❞ السَّلامُ عليكَ يا صاحبي،
تسألني: لماذا تتغير ردات أفعالنا على حدثٍ واحدٍ رغم أن الحدث هو نفسه فهل نحن تغيرنا؟!
فأقول لكَ: أُجيبك مباشرة أم أضربُ لكَ مثلاً أولاً؟
وكعادتك تُسرج لي صهوة الكلام،
وتشير بيدك بما يوحي أن اِضربْ مثلاً أولاً!
حسناً يا صاحبي!
اصطحبَ الأبُ ابنه معه لزيارة صديقٍ له،
وكان طريقهما من السوق،
فسمعا رجلاً ينادي على جَملٍ يريدُ أن يبيعه بدرهم،
فقال الابن لأبيه: يا أبتِ، اشترِ لنا جملاً.
فقال الأب: بدرهم، إنه غالٍ!
وبعد سنةٍ تكرر هذا الموقف بحذافيره،
مرا بالسوق وكان رجلٌ يُنادي على جملٍ يريدُ أن يبيعه بمئة درهم،
فتقدَّم الأب من البائع، وناوله مئة درهمٍ، وأخذ الجمل ومضى!
قال الابن لأبيه والدهشة على محياه:
يا أبتِ، في العام الماضي طلبتُ منكَ أن تشتري جملاً،
فقلتَ لي إنه غالٍ،
وقد كان ثمنه درهماً، واليوم دفعتَ ثمنه مئة درهم!
ابتسمَ الأبُ، وقال لابنه:
يا بُنيَّ، إنَّ كل ثمنٍ مهما كان قليلاً هو كثير على من لا يملكه!
وكل ثمنٍ مهما كان كثيراً هو قليل على من يملكه!
في العام الماضي لم يكن معي درهم،
ولو باعوني الأرض كلها بدرهم لوجدتها باهظة الثمن لأني لا أملكه!
أما هذا العام فقد فتح الله علينا،
والمئة درهم عندي أقل من الدرهم الذي لم يكن معي العام الماضي!
أظنُّ أن الصورة صارت واضحة الآن،
وأن ما أُريد قوله قد صار جلياً!
المواقف هي ذاتها يا صاحبي،
ولكنها حين تمرُّ بنا لا نكون نحن ذاتنا كل مرَّةٍ،
لهذا بالضبط تختلفُ ردَّات أفعالنا!
تمرُّ بالإنسان لحظات يستطيع فيها أن يحمل جبال الدنيا كلها،
ثم تمرُّ به لحظة أخرى لا يستطيع فيها أن يحمل حجراً واحداً!
وتمرُّ بالإنسان لحظات لا تهزه فيها رياح العالم كله مهما كانت عاصفة،
ثم تمرُّ به لحظة أخرى تطرحه أرضاً نسمة خفيفة!
يا صاحبي،
نحن أحياناً نتلقى طعنةً بثباتٍ،
ولكننا ننهار أمام خذلان صغير،
ذاك أن الروح تكون جاثية على ركبتيها
مهما بدا الجسد منتصباً للناس!
يا صاحبي،
نحن لا ننهار مرَّةً واحدة ولكنها التراكمات!
أُنظُرْ للاشجار الضخمة حين يحاولون اجتثاثها،
ضربة، عشر ضربات، عشرون ضربة،
ثم أخيراً تنهار وتقع على الأرض من ضربةٍ أخيرة لم تكن أقوى من سابقاتها،
كل ما في الأمر أن الضربات السابقة قد أدمتها،
أما الضربة الأخيرة فكشفتْ حجم الضرر السابق،
وهكذا نحن!
والسّلام لقلبكَ. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ السَّلامُ عليكَ يا صاحبي،
تسألني: لماذا تتغير ردات أفعالنا على حدثٍ واحدٍ رغم أن الحدث هو نفسه فهل نحن تغيرنا؟!
فأقول لكَ: أُجيبك مباشرة أم أضربُ لكَ مثلاً أولاً؟
وكعادتك تُسرج لي صهوة الكلام،
وتشير بيدك بما يوحي أن اِضربْ مثلاً أولاً!
حسناً يا صاحبي!
اصطحبَ الأبُ ابنه معه لزيارة صديقٍ له،
وكان طريقهما من السوق،
فسمعا رجلاً ينادي على جَملٍ يريدُ أن يبيعه بدرهم،
فقال الابن لأبيه: يا أبتِ، اشترِ لنا جملاً.
فقال الأب: بدرهم، إنه غالٍ!
وبعد سنةٍ تكرر هذا الموقف بحذافيره،
مرا بالسوق وكان رجلٌ يُنادي على جملٍ يريدُ أن يبيعه بمئة درهم،
فتقدَّم الأب من البائع، وناوله مئة درهمٍ، وأخذ الجمل ومضى!
قال الابن لأبيه والدهشة على محياه:
يا أبتِ، في العام الماضي طلبتُ منكَ أن تشتري جملاً،
فقلتَ لي إنه غالٍ،
وقد كان ثمنه درهماً، واليوم دفعتَ ثمنه مئة درهم!
ابتسمَ الأبُ، وقال لابنه:
يا بُنيَّ، إنَّ كل ثمنٍ مهما كان قليلاً هو كثير على من لا يملكه!
وكل ثمنٍ مهما كان كثيراً هو قليل على من يملكه!
في العام الماضي لم يكن معي درهم،
ولو باعوني الأرض كلها بدرهم لوجدتها باهظة الثمن لأني لا أملكه!
أما هذا العام فقد فتح الله علينا،
والمئة درهم عندي أقل من الدرهم الذي لم يكن معي العام الماضي!
أظنُّ أن الصورة صارت واضحة الآن،
وأن ما أُريد قوله قد صار جلياً!
المواقف هي ذاتها يا صاحبي،
ولكنها حين تمرُّ بنا لا نكون نحن ذاتنا كل مرَّةٍ،
لهذا بالضبط تختلفُ ردَّات أفعالنا!
تمرُّ بالإنسان لحظات يستطيع فيها أن يحمل جبال الدنيا كلها،
ثم تمرُّ به لحظة أخرى لا يستطيع فيها أن يحمل حجراً واحداً!
وتمرُّ بالإنسان لحظات لا تهزه فيها رياح العالم كله مهما كانت عاصفة،
ثم تمرُّ به لحظة أخرى تطرحه أرضاً نسمة خفيفة!
يا صاحبي،
نحن أحياناً نتلقى طعنةً بثباتٍ،
ولكننا ننهار أمام خذلان صغير،
ذاك أن الروح تكون جاثية على ركبتيها
مهما بدا الجسد منتصباً للناس!
يا صاحبي،
نحن لا ننهار مرَّةً واحدة ولكنها التراكمات!
أُنظُرْ للاشجار الضخمة حين يحاولون اجتثاثها،
ضربة، عشر ضربات، عشرون ضربة،
ثم أخيراً تنهار وتقع على الأرض من ضربةٍ أخيرة لم تكن أقوى من سابقاتها،
كل ما في الأمر أن الضربات السابقة قد أدمتها،
أما الضربة الأخيرة فكشفتْ حجم الضرر السابق،
وهكذا نحن!
والسّلام لقلبكَ. ❝
❞ قصة قصيرة بعنوان
( جميلة والوهم)
جميلة فتاة تّتسم بالجمال فعلًا، اسم على مسمى كما يقولون، ولكن كانت تمتاز بجمالها الدّاخلي ورقتها وعذوبة صوتها،
وفي يوم من الأيام تعرّضت جميلة وهي عائدة من الجامعة، حيث أنَّها كانت طالبة في السَّنة الرَّابعة من كلية العلوم، لموقفٍ مريب، وإذ بجموعة من الشَّباب تلحقها، بدا الخوف ظاهرًا على ملامحها، وأخذت تسرع الخُطى وهم يتبعوها، كلما زادت خطواتها زادت خطاهم
إلى أن لحقوا بها، همّت على الصّراخ وأخذت تلتف يمينًا ويسارًا؛ محاولة الاستنجاد بأحد فلم تجد أحدًا، حيث أن الطَّريق كانت تخلو من المارة، لم تكن سوى تلك الشَّمس الحارقة المتربعة في كبد السّماء، ماذا تفعل يا الله؟ هكذا كان سؤالها في خاطرها، انقضّ عليها هؤلاء الوحوش الثّلاث وحاولوا العبث بها، حاولت هي على قدر طاقتها وضعفها أن تدفعهم عنها، ولكن باءت جلَّ محاولاتها بالفشل، إلى أن كاد يغشى عليها من كثرة الفزع، ظلّت تقاوم إلى أخر نفس في صدرها، ومرةً واحدةً غابت عن الوعي، وآخر ما سمعته هو قهقهات هؤلاء الذّئاب ويقولون إنّها لجميلة حقًا....
فاقت من نومها وإذا بها تجد نفسها وهي في إحدى المستشفيات ملقاه على ظهرها ومن حولها والدها ووالدتها،
_ قالت الأم: بصوت يملأه الأسى \"حمدًا لله على سلامتك يا حببيتي\".
_سألت: ما الّذى أودى بي إلى هنا؟ سكت الجميع واجمين في صمت رهيب الحمد لله على كل حال يا حبيبتي.
هنا سكتت لحظة وإذ بها تسترجع ما حدث لها، وفجأة صرخت صرخة مدوية كادت أن تقتلع جدران الحائط من شدتها وسقطت مغشيًا عليها،
بعد يومين مِن خروجها مِن المستشفى، لاحظ الأهل أنّ حالتها تزاد سوءًا يومًا بعد يوم؛ حيث أنَّها لا تسطيع تخطي ما حدث لها مازالت تلك الصَّدمة تنال منها،
قرَّر الأهل من أنّه لابد من تدخُّل طبيب نفسي لكي يقوم بمساعدتها على تخطي تلك المحنة،
قام والد جميلة بالسُّؤال عن طبيب نفسي يمتاز بالتَّفوق والأمانة، فدلّه صديق له أنّ هناك طبيب يُدعى \"أحمد\" متخصّص في تلك الحالات النّفسية،
قام والد جميلة بالحجز لها عند هذا الطبيب وفي الميعاد المحدّد للجلسة ذهبا كلًا من جميلة والداها ووالدتها، حيث أنّهم كانوا قلقين عليها كثيرًا، وعند وصولهم للعيادة
_قام والد جميلة: بسؤال المرضة احنا عندنا حجز باسم جميلة إبراهيم
_ردَّت عليه: ثواني حضرتك أتأكد من الحجز، وأردفت آه فعلًا يا فندم تمام، وأعطّته كارت مُدوّن عليه رقم الدّور،
في تلك الفترة كانت جميلة تتفحّص أوجه المتواجدين في العيادة بدهشةٍ غريبةٍ، وكأنّها تحاول أن تتذكّر شيء ما، ذلك الأمر الذّي لم يتفوّه به أحدًا أمامها، ما تعرفه فقط أنّها تعاني من الاكتئاب الحاد، حيث أنّها بعد تلك الحادثة فقدت جزء من ذاكرتها، بمعنى أنّها لم تتذكر ما حدث لها في تلك الليلة، ولم يتجرّأ أحدٌ على اخبارها، فاقت على صوت الممرضة: جميلة ابراهيم تفضّلي دورك.
دخلت جميلة غرفة الطبيب وا٦ذ بها تجده شابًا يجلس على مكتبه مهندم تعتليه الهيبة والوقار
_بابتسامة لطيفة: خاطبها تفضلي أستاذة جميلة هاتِ ما عندك ارتبكت بعض الشَّيء، فأحس هذا بها
_خاطبها مطمئننًا: بصي يا جميلة اعتبري نفسك إنك بتتكلمي مع نفسك وأنا هسمع بس، ولا تخافي فأنا هنا معك.
بدأت جميلة بالحديث وأخذت تعدّد مخاوفها، والأمور التي تزعجها وتؤثر على نفسيتها، وانتهت الجلسة الأولى ورجعت جميلة وهى تحس بالارتياح، خرجت لوالدها ولوالدتها أحسا أنّها بداية مبشّرة، عادوا للمنزل في انتظار الجلسة الثانية، الّتي حُدّدت على الأسبوع المقبل، في هذه المرّة ذهبت جميلة ووالدها فقط، وكالعادة جاء دورها، ودخلت للطبيب لكن في هذه المرّة كانت أكثر هدوءً عن المرّة الأولى.
_خاطبها الطّبيب مازحًا: ها يا ست جميلة هتحكي لي عن إيه النّهار ده، وكأنّه يريد أن يكسر رهبة الخوف التي تجتاحها، وكان هو من يحتاج الاستماع إلى حديثها، وجلسة تلو الأخرى كانت جميلة تقترب من التّعافي، وكان الطّبيب يتقرَّب منها أكثر وأكثر، وفي آخر جلسة الّتي ذهبت فيها بمفردها هذه المرة؛ حيث أنّها اعتادت المكان وألفت كل من فيه
_الطَّبيب بابتسامة عريضة: النهار ده يا جميلة أقدر أقول لك إنك بقيتي أحسن كتير عن أول جلسة، وإنّك تقدّري تواجهي أي مشكلة تواجهك بعده كدة، هيفضل بس شوية تدريبات هقول لك تعمليهم في البيت كلما شعرتِ بالضّيق،
كانت تستمع لكلامه وهى لا تهتم لما يقوله كانت شاردة الذهن؛ لأنه كان آخر يوم سوف ترى فيه الدّكتور أحمد،
_قاطعها جميلة: انت معايا؟
_آه تمام يا دكتور معاك.
انصرفت وأخذت معها قلبه، حيث أنّه أحسَّ بنفس الشِّيء تجاهها، لكنّه أراد أن لا يتحدث في هذا الأمر إلا بعد أن تتماثل الشّفاء؛
حتّى يستطيع أن يحدثها في هذا الأمر وحتّى تستطيع هي أن تتخذ القرار الصحيح.
مرّ أسبوع على أخر مرّة رآها فيها، وإذا برقم يرن على هاتف جميلة،
ألوو السّلام عليكم
جميلة: مين حضرتك؟
وعليكم السّلام أنا الدكتور أحمد،
دكتور أحمد اااه تفضل يا دكتور،
_لو سمحتِ كنت عايز استأذنك إني أشوفك عايزك في موضوع مهم،
_جميلة بارتباك: ماشي يا دكتور حدّد الميعاد وبلغني.
_الدكتور: تمام اتفقنا.
يوم الخميس وعلى المنضّدة المطلّة على النّيل تجلس جميلة والدكتور أحمد.
_دكتور أحمد: أنا مبسوط جدًا إنّك قبلتي دعوتي على الغذاء.
جميلة: وأنا كمان يا دكتور واستدارت عنه بوجهها.
_الدكتور أحمد: جميلة بصي من غير لف و دوران أنا بحبك، وحابب إنّي أتقدّم لكِ، بس كنت عايز أعرف رأيك الأول.
نظرت جميلة في حياء وبابتسامه خفيفة تعلو وجهها،
_أردف قائلًا: أفهم من كده إنك موافقة؟
_تمتمت بكلمات غير مفهومة لكنها تنم على القَبول.
حدّدي ميعاد لمقابلة والدلكِ.
وفي اليوم المحدّد، ذهب الدكتور أحمد ومعه أهله لخطبة جميلة،
كانت الأمور تسير في مجراها الطَّبيعي،
إلا أنّه حدث موقف غريب أثناء تواجد الضيوف قامت جميلة بتقديم القهوة لخطيبها وأهله وأثناء سيرها اتكعبلت في طرف السّجادة وانصدم رأسها في حافة المنضّدة الأمر الذّي أفقدّها الوعى، ظلت هكذا لبعض دقائق وعند افاقتها، وإذا بها تصرخ وتتعالى الصّرخات
حاول الدّكتور أحمد تهدئتها وعندما هدأت،
حدثت المفاجأة، وإذ بها تتذكّر كل شيء حدث لها، تذكّرت هذا اليوم الّذي قام فيه هؤلاء الذّئاب بافتراسها، كانت تزداد توتر كلما تذكّرت أكثر وأكثر.
_طلب والد جميلة من أحمد بالحديث على انفراد وطلب منه أن يؤجل موعد الخِطبة حتّى تهدأ جميلة، وافق أحمد وطلب من أهله الاستئذان وأنّهم سوف يعودون في يوم لاحق،
ظلّت جميلة هكذا لبعضة أيام، وأحمد يزداد قلقلًا عليها
وفجأة وإذا بشاشة هاتفه يضوي مكالمة واردة جميلة تتصل.
_ جميلة ازيك قلقتيني عليكِ
_جميلة بحزن: أحمد عايزة أشوفك،
_حاضر يا جميلة وأنا كمان عايز أشوفك انت وحشتيني جدًا.
وانتهت المكالمة على هذا وفي اليوم المحدد، جاء أحمد وخرجت عليه _جميلة وبصوت متهدج\' أحمد أريد أن أخبرك شيئًا ما.
_أحمد اتفضلي: يا جميلة
_جميلة بحزن ونظرة انكسار: في يوم وأنا راجعة من الجامعة ...
وقصّت عليه ما حدث لها وطلبت منه الاختيار هل تسطيع أن تُكمل معي حتّى بعد أن عرفت ما حدث لي؟ وقع الكلام على مسامع أحمد كالصّاعقة ولكنّه لا يدرى ما الذي يتوجب عليه قوله، كل ما بدر عنه هو الصّمت، الصّمت فقط ولا شيء غير صمت طويل، أدركت جميلة نواياه من صمت، فرمقته بنظرةٍ حادة يملأها الأسى والخذلان، وقامت وتركته يجلس وحيدًا في ونظرات الدّهشة على وجهه، وراحت تجلس بمفردها في غرفتها وأوصدت باب غرفتها ومن ثم أوصدت باب قلبها، وألقت بالمفتاح بين ركام الحطام.
#سمر_الترمان
#فلوريندا
#قصة_قصيرة
#جميلة_والوهم. ❝ ⏤سمر الترمان
❞ قصة قصيرة بعنوان
( جميلة والوهم)
جميلة فتاة تّتسم بالجمال فعلًا، اسم على مسمى كما يقولون، ولكن كانت تمتاز بجمالها الدّاخلي ورقتها وعذوبة صوتها،
وفي يوم من الأيام تعرّضت جميلة وهي عائدة من الجامعة، حيث أنَّها كانت طالبة في السَّنة الرَّابعة من كلية العلوم، لموقفٍ مريب، وإذ بجموعة من الشَّباب تلحقها، بدا الخوف ظاهرًا على ملامحها، وأخذت تسرع الخُطى وهم يتبعوها، كلما زادت خطواتها زادت خطاهم
إلى أن لحقوا بها، همّت على الصّراخ وأخذت تلتف يمينًا ويسارًا؛ محاولة الاستنجاد بأحد فلم تجد أحدًا، حيث أن الطَّريق كانت تخلو من المارة، لم تكن سوى تلك الشَّمس الحارقة المتربعة في كبد السّماء، ماذا تفعل يا الله؟ هكذا كان سؤالها في خاطرها، انقضّ عليها هؤلاء الوحوش الثّلاث وحاولوا العبث بها، حاولت هي على قدر طاقتها وضعفها أن تدفعهم عنها، ولكن باءت جلَّ محاولاتها بالفشل، إلى أن كاد يغشى عليها من كثرة الفزع، ظلّت تقاوم إلى أخر نفس في صدرها، ومرةً واحدةً غابت عن الوعي، وآخر ما سمعته هو قهقهات هؤلاء الذّئاب ويقولون إنّها لجميلة حقًا..
فاقت من نومها وإذا بها تجد نفسها وهي في إحدى المستشفيات ملقاه على ظهرها ومن حولها والدها ووالدتها،
_ قالت الأم: بصوت يملأه الأسى ˝حمدًا لله على سلامتك يا حببيتي˝.
_سألت: ما الّذى أودى بي إلى هنا؟ سكت الجميع واجمين في صمت رهيب الحمد لله على كل حال يا حبيبتي.
هنا سكتت لحظة وإذ بها تسترجع ما حدث لها، وفجأة صرخت صرخة مدوية كادت أن تقتلع جدران الحائط من شدتها وسقطت مغشيًا عليها،
بعد يومين مِن خروجها مِن المستشفى، لاحظ الأهل أنّ حالتها تزاد سوءًا يومًا بعد يوم؛ حيث أنَّها لا تسطيع تخطي ما حدث لها مازالت تلك الصَّدمة تنال منها،
قرَّر الأهل من أنّه لابد من تدخُّل طبيب نفسي لكي يقوم بمساعدتها على تخطي تلك المحنة،
قام والد جميلة بالسُّؤال عن طبيب نفسي يمتاز بالتَّفوق والأمانة، فدلّه صديق له أنّ هناك طبيب يُدعى ˝أحمد˝ متخصّص في تلك الحالات النّفسية،
قام والد جميلة بالحجز لها عند هذا الطبيب وفي الميعاد المحدّد للجلسة ذهبا كلًا من جميلة والداها ووالدتها، حيث أنّهم كانوا قلقين عليها كثيرًا، وعند وصولهم للعيادة
_قام والد جميلة: بسؤال المرضة احنا عندنا حجز باسم جميلة إبراهيم
_ردَّت عليه: ثواني حضرتك أتأكد من الحجز، وأردفت آه فعلًا يا فندم تمام، وأعطّته كارت مُدوّن عليه رقم الدّور،
في تلك الفترة كانت جميلة تتفحّص أوجه المتواجدين في العيادة بدهشةٍ غريبةٍ، وكأنّها تحاول أن تتذكّر شيء ما، ذلك الأمر الذّي لم يتفوّه به أحدًا أمامها، ما تعرفه فقط أنّها تعاني من الاكتئاب الحاد، حيث أنّها بعد تلك الحادثة فقدت جزء من ذاكرتها، بمعنى أنّها لم تتذكر ما حدث لها في تلك الليلة، ولم يتجرّأ أحدٌ على اخبارها، فاقت على صوت الممرضة: جميلة ابراهيم تفضّلي دورك.
دخلت جميلة غرفة الطبيب وا٦ذ بها تجده شابًا يجلس على مكتبه مهندم تعتليه الهيبة والوقار
_بابتسامة لطيفة: خاطبها تفضلي أستاذة جميلة هاتِ ما عندك ارتبكت بعض الشَّيء، فأحس هذا بها
_خاطبها مطمئننًا: بصي يا جميلة اعتبري نفسك إنك بتتكلمي مع نفسك وأنا هسمع بس، ولا تخافي فأنا هنا معك.
بدأت جميلة بالحديث وأخذت تعدّد مخاوفها، والأمور التي تزعجها وتؤثر على نفسيتها، وانتهت الجلسة الأولى ورجعت جميلة وهى تحس بالارتياح، خرجت لوالدها ولوالدتها أحسا أنّها بداية مبشّرة، عادوا للمنزل في انتظار الجلسة الثانية، الّتي حُدّدت على الأسبوع المقبل، في هذه المرّة ذهبت جميلة ووالدها فقط، وكالعادة جاء دورها، ودخلت للطبيب لكن في هذه المرّة كانت أكثر هدوءً عن المرّة الأولى.
_خاطبها الطّبيب مازحًا: ها يا ست جميلة هتحكي لي عن إيه النّهار ده، وكأنّه يريد أن يكسر رهبة الخوف التي تجتاحها، وكان هو من يحتاج الاستماع إلى حديثها، وجلسة تلو الأخرى كانت جميلة تقترب من التّعافي، وكان الطّبيب يتقرَّب منها أكثر وأكثر، وفي آخر جلسة الّتي ذهبت فيها بمفردها هذه المرة؛ حيث أنّها اعتادت المكان وألفت كل من فيه
_الطَّبيب بابتسامة عريضة: النهار ده يا جميلة أقدر أقول لك إنك بقيتي أحسن كتير عن أول جلسة، وإنّك تقدّري تواجهي أي مشكلة تواجهك بعده كدة، هيفضل بس شوية تدريبات هقول لك تعمليهم في البيت كلما شعرتِ بالضّيق،
كانت تستمع لكلامه وهى لا تهتم لما يقوله كانت شاردة الذهن؛ لأنه كان آخر يوم سوف ترى فيه الدّكتور أحمد،
_قاطعها جميلة: انت معايا؟
_آه تمام يا دكتور معاك.
انصرفت وأخذت معها قلبه، حيث أنّه أحسَّ بنفس الشِّيء تجاهها، لكنّه أراد أن لا يتحدث في هذا الأمر إلا بعد أن تتماثل الشّفاء؛
حتّى يستطيع أن يحدثها في هذا الأمر وحتّى تستطيع هي أن تتخذ القرار الصحيح.
مرّ أسبوع على أخر مرّة رآها فيها، وإذا برقم يرن على هاتف جميلة،
ألوو السّلام عليكم
جميلة: مين حضرتك؟
وعليكم السّلام أنا الدكتور أحمد،
دكتور أحمد اااه تفضل يا دكتور،
_لو سمحتِ كنت عايز استأذنك إني أشوفك عايزك في موضوع مهم،
_جميلة بارتباك: ماشي يا دكتور حدّد الميعاد وبلغني.
_الدكتور: تمام اتفقنا.
يوم الخميس وعلى المنضّدة المطلّة على النّيل تجلس جميلة والدكتور أحمد.
_دكتور أحمد: أنا مبسوط جدًا إنّك قبلتي دعوتي على الغذاء.
جميلة: وأنا كمان يا دكتور واستدارت عنه بوجهها.
_الدكتور أحمد: جميلة بصي من غير لف و دوران أنا بحبك، وحابب إنّي أتقدّم لكِ، بس كنت عايز أعرف رأيك الأول.
نظرت جميلة في حياء وبابتسامه خفيفة تعلو وجهها،
_أردف قائلًا: أفهم من كده إنك موافقة؟
_تمتمت بكلمات غير مفهومة لكنها تنم على القَبول.
حدّدي ميعاد لمقابلة والدلكِ.
وفي اليوم المحدّد، ذهب الدكتور أحمد ومعه أهله لخطبة جميلة،
كانت الأمور تسير في مجراها الطَّبيعي،
إلا أنّه حدث موقف غريب أثناء تواجد الضيوف قامت جميلة بتقديم القهوة لخطيبها وأهله وأثناء سيرها اتكعبلت في طرف السّجادة وانصدم رأسها في حافة المنضّدة الأمر الذّي أفقدّها الوعى، ظلت هكذا لبعض دقائق وعند افاقتها، وإذا بها تصرخ وتتعالى الصّرخات
حاول الدّكتور أحمد تهدئتها وعندما هدأت،
حدثت المفاجأة، وإذ بها تتذكّر كل شيء حدث لها، تذكّرت هذا اليوم الّذي قام فيه هؤلاء الذّئاب بافتراسها، كانت تزداد توتر كلما تذكّرت أكثر وأكثر.
_طلب والد جميلة من أحمد بالحديث على انفراد وطلب منه أن يؤجل موعد الخِطبة حتّى تهدأ جميلة، وافق أحمد وطلب من أهله الاستئذان وأنّهم سوف يعودون في يوم لاحق،
ظلّت جميلة هكذا لبعضة أيام، وأحمد يزداد قلقلًا عليها
وفجأة وإذا بشاشة هاتفه يضوي مكالمة واردة جميلة تتصل.
_ جميلة ازيك قلقتيني عليكِ
_جميلة بحزن: أحمد عايزة أشوفك،
_حاضر يا جميلة وأنا كمان عايز أشوفك انت وحشتيني جدًا.
وانتهت المكالمة على هذا وفي اليوم المحدد، جاء أحمد وخرجت عليه _جميلة وبصوت متهدج˝ أحمد أريد أن أخبرك شيئًا ما.
_أحمد اتفضلي: يا جميلة
_جميلة بحزن ونظرة انكسار: في يوم وأنا راجعة من الجامعة ..
وقصّت عليه ما حدث لها وطلبت منه الاختيار هل تسطيع أن تُكمل معي حتّى بعد أن عرفت ما حدث لي؟ وقع الكلام على مسامع أحمد كالصّاعقة ولكنّه لا يدرى ما الذي يتوجب عليه قوله، كل ما بدر عنه هو الصّمت، الصّمت فقط ولا شيء غير صمت طويل، أدركت جميلة نواياه من صمت، فرمقته بنظرةٍ حادة يملأها الأسى والخذلان، وقامت وتركته يجلس وحيدًا في ونظرات الدّهشة على وجهه، وراحت تجلس بمفردها في غرفتها وأوصدت باب غرفتها ومن ثم أوصدت باب قلبها، وألقت بالمفتاح بين ركام الحطام.
❞ السّلامُ عليكَ يا صاحِبي..
تسألني: ماذا ينقصني لأنافس الآخرين؟
فأقولُ لكَ: ومن قال أنه عليكَ أن تُنافس الآخرين؟!
الحياة رحلة وليست سِباقاً يا فتى، فاستمتع بها ولا تحوّلها إلى معركة!
المضمار الوحيد الذي يستحقُّ أن تُنافس فيه هو الطريق إلى الجنة!
ما عدا ذلك فمعارك خاسرة، وسباق إلى غير وُجهة،
السلحفاة والأرنب كلاهما أحمق،
فأي لذة في أن يفوز الأرنب بسباقٍ ضد أبطأ المخلوقات على الأرض؟!
ولِمَ على السلحفاة أن تخوض سباقاً أملها الوحيد بكسبه هو أن ينام الأرنب؟!
طهِّرْ قلبكَ يا صاحبي،
وافرحْ بنجاحِ غيركَ كأنه نجاحكَ،
وصفِّقْ للفائزين كأنكَ تُصفِّق لنفسكَ،
واسعَدْ بصفقة التاجر كأنها صفقتكَ،
وبوظيفة جارك كأنها وظيفتك،
النظر إلى ما في أيدي الناس سهم مسموم،
يُصيبك في قلبكَ قبل أن يُصيبَ الناس!
يا صاحِبي..
إن كثيراً مما نسميه منافسة ما هو إلا حسدٌ مقنّع، ولكن أسميناه منافسة لنقنع أنفسنا أنها معركة تستحقُّ أن نخوضها!
وتذكَّرْ جيداً، أن الحسد هو أول ذنبٍ عُصي الله سبحانه وتعالى به في السماء،
حيث رفضَ إبليسُ السجود لآدم، وما معه من ذريعة إلا: أنا خير منه!
والحسدُ أول ذنبٍ عُصي الله تعالى به في الأرض،
حيث قتلَ قابيل أخاه هابيل لأجل امرأةٍ كانت أجمل من امرأته!
فلا يكن فيكَ شيءٌ من إبليس وقابيل، ثم تقول لي أنا أخوض منافسة!
لا يا صاحبي أنتَ تحترقُ من الداخل لأن خيراً أصابَ غيركَ ولم يُصبكَ!
اعتنِ بقلبكَ يا صاحبي،
نظِّفه جيداً، طهِّره بالذكر،
سمِّ الله على كل جميلٍ تقعُ عليه عينك،
وقل ما شاء الله على كل رزقٍ ليس لكَ،
وارضَ بما قسم الله لكَ،
فلن تنال سواه ولو كانت حياتك كلها سِباقاً!
والسّلام لقلبكَ. ❝ ⏤الكاتبه المصريه. آلاء اسماعيل حنفي ( أصغر باحثة علمية مصرية)
❞ السّلامُ عليكَ يا صاحِبي.
تسألني: ماذا ينقصني لأنافس الآخرين؟
فأقولُ لكَ: ومن قال أنه عليكَ أن تُنافس الآخرين؟!
الحياة رحلة وليست سِباقاً يا فتى، فاستمتع بها ولا تحوّلها إلى معركة!
المضمار الوحيد الذي يستحقُّ أن تُنافس فيه هو الطريق إلى الجنة!
ما عدا ذلك فمعارك خاسرة، وسباق إلى غير وُجهة،
السلحفاة والأرنب كلاهما أحمق،
فأي لذة في أن يفوز الأرنب بسباقٍ ضد أبطأ المخلوقات على الأرض؟!
ولِمَ على السلحفاة أن تخوض سباقاً أملها الوحيد بكسبه هو أن ينام الأرنب؟!
طهِّرْ قلبكَ يا صاحبي،
وافرحْ بنجاحِ غيركَ كأنه نجاحكَ،
وصفِّقْ للفائزين كأنكَ تُصفِّق لنفسكَ،
واسعَدْ بصفقة التاجر كأنها صفقتكَ،
وبوظيفة جارك كأنها وظيفتك،
النظر إلى ما في أيدي الناس سهم مسموم،
يُصيبك في قلبكَ قبل أن يُصيبَ الناس!
يا صاحِبي.
إن كثيراً مما نسميه منافسة ما هو إلا حسدٌ مقنّع، ولكن أسميناه منافسة لنقنع أنفسنا أنها معركة تستحقُّ أن نخوضها!
وتذكَّرْ جيداً، أن الحسد هو أول ذنبٍ عُصي الله سبحانه وتعالى به في السماء،
حيث رفضَ إبليسُ السجود لآدم، وما معه من ذريعة إلا: أنا خير منه!
والحسدُ أول ذنبٍ عُصي الله تعالى به في الأرض،
حيث قتلَ قابيل أخاه هابيل لأجل امرأةٍ كانت أجمل من امرأته!
فلا يكن فيكَ شيءٌ من إبليس وقابيل، ثم تقول لي أنا أخوض منافسة!
لا يا صاحبي أنتَ تحترقُ من الداخل لأن خيراً أصابَ غيركَ ولم يُصبكَ!
اعتنِ بقلبكَ يا صاحبي،
نظِّفه جيداً، طهِّره بالذكر،
سمِّ الله على كل جميلٍ تقعُ عليه عينك،
وقل ما شاء الله على كل رزقٍ ليس لكَ،
وارضَ بما قسم الله لكَ،
فلن تنال سواه ولو كانت حياتك كلها سِباقاً!
والسّلام لقلبكَ. ❝
⏤
الكاتبه المصريه. آلاء اسماعيل حنفي ( أصغر باحثة علمية مصرية)
❞ في هذه التدوينة انتظار لملك الموت ودعوى ملحة للاستعداد ليوم التّناد أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ...أمّا بعد ...
قلبي البريء يهفو إلى لقائك وانت مازلت في منامك ، أنتظرك أحد من قبلي ؟؟ أم كنت أول المنتظرين،؟ أيّا يكن لا تنسى إنقاذي من هولِ حياةٍ شقيّةٍ أذاقتني ظلماً صارخاً ولهباً وأنيناً ، فالمنقذون من حولي كُثر لكنهم كلهم على وشك الهلاك ،! من موت إلى موت ومن ألم قاس إلى ألم ومن عناء بلا حدّ أصارع الحياة ، وكأنه حرام عليّ أن أراك قريباً فأحيا بلقاء ربي من جديد ، سأقتل نفسي في الدنيا عاجلاً إن كنت تماطل في زحامها الغريب ولا عجب ، لا الأرض تبلعنا ولا السماء تحبنا وصرنا لعنة الوجود تضرب بنا الأمثال في التخلّف وأصبحنا قطعان خراف تلهو بنا الذئاب والثعالب من كل حدب وفي كلّ زمان ...تجرّعنا السّموم في الحياة مراراً وكأننا خُلقنا لنار السّموم ، والحرب أضحت تجدد بؤسها وتزيدنا آهاتٍ تلو آهات ، ولو عشناالسّلام يوما واحداً ذقنا من مرارات الحرب أيّام ، وكبرنا معها حتى كهلنا ونزفنا الدّماء في كلّ مكان ، وزرفنا دموعاً وبكينا كثيراً حتى غلبنا كلّ البكاء ، الحزن رسالتي والموت في أضلعي وبلدي المريض قبري والله وجهتي فكن مستعدا للسير على جسر جهنم خلفي فظلمة الحياة مالها انتهاء ، الآن نحن هنا وربما غداً هناك والعاقل من أدرك هذا قبل فوات الأوان ،تعلّم الغرض من هذه الحياة، وتعلم شيئاً أعظم هو أن لوجودك هنا هدف، ولا عبثية في هذا الوجود ، صمتك الآن يصدر صوتاً خافتاً يدعوك إلى الواحد القهار لا تكن ساهياً لاهياً غافلاً عنه وأكثرْ من النوافل في طاعة مولاك ..... ❝ ⏤سوزان ايبش
❞ في هذه التدوينة انتظار لملك الموت ودعوى ملحة للاستعداد ليوم التّناد أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ..أمّا بعد ..
قلبي البريء يهفو إلى لقائك وانت مازلت في منامك ، أنتظرك أحد من قبلي ؟؟ أم كنت أول المنتظرين،؟ أيّا يكن لا تنسى إنقاذي من هولِ حياةٍ شقيّةٍ أذاقتني ظلماً صارخاً ولهباً وأنيناً ، فالمنقذون من حولي كُثر لكنهم كلهم على وشك الهلاك ،! من موت إلى موت ومن ألم قاس إلى ألم ومن عناء بلا حدّ أصارع الحياة ، وكأنه حرام عليّ أن أراك قريباً فأحيا بلقاء ربي من جديد ، سأقتل نفسي في الدنيا عاجلاً إن كنت تماطل في زحامها الغريب ولا عجب ، لا الأرض تبلعنا ولا السماء تحبنا وصرنا لعنة الوجود تضرب بنا الأمثال في التخلّف وأصبحنا قطعان خراف تلهو بنا الذئاب والثعالب من كل حدب وفي كلّ زمان ..تجرّعنا السّموم في الحياة مراراً وكأننا خُلقنا لنار السّموم ، والحرب أضحت تجدد بؤسها وتزيدنا آهاتٍ تلو آهات ، ولو عشناالسّلام يوما واحداً ذقنا من مرارات الحرب أيّام ، وكبرنا معها حتى كهلنا ونزفنا الدّماء في كلّ مكان ، وزرفنا دموعاً وبكينا كثيراً حتى غلبنا كلّ البكاء ، الحزن رسالتي والموت في أضلعي وبلدي المريض قبري والله وجهتي فكن مستعدا للسير على جسر جهنم خلفي فظلمة الحياة مالها انتهاء ، الآن نحن هنا وربما غداً هناك والعاقل من أدرك هذا قبل فوات الأوان ،تعلّم الغرض من هذه الحياة، وتعلم شيئاً أعظم هو أن لوجودك هنا هدف، ولا عبثية في هذا الوجود ، صمتك الآن يصدر صوتاً خافتاً يدعوك إلى الواحد القهار لا تكن ساهياً لاهياً غافلاً عنه وأكثرْ من النوافل في طاعة مولاك. ❝
❞ في قصر فرعون!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
عندكِ شغف رهيب لمعرفة أخبار الأمم السَّابقة،
تجدين في هذا تثبيتاً لقلبكِ،
وتعزيةً لروحكِ،
وتزدادين يقيناً أنَّ هذا الدِّين واحد عند الله،
بدأ بآدم عليه السَّلام وخُتم بمحمدٍ ﷺ!
تختلفُ الشَّرائع، وتتفاوتُ العبادات،
أما الدِّين فواحد لا يتغيَّر عنوانه قول ربِّكِ:
\"إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ\"
وها هو نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ يَسرجُ لكِ صهوة صوته العذب،
وها أنتِ تمتطين ظهر الكلام،
وتعودين أدراجكِ إلى ماضٍ سحيق لم تعيشيه،
وتطَّلعين على غيبٍ لم تشهديه!
يقولُ لكِ حبيبكِ ومصطفاكِ وقُرَّة عينيكِ:
لم يكذبْ إبراهيم عليه السَّلام إلا ثلاث كذباتٍ
ثنتين في ذات الله!
قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ\"﴾
وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾
وبينما هو ذات يومٍ وسارة
إذ أتى على جبَّارٍ من الجبابرة
فقيل له: إنَّ ها هُنا رجلاً مع امرأةٍ من أحسن الناس،
فأرسلَ إليه فسأله عنها، فقال: من هذه؟
قال: أختي!
فأتى سارة فقال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيركِ،
وإنَّ هذا سألني فأخبرته عنكِ أنكِ أختي،
فلا تُكذبيني!
فأرسلَ إليهما، فلما دخلتْ عليه ذهبَ يتناولها بيده،
فأُخِذ!
فقال لها: ادعي الله أن يُطلقَ يدي، ولا أضُرّكِ
فدعتْ، فأُطلِقَ!
ثم جاءَ يتناولها الثانية، فأُخِذَ مثلها أو أشدَّ،
فدعا بعض صحبته، فقال:
إنكم لم تأتوني بإنسانٍ، إنما أتيتموني بشيطان!
فأتتْ إبراهيم وهو يُصلي، وقالتْ:
كفَّ الله يدَ الفاجر، وأخدمني هاجر!
والقصّة أيتها الصحابيّة باختصار:
أنَّ إبراهيم عليه السّلام عندما أخرجه قومه من العراق،
توجه بزوجته سارة إلى مصر،
وكانتْ سارة أجمل امرأة في تاريخ البشرية،
حتى ليُقال أن جمال يوسف عليه السلام بعِرْقٍ منها فهي جدَّتُه!
وكان فرعون في ذلك الوقت زير نساء،
لا يرى امرأة جميلة إلا أرادها لنفسه،
وكان قد أمر جنوده إذا رأوا امرأةً جميلة أن يخبروه بها،
فأخبره جنوده بجمال سارة،
فأرسل فرعون إلى إبراهيم عليه السلام يطلبه،
فلما حضر عنده سأله عنها،
فقال له إبراهيم عليه السَّلام: هي أختي!
لأنه يعلمُ أنه لو قال إنها زوجته،
فسيقتله، ويأخذها منه!
ولما حضر إبراهيم وسارة إلى قصر فرعون،
أمر فرعون أن تُحملَ إليه
فلما أراد أن يمدَّ يده عليها تخشَّبتْ يده!
فطلبَ منها أن تدعو الله له أن يفكه ولن يقربها،
لأنه علم أنها وإبراهيم عليه السلام موحدين يعبدون الله،
فدعتْ له، فشُفيَ،
ولكنه حنثَ بوعده، وقام يحاولُ أن يمدَّ يده عليها،
فأصابه أشد مما أصابه في المرّة الأولى،
فنادى على خدمه وأخبرهم أنَّ هذه شيطانة لا إنسانة!
وأمرَ أن يطلقوها ويعطوها هاجر هديةً لها،
فعادتْ إلى إبراهيم عليه السلام وهو يصلي، وأخبرته بالأمر،
وقيل إنَّ الله سبحانه قد كشفَ الحجاب لإبراهيم عليه السلام،
فكان يرى ما يحدث بين فرعون وسارة
تعزيةً لخليله إبراهيم،
وطمأنة لقلبه أن عِرضه مُصان!
يا صحابية،
إنَّ الكذبَ الوارد في القصة ليس هو الكذب الذي تعرفينه،
ذاك الكذب الذي يقلب الحقَّ باطلاً،
وإنما هو إخبار بغير الحقيقة للضرورة،
والإسلام العظيم دين الواقعية والحياة بامتياز،
لذلك أباح الكذب في ثلاثة مواضع!
كذب المسلمُ على أعدائه،
فليس من المنطق أن يأخذ الكفار أسيراً مسلماً،
ويسألوه عن أسرار المسلمين فيخبرهم!
وكذب المسلم لإصلاح ذات البين
فعندما تقعُ الخلافات بين الناس يجب حلَّها،
فإذا وقع بين صديقتيكِ خلاف،
جئتِ إلى صديقة منهما وقلتِ لها:
فلانة تُحبكِ، ونادمة على ما كان منها،
وقد قالتْ عنكِ كلاماً جميلاً،
دعينا لا نتحدث عما حدث، ونصلح الذي كان،
وتقولين للأخرى مثل ذلك وبهذا ينتهي الخلاف،
ولكِ أجر الصلح وليس عليكِ إثم الكذب!
وأباح الإسلام العظيم كذب الرجل على امرأته،
وكذب المرأة على زوجها،
إذا ما تعلَّقَ الأمر بجبر الخواطر، ومراعاة المشاعر،
يقولُ الرجل لزوجته: أنتِ أجمل امرأة في الدنيا،
وهو يعرفُ أنَّ هناك من هي أجمل منها،
وهي تعرفُ كذلك،
ولكن هذا ليس مضمار الحقيقة،
لأن الحقيقة هنا تكسر القلب!
وقد يمدح ثوباً لبسته وهو لا يُعجبه
وتسريحة شعرٍ وهي لا تروق له،
وطبخة جديدة وهو لم يستطِبْها،
وكل هذا داخل في باب جبر الخواطر،
وجبر الخواطر عبادة!
وما يُقال في حق الزوج، يُقال في حق الزوجة أيضاً!
سألَ رجلٌ زوجته إن كانتْ تُحبُّه، وناشدها الله أن تصدقه،
فقالتْ: أما إنكَ ناشدتني الله، فلا أُحبُكَ!
فشكاها إلى عمر بن الخطاب،
فأرسل عُمر في طلبها، وأنَّبها على ما كان منها
فقالتْ له: يا أمير المؤمنين، أتريدني أن أكذب عليه؟!
فقال لها: نعم اكذبي عليه، أَكُلُّ البيوت بُنيت على الحُب،
ألا إنَّ الناس يتعاملون بالمروءة والذمة!
يا صحابية،
صرتِ تعرفين الآن أن ما كان عليه إبراهيم عليه السّلام،
إنما كان من باب حُسن التدبير والحيلة،
وكذلك قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾
كان كي لا يخرج معهم إلى عبادة غير الله،
وقوله ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾
كان من باب إقامة الحُجة عليهم،
وكي يريهم أن هذه الأصنام التي يعبدونها من دون الله
إنما هي عاجزة لا تضر ولا تنفع!
فلا تكوني فظّة بدعوى أنكِ تقولين الحقيقة!
عند جبر الخواطر \"الدبلوماسية\" هي المطلوبة،
وعندما تقع الخلافات كوني رسول خير،
ولا تمشي بالنميمة بين المتخاصمين، فتصبين الزيت على النار
وتذكري: لا يدخل الجنة نمَّام!
يا صحابية،
من أرادتْ العِفَّة عفَّها الله،
إنَّ الله أعدل من يراك تطلبين الستر فيفضحك،
وأجلَّ من أن تطلبي الخير فيوقعكِ في الشَّر،
أصلحي قلبكِ ونيّتكِ ثم اتركيها على الله،
كل الأسباب بيده سبحانه،
شُلَّتْ يد فرعون لأنها امتدتْ إلى امرأة عفيفة،
فكوني مع الله يكُنْ معكِ!
يا صحابية،
الجمال، المال، والمنصب نِعَم يجب أن تُصان،
الجمال يُصان بستره وعدم كشفه إلا لصاحبه،
والمال يُصان بالحمد ومساعدة الفقراء،
والمنصب يُصان بخدمة الناس،
كوني جميلة، واهتمي بأنوثتكِ،
ضعي مساحيق التجميل،
والبسي أجمل الثياب،
واستخدمي أجمل العطور،
ولكن في موضعها، موضعها فقط!
تعلمي، واحصلي على الشهادات، وتاجري إن شئتِ،
كوني ثرية ولكن دون كبر وكفران النعمة!
وانجحي في وظيفتكِ، واسعي لمنصب أعلى،
ولكن لا تنسي أبداً أنَّ الذي رفعكِ،
قادرٌ على أن يُنزلكِ بدعوة مظلوم!
يا صحابية،
مهما كنتِ جميلة وثرية وناجحة،
كوني دوماً في كنف زوجكِ،
ولا تتكبري عليه، أو تنتقصي من رجولته!
ما هذا دأبُ الصالحات، ولا أخلاقهُنَّ،
مهما بلغتِ من الجمال فلن تصلي إلى جمال سارة،
وقد كانت في كنف إبراهيم عليه السلام،
زوجة مُحبَّة، ورفيقة درب!
ومهما بلغتِ من الثراء
فلن تصلي إلى ثراء خديجة رضي الله عنها
وقد جعلتْ كل مالها في يد زوجها،
وأعطته حين حرمه الناس،
وصدقته حين كذَّبه الناس،
وآمنتْ به حين كفرَ به الناس!
مالكِ لكِ لا شكَّ،
وهذا حقكِ الذي لا يجادلك فيه أحد،
ولكن البيوت التي يكون فيها جيبان،
وهذا لكَ وهذا لي،
العيشُ فيها لا يُطاق!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ في قصر فرعون!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
عندكِ شغف رهيب لمعرفة أخبار الأمم السَّابقة،
تجدين في هذا تثبيتاً لقلبكِ،
وتعزيةً لروحكِ،
وتزدادين يقيناً أنَّ هذا الدِّين واحد عند الله،
بدأ بآدم عليه السَّلام وخُتم بمحمدٍ ﷺ!
تختلفُ الشَّرائع، وتتفاوتُ العبادات،
أما الدِّين فواحد لا يتغيَّر عنوانه قول ربِّكِ:
˝إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ˝
وها هو نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ يَسرجُ لكِ صهوة صوته العذب،
وها أنتِ تمتطين ظهر الكلام،
وتعودين أدراجكِ إلى ماضٍ سحيق لم تعيشيه،
وتطَّلعين على غيبٍ لم تشهديه!
يقولُ لكِ حبيبكِ ومصطفاكِ وقُرَّة عينيكِ:
لم يكذبْ إبراهيم عليه السَّلام إلا ثلاث كذباتٍ
ثنتين في ذات الله!
قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ˝﴾ وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ وبينما هو ذات يومٍ وسارة
إذ أتى على جبَّارٍ من الجبابرة
فقيل له: إنَّ ها هُنا رجلاً مع امرأةٍ من أحسن الناس،
فأرسلَ إليه فسأله عنها، فقال: من هذه؟
قال: أختي!
فأتى سارة فقال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيركِ،
وإنَّ هذا سألني فأخبرته عنكِ أنكِ أختي،
فلا تُكذبيني!
فأرسلَ إليهما، فلما دخلتْ عليه ذهبَ يتناولها بيده،
فأُخِذ!
فقال لها: ادعي الله أن يُطلقَ يدي، ولا أضُرّكِ
فدعتْ، فأُطلِقَ!
ثم جاءَ يتناولها الثانية، فأُخِذَ مثلها أو أشدَّ،
فدعا بعض صحبته، فقال:
إنكم لم تأتوني بإنسانٍ، إنما أتيتموني بشيطان!
فأتتْ إبراهيم وهو يُصلي، وقالتْ:
كفَّ الله يدَ الفاجر، وأخدمني هاجر!
والقصّة أيتها الصحابيّة باختصار:
أنَّ إبراهيم عليه السّلام عندما أخرجه قومه من العراق،
توجه بزوجته سارة إلى مصر،
وكانتْ سارة أجمل امرأة في تاريخ البشرية،
حتى ليُقال أن جمال يوسف عليه السلام بعِرْقٍ منها فهي جدَّتُه!
وكان فرعون في ذلك الوقت زير نساء،
لا يرى امرأة جميلة إلا أرادها لنفسه،
وكان قد أمر جنوده إذا رأوا امرأةً جميلة أن يخبروه بها،
فأخبره جنوده بجمال سارة،
فأرسل فرعون إلى إبراهيم عليه السلام يطلبه،
فلما حضر عنده سأله عنها،
فقال له إبراهيم عليه السَّلام: هي أختي!
لأنه يعلمُ أنه لو قال إنها زوجته،
فسيقتله، ويأخذها منه!
ولما حضر إبراهيم وسارة إلى قصر فرعون،
أمر فرعون أن تُحملَ إليه
فلما أراد أن يمدَّ يده عليها تخشَّبتْ يده!
فطلبَ منها أن تدعو الله له أن يفكه ولن يقربها،
لأنه علم أنها وإبراهيم عليه السلام موحدين يعبدون الله،
فدعتْ له، فشُفيَ،
ولكنه حنثَ بوعده، وقام يحاولُ أن يمدَّ يده عليها،
فأصابه أشد مما أصابه في المرّة الأولى،
فنادى على خدمه وأخبرهم أنَّ هذه شيطانة لا إنسانة!
وأمرَ أن يطلقوها ويعطوها هاجر هديةً لها،
فعادتْ إلى إبراهيم عليه السلام وهو يصلي، وأخبرته بالأمر،
وقيل إنَّ الله سبحانه قد كشفَ الحجاب لإبراهيم عليه السلام،
فكان يرى ما يحدث بين فرعون وسارة
تعزيةً لخليله إبراهيم،
وطمأنة لقلبه أن عِرضه مُصان!
يا صحابية،
إنَّ الكذبَ الوارد في القصة ليس هو الكذب الذي تعرفينه،
ذاك الكذب الذي يقلب الحقَّ باطلاً،
وإنما هو إخبار بغير الحقيقة للضرورة،
والإسلام العظيم دين الواقعية والحياة بامتياز،
لذلك أباح الكذب في ثلاثة مواضع!
كذب المسلمُ على أعدائه،
فليس من المنطق أن يأخذ الكفار أسيراً مسلماً،
ويسألوه عن أسرار المسلمين فيخبرهم!
وكذب المسلم لإصلاح ذات البين
فعندما تقعُ الخلافات بين الناس يجب حلَّها،
فإذا وقع بين صديقتيكِ خلاف،
جئتِ إلى صديقة منهما وقلتِ لها:
فلانة تُحبكِ، ونادمة على ما كان منها،
وقد قالتْ عنكِ كلاماً جميلاً،
دعينا لا نتحدث عما حدث، ونصلح الذي كان،
وتقولين للأخرى مثل ذلك وبهذا ينتهي الخلاف،
ولكِ أجر الصلح وليس عليكِ إثم الكذب!
وأباح الإسلام العظيم كذب الرجل على امرأته،
وكذب المرأة على زوجها،
إذا ما تعلَّقَ الأمر بجبر الخواطر، ومراعاة المشاعر،
يقولُ الرجل لزوجته: أنتِ أجمل امرأة في الدنيا،
وهو يعرفُ أنَّ هناك من هي أجمل منها،
وهي تعرفُ كذلك،
ولكن هذا ليس مضمار الحقيقة،
لأن الحقيقة هنا تكسر القلب!
وقد يمدح ثوباً لبسته وهو لا يُعجبه
وتسريحة شعرٍ وهي لا تروق له،
وطبخة جديدة وهو لم يستطِبْها،
وكل هذا داخل في باب جبر الخواطر،
وجبر الخواطر عبادة!
وما يُقال في حق الزوج، يُقال في حق الزوجة أيضاً!
سألَ رجلٌ زوجته إن كانتْ تُحبُّه، وناشدها الله أن تصدقه،
فقالتْ: أما إنكَ ناشدتني الله، فلا أُحبُكَ!
فشكاها إلى عمر بن الخطاب،
فأرسل عُمر في طلبها، وأنَّبها على ما كان منها
فقالتْ له: يا أمير المؤمنين، أتريدني أن أكذب عليه؟!
فقال لها: نعم اكذبي عليه، أَكُلُّ البيوت بُنيت على الحُب،
ألا إنَّ الناس يتعاملون بالمروءة والذمة!
يا صحابية،
صرتِ تعرفين الآن أن ما كان عليه إبراهيم عليه السّلام،
إنما كان من باب حُسن التدبير والحيلة،
وكذلك قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ كان كي لا يخرج معهم إلى عبادة غير الله،
وقوله ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ كان من باب إقامة الحُجة عليهم،
وكي يريهم أن هذه الأصنام التي يعبدونها من دون الله
إنما هي عاجزة لا تضر ولا تنفع!
فلا تكوني فظّة بدعوى أنكِ تقولين الحقيقة!
عند جبر الخواطر ˝الدبلوماسية˝ هي المطلوبة،
وعندما تقع الخلافات كوني رسول خير،
ولا تمشي بالنميمة بين المتخاصمين، فتصبين الزيت على النار
وتذكري: لا يدخل الجنة نمَّام!
يا صحابية،
من أرادتْ العِفَّة عفَّها الله،
إنَّ الله أعدل من يراك تطلبين الستر فيفضحك،
وأجلَّ من أن تطلبي الخير فيوقعكِ في الشَّر،
أصلحي قلبكِ ونيّتكِ ثم اتركيها على الله،
كل الأسباب بيده سبحانه،
شُلَّتْ يد فرعون لأنها امتدتْ إلى امرأة عفيفة،
فكوني مع الله يكُنْ معكِ!
يا صحابية،
الجمال، المال، والمنصب نِعَم يجب أن تُصان،
الجمال يُصان بستره وعدم كشفه إلا لصاحبه،
والمال يُصان بالحمد ومساعدة الفقراء،
والمنصب يُصان بخدمة الناس،
كوني جميلة، واهتمي بأنوثتكِ،
ضعي مساحيق التجميل،
والبسي أجمل الثياب،
واستخدمي أجمل العطور،
ولكن في موضعها، موضعها فقط!
تعلمي، واحصلي على الشهادات، وتاجري إن شئتِ،
كوني ثرية ولكن دون كبر وكفران النعمة!
وانجحي في وظيفتكِ، واسعي لمنصب أعلى،
ولكن لا تنسي أبداً أنَّ الذي رفعكِ،
قادرٌ على أن يُنزلكِ بدعوة مظلوم!
يا صحابية،
مهما كنتِ جميلة وثرية وناجحة،
كوني دوماً في كنف زوجكِ،
ولا تتكبري عليه، أو تنتقصي من رجولته!
ما هذا دأبُ الصالحات، ولا أخلاقهُنَّ،
مهما بلغتِ من الجمال فلن تصلي إلى جمال سارة،
وقد كانت في كنف إبراهيم عليه السلام،
زوجة مُحبَّة، ورفيقة درب!
ومهما بلغتِ من الثراء
فلن تصلي إلى ثراء خديجة رضي الله عنها
وقد جعلتْ كل مالها في يد زوجها،
وأعطته حين حرمه الناس،
وصدقته حين كذَّبه الناس،
وآمنتْ به حين كفرَ به الناس!
مالكِ لكِ لا شكَّ،
وهذا حقكِ الذي لا يجادلك فيه أحد،
ولكن البيوت التي يكون فيها جيبان،
وهذا لكَ وهذا لي،
العيشُ فيها لا يُطاق!. ❝