره من لطفٍ ومبالغةٍ في المعاملة الراقية، كنتُ في كل مرةٍ يتجاوزُ فيها في حقي، ويتعمد تهميشي والتقليل مني، كنت ألتمسُ له الأعذارَ..كم كنتُ بلهاء عندما يعود معتذرًا، ويجلسُ عند قدمي يبكي كالأطفال، ويعترف بذنبه وتجاوزه الذي لا يليقُ.. لكِ أن تتصوري كم كنت ساذجة . ❝
❞ ومضت ربع ساعة من بعد الثامنة مساءًا، يجلس في مكتبه، ويكتب لها الرسالة الخطية رقم 39 مستهلًا كلماتها بشوقٍ ،جارفٍ ولهفةٍ ترنو الى عينيها المحيط :
أسامة : صباحٌ مشرقٌ بنور محياك يا أنا ، صباحٌ ارتسمت عليه رقتك فاستحال عذبًا رقراقا كأسير الحياة ، صباح يرنو بعذوبة صوتك وهمسك الأخاذ .
صباح ٌيتنفس عبقَ هواك ويتعطر بأنفاس صدرك الدافئ دفء َ شمس الشتاء الحانية وضوء القمر حين يحنو على الأرض ،يبدد ظلمتها ،تكسوها بهجة وفتنة، وسحرًا وجمالًا .
صباحٌ يضحك كضحكتك التي أحالت أحزاني فرحًا، وقسوة السنين أملًا وعشقًا ،وبددت آلام قلبي وأوجاع الجراح والحنين .
تبقين أنتِ حبيبتي مهما عاندت الدنيا وأوهمتنا أنه من المستحيل، فلا مستحيل إلا أن نفترق وتنفلت أيدينا عن رباط الحب وعهود العشق والوفاء .
يرسل إليها رسالته منتظرا ردها بلهفة واشتياق .
غزتْ قلبَه واعتلتْ رايتُها بنشوى النصرِ والارتقاءِ .
عصفتْ بحناياه فما عادَ يملكُ من مصيرِ هواه إلا الخضوعَ والإذعانَ وإبرازَ هويةِ الاعترافِ .
قابلها صبيحةِ يوم ٍ من أيامِ هواه المتعطشِ وغرامهِ المرسوم ِعلى شاشاتِ عينيهِ ونبراتِ صوتهِ التي أعياها الشوقُ وأضناها التماسُ السبيلِ لطرحِ ورقاتِ الاعتراف .
طلب منها الحديثَ عن أمر ٍ يلحُ عليه واصطحبها لركنٍ من أركان الكلية التي يدرسانِ فيها حيثُ تراهما الأعينُ وتخفت عنهما الأصواتُ .
بدا عاجزًا عن استجماعِ قواه وإعادةِ سردِ الكلماتِ التي رتّبها مئاتِ المراتِ طوالَ ليلهِ الكليمِ .
أعياه خوفُه أن تصدمَه أو تعصفَ به حيثُ اللاعودةُ لمعاني الحياةِ .
صار كطفلٍ صغيرٍ أصاب ذنبا وقد حبسته أمّه في ركن ٍ من جنًبات ِالاعترافِ فلا كلماتٍ تسعفه ولا حيلًا تُنجّيه من نظراتِ أمّهِ التي تعلمُ كلَ تفاصيلِه وهمساتِه وخلجاتِ الصدرِ المرتجفِ ، فلا مناصَ منها غيرَكاملِ الاعترافِ ومِنْ ثَمّ عذابُ الانتظار، ِوتبعاتُ الإقرارِ .
ظلَّ يستجمعُ كلماتِه ليلحقَ بزمام ِ المبادرةِ لعلَّ نفسَه تسكنُ على شواطئِ هواها العصيّ ِ وعينيها التي تفتك ُ بكلِ مغامرٍ تراوده نفسُه لمعاني الاقتراب ِ .
ما عاد أمامه في ظل حصارِ عينيها ومهارة ِنبرات ِ صوتِها الرخيمِ غيرَ تسليمِها مفاتيحِ قلبِه واستباحة ِالديار. ❝ ⏤علاء أبو شحاته
❞ ومضت ربع ساعة من بعد الثامنة مساءًا، يجلس في مكتبه، ويكتب لها الرسالة الخطية رقم 39 مستهلًا كلماتها بشوقٍ ،جارفٍ ولهفةٍ ترنو الى عينيها المحيط :
أسامة : صباحٌ مشرقٌ بنور محياك يا أنا ، صباحٌ ارتسمت عليه رقتك فاستحال عذبًا رقراقا كأسير الحياة ، صباح يرنو بعذوبة صوتك وهمسك الأخاذ .
صباح ٌيتنفس عبقَ هواك ويتعطر بأنفاس صدرك الدافئ دفء َ شمس الشتاء الحانية وضوء القمر حين يحنو على الأرض ،يبدد ظلمتها ،تكسوها بهجة وفتنة، وسحرًا وجمالًا .
صباحٌ يضحك كضحكتك التي أحالت أحزاني فرحًا، وقسوة السنين أملًا وعشقًا ،وبددت آلام قلبي وأوجاع الجراح والحنين .
تبقين أنتِ حبيبتي مهما عاندت الدنيا وأوهمتنا أنه من المستحيل، فلا مستحيل إلا أن نفترق وتنفلت أيدينا عن رباط الحب وعهود العشق والوفاء .
يرسل إليها رسالته منتظرا ردها بلهفة واشتياق .
غزتْ قلبَه واعتلتْ رايتُها بنشوى النصرِ والارتقاءِ .
عصفتْ بحناياه فما عادَ يملكُ من مصيرِ هواه إلا الخضوعَ والإذعانَ وإبرازَ هويةِ الاعترافِ .
قابلها صبيحةِ يوم ٍ من أيامِ هواه المتعطشِ وغرامهِ المرسوم ِعلى شاشاتِ عينيهِ ونبراتِ صوتهِ التي أعياها الشوقُ وأضناها التماسُ السبيلِ لطرحِ ورقاتِ الاعتراف .
طلب منها الحديثَ عن أمر ٍ يلحُ عليه واصطحبها لركنٍ من أركان الكلية التي يدرسانِ فيها حيثُ تراهما الأعينُ وتخفت عنهما الأصواتُ .
بدا عاجزًا عن استجماعِ قواه وإعادةِ سردِ الكلماتِ التي رتّبها مئاتِ المراتِ طوالَ ليلهِ الكليمِ .
أعياه خوفُه أن تصدمَه أو تعصفَ به حيثُ اللاعودةُ لمعاني الحياةِ .
صار كطفلٍ صغيرٍ أصاب ذنبا وقد حبسته أمّه في ركن ٍ من جنًبات ِالاعترافِ فلا كلماتٍ تسعفه ولا حيلًا تُنجّيه من نظراتِ أمّهِ التي تعلمُ كلَ تفاصيلِه وهمساتِه وخلجاتِ الصدرِ المرتجفِ ، فلا مناصَ منها غيرَكاملِ الاعترافِ ومِنْ ثَمّ عذابُ الانتظار، ِوتبعاتُ الإقرارِ .
ظلَّ يستجمعُ كلماتِه ليلحقَ بزمام ِ المبادرةِ لعلَّ نفسَه تسكنُ على شواطئِ هواها العصيّ ِ وعينيها التي تفتك ُ بكلِ مغامرٍ تراوده نفسُه لمعاني الاقتراب ِ .
ما عاد أمامه في ظل حصارِ عينيها ومهارة ِنبرات ِ صوتِها الرخيمِ غيرَ تسليمِها مفاتيحِ قلبِه واستباحة ِالديار . ❝
❞ - هذه شخصية نرجسية بامتياز يا جاسمين.
- نعم هذا ما أدركته لاحقًا، فهو من النوع الذي يحتاج إلى شخصيةٍ تافهةٍ تتبعه وكأنها خُلقت لتكون يدين لا تتقنان سوى الانبطاح له والتصفيق الحاد والمستمر دون توقف، وإغراقه بطوفانٍ عارمٍ من عباراتِ الثناءِ والشكر ِالدائمِ، والشعورِ بالثناء والامتنان له حتى على أتفه الأمور، وذلك لإرضاء ذاته وغروره المتواصل.
- وهل تعلمتِ من التجربة يا جاسمين؟
- ابتسمتُ ابتسامةً باهتةً يضمدها التعافي..ما دمتُ أحكي لكِ الآن، فاعلمي أني أكملتُ مراحل الشفاء، وتجاوزت نفقه المظلم.. تعلمتُ الخلاصَ من العلاقات السامة؛ تلك التي كانت تنتشي بالتقليلِ مني أو إحداثِ ثقوبٍ من السلبية والخيبات في سفينة إبحاري نحو التفوق والنجاح، أو حين تستميتُ كي ترفعَ أعلامَ الفشلِ الكئيبةِ على ساريةِ صروحِ نجاحاتي في الحياة.
- كعادتها الهزلية، يا واش يا واش، حكيم روحاني حضرتك!
- لا أنكر أنها تنجحُ في كلِ مرةٍ في إخراجي من أحلك أوقات حزني بطريقة هزلية لا يجاريها فيها أحد.
- قالت: دعيني أتفقُ معكِ يا جاسمين..لا أخفيكِ أني تعلمتُ منكِ الكثيرَ؛ تعلمتُ ألا بطولة في مواجهةِ الكائناتِ السامةِ، بل الحكمة في الابتعاد، فمجاملة الأفاعي جريمة.
- نظرتُ إليها نظرةً حانية في محاولة لإنهاء هذه الحديث الذي يُقلّبُ عليّ أوجاعًا، والتي أتحاشى ذكرها، فأجبتها. ❝ ⏤علاء أبو شحاته
❞ هذه شخصية نرجسية بامتياز يا جاسمين.
نعم هذا ما أدركته لاحقًا، فهو من النوع الذي يحتاج إلى شخصيةٍ تافهةٍ تتبعه وكأنها خُلقت لتكون يدين لا تتقنان سوى الانبطاح له والتصفيق الحاد والمستمر دون توقف، وإغراقه بطوفانٍ عارمٍ من عباراتِ الثناءِ والشكر ِالدائمِ، والشعورِ بالثناء والامتنان له حتى على أتفه الأمور، وذلك لإرضاء ذاته وغروره المتواصل.
وهل تعلمتِ من التجربة يا جاسمين؟
ابتسمتُ ابتسامةً باهتةً يضمدها التعافي..ما دمتُ أحكي لكِ الآن، فاعلمي أني أكملتُ مراحل الشفاء، وتجاوزت نفقه المظلم.. تعلمتُ الخلاصَ من العلاقات السامة؛ تلك التي كانت تنتشي بالتقليلِ مني أو إحداثِ ثقوبٍ من السلبية والخيبات في سفينة إبحاري نحو التفوق والنجاح، أو حين تستميتُ كي ترفعَ أعلامَ الفشلِ الكئيبةِ على ساريةِ صروحِ نجاحاتي في الحياة.
كعادتها الهزلية، يا واش يا واش، حكيم روحاني حضرتك!
لا أنكر أنها تنجحُ في كلِ مرةٍ في إخراجي من أحلك أوقات حزني بطريقة هزلية لا يجاريها فيها أحد.
قالت: دعيني أتفقُ معكِ يا جاسمين..لا أخفيكِ أني تعلمتُ منكِ الكثيرَ؛ تعلمتُ ألا بطولة في مواجهةِ الكائناتِ السامةِ، بل الحكمة في الابتعاد، فمجاملة الأفاعي جريمة.
نظرتُ إليها نظرةً حانية في محاولة لإنهاء هذه الحديث الذي يُقلّبُ عليّ أوجاعًا، والتي أتحاشى ذكرها، فأجبتها . ❝
ومع إعلانِ انتصارِ الليل في معركته مع غريمه النهار، وسيطرة العتمةِ على مقاليد الحياة، تسللتُ إلى غرفتي بحذرِ الفارِ من معارك الموت خوفًا من أداة القتل التي يختبئُ خلفها خوفُ الصيادِ، فلستُ على استعدادٍ للدخول في جدال سفسطائيّ مع أمي عن أسبابِ إهمالي لمسألة الزواج التي تصرُ هي عليها، وكيف أنها - ككل أمٍّ - تتمنى أن ترى أحفادها في عين حياتها؟
ألقيتُ بجسدي المتهالكِ على سريري، هذا الصديق الكتوم الذي يمسكُ عن فضح عوالمي السرية في عالم القراءة وتدوين المذكرات، احتضنته برقةٍ لا تخلو بشيءٍ من العنف، ولم َ لا؟ فقليلٌ من العنفِ لا يضرُ.. ها أنا أنزوي في أحد أطرافه.. يومٌ عصيبٌ من العمل، معلمٌ في الصباحِ يكابدُ تقلباتِ الدنيا لاستكمال رسالته التي ورثها عن الأنبياء، ثم عادتي اليومية في ارتياد مكتبةِ مصرَ العامةِ لمعالجة إدماني للقراءة بمزيدٍ من الشغفِ والإدمان.
أشعرُ بإرهاقٍ شديدٍ هذه المرة.. لعله من جراء ما حدث لي اليوم من حالة الاندماج فيما أقرأ والتي تعاودني على فتراتٍ متقطعةٍ. ❝ ⏤علاء أبو شحاته
❞ أنتِ في جلدي
ومع إعلانِ انتصارِ الليل في معركته مع غريمه النهار، وسيطرة العتمةِ على مقاليد الحياة، تسللتُ إلى غرفتي بحذرِ الفارِ من معارك الموت خوفًا من أداة القتل التي يختبئُ خلفها خوفُ الصيادِ، فلستُ على استعدادٍ للدخول في جدال سفسطائيّ مع أمي عن أسبابِ إهمالي لمسألة الزواج التي تصرُ هي عليها، وكيف أنها ككل أمٍّ تتمنى أن ترى أحفادها في عين حياتها؟
ألقيتُ بجسدي المتهالكِ على سريري، هذا الصديق الكتوم الذي يمسكُ عن فضح عوالمي السرية في عالم القراءة وتدوين المذكرات، احتضنته برقةٍ لا تخلو بشيءٍ من العنف، ولم َ لا؟ فقليلٌ من العنفِ لا يضرُ.. ها أنا أنزوي في أحد أطرافه.. يومٌ عصيبٌ من العمل، معلمٌ في الصباحِ يكابدُ تقلباتِ الدنيا لاستكمال رسالته التي ورثها عن الأنبياء، ثم عادتي اليومية في ارتياد مكتبةِ مصرَ العامةِ لمعالجة إدماني للقراءة بمزيدٍ من الشغفِ والإدمان.
أشعرُ بإرهاقٍ شديدٍ هذه المرة.. لعله من جراء ما حدث لي اليوم من حالة الاندماج فيما أقرأ والتي تعاودني على فتراتٍ متقطعةٍ . ❝