❞❝
❞ قال ﷺ ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبَّا ، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نبيًّا ، كَانَ حَقًّا عَلى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ ) . ❝
❞ مقدمات الفتح الأعظم ...
قَدِمَ عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله ﷺ المدينة ، فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني أصحابه فأنشد قائلا :
یا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا
حِلْفَ أَبينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدا
قَدْ كُنْتُمُ وُلداً وكُنَّا وَالِدا
ثُمت أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعُ يَدا
فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْراً أَبَدا
وادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدًا
فيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا
أبيضَ مِثْلَ البَدْرِ يَسْمُو صُعُدَا
إِن سِيمَ خَسْفاً وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
في فَيْلَقٍ كالبَحْرِ يَجْرِي مُزْيدا
إِنَّ قُرَيْشاً أَخْلَفُوكَ المَوْعِدا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ المُؤكَّدا
وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رَصَدًا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَدًا
هُمْ بَيِّتُونَا بِالوَثِيرِ هُجْدًا
وَقَتَلُونَا رُكَّعَا وَسُجَّداً
يقول : قُتِلْنَا وقَدْ أَسْلَمْنَا ، فقال رسول الله ﷺ (
نُصِرْتَ يَا عَمْرو بن سالم ) ، ثم عرضت سحابة لرسول الله ﷺ فقال ( إِنَّ هذه السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلْ بِنَصْرِ بني كَعْبِ ) ، ثم خرج بديل بنُ ورقاء في نفر من خُزاعة ، حتى قَدِمُوا على رسول الله ﷺ ، فأخبروه بما أُصيب منهم ، وبمُظَاهَرَةِ قريش بني بكر عليهم ، ثم رجعوا إلى مكة ، فقال رسول الله ﷺ للناس ( كَأَنَّكُم بِأَبِي سُفْيانَ ، وَقَدْ جَاءَ لِيَشُدَّ العَقْدَ وَيَزِيدَ فِي المُدَّة ) ، ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقُوا أبا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثته قريش إلى رسول الله ﷺ لِيَشُدَّ العقد ، ويزيد في المدة ، وقد رهِبُوا الذي صنعوا ، فلما لقي أبو سفيان بديل بن ورقاء ، قال: من أين أقبلت يا بديل؟ فظن أنه أتى النبي ﷺ ، فقال : سِرتُ في خُزاعة في هذا الساحل ، وفي بطن هذا الوادي ، قال أو ما جئت محمداً ؟ قال : لا ، فلما راح بديل إلى مكة ، قال أبو سفيان : لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى ، فأتى مبْرَكَ راحلته ، فأخذ من بعرها ، ففته ، فرأى فيها النوى ، فقال : أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً ، ثم خرج أبو سفيان حتى قَدِمَ المدينة ، فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله ﷺ طَوَتْهُ عنه ، فقال : يا بنية ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش ، أم رغبتِ به عني ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله ﷺ وأنت مُشرك نَجَسٌ ، فقال : والله لقد أصابك بعدي شر ، ثم خرج حتى أتى رسول الله ﷺ ، فكلمه فلم يَرُدَّ عليه شيئاً ، ثم ذهب إلى أبي بكر ، فكلمه أن يُكَلِّمَ لَهُ رسول الله ﷺ فقال : ما أنا بفاعل ، ثم أتى عُمَرَ بنَ الخطاب فكلمه ، فقال: أنا أشفع لكم إلى رسول الله ﷺ ؟ فوالله لو لم أجد إلَّا الذَّرَّ لجاهدتكم به ، ثم جاء فدخل على علي بن أبي طالب ، وعنده فاطمة ، وحسن غلامٌ يَدِبُّ بين يديهما ، فقال : يا علي إنك أمس القوم بي رحماً ، وإني قد جئتُ في حاجة ، فلا ارْجِعَنَّ كما جئتُ خائباً ، اشفع لي إلى محمد ، فقال : ويحك يا أبا سفيان ، والله لقد عزم رسول الله ﷺ على أمر مانستطيع أن نُكَلِّمه فيه ، فالتفت إلى فاطمة فقال : هَلْ لَكِ أَنْ تَأمُري ابْنَك هذا ، فيجير بين الناس ، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر ؟ قالت : والله ما يبلغ إبني ذاك أن يجير بين الناس ، وما يجير أحد على رسول الله ﷺ قال : يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت عليَّ ، فانصحني ، قال: والله ما أعلم لك شيئاً يغني عنك ، ولكنك سيد بني كنانة فقم فَأجِرْ بين الناس ، ثم الحق بأرضك ، قال: أو ترى ذلك مغنياً عني شيئاً ، قال : لا والله ما أظنه ، ولكني ما أجد لك غير ذلك ، فقام أبو سفيان في المسجد فقال : أيها الناس ! إني قد أجرتُ بين الناس ، ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قریش ، قالوا : ما وراءك ؟ قال : جئت محمداً فكلمته ، فوالله ما ردَّ عليّ شيئاً ، ثم جئتُ ابن أبي قحافة ، فلم أجد فيه خيراً ، ثم جئتُ عمر بن الخطاب ، فوجدته أعدى العدو ، ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم قد أشار علي بشيء صنعته ، فوالله ما أدري هل يغني عني شيئاً أم لا ؟ قالوا : وبم أمرك ؟ قال : أمرني أن أجير بين الناس ، ففعلتُ فقالُوا : فهل أجاز ذلك محمد ؟ قال : لا ، قالوا : ويلك والله إن زاد الرجلُ على أن لعب بك ، قال: لا والله ما وجدت غير ذلك . ❝
❞ وقد ذكر الواقدي عدة سرايا في سنة ست من الهجرة قبل الحديبية ، فقال : بعث رسول الله ﷺ في ربيع الأول - أو قال الآخر – سنةَ سِتٌ مِن قدومه المدينة عُكَّاشَةَ بْنَ محصن الأسدي في أربعين رجلاً إلى الغَمْرِ وفيهم ثابت بن أقرم ، وسباع بن وهب فأجَدَّ السير ، ونَذِرَ القومُ بهم فهربوا ، فنزل على مياههم، وبعثَ الطلائع فأصابوا مَن دلَّهُم على بعض ماشيتهم ، فوجدوا مئتي بعير ، فساقُوها إلى المدينة .
وبعث ﷺ سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القَصَّة وهو موقع بينه وبين المدينة عشرون ميلا من طريق الربذة ، فساروا ليلتهم مُشاةً ، ووافَوْها مع الصُّبح ، فأغاروا عليهم ، فأعجزوهم هرباً في الجبال ، وأصابوا رجلاً واحداً فأسلم .
وبعث ﷺ محمد بن مسلمة في ربيع الأول في عشرة نفر سَريَّة ، فَكَمَنَ القَوْمُ لهم حتى ناموا ، فما شَعَرُوا إلا بالقوم ، فَقُتِلَ أصحاب محمد بن مسلمة ، وأفلت محمد جريحاً .
وفي هذه السنة ـ وهي سنة ست - كانت سرية زید بن حارثة بالجَمُوم ، فأصاب امرأة من مزينة يقال لها : حليمة ، فدلتهم على محلة محال سُليم ، فأصابوا نَعَماً وشَاءً وأسرى ، وكان في الأسرى زوجُ حَليمة ، فلما قَفَلَ زيد بن حارثة بما أصاب ، وهَبَ رسول الله ﷺ للمزينة نفسها وزوجها .
وفيها ـ يعني : سنة ست ـ كانت سرية زيد بن حارثة إلى الطَّرِفِ ˝ ماء على ستة وثلاثين ميلا من المدينة ˝ في جمادى الأولى إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلاً ، فهربت الأعراب ، وخافوا أن يكونَ رَسولُ الله ﷺ سار إليهم ، فأصاب مِنْ نَعَمِهِم عشرين بعيراً ، وغاب أربع ليال . ❝