❞ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)
قوله تعالى : يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون
قوله تعالى : ياحسرة على العباد منصوب ; لأنه نداء نكرة ، ولا يجوز فيه غير النصب عند البصريين . وفي حرف أبي " يا حسرة العباد " على الإضافة . وحقيقة الحسرة في اللغة أن يلحق الإنسان من الندم ما يصير به حسيرا . وزعم الفراء أن الاختيار النصب ، وأنه لو رفعت النكرة الموصولة بالصلة كان صوابا . واستشهد بأشياء ، منها : أنه سمع من العرب : يا مهتم بأمرنا لا تهتم . وأنشد :
يا دار غيرها البلى تغييرا
قال النحاس : وفي هذا إبطال باب النداء أو أكثره ; لأنه يرفع النكرة المحضة ، ويرفع ما هو بمنزلة المضاف في طوله ، ويحذف التنوين متوسطا ، ويرفع ما هو في المعنى مفعول بغير علة أوجبت ذلك . فأما ما حكاه عن العرب فلا يشبه ما أجازه ; لأن تقدير ( يا مهتم بأمرنا لا تهتم ) على التقديم والتأخير ، والمعنى : يا أيها المهتم لا تهتم بأمرنا . وتقدير البيت : يا أيتها الدار ، ثم حول المخاطبة ، أي : يا هؤلاء غير هذه الدار البلى ، كما قال الله - جل وعز - : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم . ف " حسرة " منصوب على النداء ، كما تقول : يا رجلا أقبل . ومعنى النداء : هذا موضع حضور الحسرة . الطبري : المعنى : يا حسرة من العباد على أنفسهم ، وتندما وتلهفا في استهزائهم برسل الله عليهم السلام . ابن عباس : " يا حسرة على العباد " أي : يا ويلا على العباد . وعنه أيضا : حل هؤلاء محل من يتحسر عليهم . وروى الربيع عن أنس عن أبي العالية أن العباد هاهنا الرسل ، وذلك أن الكفار لما رأوا العذاب قالوا : يا حسرة على العباد ، فتحسروا على قتلهم ، وترك الإيمان بهم ، فتمنوا الإيمان حين لم ينفعهم الإيمان ، وقاله مجاهد . وقال الضحاك : إنها حسرة الملائكة على الكفار حين كذبوا الرسل . وقيل : " يا حسرة على العباد " من قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، لما وثب القوم لقتله . وقيل : إن الرسل الثلاثة هم الذين قالوا لما قتل القوم ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، وحل بالقوم العذاب : يا حسرة على هؤلاء ، كأنهم تمنوا أن يكونوا قد آمنوا . وقيل : هذا من قول القوم ، قالوا لما قتلوا الرجل وفارقتهم الرسل ، أو قتلوا الرجل مع الرسل الثلاثة ، على اختلاف الروايات : يا حسرة على هؤلاء الرسل ، وعلى هذا الرجل ، ليتنا آمنا بهم في الوقت الذي ينفع الإيمان . وتم الكلام على هذا ، ثم ابتدأ فقال : ما يأتيهم من رسول . وقرأ ابن هرمز ومسلم بن جندب وعكرمة : " يا حسره على العباد " بسكون الهاء للحرص على البيان وتقرير المعنى في النفس ، إذ كان موضع وعظ وتنبيه ، والعرب تفعل ذلك في مثله ، وإن لم يكن موضعا للوقف . ومن ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقطع قراءته حرفا حرفا ; حرصا على البيان والإفهام . ويجوز أن يكون " على العباد " متعلقا بالحسرة ، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف لا بالحسرة ، فكأنه قدر الوقف على الحسرة فأسكن الهاء ، ثم قال : " على العباد " أي : أتحسر على العباد . وعن ابن عباس والضحاك وغيرهما : ( يا حسرة العباد ) مضاف بحذف " على " . وهو خلاف المصحف . وجاز أن يكون من باب الإضافة إلى الفاعل ، فيكون العباد فاعلين ، كأنهم إذا شاهدوا العذاب تحسروا ، فهو كقولك : يا قيام زيد . ويجوز أن تكون من باب الإضافة إلى المفعول ، فيكون العباد مفعولين ، فكأن العباد يتحسر عليهم من يشفق لهم . وقراءة من قرأ : " يا حسرة على العباد " مقوية لهذا المعنى .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)
قوله تعالى : يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون
قوله تعالى : ياحسرة على العباد منصوب ; لأنه نداء نكرة ، ولا يجوز فيه غير النصب عند البصريين . وفي حرف أبي " يا حسرة العباد " على الإضافة . وحقيقة الحسرة في اللغة أن يلحق الإنسان من الندم ما يصير به حسيرا . وزعم الفراء أن الاختيار النصب ، وأنه لو رفعت النكرة الموصولة بالصلة كان صوابا . واستشهد بأشياء ، منها : أنه سمع من العرب : يا مهتم بأمرنا لا تهتم . وأنشد :
يا دار غيرها البلى تغييرا
قال النحاس : وفي هذا إبطال باب النداء أو أكثره ; لأنه يرفع النكرة المحضة ، ويرفع ما هو بمنزلة المضاف في طوله ، ويحذف التنوين متوسطا ، ويرفع ما هو في المعنى مفعول بغير علة أوجبت ذلك . فأما ما حكاه عن العرب فلا يشبه ما أجازه ; لأن تقدير ( يا مهتم بأمرنا لا تهتم ) على التقديم والتأخير ، والمعنى : يا أيها المهتم لا تهتم بأمرنا . وتقدير البيت : يا أيتها الدار ، ثم حول المخاطبة ، أي : يا هؤلاء غير هذه الدار البلى ، كما قال الله - جل وعز - : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم . ف " حسرة " منصوب على النداء ، كما تقول : يا رجلا أقبل . ومعنى النداء : هذا موضع حضور الحسرة . الطبري : المعنى : يا حسرة من العباد على أنفسهم ، وتندما وتلهفا في استهزائهم برسل الله عليهم السلام . ابن عباس : " يا حسرة على العباد " أي : يا ويلا على العباد . وعنه أيضا : حل هؤلاء محل من يتحسر عليهم . وروى الربيع عن أنس عن أبي العالية أن العباد هاهنا الرسل ، وذلك أن الكفار لما رأوا العذاب قالوا : يا حسرة على العباد ، فتحسروا على قتلهم ، وترك الإيمان بهم ، فتمنوا الإيمان حين لم ينفعهم الإيمان ، وقاله مجاهد . وقال الضحاك : إنها حسرة الملائكة على الكفار حين كذبوا الرسل . وقيل : " يا حسرة على العباد " من قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، لما وثب القوم لقتله . وقيل : إن الرسل الثلاثة هم الذين قالوا لما قتل القوم ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، وحل بالقوم العذاب : يا حسرة على هؤلاء ، كأنهم تمنوا أن يكونوا قد آمنوا . وقيل : هذا من قول القوم ، قالوا لما قتلوا الرجل وفارقتهم الرسل ، أو قتلوا الرجل مع الرسل الثلاثة ، على اختلاف الروايات : يا حسرة على هؤلاء الرسل ، وعلى هذا الرجل ، ليتنا آمنا بهم في الوقت الذي ينفع الإيمان . وتم الكلام على هذا ، ثم ابتدأ فقال : ما يأتيهم من رسول . وقرأ ابن هرمز ومسلم بن جندب وعكرمة : " يا حسره على العباد " بسكون الهاء للحرص على البيان وتقرير المعنى في النفس ، إذ كان موضع وعظ وتنبيه ، والعرب تفعل ذلك في مثله ، وإن لم يكن موضعا للوقف . ومن ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقطع قراءته حرفا حرفا ; حرصا على البيان والإفهام . ويجوز أن يكون " على العباد " متعلقا بالحسرة ، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف لا بالحسرة ، فكأنه قدر الوقف على الحسرة فأسكن الهاء ، ثم قال : " على العباد " أي : أتحسر على العباد . وعن ابن عباس والضحاك وغيرهما : ( يا حسرة العباد ) مضاف بحذف " على " . وهو خلاف المصحف . وجاز أن يكون من باب الإضافة إلى الفاعل ، فيكون العباد فاعلين ، كأنهم إذا شاهدوا العذاب تحسروا ، فهو كقولك : يا قيام زيد . ويجوز أن تكون من باب الإضافة إلى المفعول ، فيكون العباد مفعولين ، فكأن العباد يتحسر عليهم من يشفق لهم . وقراءة من قرأ : " يا حسرة على العباد " مقوية لهذا المعنى. ❝
❞ بخلاف كميات الغاز التي استنشقناها جميعا والتي لا بد أنها أتلفت بعض فصوص المخ أو صلبت شرايينه أو سيحت تلافيفه، بخلاف نوبات الهلع التي نتعرض لها يوميا عبر الإعلام، فهناك دائما ما يبث فيك الخوف (هنفلس، ما فيش بنزين، مؤامرة، تفجيرات، مواجهات على الهواء، بأقولك أيام سودة) الخوف يطرد من الذاكرة ملفات كثيرة ليأخذ هو مكانها، طبيعي أن يحذف المخ أمورا أقل أهمية مقارنة بخوفك على أولادك ومستقبلك.. ❝ ⏤عمر طاهر
❞ بخلاف كميات الغاز التي استنشقناها جميعا والتي لا بد أنها أتلفت بعض فصوص المخ أو صلبت شرايينه أو سيحت تلافيفه، بخلاف نوبات الهلع التي نتعرض لها يوميا عبر الإعلام، فهناك دائما ما يبث فيك الخوف (هنفلس، ما فيش بنزين، مؤامرة، تفجيرات، مواجهات على الهواء، بأقولك أيام سودة) الخوف يطرد من الذاكرة ملفات كثيرة ليأخذ هو مكانها، طبيعي أن يحذف المخ أمورا أقل أهمية مقارنة بخوفك على أولادك ومستقبلك. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
..
قلت لصديقي : ربما كان حديث اليوم عن لمحات العلم في القرآن أكثر إثارة لعقلك العلمي من جلستنا السابقة .. فما كان الفلك الحديث ، و لا علوم الذرّة ، و لا علوم البيولوجيا و التشريح معروفة حينما نزلت الآيات الكونية في القرآن منذ أكثر من ألف و أربعمائة سنة لتتكلم عن السماوات و الأرض و النجوم و الكواكب ، و خلق الجنين و تكوين الإنسان بما يتفق مع أحداث العلوم التي جاء بها عصرنا .و لم يتعرض القرآن لهذه الموضوعات بتفصيل الكتاب العلمي المتخصص ، لأنه جاء في المقام الأول كتاب عقيدة و منهج و تشريع ..و لو أنه تعرض لتلك الموضوعات بتفصيل و وضوح لصدم العرب بما لا يفهمونه .. و لهذا لجأ إلى أسلوب الإشارة و اللمحة و الومضة لتفسرها علوم المستقبل و كشوفه بعد ذلك بمئات السنين .. و تظهر للناس جيلاً بعد جيل كآيات و معجزات على صدق نزول القرآن من الله الحق ..
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (
لأنهم لم يكتفوا بشهادة الله على كتابه .. فأصبح من الضروري أن نريهم ذلك بالآيات الكاشفة .. هكذا يقول الله في كتابه ..و ما زال القرآن يكشف لنا يوماً بعد يوم مزيداً من تلك الآيات العجيبة .. و حول كروية الأرض جاءت هذه الآيات الصريحة التي تستخدم لفظ التكوير لتصف انزلاق الليل و النهار كنصفي كرة :
( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ)
ثم الآية التي تصف دحو الأرض ..
( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا )
و دحا هي الكلمة الوحيدة في القاموس التي تعني البسط والتكوير معاً .. و الأرض كما هو معلوم مبسوطة في الظاهر و مكورة في الحقيقة ، بل هي أشبه بالدحية " البيضة " في تكويرها .. ثم نقرأ إشارة أخرى صريحة عن أن الجبال تسبح في الفضاء ، و بالتالي فالأرض كلها تسبح بجبالها حيث هي و الجبال كتلة واحدة :
( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (
فالجبال التي تبدو جامدة ساكنة هي في الواقع سابحة في الفضاء .. و تشبيه الجبال بالسحب فيه لمحة أخرى عن التكوين الهش للمادة .. التي نعرف الآن أنها مؤلفة من ذرّات ، كما أن السحب مؤلفة من قطيرات . .ثم الكلام عن تواقت الليل والنهار بدون أن يسبق أحدهما الآخر من مبدأ الخلق إلى نهايته .
( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ )
إشارة أخرى إلى كروية الأرض .. حيث بدأ الليل والنهار معاً وفي وقت واحد منذ بدء الخليقة كنصفي كرة ولو كانت الأرض مسطحة لتعاقب النهار والليل الواحد بعد الآخر بالضرورة .
ثم تأتي القيامة والأرض في ليل ونهار في وقت واحد كما كانت في البدء
( حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ )
و في قوله تعالى ليلاً أو نهاراً .. تأكيد لهذا التواقت الذي لا تفسير له إلا أن نصف الأرض محجوب عن الشمس و مظلم ، و الآخر مواجه للشمس و مضيء بحكم كونها كروية ، و لو كانت مسطحة لكان لها في كل وقت وجه واحد ، و لما صح أن نقول :
( وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ )
ثم تعدد المشارق و المغارب في القرآن فالله يُوصَف :
( بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ(
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ )
و لو كانت الأرض مسطحة لكان هناك مشرق واحد ومغرب واحد ، يقول الإنسان لشيطانه يوم القيامة :
( يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ (
ولا تكون المسافة على الأرض أبعد ما تكون بين مشرقين إلا إذا كانت الأرض كروية ..ثم الكلام عن السماء بأن فيها مسارات ومجالات وطرقاً :
( وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ )
والحبك هي المسارات..
( وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ )
أي أنها ترجع كل ما يرتفع فيها إلى الأرض .. ترجع بخار الماء مطراً .. وترجع الأجسام بالجاذبية الأرضية .. وترجع الأمواج اللاسلكية بانعكاسها من طبقة الأيونوسفير .. كما ترجع الأشعة الحرارية تحت الحمراء معكوسة إلى الأرض بنفس الطريقة فتدفئها في الليل ..وكما تعكس السماء ما ينقذف إليها من الأرض كذلك تمتص وتعكس وتشتت ما ينقذف إليها من العالم الخارجي ، وبذلك تحمي الأرض من قذائف الأشعة الكونية المميتة ، والأشعة فوق البنفسجية القاتلة ..فهي تتصرف كأنها سقف ..
( وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا(
( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )
و هو ما يعرف الآن باسم تمدد الكون المطرد ..وكان مثقال الذرة يعرف في تلك الأيام بأنه أصغر مثقال، وكانت الذرة توصف بأنها جوهر فرد لا ينقسم، فجاء القرآن ليقول بمثاقيل أصغر تنقسم إليها الذرة .. وكان أول كتاب يذكر شيئاً أصغر من الذرة :
( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ )
كل هذه لمحات كاشفة قاطعة عن حقائق مذهلة مثل كروية الأرض ، وطبيعة السماء والذرة .. وهي حقائق لم تكن تخطر على بال عاقل أو مجنون في ذلك العصر البائد الذي نزل فيه القرآن ..ثم بصيرة القرآن في تكوين الإنسان وكلامه عن النطفة المنوية وانفرادها بتحديد جنس المولود .
( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى . مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى )
و هي حقيقة بيولوجية لم تُعرف إلاّ هذا الزمان .. ونحن نقول الآن إن رأس الحيوان المنوي هو وحده الذي يحتوي على عوامل تحديد الجنس Sex Determination Factor .وتسوية البنان بما فيه من رسوم البصمات التي أوردها الله في مجال التحدي عن البعث والتجسيد :
( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ . بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ)
بل سوف نجسد حتى ذلك البنان ونسويه كما كان .. وفي ذلك لفتة إلى الإعجاز الملحوظ فيتسوية البنان بحيث لا يتشابه فيه اثنان ..وأوهن البيوت في القرآن هو بيت العنكبوت.. لم يقل الله خيط العنكبوت بل قال بيت العنكبوت ..وخيط العنكبوت كما هو معلوم أقوى من مثيله من الصلب أربع مرات .. إنما الوهن في البيتلا في الخيط .. حيث يكون البيت أسوأ ملجأ لمن يحتمي فيه .. فهو مصيدة لمن يقع فيه من الزوار الغرباء ..وهو مقتل حتى لأهله .. فالعنكبوت الأنثى تأكل زوجها بعد التلقيح .. وتأكل أولادها عند الفقس ، والأولاد يأكل بعضهم بعض .
إن بيت العنكبوت هو أبلغ مثال يضرب عن سوء الملجأ وسوء المصير .. وهكذا حال من يلجأ لغير الله .. وهنا بلاغة الآية :
( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )
وجاءت خاتمة الآية عبارة .. لو كانوا يعلمون .. إشارة إلى أنه علم لن يظهر إلا متأخراً .. و معلوم أن هذه الأسرار البيولوجية لم تظهر إلا متأخرة .. كذلك نجد في سورة الكهف ..
( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (
و نعرف الآن أن ثلاثمائة سنة بالتقويم الشمسي تساوي ثلاثمائة وتسعاً بالتقويم القمري باليوم والدقيقة والثانية ..و في سورة مريم يحكي الله تبارك وتعالى عن مريم وكيف جاءها المخاض فأوت إلى جذع النخلة وهي تتمنى الموت، فناداها المنادي أن تهز بجذع النخلة وتأكل ما يتساقط من رطب جنى :
( فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا . فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَاأَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا )
و لمـاذا الرطـب ؟ !!إن أحدث بحث علمي عن الرطب يقول : إن فيه مادة قابضة للرحم تساعد على الولادة ، وتساعد على منع النزيف بعد الولادة ، مثل مادة Oxytocin ، وأن فيه مادة ملينة .. ومعلوم طبياً أن الملينات النباتية تفيد في تسهيل و تأمين عملية الولادة بتنظيفها للقولون ..إن الحكمة العلمية لوصف الرطب وتوقيت تناول الرطب مع مخاض الولادة فيه دقة علمية واضحة .هذه الأمثلة من الصدق العلمي والصدق المجازي والصدق الحرفي هو ما أشار إليه الله سبحانه واصفاً القرآن بأنه :
( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (
و بأنه :
( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (
اختلافاً بين الآيات وبين بعضها بمعنى تناقضها .. واختلافاً عن الحقائق الثابتة التي سوف تكشفها العلوم .. وكلا الاختلافين نجده دائماً في الكتب المؤلفة .. ولهذا يحرص المؤلف على أن يضيف أو يحذف أو يعدل كلما أصدر طبعة جديدة من كتبه .. ونرى النظريات تتلو بعضها البعض مكذبة بعضها البعض .. ونرى المؤلف مهما راعى الدقة يقع في التناقض .. وهي عيوب لا نجدها في القرآن . وهو بعد ذلك معجزة ، لأنه يخبرك عن ماض لم يؤرخ ويتنبا بمستقبل لم يأت .. وقد صدقت نبوءات القرآن المتعددة عن انتصار الروم بعد هزيمتهم :
( غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ )
و " بضع " في اللغة هي ما بين ثلاث وتسع .. وقد جاء انتصار الروم بعد سنين .وعن انتصار بدر :
( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )
وعن رؤيا دخول مكة :
( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
و قد كان .. وما زلت في القرآن نبوءات تتحقق أمام أعيننا .. فهذا إبراهيم يدعو ربه:
( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (
لقد دعا بالرزق لهذا الوادي الجديب ..ثم جاء وعد الله لأهل مكة بالرخاء والغنى حينما أمرهم بمنع المشركين من زيارة البيت فخافوا البوار الاقتصادي والكساد ، " وكان أهل مكة يعتمدون في رواجهم على حج البيت " فقال ليطمئنهم :
( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ )
وهو وعد نراه الآن يتحقق أمامنا في البترول الذي يتدفق من الصحراء بلا حساب وترتفع أسعارهفي جنون يوماً بعد يوم .. ثم في كنوز اليورانيوم التي تخفيها تلك الصحاري بما يضمن لها الرخاء إلى نهاية الزمان ..ثم نرى القرآن يحدثنا عن الغيب المطلسم في أسرار الجن والملائكة مما لم يكشف إلاّ لقلة من المخصوصين من أهل التصوف .. فإذا رأي هؤلاء فهم لا يرون إلا ما يوافق كلمة القرآن ..وإذا طالعوا لا يطالعون إلا ما يطابق أسراره .ثم هو يقدم لنا الكلمة الأخيرة في السياسة والأخلاق ، ونظم الحكم ، والحرب والسلم ، والاقتصاد والمجتمع ، والزواج والمعاشرة ، ويشرع لنا من محكم الشرائع ما يسبق به ميثاق حقوق الإنسان .. كل ذلك في أسلوب منفرد وعبارة شامخة وبنيان جمالي وبلاغي هو نسيج وحده في تاريخ اللغة .سألوا ابن عربي عن سر إعجاز القرآن فأجاب بكلمة واحدة هي : " الصدق المطلق " ..فكلمات القرآن صادقة صدقاً مطلقاً ، في حين أقصى ما يستطيعه مؤلف هو أن يصل إلى صدق نسبي ، وأقصى ما يطمع فيه كاتب هو أن يكون صادقاً حسب رؤيته .. ومساحة الرؤية دائماً محدودة ومتغيرة من عصر إلى عصر .. كل واحد منا يحيط بجانب من الحقيقة وتفوته جوانب ، ينظر من زاوية وتفوته زوايا .. وما يصل إليه من صدق دائماً صدق نسبي .. أما صاحب العلم المحيط والبصر الشامل فهو الله وحده .. وهو وحده القادر على الصدق المطلق .. ولهذا نقول على القرآن إنه من عند الله ، لأنه أصاب الصدق المطلق في كل شيء.سألوا محمداً عليه الصلاة والسلام عن القرآن فقال :" فيه نبأ ما قبلكم ، وفصل ما بينكم ، وخبر ما بعدكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وهو الذكر الحكيم ، وهو حبل الله المتين ، وهو الصراط المستقيم ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو الذي لا تلتبس به الألسن ، ولا تزيغ به العقول ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا تنقضي عجائبه " ..عن انفجار شمسنا ونهاية الحياة على الأرض وقيام القيامة يقول ربنا في سورة الرحمن الآيات 37 إلى 44 :
( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ . يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ )
وتأتينا علوم الفلك الآن وبعد ألف وأربعمائة سنة من نزول القرآن .. بأن هذه نهاية النجوم التي تملأ السماء بألوانها المبهرة .. بل ويطلق الفلكيون على بعض هذه النجوم المنفجرة اسم Rosetta أي وردة ..من أي مصدر جاءت هذه النبوءات للرسول منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ..إلا أن تكون من رب الكون نفسه .. ويستطيع أي قارئ أن يرى هذه العجائب على الانترنت بموقع NASA بابAstronomical picture of the day بعنوان Cats eye و هذا كلامهم و ليس كلامنا ..و هذا هو كتابنا يا صديقــي ..و لهذه الصفات مجتمعة لا يمكن أن يكون مؤلفاً ..
من كتــاب/ حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود رحمه الله. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
.
قلت لصديقي : ربما كان حديث اليوم عن لمحات العلم في القرآن أكثر إثارة لعقلك العلمي من جلستنا السابقة . فما كان الفلك الحديث ، و لا علوم الذرّة ، و لا علوم البيولوجيا و التشريح معروفة حينما نزلت الآيات الكونية في القرآن منذ أكثر من ألف و أربعمائة سنة لتتكلم عن السماوات و الأرض و النجوم و الكواكب ، و خلق الجنين و تكوين الإنسان بما يتفق مع أحداث العلوم التي جاء بها عصرنا .و لم يتعرض القرآن لهذه الموضوعات بتفصيل الكتاب العلمي المتخصص ، لأنه جاء في المقام الأول كتاب عقيدة و منهج و تشريع .و لو أنه تعرض لتلك الموضوعات بتفصيل و وضوح لصدم العرب بما لا يفهمونه . و لهذا لجأ إلى أسلوب الإشارة و اللمحة و الومضة لتفسرها علوم المستقبل و كشوفه بعد ذلك بمئات السنين . و تظهر للناس جيلاً بعد جيل كآيات و معجزات على صدق نزول القرآن من الله الحق .
لأنهم لم يكتفوا بشهادة الله على كتابه . فأصبح من الضروري أن نريهم ذلك بالآيات الكاشفة . هكذا يقول الله في كتابه .و ما زال القرآن يكشف لنا يوماً بعد يوم مزيداً من تلك الآيات العجيبة . و حول كروية الأرض جاءت هذه الآيات الصريحة التي تستخدم لفظ التكوير لتصف انزلاق الليل و النهار كنصفي كرة :
ثم الآية التي تصف دحو الأرض .
( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا )
و دحا هي الكلمة الوحيدة في القاموس التي تعني البسط والتكوير معاً . و الأرض كما هو معلوم مبسوطة في الظاهر و مكورة في الحقيقة ، بل هي أشبه بالدحية " البيضة " في تكويرها . ثم نقرأ إشارة أخرى صريحة عن أن الجبال تسبح في الفضاء ، و بالتالي فالأرض كلها تسبح بجبالها حيث هي و الجبال كتلة واحدة :
( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (
فالجبال التي تبدو جامدة ساكنة هي في الواقع سابحة في الفضاء . و تشبيه الجبال بالسحب فيه لمحة أخرى عن التكوين الهش للمادة . التي نعرف الآن أنها مؤلفة من ذرّات ، كما أن السحب مؤلفة من قطيرات . .ثم الكلام عن تواقت الليل والنهار بدون أن يسبق أحدهما الآخر من مبدأ الخلق إلى نهايته .
( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ )
إشارة أخرى إلى كروية الأرض . حيث بدأ الليل والنهار معاً وفي وقت واحد منذ بدء الخليقة كنصفي كرة ولو كانت الأرض مسطحة لتعاقب النهار والليل الواحد بعد الآخر بالضرورة .
ثم تأتي القيامة والأرض في ليل ونهار في وقت واحد كما كانت في البدء
( حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ )
و في قوله تعالى ليلاً أو نهاراً . تأكيد لهذا التواقت الذي لا تفسير له إلا أن نصف الأرض محجوب عن الشمس و مظلم ، و الآخر مواجه للشمس و مضيء بحكم كونها كروية ، و لو كانت مسطحة لكان لها في كل وقت وجه واحد ، و لما صح أن نقول :
( وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ )
ثم تعدد المشارق و المغارب في القرآن فالله يُوصَف :
( بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ(
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ )
و لو كانت الأرض مسطحة لكان هناك مشرق واحد ومغرب واحد ، يقول الإنسان لشيطانه يوم القيامة :
( يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ (
ولا تكون المسافة على الأرض أبعد ما تكون بين مشرقين إلا إذا كانت الأرض كروية .ثم الكلام عن السماء بأن فيها مسارات ومجالات وطرقاً :
( وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ )
والحبك هي المسارات.
( وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ )
أي أنها ترجع كل ما يرتفع فيها إلى الأرض . ترجع بخار الماء مطراً . وترجع الأجسام بالجاذبية الأرضية . وترجع الأمواج اللاسلكية بانعكاسها من طبقة الأيونوسفير . كما ترجع الأشعة الحرارية تحت الحمراء معكوسة إلى الأرض بنفس الطريقة فتدفئها في الليل .وكما تعكس السماء ما ينقذف إليها من الأرض كذلك تمتص وتعكس وتشتت ما ينقذف إليها من العالم الخارجي ، وبذلك تحمي الأرض من قذائف الأشعة الكونية المميتة ، والأشعة فوق البنفسجية القاتلة .فهي تتصرف كأنها سقف .
( وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا(
( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )
و هو ما يعرف الآن باسم تمدد الكون المطرد .وكان مثقال الذرة يعرف في تلك الأيام بأنه أصغر مثقال، وكانت الذرة توصف بأنها جوهر فرد لا ينقسم، فجاء القرآن ليقول بمثاقيل أصغر تنقسم إليها الذرة . وكان أول كتاب يذكر شيئاً أصغر من الذرة :
( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ )
كل هذه لمحات كاشفة قاطعة عن حقائق مذهلة مثل كروية الأرض ، وطبيعة السماء والذرة . وهي حقائق لم تكن تخطر على بال عاقل أو مجنون في ذلك العصر البائد الذي نزل فيه القرآن .ثم بصيرة القرآن في تكوين الإنسان وكلامه عن النطفة المنوية وانفرادها بتحديد جنس المولود .
( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى . مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى )
و هي حقيقة بيولوجية لم تُعرف إلاّ هذا الزمان . ونحن نقول الآن إن رأس الحيوان المنوي هو وحده الذي يحتوي على عوامل تحديد الجنس Sex Determination Factor .وتسوية البنان بما فيه من رسوم البصمات التي أوردها الله في مجال التحدي عن البعث والتجسيد :
( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ . بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ)
بل سوف نجسد حتى ذلك البنان ونسويه كما كان . وفي ذلك لفتة إلى الإعجاز الملحوظ فيتسوية البنان بحيث لا يتشابه فيه اثنان .وأوهن البيوت في القرآن هو بيت العنكبوت. لم يقل الله خيط العنكبوت بل قال بيت العنكبوت .وخيط العنكبوت كما هو معلوم أقوى من مثيله من الصلب أربع مرات . إنما الوهن في البيتلا في الخيط . حيث يكون البيت أسوأ ملجأ لمن يحتمي فيه . فهو مصيدة لمن يقع فيه من الزوار الغرباء .وهو مقتل حتى لأهله . فالعنكبوت الأنثى تأكل زوجها بعد التلقيح . وتأكل أولادها عند الفقس ، والأولاد يأكل بعضهم بعض .
إن بيت العنكبوت هو أبلغ مثال يضرب عن سوء الملجأ وسوء المصير . وهكذا حال من يلجأ لغير الله . وهنا بلاغة الآية :
( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )
وجاءت خاتمة الآية عبارة . لو كانوا يعلمون . إشارة إلى أنه علم لن يظهر إلا متأخراً . و معلوم أن هذه الأسرار البيولوجية لم تظهر إلا متأخرة . كذلك نجد في سورة الكهف .
( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (
و نعرف الآن أن ثلاثمائة سنة بالتقويم الشمسي تساوي ثلاثمائة وتسعاً بالتقويم القمري باليوم والدقيقة والثانية .و في سورة مريم يحكي الله تبارك وتعالى عن مريم وكيف جاءها المخاض فأوت إلى جذع النخلة وهي تتمنى الموت، فناداها المنادي أن تهز بجذع النخلة وتأكل ما يتساقط من رطب جنى :
( فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا . فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَاأَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا )
و لمـاذا الرطـب ؟ !!إن أحدث بحث علمي عن الرطب يقول : إن فيه مادة قابضة للرحم تساعد على الولادة ، وتساعد على منع النزيف بعد الولادة ، مثل مادة Oxytocin ، وأن فيه مادة ملينة . ومعلوم طبياً أن الملينات النباتية تفيد في تسهيل و تأمين عملية الولادة بتنظيفها للقولون .إن الحكمة العلمية لوصف الرطب وتوقيت تناول الرطب مع مخاض الولادة فيه دقة علمية واضحة .هذه الأمثلة من الصدق العلمي والصدق المجازي والصدق الحرفي هو ما أشار إليه الله سبحانه واصفاً القرآن بأنه :
( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (
و بأنه :
( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (
اختلافاً بين الآيات وبين بعضها بمعنى تناقضها . واختلافاً عن الحقائق الثابتة التي سوف تكشفها العلوم . وكلا الاختلافين نجده دائماً في الكتب المؤلفة . ولهذا يحرص المؤلف على أن يضيف أو يحذف أو يعدل كلما أصدر طبعة جديدة من كتبه . ونرى النظريات تتلو بعضها البعض مكذبة بعضها البعض . ونرى المؤلف مهما راعى الدقة يقع في التناقض . وهي عيوب لا نجدها في القرآن . وهو بعد ذلك معجزة ، لأنه يخبرك عن ماض لم يؤرخ ويتنبا بمستقبل لم يأت . وقد صدقت نبوءات القرآن المتعددة عن انتصار الروم بعد هزيمتهم :
( غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ )
و " بضع " في اللغة هي ما بين ثلاث وتسع . وقد جاء انتصار الروم بعد سنين .وعن انتصار بدر :
( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )
وعن رؤيا دخول مكة :
( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
و قد كان . وما زلت في القرآن نبوءات تتحقق أمام أعيننا . فهذا إبراهيم يدعو ربه:
( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (
لقد دعا بالرزق لهذا الوادي الجديب .ثم جاء وعد الله لأهل مكة بالرخاء والغنى حينما أمرهم بمنع المشركين من زيارة البيت فخافوا البوار الاقتصادي والكساد ، " وكان أهل مكة يعتمدون في رواجهم على حج البيت " فقال ليطمئنهم :
( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ )
وهو وعد نراه الآن يتحقق أمامنا في البترول الذي يتدفق من الصحراء بلا حساب وترتفع أسعارهفي جنون يوماً بعد يوم . ثم في كنوز اليورانيوم التي تخفيها تلك الصحاري بما يضمن لها الرخاء إلى نهاية الزمان .ثم نرى القرآن يحدثنا عن الغيب المطلسم في أسرار الجن والملائكة مما لم يكشف إلاّ لقلة من المخصوصين من أهل التصوف . فإذا رأي هؤلاء فهم لا يرون إلا ما يوافق كلمة القرآن .وإذا طالعوا لا يطالعون إلا ما يطابق أسراره .ثم هو يقدم لنا الكلمة الأخيرة في السياسة والأخلاق ، ونظم الحكم ، والحرب والسلم ، والاقتصاد والمجتمع ، والزواج والمعاشرة ، ويشرع لنا من محكم الشرائع ما يسبق به ميثاق حقوق الإنسان . كل ذلك في أسلوب منفرد وعبارة شامخة وبنيان جمالي وبلاغي هو نسيج وحده في تاريخ اللغة .سألوا ابن عربي عن سر إعجاز القرآن فأجاب بكلمة واحدة هي : " الصدق المطلق " .فكلمات القرآن صادقة صدقاً مطلقاً ، في حين أقصى ما يستطيعه مؤلف هو أن يصل إلى صدق نسبي ، وأقصى ما يطمع فيه كاتب هو أن يكون صادقاً حسب رؤيته . ومساحة الرؤية دائماً محدودة ومتغيرة من عصر إلى عصر . كل واحد منا يحيط بجانب من الحقيقة وتفوته جوانب ، ينظر من زاوية وتفوته زوايا . وما يصل إليه من صدق دائماً صدق نسبي . أما صاحب العلم المحيط والبصر الشامل فهو الله وحده . وهو وحده القادر على الصدق المطلق . ولهذا نقول على القرآن إنه من عند الله ، لأنه أصاب الصدق المطلق في كل شيء.سألوا محمداً عليه الصلاة والسلام عن القرآن فقال :" فيه نبأ ما قبلكم ، وفصل ما بينكم ، وخبر ما بعدكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وهو الذكر الحكيم ، وهو حبل الله المتين ، وهو الصراط المستقيم ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو الذي لا تلتبس به الألسن ، ولا تزيغ به العقول ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا تنقضي عجائبه " .عن انفجار شمسنا ونهاية الحياة على الأرض وقيام القيامة يقول ربنا في سورة الرحمن الآيات 37 إلى 44 :
( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ . فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ . يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ )
وتأتينا علوم الفلك الآن وبعد ألف وأربعمائة سنة من نزول القرآن . بأن هذه نهاية النجوم التي تملأ السماء بألوانها المبهرة . بل ويطلق الفلكيون على بعض هذه النجوم المنفجرة اسم Rosetta أي وردة .من أي مصدر جاءت هذه النبوءات للرسول منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام .إلا أن تكون من رب الكون نفسه . ويستطيع أي قارئ أن يرى هذه العجائب على الانترنت بموقع NASA بابAstronomical picture of the day بعنوان Cats eye و هذا كلامهم و ليس كلامنا .و هذا هو كتابنا يا صديقــي .و لهذه الصفات مجتمعة لا يمكن أن يكون مؤلفاً .
من كتــاب/ حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود رحمه الله. ❝
❞ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
فله جزاء الحسنى قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم فله جزاء الحسنى بالرفع على الابتداء أو بالاستقرار . و الحسنى في موضع خفض بالإضافة ويحذف التنوين للإضافة ; أي له جزاء الحسنى عند الله - تعالى - في الآخرة وهي الجنة ، فأضاف الجزاء إلى الجنة ، كقوله : حق اليقين ، ولدار الآخرة ; قاله الفراء . ويحتمل أن يريد ب الحسنى الأعمال الصالحة ويمكن أن يكون الجزاء من ذي القرنين ; أي أعطيه وأتفضل عليه ويجوز أن يحذف التنوين لالتقاء الساكنين ويكون الحسنى في موضع رفع على البدل عند البصريين ، وعلى الترجمة عند الكوفيين ، وعلى هذا قراءة ابن أبي إسحاق فله جزاء الحسنى إلا أنك لم تحذف التنوين ، وهو أجود . وقرأ سائر الكوفيين فله جزاء الحسنى منصوبا منونا ; أي فله الحسنى جزاء قال الفراء : جزاء منصوب على التمييز وقيل : على المصدر ; وقال الزجاج : هو مصدر في موضع الحال ; أي مجزيا بها جزاء وقرأ ابن عباس ومسروق فله جزاء الحسنى منصوبا غير منون وهي عند أبي حاتم على حذف التنوين لالتقاء الساكنين مثل فله جزاء الحسنى في أحد الوجهين . النحاس : وهذا عند غيره خطأ لأنه ليس موضع حذف تنوين لالتقاء الساكنين ويكون تقديره : فله الثواب جزاء الحسنى .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
فله جزاء الحسنى قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم فله جزاء الحسنى بالرفع على الابتداء أو بالاستقرار . و الحسنى في موضع خفض بالإضافة ويحذف التنوين للإضافة ; أي له جزاء الحسنى عند الله - تعالى - في الآخرة وهي الجنة ، فأضاف الجزاء إلى الجنة ، كقوله : حق اليقين ، ولدار الآخرة ; قاله الفراء . ويحتمل أن يريد ب الحسنى الأعمال الصالحة ويمكن أن يكون الجزاء من ذي القرنين ; أي أعطيه وأتفضل عليه ويجوز أن يحذف التنوين لالتقاء الساكنين ويكون الحسنى في موضع رفع على البدل عند البصريين ، وعلى الترجمة عند الكوفيين ، وعلى هذا قراءة ابن أبي إسحاق فله جزاء الحسنى إلا أنك لم تحذف التنوين ، وهو أجود . وقرأ سائر الكوفيين فله جزاء الحسنى منصوبا منونا ; أي فله الحسنى جزاء قال الفراء : جزاء منصوب على التمييز وقيل : على المصدر ; وقال الزجاج : هو مصدر في موضع الحال ; أي مجزيا بها جزاء وقرأ ابن عباس ومسروق فله جزاء الحسنى منصوبا غير منون وهي عند أبي حاتم على حذف التنوين لالتقاء الساكنين مثل فله جزاء الحسنى في أحد الوجهين . النحاس : وهذا عند غيره خطأ لأنه ليس موضع حذف تنوين لالتقاء الساكنين ويكون تقديره : فله الثواب جزاء الحسنى. ❝
❞ * الفطرة الانسانية *
سمعت جدالا بين أناس يتحدثون عن حكم لمس المرأة ولمس إحدى السوءتين والأقوال المتضاربة في هذه القضية !!! فقلت لهم:
هذه أحكام تقرر في خفوت، ويذكر الخلاف فيها بكثير من التجاوز وأمرها لا يستحق هذا الحماس و لا ذلك العناد ، فنظروا إلىّ مستنكرين !!!
فقلت لكبيرهم : أتعرف شيئا عن السوءة الكبرى في الإسلام وجاء الرد بسرعة، أي سوءة ؟!!
قلت:ضياع الإسلام فى الأندلس وذهاب ريحه وانتهاء دولته ومحو حضارته !!!
هل درستم أسباب ذلك و أخذتم الحيطة حتى لا تتكرر المأساة ؟!
إننى أدهش عندما يجيئنى متقعر يسألنى :
هل يقضى المأموم الركعة إذا لم يقرأ الفاتحة ولكنه أدرك الإمام راكعا ؟!!
لقد قلت لهذا السائل:الجمهور على أنه لا يقضي !!!
فقال بسماجة : لا، يجب أن يقضي و السنة الصحيحة توجب ذلك !!
قلت له: ما دام يؤثر الرأي الآخر فليقض الركعة !!!
فأراد أن ينشئ معركة علمية في هذه القضية ،
فقلت له بصبر نافد
إن تعلقكم بهذه الخلافات لا مساغ له !!!
أريد أن أسألك : التناصر بين المسلمين واجب ، فكيف ينصر المسلم فى إفريقية أخاه في آسيا ، هل فكرتم في ذلك واكتشفتم وسيلة مادية أو أدبية ؟!
إن الحكومات تعالج شؤونا عادية وعبادية خطيرة، فهل فكرتم فى طريقة لنصحها، وعرض وجوه الرأي عليها،
وإلزامها بالحق إن هي رفضته وتأمين معارضيها إذا فكر مستبد فى إيذائهم.
إن تخلف المسلمين شائن في دنيا الناس فهل فكرتم في أسلوب يكشف عنهم هذا العار ؟!
حتى إذا تقدموا صناعيا وحضاريا أمكنهم أن يدفعوا عن عقائدهم ، ويحموا مساجدهم من نظم تريد إغلاقها، ومنع اسم الله أن يذكر فيها ؟!!
فقال لى المتفقه المغفل: هذه سياسة وأنا أكلمك في الفقه !!!
قلت:أنا أكلمك في الفقه، وأنت وأمثالك صرعى سياسات محقورة شغلت الجماهير بالخلافات الصغيرة حتى يمضى الفجار في طريقهم دون عقبات..
إن الاستبداد السياسى استطاع على تراخى الأيام أن يحذف أبوابا مهمة من قسم المعاملات في فقهنا الضخم !!!
أو أن يجعل حقائقها ضامرة مهزولة لأن الكلام فيها مرهوب النتائج..
ومن ثم طال الحديث في أمور هينة وكثرت فيها التفريعات والأخيلة البعيدة على حين صمت الفقه في الأمور الجلل.وتم البت في قضايا المسلمين العظمى بين جماعات من الفتاك يذكرون أنفسهم وأتباعهم كثيرا ولا يذكرون الله إلا قليلا..
وقد وقعت فواجع في بيئات الحكم يندى لها الجبين وأهيل عليها التراب دون تعليق ، ففى اليمن قتل أمير ـ أو تآمر على قتل تسعة من إخوته حتى تخلص إمامة المسلمين للأخ القاتل وحده !!!
ومطلوب من الفقه الإسلامى أن يشغل بمكان وضع اليدين فى الصلاة! أو برفعهما قبل الركوع !!!
وهي أحكام تتساوى فيها وجهات النظر، ولا يأثم مسلم يجنح فيها إلى السلب أو الإيجاب..
نعم مطلوب منه إفاضة الكلام فى هذه القضايا وتكوين عصابات من الرعاع تشغل المصلين بهذه الأحكام، وتثير بينهم الفتن!!
أما سياسة الحكم والمال فعلاقة الفقه بها مقطوعة وحسب نفر من العلماء المعاصرين أن يرددوا فيها أقوالا سقيمة،
قررها الجبناء الهاربون أو المفكرون القاصرون.
كانت النتيجة المريرة أن حكم المسلمين رجال لا يؤمَنون على شيء، ولا تحركهم إلا غرائز طفولية من جنون العظمة والاستئثار بالسلطة..
ولم تكن القوة المعادية للإسلام غافلة!ومتى غفلت ؟!
إنها بين الحين والحين تنفذ من هذه الثغرة في مجتمعنا لتهلك الحرث والنسل ،و هي تفعل ذلك بأيدينا نحن لا بيد زيد أو عمرو !!!
ومن أعصار طويلة وهذه الفوضى الفكرية تسود العالم الإسلامى وتعوج بخطاه عن بر هدف شريف فإذا قضايا كبيرة تموت مكانها لا يكترث بها أحد ، وإذا أمور توافه يهيج لها الخاصة والعامة !!!
ومضت سنة الله فى أمتنا كما مضت في كل مجتمع مختل، فتدحرجنا من مكان الصدارة إلى ذنب القافلة الإنسانية، وأسأنا إلى ديننا بقدر ما أسأنا إلى أنفسنا !!!
وجاءت ساعات الصحو والمحاسبة وتأنيب الضمير! وبدأنا نغضب لما أصابنا ونأسف لما ضاع منا، فكيف العملّ؟!
البعض يريد السير في ذات الطريق الذى انتهى به إلى الذل.البعض يرفض بكبر غريب أن يعرف لماذا تقدم غيرنا ••
البعض يعجز عن فهم الفطرة الإنسانية ويظن الدين حربا عليها!
•••الغزالى عليه رحمة الله•••
•••كتاب الفساد السياسي في المجتمعات العربية
و الإسلامية•••. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞* الفطرة الانسانية *
سمعت جدالا بين أناس يتحدثون عن حكم لمس المرأة ولمس إحدى السوءتين والأقوال المتضاربة في هذه القضية !!! فقلت لهم:
هذه أحكام تقرر في خفوت، ويذكر الخلاف فيها بكثير من التجاوز وأمرها لا يستحق هذا الحماس و لا ذلك العناد ، فنظروا إلىّ مستنكرين !!!
فقلت لكبيرهم : أتعرف شيئا عن السوءة الكبرى في الإسلام وجاء الرد بسرعة، أي سوءة ؟!!
قلت:ضياع الإسلام فى الأندلس وذهاب ريحه وانتهاء دولته ومحو حضارته !!!
هل درستم أسباب ذلك و أخذتم الحيطة حتى لا تتكرر المأساة ؟!
إننى أدهش عندما يجيئنى متقعر يسألنى :
هل يقضى المأموم الركعة إذا لم يقرأ الفاتحة ولكنه أدرك الإمام راكعا ؟!!
لقد قلت لهذا السائل:الجمهور على أنه لا يقضي !!!
فقال بسماجة : لا، يجب أن يقضي و السنة الصحيحة توجب ذلك !!
قلت له: ما دام يؤثر الرأي الآخر فليقض الركعة !!!
فأراد أن ينشئ معركة علمية في هذه القضية ،
فقلت له بصبر نافد
إن تعلقكم بهذه الخلافات لا مساغ له !!!
أريد أن أسألك : التناصر بين المسلمين واجب ، فكيف ينصر المسلم فى إفريقية أخاه في آسيا ، هل فكرتم في ذلك واكتشفتم وسيلة مادية أو أدبية ؟!
إن الحكومات تعالج شؤونا عادية وعبادية خطيرة، فهل فكرتم فى طريقة لنصحها، وعرض وجوه الرأي عليها،
وإلزامها بالحق إن هي رفضته وتأمين معارضيها إذا فكر مستبد فى إيذائهم.
إن تخلف المسلمين شائن في دنيا الناس فهل فكرتم في أسلوب يكشف عنهم هذا العار ؟!
حتى إذا تقدموا صناعيا وحضاريا أمكنهم أن يدفعوا عن عقائدهم ، ويحموا مساجدهم من نظم تريد إغلاقها، ومنع اسم الله أن يذكر فيها ؟!!
فقال لى المتفقه المغفل: هذه سياسة وأنا أكلمك في الفقه !!!
قلت:أنا أكلمك في الفقه، وأنت وأمثالك صرعى سياسات محقورة شغلت الجماهير بالخلافات الصغيرة حتى يمضى الفجار في طريقهم دون عقبات.
إن الاستبداد السياسى استطاع على تراخى الأيام أن يحذف أبوابا مهمة من قسم المعاملات في فقهنا الضخم !!!
أو أن يجعل حقائقها ضامرة مهزولة لأن الكلام فيها مرهوب النتائج.
ومن ثم طال الحديث في أمور هينة وكثرت فيها التفريعات والأخيلة البعيدة على حين صمت الفقه في الأمور الجلل.وتم البت في قضايا المسلمين العظمى بين جماعات من الفتاك يذكرون أنفسهم وأتباعهم كثيرا ولا يذكرون الله إلا قليلا.
وقد وقعت فواجع في بيئات الحكم يندى لها الجبين وأهيل عليها التراب دون تعليق ، ففى اليمن قتل أمير ـ أو تآمر على قتل تسعة من إخوته حتى تخلص إمامة المسلمين للأخ القاتل وحده !!!
ومطلوب من الفقه الإسلامى أن يشغل بمكان وضع اليدين فى الصلاة! أو برفعهما قبل الركوع !!!
وهي أحكام تتساوى فيها وجهات النظر، ولا يأثم مسلم يجنح فيها إلى السلب أو الإيجاب.
نعم مطلوب منه إفاضة الكلام فى هذه القضايا وتكوين عصابات من الرعاع تشغل المصلين بهذه الأحكام، وتثير بينهم الفتن!!
أما سياسة الحكم والمال فعلاقة الفقه بها مقطوعة وحسب نفر من العلماء المعاصرين أن يرددوا فيها أقوالا سقيمة،
قررها الجبناء الهاربون أو المفكرون القاصرون.
كانت النتيجة المريرة أن حكم المسلمين رجال لا يؤمَنون على شيء، ولا تحركهم إلا غرائز طفولية من جنون العظمة والاستئثار بالسلطة.
ولم تكن القوة المعادية للإسلام غافلة!ومتى غفلت ؟!
إنها بين الحين والحين تنفذ من هذه الثغرة في مجتمعنا لتهلك الحرث والنسل ،و هي تفعل ذلك بأيدينا نحن لا بيد زيد أو عمرو !!!
ومن أعصار طويلة وهذه الفوضى الفكرية تسود العالم الإسلامى وتعوج بخطاه عن بر هدف شريف فإذا قضايا كبيرة تموت مكانها لا يكترث بها أحد ، وإذا أمور توافه يهيج لها الخاصة والعامة !!!
ومضت سنة الله فى أمتنا كما مضت في كل مجتمع مختل، فتدحرجنا من مكان الصدارة إلى ذنب القافلة الإنسانية، وأسأنا إلى ديننا بقدر ما أسأنا إلى أنفسنا !!!
وجاءت ساعات الصحو والمحاسبة وتأنيب الضمير! وبدأنا نغضب لما أصابنا ونأسف لما ضاع منا، فكيف العملّ؟!
البعض يريد السير في ذات الطريق الذى انتهى به إلى الذل.البعض يرفض بكبر غريب أن يعرف لماذا تقدم غيرنا ••
البعض يعجز عن فهم الفطرة الإنسانية ويظن الدين حربا عليها!
•••الغزالى عليه رحمة الله•••
•••كتاب الفساد السياسي في المجتمعات العربية
و الإسلامية•••. ❝