❞ أفٍ لنفسي وقد سطرت عدة مجلدات في فنون العلوم وما عبق بها فضيلة ، إن نوظرّت شمخت ، وإن نوصحت تعجرفت ، وإن لا حت الدنيا طارت إليها طيران الرخم ، وسقوط الغراب على الجيف ، فليتها أخذت أخذ المضطر من الجيفة ، توفر في المخالطة عيوبا تبلى ولا تحتشم نظر الحق إليها .. ❝ ⏤أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
❞ أفٍ لنفسي وقد سطرت عدة مجلدات في فنون العلوم وما عبق بها فضيلة ، إن نوظرّت شمخت ، وإن نوصحت تعجرفت ، وإن لا حت الدنيا طارت إليها طيران الرخم ، وسقوط الغراب على الجيف ، فليتها أخذت أخذ المضطر من الجيفة ، توفر في المخالطة عيوبا تبلى ولا تحتشم نظر الحق إليها. ❝
❞ كان الطفل يستطيع رؤية أشياء وأشخاص ورموز لا أحد يراها غيره؛ كما تمكّن من النظر إلى طبقات الهواء في الجو؛ الفاصلة بين السماء والأرض، وأيضا كانت لديه القدرة على النظر عن بعد بما يفوق الشخص العادي، إعتنق الهدوء أركان تصرفاته وكان ينظر للأشياء بعمق صاعق ويحللها من منظوره الخاص؛ عبر شعاب من التأمل، أكثر سكينة وأقوم تخلّق، تربت فيه المكارم وأضاف التهذيب عندليب الإحترام في تمام الإنجذاب إليه، كان مرتب ومتوازن الذهن وذكي ببلاغة، لم يفارق أمه لحظة فقد تشبّع بطيبتها وحنانها لأبعد الحدود. كان منطقه ممتلىء بالتميز وروحه الصبيانية متخللة بالوداعة والنبل والقيم المبتدئة. لوحظ بين أسرته أن الغرابة تتسع في سلوكياته، فكان لا يهوى الاختلاط بأقرانه وإذا أطال الابتعاد تتفقده أمه لتغيّبه فتشاهده عن قرب؛ وهو وحيد ساهي وأغلبية الأحيان؛ يقضي وقته شاردا في السماء، يبتعد عن الأماكن التي تعمّها الضجة والاكتضاض ويفضل اللعب وحده .. ❝ ⏤جارفينيا إنجيلبرت
❞ كان الطفل يستطيع رؤية أشياء وأشخاص ورموز لا أحد يراها غيره؛ كما تمكّن من النظر إلى طبقات الهواء في الجو؛ الفاصلة بين السماء والأرض، وأيضا كانت لديه القدرة على النظر عن بعد بما يفوق الشخص العادي، إعتنق الهدوء أركان تصرفاته وكان ينظر للأشياء بعمق صاعق ويحللها من منظوره الخاص؛ عبر شعاب من التأمل، أكثر سكينة وأقوم تخلّق، تربت فيه المكارم وأضاف التهذيب عندليب الإحترام في تمام الإنجذاب إليه، كان مرتب ومتوازن الذهن وذكي ببلاغة، لم يفارق أمه لحظة فقد تشبّع بطيبتها وحنانها لأبعد الحدود. كان منطقه ممتلىء بالتميز وروحه الصبيانية متخللة بالوداعة والنبل والقيم المبتدئة. لوحظ بين أسرته أن الغرابة تتسع في سلوكياته، فكان لا يهوى الاختلاط بأقرانه وإذا أطال الابتعاد تتفقده أمه لتغيّبه فتشاهده عن قرب؛ وهو وحيد ساهي وأغلبية الأحيان؛ يقضي وقته شاردا في السماء، يبتعد عن الأماكن التي تعمّها الضجة والاكتضاض ويفضل اللعب وحده. ❝
❞ ضحكت ضحكةً خفيفةً ساخرةً وقالت:
- أكيد بتكتبي، هو إنتي وراكي شغلانه غير كده، أبوكي شغل الزمبلك ونسى يطفيه.
جزّت \"حواء\"على أسنانها في غيظٍ، لطالما كرهت أسلوب أمها وتهكمها، لم تتحمل أي تلميحٍ سلبي على والدها توأم روحها، مَن لا يعتبرها معاقة بل نوعًا مميزًا نادرًا من البشر.
عادت \"ندى\" لنبرتها السابقة متخليةً عن التهكم:
- \"ملك\"عايز يشوفك، قال لي أوديكي ليه.
أومأت \"حواء\" برأسها موافقةً على الفور، وبان عليها تحمسٌ جعلها تبدو كالبلهاء بعد موقفها السابق والجدية التي رسمتها لوقت.
- خلاص هوديكي بكره بعد المدرسه.
اقتربت \"ندى\" بنية تقبيل \"حواء\" أمالت رأسها نحوها، لكنها تراجعت بعدما شعرت برجفةٍ تسري في جسد \"حواء\" وكأنها ترفض تلك المبادرة، لا تريد منها الاقتراب. انسحبت بهدوءٍ من الغرفة وهي تشيح نظرها هربًا من عيون\"حواء\".
\"ملك\" هو بمثابة عم \"حواء\"، تربى مع والدها ونشأ معه، أما \"صفوت\" فكان الكبير بفارق عامٍ واحد، لم يفترقا أبدًا حتى أن كثيرًا من الناس اعتقدوا بالفعل أنهما شقيقان. أما عن علاقة \"حواء\" به فكانت شديدة الغرابة؛ فذلك الرجل عنى لها الكثير منذ أن بدأت تعي، رأته دائمًا الأكثر وسامة، الأكثر جاذبية دونًا عن باقي الرجال، أحست في حضنه بدفءٍ، وفي صوته أمانٌ، وعند وجوده مع أناسٍ آخرين في نفس المكان تثبت نظرها عليه وحده واختفى الجمهور، نظرت إلى ابتسامته وسافرت إلى إحدى قصصها وخيالاتها، رسمت من تلك البسمة سماءً وبحرًا، من تلك اللمسة الرقيقة ربيعًا ونسماتٍ تصاحبه، من نبرته شجنًا وألحانًا عذبة، من نظرته التي تطل من عينيه الواسعة الذكية راقصين يطوفون من على الأرض ويدورون بلا كللٍ.
من شدة تحمسها بذلك الخبر فقدت تركيزها ولم تكمل القصة وآثرت أن تكملها في وقتٍ آخر. انتفض جسدها مع فتح الباب المفاجىء، دخل \"عدلي\" عليها بحركةٍ متوترةٍ، نظرت إلى تلك الأعين واستشفت على الفور بتغييرٍ أصابها، بريقٌ كان يسكنها اختفى ووضع مكانه شيئًا مظلمًا وكأنها لم تكن هناك، تجاهلها، أمسك بغطاء فراشه وانسحب من الغرفة؛ لتكون أول ليلةٍ له يفترق فيها عن \"حواء\" ويؤثر النوم وحده على الأريكة في الخارج!!. ❝ ⏤ياسمين رحمي
❞ ضحكت ضحكةً خفيفةً ساخرةً وقالت:
- أكيد بتكتبي، هو إنتي وراكي شغلانه غير كده، أبوكي شغل الزمبلك ونسى يطفيه.
جزّت ˝حواء˝على أسنانها في غيظٍ، لطالما كرهت أسلوب أمها وتهكمها، لم تتحمل أي تلميحٍ سلبي على والدها توأم روحها، مَن لا يعتبرها معاقة بل نوعًا مميزًا نادرًا من البشر.
عادت ˝ندى˝ لنبرتها السابقة متخليةً عن التهكم:
- ˝ملك˝عايز يشوفك، قال لي أوديكي ليه.
أومأت ˝حواء˝ برأسها موافقةً على الفور، وبان عليها تحمسٌ جعلها تبدو كالبلهاء بعد موقفها السابق والجدية التي رسمتها لوقت.
- خلاص هوديكي بكره بعد المدرسه.
اقتربت ˝ندى˝ بنية تقبيل ˝حواء˝ أمالت رأسها نحوها، لكنها تراجعت بعدما شعرت برجفةٍ تسري في جسد ˝حواء˝ وكأنها ترفض تلك المبادرة، لا تريد منها الاقتراب. انسحبت بهدوءٍ من الغرفة وهي تشيح نظرها هربًا من عيون˝حواء˝.
˝ملك˝ هو بمثابة عم ˝حواء˝، تربى مع والدها ونشأ معه، أما ˝صفوت˝ فكان الكبير بفارق عامٍ واحد، لم يفترقا أبدًا حتى أن كثيرًا من الناس اعتقدوا بالفعل أنهما شقيقان. أما عن علاقة ˝حواء˝ به فكانت شديدة الغرابة؛ فذلك الرجل عنى لها الكثير منذ أن بدأت تعي، رأته دائمًا الأكثر وسامة، الأكثر جاذبية دونًا عن باقي الرجال، أحست في حضنه بدفءٍ، وفي صوته أمانٌ، وعند وجوده مع أناسٍ آخرين في نفس المكان تثبت نظرها عليه وحده واختفى الجمهور، نظرت إلى ابتسامته وسافرت إلى إحدى قصصها وخيالاتها، رسمت من تلك البسمة سماءً وبحرًا، من تلك اللمسة الرقيقة ربيعًا ونسماتٍ تصاحبه، من نبرته شجنًا وألحانًا عذبة، من نظرته التي تطل من عينيه الواسعة الذكية راقصين يطوفون من على الأرض ويدورون بلا كللٍ.
من شدة تحمسها بذلك الخبر فقدت تركيزها ولم تكمل القصة وآثرت أن تكملها في وقتٍ آخر. انتفض جسدها مع فتح الباب المفاجىء، دخل ˝عدلي˝ عليها بحركةٍ متوترةٍ، نظرت إلى تلك الأعين واستشفت على الفور بتغييرٍ أصابها، بريقٌ كان يسكنها اختفى ووضع مكانه شيئًا مظلمًا وكأنها لم تكن هناك، تجاهلها، أمسك بغطاء فراشه وانسحب من الغرفة؛ لتكون أول ليلةٍ له يفترق فيها عن ˝حواء˝ ويؤثر النوم وحده على الأريكة في الخارج!!. ❝
❞ يتكرر المشهد ولكن بسهم اخترق رأس الغراب هذه المرة، اقتربت من الحافة بحثًا عن مطلق السهام، حتى رأيته أسفل الشجرة، شابٌ يحمل قوسًا ويصوبها إلى غراب آخر يتوارى في مكان ما، ولكن العجيب أن الشاب كان شديد الضخامة، أردت أن أصرخ فيه ليتوقف عن قتل الغربان المسكينة، ولكن كلماتي ذابت حروفها ليخرج صوتي كأنه نعيق لغراب آخر، حاولت مرة أخرى إلى أن انتبه الشاب لي، اعتقدت أنه فهم ما أود قوله، ولكنه فاجأني بأن صوب سهمه نحوي، رفعت يدي لأحمي وجهي بحركة لا إرادية، لأجد أن ذراعي قد تحول إلى جناح له ريش رمادي، فصرخت فزعًا ليخرج من حنجرتي نعيق آخر، ظللت أصرخ، أحاول أن أخبره أنني لست غرابًا، أحاول أن أسأله ما الذي يحدث لي، ولكن النعيق أصبح هستيريًا، ففقدت أملي في أن يفهم الشاب كينونتي البشرية، ولم يعد أمامي إلا الفرار بهذا الجسد بعيدًا عن سهامه القاتلة، ولكن لم أعرف كيف أستخدم هذا الجسد في الطيران إلى مكان آخر، أخذت أضرب بجناحي الغراب -الذي أصبحته الآن- يمينًا ويسارًا دون فائدة، أحاول وأحاول، الشاب يسحب السهم للخلف ماطًا به القوس، أنعق بينما هو يحرك القوس ويدقق التصويب إليَّ، لا أدري إلى أي جزء يصوب سهمه، وانطلق السهم ممزقًا أوراق الغصن التي كنت أختبئ خلفها، أحاول الصراخ مرة أخرى ولكن هذه المرة لم يصدر مني حتى النعيق، وشعرت بألم رهيب، قبل أن أفهم أن السهم قد استقر في رقبتي، رقبة الغراب الذي فقد أمله في النجاة، وأخذ يتهاوى وجسده يدور،. ❝ ⏤الكاتب محمود عبد العال
❞ يتكرر المشهد ولكن بسهم اخترق رأس الغراب هذه المرة، اقتربت من الحافة بحثًا عن مطلق السهام، حتى رأيته أسفل الشجرة، شابٌ يحمل قوسًا ويصوبها إلى غراب آخر يتوارى في مكان ما، ولكن العجيب أن الشاب كان شديد الضخامة، أردت أن أصرخ فيه ليتوقف عن قتل الغربان المسكينة، ولكن كلماتي ذابت حروفها ليخرج صوتي كأنه نعيق لغراب آخر، حاولت مرة أخرى إلى أن انتبه الشاب لي، اعتقدت أنه فهم ما أود قوله، ولكنه فاجأني بأن صوب سهمه نحوي، رفعت يدي لأحمي وجهي بحركة لا إرادية، لأجد أن ذراعي قد تحول إلى جناح له ريش رمادي، فصرخت فزعًا ليخرج من حنجرتي نعيق آخر، ظللت أصرخ، أحاول أن أخبره أنني لست غرابًا، أحاول أن أسأله ما الذي يحدث لي، ولكن النعيق أصبح هستيريًا، ففقدت أملي في أن يفهم الشاب كينونتي البشرية، ولم يعد أمامي إلا الفرار بهذا الجسد بعيدًا عن سهامه القاتلة، ولكن لم أعرف كيف أستخدم هذا الجسد في الطيران إلى مكان آخر، أخذت أضرب بجناحي الغراب -الذي أصبحته الآن- يمينًا ويسارًا دون فائدة، أحاول وأحاول، الشاب يسحب السهم للخلف ماطًا به القوس، أنعق بينما هو يحرك القوس ويدقق التصويب إليَّ، لا أدري إلى أي جزء يصوب سهمه، وانطلق السهم ممزقًا أوراق الغصن التي كنت أختبئ خلفها، أحاول الصراخ مرة أخرى ولكن هذه المرة لم يصدر مني حتى النعيق، وشعرت بألم رهيب، قبل أن أفهم أن السهم قد استقر في رقبتي، رقبة الغراب الذي فقد أمله في النجاة، وأخذ يتهاوى وجسده يدور،. ❝
❞ \"هجرُ القلُوب\"
تُهتُ في بحورِ عينيه، كالغريق يبحث عن طوق النجاة؛ حتى يصل لبر الأمان، أحببته بعدد الأحرف والكلمات، وعدد أبيات الشعر في وصف العاشقين، حُفرت صورته في عجزت أحرفي عن البوَح بمشاعري، كالطائر حلق قلبي للسماء، وجدت معه نفسي وذاتي، عزفت أوتاري لحن حبه، غمرني بدفء عينيه، لكن ذلك لم يدُم؛ فقد استيقظت يومًا عَلَىٰ نُوَاح الحمام حولي، ينُوح عَلَىٰ فراق عاشقيّن لم تكتمل قصتهم، لوعة الحزن تحرق قلبي الذي أرهقه عيَاءُ الفراق، ضمتني أجنحة الأحزان، ذكرياتنا تبخرت، ولم يبق سوىٰ الرماد، دفنتُ الأحزان في صدري، أصبح الندم يحلق فوق رأسي كل يوم، وكأنه ذاك الغراب المنتظر فريسته؛ لينهش عقلها، ندمتُ أشد الندم عَلَىٰ كل لحظةٍ جميلةٍ منحتها له، وكل كلمةٍ، وبسمة حنونة وهبتها لقلبه، لتدَون نهاية قصة عاشقَيّن كانت من أفضل الحكايات، وكيف يعود القلب الذي كُسِر عَلَىٰ يد محبوبه الذي كان سراجه المنير.
ک/أسماء عبد العاطي بركه
«عاشقة الكتابة». ❝ ⏤سوسو بركه
❞ ˝هجرُ القلُوب˝
تُهتُ في بحورِ عينيه، كالغريق يبحث عن طوق النجاة؛ حتى يصل لبر الأمان، أحببته بعدد الأحرف والكلمات، وعدد أبيات الشعر في وصف العاشقين، حُفرت صورته في عجزت أحرفي عن البوَح بمشاعري، كالطائر حلق قلبي للسماء، وجدت معه نفسي وذاتي، عزفت أوتاري لحن حبه، غمرني بدفء عينيه، لكن ذلك لم يدُم؛ فقد استيقظت يومًا عَلَىٰ نُوَاح الحمام حولي، ينُوح عَلَىٰ فراق عاشقيّن لم تكتمل قصتهم، لوعة الحزن تحرق قلبي الذي أرهقه عيَاءُ الفراق، ضمتني أجنحة الأحزان، ذكرياتنا تبخرت، ولم يبق سوىٰ الرماد، دفنتُ الأحزان في صدري، أصبح الندم يحلق فوق رأسي كل يوم، وكأنه ذاك الغراب المنتظر فريسته؛ لينهش عقلها، ندمتُ أشد الندم عَلَىٰ كل لحظةٍ جميلةٍ منحتها له، وكل كلمةٍ، وبسمة حنونة وهبتها لقلبه، لتدَون نهاية قصة عاشقَيّن كانت من أفضل الحكايات، وكيف يعود القلب الذي كُسِر عَلَىٰ يد محبوبه الذي كان سراجه المنير.
ک/أسماء عبد العاطي بركه
«عاشقة الكتابة». ❝