❞ وصرخ الشيطان بأعلى صوتِهِ : إنَّ محمداً قد قتل ، ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين ، وفر أكثرهم ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما تنتظرُونَ؟ فقالوا : قُتِلَ رسولُ اللهِ ﷺ ، فقال : ما تَصْنَعُونَ في الحياة بعده ؟ قوموا فموتُوا على ما مَاتَ عليه ، ثم استقبل الناس ، ولقي سعد بن معاذ فقال : يَا سَعْدُ إني لأَجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ مِنْ دُونِ أحد ، فقاتل حتى قُتِلَ ، ووُجِدَ به سبعون ضربة ، وجُرحَ يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحواً من عشرين جراحة ، وأقبل رسولُ اللهِ ﷺ نحو المسلمين ، وكان أول من عرفه تحت المِغْفَرِ كعب بن مالك ، فصاح بأعلي صوته يا معشر المسلمين أَبْشِرُوا هذا رسول الله ، فأشار إليه أن اسكت ، واجتمع إليه المسلمونَ ونهضُوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه ، وفيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم ، فلما استندوا إلى الجبل ، أدرك رسول الله ﷺ أُبَيُّ إبن خَلَف على جواد له يُقال له : العَوْذ ، زعم عدو الله أنه يُقتل عليه رسول الله ﷺ ، فلما اقترب منه ، تناول رسولُ اللهِ ﷺ الحربةَ مِن الحارث بن الصمةِ ، فطعنه بها فجاءت في تَرْقُوتِهِ ، فكرَّ عدو الله منهزماً ، فقال له المشركون والله ما بك مِن بأس فقال : والله لو كان ما بي بأهلِ ذِي المَجَازِ ، لماتُوا أجمعون ، وكانَ يَعْلفُ فرسه بمكة ويقولُ : أَقْتُلُ عليه محمداً ، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال ﷺ ( بَلْ أَنَا أَقْتُلُه إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ) ، فلما طعنه تَذكَّر عدو الله قوله : أنا قاتِلُه ، فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح ، فمات منه في طريقه بِسَرِفَ مَرْجِعَه إلى مكة ، وجاء علي إلى رسول الله ﷺ بماء ليشرب منه ، فوجده آجناً ، فرده ، وغسل عن وجهه الدم ، وصبّ على رأسه ، فأراد رسول الله ﷺ أن يعلو صخرة هنالك ، فلم يَسْتَطِع لِما به ، فجلس طلحة تحته حتى صَعِدَهَا ، وحانتِ الصلاةُ ، فصلى بهم ﷺ جالساً ، وصار رسول الله ﷺ في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وصرخ الشيطان بأعلى صوتِهِ : إنَّ محمداً قد قتل ، ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين ، وفر أكثرهم ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما تنتظرُونَ؟ فقالوا : قُتِلَ رسولُ اللهِ ﷺ ، فقال : ما تَصْنَعُونَ في الحياة بعده ؟ قوموا فموتُوا على ما مَاتَ عليه ، ثم استقبل الناس ، ولقي سعد بن معاذ فقال : يَا سَعْدُ إني لأَجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ مِنْ دُونِ أحد ، فقاتل حتى قُتِلَ ، ووُجِدَ به سبعون ضربة ، وجُرحَ يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحواً من عشرين جراحة ، وأقبل رسولُ اللهِ ﷺ نحو المسلمين ، وكان أول من عرفه تحت المِغْفَرِ كعب بن مالك ، فصاح بأعلي صوته يا معشر المسلمين أَبْشِرُوا هذا رسول الله ، فأشار إليه أن اسكت ، واجتمع إليه المسلمونَ ونهضُوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه ، وفيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم ، فلما استندوا إلى الجبل ، أدرك رسول الله ﷺ أُبَيُّ إبن خَلَف على جواد له يُقال له : العَوْذ ، زعم عدو الله أنه يُقتل عليه رسول الله ﷺ ، فلما اقترب منه ، تناول رسولُ اللهِ ﷺ الحربةَ مِن الحارث بن الصمةِ ، فطعنه بها فجاءت في تَرْقُوتِهِ ، فكرَّ عدو الله منهزماً ، فقال له المشركون والله ما بك مِن بأس فقال : والله لو كان ما بي بأهلِ ذِي المَجَازِ ، لماتُوا أجمعون ، وكانَ يَعْلفُ فرسه بمكة ويقولُ : أَقْتُلُ عليه محمداً ، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال ﷺ ( بَلْ أَنَا أَقْتُلُه إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ) ، فلما طعنه تَذكَّر عدو الله قوله : أنا قاتِلُه ، فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح ، فمات منه في طريقه بِسَرِفَ مَرْجِعَه إلى مكة ، وجاء علي إلى رسول الله ﷺ بماء ليشرب منه ، فوجده آجناً ، فرده ، وغسل عن وجهه الدم ، وصبّ على رأسه ، فأراد رسول الله ﷺ أن يعلو صخرة هنالك ، فلم يَسْتَطِع لِما به ، فجلس طلحة تحته حتى صَعِدَهَا ، وحانتِ الصلاةُ ، فصلى بهم ﷺ جالساً ، وصار رسول الله ﷺ في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار. ❝
❞ إذا أضناك هوي أو أعماك طموح أو أضلتك فتنة فأنظر تحت قدميك ، إِلي التراب الذي يطؤه حذائك ، وسل نفسك كم من رؤوس امتلأت بالفتن والأطماع والأهواء ثم غيبها ذلك التراب .. ذلك التراب عينه الذي تحت حذائك ..
وإنك لتوشك أن تكون تراباً أنت الآخر يطؤه ناس آخرون ، وإنما هي بُرهة والتفاتة ثم ينتهي كل شيء ..
فلا تضيع هذه البرهة الخاطفة في خسائس الأمور .. واختر لنفسك المحبوب الذي يليق بكمالك .. المحبوب الذي لا يضيع عنده معروف ولا تضيع مودة .. وذلك ربك خالِقك ..
ولئِن ضيعت ربك فابك ماشاء لك البكاء ، فلقد ضيعت كل شيء .. ولا يغرك علمك فقد أضل اللّه قوماً علي علم وأهلك أقواماً كانوا مستبصرين .. وعثرة العالم أسوأ بما لا يقاس من عثرة الجاهل ..
فلئِن تطمع في نجاة فتوسل إلي فضله وليس إلي علمك ، ولُذ بجنابِه ولا تعتّز بجنابك ، واسجد لتدخل من الباب الضيق والزم العبودية لتكون أهلاً لعطاء الربوبية ..
وإذا راودتك نفسك الأمّارة وسوّل لك شيطانك بأنك علي شئ فانظر مرة أخري إلي التراب الذي يطؤه حذاؤك ، فذلك التراب هو الملوك الذين غبروا قبلك وعروشهم وأمجادهم ومواكبهم وقد انطوي فيه التصفيق والهتاف وماتت الضجة وسكتت الأبواق ودفنت الرايات وعاد كل شئ ترابا ..
وموعدك مع هذا التراب وإن طال قريب ...
من كتاب / هل هو عصر الجنون
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إذا أضناك هوي أو أعماك طموح أو أضلتك فتنة فأنظر تحت قدميك ، إِلي التراب الذي يطؤه حذائك ، وسل نفسك كم من رؤوس امتلأت بالفتن والأطماع والأهواء ثم غيبها ذلك التراب . ذلك التراب عينه الذي تحت حذائك .
وإنك لتوشك أن تكون تراباً أنت الآخر يطؤه ناس آخرون ، وإنما هي بُرهة والتفاتة ثم ينتهي كل شيء .
فلا تضيع هذه البرهة الخاطفة في خسائس الأمور . واختر لنفسك المحبوب الذي يليق بكمالك . المحبوب الذي لا يضيع عنده معروف ولا تضيع مودة . وذلك ربك خالِقك .
ولئِن ضيعت ربك فابك ماشاء لك البكاء ، فلقد ضيعت كل شيء . ولا يغرك علمك فقد أضل اللّه قوماً علي علم وأهلك أقواماً كانوا مستبصرين . وعثرة العالم أسوأ بما لا يقاس من عثرة الجاهل .
فلئِن تطمع في نجاة فتوسل إلي فضله وليس إلي علمك ، ولُذ بجنابِه ولا تعتّز بجنابك ، واسجد لتدخل من الباب الضيق والزم العبودية لتكون أهلاً لعطاء الربوبية .
وإذا راودتك نفسك الأمّارة وسوّل لك شيطانك بأنك علي شئ فانظر مرة أخري إلي التراب الذي يطؤه حذاؤك ، فذلك التراب هو الملوك الذين غبروا قبلك وعروشهم وأمجادهم ومواكبهم وقد انطوي فيه التصفيق والهتاف وماتت الضجة وسكتت الأبواق ودفنت الرايات وعاد كل شئ ترابا .
وموعدك مع هذا التراب وإن طال قريب ..
من كتاب / هل هو عصر الجنون
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝