❞ قصة قصيرة
الشقة المسكونة
لا تتعجب من العنوان
بالفعل منزلنا مسكون بكل ماتحتويه الكلمه من معني
وقبل ان اقص عليكم تفاصيل قصتي، دعوني اسرد لكم عدة أحداث...
منزلنا في مجمع سكني راقي جدا قد انفق عليه والدي الذي يعمل بدولة من دول الخليج العربي، وقد كانت هذه الشقه شقة الاحلام بالنسبة لوالد ووالدتي لذا فلم يبخل عليها ابدا في التجهيز والتأسيس..
بينما والدتي سيده رقيقة جدا كانت صبوره جدا علي احلامها وقامت ببناء حياتنا مع والدي خطوة خطوة
الي ان اصبحنا من الاثرياء
وقد كنت الابن الوحيد لهما لذا فلم يبخلا علي في شئ أبدا...
حتي هذه اللحظة كان كل شئ علي ما يرام..
الي ان اتخذت والدتي قرارها في العمل وخصوصا لأنني وهي نعيش وحدنا لظروف سفر ابي وكانت تشعر بملل شديد وأنها بحاجه لملأ وقتها بشئ مفيد..
فقامت بتأسيس صيدليه كبيره وخصوصا لأنها من الاساس خريجة كلية الصيدلة ولكنها لم تتخذ هذه الخطوة الا الان
لسوء حظي فما حدث بعدها تقشعر له الأبدان كما يقولون
فمن وقت افتتاح الصيدلية واصبح الوقت الذي نقضيه سويا أنا وأمي يقل تدريجيا..
حتي أصبح سويعات قليلة من ضمنها ساعات النوم
مرت الأيام علي هذه الوتيره...
وفي يوم كنت وحدي كما اعتدت اجلس امام التلفاز اشاهد احد برامجي المفضلة علي قناة سبيس تون...
وفجأة شعرت بحركة مريبه في الشقة وكأن أحد معي
اعتقدت ان امي قد عادت فبدأت بالنداء عليها فلم ترد
قمت من مكاني لأتجول بالشقة بحثا عن أمي لعلها تمزح معي كعادتها ومختبئة بأحد الاماكن
ولكن لم أجدها....
مهلا....
ماهذا؟؟
من هؤلاء؟؟!
هل ما اراه حقيقي؟!
طفل صغير ورجل وسيده!!
من اين أتوا وكيف دخلوا الي شقتنا؟!
في بداية الأمر توقعت بأنهم لصوص..
ولكن اي عصابة تلك التي تتكون من اسرة كامله
هكذا قلت لنفسي ناعتا نفسي بالغباء علي هذا التوقع
ظللت مختبئا لمدة قليله اتابع تحركات هؤلاء الناس والرعب يملأني فتعجبت من امرهم فهم يمارسون حياتهم وكأنهم اصحاب المنزل وليس جمع الاغراض الثمينة او السرقه ويتحركون باريحيه شديده حتي ان الرجل قد تمدد بفراش ابي وامي تاركا السيدة في المطبخ يبدوا انها تجهز الطعام؟!
لا تتعجب ياصديقي فأنا لازلت طفلا وليس لدي الشجاعة لمواجهة هؤلاء...
ولكن تحينت هذه اللحظة القيمة حيث ان طفلهم الان وحيدا سأظهر من مخبأي الأن لأعاقب هذا الشقي علي دخول منزلنا و........
لحظة ماهذا؟
كيف لم اتوقع ذلك كل هذا الوقت؟
هؤلاء اكيد اش.. ب... اااح..
يالغبائي المعتاد كيف نسيت ان والدتي تغلق باب الشقة علي بالمفتاح
اشعر بنبضات قلبي تتسارع الان ودموعي تنهمر...
وللأسف ليست دموعي فقط التي تنهمر الان من الرعب
ماذا افعل الان فأنا لست خبيرا بهذه الامور!!
هل اخرج كما خططت لمواجهة الشبح الصغير؟!
استجمعت شجاعتي لتلك المواجهة مع الشبح الصغير فلا يوجد مجال للتراجع الان...
وبالفعل خرجت من مخبئي ووقفت امام الشبح الصغير..
ولكن ماهذا؟!
انه يتجاهلني تماما وكأنه لا يراني!!!
لقد اغضبني كثيرا هذا الاسلوب فهو لم يكفيه اقتحام منزلي فقط بل يتعامل معي بتجاهل!!
موقف غريب ياصديقي..
فبدلا من ان يتملكني الرعب اشعر بالغضب كثيرا..
وألعن حظي السئ فقد سمعت دوما ان هناك بعض الناس يشكو من رؤية شبح او مضايقات شبح ولكن انا يظهر لي عائله من الأشباح.. اي حظ عاثر هذا الذي اوقعني في هذا الموقف؟؟!
بدأت اتحرك امام الشبح الصغير ولازال يتجاهلني!
بدأت اتكلم معه.. لازال يلعب معي لعبة التجاهل فلا اعتقد ان الاشباح ايضا من الممكن ان يكون منهم الصم والبكم
استشطت غضبا فقمت بركل لعبة كان يلعب بها
حينها فقط انتبه لذلك وقام من مكانه وهو يبكي يتخبط ويسقط وهو يهرول الي امه الشبح
مهلا...
يبدوا انني قد اكتشفت اكتشاف جديد الان سيسجل بإسمي فيما بعد
يبدوا ان هناك اشباح كفيفه
يبدوا انني قد ظلمت هذا الشبح الصغير واعتقدت انه يتجاهلني بينما هو كفيف
استجمعت مشاعري الجياشه التي اشفقت علي الشبح الصغير ومشيت بهدوء متجها الي المطبخ لأسمع مايقوله الشبح الصغير لأمه الشبح...
انه يشكوا لها وهو يبكي ان لعبته تحركت حتي ارتطمت بالحائط دون ان يمسها!!!
هذا الشقي يبكي ويشكوا لأمه و........
مهلا!!
كيف يقول ان اللعبة تحركت دون ان يمسها أحد؟!
اذن فهو ليس كفيف كما توقعت!!
ولكن كيف لا يراني بالمرة؟
استشاط غضبي كثيرا وتملكني الفضول لأعرف ماذا يحدث!!
فخرجت من مخبأي وانا اصرخ غاضبا وأقول: انا من ركل لعبتك ايها الكاذب، من انتم ايها اللصوص، تدخلون منزلي وتتحركون فيه وكأنكم ملاكه، هيا اجيبوني الان!!!!
ولكن لا حياة لمن تنادي، لم يرد علي احد منهما بل وتجاهلوني تماما وكأنني غير موجود!!
ماهذا؟ وماذا يحدث؟ ...
انا لا افهم شئ هل الاشباح هي التي لا تري الانسان ام العكس؟
وهل هؤلاء اشباح فعلا؟ فأنا وحتي هذه اللحظة لم اجدهم يقومون بشئ مرعب او حتي اشكالهم ليست مرعبة...
بل علي النقيض فهم اشكالهم عاديه جدا!!!
اذن فماذا يكونون؟ ولماذا لا يرونني هذا ما يشعرني بالحيرة والجنون في نفس الوقت!!
لكم تمنيت ان تكون امي موجوده معي الان فهي من المؤكد عندها اجابه وحل لكل مشكلة وأي مشكلة..
ولكن اين هي الان ولما تأخرت علي غير عادتها؟! استيقظ الشبح الرجل، لا ادري اي شبح هذا الذي يحتاج الي النوم ويقوم مرتديا لسروال قصير ويمشي في المنزل ببطنه الكبير العاري
لقد اضاع بمظهره هيبة الاشباح والعفاريت علي مر السنين...
صاح مع الشبح السيدة علي الازعاج والصوت العالي الذي لم يستطع ان ينال قسط من الراحة بسببه، ثم سألها عن الطعام هل هو جاهز ام لا؟
لما يصمم ذلك الشبح علي ان يكون اضحوكة طوال الوقت؟!
سأصدقك القول ياصديقي ...
في الحقيقة اشعر بتضارب كبير في المشاعر فأنا اشعر بالخوف والغضب والضحك في نفس الوقت
ولا اعرف كيف يكون هؤلاء اشباح؟!
قد اكون لست خبيرا بهذه الامور، ولكن علي الاقل فلابد ان أشعر بأنني اموت رعبا الان....
وفجأة فكرت بأنه لما لا اجرب ان اتحدث مع الشبح الرجل ما الذي سيحدث لي مع هذا البطن الكبير
حتي وان حدث فماذا سيحدث اكثر من اقتحام منزلي من مجموعة اشباح؟!
وبالفعل بدأت اخرج من مخبأي لمواجهة الشبح الرجل
وفجأة.....
بدء الرجل الشبح في الصراخ موبخا السيدة الشبح علي عدم تجهيز الطعام بينما هي ترد عليه الصراخ ايضا
وانا اقف محتارا من هذا الذي يحدث!!
اي اشباح هؤلاء ولماذا حظي العاثر دوما مع كل ماهو غريب؟
حتي مع الاشباح حظي اوقعني غالبا مع اقل الاشباح رعبا واقلهم هيبه
وبعد قليل واثناء متابعتي لشجارهما دق جرس الباب..
شعرت بالسعادة فأخيرا شئ واقعي يحدث وقد تكون امي اخيرا قد عادت..
ولكن لما ستدق امي جرس الباب وهي معها المفتاح وقد اغلقته علي بنفسها قبل خروجها؟!!
اتجه الرجل الشبح الي الباب ليفتحه وانا متعجب من هذا الشبح الجرئ الذي لا يبالي ان يفتح الباب ولكنني لن اقف متعجبا من هذا فكل مايحدث وحدث قد قتل في شعور التعجب من الاساس
فتح الباب...
مهلا!!!
ان الباب يفتح!!، كيف وامي قد اغلقته قبل ان تخرج و...
ما هذا؟ عمو سعيد جارنا العزيز...
انه هو من كان يطرق الباب
خرجت من مخبأي بسرعه لاستنجد به من عائلة الأشباح
ولكنه تجاهلني ايضا
ما هذا؟، لما الجميع يتعامل معي بهذه الطريقة ؟
وهل اصبح عمو سعيد شبح ايضا؟!
دخل عمو سعيد الي الشقة ليهدئ الرجل والسيدة!!
لا ادري ماذا يحدث بالضبط؟ هل هو حلم اعيشه الان ام ماذا لما كل ماهو غريب يحدث لي؟
كل مابحدث الان لا يقبله منطق ولا عقل
هل اصبح كل من اعرفهم اشباح؟
واين امي الان لما كل هذا التأخير؟!
تكلمت السيدة الشبح وهي تشكو لعمو سعيد ان زوجها دائم العصبيه وانها قالت له انها لا تشعر بالراحة في هذه الشقه؟!
ماهذا هل اصبح عمو سعيد مصلحا اجتماعيا للاشباح الان؟!
وعن اي شقه تتحدث هذه السيدة؟! هل اصبح منزلي ملكا لها الان؟!
اكملت السيدة حديثها وهي تقول انها تلاحظ حركة غير طبيعية في المنزل حتي ان طفلها لاحظ ذلك وهي تخشي علي طفلها وعلي نفسها من هذا المكان!!
لا ادري هل اضحك ام ابكي؟!
شبح يخاف من البشر!!!
اكاد اجزم انني احلم الان صار كل شئ مقلوبا
ما الذي يحدث بالضبط؟!
فرد عمو سعيد قائلا: لا عليك يا سيدتي انا اعلم جيدا ما يمر بكما فانا اعلم جيدا ماذا يحدث!!
حينها تفاجأت مما قاله عمو سعيد وبدأت انصت لما يقول يبدوا وكأن لديه اجابات عما يحدث هنا!
فنظر له الرجل الشبح قائلا: حتي انت يا سعيد ستشارك هذه المخبوله في الخزعبلات تلك؟
فرد عمو سعيد قائلا: ما سأقوله حقيقي وليس خزعبلات ياصديقي فقبل مجيئكم بعدة أشهر حدثت في هذه الشقه حادثة تدمي القلوب..
حينها بدأ قلبي يدق كدقات طبول الحرب وكأنني سأستمع لشئ مرعب...
لا ادري لما اشعر بالرعب الان!!!
فقال الرجل الشبح: حادثة؟ اي حادثة؟!
فقال عمو سعيد: قبل عدة اشهر كان لنا جارة عزيزة زوجها مسافر للعمل خارج مصر وكان لها ابن صغير يدعي سليم في يوم ما تركته لتذهب الي عملها واغلقت عليه باب الشقة كعادتها ويبدوا انها كانت تقوم بعمل شئ علي موقد الغاز بالمطبخ وعندما انتهت تركت الغاز مفتوحا دون قصد وخرجت ويبدوا ان الصغير كان نائم حينها...
ثم ذرفت عيون عمو سعيد الدموع واكمل حديثه قائلا:
ومات الطفل مختنقا وهو نائم بسبب الغاز ولم يشعر به احد الا بعد ساعات بعد ان اشتممنا رائحة الغاز فطرقت الباب لم يفتح احد فقمت بكسر الباب لأطمئن علي اهل البيت فلم اجد الا الطفل طلبت الاسعاف فورا ولكن للأسف بعد فوات الأوان كان الطفل قد فارق الحياة وبعدها جائت الأم فوجدت الأسعاف والشرطة اسفل المبني هرولت سريعا الي شقتها فوجدت ما كان يخشاه قلبها باب الشقه مفتوح والشقة ممتلئة لأخرها بالبشر هرولت لغرفة ابنها فوجدته جثة هامدة فسقطت مغشيا عليها ومن وقتها وهي نزيلة بمستشفي الأمراض العقلية بعد صدمتها من موت طفلها بينما عاد زوجها من السفر بشكل نهائي ليراعي زوجته وقلبه مكسور من فقدانه لطفله الوحيد وفقدانه ايضا لزوجته...
فباع شقته بكل ما فيها حتي لا يتذكر اي شئ مما حدث ولا احد يعرف اين مكانه الأن...
وبعد الحادثة بأسبوع بدأنا نشعر بحركة في الشقة اعتقدنا في اول الأمر انها قطة او فأر في الشقة ولكن بعدها بدأنا نسمع صوت بكاء طفل تاره وضحكاته تاره اخري..
ومرات نسمع صوت سليم وهو ينادي أمه
فعرفنا حينها ان الشقة اصبحت مسكونة بشبح سليم الطفل الصغير....
كانت السيدة تبكي وهي تضم ابنها متأثرة بما قاله عمو سعيد....
بينما قرر الرجل ان يلملم اغراضهم ليغادروا الشقة....
نسيت ان اعرفكم بنفسي..
انا سليم ويبدوا انني قد نسيت ما حدث لي قبل شهور
ومن الواضح ايضا انه انا الشبح وليس هم لذلك كنت انا من اراهم وهم لا يستطيعوا رؤيتي
لكم تمنيت الا تكون هذه الحقيقة والاجابة التي كنت ابحث عنها...
ولكنه القدر ...
لم اكن اعلم!! وقد يكون ذاكرة الاشباح لا تحتفظ بالأحداث الأخيرة لحياتهم...
ولكن بالأخير ما حدث فقد حدث
وبالفعل كانت الشقة مسكونة، ولكنها مسكونة بشبح صغير يدعي سليم.... أنا
أحمد عصام أبوقايد. ❝ ⏤أحمد عصام أبوقايد
❞ قصة قصيرة
الشقة المسكونة
لا تتعجب من العنوان
بالفعل منزلنا مسكون بكل ماتحتويه الكلمه من معني
وقبل ان اقص عليكم تفاصيل قصتي، دعوني اسرد لكم عدة أحداث..
منزلنا في مجمع سكني راقي جدا قد انفق عليه والدي الذي يعمل بدولة من دول الخليج العربي، وقد كانت هذه الشقه شقة الاحلام بالنسبة لوالد ووالدتي لذا فلم يبخل عليها ابدا في التجهيز والتأسيس.
بينما والدتي سيده رقيقة جدا كانت صبوره جدا علي احلامها وقامت ببناء حياتنا مع والدي خطوة خطوة
الي ان اصبحنا من الاثرياء
وقد كنت الابن الوحيد لهما لذا فلم يبخلا علي في شئ أبدا..
حتي هذه اللحظة كان كل شئ علي ما يرام.
الي ان اتخذت والدتي قرارها في العمل وخصوصا لأنني وهي نعيش وحدنا لظروف سفر ابي وكانت تشعر بملل شديد وأنها بحاجه لملأ وقتها بشئ مفيد.
فقامت بتأسيس صيدليه كبيره وخصوصا لأنها من الاساس خريجة كلية الصيدلة ولكنها لم تتخذ هذه الخطوة الا الان
لسوء حظي فما حدث بعدها تقشعر له الأبدان كما يقولون
فمن وقت افتتاح الصيدلية واصبح الوقت الذي نقضيه سويا أنا وأمي يقل تدريجيا.
حتي أصبح سويعات قليلة من ضمنها ساعات النوم
مرت الأيام علي هذه الوتيره..
وفي يوم كنت وحدي كما اعتدت اجلس امام التلفاز اشاهد احد برامجي المفضلة علي قناة سبيس تون..
وفجأة شعرت بحركة مريبه في الشقة وكأن أحد معي
اعتقدت ان امي قد عادت فبدأت بالنداء عليها فلم ترد
قمت من مكاني لأتجول بالشقة بحثا عن أمي لعلها تمزح معي كعادتها ومختبئة بأحد الاماكن
ولكن لم أجدها..
مهلا..
ماهذا؟؟
من هؤلاء؟؟!
هل ما اراه حقيقي؟!
طفل صغير ورجل وسيده!!
من اين أتوا وكيف دخلوا الي شقتنا؟!
في بداية الأمر توقعت بأنهم لصوص.
ولكن اي عصابة تلك التي تتكون من اسرة كامله
هكذا قلت لنفسي ناعتا نفسي بالغباء علي هذا التوقع
ظللت مختبئا لمدة قليله اتابع تحركات هؤلاء الناس والرعب يملأني فتعجبت من امرهم فهم يمارسون حياتهم وكأنهم اصحاب المنزل وليس جمع الاغراض الثمينة او السرقه ويتحركون باريحيه شديده حتي ان الرجل قد تمدد بفراش ابي وامي تاركا السيدة في المطبخ يبدوا انها تجهز الطعام؟!
لا تتعجب ياصديقي فأنا لازلت طفلا وليس لدي الشجاعة لمواجهة هؤلاء..
ولكن تحينت هذه اللحظة القيمة حيث ان طفلهم الان وحيدا سأظهر من مخبأي الأن لأعاقب هذا الشقي علي دخول منزلنا و....
لحظة ماهذا؟
كيف لم اتوقع ذلك كل هذا الوقت؟
هؤلاء اكيد اش. ب.. اااح.
يالغبائي المعتاد كيف نسيت ان والدتي تغلق باب الشقة علي بالمفتاح
اشعر بنبضات قلبي تتسارع الان ودموعي تنهمر..
وللأسف ليست دموعي فقط التي تنهمر الان من الرعب
ماذا افعل الان فأنا لست خبيرا بهذه الامور!!
هل اخرج كما خططت لمواجهة الشبح الصغير؟!
استجمعت شجاعتي لتلك المواجهة مع الشبح الصغير فلا يوجد مجال للتراجع الان..
وبالفعل خرجت من مخبئي ووقفت امام الشبح الصغير.
ولكن ماهذا؟!
انه يتجاهلني تماما وكأنه لا يراني!!!
لقد اغضبني كثيرا هذا الاسلوب فهو لم يكفيه اقتحام منزلي فقط بل يتعامل معي بتجاهل!!
موقف غريب ياصديقي.
فبدلا من ان يتملكني الرعب اشعر بالغضب كثيرا.
وألعن حظي السئ فقد سمعت دوما ان هناك بعض الناس يشكو من رؤية شبح او مضايقات شبح ولكن انا يظهر لي عائله من الأشباح. اي حظ عاثر هذا الذي اوقعني في هذا الموقف؟؟!
بدأت اتحرك امام الشبح الصغير ولازال يتجاهلني!
بدأت اتكلم معه. لازال يلعب معي لعبة التجاهل فلا اعتقد ان الاشباح ايضا من الممكن ان يكون منهم الصم والبكم
استشطت غضبا فقمت بركل لعبة كان يلعب بها
حينها فقط انتبه لذلك وقام من مكانه وهو يبكي يتخبط ويسقط وهو يهرول الي امه الشبح
مهلا..
يبدوا انني قد اكتشفت اكتشاف جديد الان سيسجل بإسمي فيما بعد
يبدوا ان هناك اشباح كفيفه
يبدوا انني قد ظلمت هذا الشبح الصغير واعتقدت انه يتجاهلني بينما هو كفيف
استجمعت مشاعري الجياشه التي اشفقت علي الشبح الصغير ومشيت بهدوء متجها الي المطبخ لأسمع مايقوله الشبح الصغير لأمه الشبح..
انه يشكوا لها وهو يبكي ان لعبته تحركت حتي ارتطمت بالحائط دون ان يمسها!!!
هذا الشقي يبكي ويشكوا لأمه و....
مهلا!!
كيف يقول ان اللعبة تحركت دون ان يمسها أحد؟!
اذن فهو ليس كفيف كما توقعت!!
ولكن كيف لا يراني بالمرة؟
استشاط غضبي كثيرا وتملكني الفضول لأعرف ماذا يحدث!!
فخرجت من مخبأي وانا اصرخ غاضبا وأقول: انا من ركل لعبتك ايها الكاذب، من انتم ايها اللصوص، تدخلون منزلي وتتحركون فيه وكأنكم ملاكه، هيا اجيبوني الان!!!!
ولكن لا حياة لمن تنادي، لم يرد علي احد منهما بل وتجاهلوني تماما وكأنني غير موجود!!
ماهذا؟ وماذا يحدث؟ ..
انا لا افهم شئ هل الاشباح هي التي لا تري الانسان ام العكس؟
وهل هؤلاء اشباح فعلا؟ فأنا وحتي هذه اللحظة لم اجدهم يقومون بشئ مرعب او حتي اشكالهم ليست مرعبة..
بل علي النقيض فهم اشكالهم عاديه جدا!!!
اذن فماذا يكونون؟ ولماذا لا يرونني هذا ما يشعرني بالحيرة والجنون في نفس الوقت!!
لكم تمنيت ان تكون امي موجوده معي الان فهي من المؤكد عندها اجابه وحل لكل مشكلة وأي مشكلة.
ولكن اين هي الان ولما تأخرت علي غير عادتها؟! استيقظ الشبح الرجل، لا ادري اي شبح هذا الذي يحتاج الي النوم ويقوم مرتديا لسروال قصير ويمشي في المنزل ببطنه الكبير العاري
لقد اضاع بمظهره هيبة الاشباح والعفاريت علي مر السنين..
صاح مع الشبح السيدة علي الازعاج والصوت العالي الذي لم يستطع ان ينال قسط من الراحة بسببه، ثم سألها عن الطعام هل هو جاهز ام لا؟
لما يصمم ذلك الشبح علي ان يكون اضحوكة طوال الوقت؟!
سأصدقك القول ياصديقي ..
في الحقيقة اشعر بتضارب كبير في المشاعر فأنا اشعر بالخوف والغضب والضحك في نفس الوقت
ولا اعرف كيف يكون هؤلاء اشباح؟!
قد اكون لست خبيرا بهذه الامور، ولكن علي الاقل فلابد ان أشعر بأنني اموت رعبا الان..
وفجأة فكرت بأنه لما لا اجرب ان اتحدث مع الشبح الرجل ما الذي سيحدث لي مع هذا البطن الكبير
حتي وان حدث فماذا سيحدث اكثر من اقتحام منزلي من مجموعة اشباح؟!
وبالفعل بدأت اخرج من مخبأي لمواجهة الشبح الرجل
وفجأة...
بدء الرجل الشبح في الصراخ موبخا السيدة الشبح علي عدم تجهيز الطعام بينما هي ترد عليه الصراخ ايضا
وانا اقف محتارا من هذا الذي يحدث!!
اي اشباح هؤلاء ولماذا حظي العاثر دوما مع كل ماهو غريب؟
حتي مع الاشباح حظي اوقعني غالبا مع اقل الاشباح رعبا واقلهم هيبه
وبعد قليل واثناء متابعتي لشجارهما دق جرس الباب.
شعرت بالسعادة فأخيرا شئ واقعي يحدث وقد تكون امي اخيرا قد عادت.
ولكن لما ستدق امي جرس الباب وهي معها المفتاح وقد اغلقته علي بنفسها قبل خروجها؟!!
اتجه الرجل الشبح الي الباب ليفتحه وانا متعجب من هذا الشبح الجرئ الذي لا يبالي ان يفتح الباب ولكنني لن اقف متعجبا من هذا فكل مايحدث وحدث قد قتل في شعور التعجب من الاساس
فتح الباب..
مهلا!!!
ان الباب يفتح!!، كيف وامي قد اغلقته قبل ان تخرج و..
ما هذا؟ عمو سعيد جارنا العزيز..
انه هو من كان يطرق الباب
خرجت من مخبأي بسرعه لاستنجد به من عائلة الأشباح
ولكنه تجاهلني ايضا
ما هذا؟، لما الجميع يتعامل معي بهذه الطريقة ؟
وهل اصبح عمو سعيد شبح ايضا؟!
دخل عمو سعيد الي الشقة ليهدئ الرجل والسيدة!!
لا ادري ماذا يحدث بالضبط؟ هل هو حلم اعيشه الان ام ماذا لما كل ماهو غريب يحدث لي؟
كل مابحدث الان لا يقبله منطق ولا عقل
هل اصبح كل من اعرفهم اشباح؟
واين امي الان لما كل هذا التأخير؟!
تكلمت السيدة الشبح وهي تشكو لعمو سعيد ان زوجها دائم العصبيه وانها قالت له انها لا تشعر بالراحة في هذه الشقه؟!
ماهذا هل اصبح عمو سعيد مصلحا اجتماعيا للاشباح الان؟!
وعن اي شقه تتحدث هذه السيدة؟! هل اصبح منزلي ملكا لها الان؟!
اكملت السيدة حديثها وهي تقول انها تلاحظ حركة غير طبيعية في المنزل حتي ان طفلها لاحظ ذلك وهي تخشي علي طفلها وعلي نفسها من هذا المكان!!
لا ادري هل اضحك ام ابكي؟!
شبح يخاف من البشر!!!
اكاد اجزم انني احلم الان صار كل شئ مقلوبا
ما الذي يحدث بالضبط؟!
فرد عمو سعيد قائلا: لا عليك يا سيدتي انا اعلم جيدا ما يمر بكما فانا اعلم جيدا ماذا يحدث!!
حينها تفاجأت مما قاله عمو سعيد وبدأت انصت لما يقول يبدوا وكأن لديه اجابات عما يحدث هنا!
فنظر له الرجل الشبح قائلا: حتي انت يا سعيد ستشارك هذه المخبوله في الخزعبلات تلك؟
فرد عمو سعيد قائلا: ما سأقوله حقيقي وليس خزعبلات ياصديقي فقبل مجيئكم بعدة أشهر حدثت في هذه الشقه حادثة تدمي القلوب.
حينها بدأ قلبي يدق كدقات طبول الحرب وكأنني سأستمع لشئ مرعب..
لا ادري لما اشعر بالرعب الان!!!
فقال الرجل الشبح: حادثة؟ اي حادثة؟!
فقال عمو سعيد: قبل عدة اشهر كان لنا جارة عزيزة زوجها مسافر للعمل خارج مصر وكان لها ابن صغير يدعي سليم في يوم ما تركته لتذهب الي عملها واغلقت عليه باب الشقة كعادتها ويبدوا انها كانت تقوم بعمل شئ علي موقد الغاز بالمطبخ وعندما انتهت تركت الغاز مفتوحا دون قصد وخرجت ويبدوا ان الصغير كان نائم حينها..
ثم ذرفت عيون عمو سعيد الدموع واكمل حديثه قائلا:
ومات الطفل مختنقا وهو نائم بسبب الغاز ولم يشعر به احد الا بعد ساعات بعد ان اشتممنا رائحة الغاز فطرقت الباب لم يفتح احد فقمت بكسر الباب لأطمئن علي اهل البيت فلم اجد الا الطفل طلبت الاسعاف فورا ولكن للأسف بعد فوات الأوان كان الطفل قد فارق الحياة وبعدها جائت الأم فوجدت الأسعاف والشرطة اسفل المبني هرولت سريعا الي شقتها فوجدت ما كان يخشاه قلبها باب الشقه مفتوح والشقة ممتلئة لأخرها بالبشر هرولت لغرفة ابنها فوجدته جثة هامدة فسقطت مغشيا عليها ومن وقتها وهي نزيلة بمستشفي الأمراض العقلية بعد صدمتها من موت طفلها بينما عاد زوجها من السفر بشكل نهائي ليراعي زوجته وقلبه مكسور من فقدانه لطفله الوحيد وفقدانه ايضا لزوجته..
فباع شقته بكل ما فيها حتي لا يتذكر اي شئ مما حدث ولا احد يعرف اين مكانه الأن..
وبعد الحادثة بأسبوع بدأنا نشعر بحركة في الشقة اعتقدنا في اول الأمر انها قطة او فأر في الشقة ولكن بعدها بدأنا نسمع صوت بكاء طفل تاره وضحكاته تاره اخري.
ومرات نسمع صوت سليم وهو ينادي أمه
فعرفنا حينها ان الشقة اصبحت مسكونة بشبح سليم الطفل الصغير..
كانت السيدة تبكي وهي تضم ابنها متأثرة بما قاله عمو سعيد..
بينما قرر الرجل ان يلملم اغراضهم ليغادروا الشقة..
نسيت ان اعرفكم بنفسي.
انا سليم ويبدوا انني قد نسيت ما حدث لي قبل شهور
ومن الواضح ايضا انه انا الشبح وليس هم لذلك كنت انا من اراهم وهم لا يستطيعوا رؤيتي
لكم تمنيت الا تكون هذه الحقيقة والاجابة التي كنت ابحث عنها..
ولكنه القدر ..
لم اكن اعلم!! وقد يكون ذاكرة الاشباح لا تحتفظ بالأحداث الأخيرة لحياتهم..
ولكن بالأخير ما حدث فقد حدث
وبالفعل كانت الشقة مسكونة، ولكنها مسكونة بشبح صغير يدعي سليم.. أنا
أحمد عصام أبوقايد. ❝
❞ حادثة الإِفك .
وذلك أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خَرَجَ بها رسول الله ﷺ معه في هذه الغَزوةِ " غزوة بني المصطلق " بقرعة أصابَتْهَا ، وكانت تلك عادته مع نسائه ، فلما رجعوا من الغزوة ، نزلوا في بعض المنازل ، فخرجَتْ عائشة لحاجتها ، ثم رجعت ، ففقَدَتْ عِقْداً لأختها كانت أعارتها إياه ، فرجَعَتْ تلتمسه في الموضع الذي فَقَدَتْهُ فيه ، فجاء النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ هَوْدَجَها ، فظنُّوها فيه ، فحملوا الهودج ، ولا يُنكرون خِفته ، لأنها رضي الله عنها كانت فتية السن ، لم يغشها اللحْمُ الذي كان يُثْقِلُها ، وأيضاً ، فإن النفرَ لمَّا تساعدوا على حمل الهودج ، لم يُنكِرُوا خِفَّته ، ولو كان الذي حمله واحداً أو اثنين لم يَخْفَ عليهما الحال ، فرجعت عائشة إلى منازلهم ، وقد أصابت العقد ، فإذا ليس بها داع ولا مجيب ، فقعدت في المنزل ، وظنت أنهم سيفقدونها ، فيرجعون في طلبها ، والله غالب على أمره ، يُدبِّرُ الأمرَ فَوقَ عرشه كما يشاء ، فغلبتها عيناها فنامَتْ ، فلم تستيقظ إِلَّا بِقَوْلِ صَفْوَانَ بنِ المُعَطْل : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعُونَ ، زوجة رسول الله ﷺ ، وكان صفوان قد عرَّس في أخريات الجيش ، لأنه كان كثير النوم ، كما جاء عنه في صحيح أبي حاتم وفي السنن ، فلما رآها عرفها ، وكان يراها قبل نزولِ الحِجَابِ ، فاسترجع ، وأناخ راحِلَته ، فقرَّبها إليها ، فركِبَتْها ، وما كلَّمَها كلمةً واحدة ، ولم تَسْمَعْ منه إلَّا استرجاعه ، ثم سار بها يَقُودُهَا حَتَّى قَدِمَ بها ، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة ، فلما رأى ذلك الناسُ ، تكلم كُل منهم بشاكلته ، وما يليق به ، ووجد الخبيثُ عدو الله ابنُ أبي متنفساً ، فتنفس مِن كَرْبِ النفاق والحسد الذي بين ضلوعه ، فجعل يستحكي الإفك ، ويستوشيه ، ويشيعه ، ويُذيعه ، ويَجمعُه ، ويُفرّقه ، وكان أصحابه يتقرَّبُونَ به إليه ، فلما قَدِمُوا المدينةَ ، أفاض أهل الإفك في الحديث ، ورسولُ اللهِ ﷺ ساكِتُ لا يتكلم ، ثم استشار أصحابه في فراقها ، فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يُفارِقَهَا ، ويأخُذَ غيرها تلويحاً لا تصريحاً ، وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها ، والا يلتفت إلى كلام الأعداء ، فعلي لما رأى أن ما قيل مشكوك فيه ، أشار بترك الشك والريبة إلى اليقين ليتخلص رسول الله ﷺ من الهم والغم الذي لحقه من كلام الناس ، فأشار بحسم الداء ، وأسامة لمَّا عَلِمَ حب رسولِ اللهِ ﷺ لها ولأبيها ، وعلم من عفتها وبراءتها ، وحصانتها وديانتها ما هي فوق ذلك ، وأعظمُ منه ، وعرف مِن كرامةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ على ربِّه ومنزلته عنده ، ودفاعه عنه أنه لا يجعل ربة بيته وحبيبته من النساء ، وبنت صديقه بالمنزلة التي أنزلها به أرباب الإفك ، وأن رسول الله ﷺ أكرم على ربه ، وأعزُّ عليه من أن يجعل تحته امرأة بغياً ، وعلم أنَّ الصديقة حبيبة رسول الله ﷺ أكرم على ربها مِن أن يَبْتَلِيَهَا بِالفَاحِشَةِ ، وهي تحتَ رسوله ﷺ ، ومَنْ قَوِيَتْ معرفته لله ومعرفته لرسوله وقدره عند الله في قلبه ، قال كما قال أبو أيوب وغيره من سادات الصحابة ، لما سمعوا ذلك { سُبْحَنَكَ هَذَا بُهْتَنُ عَظِيمٌ } ، وتأمل ما في تسبيحهم لله ، وتنزيههم له في هذا المقام من المعرفة به وتنزيهه عما لا يليق به ، أن يجعل لرسوله وخليله وأكرم الخلق عليه امرأة خبيثة بغيًّا ، فمن ظنَّ به سُبحانه هذا الظَّنَّ ، فقد ظَنَّ به ظنَّ السوء ، وعرف أهل المعرفة بالله ورسوله أن المرأة الخبيثة لا تليقُ إِلَّا بمثلها ، كما قال تعالى: { الْخَبِيثَتُ لِلْخَبِيثِينَ } ، فقطعوا قطعاً لا يشكون فيه أن هذا بهتان عظيم ، وفريةٌ ظاهرة. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ حادثة الإِفك .
وذلك أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خَرَجَ بها رسول الله ﷺ معه في هذه الغَزوةِ ˝ غزوة بني المصطلق ˝ بقرعة أصابَتْهَا ، وكانت تلك عادته مع نسائه ، فلما رجعوا من الغزوة ، نزلوا في بعض المنازل ، فخرجَتْ عائشة لحاجتها ، ثم رجعت ، ففقَدَتْ عِقْداً لأختها كانت أعارتها إياه ، فرجَعَتْ تلتمسه في الموضع الذي فَقَدَتْهُ فيه ، فجاء النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ هَوْدَجَها ، فظنُّوها فيه ، فحملوا الهودج ، ولا يُنكرون خِفته ، لأنها رضي الله عنها كانت فتية السن ، لم يغشها اللحْمُ الذي كان يُثْقِلُها ، وأيضاً ، فإن النفرَ لمَّا تساعدوا على حمل الهودج ، لم يُنكِرُوا خِفَّته ، ولو كان الذي حمله واحداً أو اثنين لم يَخْفَ عليهما الحال ، فرجعت عائشة إلى منازلهم ، وقد أصابت العقد ، فإذا ليس بها داع ولا مجيب ، فقعدت في المنزل ، وظنت أنهم سيفقدونها ، فيرجعون في طلبها ، والله غالب على أمره ، يُدبِّرُ الأمرَ فَوقَ عرشه كما يشاء ، فغلبتها عيناها فنامَتْ ، فلم تستيقظ إِلَّا بِقَوْلِ صَفْوَانَ بنِ المُعَطْل : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعُونَ ، زوجة رسول الله ﷺ ، وكان صفوان قد عرَّس في أخريات الجيش ، لأنه كان كثير النوم ، كما جاء عنه في صحيح أبي حاتم وفي السنن ، فلما رآها عرفها ، وكان يراها قبل نزولِ الحِجَابِ ، فاسترجع ، وأناخ راحِلَته ، فقرَّبها إليها ، فركِبَتْها ، وما كلَّمَها كلمةً واحدة ، ولم تَسْمَعْ منه إلَّا استرجاعه ، ثم سار بها يَقُودُهَا حَتَّى قَدِمَ بها ، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة ، فلما رأى ذلك الناسُ ، تكلم كُل منهم بشاكلته ، وما يليق به ، ووجد الخبيثُ عدو الله ابنُ أبي متنفساً ، فتنفس مِن كَرْبِ النفاق والحسد الذي بين ضلوعه ، فجعل يستحكي الإفك ، ويستوشيه ، ويشيعه ، ويُذيعه ، ويَجمعُه ، ويُفرّقه ، وكان أصحابه يتقرَّبُونَ به إليه ، فلما قَدِمُوا المدينةَ ، أفاض أهل الإفك في الحديث ، ورسولُ اللهِ ﷺ ساكِتُ لا يتكلم ، ثم استشار أصحابه في فراقها ، فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يُفارِقَهَا ، ويأخُذَ غيرها تلويحاً لا تصريحاً ، وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها ، والا يلتفت إلى كلام الأعداء ، فعلي لما رأى أن ما قيل مشكوك فيه ، أشار بترك الشك والريبة إلى اليقين ليتخلص رسول الله ﷺ من الهم والغم الذي لحقه من كلام الناس ، فأشار بحسم الداء ، وأسامة لمَّا عَلِمَ حب رسولِ اللهِ ﷺ لها ولأبيها ، وعلم من عفتها وبراءتها ، وحصانتها وديانتها ما هي فوق ذلك ، وأعظمُ منه ، وعرف مِن كرامةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ على ربِّه ومنزلته عنده ، ودفاعه عنه أنه لا يجعل ربة بيته وحبيبته من النساء ، وبنت صديقه بالمنزلة التي أنزلها به أرباب الإفك ، وأن رسول الله ﷺ أكرم على ربه ، وأعزُّ عليه من أن يجعل تحته امرأة بغياً ، وعلم أنَّ الصديقة حبيبة رسول الله ﷺ أكرم على ربها مِن أن يَبْتَلِيَهَا بِالفَاحِشَةِ ، وهي تحتَ رسوله ﷺ ، ومَنْ قَوِيَتْ معرفته لله ومعرفته لرسوله وقدره عند الله في قلبه ، قال كما قال أبو أيوب وغيره من سادات الصحابة ، لما سمعوا ذلك ﴿ سُبْحَنَكَ هَذَا بُهْتَنُ عَظِيمٌ ﴾ ، وتأمل ما في تسبيحهم لله ، وتنزيههم له في هذا المقام من المعرفة به وتنزيهه عما لا يليق به ، أن يجعل لرسوله وخليله وأكرم الخلق عليه امرأة خبيثة بغيًّا ، فمن ظنَّ به سُبحانه هذا الظَّنَّ ، فقد ظَنَّ به ظنَّ السوء ، وعرف أهل المعرفة بالله ورسوله أن المرأة الخبيثة لا تليقُ إِلَّا بمثلها ، كما قال تعالى: ﴿ الْخَبِيثَتُ لِلْخَبِيثِينَ ﴾ ، فقطعوا قطعاً لا يشكون فيه أن هذا بهتان عظيم ، وفريةٌ ظاهرة. ❝
❞ قصة النبي صالح
أرسله الله إلى قوم ثمود - قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة ثمود، وسميت بذلك نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح --، وقيل: ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.والنبي صالح من هذه القبيلة، ويتصل نسبه بثمود - وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.
أما نسبه: فهو: صالح—بن عبيد بن أسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر -أو- صالح—بن جابر بن ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح.
إرسال صالح لثمود
جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا \"صالحا\" إليهم.. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.
فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في القوم.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:
تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة
معجزة صالح
ورغم نصاعة دعوة صالحعليه السلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه ساحر أو مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها. ❝ ⏤
❞ قصة النبي صالح
أرسله الله إلى قوم ثمود - قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة ثمود، وسميت بذلك نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح --، وقيل: ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.والنبي صالح من هذه القبيلة، ويتصل نسبه بثمود - وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.
أما نسبه: فهو: صالح—بن عبيد بن أسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر -أو- صالح—بن جابر بن ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح.
إرسال صالح لثمود
جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا ˝صالحا˝ إليهم. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.
فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في القوم. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم. وقال قوم صالح له:
تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة
معجزة صالح
ورغم نصاعة دعوة صالحعليه السلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه ساحر أو مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها. ❝
❞ سؤال وجواب عن معاني الشعر:
أتتني رسالة من صديقي عبد الرحمن السعيد يقول فيها: \"صبحك الله بالخير يا صاح!
قال الشاعر:
ولا بد للقلب من آلة •• ورأي يصدع صمَّ الصفا.
ما الآلة؟\".
وقلتُ في جوابي: \"الآلة هي الأداة التي بها يُستطاع الفِعل:
فالقلم -مثلًا- آلة الكتابة، والعين آلة النظر، والكفّ آلة التربيت أو البطش، والهاتف آلة التواصل مع الآخرين. وكل شيء تتوصَّل أنتَ به إلى فعل شيء آخر فهو آلة.
وقال الجاحظ إن فقهاء المدينة كانوا يقيمون الحدّ على مَن يَحمِل زِقًّا (وِعاءً من الجِلْد/زَمْزميَّة باللغة المصرية المعاصرة) وكانوا يقولون: لأن الزِّقَّ آلة شرب الخمر والإسكار.
وهنا صاح الجاحظ على هذه الفتوى غاضبًا وقال: هلَّا أقاموا حدَّ الزِّنا على كل رجل. إذ إن كل رجل لا يمشي إلا وهو يحمل معه آلة الزنا (يقصد الذَّكَر)؟!
وأعود إلى قول الشاعر فأقول: لا بد للقلب مِن عقلٍ ورأي صوابٍ نافذ، ولا بد للقلب من أعضاءٍ تُحقِّق ما يريده.
و\"صم الصفا\" هي الصخور الصماء. والصخرة الصماء هي الصخرة الصلبة التي لا تسمع لها رنَّة إذا قرعتَها. ومضادها: صخرة جوفاء، وهي الصخرة التي بداخلها فجوة. وإذا شِئتَ مزيد بيانٍ فجرِّد أرضية الشقة التي تسكن فيها من البساط، وانقر بأصابعك على بلاطها: بلاطةً بلاطةً، فإن سمعتَ رنةً وشعرتَ بأن تحت إحدى البلاطات مساحة فارغة لم يملأها مُبلِّط السيراميك بالأسمنت فقل: هذه بلاطة جوفاء!
والفعل \"يُصدّع\" معناه: يُشقِّق.
والرأي الذي يشقق الصخور الصلبة رأي حازمٌ نافذ حكيم قويّ غالبٌ بلا شك.
والبيت من وزن المتقارب:
فَعُوْلُنْ فعولن فعولن فَعو •• فعولن فعولن فعولن فعو
وفي العروض والضرب وقع الحذف فصارت (فعولن) فعو.
وهو منسوب إلى أبي الطيب المتنبي، وبعده:
وَمَن يَكُ قَلبٌ كَقَلبي لَهُ •• يَشُقُّ إِلى العِزِّ قَلبَ التَوَى
تَوِيَ الإنسانُ يَتوَىٰ تَوًىٰ: هَلَكَ. التَّوَىٰ: الهلاك. وقد استعار للهلاك قلبًا يشُقُّه الشاعرُ.
والمعنى: ومَن كان له قلبٌ كقلبي فإنه يخوض المنايا والمهالِك حتى يَبلغ العِزّ والمجد والشرف.
ثم أتتني من صديقي رسالة نصها: \"صديقي أشكرك كل الشكر على توضيحك وتبيينك اليسير، وما زدتنيه من مفاهيم وتفسيرات شقت ضروب جهلي! أحسنت القول وأفضت وعلمتني ما لم أكن أعلم. لا فُضَّ فوك يا صاح وسلمت أناملك!
قال الشاعر:
فلا برحت لعين الدهر إنسانا
ما إنسان العين؟ وهل غرض الشاعر هنا المدح أو الهجاء؟\".
فكتبتُ إليه أنَّ \"العين فيها سوادان: سواد داخل سواد، يحيط بهما بياض.
إنسان العين هو تلك الدائرة الصغيرة التي تنتصف سواد العين، والبعض يعتقد أن هذه الدائرة الصغيرة هي المسئولة عن عملية الإبصار.
العين غالية ونفيسة، ولكن أجزاء العين متفاوتة من حيث القيمة، فسواد العين خير من بياضها، وإنسان العين لا يُسوَّىٰ بينَهُ وبين سواد العين.
انظر في سواد عينك في المرآة وسوف تجد تلك النقطة السوداء داخله.
قال أبو العلاءِ المعري:
لَمْ نَلْقَ غَيْرَكَ إِنْساناً يُلاذُ بهِ •• فَلا برحْتَ لِعيْنِ الدهْر إِنْسانا
بين \"إِنْسانا\" و\"إنسانا\" جناس تامّ.
الشاعر هنا يمدح، ويلعب بالألفاظ.
وقد قال المتنبي يومًا لممدوحه:
الدهر لفظ أنتَ معناهُ.
ورُوِيَ أن جريراً اجتمع مع الفرزدق في مجلس عبد الملك، فقال الفرزدق: النوار بنت مجاشع طالق ثلاثاً إن لم أقل بيتاً لا يستطيع ابن المَراغة أن ينقضه أبداً، ولا يجد في الزيادة عليه مذهباً، فقال عبد الملك: ما هو؟ فقال:
فإني أنا الموت الذي هو واقعٌ •• بنفسك فانظر كيف أنت مزاولُهْ
وما أحد يا ابنَ الأتان بوائلٍ •• من الموت إن الموت لاشك نائله
فأطرق جرير قليلاً ثم قال: أم حَرزة طالق مني ثلاثاً إن لم أستطع نقضه والزيادة عليه. فقال عبد الملك: هاتِ فقد - والله - طلَّق أحدُكما لا محالة، فأنشد جريرٌ:
أنا البدر يُعشي نورَ عينَيك فالتمِسْ •• بكفَّيك يا ابنَ القَين هل أنت نائلُه؟
أنا الدهر يَفنَىٰ الموتُ والدهرُ خالدٌ •• فجئني بمثلِ الدهرِ شيئاً يُطاوله
فقال عبد الملك: غلبَكَ والله يا أبا فِراس. فقال الفرزدق: فما ترى يا أمير المؤمنين؟ فقال: وايمُ الله لا تَريم حتى تكتب إلى النوار بطلاقها. فتأنى ساعة، فزجره عبد الملك، فكتب بطلاقها، وقال في ذلك:
نَدِمتُ ندامةَ الكُسَعيِّ لمَّا •• غَدَتْ مِنِّي مُطلَّقةً نَوارُ
ومعنى قول أبي العلاء:
لم نجد أحدًا نلجأ إليه غيرك.
ثم دعا له فقال:
لا برحتَ لعين الدهر إنسانا
أيْ: أبقاك اللهُ في تلك المنزلة الرفيعة التي أنت فيها.
والدهر عند العرب شيء قاهر يشتكون دائمًا منه، فإذا كان إنسانٌ مَّا جزءًا من الدهر نفسه فمعنى هذا أنْ لا شيءَ يُخافَ عليه منه. إذ إنه في صفّ الغالب القاهر.
قال مِهيار الديلميّ يشكو الدهر:
أفصخرةٌ يا دهرُ هذا القلبُ أمْ •• هُوَ لِلْهُمُومِ السَّارِياتِ قَرارُ؟
قوله: \"لا برحتَ\" أسلوب دعاء.
كما تقول:
لا بارك الله لك فيها!
لا أزال الله مُلكَكَ!
لا عَدمتُكَ!
لا فضَّ الله فاكَ!
ومن الأدعية المشهورة أن يدعو عليك شخص فيقول: لا كنتَ!
وهو كما ترى دعاء بالهلاك!
وقد افتتح أحد الشعراء قصيدته فقال:
لا زارَ عيني الكَرَىٰ لا مَسَّني الطَّرَبُ •• إنْ كنتُ يومًا لِغيرِ العُرْبِ أنتسِبُ\".. ❝ ⏤محمد سيد عبد الفتاح
❞ سؤال وجواب عن معاني الشعر:
أتتني رسالة من صديقي عبد الرحمن السعيد يقول فيها: ˝صبحك الله بالخير يا صاح!
قال الشاعر:
ولا بد للقلب من آلة •• ورأي يصدع صمَّ الصفا.
ما الآلة؟˝.
وقلتُ في جوابي: ˝الآلة هي الأداة التي بها يُستطاع الفِعل:
فالقلم -مثلًا- آلة الكتابة، والعين آلة النظر، والكفّ آلة التربيت أو البطش، والهاتف آلة التواصل مع الآخرين. وكل شيء تتوصَّل أنتَ به إلى فعل شيء آخر فهو آلة.
وقال الجاحظ إن فقهاء المدينة كانوا يقيمون الحدّ على مَن يَحمِل زِقًّا (وِعاءً من الجِلْد/زَمْزميَّة باللغة المصرية المعاصرة) وكانوا يقولون: لأن الزِّقَّ آلة شرب الخمر والإسكار.
وهنا صاح الجاحظ على هذه الفتوى غاضبًا وقال: هلَّا أقاموا حدَّ الزِّنا على كل رجل. إذ إن كل رجل لا يمشي إلا وهو يحمل معه آلة الزنا (يقصد الذَّكَر)؟!
وأعود إلى قول الشاعر فأقول: لا بد للقلب مِن عقلٍ ورأي صوابٍ نافذ، ولا بد للقلب من أعضاءٍ تُحقِّق ما يريده.
و˝صم الصفا˝ هي الصخور الصماء. والصخرة الصماء هي الصخرة الصلبة التي لا تسمع لها رنَّة إذا قرعتَها. ومضادها: صخرة جوفاء، وهي الصخرة التي بداخلها فجوة. وإذا شِئتَ مزيد بيانٍ فجرِّد أرضية الشقة التي تسكن فيها من البساط، وانقر بأصابعك على بلاطها: بلاطةً بلاطةً، فإن سمعتَ رنةً وشعرتَ بأن تحت إحدى البلاطات مساحة فارغة لم يملأها مُبلِّط السيراميك بالأسمنت فقل: هذه بلاطة جوفاء!
والفعل ˝يُصدّع˝ معناه: يُشقِّق.
والرأي الذي يشقق الصخور الصلبة رأي حازمٌ نافذ حكيم قويّ غالبٌ بلا شك.
والبيت من وزن المتقارب:
فَعُوْلُنْ فعولن فعولن فَعو •• فعولن فعولن فعولن فعو
وفي العروض والضرب وقع الحذف فصارت (فعولن) فعو.
وهو منسوب إلى أبي الطيب المتنبي، وبعده:
وَمَن يَكُ قَلبٌ كَقَلبي لَهُ •• يَشُقُّ إِلى العِزِّ قَلبَ التَوَى
تَوِيَ الإنسانُ يَتوَىٰ تَوًىٰ: هَلَكَ. التَّوَىٰ: الهلاك. وقد استعار للهلاك قلبًا يشُقُّه الشاعرُ.
والمعنى: ومَن كان له قلبٌ كقلبي فإنه يخوض المنايا والمهالِك حتى يَبلغ العِزّ والمجد والشرف.
ثم أتتني من صديقي رسالة نصها: ˝صديقي أشكرك كل الشكر على توضيحك وتبيينك اليسير، وما زدتنيه من مفاهيم وتفسيرات شقت ضروب جهلي! أحسنت القول وأفضت وعلمتني ما لم أكن أعلم. لا فُضَّ فوك يا صاح وسلمت أناملك!
قال الشاعر:
فلا برحت لعين الدهر إنسانا
ما إنسان العين؟ وهل غرض الشاعر هنا المدح أو الهجاء؟˝.
فكتبتُ إليه أنَّ ˝العين فيها سوادان: سواد داخل سواد، يحيط بهما بياض.
إنسان العين هو تلك الدائرة الصغيرة التي تنتصف سواد العين، والبعض يعتقد أن هذه الدائرة الصغيرة هي المسئولة عن عملية الإبصار.
العين غالية ونفيسة، ولكن أجزاء العين متفاوتة من حيث القيمة، فسواد العين خير من بياضها، وإنسان العين لا يُسوَّىٰ بينَهُ وبين سواد العين.
انظر في سواد عينك في المرآة وسوف تجد تلك النقطة السوداء داخله.
قال أبو العلاءِ المعري:
لَمْ نَلْقَ غَيْرَكَ إِنْساناً يُلاذُ بهِ •• فَلا برحْتَ لِعيْنِ الدهْر إِنْسانا
بين ˝إِنْسانا˝ و˝إنسانا˝ جناس تامّ.
الشاعر هنا يمدح، ويلعب بالألفاظ.
وقد قال المتنبي يومًا لممدوحه:
الدهر لفظ أنتَ معناهُ.
ورُوِيَ أن جريراً اجتمع مع الفرزدق في مجلس عبد الملك، فقال الفرزدق: النوار بنت مجاشع طالق ثلاثاً إن لم أقل بيتاً لا يستطيع ابن المَراغة أن ينقضه أبداً، ولا يجد في الزيادة عليه مذهباً، فقال عبد الملك: ما هو؟ فقال:
فإني أنا الموت الذي هو واقعٌ •• بنفسك فانظر كيف أنت مزاولُهْ
وما أحد يا ابنَ الأتان بوائلٍ •• من الموت إن الموت لاشك نائله
فأطرق جرير قليلاً ثم قال: أم حَرزة طالق مني ثلاثاً إن لم أستطع نقضه والزيادة عليه. فقال عبد الملك: هاتِ فقد - والله - طلَّق أحدُكما لا محالة، فأنشد جريرٌ:
أنا البدر يُعشي نورَ عينَيك فالتمِسْ •• بكفَّيك يا ابنَ القَين هل أنت نائلُه؟
أنا الدهر يَفنَىٰ الموتُ والدهرُ خالدٌ •• فجئني بمثلِ الدهرِ شيئاً يُطاوله
فقال عبد الملك: غلبَكَ والله يا أبا فِراس. فقال الفرزدق: فما ترى يا أمير المؤمنين؟ فقال: وايمُ الله لا تَريم حتى تكتب إلى النوار بطلاقها. فتأنى ساعة، فزجره عبد الملك، فكتب بطلاقها، وقال في ذلك:
نَدِمتُ ندامةَ الكُسَعيِّ لمَّا •• غَدَتْ مِنِّي مُطلَّقةً نَوارُ
ومعنى قول أبي العلاء:
لم نجد أحدًا نلجأ إليه غيرك.
ثم دعا له فقال:
لا برحتَ لعين الدهر إنسانا
أيْ: أبقاك اللهُ في تلك المنزلة الرفيعة التي أنت فيها.
والدهر عند العرب شيء قاهر يشتكون دائمًا منه، فإذا كان إنسانٌ مَّا جزءًا من الدهر نفسه فمعنى هذا أنْ لا شيءَ يُخافَ عليه منه. إذ إنه في صفّ الغالب القاهر.
قال مِهيار الديلميّ يشكو الدهر:
أفصخرةٌ يا دهرُ هذا القلبُ أمْ •• هُوَ لِلْهُمُومِ السَّارِياتِ قَرارُ؟
قوله: ˝لا برحتَ˝ أسلوب دعاء.
كما تقول:
لا بارك الله لك فيها!
لا أزال الله مُلكَكَ!
لا عَدمتُكَ!
لا فضَّ الله فاكَ!
ومن الأدعية المشهورة أن يدعو عليك شخص فيقول: لا كنتَ!
وهو كما ترى دعاء بالهلاك!
وقد افتتح أحد الشعراء قصيدته فقال:
لا زارَ عيني الكَرَىٰ لا مَسَّني الطَّرَبُ •• إنْ كنتُ يومًا لِغيرِ العُرْبِ أنتسِبُ˝. ❝