❞ إن الذي يعودُ للماضي
، كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً ، وكالذي ينشرُ نشارةُ الخشبِ . وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي :
لا تخرج الأموات من قبورهم
عائض. ❝ ⏤عائض القرني
❞ إن الذي يعودُ للماضي
، كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً ، وكالذي ينشرُ نشارةُ الخشبِ . وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي :
لا تخرج الأموات من قبورهم
عائض. ❝
❞ فلسطين هل ما زالتي بخير ؟ كيف حالك الآن كيف أصبحت أطفالك هل بخير ؟ فلسطين لن ينساك القلب و لن يغفل عنك القلم، أنت بالقلب دائما ما حال الأم التي ذهبت لإحضار الطحين و عندما عادت أصبح المنزل رمادا والزوج و الأطفال سحقوا ؟ كيف حال العجوز الذي ماتت حفيدته ؟ كيف حال كل شاب خسر أهله ؟ كيف حال الأطفال ؟ مات الأب والام ، أيعقل أن يستمر كل هذا ؟ تستمر الحرب هكذا ؟ لم يعد شئ حتي يهلك ، فالبيوت أحرقت ؟ والكبير والصغير خسر حياته ، والعالم صامت ، العرب صامتين ، حكام العرب نائمين ، العالم يري فقط ، لا أحد يفعل شئ حتي يقال إنه لم تعد فلسطين كما كانت ، فما هيا إلا بيوت هدمت، و قصفت ، الجميع عاجز ، حتي أنا عاجزه ولكن ما بيدي حيله ، ماذا أفعل حتي ينتهي كل هذا ، لم ننتهي من كل الأحداث بعد ، هناك أطفال فقدوا حياتهم ، كل هذا بهم ، ونحن نتألم لشئ بسيط ، هل غزه و شعبها يستحقان هذا ؟ الأطفال في البرد الآن و الجميع ، و الجوع يعصف بهم ، ولا يوجد أي حركه من أحد ، إلي متي ؟ سوف نري كل هذا ؟ متي ينتهي كل هذا ؟ متي يفرح الطفل و لا يبكي ؟ متي تري الأم أطفالها و زوجها بخير ؟ متي نري فلسطين كما كانت ؟ كيف يعود السلام لك ؟ كيف تنسي كل هذه اللحظات ؟ كيف نعود كما كنا ؟
أشعر أنه سوف يأتي هذا اليوم ، الذي نقول بأن كل شئ مر ، نقول إن فلسطين تحررت ، نقول إن نصر الله قريب ، نقول بأن فلسطين لم تعد تنزف ، نقول بأن الغد أجمل ، يا جدي لا تحزن ، وأنتي يا أمي لا تبكي ، وأنت يا صغيري لا تخف فلم يعد هناك حرب، سوف تحلقوا في سماء الحريه قريباً ،سوف ينتقم الله منهم ، سوف نري فيهم آيات العذاب تتحقق بهم ، مهلاً يا ابنتي لا تحزني فإنني معكم ، قلبا ، و قلما ، لا تخافوا فأنا أرسل كل الآلام التي بكم للجميع ، يوما ما يزول كل ما مررتم به ، سوف تعود الحياه هادئه ، يوما ما تطير العصافير .
عاشقه الظلام دعاء ثابت. ❝ ⏤الكاتبه دعاء ثابت العرابي
❞ فلسطين هل ما زالتي بخير ؟ كيف حالك الآن كيف أصبحت أطفالك هل بخير ؟ فلسطين لن ينساك القلب و لن يغفل عنك القلم، أنت بالقلب دائما ما حال الأم التي ذهبت لإحضار الطحين و عندما عادت أصبح المنزل رمادا والزوج و الأطفال سحقوا ؟ كيف حال العجوز الذي ماتت حفيدته ؟ كيف حال كل شاب خسر أهله ؟ كيف حال الأطفال ؟ مات الأب والام ، أيعقل أن يستمر كل هذا ؟ تستمر الحرب هكذا ؟ لم يعد شئ حتي يهلك ، فالبيوت أحرقت ؟ والكبير والصغير خسر حياته ، والعالم صامت ، العرب صامتين ، حكام العرب نائمين ، العالم يري فقط ، لا أحد يفعل شئ حتي يقال إنه لم تعد فلسطين كما كانت ، فما هيا إلا بيوت هدمت، و قصفت ، الجميع عاجز ، حتي أنا عاجزه ولكن ما بيدي حيله ، ماذا أفعل حتي ينتهي كل هذا ، لم ننتهي من كل الأحداث بعد ، هناك أطفال فقدوا حياتهم ، كل هذا بهم ، ونحن نتألم لشئ بسيط ، هل غزه و شعبها يستحقان هذا ؟ الأطفال في البرد الآن و الجميع ، و الجوع يعصف بهم ، ولا يوجد أي حركه من أحد ، إلي متي ؟ سوف نري كل هذا ؟ متي ينتهي كل هذا ؟ متي يفرح الطفل و لا يبكي ؟ متي تري الأم أطفالها و زوجها بخير ؟ متي نري فلسطين كما كانت ؟ كيف يعود السلام لك ؟ كيف تنسي كل هذه اللحظات ؟ كيف نعود كما كنا ؟
أشعر أنه سوف يأتي هذا اليوم ، الذي نقول بأن كل شئ مر ، نقول إن فلسطين تحررت ، نقول إن نصر الله قريب ، نقول بأن فلسطين لم تعد تنزف ، نقول بأن الغد أجمل ، يا جدي لا تحزن ، وأنتي يا أمي لا تبكي ، وأنت يا صغيري لا تخف فلم يعد هناك حرب، سوف تحلقوا في سماء الحريه قريباً ،سوف ينتقم الله منهم ، سوف نري فيهم آيات العذاب تتحقق بهم ، مهلاً يا ابنتي لا تحزني فإنني معكم ، قلبا ، و قلما ، لا تخافوا فأنا أرسل كل الآلام التي بكم للجميع ، يوما ما يزول كل ما مررتم به ، سوف تعود الحياه هادئه ، يوما ما تطير العصافير .
عاشقه الظلام دعاء ثابت. ❝
❞ كان أبو الخيزران ينزف عرقاً غزيراً يصب في وجهه ممرات متشعبة تلتقي عند ذقنه.. كانت الشمس ساطعة متوهجة وكان الهواء ساخناً مشبعاً بغبار دقيق كأنه الطحين. ❝ ⏤غسان كنفانى
❞ كان أبو الخيزران ينزف عرقاً غزيراً يصب في وجهه ممرات متشعبة تلتقي عند ذقنه. كانت الشمس ساطعة متوهجة وكان الهواء ساخناً مشبعاً بغبار دقيق كأنه الطحين. ❝
❞ حدثتنا جدتي يوماً أنها كانت تجلسُ عِشاءً بجوارِ موقدِ النار (الكانون) تُلقمُ النار قطعَ الحطب المصفوفةَ بعنايةٍ في كيسٍ كبيرٍ يرقدُ جوارها. يجلسُ جدّي قُبالتها يوزعُ أرغفة الخبز حولَ الموقدِ؛ لتكتسبَ قرمشةً لذيذة ولوناً ذهبياً مُحمراً تتضاعفُ لرؤياه الشهيّة، وتزيدُ برائحته الزكيّة القابليّة، وأجلسَ برّادَ الشاي على حافةِ الموقد حتى يهنؤوا بشايٍ نكّهته ورقاتُ النعناع وأثيرُ الحطب. وفي هذه الأثناء خرجت عمتي إليهم بصينيةٍ كبيرةٍ تحتضنُ ما طابَ مخزون البيتِ من أطباق، زبديةٌ من الفولِ المدمسِ الغارقِ بسيلٍ من زيت الزيتون، صحنٌ ترقدُ فيهِ حباتُ زيتونٍ حديثةَ القطاف مدقوقةً بعنايةٍ ومنقوعةً بالملحِ والفلفلِ والليمون، صحنٌ ثانٍ تمتزجُ فيه اللبنة البيتية بقليلٍ من قطرات الزيت، صحنٌ آخر يتناثرُ فيه فتاتُ الزعتر كلما اهتزّ عنوةً بفعلِ خطى العمةِ المتعجلة، وآخرُ صنعت فيه الدُّقة الفلسطينية بحيرةً مع زيت الزيتون، وآخر تعتمره حباتُ البيض المسلوق، وطبقٌ يتوسطُ المائدة يبرقُ بدبسٍ أسود مع إطارٍ من الطحينيةِ يطوِّقه، وصحنٌ يختبئُ بين الأطباق لعشاق الفلفل الأحمر المطحون مع زيت الزيتون وعصرةٍ من الليمون. وضعت العمةُ الصينيةَ على جذعِ شجرةٍ _قد اقتصه جدي من الأرض وصنعَ منه طاولةً جميلة تُزين جلساتهم المسائية وسطَ كراسي الخيزران والقش_ وذهبت تنادي أخواتها الأربعة، وإخوتها الخمسة للاستمتاعِ بعشاءٍ يسردون خلاله أحداثَ اليوم.
ما إن التفّ الأبناء حول المائدةِ المهيبة، إلا وانهالت على الباب طرقاتٌ مريبة. دخلت البنات يستترنَ في إحدى الغُرف، وخرجَ أحدُ الأبناءِ يكتشفُ طارقَ البابِ أجاء بحزنٍ أم ترف؟!
فتحَ الباب وانهالتْ على وجههِ علاماتُ الخيبة، فهذا جارهم أكيد جاءَ يحملُ كعادتهِ الكثير من الغيبة.
دخلَ بكرشهِ المتهدِّل، ولباسه غيرَ المتبدِّل، وأشداقهِ التي تسعى وراءَ اللُّقم، ولسانهِ الذي يذكرُ كلّ شيءٍ إلّا النِّعم.
دلفَ إلى حيثُ يرقدونَ، أخذتهُ روائحُ الطعامِ والخبزِ المزيون. تهلّلَ وجهه واستبشر، فجاء على موعدِ العشاءِ دون تأخُّر.
ردَّ السلام على عجل، وجلسَ ينتظرُ دعوةً دونَ ملل.
أقسمَ عليه جدّي أن يتذوق، شمّرَ عن ساعديهِ وشرعَ دون تملُّق. راوغَ الأطباقَ كما يراوغُ الثعلبُ الفريسة. نظرَ إليهِ الأبناءُ في دهشةٍ فكأنه غول، فما تركَ في الأطباقِ ولا حتى لقمةَ فول.
شبعَ بعد أن نفدت الأطباق، ابتلت العروق وانتفخت الأشداق.
رفعَ يديه شاكراً حامداً ربّه، ثمَّ تجشَّأ فأراحَ قليلاً قلبَه.. ❝ ⏤أريج دكه الشرفا
❞ حدثتنا جدتي يوماً أنها كانت تجلسُ عِشاءً بجوارِ موقدِ النار (الكانون) تُلقمُ النار قطعَ الحطب المصفوفةَ بعنايةٍ في كيسٍ كبيرٍ يرقدُ جوارها. يجلسُ جدّي قُبالتها يوزعُ أرغفة الخبز حولَ الموقدِ؛ لتكتسبَ قرمشةً لذيذة ولوناً ذهبياً مُحمراً تتضاعفُ لرؤياه الشهيّة، وتزيدُ برائحته الزكيّة القابليّة، وأجلسَ برّادَ الشاي على حافةِ الموقد حتى يهنؤوا بشايٍ نكّهته ورقاتُ النعناع وأثيرُ الحطب. وفي هذه الأثناء خرجت عمتي إليهم بصينيةٍ كبيرةٍ تحتضنُ ما طابَ مخزون البيتِ من أطباق، زبديةٌ من الفولِ المدمسِ الغارقِ بسيلٍ من زيت الزيتون، صحنٌ ترقدُ فيهِ حباتُ زيتونٍ حديثةَ القطاف مدقوقةً بعنايةٍ ومنقوعةً بالملحِ والفلفلِ والليمون، صحنٌ ثانٍ تمتزجُ فيه اللبنة البيتية بقليلٍ من قطرات الزيت، صحنٌ آخر يتناثرُ فيه فتاتُ الزعتر كلما اهتزّ عنوةً بفعلِ خطى العمةِ المتعجلة، وآخرُ صنعت فيه الدُّقة الفلسطينية بحيرةً مع زيت الزيتون، وآخر تعتمره حباتُ البيض المسلوق، وطبقٌ يتوسطُ المائدة يبرقُ بدبسٍ أسود مع إطارٍ من الطحينيةِ يطوِّقه، وصحنٌ يختبئُ بين الأطباق لعشاق الفلفل الأحمر المطحون مع زيت الزيتون وعصرةٍ من الليمون. وضعت العمةُ الصينيةَ على جذعِ شجرةٍ قد اقتصه جدي من الأرض وصنعَ منه طاولةً جميلة تُزين جلساتهم المسائية وسطَ كراسي الخيزران والقش__ وذهبت تنادي أخواتها الأربعة، وإخوتها الخمسة للاستمتاعِ بعشاءٍ يسردون خلاله أحداثَ اليوم.
ما إن التفّ الأبناء حول المائدةِ المهيبة، إلا وانهالت على الباب طرقاتٌ مريبة. دخلت البنات يستترنَ في إحدى الغُرف، وخرجَ أحدُ الأبناءِ يكتشفُ طارقَ البابِ أجاء بحزنٍ أم ترف؟!
فتحَ الباب وانهالتْ على وجههِ علاماتُ الخيبة، فهذا جارهم أكيد جاءَ يحملُ كعادتهِ الكثير من الغيبة.
دخلَ بكرشهِ المتهدِّل، ولباسه غيرَ المتبدِّل، وأشداقهِ التي تسعى وراءَ اللُّقم، ولسانهِ الذي يذكرُ كلّ شيءٍ إلّا النِّعم.
دلفَ إلى حيثُ يرقدونَ، أخذتهُ روائحُ الطعامِ والخبزِ المزيون. تهلّلَ وجهه واستبشر، فجاء على موعدِ العشاءِ دون تأخُّر.
ردَّ السلام على عجل، وجلسَ ينتظرُ دعوةً دونَ ملل.
أقسمَ عليه جدّي أن يتذوق، شمّرَ عن ساعديهِ وشرعَ دون تملُّق. راوغَ الأطباقَ كما يراوغُ الثعلبُ الفريسة. نظرَ إليهِ الأبناءُ في دهشةٍ فكأنه غول، فما تركَ في الأطباقِ ولا حتى لقمةَ فول.
شبعَ بعد أن نفدت الأطباق، ابتلت العروق وانتفخت الأشداق.
رفعَ يديه شاكراً حامداً ربّه، ثمَّ تجشَّأ فأراحَ قليلاً قلبَه. ❝