█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ˝وكانت النتيجة أن حسبوا الأنبياء وجميع الفلاسفة والحكماء وأصحاب الأديان المختلفة على المدرسة المثالية، وشيئا فشيئا تسربت النظرة إلى الأوساط المتدينة في مجتمعاتنا الإسلامية˝
من كتاب أصول المعرفة والمنهج العقلي - أيمن المصري
_________
كنت بتناقش مع مديري أول البارحة في سؤاله لي عن نقدي اللاذع لمحمد علي ورغم أنه كان لا يتفق مع بعض أفعال محمد علي، إلا أنه كان يرى أن فيما فعل بعض ضرورات، وأن مسلكي ومذهبي ˝من كوكب المثالية˝ ولما ضربت له أمثلة مما فعل الخلفاء الراشدين في بعض أمورهم، قالي لي أنني أقارن بالمبشرين بالجنة، وأن ذلك لا يستقيم، فرددت له في عدة نقاط:
1) أن سيدنا علي رضي الله عنه احرق بعض الزنادقة وأنكر عليه ذلك الإمام ابن العباس رضي الله عنه:
أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، بزَنادِقَةٍ فأحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذلكَ ابْنَ عبَّاسٍ، فقالَ: لو كُنْتُ أنا لَمْ أُحْرِقْهُمْ، لِنَهْيِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُعَذِّبُوا بعَذابِ اللَّهِ ولَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن بَدَّلَ دِينَهُ فاقْتُلُوهُ.
2) بَعَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ إلى بَنِي جَذِيمَةَ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أنْ يقولوا أسْلَمْنَا، فَقالوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ ويَأْسِرُ، ودَفَعَ إلى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أسِيرَهُ، فأمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أنْ يَقْتُلَ أسِيرَهُ، فَقُلتُ: واللَّهِ لا أقْتُلُ أسِيرِي، ولَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِن أصْحَابِي أسِيرَهُ، فَذَكَرْنَا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ مَرَّتَيْنِ.
فحتى في زمن أول وأفضل المسلمين كان هناك تأويل ولكن كانت المرجعية واضحة، وإن حدث اجتهاد فخطأ فلم تكن تلك هي القاعدة بل ما شذ عنها، وكانت النية صالحة.
______
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝إنَّه مَن يَعِشْ منكم بعدي، فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ مِن بعدي، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمورِ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضَلالةٌ.˝
فلم يكن الخلفاء الراشدون إلا أسوة حسنة ومثال يحتذى به لا قصص للتندر والتأسي، فكم ذكر لطلبة الجامعة أن من سعى للامتياز نال أقل منها درجة ومن سعى للمقبول لم ينل شيئا، وكذلك من سعى للرشاد فحتى إن لم يصل فسيقارب، أما من سعى دون ذلك فكفى بالتاريخ من أمثاله . ❝
❞ كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله يوصيه : أوصيك بتقوى الله ، والإقتصاد في أمره ، وإتباع سنة رسوله ، وترك ما أحدث المحدثون بعده مما قد جرت سنته وكفوا مؤونته ، وأعلم أنه لم يبتدع إنسان قط بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها وعبرة فيها ، فعليك بلزوم السنة ، فإنها لك بإذن الله عصمة ، وأعلم أن من سن سنة قد علم مافي خلافها من الخطأ والزلل والتعمق والحمق ، فإن السابقين الماضين على علم توقفوا ، وببصر ناقد كفوا . ❝
❞ لما دَفنَ عمر بن عبد العزيز الخليفة سليمان بن عبد الملك ، وخرج من قبره ، سمع للأرض هَدَّة أو رَجَّة ، فقال : ما هذه ؟ فقيل له : مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين ، قربت إليك لتركبها ، فقال : مالي ولها ، نحوها عني ، قربوا اليَّ بغلتي ، فقربت إليه بغلته فركبها ، فجاءه صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة ، فقال له : تنحى عني ، مالي ولك ، إنما أنا رجل من المسلمين ، فسار وسار معه الناس حتى دخل المسجد ، فصعد عمر المنبر وإجتمع إليه الناس فقال : أيها الناس إني قد أُبتليت بهذا الأمر ( يعني الخلافة ) عن غير رأي مني كان فيه ، ولا طِلبة له ، ولا مشورة من المسلمين ، وإني قد خلعت مافي أعناقكم من بيعتي فإختاروا لأنفسكم ، فصاح الناس صيحة واحدة : قد إخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك ، فتولى أمرنا باليمن والبركة ، فلما رأى الأصوات قد هدأت ورضي به الناس جميعا ، حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ﷺ ، ثم خطب فيهم يوصيهم بما أمر الله تعالى به من الخير ، وختم خطبته قائلا : يا أيها الناس من أطاع الله وجبت طاعته ، ومن عصى الله فلا طاعة له ، أطيعوني ما أطعت الله ، فإن عصيت الله ، فلا طاعة لي عليكم . ❝