❞ كانت "سُبُحات" فتاة رصينة رهيفة وكأنّها من عاج، ملامحها بالغة الرّقة والعذوبة، لا تُحدث جلبة إن حضرت، فهي تميل للسّكون، إن نطقت فصوتها هادئ حنون، وعندما تُغادر تترك من خلفها وهو يتساءل عن تلك الرّاحة الّتي غادرت المكان. رآها "أَقْمَر" أوّل مرّة وهو في الثانية عشرة من عُمره، عندما كان يملأ البستان ضجيجًا مع رفاقه، ويقذفون بعضهم بالحجارة فأصابها دون قصد فبكت في صمت وانصرفت ولم تشكه لأبيها، فقال لخالته:
- "تلك الفتاة طيّبة".
ثُمّ زارتهم وكان في السّادسة عشرة من عُمره مع أُمّها وكانت تراقب الهررة وتبتسم في لطف ووداعة، فقال لخالته:
-"تلك الفتاة هادئة".
ثُمّ رآها وهو في الثّامنة عشرة من عُمره، كان قد تعلّم الجدال وطال نقاشه مع أبيها الّذي كان يعدّه شيخه ومُعلّمه، فقاطعتهما وأجابت سؤالًا من أسئلته ببلاغة فانعقد لسانه، فقال لخالته بعد انصرافهما:
- "تلك الفتاة ذكيّة".
ثُمّ رآها وهو في العشرين من عُمره بثوب قشديّ ووشاح بلون زُرقة السّماء، كانت تجلس في سكون على الشَّاطئ ليلًا تنتظر عودة مركب أبيها، فرأته يقف وحيدًا على الشَّاطئ. كانت تحفّه هالة ضوء أبيض وهو يُلاعب ماء المُحيط، يقترب فيبتعد الماء وينسحب كلّما اقترب منه أكثر، ثُمّ يتراجع فيُقبل الماء ويفيض على الشَّاطئ، كأنّه قمر يُداعب ماء المحيط بالمدّ والجزر، أجفل عندما اكتشف أنّها تُراقبه، جذبته عيناها المنيعتان بعد أن تجاوزته وكأنّه سرابٌ، فعاد وقال لخالته على استحياء:
- "تلك الفتاة جميلة".
فضحكت الخالة، وأدركت أنّ قلبه يخفق..
ثُمّ رآها وهو في الثّالثة والعشرين وكان يرنو إليها راجيًا نظرة واحدة، فمرّت بمقلتيها كالبرق على عينيه، واختبأت خلف كتف أبيها، فشحب وجهه، ورجف قلبه، وعاد لخالته سقيمًا وقال:
- "لقد سرقت "سُبُحات" قلبي"!
فقررت خالته أن تتحدّث إلى شيخه في أمر زواجهما، لكنّ الشّيخ اختفى فجأة هو وعائلته، ولم يعد للجزيرة، ولم تره منذ شهور، كان هذا يُقلقها ويوجع قلب "أَقْمَر"، وبعدها طال سُهاده، أصبح قليل الكلام، لا يزال يحلم بـ"سُبُحات". ❝ ⏤حنان لاشين
❞ كانت ˝سُبُحات˝ فتاة رصينة رهيفة وكأنّها من عاج، ملامحها بالغة الرّقة والعذوبة، لا تُحدث جلبة إن حضرت، فهي تميل للسّكون، إن نطقت فصوتها هادئ حنون، وعندما تُغادر تترك من خلفها وهو يتساءل عن تلك الرّاحة الّتي غادرت المكان. رآها ˝أَقْمَر˝ أوّل مرّة وهو في الثانية عشرة من عُمره، عندما كان يملأ البستان ضجيجًا مع رفاقه، ويقذفون بعضهم بالحجارة فأصابها دون قصد فبكت في صمت وانصرفت ولم تشكه لأبيها، فقال لخالته:
- ˝تلك الفتاة طيّبة˝.
ثُمّ زارتهم وكان في السّادسة عشرة من عُمره مع أُمّها وكانت تراقب الهررة وتبتسم في لطف ووداعة، فقال لخالته:
- ˝تلك الفتاة هادئة˝.
ثُمّ رآها وهو في الثّامنة عشرة من عُمره، كان قد تعلّم الجدال وطال نقاشه مع أبيها الّذي كان يعدّه شيخه ومُعلّمه، فقاطعتهما وأجابت سؤالًا من أسئلته ببلاغة فانعقد لسانه، فقال لخالته بعد انصرافهما:
- ˝تلك الفتاة ذكيّة˝.
ثُمّ رآها وهو في العشرين من عُمره بثوب قشديّ ووشاح بلون زُرقة السّماء، كانت تجلس في سكون على الشَّاطئ ليلًا تنتظر عودة مركب أبيها، فرأته يقف وحيدًا على الشَّاطئ. كانت تحفّه هالة ضوء أبيض وهو يُلاعب ماء المُحيط، يقترب فيبتعد الماء وينسحب كلّما اقترب منه أكثر، ثُمّ يتراجع فيُقبل الماء ويفيض على الشَّاطئ، كأنّه قمر يُداعب ماء المحيط بالمدّ والجزر، أجفل عندما اكتشف أنّها تُراقبه، جذبته عيناها المنيعتان بعد أن تجاوزته وكأنّه سرابٌ، فعاد وقال لخالته على استحياء:
- ˝تلك الفتاة جميلة˝.
فضحكت الخالة، وأدركت أنّ قلبه يخفق.
ثُمّ رآها وهو في الثّالثة والعشرين وكان يرنو إليها راجيًا نظرة واحدة، فمرّت بمقلتيها كالبرق على عينيه، واختبأت خلف كتف أبيها، فشحب وجهه، ورجف قلبه، وعاد لخالته سقيمًا وقال:
- ˝لقد سرقت ˝سُبُحات˝ قلبي˝!
فقررت خالته أن تتحدّث إلى شيخه في أمر زواجهما، لكنّ الشّيخ اختفى فجأة هو وعائلته، ولم يعد للجزيرة، ولم تره منذ شهور، كان هذا يُقلقها ويوجع قلب ˝أَقْمَر˝، وبعدها طال سُهاده، أصبح قليل الكلام، لا يزال يحلم بـ˝سُبُحات˝. ❝
❞ سرحت بخيالها بعيداً عن غرفة العمل ورائحة الشاي، تركتْ زميلتها المتزوجة تتثاءب، وسارت بصحبته فوق رصيف الكورنيش، لم يكن الحديث ثالثهما بل نسمات ربيع منعشة، مضيا يرنوان للنوارس وينعمان بدفء اللقاء، امتص خيالها زرقة النهر وأفاض بما حمله من راحة بال، فتورّد وجهها بابتسامة وأشرق، كما لو انها فعلاً كانت معه، لصقه، ترطّب يدها راحة يده، في طريق لا ينتهي..... ❝ ⏤نبيل جميل
❞ سرحت بخيالها بعيداً عن غرفة العمل ورائحة الشاي، تركتْ زميلتها المتزوجة تتثاءب، وسارت بصحبته فوق رصيف الكورنيش، لم يكن الحديث ثالثهما بل نسمات ربيع منعشة، مضيا يرنوان للنوارس وينعمان بدفء اللقاء، امتص خيالها زرقة النهر وأفاض بما حمله من راحة بال، فتورّد وجهها بابتسامة وأشرق، كما لو انها فعلاً كانت معه، لصقه، ترطّب يدها راحة يده، في طريق لا ينتهي. ❝
❞ *أهوال الدُجَى*
أتآكل من الداخل، خواء أحتل جسدي، هناك ألم في ذلك الجزء الصغير الذي ينبض ويقبع أيسر صدري، نبضاته وكأنها مختنقة، أشجان سكنت جوانحي، أغوص في بحرٍ من الأوهام والوجع، أبحث عن مرسىٰ؛ لعلني أنجو من الأسى، أتطلع إلى الليل العميق، وذلك الشاطئ البعيد؛ فتتساقط دموع السجم من مقلتاي، أهمس لزرقة السماء بأشجان قلبي؛ لعلها تنجيني من ذلك الشرود والوجع، أترى ستشفى روحي يومًا من هذا الألم؟ وهل سيصل القلب إلى ما يرنو إليه؟ أم سيظل تائهًا، شريد، تختال روحه أشباح الماضي السحيق؟
*ک/أسماء عبد العاطي بركة*. ❝ ⏤سوسو بركه
❞*أهوال الدُجَى* أتآكل من الداخل، خواء أحتل جسدي، هناك ألم في ذلك الجزء الصغير الذي ينبض ويقبع أيسر صدري، نبضاته وكأنها مختنقة، أشجان سكنت جوانحي، أغوص في بحرٍ من الأوهام والوجع، أبحث عن مرسىٰ؛ لعلني أنجو من الأسى، أتطلع إلى الليل العميق، وذلك الشاطئ البعيد؛ فتتساقط دموع السجم من مقلتاي، أهمس لزرقة السماء بأشجان قلبي؛ لعلها تنجيني من ذلك الشرود والوجع، أترى ستشفى روحي يومًا من هذا الألم؟ وهل سيصل القلب إلى ما يرنو إليه؟ أم سيظل تائهًا، شريد، تختال روحه أشباح الماضي السحيق؟