❞ امتنع عن شهوات الدنيا وإن ثقل التغلب عليها تذكر أمرين أساسيين:-
الأولى: من ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا منه
فيما معنى أنك إذا تركت معصية ما وقلت ها أنا يالله امتنعت عن فعل هذا لوجهك فسوف ترى نعيم وعوض فحينها سيقول الله لك يا عبدي أنت فعلت هذا لأجل التوبة فلتَنعم بيما أُعطيك
أما عن الثانية: أن الجنة تستحق المحاربة لأجلها
ألا تستطيع فعل هذا لأجل نعيمها الأبدي!!. ❝ ⏤كـ/نَـيّـرة الـسَّـيّـد
❞ امتنع عن شهوات الدنيا وإن ثقل التغلب عليها تذكر أمرين أساسيين:-
الأولى: من ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا منه
فيما معنى أنك إذا تركت معصية ما وقلت ها أنا يالله امتنعت عن فعل هذا لوجهك فسوف ترى نعيم وعوض فحينها سيقول الله لك يا عبدي أنت فعلت هذا لأجل التوبة فلتَنعم بيما أُعطيك
أما عن الثانية: أن الجنة تستحق المحاربة لأجلها
ألا تستطيع فعل هذا لأجل نعيمها الأبدي!!. ❝
❞ أنا لن اتي في يوم الي احد و اعاتبه علي أفعاله فسوف اجعلة يشعر من معاملتي له أنه أصبح بنسبة لي لا يساوي أي شي وليس له ايه قيمه مثل الصفر الذي ليس له قيمه سوف أجعل العالم يعرف مع من يتعامل ويكون شديد الحذر بكل كلمه يقولها لأن إذا قال شي يزعجني سوف يجد الشخص الذي بداخلي الذي مات قلبه وأصبح متحجر من كثره الألم أنا لست ملآك بل حينما يفكر أحد في جرحي أو جرح من أحب في هذه اللحظة أتحول إلي شخص قاتل شخص متعطش للانتقام من كل من جرحه في يوم من الايام.. ❝ ⏤Aya Mohamed
❞ أنا لن اتي في يوم الي احد و اعاتبه علي أفعاله فسوف اجعلة يشعر من معاملتي له أنه أصبح بنسبة لي لا يساوي أي شي وليس له ايه قيمه مثل الصفر الذي ليس له قيمه سوف أجعل العالم يعرف مع من يتعامل ويكون شديد الحذر بكل كلمه يقولها لأن إذا قال شي يزعجني سوف يجد الشخص الذي بداخلي الذي مات قلبه وأصبح متحجر من كثره الألم أنا لست ملآك بل حينما يفكر أحد في جرحي أو جرح من أحب في هذه اللحظة أتحول إلي شخص قاتل شخص متعطش للانتقام من كل من جرحه في يوم من الايام. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا .. أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد .. و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا ..
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار ..{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف
{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير .. ثم التسوية ثم النفخ .." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة .. يقول الله سبحانه إنه : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد .. و أصبح آدم ..
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا ..
{ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن .. و لكن اللغز الحقيقي هو .. ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد .. هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي .. و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي .. هذه حقيقة ..
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني .. و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة .. بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة .. هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .. فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري .. و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة ..
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك .. و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر .. مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع .. و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية ..
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش .. ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية ..
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض ..
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة ..
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة .. ثم " الاثنى عشر " .. ثم الأمعاء الدقيقة .. ثم الأمعاء الغليظة .. ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض ..
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول ..
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم .. و الدببة لبست الفراء .. و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس .. و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة ..
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف .. و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة .. و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات .. و أخيراً إلى الإنسان ..
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح .. تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه .. و تبقي على نسله .. و تفسح أمامه سبل الحياة ..
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران .. و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ .. ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها ..
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان .. و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال .. مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً ..
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة ..
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع .. و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب ..
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة .. و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة .. فتكون صفة جديدة مفيدة .. لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية ..
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية .. و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً ..
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء ..
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع .. و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو .. من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود .. من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل.. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية .. أو خريطة الجينات .. و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت .. و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً ..
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن .. كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة ..
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد .. و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
{ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة ..
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم ..
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها .. و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر ..
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير .. و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً .. و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة .. و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض ..
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم ..
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً .. هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة ..
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم.. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا . أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد . و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا .
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم . فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار .﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ 13/14 سورة نوح ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ 11/ سورة الأعراف
﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير . ثم التسوية ثم النفخ ." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : ﴿ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾ 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة . يقول الله سبحانه إنه : ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد . و أصبح آدم .
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا .
﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن . و لكن اللغز الحقيقي هو . ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد . هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي . و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي . هذه حقيقة .
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني . و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة . بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة . هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي . فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري . و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة .
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك . و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر . مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع . و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش . ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية .
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض .
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة .
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة . ثم " الاثنى عشر " . ثم الأمعاء الدقيقة . ثم الأمعاء الغليظة . ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض .
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول .
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها .
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم . و الدببة لبست الفراء . و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس . و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة .
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف . و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة . و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات . و أخيراً إلى الإنسان .
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح . تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه . و تبقي على نسله . و تفسح أمامه سبل الحياة .
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران . و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ . ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها .
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان . و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال . مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً .
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة .
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع . و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب .
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة . و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية .
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة . فتكون صفة جديدة مفيدة . لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية .
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية . و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً .
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء .
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع . و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو . من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود . من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين . هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية . أو خريطة الجينات . و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت . و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً .
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن . كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة .
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد . و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة .
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم .
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها . و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر .
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير . و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً . و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة . و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض .
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن ﴿ خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾ 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم .
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً . هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة .
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝
❞ الشهيد في الإسلام: جاء لفظ الشهيد في القرآن الكريم لمرة واحدة بهذا المعنى في قوله تعالى: \"وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدًا\". [النساء : 72]وهو قول منسوب للمبطلين ساقه الله تعالى في القرآن للبلاغ، وكان وعد الله تعالى لمن يقتل في سبيله (يستشهد) مغفرة ورحمة كاملة لا ثواب بعدها إلا الجنة قال تعالى: \"ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون\". [آل عمران : 157] وأما ماورد باللفظ \"شهيد\" من غير ذلك فلا علاقة له بهذا المعنى.
سبب تسمية الشهيد شهيدًا
للعلماء في ذلك أقوال شتى منها:
1. لأنه حي، فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة.
2. لأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة.
3. لأنه يشهد (يرى) عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة.
4. لأنه يشهد له بالأمان من النار.
5. لأن ملائكة الرحمة تشهده عند موته .و تشهد له بحسن الخاتمة.
6. لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره.
7. لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه.
8. لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل.
مكانة الشهيد
قال الله تعالى\"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بأيعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة : 111]وذلك الوعد الحق الذي يبينه القرآن لمكانة الشهيد عند ربه فقد فاز فوزا عظيما، والفوز العظيم هو أعلى مراتب الجنة عند الله بصحبة الانبياء وعلى حوض النبي محمد صلوات الله عليه.
وهو في آية أخرى قال رب السموات والارض\"... ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا [النساء : 74]وذلك هو الفوز المذكور في الآية السابقة، أما المكانة الأولى الاظهر في القرآن المجيد فهي الحياة عند الله بمجرد الشهادة فالشهداء لايموتون \"ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون [البقرة : 154]
وخير بيان للوعد بالجنة كفوز عظيم هو قوله تعالى\"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة : 111]
الشهيد في القرآن
قال تعالى: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما ءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171) (سورة آل عمران).
وقال تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا(سورة النساء: الآية 74).
الشهيد في السنة
روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \"ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة \"(رواه البخاري، الحديث الرقم 2606). وفي رواية: \"ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أنها ترجع إلى الدنيا ولا أن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة \"(رواه مسلم، الحديث الرقم 3488).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته(سنن أبو داود، الحديث الرقم 2160). وعن جابر بن عبد الله يقول لقيني رسول الله فقال لي: يا جابر، ما لي أراك منكسرًا؟ قلت: يا رسول الله، استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالا ودينًا. قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك: قلت بلى يا رسول الله. قال: ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحًا فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانيةً قال الرب عز وجل إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال وأنزلت هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا (رواه الترمذي، الحديث الرقم 2936).
قيل: أكرم الله والد جابر واسمه عبد الله بن حرام، بهذه الكرامة، لأنه كان عنده بنات، لم يتبرم بهن، رباهن، وأكرمهن، ويوم استشهد، أخبر أبنه جابرًا بأنه مقتول، وأوصاه بهن خيرًا، كما أوصاه أن يقضي دينه، يضاف إلى ذلك تمثيل المشركين به. وعن جابر قال: \"جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوبًا فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع فسمع صوت صائحة فقال من هذه فقالوا ابنة عمرو أو أخت عمرو قال فلم تبكي أو لا تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها\" (رواه البخاري، الحديث الرقم 1211).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولاينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم قال فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله إلى آخر الآية\".(رواه أبو داود، الحديث الرقم 2158).
وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: \"إذا وقف العباد للحساب. جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دمًا، فازدحموا على باب الجنة فقيل: من هؤلاء ؟ قيل: الشهداء كانوا أحياء مرزوقين\" (رواه الطبراني بإسناد حسن). ذكر السيف في الحديث؛ لأنه السلاح الغالب استعماله في ذلك الوقت، ويلحق به السلاح المستعمل اليوم. فشهداء عصرنا يأتون يوم القيامة، حاملين سلاحهم الذي استعملوه، من بندقية، ومدفع رشاش، ومسدس، وقنبلة، وغيرها.
أمن فتنة القبر
عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي الله صلى الله عليه وسلم: \"أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنةً\" (رواه النسائي، الحديث الرقم 2026). أفاد الحديث: أن الشهيد لا يسأله الملكان في قبره. لأن القصد بسؤالهما، فتنة الميت وامتحانه، والشهيد قد امتحن بأهوال الحرب وفزعاتها، وتعرضه للموت وهو ثابت حتى استشهد. فكان ذلك امتحانًا كافيًا في الدلالة على قوة إيمانه، وذلك للشهيد المخلص. عن عتبة بن عبد السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم\"القتلى ثلاثة مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه فذلك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة.
ومؤمن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء للخطايا وأدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء. ومنافق جاهد بنفسه وماله فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فذاك في النار إن السيف لا يمحو النفاق\" (سنن الدارمي، الحديث الرقم 2304). وعبارة إن السيف محاء للخطايا: يفيد أن الشهيد تمحى عنه ذنوبه، لأنه بذل نفسه لله، فجوزي بتكفير ذنوبها.
والمعنى: أن الكافر إذا قتل مسلمًا لم يترك عليه ذنبًا، لأن الشهيد تكفر ذنوبه كلها، أما المقتول في غير الجهاد فلا تمحى ذنوبه بقتله، ولو كان مظلومًا، نعم يكفر عنه بعضها، باعتبار القتل مصيبة نزلت به. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله صلى الله عليه وسلم: أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية ؟ ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله (سورة الزمر: الآية 68): \"من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال: هم شهداء الله\" (الحاكم النيسابوري).
أفاد الحديث: أن الشهداء هم المستثنون من الصعق في الآية. قال بذلك جماعة من العلماء. عن سمرة قال: النبي الله صلى الله عليه وسلم: \"رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل لم أر قط أحسن منها قالا أما هذه الدار فدار الشهداء\" (رواه البخاري، الحديث الرقم 2582).
هذه رسالة فقهية في مسألة الجهاد والمجاهدة، والشهيد والشهادة، تبين للقصد من مشروعية الجهاد، ومعرفاً بالشهداء، وخاصة شهيد الجهاد أو بمعالمه الحسية والمعنوية لدى السادة الفقهاء، ومدى ما للشهيد والشهداء من فضل ومكانة في الدنيا وفي الآخرة، فضلاً عما يتضمن من قضايا قد يسأل عنها المجاهدون.. ❝ ⏤ضياء الدين زنكي
❞ الشهيد في الإسلام: جاء لفظ الشهيد في القرآن الكريم لمرة واحدة بهذا المعنى في قوله تعالى: ˝وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدًا˝. [النساء : 72]وهو قول منسوب للمبطلين ساقه الله تعالى في القرآن للبلاغ، وكان وعد الله تعالى لمن يقتل في سبيله (يستشهد) مغفرة ورحمة كاملة لا ثواب بعدها إلا الجنة قال تعالى: ˝ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون˝. [آل عمران : 157] وأما ماورد باللفظ ˝شهيد˝ من غير ذلك فلا علاقة له بهذا المعنى.
سبب تسمية الشهيد شهيدًا
للعلماء في ذلك أقوال شتى منها:
1. لأنه حي، فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة.
2. لأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة.
3. لأنه يشهد (يرى) عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة.
4. لأنه يشهد له بالأمان من النار.
5. لأن ملائكة الرحمة تشهده عند موته .و تشهد له بحسن الخاتمة.
6. لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره.
7. لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه.
8. لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل.
مكانة الشهيد
قال الله تعالى˝إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بأيعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة : 111]وذلك الوعد الحق الذي يبينه القرآن لمكانة الشهيد عند ربه فقد فاز فوزا عظيما، والفوز العظيم هو أعلى مراتب الجنة عند الله بصحبة الانبياء وعلى حوض النبي محمد صلوات الله عليه.
وهو في آية أخرى قال رب السموات والارض˝.. ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا [النساء : 74]وذلك هو الفوز المذكور في الآية السابقة، أما المكانة الأولى الاظهر في القرآن المجيد فهي الحياة عند الله بمجرد الشهادة فالشهداء لايموتون ˝ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون [البقرة : 154]
وخير بيان للوعد بالجنة كفوز عظيم هو قوله تعالى˝إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة : 111]
الشهيد في القرآن
قال تعالى: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما ءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171) (سورة آل عمران).
وقال تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا(سورة النساء: الآية 74).
الشهيد في السنة
روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ˝ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة ˝(رواه البخاري، الحديث الرقم 2606). وفي رواية: ˝ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أنها ترجع إلى الدنيا ولا أن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة ˝(رواه مسلم، الحديث الرقم 3488).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته(سنن أبو داود، الحديث الرقم 2160). وعن جابر بن عبد الله يقول لقيني رسول الله فقال لي: يا جابر، ما لي أراك منكسرًا؟ قلت: يا رسول الله، استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالا ودينًا. قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك: قلت بلى يا رسول الله. قال: ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحًا فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانيةً قال الرب عز وجل إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال وأنزلت هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا (رواه الترمذي، الحديث الرقم 2936).
قيل: أكرم الله والد جابر واسمه عبد الله بن حرام، بهذه الكرامة، لأنه كان عنده بنات، لم يتبرم بهن، رباهن، وأكرمهن، ويوم استشهد، أخبر أبنه جابرًا بأنه مقتول، وأوصاه بهن خيرًا، كما أوصاه أن يقضي دينه، يضاف إلى ذلك تمثيل المشركين به. وعن جابر قال: ˝جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوبًا فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع فسمع صوت صائحة فقال من هذه فقالوا ابنة عمرو أو أخت عمرو قال فلم تبكي أو لا تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها˝ (رواه البخاري، الحديث الرقم 1211).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ˝لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولاينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم قال فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله إلى آخر الآية˝.(رواه أبو داود، الحديث الرقم 2158).
وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ˝إذا وقف العباد للحساب. جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دمًا، فازدحموا على باب الجنة فقيل: من هؤلاء ؟ قيل: الشهداء كانوا أحياء مرزوقين˝ (رواه الطبراني بإسناد حسن). ذكر السيف في الحديث؛ لأنه السلاح الغالب استعماله في ذلك الوقت، ويلحق به السلاح المستعمل اليوم. فشهداء عصرنا يأتون يوم القيامة، حاملين سلاحهم الذي استعملوه، من بندقية، ومدفع رشاش، ومسدس، وقنبلة، وغيرها.
أمن فتنة القبر
عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي الله صلى الله عليه وسلم: ˝أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنةً˝ (رواه النسائي، الحديث الرقم 2026). أفاد الحديث: أن الشهيد لا يسأله الملكان في قبره. لأن القصد بسؤالهما، فتنة الميت وامتحانه، والشهيد قد امتحن بأهوال الحرب وفزعاتها، وتعرضه للموت وهو ثابت حتى استشهد. فكان ذلك امتحانًا كافيًا في الدلالة على قوة إيمانه، وذلك للشهيد المخلص. عن عتبة بن عبد السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم˝القتلى ثلاثة مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه فذلك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة.
ومؤمن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء للخطايا وأدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء. ومنافق جاهد بنفسه وماله فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فذاك في النار إن السيف لا يمحو النفاق˝ (سنن الدارمي، الحديث الرقم 2304). وعبارة إن السيف محاء للخطايا: يفيد أن الشهيد تمحى عنه ذنوبه، لأنه بذل نفسه لله، فجوزي بتكفير ذنوبها.
والمعنى: أن الكافر إذا قتل مسلمًا لم يترك عليه ذنبًا، لأن الشهيد تكفر ذنوبه كلها، أما المقتول في غير الجهاد فلا تمحى ذنوبه بقتله، ولو كان مظلومًا، نعم يكفر عنه بعضها، باعتبار القتل مصيبة نزلت به. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله صلى الله عليه وسلم: أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية ؟ ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله (سورة الزمر: الآية 68): ˝من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال: هم شهداء الله˝ (الحاكم النيسابوري).
أفاد الحديث: أن الشهداء هم المستثنون من الصعق في الآية. قال بذلك جماعة من العلماء. عن سمرة قال: النبي الله صلى الله عليه وسلم: ˝رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل لم أر قط أحسن منها قالا أما هذه الدار فدار الشهداء˝ (رواه البخاري، الحديث الرقم 2582).
هذه رسالة فقهية في مسألة الجهاد والمجاهدة، والشهيد والشهادة، تبين للقصد من مشروعية الجهاد، ومعرفاً بالشهداء، وخاصة شهيد الجهاد أو بمعالمه الحسية والمعنوية لدى السادة الفقهاء، ومدى ما للشهيد والشهداء من فضل ومكانة في الدنيا وفي الآخرة، فضلاً عما يتضمن من قضايا قد يسأل عنها المجاهدون. ❝