[اقتباسات] 📘 ❞ زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ كتاب ــ محمد ابن قيم الجوزية اصدار 1998
السنة النبوية الشريفة - 📖 اقتباسات كتاب ❞ زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ ــ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ _ محمد ابن قيم الجوزية 1998 حصريا كتاب ❞ زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) ❝ عن مؤسسة الرسالة 2024 (كامل): من تأليف خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه
وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين السنة النبوية الشريفة مجاناً PDF اونلاين السيرة لغة: تطلق اللغة السنّة والطريقة والحالة التي يكون عليها الإنسان قال تعالى ( سنعيدها سيرتها الأولى )
اصطلاحاً: هي نقل إلينا حياة النبي منذ ولادته قبل البعثة وبعدها وما رافقها أحداث ووقائع حتى موته
وتشتمل ميلاده ونسبه ومكانة عشيرته وطفولته وشبابه بعثته ونزول الوحي عليه وأخلاقه وطريقة حياته ومعجزاته أجراها الله يديه ومراحل الدعوة المكية والمدنية وجهاده وغزواته تكون مرادة لمعنى عند علماء الحديث وهو أضيف إلى قول أو فعل تقرير صفة كما تعني العقيدة وأصول الدين طريقة وهديه أما التاريخ فإنها أخباره ومغازيه [2] للسيرة أهمية عظيمة مسيرة الحياة البشرية بشكل عام وفي المسلم خاص وذلك لأنها تعين أمور عديدة :
عن كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل):
زاد المعاد في هدي خير العباد كتاب من تأليف ابن قيم الجوزية في خمسة مجلدات، يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول في غزواته وحياته وبيّن هديه في معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه.
وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر، ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه من أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب، ومع ذلك فقد ضمن كتابه أحاديث نبوية من الصحاح والسنن والمعاجم والسير، وأثبت كل حديث في الموضوع الذي يخصه. مع العلم أن ابن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل الذي يضم أكثر من ثلاثين ألف حديث .
❞ هديه ﷺ في الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث .
لما كان الجهاد ذروةَ سَنَامِ الإسلام وقُبته ، ومنازِلُ أهله أعلى المنازل في الجنة ، كما لهم الرفعة في الدنيا ، فهم الأَعلَونَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، كان رسول الله ﷺ في الذروة العُليا منه ، واستولى على أنواعه كُلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب ، والجِنَانِ ، والدّعوة ، والبيان والسيف ، والسِّنَانِ ، وكانت ساعاته موقوفةً على الجهاد ، بقلبه، ولسانه، ويده. ولهذا كان ﷺ أرفع العَالَمِينَ ذكراً ، وأعظمهم عند الله قدراً ، وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه ، وقال تعالى { وَلَوْ شِلْنَا لبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ، فَلَا تُطلع الكَفِرِينَ وجهدهم به جهادًا كبيرًا } ، فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة ، والبيان وتبليغ القرآن ، وكذلك جهاد المنافقين ، إنما هو بتبليغ الحجة ، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام ، قال تعالى { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَهِدِ الْكُفَارَ وَالْمُنَفِقِينَ وَاغلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ، فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار ، وهو جهاد خواص الأمة ، وورثةِ الرُّسل ، والقائمون به أفراد في العالم ، والمشاركون فيه ، والمعاونون عليه ، وإن كانوا هم الأقلين عدداً ، فهم الأعظمون عند الله قدراً ، ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المُعارِضِ ، مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه ، كان للرسل - صلوات الله عليهم وسلامه - الحظ الأوفر ، وكان لنبينا ﷺ من ذلك أكمل الجهاد وأتمه ، ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذاتِ اللهِ ، كما قال النبي ﷺ ( المجاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللَّه ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنه ) ، كان جهاد النفس مُقدَّماً على جِهَادِ العدو في الخارج ، وأصلاً له ، فإنه ما لم يُجاهِدُ هَمه أَوَّلاً لتفعل ما أُمِرَتْ به ، وتترك ما نُهيتُ عنه ، ويُحاربها في الله ، لم يُمكِنه جهاد عدوه في الخارج ، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهر له ، متسلط عليه ، لم يُجاهده ، ولم يُحاربه في الله؟ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه ، حتى يُجاهد نفسه على الخروج ، فهذان عدوَّانِ قد امْتُحِنَ العبد بجهادهما ، وبينهما عدو ثالث لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده ، وهو واقف بينهما يُثبط العبد عن جهادهما ، ويُخَذلُه ، ويُرجفُ به ، ولا يزال يُخَيِّل له ما في جهادهما من المشاق وتركِ الحظوظ ، وفوت اللذات والمشتهيات ، ولا يمكنه أن يُجاهِدَ ذَيْنِكَ العدوينِ إلا بجهاده ، فكان جهاده هو الأصل لجهادهما ، وهو الشيطان ، قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوا } ، والأمر باتخاذه عدواً تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته ، ومجاهدته ، كأنه لَا يَفْتُر ، ولا يُقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ هديه ﷺ في الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث .
لما كان الجهاد ذروةَ سَنَامِ الإسلام وقُبته ، ومنازِلُ أهله أعلى المنازل في الجنة ، كما لهم الرفعة في الدنيا ، فهم الأَعلَونَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، كان رسول الله ﷺ في الذروة العُليا منه ، واستولى على أنواعه كُلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب ، والجِنَانِ ، والدّعوة ، والبيان والسيف ، والسِّنَانِ ، وكانت ساعاته موقوفةً على الجهاد ، بقلبه، ولسانه، ويده. ولهذا كان ﷺ أرفع العَالَمِينَ ذكراً ، وأعظمهم عند الله قدراً ، وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه ، وقال تعالى { وَلَوْ شِلْنَا لبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ، فَلَا تُطلع الكَفِرِينَ وجهدهم به جهادًا كبيرًا } ، فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة ، والبيان وتبليغ القرآن ، وكذلك جهاد المنافقين ، إنما هو بتبليغ الحجة ، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام ، قال تعالى { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَهِدِ الْكُفَارَ وَالْمُنَفِقِينَ وَاغلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ، فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار ، وهو جهاد خواص الأمة ، وورثةِ الرُّسل ، والقائمون به أفراد في العالم ، والمشاركون فيه ، والمعاونون عليه ، وإن كانوا هم الأقلين عدداً ، فهم الأعظمون عند الله قدراً ، ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المُعارِضِ ، مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه ، كان للرسل صلوات الله عليهم وسلامه الحظ الأوفر ، وكان لنبينا ﷺ من ذلك أكمل الجهاد وأتمه ، ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذاتِ اللهِ ، كما قال النبي ﷺ ( المجاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللَّه ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنه ) ، كان جهاد النفس مُقدَّماً على جِهَادِ العدو في الخارج ، وأصلاً له ، فإنه ما لم يُجاهِدُ هَمه أَوَّلاً لتفعل ما أُمِرَتْ به ، وتترك ما نُهيتُ عنه ، ويُحاربها في الله ، لم يُمكِنه جهاد عدوه في الخارج ، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهر له ، متسلط عليه ، لم يُجاهده ، ولم يُحاربه في الله؟ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه ، حتى يُجاهد نفسه على الخروج ، فهذان عدوَّانِ قد امْتُحِنَ العبد بجهادهما ، وبينهما عدو ثالث لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده ، وهو واقف بينهما يُثبط العبد عن جهادهما ، ويُخَذلُه ، ويُرجفُ به ، ولا يزال يُخَيِّل له ما في جهادهما من المشاق وتركِ الحظوظ ، وفوت اللذات والمشتهيات ، ولا يمكنه أن يُجاهِدَ ذَيْنِكَ العدوينِ إلا بجهاده ، فكان جهاده هو الأصل لجهادهما ، وهو الشيطان ، قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوا } ، والأمر باتخاذه عدواً تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته ، ومجاهدته ، كأنه لَا يَفْتُر ، ولا يُقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس . ❝
❞ وبعث ﷺ سرية إلى إضَم وكان فيهم أبو قتادة ، ومُحلّم بن جَثَّامة في نفر من المسلمين ، فمر بهم عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه مُتَّيع له ، ووطبٌ مِن لَبن ، فسلَّم عليهم بتحية الإسلام فأمسكوا عنه ، وحمل عليه مُحُلم بنُ جَثَّامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومُتيعه ، فلما قَدِمُوا على رسول الله ﷺ ، أخبروه الخبر ، فنزل فيهم القرآن { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } فلما قدموا أخبر رسول الله ﷺ بذلك ، فقال ﷺ ( أقتلته بعدما قال آمنت بالله ؟ ) ، ولما كان عام خيبر ، جاء عُيينةُ بن بدرٍ يطلب بِدَم عامر بن الأضبط الأشجعي وهو سيد قيس ، وكان الأقرع بن حابس يُردُّ عن مُحَلم ، وهو سيدُ خِنْدِف ، فقال رسول الله ﷺ لقوم عامر ( هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الآن مِنَّا خَمْسِينَ بَعِيراً وخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى المدينة ؟ ) فقال عُيينةُ بن بدر : والله لا أدعه حتى أُذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي ، فلم يزل به حتّى ، رضُوا بالدية ، فجاؤوا بمحلم حتى يستغفر له رسولُ الله ﷺ ، فلما قام بين يديه ، قال ﷺ ( اللهم لا تغفر لمحلّم ) وقالها ثلاثاً ، فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه ، قال ابن إسحاق : وزعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك ، قال ابن إسحاق : وحدثني سالم أبو النضر ، قال : لم يقبلوا الدية حتى قام الأقرع بن حابس ، فخلا بهم فقال يا معشر قيس ! سألكم رسول الله ﷺ قتيلاً تتركونه ليُصلح به بين النَّاس ، فمنعتموه إياه ، أفَأَمِنْتُم أن يغضَبَ عليكم رسولُ الله ﷺ ، فيغضب الله عليكم لغضبه ، أو يلعنكم رسول الله ﷺ ، فيلعنكم الله بلعنته ، والله لتُسْلِمُنه إلى رسول الله ﷺ ، أو لآتين بخمسين من بني تميم كلهم يشهدون أن القتيل ما صلّى قَط فلأطلن دمه ، فلما قال ذلك : أخذُوا الدية. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وبعث ﷺ سرية إلى إضَم وكان فيهم أبو قتادة ، ومُحلّم بن جَثَّامة في نفر من المسلمين ، فمر بهم عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه مُتَّيع له ، ووطبٌ مِن لَبن ، فسلَّم عليهم بتحية الإسلام فأمسكوا عنه ، وحمل عليه مُحُلم بنُ جَثَّامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومُتيعه ، فلما قَدِمُوا على رسول الله ﷺ ، أخبروه الخبر ، فنزل فيهم القرآن { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } فلما قدموا أخبر رسول الله ﷺ بذلك ، فقال ﷺ ( أقتلته بعدما قال آمنت بالله ؟ ) ، ولما كان عام خيبر ، جاء عُيينةُ بن بدرٍ يطلب بِدَم عامر بن الأضبط الأشجعي وهو سيد قيس ، وكان الأقرع بن حابس يُردُّ عن مُحَلم ، وهو سيدُ خِنْدِف ، فقال رسول الله ﷺ لقوم عامر ( هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الآن مِنَّا خَمْسِينَ بَعِيراً وخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى المدينة ؟ ) فقال عُيينةُ بن بدر : والله لا أدعه حتى أُذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي ، فلم يزل به حتّى ، رضُوا بالدية ، فجاؤوا بمحلم حتى يستغفر له رسولُ الله ﷺ ، فلما قام بين يديه ، قال ﷺ ( اللهم لا تغفر لمحلّم ) وقالها ثلاثاً ، فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه ، قال ابن إسحاق : وزعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك ، قال ابن إسحاق : وحدثني سالم أبو النضر ، قال : لم يقبلوا الدية حتى قام الأقرع بن حابس ، فخلا بهم فقال يا معشر قيس ! سألكم رسول الله ﷺ قتيلاً تتركونه ليُصلح به بين النَّاس ، فمنعتموه إياه ، أفَأَمِنْتُم أن يغضَبَ عليكم رسولُ الله ﷺ ، فيغضب الله عليكم لغضبه ، أو يلعنكم رسول الله ﷺ ، فيلعنكم الله بلعنته ، والله لتُسْلِمُنه إلى رسول الله ﷺ ، أو لآتين بخمسين من بني تميم كلهم يشهدون أن القتيل ما صلّى قَط فلأطلن دمه ، فلما قال ذلك : أخذُوا الدية . ❝
❞ وكان رسول الله ﷺ إذا صلى إلى الجدار ، جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة ، ولم يكن يتباعد منه ، بل أمر بالقرب من السترة ، وكان إذا صلى إلى عود أو عمود أو شجرة ، جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ، ولم يَصمُد له صمدا ، وكان يَركز الحربة في السفر والبريَّة ، فيصلي إليها ، فتكون سترته ، وكان يُعرض راحلته ، فيصلي إليها ، وكان يأخذُ الرحل فيَعدِلُه فيصلي إلى آخرته ، وأمر المصلي أن يستتر ولو بسهم أو عصا ، فإن لم يجد فليخُط خطا على الأرض. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان رسول الله ﷺ إذا صلى إلى الجدار ، جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة ، ولم يكن يتباعد منه ، بل أمر بالقرب من السترة ، وكان إذا صلى إلى عود أو عمود أو شجرة ، جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ، ولم يَصمُد له صمدا ، وكان يَركز الحربة في السفر والبريَّة ، فيصلي إليها ، فتكون سترته ، وكان يُعرض راحلته ، فيصلي إليها ، وكان يأخذُ الرحل فيَعدِلُه فيصلي إلى آخرته ، وأمر المصلي أن يستتر ولو بسهم أو عصا ، فإن لم يجد فليخُط خطا على الأرض . ❝
❞ لما دعا ﷺ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ ، استجاب له عِبادُ اللَّهِ مِن كل قبيلة ، فَكَانَ حَائِزَ قصبٍ سَبْقِهِم صِدِّيقُ الأمة ، وأسبقها إلى الإسلام أبو بكر رضي الله عنه ، فآزره في دين الله، ودعا معه إلى الله على بصيرة ، فاستجاب لأبي بكر : عثمان إبن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، وبادر إلى الاستجابة له صِدِّيقَةُ النِّساءِ : خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وقامت بأعباء الصديقية ، وقال لها ﷺ ( لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ، فَقَالَتْ لَهُ : أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً ) ، ثم استدلَّت بما فيه ﷺ من الصفات الفاضلة ، والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبداً ، فعلمت بكمال عقلها ، وفطرتها أن الأعمال الصالحة ، والأخلاق الفاضلة ، والشيم الشريفة ، تُناسِبُ أشكالها من كرامة الله ، وتأييده وإحسانه ، ولا تُناسِبُ الخزي والخذلان وإنما يُناسبه أضدادها ، فمن ركبه الله على أحسن الصفات وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليقُ به كرامته وإتمام نعمته عليه ، ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوأ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها ، وبهذا العقل والصديقية استحقت رضوان الله عليها أن ( يُرْسِلَ إِلَيْهَا رَبُّها بالسَّلَامِ مِنْهُ مَعَ رَسُولَيْهِ جِبْرِيل وَمُحَمَّدٍ ) ، وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر من ذلك ، وكان في كفالة رسول الله ﷺ ، أخذه من عمه أبي طالب إعانة له في سَنَةِ مَحْلٍ ، وبادر زيد بن حارثة ، وكان غُلاماً لخديجة ، فوهبته لرسول الله ﷺ لما تزوجها ، وأسلم القِس ورقة إبن نوفل. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ لما دعا ﷺ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ ، استجاب له عِبادُ اللَّهِ مِن كل قبيلة ، فَكَانَ حَائِزَ قصبٍ سَبْقِهِم صِدِّيقُ الأمة ، وأسبقها إلى الإسلام أبو بكر رضي الله عنه ، فآزره في دين الله، ودعا معه إلى الله على بصيرة ، فاستجاب لأبي بكر : عثمان إبن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، وبادر إلى الاستجابة له صِدِّيقَةُ النِّساءِ : خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وقامت بأعباء الصديقية ، وقال لها ﷺ ( لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ، فَقَالَتْ لَهُ : أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً ) ، ثم استدلَّت بما فيه ﷺ من الصفات الفاضلة ، والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبداً ، فعلمت بكمال عقلها ، وفطرتها أن الأعمال الصالحة ، والأخلاق الفاضلة ، والشيم الشريفة ، تُناسِبُ أشكالها من كرامة الله ، وتأييده وإحسانه ، ولا تُناسِبُ الخزي والخذلان وإنما يُناسبه أضدادها ، فمن ركبه الله على أحسن الصفات وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليقُ به كرامته وإتمام نعمته عليه ، ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوأ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها ، وبهذا العقل والصديقية استحقت رضوان الله عليها أن ( يُرْسِلَ إِلَيْهَا رَبُّها بالسَّلَامِ مِنْهُ مَعَ رَسُولَيْهِ جِبْرِيل وَمُحَمَّدٍ ) ، وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر من ذلك ، وكان في كفالة رسول الله ﷺ ، أخذه من عمه أبي طالب إعانة له في سَنَةِ مَحْلٍ ، وبادر زيد بن حارثة ، وكان غُلاماً لخديجة ، فوهبته لرسول الله ﷺ لما تزوجها ، وأسلم القِس ورقة إبن نوفل . ❝
❞ وكان ﷺ يُسَلِّم بنفسه على من يُواجهه ، ويُحَمِّلُ السَّلامَ لمن يُريد السَّلام عليه مِن الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، كما تحمل السلام من الله عز وجل على صديقة النساء خديجة بنتِ خويلد رضي الله عنها لما قال له جبريلُ ( هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ بِطَعَامِ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ ربِّهَا ، ومِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ في الجَنَّةِ ) ، وقال للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة رضي الله عنها ( هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ يُسَلِّم بنفسه على من يُواجهه ، ويُحَمِّلُ السَّلامَ لمن يُريد السَّلام عليه مِن الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، كما تحمل السلام من الله عز وجل على صديقة النساء خديجة بنتِ خويلد رضي الله عنها لما قال له جبريلُ ( هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ بِطَعَامِ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ ربِّهَا ، ومِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ في الجَنَّةِ ) ، وقال للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة رضي الله عنها ( هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ ) . ❝
❞ وكان ﷺ لا يأنَفُ مِن مؤاكلة أحدٍ صغيراً كان أو كبيراً ، حُراً أو عبداً ، أعرابياً أو مهاجراً ، حتى لقد روى أصحاب السنن عنه ﷺ أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة فقال ( كُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةٌ بِاللَّهِ ، وَتَوَكَّلاً عَلَيْهِ ) ، وكان ﷺ يأمر بالأكل باليمين ، وينهي عن الأكل بالشمال ، ويقول ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) ، ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ، فإن الآكل بِهَا ، إما شيطان ، وإما مشبه به ، وصح عنه ﷺ أنه قال الرجل أكل عنده ، فأكل بشماله ( كُلْ بِيَمِينِكَ ) ، فقال: لا أستطيع ، فقال ( لَا اسْتَطَعْتَ ) فما رفع يده إلى فيه بعدها ، فلو كان ذلك جائزاً ، لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبْرُهُ حمله على ترك امتثال الأمر ، فذلك أبلغ في العصيان واستحقاق الدعاء عليه ، وأمر من شَكَوْا إليه أنهم لا يشبعُونَ ( أن يجتمعوا على طعامهم ولا يتفرَّقُوا ، وأن يذكروا اسمَ اللَّهِ عليه يُبارك لهم فيه ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إِنَّ اللَّهَ لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأْكُلُ الأكْلَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ) ، وروي عنه ﷺ أنه قال ( أَذِيبُو طَعَامَكُم بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والصَّلَاةِ ، ولا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُم ) ، وأحرى بهذا الحديث أن يكون صحيحاً والواقع في التجربة يشهد به. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ لا يأنَفُ مِن مؤاكلة أحدٍ صغيراً كان أو كبيراً ، حُراً أو عبداً ، أعرابياً أو مهاجراً ، حتى لقد روى أصحاب السنن عنه ﷺ أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة فقال ( كُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةٌ بِاللَّهِ ، وَتَوَكَّلاً عَلَيْهِ ) ، وكان ﷺ يأمر بالأكل باليمين ، وينهي عن الأكل بالشمال ، ويقول ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) ، ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ، فإن الآكل بِهَا ، إما شيطان ، وإما مشبه به ، وصح عنه ﷺ أنه قال الرجل أكل عنده ، فأكل بشماله ( كُلْ بِيَمِينِكَ ) ، فقال: لا أستطيع ، فقال ( لَا اسْتَطَعْتَ ) فما رفع يده إلى فيه بعدها ، فلو كان ذلك جائزاً ، لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبْرُهُ حمله على ترك امتثال الأمر ، فذلك أبلغ في العصيان واستحقاق الدعاء عليه ، وأمر من شَكَوْا إليه أنهم لا يشبعُونَ ( أن يجتمعوا على طعامهم ولا يتفرَّقُوا ، وأن يذكروا اسمَ اللَّهِ عليه يُبارك لهم فيه ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إِنَّ اللَّهَ لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأْكُلُ الأكْلَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ) ، وروي عنه ﷺ أنه قال ( أَذِيبُو طَعَامَكُم بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والصَّلَاةِ ، ولا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُم ) ، وأحرى بهذا الحديث أن يكون صحيحاً والواقع في التجربة يشهد به . ❝
❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين . ❝
❞ قدوم وفد بني حنيفة إلى رسول الله ﷺ ...
قال ابن إسحاق : قَدِمَ على رسول الله ﷺ وفد بني حنيفة ، فيهم مسيلمة الكذاب ، وكان منزلهم في دار امرأة من الأنصار من بني النجار ، فأتوا بمسيلمة إلى رسول الله يُسْتَرُ بالثياب ، ورسول الله ﷺ جالس مع أصحابه ، في يده عَسِيبٌ من سَعَفِ النخل ، فلما انتهى إلى رسول الله ﷺ وهم يسترونه بالثياب ، كلمه وسأله ، فقال له رسول الله ﷺ ( لَوْ سألتني هذا العَسِيبَ الَّذِي في يدي مَا أَعْطَيْتُك ) ، قلت : وفي الصحيحين من حديث نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قَدِمَ مسيلمة الكذاب على عهد رسولِ اللهِ ﷺ المدينة ، فجعل يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده ، تبعته ، وقَدِمَها في بشر كثير من قومه ، فأقبل النبي ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس ، وفي يد النبي ﷺ قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه ، فقال ﷺ ( إن سَأَلْتَني هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّك الله ، وإني أراك الَّذِي أُرِيتُ فيه ما أريتُ ، وهذا ثابت بن قيس يُجيبك عني ) ، ثم انصرف ، قال ابن عباس : فسألتُ عن قول النبي ( وإني أراك الَّذِي أُرِيتُ فيه ما أريتُ ) فأخبرني أبو هريرة أن النبي ﷺ قال ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ في يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَهَمَّني شأنهما ، فأُوحِيَ إليَّ في المَنامِ أَن أَنْفُخهُما فَنَفَخْتُهُما فَطَارًا ، فَأَوَّلْتُهُما كَذَّابَيْنَ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي ، فَهَذَانِ هُما ، أَحَدُهُمَا العَنسِي صَاحِبُ صَنْعَاءَ ، والآخَرُ مُسَيْلِمةُ الكَذَّابُ صَاحِبُ اليَمَامَةِ ، وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ قدوم وفد بني حنيفة إلى رسول الله ﷺ ...
قال ابن إسحاق : قَدِمَ على رسول الله ﷺ وفد بني حنيفة ، فيهم مسيلمة الكذاب ، وكان منزلهم في دار امرأة من الأنصار من بني النجار ، فأتوا بمسيلمة إلى رسول الله يُسْتَرُ بالثياب ، ورسول الله ﷺ جالس مع أصحابه ، في يده عَسِيبٌ من سَعَفِ النخل ، فلما انتهى إلى رسول الله ﷺ وهم يسترونه بالثياب ، كلمه وسأله ، فقال له رسول الله ﷺ ( لَوْ سألتني هذا العَسِيبَ الَّذِي في يدي مَا أَعْطَيْتُك ) ، قلت : وفي الصحيحين من حديث نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قَدِمَ مسيلمة الكذاب على عهد رسولِ اللهِ ﷺ المدينة ، فجعل يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده ، تبعته ، وقَدِمَها في بشر كثير من قومه ، فأقبل النبي ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس ، وفي يد النبي ﷺ قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه ، فقال ﷺ ( إن سَأَلْتَني هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّك الله ، وإني أراك الَّذِي أُرِيتُ فيه ما أريتُ ، وهذا ثابت بن قيس يُجيبك عني ) ، ثم انصرف ، قال ابن عباس : فسألتُ عن قول النبي ( وإني أراك الَّذِي أُرِيتُ فيه ما أريتُ ) فأخبرني أبو هريرة أن النبي ﷺ قال ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ في يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَهَمَّني شأنهما ، فأُوحِيَ إليَّ في المَنامِ أَن أَنْفُخهُما فَنَفَخْتُهُما فَطَارًا ، فَأَوَّلْتُهُما كَذَّابَيْنَ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي ، فَهَذَانِ هُما ، أَحَدُهُمَا العَنسِي صَاحِبُ صَنْعَاءَ ، والآخَرُ مُسَيْلِمةُ الكَذَّابُ صَاحِبُ اليَمَامَةِ ، وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم . ❝
❞ ولم يكن من هديهﷺ تغميض عينيه في الصلاة ، وقد تقدم أنه كان في التشهد يومىء ببصره إلى أصبعه في الدعاء ، ولا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إشارته. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ولم يكن من هديهﷺ تغميض عينيه في الصلاة ، وقد تقدم أنه كان في التشهد يومىء ببصره إلى أصبعه في الدعاء ، ولا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إشارته . ❝
❞ كان ﷺ كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليُعقل عنه ، وكان إذا سلم سلم ثلاثاً ، وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلام ، فصل لا فضول ولا تقصير ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كان ﷺ كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليُعقل عنه ، وكان إذا سلم سلم ثلاثاً ، وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلام ، فصل لا فضول ولا تقصير ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه . ❝
❞ كتابه ﷺ إلى المُقوقَس ..
كتب ﷺ إلى المقوقس مَلِك مصر والإسكندرية ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِن محمد عبدِ اللَّهِ ورسُولِه ، إلى المُقَوْقِس عَظِيمِ القِبْطِ ، سَلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدي ، أما بَعْدُ : فإني أَدعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسلامِ ، أَسلِم تَسلَم ، وَأَسلِم يُؤتِكَ اللَّهُ أَجرَكَ مَرَّتَينِ ، فَإِن تَوَلَّيتَ ، فَإِنَّ عَلَيكَ إِثم القِبط { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بَينَنَا وَبَينَكُمْ أَلَّا نعبد إلا الله ولا نُشْرِك ہه شَيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضًا أربابا من دون الله فإن تولوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَا مسلمون } . ) ، وبعث به مع حاطب بن أبي بلتعة ، فكتب إلى رسول الله ﷺ : بسم الله الرحمن الرحيم ، لمحمد بن عبد الله ، من المقوقس عظيم القبط ، سلام عليك ، أما بعد : فقد قرأت كتابك ، وفهمتُ ما ذكرت فيه ، وما تدعو إليه ، وقد علمتُ أن نبياً بقي ، وكنتُ أظن أنه يخرج بالشام ، وقد أكرمتُ رسولك ، وبعثتُ إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وبكسوة ، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها ، والسلام عليك ) ولم يزد على هذا ، ولم يُسلم ، والجاريتان : مارية وسيرين ، والبغلة دُلدُل ، بقيت إلى زمن معاوية. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كتابه ﷺ إلى المُقوقَس ..
كتب ﷺ إلى المقوقس مَلِك مصر والإسكندرية ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِن محمد عبدِ اللَّهِ ورسُولِه ، إلى المُقَوْقِس عَظِيمِ القِبْطِ ، سَلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدي ، أما بَعْدُ : فإني أَدعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسلامِ ، أَسلِم تَسلَم ، وَأَسلِم يُؤتِكَ اللَّهُ أَجرَكَ مَرَّتَينِ ، فَإِن تَوَلَّيتَ ، فَإِنَّ عَلَيكَ إِثم القِبط { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بَينَنَا وَبَينَكُمْ أَلَّا نعبد إلا الله ولا نُشْرِك ہه شَيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضًا أربابا من دون الله فإن تولوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَا مسلمون } . ) ، وبعث به مع حاطب بن أبي بلتعة ، فكتب إلى رسول الله ﷺ : بسم الله الرحمن الرحيم ، لمحمد بن عبد الله ، من المقوقس عظيم القبط ، سلام عليك ، أما بعد : فقد قرأت كتابك ، وفهمتُ ما ذكرت فيه ، وما تدعو إليه ، وقد علمتُ أن نبياً بقي ، وكنتُ أظن أنه يخرج بالشام ، وقد أكرمتُ رسولك ، وبعثتُ إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وبكسوة ، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها ، والسلام عليك ) ولم يزد على هذا ، ولم يُسلم ، والجاريتان : مارية وسيرين ، والبغلة دُلدُل ، بقيت إلى زمن معاوية . ❝
❞ ولما كان العاطِسُ قد حصلت له بالعُطاس نعمة الله ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواءٌ عَسِرَةٌ ، شُرعَ له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها ، ولهذا يقال : سَمّته وشَمَّته بالسين والشين فقيل : هما بمعنى واحد ، قاله أبو عبيدة وغيره ، قال : وكل داع بخير ، فهو مُشمِّتُ ومُسَمِّتُ ، وقيل : بالمهملة دعاء له بحسن السَّمتِ وبعوده إلى حالته من السكون والدعة ، فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجاً ، وبالمعجمة : دعاء له بأن يصرف الله عنه ما يُسمِّتُ به أعداءه ، فسمته : إذا أزال عنه الشماتة ، كقرد البعير : إذا أزال قُرادَه عنه ، وقيل : هو دعاء له بثباته على قوائمه في طاعة الله ، مأخوذ من الشوامت ، وهي القوائم ، وقيل : هو تشميت له بالشيطان ، لإغاظته بحمدِ الله على نعمة العُطاس ، وما حصل له به من محاب الله ، فإن الله يُحبه ، فإذا ذكر العبدُ اللهَ وَحَمِدَه ، ساء ذلك الشيطان من وجوه منها : نفس العطاس الذي يُحبُّه الله ، وحمد الله عليه ، ودعاء المسلمين له بالرحمة ، ودعاؤه لهم بالهداية ، وإصلاح البال وذلك كله غائظ للشيطان ، محزن له ، فتشميتُ المؤمن بغيظ عدوه وحزنه وكآبته ، فسمي الدعاء له بالرحمة تشميتاً له ، لما في ضمنه من شماتته بعدوه ، وهذا معنى لطيف إذا تنبه له العاطسُ والمُشمت إنتفعا به وعَظُمَتْ عندهما منفعة نعمة العطاس في البدن والقلب ، وتبين السِّرُّ في محبة الله له ، فلله الحمد الذي هو أهله كما ينبغي لكريم وجهه وعزّ جلاله. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ولما كان العاطِسُ قد حصلت له بالعُطاس نعمة الله ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواءٌ عَسِرَةٌ ، شُرعَ له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها ، ولهذا يقال : سَمّته وشَمَّته بالسين والشين فقيل : هما بمعنى واحد ، قاله أبو عبيدة وغيره ، قال : وكل داع بخير ، فهو مُشمِّتُ ومُسَمِّتُ ، وقيل : بالمهملة دعاء له بحسن السَّمتِ وبعوده إلى حالته من السكون والدعة ، فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجاً ، وبالمعجمة : دعاء له بأن يصرف الله عنه ما يُسمِّتُ به أعداءه ، فسمته : إذا أزال عنه الشماتة ، كقرد البعير : إذا أزال قُرادَه عنه ، وقيل : هو دعاء له بثباته على قوائمه في طاعة الله ، مأخوذ من الشوامت ، وهي القوائم ، وقيل : هو تشميت له بالشيطان ، لإغاظته بحمدِ الله على نعمة العُطاس ، وما حصل له به من محاب الله ، فإن الله يُحبه ، فإذا ذكر العبدُ اللهَ وَحَمِدَه ، ساء ذلك الشيطان من وجوه منها : نفس العطاس الذي يُحبُّه الله ، وحمد الله عليه ، ودعاء المسلمين له بالرحمة ، ودعاؤه لهم بالهداية ، وإصلاح البال وذلك كله غائظ للشيطان ، محزن له ، فتشميتُ المؤمن بغيظ عدوه وحزنه وكآبته ، فسمي الدعاء له بالرحمة تشميتاً له ، لما في ضمنه من شماتته بعدوه ، وهذا معنى لطيف إذا تنبه له العاطسُ والمُشمت إنتفعا به وعَظُمَتْ عندهما منفعة نعمة العطاس في البدن والقلب ، وتبين السِّرُّ في محبة الله له ، فلله الحمد الذي هو أهله كما ينبغي لكريم وجهه وعزّ جلاله . ❝
❞ أن النبي ﷺ استعاذ من الهَمِّ والحَزَنِ ، وهما قرينان ، ومِنَ العَجزِ والكَسَلِ ، وهما قرينان فإنَّ تَخلَّفَ كمال العبد وصلاحه عنه ، إما أن يكون لعدم قدرته عليه ، فهو عجز ، أو يكون قادراً عليه لكن لا يُريدُ فهو كسل ، وينشأ عن هاتين الصفتين فواتُ كُلِّ خير وحصول كل شر ، ومن ذلك الشر تعطيله عن النفع ببدنه ، وهو الجُبّن وعن النفع بماله وهو البُخل ، ثم ينشأ له بذلك غلبتان غلبة بحق ، وهي غلبة الدين ، وغلبة باطل وهي غلبة الرجال ، وكل هذه المفاسد ثمرة العجز والكسل ، ومن هذا قوله في الحديث الصحيح للرجل الذي قضى عليه ، فقال : حَسْبِيَ الله ونِعْمَ الوَكِيلُ ، فَقَالَ ﷺ ( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى العَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بالكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : الله حَسْبِيَ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) ، فهذا قال : حَسْبِيَ الله ونعم الوكيل بعد عجزه عن الكيس الذي لو قام به ، لقضي له على خصمه ، فلو فعل الأسباب التي يكون بها كَيْساً ، ثمَّ غُلِبَ فقال حسبي الله ونعم الوكيل ، لكانت الكلمة قد وقعت موقعها ، كما أن إبراهيم الخليل ، لما فعل الأسباب المأمور بها ، ولم يعجز بتركها ، ولا بترك شيء منها ، ثم غلبه عدوه ، وألقوه في النار ، قال في تلك الحال ( حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) فوقعت الكمله موقعها ، واستقرت في مظانها ، فأثرت أثرها ، وترتب عليها مقتضاها ، وكذلك رسول الله ﷺ وأصحابه يوم قيل لهم بعد انصرافهم من أحد : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فتجهزوا وخرجوا للقاء عدوهم ، وأعطوهم الكَيْسَ من نفوسهم ، ثم قالوا : حَسْبُنَا اللهُ ونِعْمَ الوكيل ، فأثرت الكلمة أثَرَهَا ، واقتضت موجبها ، ولهذا قال تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ، فجعل التوكل بعد التقوى الذي هو قيام الأسباب المأمور بها ، فحينئذ إن توكَّل على الله فهو حسبه ، وكما قال في موضع آخر ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) ، فالتوكل والحسب بدون قيام الأسباب المأمور بها عجز محض ، فإن كان مشوباً بنوع من التوكل ، فهو توكل عجز ، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكَّلَهُ عجزاً ، ولا يجعل عجزه توكلاً ، بل يجعل توكله من جملة الأسباب المأمور بها التي لا يتم المقصود إلا بها كلها. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ أن النبي ﷺ استعاذ من الهَمِّ والحَزَنِ ، وهما قرينان ، ومِنَ العَجزِ والكَسَلِ ، وهما قرينان فإنَّ تَخلَّفَ كمال العبد وصلاحه عنه ، إما أن يكون لعدم قدرته عليه ، فهو عجز ، أو يكون قادراً عليه لكن لا يُريدُ فهو كسل ، وينشأ عن هاتين الصفتين فواتُ كُلِّ خير وحصول كل شر ، ومن ذلك الشر تعطيله عن النفع ببدنه ، وهو الجُبّن وعن النفع بماله وهو البُخل ، ثم ينشأ له بذلك غلبتان غلبة بحق ، وهي غلبة الدين ، وغلبة باطل وهي غلبة الرجال ، وكل هذه المفاسد ثمرة العجز والكسل ، ومن هذا قوله في الحديث الصحيح للرجل الذي قضى عليه ، فقال : حَسْبِيَ الله ونِعْمَ الوَكِيلُ ، فَقَالَ ﷺ ( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى العَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بالكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : الله حَسْبِيَ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) ، فهذا قال : حَسْبِيَ الله ونعم الوكيل بعد عجزه عن الكيس الذي لو قام به ، لقضي له على خصمه ، فلو فعل الأسباب التي يكون بها كَيْساً ، ثمَّ غُلِبَ فقال حسبي الله ونعم الوكيل ، لكانت الكلمة قد وقعت موقعها ، كما أن إبراهيم الخليل ، لما فعل الأسباب المأمور بها ، ولم يعجز بتركها ، ولا بترك شيء منها ، ثم غلبه عدوه ، وألقوه في النار ، قال في تلك الحال ( حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) فوقعت الكمله موقعها ، واستقرت في مظانها ، فأثرت أثرها ، وترتب عليها مقتضاها ، وكذلك رسول الله ﷺ وأصحابه يوم قيل لهم بعد انصرافهم من أحد : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فتجهزوا وخرجوا للقاء عدوهم ، وأعطوهم الكَيْسَ من نفوسهم ، ثم قالوا : حَسْبُنَا اللهُ ونِعْمَ الوكيل ، فأثرت الكلمة أثَرَهَا ، واقتضت موجبها ، ولهذا قال تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ، فجعل التوكل بعد التقوى الذي هو قيام الأسباب المأمور بها ، فحينئذ إن توكَّل على الله فهو حسبه ، وكما قال في موضع آخر ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) ، فالتوكل والحسب بدون قيام الأسباب المأمور بها عجز محض ، فإن كان مشوباً بنوع من التوكل ، فهو توكل عجز ، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكَّلَهُ عجزاً ، ولا يجعل عجزه توكلاً ، بل يجعل توكله من جملة الأسباب المأمور بها التي لا يتم المقصود إلا بها كلها . ❝