█ "عتيق لا تبخس ذاتك حقها بالحياة لقد أثبت الليلة الماضية أنك تختلف عني وعن أي إنسان بهذا الكوكب المستدير الذي هو بحاجة لاختبار روحه الأرواح عتيق تولد معنا حرة لكن القيود تأتي وتكبّلها بالموروثات والأوراق والقراطيس الصفراء وهذه الكمية من الأساطير حولنا فتنتزع الإنسان الحرّة بحجة المحرم والمحظور الممنوع والمحجور وكلّ هذه السلسلة الشاقة المتناهية هناك أقوام عاشوا قبلنا بملايين السنين وقبل أن الأديان كلّها نهبوا الحياة بشغفٍ وزرعوا الأرض بالفرح وبالرقص والغناء واللهو مقابل قسوة الطبيعة التي واجهوها تعرف ما مصير هؤلاء المليارات البشر؟ " كتاب ليلة الفلفل لوغانو مجاناً PDF اونلاين 2024 لوغانو تأليف: أحمد جمعة اسكرايب للنشر والتوزيع من أصعب وأبسط الأشياء بالعالم الموت والحياة! شخصيتان غريبتان عن العالم… “عتيق الخير” موظف فقير بشركة يعمل تحت أمرة “حبيب العبدالله” عرض عليه فكرة السفر إلى السويسرية لقضاء ثلاثة أشهر بها وعاش كلٌ منهما أحداثًا ومواقف فضَّت كليهما مشاعر ومعتقدات مختنقة انتهى أحدهما بعد تلك التجربة والآخر جديد إحداهما وجودية منسلخة واقع اليومي المترع بالترهات يمثل شخصية كاتب وموظف تتقمص رأسه توديع باحتفالية غرائبية حيث يقرر محاربة مرضه السرطان والتغلب بمزيد العناد وآخر ومهمش بلا تعليم أمضى نصف حياته مراسلاً بمكتب الأوَّل قضى كلَّها بعزلةٍ ووحدة فقد وظيفته ومنزله وزوجته وولديه انفصل العالم يتفق الاثنان بعرضٍ الأول تبادل الأمكنة وقضاء فترة إجازة بالخارج غريب تكفل فيه وتحمل مصاريف الرحلة بمجملها لأجل هدف غاب مضمونه الآخر سايره ليكتشف وراء المغامرة يرقص حافة الهاوية محيطها أوكار دعارة مساجد وكنائس قلاع ومحيطات مدن ساحات تتركز الوجوه وتذوب أو تنتفخ تضحى جميعها مزارات لكاتب ينشد وقت التكوين الروائي حدود ولا خطوط حمراء وقائع مسكوت عنها لابد اقتحام ملكوت المسكوت عنه بكل التفاصيل يكمن فيها الشيطان بشري كان أم جن الالتحام بالمشردين والوجهاء والأعيان والمهمشين عاهرات وراهبات السواء كل مباحة للأول الممارسات مسموح الكهوف متاح اقتحامها هذا يسعى إليه للخروج بحربه مرض منتصراً ليثبت الوجود ليس محور الكون! فيما ظلَّ ستون عاماً حبيس المسجد والصلاة الخمس تصدمه رؤية فيبدأ صراع الشك واليقين بين الانفتاح الذهني والقبو الديني فهل منتصر؟ ظل الله وظل العدمية يتشابكان كلغزٍ أزلي ينتهي بمسافة يتحرَّر عذاب القبر…
❞ لمع نور الشيطان أمامها وكأنّهُ يضيء شارعًا تغيَّرت ملامحهُ من حبٍّ ضمَّ في قائمتهِ الشغف والوله واللهفة والعشق والجنس إلى عبثٍ ولهوٍ ومتعة ومالٍ ونفوذ إنَّها القاعدة، والاستثناء هو الحبّ. ضحكت بصوتٍ شجي مقْتضَب وتوغَلَّت بشارعٍ لا تعرفهُ، قادها لطرقٍ متعرِّجة، رغم يقينها من أنها بالحي الذي تقطنهُ وقريبة من منزلها، لكنها أمام ضبابية الصورة وتلاعب أفكارها المشوَّشة، وتراكم انفعالات اسْتملكَتها بهمجيّةٍ منذ إسعاف الرجل وحتى صدمة الخطيب فقدت بطاريّة عقلها طاقاتها على التفكير وأُعشي نظرها فبدأت تتوَغَّل بطرقٍ وممرات ومنعطفات وهي بطريقها للدار التي اجتازتها ملايين المرات، منذ طفولتها حتى قبل ساعة، وهي مغمَّضة العينين تقود السيارة.
˝من قال أن الحبّ معجزة؟ الحبّ معزة عمياء˝ . ❝
❞ تعج منطقة قلب ميلانو، وأطرافها بحركةٍ عامة، تنتشر على أطرافها مقاهي الأرصفة، روادها غالبيتهم من كبار السن، ذوي وجوهٍ تغمرها ابتسامات باردة، تجول نظراتهم ببطء وكسل مع كل حدث يجري أمامهم، مهما كان تافهًا وهامشيًا، وأطراف مقابلة تكتظ بمحلات بيع الأزهار والحقائب النسائية وملابس رياضية، لا تتوقف حركة السيارات والمشاة... تبدأ الحركة منذ التاسعة صباحًا وتشتد تدريجيًا، وتبلغ ذروتها مع الظهيرة حتى تتعاظم بنهاية الأسبوع، وإذا صادف يوم مباراة قمة الدوري الإيطالي يغلق الشارع، وتحتدم الزحمة... وتتشح الشوارع بأغانٍ منبعثة من بعض المحلات ومقاهي الرصيف.
بناية اللاجئين، أطلق التسمية عليها كهل إيطالي، عنصري النزعة ثم تغير، يقطن شقة بالدور الثاني، يبلغ التسعين كما يبدو من عروق ونتوء عظام وجهه المتشح بحب الشباب! يقطن البناية مع امرأة، تصغره سنًا، أنيقة المظهر، لا يعرف سكان البناية عنها شيئًا، تكهن البعض بأنها زوجته، وراهن آخرون أنها عشيقته، منذ الحرب الكونية الثانية، أكد بعض السكان من الذين أصابتهم سهامه العنصرية، أنه كان ينتمي لجيش موسوليني...
طويل القامة، مقوس الظهر كغصنٍ شجرةٍ معمرة بخريف الزمن... فقس عن وجهه عينان، واسعتان، ثاقبتان، يكتسح رأسه شعر طفيف تركز بمؤخرة رأسه المفلطح، يقابله أنف جميل يحسده كل من يصادفه، يدعي ماريو فيتالي... قنديل البحر! . ❝
❞ نهضَ إدريس وجلسَ القُرفصاء وفتَحَ فاه وحَدقَ بصالح بعينين متوردتين وقد صُعق... تَلفَتَ حوله ودون انتظار ردّ من صالح، نهضَ وغابَ لفترةٍ وجيزة... راح يمشِي على أصابعِ قدميه يتَطلَّع حولهُ بحذرٍ وخوف، ظلّ يتلفَتْ يمينًا وشمالاً وهو يتفحصُ البحارة النائمين، فجأة جَمدَّ في مكانهِ حين سمع نوْبةِ سعال صادرة من أحدِ البحارة... أدركَ أن الرجل من المدخنين، كان صوتُ صدره وهو يتنفس دليلاً على أنه من المدمنين على لفّ السجائر، أنتظر لبُرهةٍ حتى أدرك أن الرجل يغطُ في نومٍ عميق رغم موجة السعال التي صدرت عنه.
- هل يستحق الأمر كلّ هذا؟ يبدو أن جوري تدفع الجميع للجنون! إنه يدفعني مثلهم للجنون... ما الذي أفعلهُ بحقِ الشيطان؟
خاطبَ نفسه وقد رَكَعَ على قدميهِ بقربِ الرجل الذي كان يتنفس بصعوبة، تلفتَ حوله، كان الهدوء يسودُّ المكان... توَزَّعَ الرجال الاثني عشر على كاملِ سطح المركب، كان يخشى أن يكون ثمة من هو صاحٍ مثلهُ ويراقبه في هذه اللحظة.
- هل تستحق جوري هذه المُجازَفة؟
سأل نفسه، ثم بَركَ على جثةِ الرجل النائم وبدأ يعبثُ في صرةِ ملابسهِ...
- أنتَ لِفَّ السيجارة، أنا لا أعرف كيف يفعلونها؟ هل تعرف أنتَ؟
سأل إدريس صالح وهو يدفع لهُ حفنة من التبغ وحزْمة صغيرة من ورقٍ شفاف أبيض اللون بعد أن عاد متسلِّلاً كلصٍ، بل هو لص!
بعد أن قضيا فترة في تحضير السيجارة... فجأة نظرَ صالح بدهشةٍ إلى صاحبهِ وقد بدا مصدومًا.
- بماذا أشْعلُها؟
تبادلا النظرات المُحيّرة وملامح الخيبة على وجهيهما، تناوبا تلك النظرات برتابةٍ لفترةٍ ثم أدرك إدريس مغزى نظرة صالح فسارع القول بنبرةٍ حاسمة...
- أقسم بالسماء والأرض، لن أُجازف مرَّة أخرى حتى لو...
قاطعه صالح...
- لا تقسم أرجوك... سوف أروي لك قصتنا بكلِّ أسرارها التي لا تتَخيَّلها.
توقفَ إدريس ونظر إلى صالح ثم تساءل سرًا في داخله˝ هل يستحق الأمر ذلك؟˝
أمسكَ صالح إدريس من يدهِ وأضافَ بحماسٍ شديد...
- لو أشْعلتُ السيجارة ودخنتُها الليلة أُقْسم لك بأنك ستسمع مني فقط ما يعلمه الله وحده... فيمّا بيني وبين جوري.
- هل تروي لي كلّ شيء بالتفصيل؟
سأل إدريس بنغمةِ شغف وفضول.
- كلَّ ما يعلم به الله؟
ردَّ صالح وما زال يقبض بالسيجارة بين أصابعه...
- كلّ ما يعلم به الله... حتى ما يجري في الفراش بينكُما؟
الغانية والبحر
رواية | أحمد جمعة
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2024
#اسكرايب #اقرأ #جدد_مكتبتك 📚 . ❝